الصفحة 228
وحيزه غيره، فكل مركب فإنه مفتقر إلى غيره، وكل مفتقر إلى غيره فهو ممكن لذاته، ينتج أن كل مركب ممكن لذاته...

الحجة الثانية: لو كان متحيزاً لكان مثلاً لسائر المتحيزات (في تمام الماهية) وهذا محال فذاك محال. بيان الأول: أنه لو كان متحيزاً لكان مساوياً لسائر المتحيزات في كونه متحيزاً، ثم بعد هذا لا يخلو أما أن يقال إنه يخالف سائر الأجسام في شئ من مقومات ماهيته، وإما أن لا يكون كذلك، والأول باطل فيبقى الثاني. وإنما قلنا إن الأول باطل لأنه إذا كان مساوياً لسائر المتحيزات في كونه متحيزاً ومخالفاً لها في شئ من مقومات تلك الماهية، وما به المشاركة غير ما به المخالفة فكان عموم كونه متحيزاً مغايراً لتلك الخصوصية التي وقعت بها المخالفة.

إذا ثبت هذا فنقول: هذان الأمران إما أن يكون كل واحد منهما صفة للآخر، وإما أن لا يكون كل واحد منهما صفة للآخر، وإما أن يكون ما به المخالفة موصوفاً وما به المشاركة يكون صفة، والأقسام الثلاثة الأولى باطلة، فبقي الرابع. وذلك يفيد القول بأن الأجسام متماثلة في تمام الماهية.

وإنما قلنا إن القسم الأول باطل، لأن ذلك يقتضي أن يكون كل واحد منهما ذاتاً مستقلة بنفسها، ومع ذلك فيكون صفة مفتقرة إلى غيرها وذلك باطل.

وإنما قلنا إن القسم الثاني باطل، لأنه على هذا التقدير يكون كل واحد منهما ذاتاً مستقلة بنفسها ولا يكون (لواحد منها) تعلق بالآخر. وكلامنا ليس في الذات الواحدة.


الصفحة 229
وإنما قلنا إن القسم الثالث باطل، لأنا إذا فرضنا أن ما به المخالفة هو الذات وما به المشاركة وهو التحيز هو الصفة، فنقول: إن الذي به المخالفة إما أن يكون مختصاً بالحيز والجهة وإما أن لا يكون، فإن كان الأول فهو جسم متحيز فيلزم أن يكون جزء ماهية الجسم جسماً وهو محال. وإن كان الثاني امتنع حصول المتحيز فيه، لأن ذلك الشيء لا حصول له في شئ من الأحياز، والمتحيز واجب الحصول في الحيز، وحصول ما يكون واجب الحصول في الحيز، في شئ يكون ممتنع الحصول في الحيز، ذلك من محالات العقول، فيثبت بما ذكرنا فساد الأقسام الثلاثة، فلم يبق إلا الرابع وهو أن يكون ما به المشاركة وهو المتحيز ذاتاً وما به المخالفة صفة، فإذا كان المفهوم من المتحيز مفهوماً واحداً فحينئذ تكون المتحيزات متماثلة في تمام الماهية والذات، فيثبت بما ذكرنا أنه لو كان متحيزاً لكان مثلاً لسائر المتحيزات في تمام الماهية والذات. وإنما قلنا إن ذلك محال لوجوه: الأول: أن المتماثلات في تمام الماهية يجب استواؤها في اللوازم والتوابع، فإما أن تكون جميع الأجسام غنية عن الفاعل، وإما أن تكون جميعها محتاجة إلى الفاعل (والأول باطل لأنا دللنا على أن العالم محدث محتاج إلى الفاعل) فيتعين الثاني.

فيثبت أن كل متحيز فهو محتاج إلى الفاعل، فخالق الكل يمتنع أن يكون متحيزاً.

الثاني: أن اختصاص ذلك الجسم بالعلم والقدرة والإلهية إما أن يكون من الواجبات أو من الجائزات، والأول باطل وإلا لزم أن تكون كل الأجسام موصوفة بتلك الصفات على سبيل الوجوب لما أنه ثبت أن الأفراد الداخلة تحت النوع يجب كونها متساوية في جميع اللوازم، والثاني باطل، وإلا لزم أن

الصفحة 230
لا يحصل في ذلك الجسم المعين هذه الصفات إلا بجعل جاعل وتخصيص مخصص، فإن كان ذلك الجاعل جسماً عاد الكلام فيه، ولزم إما التسلسل وإما الدور. وإن لم يكن جسماً فهو المطلوب.

والثالث: (أن الأجسام) لما كانت متماثلة فلو فرضنا بعضها قديماً وبعضها محدثاً لزم المحال، ذلك لأن كل ما صح على الشيء صح على مثله، فيلزم جواز أن ينقلب القديم محدثاً وأن ينقلب المحدث قديماً، وذلك محال معلوم الإمتناع بالبديهة.

والرابع: أنه كما صح التفرق والتمزق على سائر الأجسام وجب أن يصحا على ذلك الجسم، وكما صحت الزيادة والنقصان والعفونة والفساد على سائر الأجسام وجب أن يصح كل ذلك عليه. ومعلوم أن ذلك باطل محال.

الخامس: أن الأجزاء المفترضة في ذلك المجموع تكون متساوية في تمام الماهية، ولا شك أن بعض تلك الأجزاء وقع في العمق وبعضها في السطح، وكل ما صح على الشئ صح على مثله، فالذي وقع في العمق يمكن أن يقع في السطح وبالعكس.

وإن كان الأمر كذلك كان وقوع كل جزء على الوجه الذي وقع عليه لا بد وأن يكون بتخصيص مخصص وبجعل جاعل. وذلك على إله العالم محال. واعلم: أن هذه الحجة قوية. إلا أنها توجب صحة الخرق والإلتئام على الفلك، والفلاسفة لا يقولون به.

الحجة الثالثة: لو كان متحيزاً لكان متناهياً وكل متناه ممكن وواجب الوجود ليس بممكن، فالمتحيز لا يكون واجب الوجود لذاته.


الصفحة 231
أما بيان أن كل متحيز فهو متناه فللدلائل الدالة على تناهي الأبعاد، وأما أن كل متناه ممكن فلأن كل مقدار فإنه يمكن فرض كونه أزيد منه قدراً وأنقص منه قدراً.

والعلم بثبوت هذا الإمكان ضروري، فيثبت أن كل متحيز ممكن، ويثبت أن واجب الوجود ليس بممكن، ينتج فلا شئ من المتحيزات بواجب الوجود، وينعكس فلا شئ من واجب الوجود بمتحيز.

الحجة الرابعة: لو كان متحيزاً لكان مساوياً لسائر المتحيزات في كونه متحيزاً. وإما أن يخالفها بعد ذلك في شئ من المقومات وأما ألا يكون كذلك، وعلى التقدير الأول يكون المتحيز جنساً تحته أنواع، وعلى التقدير الثاني يكون نوعاً تحته أشخاص.

ونقول: الأول باطل وإلا لكان واجب الوجود مركباً من الجنس وهو المتحيز ومن الفصل وهو المقوم الذي به يمتاز عن غيره، وكل مركب ممكن، فواجب الوجود لذاته ممكن الوجود لذاته. هذا خلف. والثاني أيضاً باطل، وهو أن يكون المتحيز نوعاً تحته أشخاص، وذلك لأن المفهوم من المتحيز قدر مشترك بين كل الأشخاص وتعين كل واحد منها غير مشترك بينه وبين الأشخاص، فتعين كل واحد منها زائد على طبيعته النوعية، والمقتضي لذلك التعين المعين إن كان هو تلك الماهية أو شئ من لوازمها وجب أن يكون ذلك النوع مخصوصاً بذلك الشخص، لكنا فرضناه مشتركاً فيه بين الأشخاص. هذا خلف.

وإن كان أمراً منفصلاً فكل شخص من أشخاص الجسم المتحيز إنما يتعين بسبب منفصل فلا يكون واجب الوجود لذاته. فثبت: أن كل جسم فهو ممكن لذاته، وما لا يكون ممكن الوجود لذاته امتنع أن يكون جسماً.


الصفحة 232
الحجة الخامسة: لو كان جسماً لجاز عليه التفرق والتمزق وهذا محال فذاك محال. بيان الملازمة: أنه إذا كان مركباً من الأجزاء وجب انتهاء تحليل تلك الأجزاء إلى أجزاء يكون كل واحد منها في نفسه بسيطاً مبرأ عن التركيب والتأليف، وإذا كان (كذلك كان) طبع يمينه مساوياً لطبع يساره وإلا لصار مركباً.

وإذا ثبت مساواة الجانبين في الطبيعة والماهية فكل ما كان ممسوساً بجانب يمينه وجب أن يصح كونه ممسوساً بجانب يساره ضرورة أن كل ما صح على شئ فإنه يصح أيضاً على مثله، وإذا كان كذلك فكما صح على ذلك الجزء أن يماس الجزء الثاني بأحد وجهيه وجب أن يصح عليه أن يماسه بالوجه الثاني، وإذا ثبت جواز ذلك ثبت جواز صحة التفرق والتمزق عليه.

وإنما قلنا: إن ذلك محال لأنه لما صح الإجتماع والإفتراق على تلك الأجزاء لم يترجح الإجتماع على الإفتراق إلا بسبب منفصل، فيلزم افتقاره في وجوده إلى السبب المنفصل. وواجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون كذلك، فيثبت أن واجب الوجود لذاته ليس جسماً.

الحجة السادسة: لو كان متحيزاً لكان جسماً لأنه لم يقل أحد من العقلاء بأنه في حجم الجوهر الفرد، وإذا كان جسماً كان مركباً من الأجزاء فإما أن يكون الموصوف بالعلم والقدرة والصفات المعتبرة في الإلهية جزء واحدا من تلك الأجزاء وإما أن يكون الموصوف بتلك الصفات مجموع تلك الأجزاء. فإن كان الأول كان الإله هو ذلك الجزء الواحد منفرداً فيعود الأمر إلى ما ذكرناه من أن الإله يكون في حجم الجوهر الفرد.

وإن كان الثاني فنقول: إما أن تقوم الصفة الواحدة بجميع تلك الأجزاء، وإما أن تتوزع أجزاء تلك الصفة على تلك الأجزاء، وإما أن يقوم بكل

الصفحة 233
واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة، والأول باطل لأن قيام الصفة الواحدة بالمحال الكثيرة غير معقول، والثاني محال لأن كون العلم قابلاً للقسمة محال، على ما بيناه في مسألة إثبات النفس، والثالث أيضاً محال لأنه يلزم كون كل واحد من تلك الأجزاء موصوفاً بجملة الصفات المعتبرة في الإلهية، وذلك يوجب تعدد الآلهة، وذلك محال.

فإن قيل: ما ذكرتموه من الدليل قائم في الإنسان فإن مجموع بدنه لا شك أنه مركب من الأجزاء الكثيرة فيلزم أن يقوم بكل واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة، فيلزم أن يكون الإنسان الواحد علماء قادرين كثيرين، وذلك باطل.

قلنا: أما الفلاسفة فقد طردوا قولهم في الكل وزعموا أن الموصوف بالعلم والقدرة هو النفس لا الجسم وإلا لزم هذا المحال. وأما الأشعري فإنه التزم كون كل واحد من أجزاء الإنسان عالماً قادراً حياً وذلك في غاية البعد، إلا أن التزامه وإن كان بعيدا لكن لا يلزم منه محال، أما التزام ذلك في حق الله تعالى فهو محال، لأنه يوجب القول بتعدد الآلهة، وهو محال.

الحجة السابعة: لو كان جسماً لكان إما أن تكون الحركة جائزة عليه وإما أن لا تكون، والقسمان باطلان فالقول بكونه متحيزاً باطل.

بيان أن الحركة ممتنعة عليه: أنه لو جاز في الجسم الذي تصح الحركة عليه أن يكون إلهاً فلم لا يجوز أن يكون إله العالم هو الشمس والقمر لأن الأفلاك والكواكب ليس فيها عيب يمنع من كونها آلهة إلا أموراً ثلاثة: وهي كونها مركبة من الأجزاء، وكونها محدودة متناهية، وكونها قابلة للحركة والسكون. وإذا لم تكن هذه الأشياء مانعة من الإلهية فكيف يمكن الطعن في إلهية الشمس

الصفحة 234
والقمر! بل في إلهية العرش والكرسي. وذلك عين الكفر والإلحاد وإنكار الصانع.

وأما القسم الثاني وهو أن يقال: إن إله العالم جسم، ولكن الإنتقال والحركة عليه محال، فنقول هذا باطل من وجوه، الأول: أن هذا يكون كالزمن المقعد الذي لا يقدر على الحركة وذلك نقص وهو على الله محال. والثاني: أنه تعالى لما كان جسماً كان مثلا لسائر الأجسام فكانت الحركة جائزة عليه. والثالث: أن القائلين بكونه جسماً مؤلفاً من الأجزاء والأبعاض لا يمتنعون من تجويز الحركة عليه، فإنهم يصفونه تعالى بالذهاب والمجيء، فتارة يقولون أنه جالس على العرش وقدماه على الكرسي وهذا هو السكون، وتارة يقولون إنه ينزل إلى السماء وهذا هو الحركة.

فهذا جملة الدلائل الدالة على أنه تعالى ليس بجسم. والله أعلم).

بحث للجرجاني في نفي الجهة

  قال في شرح المواقف: 8/19:

(المقصد الأول: أنه تعالى ليس في جهة من الجهات ولا في مكان من الأمكنة. وخالف فيه المشبهة وخصصوه بجهة الفوق اتفاقاً، ثم اختلفوا فيما بينهم، فذهب أبو عبد الله محمد بن كرام إلى أن كونه في الجهة ككون الأجسام فيها وهو أن يكون بحيث يشار إليه أنه ها هنا أو هناك، قال: وهو مماس للصفحة العليا من العرش، ويجوز عليه الحركة والإنتقال وتبدل الجهات، وعليه اليهود حتى قالوا العرش يئط من تحته أطيط الرحل الجديد تحت الراكب الثقيل، وقالوا إنه يفضل على العرش من كل جهة أربعة أصابع، وزاد بعض

الصفحة 235
المشبهة كمضر وكهمس وأحمد الهجيمي أن المخلصين من المؤمنين يعانقونه في الدنيا والآخرة!

ومنهم من قال هو محاذ للعرش غير مماس له، فقيل بعده عنه بمسافة متناهية، وقيل بمسافة غير متناهية. ومنهم من قال ليس كونه في الجهة ككون الأجسام في الجهة، والمنازعة مع هذا القائل راجعة إلى اللفظ دون المعنى، والإطلاق اللفظي متوقف على ورود الشرع به.

لنا في إثبات هذا المطلوب وجوه:

الأول: لو كان الرب تعالى في مكان أو جهة لزم قدم المكان أو الجهة، وقد برهنا أن لا قديم سوى الله تعالى، وعليه الاتفاق من المتخاصمين.

الثاني: المتمكن محتاج إلى مكانه بحيث يستحيل وجوده بدونه، والمكان مستغن عن المتمكن لجواز الخلاء، فيلزم إمكان الواجب ووجوب المكان، وكلاهما باطل.

الثالث: لو كان في مكان، فإما أن يكون في بعض الأحياز أو في جميعها وكلاهما باطل. أما الأول فلتساوي الأحياز في أنفسها، لأن المكان عند المتكلمين هو الخلاء المتشابه، وتتساوى نسبته أي نسبة ذات الواجب إليها، وحينئذ فيكون اختصاصه ببعضها دون بعض آخر منها ترجيحاً بلا مرجح، إن لم يكن هناك مخصص من خارج. أو يلزم الإحتياج أي احتياج الواجب في تحيزه الذي لا تنفك ذاته عنه إلى الغير إن كان هناك مخصص خارجي.

وأما الثاني وهو أن يكون في جميع الأحياز فلأنه يلزم تداخل المتحيزين، لأن بعض الأحياز مشغول بالأجسام وأنه أي تداخل المتحيزين مطلقاً محال

الصفحة 236
بالضرورة. وأيضاً فيلزم على التقدير الثاني مخالطته لقاذورات العالم، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.

الرابع: لو كان متحيزاً لكان جوهراً لاستحالة كون الواجب تعالى عرضاً، وإذا كان جوهراً فإما أن لا ينقسم أصلاً أو ينقسم، وكلاهما باطل. أما الأول فلأنه يكون جزء لا يتجزأ وهو أحقر الأشياء، تعالى الله عن ذلك. وأما الثاني فلأنه يكون جسماً وكل جسم مركب، وقد مر أنه أي التركيب الخارجي ينافي الوجوب الذاتي. وأيضاً فقد بينا أن كل جسم محدث فيلزم حدوث الواجب. وربما يقال في إبطال الثاني: لو كان الواجب جسماً لقام بكل جزء منه علم وقدرة وحياة مغايرة لما قام بالجزء الآخر، ضرورة امتناع قيام العرض الواحد بمحلين، فيكون كل واحد من أجزائه مستقلاً بكل واحد من صفات الكمال، فيلزم تعدد الآلهة.

وهذا المستدل يلتزم أن الإنسان الواحد علماء قادرون أحياء كيلا ينقض دليله بالإنسان الواحد لجريانه فيه، وهذا الإستدلال ضعيف جداً لجواز قيام الصفة الواحدة بالمجموع من حيث هو مجموع فلا يلزم ماذكر من المحذور.

وربما يقال في نفي المكان عنه تعالى: لو كان متحيزاً لكان مساوياً لسائر المتحيزات في الماهية، فيلزم حينئذ إما قدم الأجسام أو حدوثه، لأن المتماثلات تتوافق في الأحكام، وهو أي هذا الإستدلال بناء على تماثل الأجسام بل على تماثل المتحيزات بالذات.

وربما يقال: لو كان متحيزاً لساوى الأجسام في التحيز ولا بد من أن يخالفها بغيره فيلزم التركيب في ذاته، وقد علمت في صدر الكتاب ما فيه، وهو أن الإشتراك والتساوي في العوارض لا يستلزم التركيب...


الصفحة 237
المقصد الثاني: في أنه تعالى ليس بجسم وهو مذهب أهل الحق. وذهب بعض الجهال إلى أنه جسم ثم اختلفوا، فالكرامية أي بعضهم قالوا هو جسم أي موجود، وقوم آخرون منهم قالوا هو جسم أي قائم بنفسه، فلا نزاع معهم على التفسيرين إلا في التسمية أي إطلاق لفظ الجسم عليه، ومأخذها التوقيف ولا توقيف ها هنا. والمجسمة قالوا هو جسم حقيقة فقيل مركب من لحم ودم كمقاتل بن سليمان وغيره. وقيل هو نور يتلألأ كالسبيكة البيضاء، وطوله سبعة أشبار من شبر نفسه. ومنهم أي من المجسمة من يبالغ ويقول إنه على صورة إنسان، فقيل شاب أمرد جعد قطط أي شديد الجعودة، وقيل هو شيخ أشمط الرأس واللحية، تعالى الله عن قول المبطلين.

والمعتمد في بطلانه أنه لو كان جسماً لكان متحيزاً واللازم قد أبطلناه في المقصد الأول. وأيضاً يلزم تركبه وحدوثه، لأن كل جسم كذلك. وأيضاً فإن كان جسماً لاتصف بصفات الأجسام، أما كلها فيجتمع الضدان، أو بعضها فيلزم الترجيح بلا مرجح إذا لم يكن هنالك مرجح من خارج، وذلك الإستواء نسبة ذاته تعالى إلى تلك الصفات كلها. أو الاحتياج أي احتياج ذاته في الاتصاف بذلك البعض إلى غيره.

وأيضاً فيكون متناهياً على تقدير كونه جسماً فيتخصص لا محالة بمقدار معين وشكل مخصوص، واختصاصه بهما دون سائر الأجسام يكون بمخصص خارج عن ذاته، لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح. ويلزم حينئذ الحاجة إلى الغير في الإتصاف بذلك الشكل والمقدار... إلخ.).


*  *  *


الصفحة 238

الصفحة 239


الفصل التاسع
المجسمون مبرؤون و الشيعة متهمون





الصفحة 240

الصفحة 241

المجسمون مبرؤون و الشيعة متهمون

لو أن موجات الإضطهاد التي صُبَّتْ على الشيعة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) إلى يومنا... صبت على أمة أو طائفة، لكانت كافية لإبادتها وإنهائها من الوجود! ولو أن سيول التهم والحملات الإعلامية التي وجهت ضد الشيعة.. وجهت إلى غيرهم، لكانت كافية لانزوائهم وتلاشيهم!

ولكن الشيعة ما زالوا بخير، يعيشون كأحسن ما يعيش الناس، ويشكلون نحو ربع الأمة الإسلامية، وعددهم يزداد ولا ينقص!

والسبب في ذلك أنهم تأقلموا مع الإضطهاد حتى صار جزء من حياتهم.. وتكيفوا مع التهم حتى صارت جزء من مسموعاتهم!

فمن أراد أن يتعلم كيف يواجه سيل التهم والشتائم الظالمة بأعصاب هادئة مرتاحة، فليتعلم ذلك من الشيعة! وأول ما يقولونه له: نحن معارضة، ولا ننتظر من تاريخنا الإسلامي أن يتحملنا.. تاريخنا الذي لم يتحمل كلمة معارضة من بنت النبي (صلى الله عليه وآله) فجاءت الدولة وكومت الحطب حول دارها وأحرقت بابه وهددت بإحراق كل البيت بمن فيه، وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين، عترة النبي الذي مات قبل ساعات وما زالت جنازته لم تدفن!


الصفحة 242
هذا التاريخ من أين يأتي بسعة صدر يتحمل بها المعارضة وينصفها؟!

إنا لا ننتظر من دول اضطهدتنا وطاردتنا وشردتنا وقتلتنا، أن تمدحنا وتمدح عقائدنا، بل نتوقع منها أن ترمينا بكل تهمة وسبة، وأن تبتكر من التهم والشتائم ما لا يخطر على بال المتخصصين في هذه المهنة!

لكن يحق لنا أن ننتظر من علماء إخواننا المنصفين بعد قرون وقرون، أن لا يرثوا ظلم أهل بيت نبيهم وشيعتهم، وأن يقرأواعقائدهم وفقههم وفكرهم من مصادر مذهبهم، لامن مصادر الذين اضطهدوهم أو أبغضوهم، ولامن مصادر الذين سمعوا ناساً يسبون الشيعة فقالوا نحن مع الناس، وأخذوا يسبونهم!

كتب الفرق والملل
تفتري على الشيعة و تتستر على المجسمة

إذا أردت أن تصف كتب الملل والنحل المعروفة مثل كتاب مقالات الإسلاميين للأشعري، وكتاب الملل والنحل للشهرستاني، وكتاب الفصل في الملل لابن حزم، والفرق بين الفرق للنوبختي.. وصفاً علمياً حديثاً فيمكنك أن تقول: إنها تقارير صحفية مسيسة وغير موثقة، تشبه تقرير صحفي غربي عن مجموعة الفئات والجمعيات والإتجاهات الموجودة في بلد عربي، يكتبه من مسموعاته وبعض مشاهداته، والكثير من خلفياته وأهدافه!

ولا يتسع موضوعنا لأكثر من عرض نماذج من هذه الكتب، لعل ذلك يفتح باب الدراسة النقدية الجادة لها.

ومن أول الأمور التي تحتاج إلى دراسة نسبة هذه الكتب إلى أصحابها، فقد وجدت أن عدداً من القرائن مثلاً توجب الشك في نسبة كتاب (مقالات الإسلاميين) إلى أبي الحسن الأشعري.. إلخ.


الصفحة 243

من أمثلة تستر كتب الملل على المجسمة

  مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/211:

(وقالت المعتزلة إن الله استوى على العرش بمعنى استولى، وقال بعض الناس: الإستواء القعود والتمكن.). انتهى.

فتراه يعني ببعض الناس: أكثر الأشعرية والحنابلة، ولكن لماذا لم يصرح بهم؟!

  مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/213:

(واختلفوا في رؤية الباري بالأبصار... فقال قائلون: يجوز أن نرى الله بالأبصار في الدنيا، ولسنا ننكر أن يكون بعض من نلقاه في الطرقات...). انتهى. وهو يعنى بقوله: فقال قائلون: المجسمة من الأشعرية والحنابلة والحشوية!! ولكن لماذا لم يصرح بهم؟!

  مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/211:

(واختلف الناس في حملة العرش ما الذي تحمل؟ فقال قائلون: الحملة تحمل الباري، وإنه إذا غضب ثقل على كواهلهم وإذا رضي خف... وقال بعضهم: الحملة ثمانية أملاك، وقال بعضهم: ثمانية أصناف.) انتهى.

فقد أخفى الأشعري هوية القائلين بهذه المقولات، لأنهم هو وجماعته من (أهل السنة والجماعة) الذين يصححون حديث الأوعال وأمثاله. وهذا دأبه عندما لا يستطيع أن ينسب المقولات المستهجنة إلى الشيعة أو المعتزلة، فهو يتستر على قائليها، ستر الله عليه!

هذا، وللحنابلة والأشعرية أقوال سقيمة في حملة العرش تجدها في تفسير قوله تعالى: الرحمن على العرش استوى، وقد وصلوا فيها إلى تقليد اليهود

الصفحة 244
والوثنيين فقالوا إن حملة العرش حيوانات.. أهلية، وبرية! ورووها بروايات موثقة بزعمهم! وقد قدمنا طرفاً منها في فصل معبود الوهابيين.

  وقال الأشعري في مقالات الإسلاميين: 1/214:

(وأجاز عليه (تعالى) بعضهم الحلول في الأجسام، وأصحاب الحلول إذا رأوا إنساناً يستحسنونه لم يدروا لعل إلههم فيه... وأجاز كثير ممن أجاز رؤيته في الدنيا مصافحته وملامسته ومزاورته إياهم، وقالوا: إن المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا أرادوا ذلك.. وامتنع كثير من القول إنه يرى في الدنيا.. وقالوا إنه يرى في الآخرة.). انتهى.

وأصحاب الحلول والذين ادعوا إمكان معانقة الله تعالى هم: الحشوية وبعض الحنابلة وبعض الأشعرية. والممتنعون هم بعض الأشاعرة وقليل من الحنابلة. والمخالفون لذلك هم بقية المسلمين.. فلماذا لم يسمهم؟!!

  وقال الشهرستاني في الملل والنحل بهامش الفصل مجلد 1 جزء 1 ص 141:

(وروى المشبهة عن النبي (ص) أنه قال: لقيني ربي فصافحني... ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله). انتهى. وهو يقصد الحديث الموجود في مصادر إخواننا السنيين الذي صحح روايته مجسمة الحنابلة وابن تيمية وغيرهم من المشبهة! وقد استنكر هذا الحديث الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم.

  وقال الأشعري في مقالات الإسلاميين: 1/210:

(باب اختلافهم في الباري هل هو في مكان دون مكان أم لا في مكان.. وقال هشام بن الحكم إن ربه في مكان دون مكان، وإن مكانه هو العرش وإنه مماس للعرش وإن

الصفحة 245
العرش قد حواه وحده... وقال بعض من ينتحل الحديث إن العرش لم يمتلئ به وإنه يقعد نبيه (ع) معه على العرش...). انتهى.

وحديث أطيط العرش وأزيزه وصريره، والأربع أصابع الإضافية من العرش أو من الله تعالى، قد صحت روايته عندهم عن الخليفة عمر وابنه عبد الله، وغيرهما.

وما نسبه الأشعري إلى هشام الشيعي هو مذهب المجسمة المخالفين لأهل البيت (عليهم السلام)، وهو في عصرنا مذهب الحشوية، والوهابيين، ومن انضم إليهم من متطرفي الأشاعرة، والامعات الرياليين.

  وقال الأشعري في مقالات الإسلاميين: 1/211:

(وقال أهل السنة وأصحاب الحديث ليس بجسم ولا يشبه الأشياء، وإنه على العرش استوى بلا كيف وإنه نور.. وإن له وجهاً... وإن له يدين... وإنه يجئ يوم القيامة. وإنه ينزل إلى السماء الدنيا.). انتهى.

هنا ذكر الأشعري أهل السنة وسماهم باسمهم لأنه نسب إليهم التنزيه ونفى عنهم التشبيه. أما عندما يذكر تشبيههم وتجسيمهم فيذكرهم باسم: قائلون، أو: بعضهم. ولكن مجسمة الحنابلة لا يقبلون نفي الجسم عن الله تعالى، كما تقدم في كلام ابن باز، ولا نفي الشبيه كما تقدم من ابن تيمية! ويدعون أنهم هم أهل السنة، وأن كل السلف على رأيهم!

من أمثلة تخليط كتب الملل و نسبها الكاذبة

  وقال في الملل والنحل بهامش الفصل مجلد 1 جزء 2 ص 23:

(وافق محمد بن النعمان هشام بن الحكم في أن الله تعالى لا يعلم شيئاً حتى يكون، والتقدير عنده الإرادة والإرادة فعله تعالى. وقال إن الله تعالى نور على صورة إنسان ويأبى أن يكون جسماً لكنه قال: قد ورد في الخبر أن الله خلق آدم

الصفحة 246
على صورته وعلى صورة الرحمن، فلا بد من تصديق الخبر... ويحكى عن مقاتل بن سليمان مثل مقالته في الصورة، ويحكى عن داود الجواربي ونعيم بن حماد المصري وغيرهما من أصحاب الحديث أنه تعالى ذو صورة وأعضاء...).

  وفي الملل والنحل بهامش الفصل مجلد 1 جزء 1 ص 139:

(إن جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه مثل الهشاميين من الشيعة ومثل كهمس وأحمد الهجيمي وغيرهم من أهل الشيعة قالوا: معبودهم صورة ذات أعضاء وأبعاض إما روحانية أو جسمانية، يجوز عليه الإنتقال والنزول). انتهى. ومقاتل بن سليمان ناصبي مجسم توفي حدود سنة 150. قال ابن حبان في المجروحين: 3/14: (مقاتل بن سليمان الخراساني، مولى الأزد أصله من بلخ... كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم وكان شبهياً يشبه الرب بالمخلوقين وكان يكذب مع ذلك في الحديث). انتهى.

ومع أن القول بالتجسيم معروف مشهور عن مقاتل، فقد نسبه صاحب الملل إليه بلفظ (ويحكى) بينما نسبه إلى جماعة من الشيعة على نحو الجزم! ومحمد بن النعمان الذي نسب إليه القول بالتجسيم هو عالم الشيعة ومرجعهم في زمانه، المعروف بالشيخ المفيد، من أولاد سعيد بن جبير، وأستاذ الشريفين الرضي والمرتضى، توفي سنة 413 هجرية، ومؤلفاته في العقائد والفقه والسيرة كثيرة ومشهورة من عصر صاحب الملل، ولكنه لم ينقل التهمة منها! لأنه لا يوجد فيها ما افتراه على المفيد!

وهشام بن الحكم من تلاميذ الإمام الصادق (عليه السلام)، متكلم قدير مناظر عن التوحيد والنبوة ومذهب التشيع، ورواياته ومناظراته مدونة في

الصفحة 247
مصادر الشيعة وغيرهم، توفي حدود سنة 200 هجرية، ومخالفته للمشبهين والمجسمين أمر بديهي في مذهبه، وقيل إن أول من افترى عليه القول بالتجسيم هو الجاحظ، كما سيأتي.

فانظر إلى تقرير صاحب الملل والنحل كيف لم يسند ادعاءاته، وكيف خلط عباساً بدباس، وجعل كهمس والجهيمي من أهل الشيعة، وجعل الشيعي يأخذ عقائده من الناصبي! وجعل حديث (على صورته) أي على صورة الله تعالى حديثاً مقبولاً عند الشيعة، وزعم أنهم يقولون بالتجسيم بسبب صحة هذا الحديث عندهم، مع أن أئمة الشيعة(عليهم السلام) حذروا من أمثال هذا الحديث وبينوا أنه محرف!

تقسيمهم الشيعة إلى فرق لا وجود لها

  مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/31:

(واختلفت الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم وهم ست فرق: الفرقة الأولى الهشامية.. يزعمون أن معبودهم جسم.. وزعموا أنه نور ساطع... وأنه قد كان لا في مكان، ثم حدث المكان بأن تحرك الباري فحدث المكان بحركته). انتهى.

أقول: لا وجود لمثل هؤلاء في عصرنا، ولا سمعنا بهم في تاريخ الشيعة، ولا وجدنا لهم ذكراً في مصدر موثوق. ولكن مؤلفي كتب الملل يرمون الشيعة بتهم عظيمة ولا يذكرون لها مستنداً.

ثم قال الأشعري: (والفرقة الثانية من الرافضة يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام وإنما يذهبون في قولهم إنه جسم إلى أنه موجود، ولا يثبتون الباري ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض..). انتهى.


الصفحة 248
أقول: هذه هي عقيدة الشيعة الإمامية من عهد علي (عليه السلام) إلى عصرنا، ولكنا لا نقول إنه تعالى جسم، بل نقول شئ لا كالأشياء، لنخرج بذلك عن الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه، فإذا عبر أحد من الشيعة بأن الله تعالى جسم لا كالأجسام، فهو تعبير غلط، وإذا كان مقصوده ما ذكرناه فمعناه صحيح.

ثم قال الأشعري: (والفرقة الثالثة من الرافضة يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان ويمنعون كونه جسماً. والفرقة الرابعة من الرافضة: الهشامية... يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان وينكرون أن يكون لحماً ودماً ويقولون إنه نور ساطع.. وإنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان.) انتهى.

أقول: لا وجود لمثل هؤلاء في عصرنا، ولا في مصدر تاريخي موثوق، ولكنها تقارير مفتريات مؤلفي كتب الملل، أو من ألف هذه الكتب من أتباع الدولة ونسبها إليهم. ثم قال الأشعري: (والفرقة الخامسة من الرافضة: يزعمون أن رب العالمين ضياء خالص ونور بحت.. وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان). انتهى.

أقول: إن كان يقصد النور المادي فلا وجود لمثل هؤلاء في عصرنا ولم نره في مصدر تاريخي موثوق. وإن كان يقصد نور السماوات والأرض الذي ليس كمثله نور، فهذا نص القرآن الكريم الذي يؤمن به كل المسلمين.

ثم قال: (والفرقة السادسة من الرافضة يزعمون أن ربهم ليس بجسم ولا بصورة ولا يشبه الأشياء.. وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج). انتهى. وقوله هذا تكرار لمقولة الفرقة الثانية حسب تقسيمه، ولكن مؤلفي الملل كمراسلي الصحف يريدون تطويل تقاريرهم، بزيادة فرق وجماعات لا

الصفحة 249
وجود لها، أو بتكرار كلامهم! ثم إن الجميع يعرفون أن الشيعة قبل الخوارج والمعتزلة، فكيف يقول المذهب المتقدم بقول المتأخر؟!

  مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/35:

(واختلف الرافضة في حملة العرش... وهم فرقتان فرقة يقال لهم اليونسية أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين، يزعمون أن الحملة يحملون الباري... وقالت فرقة أخرى إن الحملة تحمل العرش والباري يستحيل أن يكون محمولاً). انتهى.

ونرجو توجيه هذا السؤال إلى المفتي ابن باز الذي يقول بأن حملة العرش يحملون ذات الله تعالى، فهل هو شيعي ونحن لا نعلم!

  مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/59:

(واختلفت الروافض في الجسم... وزعموا أن معنى الجسم الطويل العريض العميق أنه شئ موجود وأن الباري لما كان شيئاً موجوداً كان جسماً.. والفرقة الثانية منهم يزعمون أن حقيقة الجسم أنه مؤلف مركب مجتمع، وأن الباري عز وجل لما لم يكن مؤتلفاً مجتمعاً لم يكن جسماً..).

  المواعظ والاعتبار للمقريزي: 2/348:

(والجولقية أتباع هشام بن سالم الجولقي، وهو من الرافضة أيضاً، ومن شنيع قوله إن الله تعالى على صورة الإنسان، نصفه الأعلى مجوف ونصفه الأسفل مصمت). انتهى.

أقول: من الواضح لمن راجع مصادر الشيعة أنه لا وجود لهذه الفرق ولا هذه المقولات بل هي مقولات مخالفيهم، وأن أهل البيت (عليهم السلام) وعلماء مذهبهم قادوا حملة ضد التجسيم والتشبيه، وأن تهمة خصومهم لهم بذلك من باب المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت! فقد اشتهر التجسيم في النواصب الذين خالفوا أهل البيت (عليهم السلام) حتى أنه يمكن للباحث المتتبع