الصفحة 473
الحكم الإسلامىّ(1).

ونحن لو أردنا التفصيل في مثل هذا لاحتاج بحثنا إلى مجلّدات وأسفار، لكنّنا نكتفي بما نقله ابن الأثير كي تعرف حال أصحاب المدوّنات في عهد الحجّاج بن يوسف الثقفىّ.

قال ابن الأثير: كان الحجّاج بن يوسف والي العراق من قبل الأمويّين قد ختم في يد جابر بن عبد الله [الأنصارىّ ]وفي عُنق سهل بن سعد الساعدىّ وأنس بن مالك [الأنصاري ]، يريدُ إذلالهم، وأن يتجنّبهم الناس ولا يسمعوا منهم(2).

2 ـ أهل البيت والتدوين

من الثابت المتواتر أنّ أهل البيت قد أباحوا التدوين، إذ كتب الإمام علىّ صحيفة عن رسول الله طولها سبعون ذراعاً بخطّه وإملاء رسول الله(3)، وقد جمع الدكتور رفعت فوزي عبد المطّلب ما رُوي من أحاديث هذه الصحيفة متناثراً في أبواب الفقه في كتاب أسماه ب (صحيفة علىّ بن أبي طالب عن رسول الله، دراسة توثيقيّة فقهيّة)(4).

وقد كانت الصحيفة عند الأئمّة من ولد علىّ يتوارثونها ويحرصون عليها غاية

____________

1- تاريخ المذاهب الإسلاميّة: 285 ـ 286.

2- الاستيعاب 2: 664، ت 1089، أُسد الغابة 2: 366، ترجمة سهل بن سعد.

3- انظر أعيان الشيعة 1: 330، وفي الفقيه 4: 418، ح 5914 عن الحسن بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا(عليه السلام) قال: للإمام علامات: يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس... ويكون عنده صحيفة يكون فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعداءه إلى يوم القيامة.

ويكون عنده الجامعة، وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها جمع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر; أصاب ما عز وأصاب كبش، فيها جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجَلْدَة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة وهو في عيون أخبار الرضا 2: 193 كذلك.

4- طبع هذا الكتاب سنة 1406 هـ في حلب عن دار السلام.


الصفحة 474
الحرص، فعن الحسن بن علىّ: إنّ العلم فينا، ونحن أهله، وهو عندنا مجموع كلّه بحذافيره، وإنّه لا يحدث شيٌ إلى يوم القيامة حتّى أرش الخدش إلاّ هو عندنا مكتوب بإملاء رسول الله وخطّ علىّ بيده(1).

ولمّا سئل عن رأي أبيه في الخيار، أمر بإحضار ربعة فأخرج منها صحيفة صفراء مكتوب فيها قول علي في الخيار(2).

وقد كان هذا الكتاب عند الإمام الحسين، ثمّ علىّ بن الحسين، ثمّ الباقر، ثمّ الصادق و...(3)

فيبدو واضحاً للعيان اهتمام أولاد علىّ (عليه السلام) اهتماماً لا نظير له بهذه الصحيفة حتّى أنّ الحسين لم يشغله ما هو فيه عن أن يُودع ما عنده عند ابنته الكبرى فاطمة لتسلّمها إلى الإمام علىّ بن الحسين، لكون تلك الكتب كنزاً من كنوز آل محمّد ووديعة الرسول(صلى الله عليه وآله) عندهم(4). وقد وصل الاهتمام بفاطمة الزهراء بنت رسول الله أن تقول لجاريتها فضّة حين افتقدت الصحيفة (ويحك! اطلبيها فإنّها تعدل عندي حسناً وحسيناً)(5).

هذا الاهتمام لم يكن اعتباطيّاً نابعاً عن رغبة شخصيّة، لأنّ معادلة الصحيفة بريحانتي رسول الله أمر يستحقّ التوقّف الطويل، إذ يبدو أنّ العلم المكنون في هذه الصحيفة يعادل ما عند الإمامين الحسن والحسين من علم عن رسول الله، وأنّ ما ترفد به هذه الصحيفة المسلمين يعادل ما يرفد به الإمامان أُمّة رسول الله(صلى الله عليه وآله).

____________

1- الاحتجاج، للطبرسىّ 2: 6، البحار 44: 100.

2- العلل، لابن حنبل 1: 346.

3- انظر بصائر الدرجات: 164، باب في الأئمة(عليهم السلام) أن عندهم الصحيفة الجامعة التي هي إملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخط علي(عليه السلام).

4- الكافي 1: 303 باب الإشارة والنص على علي بن الحسين (عليه السلام) ، ح 1، بصائر الدرجات: 168 باب 13، ح 9، الإمامة والتبصرة: 63،.

5- المعجم الكبير للطبراني 22: 413، باب ما أسندت فاطمة (عليها السلام).


الصفحة 475
هذه الرعاية المتزايدة للمدوّنات بصورة عامّة، وكتاب علىّ خاصّة عند مدرسة التعبّد، لا نجد لها أثراً عند المدرسة المقابلة ـ مدرسة الرأي والاجتهاد ـ فأُثِرَ عن أبي بكر حرقه لمدوّنته، وعن عمر حرقه لمدوّنات الآخرين، وعن عثمان حرقه للمصاحف، وعن معاوية أمره بالإقلال من الحديث إلاّ حديثاً روي على عهد عمر بن الخطّاب، وهكذا باقي الخلفاء، بخلاف أهل البيت الذين واصلوا التدوين وحفظوا المدوّنات منذ بداية التشريع الإسلامىّ ونزول الوحي إلى وقت متأخّر.

فقد ورد أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمَرَ عليّاً بالتدوين وقال له: اكتب ما أُملي عليك، فقال علىّ: يا نبي الله! أَوَتخاف؟ قال: لست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله لك أن يحفظك فلا ينساك، لكن دوّن لشركائك، قال: ومن شركائي يا رسول الله؟ قال: الأئمّة من ولدك(1).

وهذا يجعلنا نتيقّن بأنّ النبىّ (صلى الله عليه وآله) أراد أن يحفظ شريعته بواسطة التدوين عند أهل بيته وغيرهم لتبقى المدوّنات ذخراً وتراثاً علميّاً لأجيال المسلمين في العصور المتأخّرة.

فاستعانة أئمّة أهل البيت بكتاب علىّ ونظرهم فيه وإشهادهم الآخرين عليه جاء لتوثيق ما يقولونه وينقلونه عن رسول الله وأنّه لم يأتِ جزافاً عن رأي بل له أصل عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).

فعن الصادق أنّه قال: كان علىّ بن الحسين إذا أخذ كتاب علىّ فنظر فيه، قال: من يطيق هذا؟!(2)

وفي الإرشاد للمفيد: عن الباقر: أنَّ والده السجّاد قال له: يا بنىّ أعطني بعض

____________

1- انظر بصائر الدرجات: 187، باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله، ح 22، الإمامة والتبصرة: 54، الباب 6، ح 38، وفيه ينسيك.

2- الكافي 8: 163 رقم الحديث 172.


الصفحة 476
تلك الصحف التي فيها عبادة علىّ بن أبي طالب، فأعطيته، فقرأ فيها شيئاً يسيراً ثمَّ تركها من يده تضجّراً وقال: من يقوى على عبادة علىّ(1).

والذي يستوقفنا في هذين النصّين، هو: هل اختص كتاب علىّ ببيان الفرائض الشرعيّة والأحكام الفقهيّة فقط؟ أم أنّه شمل علوماً أُخرى غيرها؟!

الذي يؤكد عليه هذان النصّان هو أنّ الكتاب كان يحتوي على أُصول العبادات ومستحبّاتها، وقد حفظ في طيّاته جميع أُصول ومباني الدين الإسلامىّ كوحدة متجانسة متكاملة، وفيه ما يحتاج إليه المسلمون، ولمّا وقف الإمام زين العابدين على المستحبّات والنوافل والسنن التي في الكتاب قال وهو ذو الثفنات المعروف بكثرة عبادته وقيامه وصيامه: من يطيق هذا؟

فنهج التدوين والمحافظة على المدوّنات كان ديدن أئمّة أهل البيت وأتباعهم، مقابل الإحراق والإتلاف ومنع التحديث والتدوين والكتابة الذي دأب عليه أصحاب مدرسة (الاجتهاد والرأي)، وهذا ما لا يدع مجالاً للشكّ بأوثقيّة وأضبطيّة (ما هو الحجّة) عند أهل البيت ونهج التعبّد دون ما عند المدرسة المقابلة من موروث مختلط متأثّر بشتّى العوامل وشتّى الآراء بدءاً من تشريع الاجتهاد والرأي قبال النصّ ومروراً بتثبيت القياس والاستعانة بالأصول الجديدة المطروحة لاحقاً، وانتهاءً بما لا نهاية له من آراء واتّجاهات.

وإذا رجعنا إلى حديث الصحيفة التي كانت في حوزة الإمام محمّد بن علىّ الباقر وابنه جعفر بن محمّد الصادق وجدنا التركيز والاهتمام المتزايد عليها.

فعن عذافر الصيرفىّ قال: كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر (أي الباقر) فجعل يسأله، وكان أبو جعفر له مكرماً، فاختلفا في شي! فقال أبو جعفر: يا بنىّ! قم، فأخرِج كتاب علىّ.

____________

1- الإرشاد للمفيد 2: 126، مناقب آل أبي طالب 3: 290، إعلام الورى 1: 487.


الصفحة 477
فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً وفتحه، وجعل ينظر، حتّى أخرج المسألة، فقال أبو جعفر: هذا خط علىّ وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وأقبل على الحَكَم، وقال: يا أبا محمّد! اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم ـ يميناً وشمالاً ـ فوالله لا تجدون العلم، أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل(عليه السلام) (1).

وفي حديث آخر جاء في جواب الإمام الباقر للحكم بن عتيبة حينما سأله عن تقسيم الأسنان؟ قوله: (هكذا وجدناه في كتاب علىّ)(2).

وعن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر عن الجدّ، وذكر الحديث إلى أن قال: فأقبل على ابنه جعفر فقال له: أقْرئْ زرارة صحيفة الفرائض... فأخرج إلىَّ صحيفة مثل فخذ البعير... فلمّا ألقى إلىَّ طرف الصحيفة، إذا كتاب غليظ، يُعرف أنّهُ من كتب الأوّلين، فنظرتُ فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي النّاس... فلمّا أصبحت لقيت أبا جعفر، فقال لي: أقرأت صحيفة الفرائض؟...فإنّ الذي رأيت والله يا زرارة هو الحقّ، الذي رأيت إملاء رسول الله وخطّ علىّ بيده... وقد حدّثني أبي عن جدّي أنّ أمير المؤمنين حدّثه ذلك...(3).

وعن أبي أيّوب الخزّاز، عن أبي عبد الله (الصادق)(عليه السلام) قال: إنّ في كتاب علىّ: أنّ كلّ ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجرُّ به...(4)

وعن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله قال: في كتاب علىّ: أنّ نبيّاً من الأنبياء

____________

1- رجال النجاشىّ: 360 ترجمة 966.

2- انظر الكافي 7: 329، باب الخلقة، ح 1 وقد تكرر هذا القول على لسان الأئمة(عليهم السلام) في أكثر من موضع ومسألة فقهية انظر مختلف الشيعة 9: 367 في قضاء العين والجوارح، وعن أبي عبد الله في المهذب البارع 5: 228. في الديات، ومجمع الفائدة 11: 524 في الميراث، وغيرها من كتبنا.

3- الكافي 7: 95، ح 3 المواريث، باب ميراث الولد مع الأبوين.

4- الكافي 7: 414 ح 3 و4 القضاء باب أنّ القضاء بالبيّنات.


الصفحة 478
شكا إلى ربّه القضاء... (1).

وهذا النصّ يؤكّد قولنا عن موسوعيّة (كتاب علىّ) وأنّه شمل العلوم الدينيّة والدنيويّة التي جاء بها النبىّ (صلى الله عليه وآله) عن الله عزّ وجلّ، إذ أنّ هذا النصّ يؤكّد وجود أخبار الأنبياء والأمم السالفة في كتاب علىّ(2)، وأنّه دوّنها من فِلْقِ فَمِ رسول الله، وقد وصلنا من كتاب علىّ أخبار الديانات السابقة ومن مسخوا وعذّبوا و...

ولكي تقف على ضخامة كتاب علىّ وموسوعيته إليك بعض المنقولات التي وصلت من هذا الكتاب العظيم، مثل:

سؤر الهرّة(3) والوضوء من غسل الجنابة(4) وأحكام الجنائز، ووقت فضيلة الظهر والعصر والتشهد في الصلاة(5) وحكم المحرم يموت كيف يصنع به(6) والصلاة

____________

1- الكافي 7: 414 ح 3 و4 القضاء باب أنّ القضاء بالبيّنات.

2- عن ابن أُذينه، عن بريد العجلي، قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} قال: إيانا عنى، أن يؤدي الاول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح.

قال المازندراني في شرح أصول الكافي 6: 84 قوله (الكتب والعلم والسلاح): أُريد بالكتب الكتاب الذي جمعه علي بن أبي طالب، والجفر الأبيض الذي فيه زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم، ومصحف فاطمة الذي كتبه علي عند نزول جبرئيل إليها وإخباره بما يكون إلى يوم القيامة وفيه جميع ما يحتاج إليه الناس، والجامعة وهي صحيفة كتبها علي بخطه من إملاء الرسول. والجفر وهو مشتمل على علم النبيين والوصيين وعمل العلماء الذين مضوا، والصحيفة التي جاء بها جبرئيل الأمين في الوصية من عند رب العالمين.

وبالعلم: العلم الذي اختص به الإمام، وهو العلم بما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة.

وبالسلاح: سلاح رسول الله مثل المغفر والدرع والراية والقميص والسيف والخاتم وغيرها..

3- التهذيب 1: 227، ح 655 و9: 86، ح 364، وانظر الكافي 3: 9، باب الوضوء من سؤر الدواب، ح 4.

4- التهذيب 1: 139، ح 398.

5- التهذيب 2: 23، ح 64، الاستبصار 1: 251، ح 90027، منتهى المطلب 1: 207، الوسائل 4: 144، ح 4754 و147 ح 4766.

6- وفيه أربع روايات الأولى عن عبد الله بن سنان (انظر التهذيب 5: 383، ح 1337) والثانية عن أبي مريم (انظر الكافي 4: 368، باب المحرم يموت، ح 3) والثالثة والرابعة عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله (انظر التهذيب 5: 383، ح 1337).


الصفحة 479
في وبر كلّ شي حرام لحمه(1) والتشهد في الصلاة(2) إنّ الله يؤجر على كثرة الصلاة والصوم(3)، وعدالة إمام الجماعة(4) وأدب الدعاء(5) ومنع الزكاة (6) ومسائل في الأمر بالمعروف وظهور الزنا وقطيعة الرحم(7) والصوم للرؤية(8) ولبس الطيلسان للمحرم(9) وصيد المحرم(10) والشكّ في أشواط الطواف(11) وإعطاء الأمان لمن لحق بالمسلمين(12)، ومال الابن(13) ومعنى الشي في الوصيّة(14) وعدّة مسائل في النكاح(15) والأيمـان(16) وأكل البـازي والصقر(17) ومسائل في الصيد والذكاة(18)

____________

1- الكافي 3: 397، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه، ح 1، التهذيب 2: 209 ح 818، الاستبصار 1: 383، ح 1454، عوالي اللئالىَ 3: 74، ح 34.

2- بصائر الدرجات: 165، ح 14.

3- بصائر الدرجات: 185، ح 11، الوسائل 4: 103، ح 4630 و10: 407، ح13714.

4- التهذيب 3: 28، ح 96.

5- الكافي 2: 484، ح 2 و485، ح 7، الوسائل 7: 80، ح 8785.

6- الكافي 3: 505، باب منع الزكاة، ح 17، الوسائل 9: 26، ح 11431.

7- العلل 2: 584، الباب 385، ح 26، وأمالي الصدوق: 385، ح 493.

8- التهذيب 4: 158، ح 441، الاستبصار 2: 64، ح 208، الوسائل 10: 255، ح 13349.

9- الكافي 4: 340، ح 7، الفقيه 2: 217، ح 21، علل الشرائع 2: 408، ح 1.

10- التهذيب 5: 344 ح 1190 و1191 و355، ح 1233، الاستبصار 2: 203، ح 3، الكافي 4: 389 ح 5 و4: 390 ح 9، عوالي اللئالىَ 3: 173 ح 86 و88.

11- التهذيب 5: 152، ح 502، الاستبصار 2: 240، ح 835، الوسائل 13: 366، ح 17966، و367، ح 17972.

12- الكافي 5: 31، ح 5.

13- التهذيب 6: 343، ح 961.

14- الكافي 7: 40، ح 1، والفقيه 4: 151، ح 1، والتهذيب 9: 211، ح 836 ومعاني الأخبار 217، ح 1.

15- الفقيه 3: 263، ح 37 و286، ح 6، والكافي 5: 135، ح 5 و452، ح 1، التهذيب 7: 432، ح 1723 و481، ح 1932، في الاستبصار 3: 48، ح 158.

16- الكافي 2: 347، ح 4، الفروع 7: 436، ح 9، والخصال 1: 124، ح 119، ثواب الأعمال: 270، ح 8.

17- الكافي 6: 202، ح 1 و207، ح 1، التهذيب 9: 22، ح 88، تفسير العيّاشىّ 1: 294، ح 28 و295،ح 30.

18- الكافي 6: 232، ح 1 و3، الفقيه 3: 210، ح 61، التهذيب 9: 57، ح 237، الوسائل 24: 23، ح 29891 وح 29892 و65، ح 30010، و136، ح 30175.


الصفحة 480
وما يقطـع من إليات الضـأن(1)، وتحـر يم أكل الجرّي والمارماهي والطافي(2) والزمير(3) والطحال وما ألقاه البحر(4) والجر يث(5) ولحم الحـمر الأهلـيّة(6) وحكم الأراضي(7) والفـرائض والموار يـث(8) والقضـاء(9)والحـدود(10) والديـات(11) والـزنـا(12) والكـبائر(13) وأكل مال اليـتيم(14)وعقـاب المعـاصـي(15) والجـدّ فـي العـبادة(16) وابـتـلاء المؤمن(17) ومـثل

____________

1- الكافي 6: 254، ح 1، الفقيه 3: 209، ح 57.

2- التهذيب 9: 5، ح 12، الاستبصار 4: 590، ح 5، العوالي 3: 464، ح 9.

3- الكافي 6: 219، ح 1، التهذيب 9: 2، ح 1.

4- التهذيب 9: 9، ح 18، الوسائل 24: 134، ح 30170.

5- التهذيب 9: 4، ح 9 و10، الاستبصار 4: 58، ح 201 و59، ح 3.

6- التهذيب 9: 40، ح 169.

7- الكافي 1: 407، ح 1، الكافي 5: 279، ح 5، التهذيب 7: 152، ح 674، الاستبصار 3: 108، ح 383، والعيّاشىّ في تفسيره 2: 25، ح 66، والوسائل 25: 414، ح 32246، المستدرك 17: 112، ب 2، ح 1.

8- كرواية أبي أيوب الخزار المروية في الكافي 7: 77، ح 1، والتهذيب 9: 269، ح 976 وأبي الربيع المروية في الفقيه 4: 306، ح 13، والقاسم بن سليمان المروية في التهذيب 9: 308، ح 1103، وعبد الرحمن بن الحجاج المروية في الكافي 7: 136، ح 1، والفقيه 4: 225، ح 1، جميعاً عن الصادق (عليه السلام) ، وفي العوالي 2: 152، ح 424، والدعائم 2: 381، ح 1361.

9- الكافي 7: 414، ح 3 و415، ح 7، التهذيب 6: 228، ح 550 و551 عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم وزرارة، وانظر بصائر الدرجات: 163، ح 7.

10- الفقيه 4: 53، ح 14، المحاسن 1: 273، ح 377، ب 37، التهذيب 10: 146، ح579، العوالي 3: 549، ح 18، الكافي 7: 200، ح 12 و214، ح 4 و216، ح 11، التهذيب 10: 55، ح 203، وص 90، ح 348 و345، وص 108، ح 421 وغيرها.

11- الكافي 7: 316، ح 1 و329، ح 1، الكافي 1: 238، ح 1، التهذيب 10: 251، ح 996، و70، ح 21063 و277، ح 9، و254، ح 1005، الاستبصار 4: 266، ح 1004، ح 72 و630، ح 55، الخصال: 539، ح 9، البصائر: 171، ح 3.

12- المحاسن 1: 107، ح 93، ب 46، الكافي 5: 541، ح 4.

13- الكافي 2: 278، ح 8، الوسائل 15: 321، ح 20631.

14- ثواب الأعمال: 233، عقاب أكل مال اليتيم، والعيّاشىّ في تفسيره 1: 223، ح 39، والمستدرك 13: 190، ح 3، ب 58 والوسائل 17: 247، ح 22443.

15- ثواب الأعمال: 254، أمالي الصدوق: 385.

16- الكافي 8: 135، ح 100 و163، ح 172، الوسائل 1: 91، ح 215.

17- التمحيص: 44، ح 55، الكافي 2: 259، ح 29، علل الشرائع 1: 44، ح 1.


الصفحة 481
الـدنـيا(1) وحسن الظنّ بالله(2) وحرمة الجار(3) والخلق(4) وأصحاب السبت(5)وطلب العلم(6) ودية الأسنان(7) وغيرها الكثير الكثير من تشقيقات المسائل والعلوم.

وما ذكرناه ما هو إلاّ نماذج متنوّعة من كتاب علىّ ولم يكن بالجرد الدقيق لتلك المرويّات في مصنّفات الشيعة الإماميّة، قد جئنا بها لإيضاح التخالف الموجود بين المدرستين في الفقه، والخلاف الذي صار فيه بين المسلمين بعد أن كان في أمر الخلافة، مشيرين إلى أنّ مدرسة التعبّد المحض كانت تتمسّك بكتاب علىّ كي تبرهن على أصالتها واستقائها من رسول الله والوحي، ومن هذا المنطلق جاء التعتيم على هذا الكتاب من قبل مانعي التدوين، ممّا جعل البعض يستغرب ما فيه من أحكام لأنّه لم يطرق سمعه بها من قبل!

الإمام علىّ بن أبي طالب(عليه السلام)

لم ينحصر عمل الإمام فيما كتبه في (الكتاب) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إذ نصّت المصادر على أنّ عليّاً كان قد دوّن كتباً أُخرى استقيت من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقد نسب الشريف المرتضى المتوفّى 436 هـ إلى الإمام كتاب (المحكم والمتشابه في

____________

1- الكافي 2: 136، ح 22، تنبيه الخواطر 2: 194.

2- الاختصاص: 227، الكافي 2: 71، ح 2.

3- الكافي 2: 666، ح 2.

4- تفسير القمّيّ 1: 36، تفسير العيّاشىّ 1: 26، ح 2، البحار 11: 127، ح 55.

5- تفسير القمّيّ 1: 244، تفسير العيّاشىّ 2: 33، ح 93، البحار 14: 52، ح 5، ب 4.

6- الكافي 1: 41، ح 1، البحار 1: 106، ح 2، ب 3 و2: 67، ح 14 و227، ح 5، ب 29، كشف الغمّة 2: 346.

7- وقد شرحها الإمام للحكم بن عيينة انظر الكافي 7: 329، ح 1، الفقيه 4: 104، ح 12، التهذيب 10: 254، ح 1005، والاستبصار 4: 288، ح 1089، الاختصاص: 254.


الصفحة 482
القرآن)(1)، والأشعرىّ القمّيّ المتوفّى 103 هـ نسب إليه كتاب (ناسخ القرآن ومنسوخه)(2)، والحافظ ابن عقدة الكوفىّ المتوفّى 333 هـ ذكر للإمام (ستين نوعاً من أنواع علوم القرآن)(3).

أمّا أولاد الإمام علىّ وأصحابه فقد دوّن كلّ منهم كتباً في جميع المجالات اقتداءً برائد التدوين الإسلامىّ، الإمام علىّ بن أبي طالب.

فجاء عن الحارث الأعور الهمدانىّ أنّه روى كتاباً كاملاً عن أمير المؤمنين(4).

وعن أبي رافع أنّه روى عن علىّ كتاباً(5).

وأمّا ربيعة بن سميع، فقد روى الزكاة عن أمير المؤمنين في كتاب، كتبه (عليه السلام) له بخطّه لمّا بعثه على الصدقات(6).

ولميثمّ بن يحيى التمّار كتاب كان متداولاً حتّى القرن السابع الهجرىّ، حيث أخذ منه الطبرىّ مباشرة(7).

والأصبغ بن نباتة المجاشعىّ روى قسم القضاء عن علىّ، وقد طبع هذا باسم (أقضية أمير المؤمنين)(8) أو (عجائب أحكام أمير المؤمنين)(9).

ولسليم بن قيس كتاب يرويه عنه أبان بن عيّاش.

وهناك كتب أُخرى لصحابة وتابعين آخرين نقلوها أو أخذوا علومها عن علىّ

____________

1- انظر الذريعة 20: 154 ـ 155.

2- رجال النجاشىّ: 177 رقم 467، الذريعة 4: 276 و24: 8، البحار 1: 15 و32 و84: 382 و92: 40 و66.

3- أعيان الشيعة 1: 321، البحار 93: 3.

4- رجال النجاشىّ: 7 ذيل رقم 2، الفهرست للطوسىّ: 62 رقم 119.

5- رجال النجاشىّ: 6 رقم 1، تأسيس الشيعة: 280.

6- رجال النجاشىّ 7 و8 رقم 3، نقد الرجال للتفرشي 2: 238، ت 1957.

7- تأسيس الشيعة: 283.

8- الذريعة 2: 273، الرقم 1105 قائلاً ألفه بعض الأصحاب.

9- انظر الذريعة 17: 152، الرقم 794.


الصفحة 483
بن أبي طالب، فقد جاء في الأشباه والنظائر للسيوطىّ عن ابن عساكر: أنّ بعض النحاة كان يذكر أنّ عنده تعليقة أبي الأسود التي ألقاها إليه علىّ بن أبي طالب(1)

وجاء عنه (عليه السلام) أنّه كتب عهداً لمالك الأشتر النخعىّ لمّا ولاّه مصر، وقد طبع هذا الكتاب ضمن نهج البلاغة كما طُبِعَ مستقلاًّ، وقد دوّن عليه الأعلام شروحاً كثيرة، لأهمّيّته وضخامة فكرة الإمام في السياسة والإدارة والاجتماع فضلاً عن حقوق الراعي والرعيّة.

وعن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبيه، قال: خطبنا علىّ فقال: من زعم أنَّ عندنا شيئاً نقرأه ليس في كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة ـ قال: صحيفة معلّقة في قراب سيفه، فيها أسنان الإبل وشي من الجراحات ـ فقد كذب(2).

وعن طارق، قال: رأيت عليّاً على المنبر وهو يقول: ما عندنا كتاب نقرأه عليكم إلاّ كتاب الله وهذه الصحيفة(3).

فإنّ هذين النصّين ـ وما شابههما من النصوص ـ يكشفان معالم مهمّة حول كتاب علىّ والتدوين، إذ يبدو أنّ قسماً من المسلمين نتيجة لتراكم الجهل بالتدوين وفوائده، والتحديث وآثاره، والجهل بالتنزيل والتأويل وو...، نتيجة لذلك كلّه كان بعض المسلمين يستغربون أن يكون عند علىّ (عليه السلام) كتاب أو كتب في علوم الإسلام، ولعلّهم كانوا يرمونه بأنّه كتاب (غير كتاب الله) أو أنّه (قرآن آخر) كما يزعمه اليوم بعض كتّاب المسلمين، الذين لم يحيطوا علما بدقائق أُمور التدوين والمدوّنات الموجودة في الصدر الأوّل فكأنّ الإمام علىّ بن أبي طالب أراد أن يوضّح حقيقة

____________

1- الأشباه والنظائر، للسيوطىّ 1: 12 ـ 14 عن تاريخ دمشق 7: 55، أنباء الرواة، للقفطىّ 1: 39، سِيَر أعلام النبلاء 4: 84.

2- تقييد العلم: 88، جامع بيان العلم وفضله 1: 71، وانظر البخارىّ 6: 2662، ح 6870، وصحيح مسلم 2: 995، ح 1370.

3- تقييد العلم: 89.


الصفحة 484
الأمر، وأنّه إنّما يستلهم علومه من كتاب الله والصحيفة التي كتبها عن رسول الله، التي هي بمنزلة تفسير شامل للقرآن الكريم وما نزل به الوحي في جميع أبعاده ومفاداته، وليس فيما يقول به شي خارج عن هذين المصدرين الأساسيّين.

فكلام الإمام علىّ هذا ناظر إلى دفع شبهة أو فِرية وجود كتاب آخر يضاهي أو يغاير كتاب الله، فلذلك خصّ الراوي مقدار الجراحات وشي من أسنان الإبل وغيرها بالذكر التفصيلىّ، لأنّها معهودة عندهم وعرفوا حكمها على عهد رسول الله وليس فيها شي ممّا لم يطرق أسماعهم إجمالاً وإن جهلوا محتوياته تفصيلاً، وكأنّ ذلك المقام اقتضى أن يخصّ بالذكر الصحيفة، إذ الكلام ليس مسوقاً لنفي مدوّنات أُخرى عند الإمام علىّ(عليه السلام) ، وذلك لثبوت كتب أُخرى عند أهل البيت(عليهم السلام)غير هذه كما سيأتي تفصيله.

وبهذا يكون معنى قوله (وهذه الصحيفة) إشارة إلى أنّه لا يقول بشي إلاّ وقد صدر عن رسول الله فيه أصل.

والحقّ أنّ (كتاب علىّ) كان هو رأس العلوم وأجلّ الكتب قدراً عند أهل البيت، فلذلك كان تأكيد علىّ وأولاده عليه تأكيداً شديداً حتّى أنّ ابن سيرين تمنّى أن يرى ذلك الكتاب أو يحصل عليه، لقوله: لو أصبت هذا الكتاب لكان فيه العلم(1).

إنّ علىّ بن أبي طالب كان من أشدّ المؤكّدين والمناصرين لتدوين العلم عموماً، والنبوىّ منه على وجه الخصوص; فعن الحارث عن علىّ، قال: من يشتري منّي علماً بدرهم، قال: فذهبت فاشتريت صحفاً بدرهم، ثمّ جئت بها(2)، هذا إلى نصوص أُخرى كثيرة في حثّه على التدوين ومشروعيته منها قوله (قيّدوا العلم،

____________

1- الإمام جعفر الصادق، لعبد الحليم الجندىّ: 199.

2- الطبقات الكبرى 6: 168، تقييد العلم: 90، تاريخ بغداد 8: 355.


الصفحة 485
قيّدواالعلم)(1)، وقوله (الخَطَّ علامة، فكلّ ما كان أبْينَ كان أحسن)(2).

وقوله لكاتبه عبيدّ الله بن أبي رافع: أَلِقْ دواتك، وأطِلْ جلفة قلمك، وأفرِج بينَ السطور، وقرمط بين الحروف... الخ(3).

وقوله: أطل جلفة قلمك وأسمنها، وأيمن قطتك، وأسمعني طنين النون، وحوّر الحاء، وأَسمن الصاد، وعرّج العين، واشقق الكاف، وعظّم الفاء، ورتّل اللام، وأسلس الباء والتاء والثاء، وأقم الزاي وعَلِّ ذنبها، واجعل قلمك خلف أُذنك يكون أذكرُ لك(4).

وهذه الوصايا الدقيقة في علم الخطّ الذي هو ركن مهمّ من أركان التدوين ما زالت إلى اليوم أُصولاً يحتذيها الخطّاطون ويشتقّون منها براعتهم في تجويد الخطّ العربىّ، نعم إنّ أهل البيت كانوا يهتمّون بأمر التدوين إلى أقصى ما يمكن، إذ تراهم يرشدون أصحابهم والكتّاب إلى مراعاة نكات دقيقة جدّاً، وهذه النصوص خير دليل لنفي ما نسب إلى الإمام علىّ من أنّه كان ينهى عن تدوين الكتب والاحتفاظ بها، وخير شاهد على ما قلناه من دور للحكّام في الوضع والاختلاق!!

ولكي يتضح لك صحة ما قلناه أكثر فأكثر وعظمة كتاب على وان فيه العلم الغزير وان الاموييّن كانوا يريدون تحريف ما قاله الامام علي فاقرأ ما رواه إبراهيم بن محمد الثقفي (ت 283 هـ) في الغارات، فإنه بعد أن أتى بكتاب الإمام علي إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر ـ في شرائع الدين ـ قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عثمان، عن علي بن محمد بن أبي سيف، عن أصحابه أن علياً (عليه السلام) لما أجاب محمد بن أبي

____________

1- تقييد العلم: 89، 90.

2- كنز العمّال 10: 312 ح 29562.

3- نهج البلاغة 4: 75، باب المختار من حكم أمير المؤمنين الخطبة 315، كنز العمّال 10: 312، ح 29563 مثله.

4- كنز العمّال 10: 313، ح 29564.