الصفحة 213
فقال عمر: إنه ليس بي أنتم الرهط، ولكن أخاف أن يأتي بعدي قوم يصلّون ما بين العصر والمغرب حتّى يمرّوا بالساعة التي نهى رسول الله أن يصلّي فيها كما وصلوا ما بين الظهر والعصر(1).

وجاء عن أبي أيّوب الأنصارىّ أنّه كان يصلّي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر، فلمّا استخلف عمر تركها، فلمّا توفّي ركعهما.

فقيل له: ما هذا؟

فقال: إنَّ عمر كان يضرب الناس عليهما(2).

  وجاء في سنن البيهقي قال زيد بن ثابت: أمرني أبو بكر حين قتل أهل اليمامة أن يرث الأحياء من الأموات ولا يرث الأموات بعضهم من بعض(3).

وفي نص آخر: أمرني عمر بن الخطاب ليالي الطاعون في قبيلة عمواس قال: وكانت القبيلة تموت بأسرها فيرثهم قوم آخرون، قال: فأمرني أن أورّث الأحياء من الأموات ولا أورث الأموات بعضهم من بعض(4).

هذه النصوص تجسّم بكلّ وضوح معالم الاختلاف بين الصحابة، وأنّها كانت تدور غالباً في الفقه وجزئيّات الأحكام الشرعيّة، وأن الخليفة بتطبيقه السياسة الجديدة كان يريد إخضاع الصحابة لرأيه، وكانوا هُم لا يرتضون ذلك، لأنّهم كانوا قد كبّروا على الميّت خمساً، وصلّوا بين الطلوعَين وعند الغروب، وتمتّعوا على عهد

____________

1- المعجم الاوسط 8: 296، ح 8684، المعجم الكبير 2: 58، ح 1281، مجمع الزوائد 2: 222 ـ 223، باب الصلاة بعد العصر.

2- السنن الكبرى للبيهقي 6: 222، باب ميراث من عمي موته، ح 12030، وعنه في كنز العمال 11: 23، ح 30468، وانظر المصنف لعبد الرزاق 2: 433، ح 3977، الأوسط في السنن، لابي بكر النيسابوري 2: 394، ح 1103، المحلى لابن حزم 3: 3، التمهيد لابن عبد البر 13: 37.

3- المصنف لعبد الرزاق 10: 298، باب الغرقى، وعنه في كنز العمال 11: 23، ح 30467.

4- السنن الكبرى للبيهقي 6: 222، باب ميراث من عمي موته، ح 12031، وعنه في كنز العمال 11: 25، ح 30479، وانظر مصنف عبد الرزاق 10: 288، باب ذوو السهام.


الصفحة 214
رسول الله و....

ولمّا رأى عمر تعذُّر فرض آرائه عليهم قال لتميم الدارىّ: إنّي لا أريدكم أنتم الرهط!!

أجَل، إنّ لزوم تطبيق ما أفتى به كان من أُصول السياسة الجديدة، ولأجله ترى عمّار بن ياسر يقول: (إن شئت لا أُحدِّث بذلك). ومن هنا كان تبرُّم أُبىّ بن كعب وقوله (واللهِ لئن أحببتَ لألزمنّ بيتي فلا أُحدّث أحداً بشي).

إنّ كلّ هذه النصوص تُنبئ عن وجود الضغط والتهديد، وقد مرّ بك سابقاً كلامه لعمّار: (نولّيك ما تولّيت) وتهديده لأبي موسى الأشعري بالضرب، وضربه تميماً الدارىّ وأبا هريرة، وما سوى ذلك من الضغط والتهديد والوعيد، وكلّ هذه المفردات تنبئ عمّا كان في ذلك العصر من تصادم بين النهجين في الفكر والمنهج.

وبعد هذا لا يمكن لأحد أن ينكر نهي الخليفة عمر بن الخطّاب عن تدوين السنّة الشريفة، فإنَّ محاولتهم لتضعيف تلك الأخبار الناهية عن التدوين وحبسه للصحابة، تفنّده نصوص التاريخ وما جاء عنه في قضاياه العلميّة والعمليّة، حيث إنّ النصوص تؤيّد خبر النهي وتعضده، وتضعّف ما قاله ابن حزم والذهبىّ وغيرهم من أنّ النهي والحبس لا يتلاءم مع مكانة عمر ونفسيّته!!

والواقع أنّ استقصاء مواقف الخليفة عمر بن الخطّاب الفقهيّة ممّا يخرج بنا عن أصل الدراسة، لكنّ إشارتنا لمبانيه المبتناة على الرأي هي ممّا يعضد رؤيتنا في منع التدوين والتحديث.

وإليك نصّاً آخر في هذا السياق، وهو ما جاء في قضيّة قسمة الأراضي التي فتحها المقاتلون عنوةً في العراق ومصر أيّام عمر بن الخطّاب; فالثابت في القرآن أنّ خُمس هذه الغنائم تودَع في بيت المال لتصرف في الموارد التي نصّت الآية عليها:


الصفحة 215
{ أنّما غَنِمْتُم مِن شَيْ فأنّ للهِ خُمُسَهُ وللرسولِ ولذي القُرْبى... }(1).

أمّا الأربعة الباقية ـ من الخمس ـ فتقسّم بين المقاتلين، عملاً بمفهوم الآية وفعل الرسول (صلى الله عليه وآله) في خيبر.

فالمقاتلون ـ جرياً على العادة ـ جاؤوا إلى عمر بن الخطّاب يطلبون أن يُخرج الخمس لله ـ ولمن ذُكر في الآية ـ وأن يقسّم الباقي بين الغانمين.

فقال عمر: فكيف بمن يأتي من المسلمين فيجدون الأرض بعلوجها قد اقتسمت وورثت عن الآباء وحِيزت؟! ما هذا برأي!

فقال له عبد الرحمن بن عوف: فما الرأي؟ ما الأرض والعلوج إلاّ ممّا أفاء الله عليهم.

فقال عمر: ما هو إلاّ ما تقول، ولست أرى ذلك!

فأكثروا على عمر، وقالوا: تقف ما أفاء الله علينا بأسيافنا على قوم لم يحضروا ولم يشهدوا؟!

فكان عمر لا يزيد أن يقول: هذا رأيي!

فقالوا جميعاً: الرأي رأيك(2).

وهذا الخلاف المحتدم بين الصحابة في أبسط المفردات الفقهيّةّ، كان قد حدث بعد غياب النبىّ (صلى الله عليه وآله) من بين المسلمين، وعدم التفافهم حول مرجعيّة علميّة واحدة، فلذلك كثرت الآراء والاجتهادات، وزاد العراك والجدل، وهذه النتائج السلبيّة السريعة الظهور بعد وفاة النبىّ (صلى الله عليه وآله) هي التي كان يحذر منها (صلى الله عليه وآله) في حديث الأريكة وأحاديث النهي عن الرأي، وهي التي كانت تعتصر آلامها قلب علىّ بن

____________

1- الأنفال: 41.

2- معالم المدرستين 2: 286 عن المدخل الى علم اصول الفقه 90 ـ 95، باب انواع الاجتهاد، وانظر الاجتهاد في الشريعة الإسلاميّة، للوافي المهدي: 111.


الصفحة 216
أبي طالب ومخلصي الصحابة وخواصّهم، ولم يكن تأسّفهم لفوت الخلافة كحكم سياسىّ حسب، بل كان الألم الأكبر هو ألم الخلاف والفرقة وضياع وحدة الخلافة والقيادة الدينيّة، وذلك بعينه ما كثّر شكاوى علىّ وأنس وعمّار وغيرهم من الصحابة حتّى أنَّ حذيفة ـ صاحب السرّ في أسماء المنافقين ـ كان يحذّر بأشدّ المرارة من الاختلاف والتضارب في الآراء والاجتهادات نتيجة ضياع الخلافة وانفلات أزمّتها وقيامها على أُسس غير سليمة.

وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهرىّ في كتابه (السقيفة) عن البراء بن عازب: أنّه كان في جماعة منهم المقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت وسلمان الفارسىّ وأبو ذرّ وحذيفة وأبو الهيثم بن التيّهان، ـ وذلك بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) ـ وإذا حذيفة يقول لهم: والله ليكوننّ ما أخبرتكم به، والله ما كَذِبْتُ ولا كُذِّبْتُ، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.

ثمّ قال: ائتوا أُبىّ بن كعب، فقد علم كما علمت.

قال: فانطلقنا إلى أُبىّ، فضربنا عليه بابه حتّى صار خلف الباب، فقال: من أنتم؟ فكلّمه المقداد، فقال: ما حاجتكم؟ فقال له: افتح عليك بابك، فإنّ الأمر أعظم من أن يجري من وراء الحجاب، قال: ما أنا بفاتح بابي وقد عرفت ما جئتم له كأنّكم أردتم النظر في هذا العقد.

فقلنا: نعم.

فقال: أفيكم حذيفة؟

فقلنا: نعم.

قال: فالقول ما قال، وبالله ما أفتح عنّي بابي حتّى تجري عَلَيّ ما هي جارية، ولَما يكون بعدها شرّ منها، وإلى الله المشتكى(1).

____________

1- السقيفة وفدك: 49، وعنه في شرح النهج 2: 51 ـ 52.


الصفحة 217
وجاء عن اُبي بن كعب أيضاً أنّه قال: هلك أهل العقد وربِّ الكعبة. ألا لا عليهم آسى، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين(1).

وفي رواية ثالثة: لأقولنّ فيها قولاً لا أُبالي أستحييتموني عليه أو قتلتموني(2).

وذكر أبو الصلاح تقي الدين الحلبي (ت 447 هـ) أُبياً وابن مسعود من الثابتين على ولاء آل البيت (عليهم السلام) المختصين بهم في العهد الاول بعد وفاة الرسول (3)واضاف: أن أُبياً حاول الاجهار بما يكنّه ضميره في اخريات حياته ولولا حلول الموت(4) وكان من النفر الاثني عشر الذين نقموا على أبي بكر تصدية ولاية الامر دون الإمام أمير المؤمنين(5) وكابد الامرين على ذاك الحادث الجلل رافعاً شكوه إلى الله بقوله: وإلى الله المشتكى(6) وقد سمع من سعد بن عبادة ما نطق بما يوجب فرض ولاية الإمام علي(7).

وبهذا أُضيف إلى قائمة المخالفين لعمر بن الخطّاب في الفقه أسماء أُخرى، هي:

16 ـ زيد بن أرقم.

17 ـ البراء بن عازب.

18 ـ عبد الله بن عمر.

19 ـ سلمان الفارسىّ.

20 ـ أبو هريرة.

21 ـ تميم الدارىّ.

22 ـ المقداد بن الأسود.

23 ـ أبو ذرّ الغفارىّ.

24 ـ المقاتلون الذين أفاء الله عليهم; من الصحابة ومن غير الصحابة!


*  *  *

____________

1- مسند الطيالسي 1: 75، ح 555، مسند ابن الجعد 1: 197، ح 1291، مصنف بن أبي شيبة 7: 468، ح 37295، مسند أحمد 5: 140، حديث قيس بن عباد عن أٌبي بن كعب (رضي الله عنه)، ح 21301، الحلية لأبي نعيم 1: 252 و3: 111، كلهم عن أبي بن كعب، وأنفرد معمر بن راشد في كتابه الجامع 11: 322، باب الامام راع، ورواه بسنده عن حذيفة بن اليمان.

2- الطبقات الكبرى 3: 500، تاريخ دمشق 7: 340، تهذيب الكمال 2: 270، سير أعلام النبلاء 1: 399.

3- تقريب المعارف: 168 وانظر سفينة البحار 1: 8.

4- قاموس الرجال 1: 237.

5- الخصال 2: 461.

6- شرح نهج البلاغة 2: 52.

7- شرح نهج البلاغة 6: 44.


الصفحة 218

بروز المدوّنين في مخالفة الرأي


لو أردنا أن نتأكّد من صحّة مُدّعانا وما عرضناه لحدّ الآن، لَلزم المزيد من التمعّن في مواقف هؤلاء الصحابة الذين ذكرناهم، وأن لا نكتفي في دراستنا على نقل واقعة واحدة أو حادثة واحدة عنهم، بل يجب علينا البحث عن فقه هؤلاء على النحو الغالب، وقد لفت انتباهنا حينما أردنا دراسة شخصيّات كهؤلاء هو أنّ غالبهم كانوا من أصحاب المدوَّنات، وأنّ تدوينهم يعني تخالف المنحى والمنهج بين الخليفة وهؤلاء الصحابة. وإليك أسماءهم حسب ما توصّلنا إليه لحدّ الآن:

1 ـ علىّ بن أبي طالب (ت 40هـ).

لم ينكر أحد أنّ عليّاً كان من المدوِّنين على عهد الرسول(صلى الله عليه وآله) ، وأنّ أمّ سلمة ـ زوج النبىّ ـ قالت: دعا رسول الله بأديم وعلىُّ بن أبي طالب عنده، فلم يَزَل رسول الله يُملي وعلىّ يكتب حتّى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه(1).

وكانت لديه صحيفة عن رسول الله يحتفظ بها في قراب سيفه. جاء ذكر هذه

____________

1- المحدث الفاصل: 601، باب الاملاء، أدب الاملاء والاستملاء: 12.


الصفحة 219
الصحيفة عن أكثر من عشرة من تلامذة الامام علىّ(1). وقد وقفت على بعض مواقف الإمام المخالفة لآراء عمر فيما سبق.

2 ـ أُبىّ بن كعب الأنصارىّ (ت 22هـ).

روى أبو العالية عن أُبىّ بن كعب أنّ له نسخة كبيرة في التفسير(2).

وقد عرفنا فيما مضى تخالف رأي أُبىّ مع الخليفة، وأنّه كان يصرّح بعدم أعلميّة الخليفة، ولا يرتضي منعه عن التحديث وقراءة القرآن.

3 ـ معاذ بن جبل (ت 18هـ).

أرسله رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى اليمن، وكتب معه كتاباً في الصدقات، فيه أحاديث(3). وكان عند موسى بن طلحة كتاب معاذ عن النبي(صلى الله عليه وآله) في الصدقات.(4)وكانت لدى ابن عائذ كتب معاذ بن جبل (5)، وهذه النصوص مجتمعة تدلّ على تدوين معاذ ووجود مدوّناته وبقائها رغم إحراق الخليفة ومنعه وتهديده، وقد مرّ عليك موقفه من عمر في قتل المسلم بالذمىّ، ورجم المرأة التي ولدت لسنتين!

4 ـ حذيفة بن اليمان، (ت 36هـ).

قد مرَّ عليك كلامه مع عمر وأنّه أصبح يكره الحقّ ويحبّ، الفتنة، ويشهد بما لم يَرَه، ويصلّي على غير وضوء، وله في الأرض ما ليس لله في السماء!!

____________

1- انظر معرفة النسخ: 207.

2- التفسير والمفسّرون 1: 115 كما في الدراسات للأعظمىّ: 100.

3- سيرة ابن هشام 8862 و956، حلية الأولياء 1: 240، الأموال لأبي عبيد 27 و37.

4- مسند أحمد 5: 228، ح 22041، سنن الدارقطني 2: 96، باب ما يجب فيه الزكاة، ح 8، واللفظ لأحمد.

5- دلائل التوثيق المبكّر: 418، المحدّث الفاصل: 498.


الصفحة 220
فقد كان حذيفة بن اليمان يكتب للنبي(صلى الله عليه وآله) صدقات التمر(1)، ويكتب خرص الحجاز(2) وكان يكتب خرص النخل(3)، وكان كاتب رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الصدقات الزبير بن العوام، فإن غاب أو اعتذر كتب جهم بن الصلت وحذيفة بن اليمان(4)، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) هو الذي استكتبه(5).

5 ـ عبد الله بن مسعود الهذلىّ (ت 32هـ).

روى جويبر، عن الضحّاك، عن عبد الله بن مسعود قال: ما كنّا نكتب في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) شيئاً من الأحاديث إلاّ التشهّد والاستخارة(6).

وعن معن، قال: أخرج لي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كتاباً، وحلف لي أنّه خطّ أبيه بيده(7).

وجاء عن ابن مسعود أنّه منع من التدوين، لكنَّ هذا إنَّما يكذّبه الخبران الآنفان وحبس عمر له وغيرها، وبهذا يحتمل أن يكون محوه للصحف على فرض صحّته إنّما كان لما تضمّنته تلك الصحف من قصص أهل الكتاب كما قدّمنا الأدلّة على ذلك فيما مضى(8)، وقد جاء عن ابن مسعود أنّه خالف عمر في أكثر من مسألة، فذكر ابن القيّم أنّه خالفه في نحو مائة مسألة(9). وهذا القول يخالف ما نُقِل عنه: (لو أنّ الناس

____________

1- التراتيب الادارية 1: 398.

2- التنبيه والاشراف: 245، العقد الفريد 4: 147.

3- التراتيب الادارية 1: 124، صبح الاعشى 1: 125.

4- مكاتيب الرسول 1: 177 عن كتاب جوامع السير لابن حزم.

5- سبل الهدى والرشاد 11: 381. ومن التركيبة الإدارية لرسول الله(صلى الله عليه وآله) نعلم أنّ اوّل من دوّن الدواوين هو رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا عمر بن الخطاب.

6- مصنف بن أبي شيبة 1: 262، ح 3006، العلل لأحمد 2: 259، ح 2184، واللفظ له.

7- جامع بيان العلم وفضله 1: 72.

8- وأمّا الصحيفة اليمنية فيبدو أنه محاها تقيةً ولأنّ الخلاف بنظره شرٌّ، وذلك عين ما صنعه في الصلاة بمنى.

9- أعلام الموقّعين 2: 237.


الصفحة 221
سلكوا وادياً وشِعباً، وسلك عمر وادياً وشِعباً، لسلكت وادي عمر وشِعبه)(1)، كل ذلك يؤيّد كونه من نهج التعبّد والتدوين.

6 ـ عبد الرحمن بن عوف (ت 31هـ).

ستقف لاحقاً على دوره في رسم سيرة الشيخين ومكانته من عمر، ولم يَرِد عنه في الكتابة والتدوين شي.

7 ـ أبو عبيده بن الجرّاح.(ت 18هـ)

توفّي قبل خلافة عمر، ولم يُنصّ على أنّ له كتاباً أو مدونة أو نسخة.

8 ـ زيد بن ثابت (ت 45هـ).

قيل: إنّه أوّل من صنّف كتاباً في الفرائض، قال جعفر بن برقان: سمعت الزهرىّ يقول: لولا أنّ زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنّها ستذهب من الناس(2). وقد خالف عمر في إرث الجدّة، وقتل المسلم بالذمىّ وغيرهما.

9 ـ عبد الله بن عباس (ت 68هـ).

قالت سلمى: رأيت عبد الله بن عبّاس ومعه ألواح يكتب عليها من أبي رافع شيئاً من فعل رسول الله(3)، وكان يحملها معه، واشتهر عنه أنّه ترك حين وفاته حِمْلَ

____________

1- مصنف ابن أبي شيبة 2: 103، ح 6984، اعلام الموقعين 1: 20.

2- السنن الكبرى للبيهقي 6: 21، باب ترجيح قول زيد بن ثابت، ح 11966، تاريخ دمشق 19: 322، سير أعلام النبلاء 2: 436.

3- الطبقات الكبرى 2: 371، كما في الدراسات للاعظمي: 116.


الصفحة 222
بعير من كتبه(1).

وجاءت عنه نصوص تؤكّد لزوم تقييد العلم بالكتاب(2)، أمّا ما جاء عن طاووس عنه من أنّه كان يكره كتابة العلم فهو ممّا ينبغي التوقّف عنده; لتخالفه مع روايات أُخرى عنه. وقد وقفت على تخالفه مع عمر في المرأة التي وضعت لستّة أشهر وغيرها.

10 ـ الضحّاك بن سفيان الكلابيّ

كتب إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دِية زوجها(3). وقد كتب الضحّاك كتاباً إلى عمر بن الخطّاب جاء فيه: أنّ النبىّ ورّث امرأة أشيم الضبابىّ من دية زوجها(4).

11 ـ شيبة بن عثمان العَبْدَريّ (ت57 هـ ـ أو 59 هـ).

كان النبي(صلى الله عليه وآله) قد أعطاه حجابة الكعبة، وقد مرّ حديثه مع عمر في منعه من أخذ مال الكعبة وتقسيمه، ولم يُذكر له كتاب أو صحيفة أو نسخة.

12 ـ امرأة خطّأت الخليفة

ومن المحتمل أن تكون هذه المرأة: فاطمة بنت قيس ـ أُخت الضحّاك وكانت

____________

1- الطبقات الكبرى 5: 293، تقييد العلم: 136، المدخل إلى السنن الكبرى 1: 421، ح 773.

2- كتاب العلم لابي خثيمة: 34، العلل لأحمد 1: 213، ح 232، تقييد العلم: 92.

3- الرسالة للشافعي: 426، مسند أحمد 3: 452، واللفظ له، سنن الدارقطني 4: 76، كتاب الفرائض والسير، ح 27، التمهيد لابن عبد البر 12: 120.

4- سنن ابن ماجة 2: 883، باب الميراث من الدية، ح 2642، واللفظ له، سنن أبي داود 3: 129، باب المرأة ترث من دية زوجها، ح 2927، سنن الترمذي 4: 27، باب ما جاء في المرأة هل ترث زوجها، ح 1415.


الصفحة 223
أكبر منه بعشر سنين ـ وقد كتب بعض أحاديثها أبو سلمة بإخبار منها، قال محمّد بن عمرو: حدّثنا أبو سلمة عن فاطمة بنت قيس قال: كتبت ذلك من فيها كتاباً، قالت: كنت عند رجل من بني مخزوم فطلقني (1).

وجاء عن عمر انّه قال فيما روته في حديث السكنى: لا ندع كتاب ربنا وسنّة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت(2).

13 ـ عمّار بن ياسر، استشهد يوم صفّين.

صحابىّ جليل، من أتباع الإمام علىّ، استشهد في واقعة صفّين. وقد أخبر رسولُ الله بمقتله وأنّ الفئة الباغية ستقتله.

لم نقف على مدوّنة له، لكنّه من مدرسة التدوين ; لأنّ فقهه هو فقه التعبّد المحض; ولمواقفه المخطّئة لنهج الخلفاء ولاتّباعه علىّ بن أبي طالب في فقهه ونهجه.

14 ـ عبد الله بن قيس، أبو موسى الأشعرىّ (ت 42 هـ).

جاء في مسند أحمد أنّ أبا موسى الأشعرىّ كتب لابن عبّاس مجيباً على رسالته: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشي...(3)

وقال بكر بن عبد الله أبو زيد: (له صحيفة مخطوطة في مكتبة شهيد علي

____________

1- صحيح مسلم 2: 1116، من باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، مسند أحمد 6: 413، ح 27374، الطبقات الكبرى 8: 274.

2- صحيح مسلم 2: 1118، من باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، سنن أبي داود 2: 288، باب من انكر ذلك على فاطمة، ح 2291، سنن الترمذي 3: 484، باب ما جاء في المطلقة ثلاثاً لا سكنى لها ولا نفقة، ح 1180، نصب الراية 3: 273، الحديث الرابع من باب النفقة، واللفظ له.

3- مسند أحمد 4: 396، سنن ابي داود 1: 1، باب الرجل يتبوأ لبوله، ح 3، السنن الكبرى للبيهقي 1: 93، باب الارتياد للبول، ح 450، جامع الاصول 8: 47.


الصفحة 224
بتركيا)(1)، وجاء عنه أنّه قد دافع عن تدوين السنّة الشريفة، وإنّا بدراستنا اللاحقة لفقه الصحابة سـنشير إلى مسلكه الفقهىّ، وهل هو يوافق التعبّد أم الاجتهاد.

15 ـ سعد بن مالك، أبو سعيد الخُدريّ (ت 74 هـ).

جاء عنه أنّه قال: ما كنّا نكتب غير القرآن والتشهّد(2).

واحتمل الأعظمىّ أنّه كتب بعض الأحاديث النبويّة إلى عبد الله بن عبّاس. وهذه النصوص تخالف ما اشتهر عنه من أنّه روى عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): لا تكتبوا عنّي، ومن كتب غير القرآن فليمْحُه(3).

16 ـ زيد بن أرقم (ت 66 هـ).

كتب بعض الأحاديث النبويّة، وأرسلها إلى أنس بن مالك، منها: ما كتبه إليه زمن الحَرّة، يعزّيه فيمن قُتل من ولده وقومه، فيها: أُبشّرك ببشرى من الله، سمعت رسول الله يقول: اللّهمّ اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار(4)، وقد خَطَّأ زيدٌ عمرَ في بعض فتاواه، وروى في فضائل علىّ الكثير.

17 ـ البَراء بن عازب (ت 72 هـ).

قال محمّد عجاج الخطيب: كان البراء بن عازب صاحب رسول الله يحدّث

____________

1- معرفة النسخ: 182.

2- مصنف ابن أبي شيبة 1: 260، ح 2991، تقييد العلم 1: 93، كنز العمال 8: 152، ح 22343، عن (ش).

3- انظر الدراسات للاعظمي، والرواية في صحيح مسلم 4: 2298، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم، ح 3004، مسند أحمد 3: 12، ح 11100، المستدرك على الصحيحين 1: 216، ح 437، وفي غيرها من المصادر.

4- مسند أحمد 4: 370، سنن الترمذي 5: 713، ح 3903، فتح الباري 8: 651.


الصفحة 225
ويكتب مَن حوله(1).

قال وكيع: حدّثنا أبي، عن عبد الله بن حنش، قال: رأيتهم يكتبون على أكفّهم بالقصب عند البراء(2)، وقد جاءت عنه روايات كثيرة في فضائل علىّ بن أبي طالب. وقد عرفتَ موقفه في البيعة.

18 ـ عبد الله بن عمر بن الخطّاب(ت 74 هـ).

روي عنه أنّه كان يكتب الأحاديث النبويّة، وقد نقل إبراهيم الصائغ، عن نافع، عن ابن عمر: كانت له كتب ينظر فيها يعني العلم(3)، واِنّك ستقف لاحقاً على موقفه من أبيه وانتصاره لنهج التعبّد المحض، وإن كان يتخطّى هذا النهج في بعض الأوقات.

19 ـ سلمان الفارسىّ (ت 32 هـ).

قال ابن شهرآشوب: الصحيح وقيل المشهور أن أوّل من صنّف: أميرُ المؤمنين علىّ بن أبي طالب، ثمّ سلمان الفارسىّ(4).

وقال السيّد حسن الصدر عن سلمان: إنّه صنّف حديث الجاثليق الرومىّ الذي بعثه ملك الروم بعد النبىّ (صلى الله عليه وآله) ، ذكره الطوسىّ في الفهرست(5).

وقال الأعظمىّ: يبدو أنّه كتب إلى أبي الدرداء بعض الأحاديث النبويّة(6).

____________

1- السنّة قبل التدوين: 320.

2- مصنف ابن أبي شيبة 5: 314، ح 26438، العلل لأحمد 1: 213، كتاب العلم لأبي خثيمة: 34، تقييد العلم: 105.

3- التعديل والتجريح للباجي 2: 803، الترجمة 777 لعبد الله بن عمر، سير أعلام النبلاء 3: 238، كما في الدراسات: 120.

4- معالم العلماء: 38، وعنه في المراجعات: 412 المراجعة رقم 110.

5- الفهرست للطوسي: 142، ح 338، تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 280.

6- مسند البزار 6: 506، ح 2546، المعجم الكبير 6: 254، ح 6143، التاريخ الصغير للبخاري 2: 139، ح 2078، ح 2079، جامع بيان العلم وفضله 1: 74.وانظر الدراسات 1:96