[64]

 

- 14 -

ومن كلام له عليه السلام أجاب به الصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهم لما رجعت إلى بيتها كئيبة البال، مكسورة القلب، باكية العين

قال الشيخ أبو علي ابن شيخ الطائفة (ره): حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الطوسي رضي الله عنه، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان، قال: حدثني أبو الحسين محمد بن علي بن المفضل بن همام الكوفي، قال: حدثني محمد بن علي بن معمر الكوفي، قال: حدثنا محمد بن الحسين الزيات الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثني أبان بن تغلب، عن (الامام الصادق) جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: لما انصرفت فاطمة عليها السلام من عند أبي بكر، أقبلت على أمير المؤمنين عليه السلام فقالتب: يا بن أبي طالب اشتملت مشيمة الجنين (1) وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الاجدل فخانك ريش الاعزل (2) هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحلة أبي وبلغة ابني (3) والله لقد أجد في ظلامي، وألد في خصامي (4) حتى منعتني قيلة نصرها والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي الاحتجاج: " اشتملت شملة الجنين " الخ.

(2) " القادمة ": واحدة القوادم والقدامي: الريشات التي في مقدم الجناح وهي كبار الريش، والخوافي: صغاره وهي تحت القوادم.

و " الاجدل كالاجدلي،: الصقر.

و " الاعزل ": الطير الذي لا يقدر على الطيران (3) وفي الاحتجاج: " يبتزني " يقال: ابتزه ماله: سلبه.

والبلغة: ما يكفي الانسان في حياته بلا عسر وضنك، وبعبر عنه بالكفاف.

(4) كذا في النسخة، وفي الاحتجاج: " لقد أجهد (أجهر " خ ") في خصامي، وألفيته ألد في كلامي حتى حبستني قيلة نصرها " الخ.

والقيلة: هم جماعة الانصار.

 

[65]

دوني طرفها، فلا مانع ولا دافع، خرجت والله كاظمة وعدت راغمة، ليتني - ولا خيار لي - مت قبل ذلتي، وتوفيت قبل منيتي، عذيري فيك الله حاميا ومنك عاديا، يا ويلاه في كل شارق (5) ويلاه مات المعتمد، ووهن العضد (6) شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربي (7) اللهم أنت أشد قوة.

(فلما استقر حنينها وسكن رنينها صلوات الله عليها) أجابها أمير المؤمنين عليه السلام (بقوله): نهنهي عن غربك يابنة الصفوة، وبقية النبوة، فوالله ما ونيت في ديني، ولا أخطأت مقدوري (8) فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون (9) وما أعد لك خير مما قطع عنك، فاحتسبي (الله).

فقالت: حسبي الله ونعم الوكيل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) وفي الاحتجاج: " عذيري الله منه عاديا ومنك حاميا، ويلاي في كل شارق، ويلاي في كل غارب، مات العمد، ووهن العضد، شكواي: إلى أبي وعدواي إلى ربي، اللهم إنك أشد منهم قوة وحولا، وأشد بأسا وتنكيلا ".

(6) المراد من المعتمد هو رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن العضد: الانصار، والمؤمنون برسول الله بقلوبهم الخاضعون لاوامر الله.

(7) هذا هو الظاهر الموافق لما في الاحتجاج، وفي النسخة: " شكواي إلى ربي، وعدواي إلى أبي " والعدوى: الاستغاثة والاستنصار.

(8) وفي الاحتجاج: " نهنهي عن وجدك يابنة الصفوة وبقية النبوة فما ونيت عن ديني " الخ.

(9) هذا هو الظاهر الموافق لما في الاحتجاج، وفي نسخة الامالي: " فان كنت ترزاين البلغة فرزقك مضمون، ولعيلتك مأمون " الخ.

 

[66]

الحديث السابع من المجلس (38) من أمالي ابن الشيخ ص 69، ط طهران، ومثله إلا في الفاظ معدودة في فصل: " ظلامة أهل البيت " من مناقب ابن شهر آشوب: ج 2 ص 51 ورواه في الاحتجاج ص 136، من ج 1، ط النجف، وجعله ذيل الخطبة الطويلة التي خطبتها سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها في المسجد بمحضر المهاجرين والانصار، وهذه الخطبة رواها جماعة كثيرة من الفريقين: الامامية وأهل السنة، المتقدمين منهم والمتأخرين، وروى قطعة منها الشيخ كمال الدين ابن ميثم البحراني (ره) في شرحه على المختار (44) من كتب النهج: ج 5 ص 105،.

وقال: وجدت هذه الخطبة عنها عليها السلام في المجلس الخامس من كتاب المنظوم والمنثور في كلام نسوان العرب من الخطب والشعر، وكان مؤلفه من متقدمي علماء العامة، والكتاب من خزانة المتوكل العباسي.

ورواها أيضا يوسف بن حاتم الشامي في كتاب الدر النظيم ص 145، من مخطوطات مكتبة العلامة الاميني مد ظله.

 

[67]

 

- 15 -

ومن كلام له عليه السلام أجاب به عمه العباس بن عبد المطلب

قال محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله: أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني محمد بن أحمد بن عبيد المنصوري، قال: حدثنا سليمان بن سهل، قال: حدثنا عيسى بن إسحاق القرشي، قال: حدثنا حمدان بن علي، الخفاف، قال: حدثنا عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام، عن محمد ابن عمار بن ياسر (1) عن أبيه عمار (رضي الله الله عنه) قال: لما مرضت فاطمة عليها السلام - مرضتها التي توفيت فيها - وثقلت جاءها العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عائدا فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف (العباس) إلى داره فأرسل إلى علي عليه السلام، فقال لرسوله: قل له: يا بن أخ، عمك يقرؤك السلام ويقول لك: قد فجأني من الغم - بشكاة حبيبة رسول الله وقرة عينه وعيني فاطمة - ما هدني (2) وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول الله صلى الله عليه وآله، والله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدم أن رواية أئمة أهل البيت عليهم السلام عن غيرهم من قبيل سلمان، وأبي ذر، وعمار وجابر بن عبد الله وغيرهم من خيار المؤمنين، لاجل مصالح، لا أنهم عليهم السلام كانوا غير عالمين بالمروي فاستفادوه من الراوي، فان ذلك مما قامت الادلة البينة على خلافه، وفي المقام لما كانت رواية عمار وابنه أبعد عن الرد والانكار، وأقرب إلى قبولها والاذعان بصدقها، رووها عنهما ونسبوها إليهما.

(2) يقال: " هد البناء - من باب مد - هدا وهدودا ": هدمه شديدا " وضعضعه وكسره بشدة صوت.

و " هدته المصيبة ": أوهنت ركنه.

و " هدني هذا الامر ": إذا بلغ منك وكسرك وأوهنك،

 

[68]

يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه (3) فإن كان من أمرها ما لابد منه، فأجمع - أنا لك الفداء - المهاجرين والانصار، حتى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للدين.

(قال عمار): فقال علي عليه السلام وأنا حاضر عنده، لرسول (عمه العباس): أبلغ عمي السلام وقل [له]: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله (4).

إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله لم تزل مظلومة، [و] من حقها محرومة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول الله، ولا روعي فيها حقه ولا حق الله عزوجل، وكفي بالله حاكما، ومن الظالمين منتقما (5).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) يقال: " حبا إليه - من باب دعا يدعو - حبوا ": دنا وقرب إليه.

و " حباه كذا وكذا " أعطاه إياه.

ويقال: " زلف الشئ - من باب نصر - زلفا وزلفه وأزلفه ": قربه وأدناه (4) الاشفاق: العطف والحنان.

والتحنن: الترحم.

(5) تال اليعقوبي في عنوان: " وفات رسول الله " من تاريخه: ج 2 ص 105،: لم يخلف (رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) إلا فاطمة - وساق الكلام إلى أن قال: - ودخلث عليها في مرضها نساء رسول الله وغيرهن من نساء قريش فقلن: كيف أنت، قالت: أجدني كارهة لدنياكن مسرورة لفراقكن ألقى الله ورسوله بحسرات منكن، فما حفظ لي الحق ولار [و] عيت مني الذمة " ولا قبلت الوصية ولا عرفت الحرمة ! ! !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[69]

وإني أسالك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصتني بستر أمرها.

قال [عمار بن ياسر] (ره): فلما أتى العباس رسوله بما قال علي عليه السلام، قال: يغفر الله لابن أخي - وإنه لمغفور له - إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي صلى الله عليه وآله، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله.

الحديث العاشر، من الجزء السادس من أمالي الشيخ الطوسي (ره) ص 96.

 

[70]

 

- 16 -

ومن كلام له عليه السلام لما هاج به الحزن بعد دفن بضعة المصطفى فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليهم

قال محمد بن جرير بن رستم الطبري: أخبرني أبو الحسين علي بن هبة الله، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين القمي، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا علي بن مسكان، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن (الامام) جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي ابن الحسين عليه السلام، قال: قال لي ابي الحسين (بن علي عليهما السلام) لما قبضت قاطمة عليها السلام، دفنها أمير المؤمنين عليه السلام [ليلا] وعفى موضع قبرها بيده (1) ثم قام فحول وجهه إلى قبر النبي وقال: السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك وزائرتك، والبائتة الليلة ببقعتك، والمختار لها الله سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي (2) إلا أن [لي] في التأسي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يقال: " عفت الريح الاثر أو المنزل تعفية ": محته ودرسته، ومثله عفاه عفوا من باب " دعا ".

(2) وفي المنهج: " قل يا رسول اله عن صفيتك صبري وقل عنها تجلدي ".عفي: محا.والتجلد التصبر.والتصلب.

[71]

بسنتك وفي فرقتك موضع تعز (3) فلقد وسدتك في ملحود قبرك، وفاضت نفسك بين صدري ونحري (4) بلى وفي كتاب الله أنعم القبول (5) إنا لله وإنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء (6)، يا رسول الله أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد (7) ولا يبرح ذلك من قلبي حتي يختار الله لي دارك التي أنت بها [مقيم] (8) كمد مبرح وهم مهيج (9) سرعان ما فرق بيننا فإلى الله أشكو.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) وفي النهج: " إلا ان لي في التأسي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعز ".والتأسي الاقتداء والتصبر.والفادح - في رواية النهج -: المثقل.

والمعنى: ان المصيبة بفراقك كانت أعظم فكما صبرت على تلك مع كونها أشد، فلان أصبر على هذه أولى.

(4) وفي الكافي والنهج: " في ملحودة قبرك " وهما بمعنى واحد وهو الجانب المشقوق أو الجهة المشقوقة من القبر: " وفاضت نفسه ": خرجت روحه.

(5) أي ان في كتاب الله ما يوجب أن تقبل المصائب أنعم القبول.

(6) استعار عليه السلام لفظ الوديعة والرهينة لتلك النفس الكريمة أعني الزهراء المرضية، لانها كانت وديعة النبي صلى الله عليه وآله عنده، أو لان النفوس والارواح كالوديعة والرهن في الابدان في كونها تسترجع إلى مالكها.

و " اختلست ": سلبت سريعا ".و " الخضراء والغبراء ": السماء والارض.

(7) " سرمد ": دائم.و " مسهد ": ينقضي بالسهاد: بلا نوم.

(8) وفي الكافي: " أنت فيها مقيم ".

(9) وفي الكافي والاماليين: " كمد مقيح وهم مهيح ".أي كمدي كمد مبرح.أو ذلك الحزن والسهاد كمد مقيح.و " الكمد " كفلس وفرس -: الغم والحزن الشديد.

و " مبرح ": مدهش.شديد. و " مقيح ": ذو ورم فيه المدة.

 

[72]

وستنباؤك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فاحفها السؤال، واستخبرها الحال (10) فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا (11) فستقول: " ويحكم الله وهو خير الحاكمين ".

والسلام عليك [يا رسول الله] سلام مودع لا قال ولا سئم، فان أنصرف فلا عن ملال (12) وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، آه آه [و] لولا غلبة المستولين لجعلت هنا المقام، [ولا] التزمت الحزن أشد لزام، عكوفا أعول إعوال الثكلى على [جليل] الرزية (13) فبعين الله أن تدفن ابنتك سرا، وأن يهتضم حقها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) وفي الامالي والمجالس: " وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي وعلى هضمها حقها فاستخبرها الحال ".

التظاهر والتظافر بمعنى واحد: التعاون والتناصر.

و " على هضمها ": ظلمها.

" فاحفها السؤال ": استقص السؤال عنها، والتمس منها شرح ما جرى على التفصيل.

(11) الغليل: حرارة الحزن و " معتلج ": متراكم وملتطم.

(12) وفي الامالي والمجالس: " سلام عليك يا رسول الله ".

وفي الكافي والنهج ومناقب ابن شهر آشوب وكشف الغمة: " والسلام عليكما سلام مودع لا قال ولا سئم، فان انصرف فلا عن ملالة ".

وهو أظهر.

و " لا قال ": لا مبغض.

و " لا سئم ": ولا ملول.

(13) وفي الكافي: " واها واها،.

والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاما معكوفا ولاعولت أعوال الثكلى ".

 

[73]

[قهرا] ويمنع إرثها جهرا (14) وما بعد منك العهد، ولا اخلولق منك الذكر (15) فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وبك أجمل العزاء (16) [و] صلوات الله عليك وعليها معك، والسلام.

الحديث (36) من كتاب دلائل الامامة،.

ص 47 ط النجف.

ورواه أيضا " في فصل وفات الزهراء من مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 139، ط النجف.

ورواه قبله السيد الرضي رحمه الله في المختار (200) من خطب النهج.

ورواه قبله بسند آخر في الحديث السابع من المجلس (33) من أمالي الشيخ المفيد - رحمه الله - ص 172 (17).

ورواه قبله ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله بطريقين في الحديث الثالث من باب مولد الزهراء - سلام الله عليها - من كتاب الحجة من أصول الكافي: ج 1، ص 458.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(14) وفي الكافي: " فبعين الله تدفع ابنتك سرا، وتهضم حقها، ويمنع إرثها، ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر ".

(15) وفي الامالي " فبعين الله تدفن ابنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، ويمنع ارثها جهرا ولم يطل العهد، ولم يخلق منك الذكر، فالى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته ".

يقال: " خلق الثوب - من باب نصر، وعلم وشرف - خلوقة وخلقة ": بلي.

ومثله " إخلولق الثوب وأخلق إخلاقا ".

(16) وفي الكافي: " وفيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليها السلام والرضوان ".

و " فيك ".

أي في طاعتك.

(17) ورواه عنه في الحديث (19) من الجزء الرابع من أمالي الطوسي ص 67، ورواه في الحديث (21) و (40) من الباب السابع من أحوالات الزهراء - صلوات الله عليها - من البحار: ج 10، ص 55 و 60 ط الكمباني، وفي ط الحديث: ج 43 ص 193، و 211 عن الكافي والامالي والمجالس.

 

[74]

 

- 17 -

ومن كلام له عليه السلام في صفة النبي صلى الله عليه وآله

قال ابن عساكر: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن جعفر الكردي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن مقاتل، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن أبي العلاء، أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر، أنبأنا علي بن شعيب، حدثني محمد بن عثمان ابن حملة الانصاري، وأحمد بن محمد التميمي، قالا: حدثنا عبد الوارث ابن الحسن بن عمرو القرشي البيتاري [كذا] حدثنا آدم ابن أبي أياس، حدثنا ابن أبي ذيب، عن نافع عن ابن عمر، قال: أقبل قوم من اليهود إلى أبي بكر الصديق، فقالوا له: يا أبا بكر صف لنا صاحبك.

فقال: معاشر اليهود (1) لقد كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار كإصبعي هاتين، ولقد صعدت معه جبل " حرا " وإن خنصري لفي خنصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شديد (2) وهذا علي بن أبي طالب [فاسألوه].

فأتوا عليا فقالوا: يا أبا الحسن صف لنا ابن عمك.

فقال علي [عليه السلام]:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا هو الصواب، وفي النسخة: " معاشر يهود ".

وليعلم انه وردت عنه عليه السلام روايات كثيرة في نعت النبي صلى الله عليه وآله فقد روى عنه في مسنده عليه السلام من كتاب مسند ابن حنبل تحت الرقم: 684 و 744 و 786، و 796 و 944 و 946 و 947 و 1053، و 1122، و 1299 و 1300، ولكن كلها أقصر مما هنا.

(2) أنظر إلى الرجل أشغل مقام النبي صلى الله عليه وآله ولا يحسن أن يصف أوصافه الجسمانية وقد عاشره مدة لا تقصر عن (15) سنة ! ! !

 

[75]

لم يكن حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) بالطويل الذاهب طولا، ولا بالقصير المتردد، كان فوق الربعة، أبيض اللون، مشرب الحمرة، جعدا ليس بالقطط، يفرق شعرته إلى أذنيه (4).

وكان حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم صلت الجبين واضح الخدين، أدعج العين (5) دقيق المسربة، براق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) هذا وما بعده، وكذا نظائره المروية من طريق أهل السنة، مما أخذوه من ابن أخت عائشة عبد الله بن الزبير " وهي شنشنة قديمة نعرفها من بني أخزم.

(4) يقال: " جعد الشعر جعادة وجعودة " من باب شرف -: صار ذو التواء وتقبض فهو جعد - كفلس - وذلك خلاف المسترسل.

ويقال: شعر قط وقطط - كسب وسبب -: شديد الجعودة.

ويقال: " فرق زيد شعره - من باب نصر وضرب - فرقا ": سرحه.

وفي الرياض النضرة: " مشربا " حمرة جعد الشعر ليس بالقطط يضرب شعره إلى أرنبته " الخ.

(5) صلت - كفلس -: واضح بارز - وقال في مادة " صلت " من مجمع البحرين: في صفته صلى الله عليه وآله: " كان أصلت الجبين " (كذا).

أي واسعه.

وقيل: الاصلت: الاملس.

وقيل: بارز.

وقال في مادة " دعج ": في حديث وصفه عليه السلام: " أدعج العينين، مقرون الحاجبين " وفي حديث آخر: " ني عينيه دعج ".

الدعج والدعجة (كسبب وغرفة): السواد في العين وغيرها، يريد أن سواد عينيه كان شديدا.

وقيل: هو شدة سواد العين في شدة بياضها.

وقال الجوهري: هو شدة سواد العين مع سعتها.

وفي الرياض النضرة: " أدعج العينين " الخ.

 

[76]

الثنايا، أقنى الانف (6) عنقه [كأنما] إبريق فضة (7) كأن الذهب يجري في تراقيه (8).

وكان لحبيبي محمد صلى الله عليه وسلم شعرات من لبته إلى سرته كأنهن قضيب مسك أسود، ولم يكن في جسده ولا صدره شعرات غيرهن، متن كتفيه كدارة القمر ليلة البدر، مكتوب [فيه] بالنور سطران: السطر الاعلى لا إله إلا الله.

وفي السطر الاسفل محمد رسول الله.

وكان حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم شثن الكف والقدم (9) إذا مضى كأنما يتقلع من صخر، وإذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) وفي المختار الرابع المتقدم: " طويل المسربة " وهو الشعر الذي يكون في النحر إلى السرة.

والظاهر ان هذا التفسير من الرواة لا من الامام عليه السلام.

والقنى - كغنى -: إحديداب في وسط الانف.

وقيل: القنى في الانف: طوله ورقة أرنبته مع حدب في وسطه، ومنه الخبر: " كان صلى الله عليه وآله أقنى العرنين ".

(7) كلمة: " كأنما " الموضوعة بين المعقوفين ما أذري سقط عن قلمي أو عن المصدر، ولا بد منها كما وردت في روايات أخر واردة في المقام، ولم يحضرني تاريخ ابن عساكر حين التصحيح كي استعلم منه ان السقط منه أو مني.

(8) التراقي: جمع الترقوة - بالفتح ثم السكون ثم الضم ثم الفتح -: العظم الذي في أعلى الصدر بين ثغرة النحر والعاتق.

والكلام كناية عن سطوع النور من ترقوته صلى الله عليه وآله.

(9) قال في النهاية: أي انهما يميلان إلى الغلظ والقصر.

وقيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر.

ويحمد ذلك في الرجال لانه أشد لقبضهم، ويذم في النساء.

 

[77]

انحدر كأنما ينحدر من صبب (10) وإذا التفت التفت بمجامع بدنه، وإذا قام غمر الناس، وإذا قعد علا على الناس، وإذا تكلم نصت له الناس، وإذا خطب بكي الناس (11).

وكان حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم أرجع الناس بالناس (12) كان لليتيم كالاب الرحيم، وللارملة كالزوج الكريم.

وكان محمد صلى الله عليه وسلم أشجع الناس قلبا، وأبذله كفا وأصبحه وجها وأطيبه ريحا وأكرمه حسبا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) قال في مادة " قلع " من النهاية: في صفته عليه السلام: " إذا مشى تقلع " أراد قوة مشيه، كأنه يرفع رجليه من الارض رفعا قويا، لا كمن يمشي اختيالا ويقارب خطاه، فإن ذلك من مشي النساء وبوصفن به.

ثم ذكر حديثين آخرين في هذا المعنى ثم قال: وهو كما جاء في حديث آخر: " كأنما ينحط من صبب ".

والانحدار من الصبب والتقلع من الارض قريب بعضه من بعض، أراد انه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذا الحالة استعجال ومبادرة شديدة.

(11) كذا في النسخة، وفي الرياض النضرة: " وإذا تكلم أنصت الناس، وإذا خطب أبكى الناس " الخ.

(12) كذا في النسخة، وفي الرياض: " وكان أرحم الناس بالناس ".

 

[78]

لم يكن مثله ولا مثل أهل بيته في الاولين والآخرين (13).

كان لباسه العباء، وطعامه خبز الشعير، ووسادته الادم محشوة بليف النخل، [و] سريره أم غيلان مرملا بالشريط (14).

كان لمحمد صلى الله عليه وسلم عمامتان: إحداهما تدعى السحاب، والآخر العقاب، وكان سيفه ذا الفقار، ورايته الغبراء (15)، وناقته العضباء وبغلته دلدل، [و] حماره يعفور، [و] فرسه مرتجز، [و] شاته بركة [و] قضيبه الممشوق، [و] لواؤه الحمد [و] إدامه اللبن [و] قدره الدبا (16) [و] تحيته الشكر [كذا].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(13) وبهذا وأمثاله - مما لا تحصى - يستدل على أفضليته عليه السلام وأهل بيته على جميع الصحابة كائنا من كان.

(14) لعل هذا هو الصواب، وفي النسخة: " مرمل بالشريط "، (15) كذا في النسخة، وفي الرياض النضرة: " ورايته الغراء ".

وقال في اللسان: وفي الحديث: انه كان اسم رايته عليه السلام العقاب [بضم العين] وهي العلم الضخم.

(16) وهذه مع الجملة التالية غير موجودة في الرياض النضرة، وما بين المعقوفات بعضها موجود فيه في جميع ما مر.

 

[79]

يا أهل الكتاب كان حبيبي محمد صلى الله على وسلم يعقل البعير، ويعلف الناضح، ويحلب (17) الشاة، ويرقع الثوب، ويخصف النعل.

ترجمة محمد بن عثمان بن حماد، من تاريخ دمشق: ج 50 ص 825.

ورواه ايضا في الرياض النضرة ص 227، وفي ط ج 2 ص 195، كما في الغدير: ج 10 ص 7 ط 1، وذكره إشارة في عنوان: " رجوع أبي بكر وعمر إليه عليه السلام من كتاب ذخائر العقبى، ص 80، وقال في الرياض: أخرجه ابن السمان في الموافقة.

وليعلم أن لامير المؤمنين عليه السلام في نعت رسول الله صلى الله عليه وآله كلم كثيرة صدرت منه في أوقات مختلفة، بصور متعددة وذكر صورا منها في الباب الرابع والعشرين من ربيع الابرار، وكذلك في الحديث (836) و (844) و (848) من ترجمة النبي صلى الله عليه وآله من أنساب الاشراف: ج 1 ص 391 وما بعدها، ط مصر.

كما أن لابي بكر - ومن على شاكلته - أيضا مواقف كثيرة ضاق فيها بهم الحناق وأشرفوا فيها على الهلاك، فلجؤ إلى باب مدينة علم النبي صلوات الله عليهما فأنجاهم به من الهلاك، وحقن دماء الابرياء من الهراق، وشوى أكباد الكفار من الحراق، وإليك نموذج منها: قال ابن دريد: أخبرنا محمد، قال: حدثنا العكلي، عن ابن عائشة، عن حماد، عن حميد:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(17) * هذا هو الظاهر، وفي النسخة: " ويجلب " بالجيم.

 

[80]

عن أنس بن مالك قال: أقبل يهودي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى دخل المسجد فقال: أين وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فأشار القوم إلى أبي بكر ! ! ! فوقف عليه فقال: أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي.

قال أبو بكر: سل عما بدا لك.

قال اليهودي: أخبرني عما ليس لله، وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله ؟ ! فقال أبو بكر هذه مسائل الزنادقة يا يهودي.

وهم أبو بكر والمسلمون - رضي الله عنهم - باليهودي ! ! فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ما أنصفتم الرجل ! ! جوابه وإلا فاذهبوا به إلى علي رضي الله عنه يجيبه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: " اللهم اهد قلبه وثبت لسانه " (1).

فقام أبو بكر، ومن حضره حتى أتوا علي بن أبي طالب فاستأذنوا عليه، فقال أبو بكر: يا أبا الحسن إن هذا اليهودي سألني مسائل الزنادقة ! ! فقال علي: ما تقول: يا يهودي ؟ قال: أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي.

فقال له: قل.

فرد اليهودي المسائل.

فقال علي رضي الله عنه: أما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم - معشر اليهود -: إن عزير ابن الله.

والله لا يعلم أن له ولدا " (2) وأما قولك: أخبرني بما ليس عند الله.

فليس عنده ظلم للعباد، وأما قولك: أخبرني بما ليس لله.

فليس لله شريك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي انه صلى الله عليه وآله علمه كل شئ ثم دعا الله بأن يهدي قلبه للوعاية، ويثبت لسانه للتعبير والحكاية.

(2) الكلام من باب نفي الملزوم بسلب اللازم أي لا ولد لله تعالى إذ لو كان له ولد لكان يعلمه - إذ لا يعزب عن علمه تعالى شئ - فإذا لا يعلمه فليس له حظ من الوجود، وإنما ساق عليه السلام الكلام بهذه الصورة كي يطابق سؤال اليهودي وإلا فلب الكلام ومحصله: ان الله يعلم أن لا ولد له.

 

[81]

فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله، وانك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقال أبو بكر والمسلمون لعلي - عليه السلام -: يا مفرج الكرب ! ! ! كتاب المجتنى - لابن دريد - ص 44 ط 2 بحيدرآباد، سنة (1362) وللكلام مصادر أخر.

 

[82]

 

- 18 -

ومن خطبة له عليه السلام الموسومة بالمونقة (1)

قال ابن أبي الحديد: وهي خطبة خالية من حرف الالف رواها كثير من الناس له عليه السلام (2) قالوا: تذاكر قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي حروف الهجاء أدخل في الكلام ؟ فأجمعوا على الالف، فقال علي عليه السلام [مرتجلا من غير سابق فكر ولا تقدم روية]: حمدت من عظمت منته وسبغت نعمته (3) وسبقت غضبه رحمته (4) وتمت كلمته، ونفذت مشيئته وبلغت قضيته (5) حمدته حمد مقر بربوبيته (6) متخضع لعبوديته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المونقة: الحسنة المعجبة، من قولهم: " أنق الشئ - من باب علم - أنقا " فهو أنق وأنيق ومونق: حسن معجب. وتسمية الخطبة بالمونقة ظاهرة، لانها تعجب من سمعها. وقال في كنز العمال: ج 8 ص 221 ط 1: " وسماها الموقفة ". والظاهر أنه مصحف.

(2) وكفى لاثبات صدور مثلها عن أمير المؤمنين عليه السلام أن يقول متضلع خبير مثل ابن أبي الحديد بأنها رواها كثير من الناس عنه عليه السلام، وصدقه غيره من المتضلعين في هذه الدعوى.

(3) ومثله في مطالب السئول 167، والباب (49) من مصباح الكفعمي ص 33، وفي كفاية الطالب هكذا: " حمدت وعظمت من عظمت منته ". والمراد بالمنة - هنا - الاحسان.

(4) وفي الكفاية: " وسبقت رحمته غضبه ". وفي المصباح: " وسبقت رحمته ". وفي مطالب السئول: " وبلغت جحته وعدلت قضيته وسبقت غضبه رحمته " (5) أي حكمه وقضاؤه.

(6) وفي الكفاية: " لربوبيته ".

 

[83]

متنصل من خطيئته (7) معترف بتوحيده (8) [مستعيذ من وعيده (9)] مؤمل منه مغفرة تنجيه، يوم يشغل عن فصيلته وبنيه (10).

ونستعينه ونسترشده ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، وشهدت له شهود مخلص موقن (11) وفردته تفريد مؤمن متيقن (12) ووحدته توحيد عبد مذعن [بأنه (13)] ليس له شريك في ملكه، ولم يكن له ولي في صنعه، جل عن مشير ووزير (14) وعن عون معين ونصير ونظير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(7) يقال: " تنصل إلى فلان من الجناية ": خرج وتبرأ عنده منها.

(8) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة مطالب السئول والكفاية والمصباح، وفي نسخة ابن الحديد: " متفرد بتوحيده ".

(9) بين المعقوفين مأخوذ من كتاب مطالب السؤال.

(10) وفي مطالب السئول: " يوم يشغل كل عن فصيلته وبنيه ".

وفصيلة الرجل: (رهطه الادنون.

(11) وفي مطالب السئول: " وشهدت له شهود عبد موقن.

" وفي الكفاية: " وشهدت له تشهد مخلص موقن.

" (12) هذ هو الظاهر، وفي نسخة: " مؤمن متقن ".

(13) بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

(14) وبعده في المصباح هكذا: " وتنزه عن مثل ونظير ".

 

[84]

علم فستر، وبطن فخبر (15) وملك فقهر وعصي فغفر [وعبد فشكر (16)] وحكم فعدل (17) لم يزل ولن يزول " ليس كمثله شئ " (18) وهو [قبل كل شئ و] بعد كل شئ (19) رب متعزز بعزته (20) متمكن بقوته (21) متقدس بعلوه متكبر بسموه، ليس يدركه بصر، ولم يحط به نظر، قوي منيع بصير سميع (22) رؤف رحيم (23).

عجز عن وصفه من يصفه، وضل عن نعته من يعرفه (24).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(15) هذا هو الظاهر، وفي الكفاية: " ونظر فخبر ".

(16) بين المعقوفين من كتاب مطالب السئول.

(17) وبعده في مطالب السئول هكذا: " وتكرم وتفضل ".

(18) اقتباس من الآية (11) من سورة الشورى.

(19) بين المعقوفين كان ساقطا عن شرح النهج.

(20) وفي نسخة: " متفرد بعزته ".

(21) وفي المصباح: " متملك بقوته ".

(22) وفي الكفاية: " وليس يحيط به نظر، قوي منيع بصير سميع حليم حكيم رؤف رحيم ".

(23) وزاد بعده في المصباح: " عزيز ".

(24) وفي مطالب السئول: " عجز عن وصفه من وصفه، وضل عن نعته من عرفه ".

وفي المصباح: " وضل في نعته ".

 

[85]

قرب فبعد، وبعد فقرب (25) يجيب دعوة من يدعوه ويرزقه ويحبوه (26) ذو لطف خفي وبطش قوي، ورحمة موسعة، وعقوبة موجعة، رحمته جنة عريضة مونقة (27) وعفوبته جحيم ممدودة موبقة (38).

وشهدت ببعث محمد (29) رسوله وعبده وصفيه ونبيه ونجيه وحبيبه وخليله، بعثه في خير عصر، وحين فترة وكفر، رحمة لعبيده ومنة لمزيده، ختم به نبوته وشيد به حجته (30) فوعظ ونصح، وبلغ وكدح (31) رؤف بكل مؤمن، رحيم سخي رضي ولي زكي، عليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(25) أي هو تعالى مع كمال قربه بعيد عن تحديدات البشرية، ومع كمال بعده فهو أقرب الينا من حبل الوريد، يجيب دعوة من دعاه.

(26) وفي الصباح: " ويرزق عبده ويحبوه ".

(27) أي حسنة معجبة، يقال: " أنق الشئ - من باب علم -: صار أنقا وأنبقا ومونقا أي حسنا معجبا.

(28) وفي المصباح: " وعقوبته جحيم مؤصدة ".

(29) وفي الكفاية: " وشهدت ببعثة محمد عبده ورسوله وصفيه ونبيه وخليله وحبيبه، صلى الله عليه صلاتا تحظيه، وتزدلفه وتعليه، وتقربه وتدنيه ".

(30) " وفي الكفاية: ووضح به حجته ".

وفي المصباح: " وقوى به حجته " (31) يقال: " كدح من العمل - من باب منع - كدحا ": جهد نفسه فيه حتى أثر فيها.

 

[86]

رحمة وتسليم، وبركه وتكريم (32) من رب غفور رحيم قريب مجيب (33).

وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم (34) وذكرتكم بسنة نبيكم، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم وخشية تذري دموعكم، وتقية تنجيكم قبل يوم يبليكم ويذهلكم يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته، وخف وزن سيئته (35) ولتكن مسألتكم وتملقكم مسألة ذل وخضوع وشكر وخشوع، بتوبة ونزوع (36) وندم ورجوع، وليغتنم كل مغتنم منكم (37) صحته قبل سقمه، وشبيبته قبل هرمه، وسعته قبل فقره (38) وفرغته قبل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(32) وفي مطالب السئول: " عليه رحمة وتسليم وبركة وتعظيم وتكريم ".

(33) وزاد في مطالب السئول بعده: " حليم ".

(34) وفي الكفاية: " وصيتكم جميع من حضرني ".

وفي المصباح: " وصيتكم معشر من حضرني بتقوى من ربكم ".

(35) وفي مطالب السئول: " وخف وزن خطيئته ".

(36) وفي الكفاية: " ولتكن مسألتكم وملقكم - إلى أن قال -: وتوبة ونزوع ".

(38) وفي المصباح: " وسعته قبل عدمه ".

 

[87]

شغله، وحضره قبل سفره (39) قبل تكبر وتهرم وتسقم (40) [و] يمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه وينقطع غمده ويتغير عقله (41) ثم قيل: هو موعوك وجسمه منهوك (42) ثم جد في نزع شديد، وحضره كل قريب وبعيد، فشخص بصره وطمح نظره (43) ورشح جبينه وعطف عرينه (44) وسكن حنينه، وحزنته نفسه وبكته عرسه وحفر رمسه، ويتم منه ولده (45) وتفرق منه عدده وقسم جمعه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(39) وبعده في مطالب السئول هكذا: " وحياته قبل موته، قبل [أن] يهن ويمرض ويسقم، ويمله طبيبه " (40) وفي المصباح: " قبل هو يكبر ويهرم، ويمرض ويسقم ".

(41) كذا في النسخة، وفي مطالب السئول وكفاية الطالب: " وينقطع عمره ".

وهو الظاهر (42) يقال: " وعك الحر وعكا " - من باب وعد -: اشتد.

و " وعكته الحمى وعكا " ووعكة " اشتدت عليه وآذته فهو موعوك.

ويقال: " نهكت الحمى فلانا - من باب منع - نهكا " ونهاكة ": أضنته وجهدته.

(43) وفي مطالب السئول: " فشخص بصره وطمح بنظره، ورشح جبينه وخطف عرينه وجذبت نفسه وبكت عرسه ".

وفي المصباح: " وجذبت نفسه ونكبت عرشه ".

(44) كذا في النسخة، والعرين: فناء الدار.جماعة الشوك أو الشجر.اللحم.الصوت.الفريسة.العز، والجع عرن كعنق.وفي كفاية الطالب: " وخطف عرنينه " وهو - كجبريل -: الانف.

(45) يقال: " يتم ييتم - من باب ضرب - ويتم ييتم - من باب علم - ويتم ييتم - من باب شرف - الصبي من أبيه يتما ويتيما ": صار يتيما.

والمصدر كالقفل والفلس.

 

[88]

(46) وذهب بصره وسمعه، ومدد وجرد وعري وغسل (47) ونشف وسجي، وبسط له وهيئ، ونشر عليه كفنه وشد منه ذقنه، وقمص وعمم، وودع وسلم، وحمل فوق سرير، وصلي عليه بتكبير [بغير سجود وتعفير] (48) ونقل من دور مزخرفة، وقصور مشيدة، وحجر منجدة (49) وجعل في ضريح ملحود، وضيق مرصود، بلبن منضود، مسقف بجلمود، وهيل عليه حفره (50) وحثي عليه مدره، وتحقق حذره ونسي خبره، ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه (51)، وتبدل به قرينه وحبيبه فهو حشو قبر ورهين قفر، يسعى بجسمه دود قبره (52) ويسيل صديده من منخره، يسحق تربه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(46) وفي مطالب السئول: " وفصم جمعه ".

أقول: العدد، والعديد: المال الذي جمعه المرء وادخره.

(47) وفي كفاية الطالب: " وكفن ومدد، ووجه وجرد، وعري وغسل ".

وفي المصباح: " وكفن ومدد ووجه وغسل وعري ونشف ".

(48) بين المعقوفين مأخوذ من مطالب السئول.

(49) وفي المصباح: " وحجر منضدة ".

وفي مطالب السئول: " وفرش منجدة " (50) وفي مطالب السئول وكفاية الطالب: " وهيل عليه عفره " (51) وزاد في مطالب السئول: " وحميمه ".

(52) وفي كفاية الطالب والمصباح " يسعى في جسمه ".

وفي مطالب السئول: " يدب في جسمه "

 

[89]

لحمه (53) وينشف دمه، ويرم عظمه (54) حتى يوم حشره، فنشر من قبره حين ينفخ في صور.

ويدعى بحشر ونشور.

فثم بعثرت قبور، وحصلت سريرة صدور، وجئ بكل نبي وصديق وشهيد (55) وتوحد للفصل [رب] قدير (56) بعبده خبير بصير، فكم من زفرة تضنيه وحسره تنضيه (57) في موقف مهول و (58) ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم، وبكل صغير وكبير عليم، فحينئذ يلجمه عرقه، ويحصره قلقه (59) عثرته غير مرحومة، وصرخته غير مسموعة، وحجته غير مقبولة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(53) وفي نسخة: " يسحق برمته لحمه " ومثله في كفاية الطالب " وفي مطالب السئول: " وتسحق تربته لحمه ".

(54) ومثله في مطالب السئول وكفاية الطالب، وفي المصباح: " ويدق عظمه ".

(55) وزاد في كفاية الطالب ومطالب السئول: " ونطيق ".

وفي المصباح: " وشهيد منطيق ".

(56) بين المعقوفين مأخوذ من المصباح وكفاية الطالب، وفي مطالب السئول: " وقعد لفصل حكه قدير ".

وفي المصباح: " وتولى لفضل (كذا) عبد رب قدير ".

وفي الكفاية: " وقعد للفصل رب قدير، بعبده بصير خبير، فكم من زفرة تعنيه، وحسرة تقصيه في موقف مهيل ".

(57) يقال: " أضنى المرض فلانا إضناء ا ": أضعفه وأثقله.

و " أنضى البعير انضاءا ": هزله.

والثوب: أبلاء.

(58) وفي مطالب السئول: " في موقف مهيل ".

(59) وفي مطالب السؤل: " ويحفزه " وفي المحكي عنه " ويخفره ".

 

[90]

زالت جريدته (60) ونشرت صحيفته [حيث] نظر (61) في سوء عمله، وشهدت عليه عينه بنظره، ويده ببطشه ورجله بخطوه وفرجه بلمسه وجلده بمسه (62) فسلسل جيده وغلت يده وسيق بسحب وحده (63) فورد جهنم بكرب وشدة، فظل يعذب في جحيم، ويسقى شربة من حميم تشوي وجهه وتسلخ جلده (64) وتضربه زبنية بمقمع من حديد (65) ويعود جلده بعد نضجه كجلد جديد، يستغيث فتعرض عنه خزنة جهنم، ويستصرخ فيلبث حقبة يندم (66).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(60) وفي نسخة: " زاول ".

وفي كفاية الطالب: " نشر صحيفته، وتبين جريرته حيث نظر في سؤ عمله ".

(61) وفي مطالب السؤل: " برزت صحيفته وتبينت جريرته فنظر في سوء عمله ".

وفي المحكي عنه: " وقوبل صحيفته وتبين جريدته ونطق كل عضو منه بسؤ عمله ".

(62) وبعده في الكفاية هكذا: " وتهدده منكر ونكير، وكشف له عن حيث يصير، فسلسل جيده، وغلغل ملكه يده [كذا] وسيق يسحب وحده ".

(63) قال ابن أبي الحديد: [هذا الاجل ازدياد الغم] لانه إذا كان معه غيره كان كالمتأسي بغيره، فكان أخف لالمه وعذابه، وإذا كان وحده كان أشد ألما وأهول، وروي " فسيق يسحب وحدة " وهذا أقرب وذاك أفخم معنا.

وفي مطالب السؤل، " وسيق يسحب وحده " وفي المحكي عند: " وسيق بسحب وحدة ".

(64) يقال: " سلخ جلد الخروف - من باب نصر ومنع - وسلخا ".

كشطه ونزعه.

(65) قال ابن أبي الحديد: و " زبنية " على وزن " عفرية ": واحد الزبانية وهم عند العرب الشرط، وسمي بذلك بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها كما يفعل الشرط في الدنيا.

ومن أهل اللغة من يجعل وأحد الزبانية زباني.

وقال بعضهم: " زابن ".

ومنهم من قال: هو جمع لا واحد له نحو أبابيل وعباديد، وأصل الزبن في اللغة الدفع، ومنه ناقة زبون: تضرب حالبها وتدفعه.

(66) وفي المحكي عن مطالب المسئول: " حقبة بندم ".

 

[91]

نعوذ برب قدير، من شر كل مصير، ونسأله عفو من رضي عنه ومغفرة من قبله، فهو ولي مسألتي ومنجح طلبتي، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه، وخلد في قصور مشيدة، وملك بحور عين وحفدة (67) وطيف عليه بكؤس، وسكن في حظيرة قدوس (68) وتقلب في نعيم وسقي من تسنيم، وشرب من عين سلسبيل و [قد] مزج له بزنجبيل، مختم بمسك وعبير (69) مستديم للملك، مستشعر للسرور (70) يشرب من خمور في روض مغدق (71) ليس يصدع من شربه، وليس ينزف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(67) وفي كفاية الطالب: " وملك حور عين وحفدة ".

وفي مطالب السئول: " فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه وخلد في قصور ونعمة، وملك بحور عين وتقلب في نعيم ".

(68) وفي كفاية الطالب: " وسكن حظيرة قدس في فردوس ".

(69) بين المعقوفين مأخوذ من كفاية الطالب وفيه هكذا: " وشرب من سلسبيل قد مزح بزنجبيل، ختم بمسك، مستديم للملك، مستشعر للسرور ".

(70) وفي المحكي عن مطالب السئول: " وشرب من عين سلسبيل ممزوجة بزنجبيل، مختومة بمسك وعبير، مستديم للحبور مستشعر للسرور ".

وهو أظهر.

(71) ومثله في المحكي عن مطالب السئول، ولكن في النسخة المطبوعة بالنجف منه هكذا: " يشرب من خمر معذوذب شربة ليس تنزف لبه ".

وفي كفاية الطالب: " ويشرب من خمور في روض مغدق ليس ينزف عقله ".

 

[92]

هذه منزلة من خشي ربه، وحذر نفسه معصيته، وتلك عقوبة من جحد منشأه (72) وسولت له نفسه معصيته، فهو قول فصل (73) وحكم عدل، وخير قصص قص ووعظ نص (74) تنزيل من حكيم حميد، نزل به روح قدس مبين، على قلب نبي مهتد رشيد، صلت عليه رسل سفرة، مكرمون بررة، عذت برب عليم رحيم كريم، من شر كل عدو لعين رجيم، فليتضرع متضرعكم، وليبتهل مبتهلكم وليستغفر كل مربوب منكم لي ولكم (75) وحسبي ربي وحده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(72) هذا هو الظاهر من السياق الموافق لما في مطالب المسئول، وكفاية الطالب، وفيهما: " هذه منزلة من خشي ربه وحذر نفسه، وتلك عقوبة من عصى منشئه، وسولت له نفسه معصيته " وفي المحكي عن مطالب السئول: " وسولت له نفسه معصية مبدئه ".

وما في الطبع الحديث من شرح ابن أبي الحديد: " مشبئه " فهو تصحيف.

(73) وفي المصباح، والمحكي عن مطالب السئول: " ذلك قول فصل ".

(74) ومثله في المحكي عن مطالب السئول.

وفي كفاية الطالب: " فهو قول فصل وحكم عدل (و) قصص قص ووعظ نص، تنزيل من حكيم حميد، نزل به روح قدس منير مبين، من عند رب كريم، على قلب نبي مهذ [ب] مهتذ رشيد، وسيد صلت عليه رسل سفرة مكرمون بررة ".

(75) وفي المحكي عن مطالب السئول وكفاية الطالب: " ونستغفر رب كل مربوب لي ولكم ".

 

[93]

شرح غريب كلامه عليه السلام من الباب الثالث من نهج البلاغة قبل المختار (267) منه، من شرح ابن أبي الحديد: ج 19 ص 140، وفي ط ج 5 ص ص 359، ونقلها أيضا في آخر النوع الخامس - وهو باب خطبه عليه للسلام - من كتاب مطالب السئول ص 173، ط النجف ورواها أيضا في الباب الثاني - بعد المأة - من كفاية الطالب ص 393 وقال: أخبرنا المعمر أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن الشيخ الصالح البغدادي بجامع دمشق سنة أربع وثلاثين وستمأة - عن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين المالكي الصابوني، أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال، أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال - في رجب سنة 437 - قال: قرأت على أبي الحسين أحمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح - سنة 388 في منزله - قلت له: حدثكم أبو السمارى (77) حدثني أبو عوسجة سلمة بن عرفجة - باليبرين من اليمن - قال،: حدثني أبي عرفجة بن عرفطة، قال: حدثني أبو الهراش جري بن كليب، حدثني هشام بن محمد بن السائب الكلبي، قال: حدثني أبي، عن أبي صالح قال: جلس جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتذاكرون، فتذاكروا الحروف وأجمعوا أن الالف أكثر دخولا في الكلام من سائر الحروف، فقام مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فخطب هذه الخطبة على البديهة فقال صلوات الله وسلامه عليه: " حمدت وعظمت من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(76) ورواها - إشارة - عنه وعن ابن أبي الحديد، في الحديث (372) من الباب (11) من إثبات الهداة: ج 5: ص 33 وله (ره) كلام في معناه ما نظمه فيه ص 111، قال: وخطبة خالية من الالف * بديهة وذاك حرف قد عرف من معجزاته لمن أفاقا * نهج البلاغة الذي قد فاقا فهل رأيت قبله أو بعده * من قال مثله ونال سعده (77) كذا في النسخة، وفي المحكي عنه: " القماري ".

 

[94]

عظمت منته ".

ثم ساق الخطبة إلى آخرها باختلاف في بعض ألفاظها - أشرنا إلى المهم منه في التعاليق المتقدمة - ثم قال: هكذا روينا من هذا الطريق، وقد وقع لنا ببغداد عن جماعة من أصحاب يحيى بن ثابت عن أبيه (78) لكن لم يحضر سماعي منهم في وقت الاملاء.

ورواها عنه في كتاب كنز العمال: ج 8 ص 221 ط 1، بالهند (79) وقال في آخرها: اسناده واه ومثله في باب الخطب من كتاب المواعظ من منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل: ج 6 ص 321.

أقول: وهن هذا السند بخصوصه غير ضائر بعد اشتهار الكلام بين الخاصة والعامة، وقدم تقدم ان ابن ابي الحديد قال: ورواها كثير من الناس ومر آنفا ان صاحب الكفاية قال: وقد وقع لنا ببغداد، عن جماعة من أصحاب يحيى ابن ثابت عن أبيه.

وقال الراوندي - رحمه الله - المتوفي سنة 573 - في كتاب الخرائج: روي ان الصحابة قالوا يوما: ليس من حروف المعجم حرف أكثر دورانا في الكلام من الالف، فنهض أمير المؤمنين عليه السلام وخطب خطبة طويلة على البديهة تشتمل على الثناء على الله تعالى، والصلاة على نبيه محمد وآله، وفيها الوعد والوعيد، ووصف الجنة والنار، والمواعظ والزواجر، والنصيحة للخلق وغير ذلك وليس فيها ألف، وهي معروفة.

ورواه عنه في الحديث (36) من الباب (114) من البحار: ج 9 ص 583 وفي ط الحديث: ج 41 ص 304.

ورواها أيضا الكفعمي في الباب (49) من كتاب المصاح، ص 330، ورواها عنه وعن مطالب السئول في البحار: ج 17، ص 90 ط الكمباني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(78) في هذا أيضا دلالة على ان الخطبة كانت مشهورة، وأن جماعة من أصحاب يحيى بن ثابت كانوا يروونها، وأن المؤلف لم يسند النقل إليهم لعدم استحضار أسماء ناقليها لديه حين تأليفه الكتاب (79) ورواها عنه في كتاب فضائل الخمسة: ج 2 ص 256.