[127]

 

- 27 -

ومن كلام له عليه السلام قاله على سبيل الاحتجاج على أصحاب الشورى

قال الحافظ الكبير، والمصنف الخبير ابن عساكر الدمشقي: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم، أنبأنا أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار، أنبأنا أبو الحسن العتيقي، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني، أنبأنا أحمد بن محمد بن سعيد، أنبأنا يحي بن زكريا بن شيبان، أنبأنا يعقوب بن سعيد [ظ] حدثني أبو عبد الله، عن سفيان الثوري، عن أبي اسحاق السبيعي، عن عاصم ابن ضمرة، وهبيرة، والعلاء بن صالح، عن المنهال بن عمرو، عن عباد ابن عبد الله الاسدي، وعن عمرو بن واثلة (1) قالوا: قال علي بن أبي طالب يوم الشورى: والله لاحتجن عليهم بما لا يستطيع قرشيهم ولا عربيهم ولا عجميهم رده ولا يقول خلافه.

ثم قال لعثمان وعبد الرحمان والزبير وطلحة وسعد - وهم أصحاب الشورى وكلهم من قريش، وقد كان قدم طلحة -:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كذا في النسخة، وهذا أحد القولين في اسمه، والثاني أن اسمه: عامر بن وائلة، وهو أبو الطفيل الليثي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ومحبيه، وهو ثقة بالاتفاق.

 

[128]

أنشدكم (2) بالله الذي لا إله إلا هو أفيكم أحد وحد الله قبلي.

قالوا اللهم لا.

قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد صلى لله قبلي وصلى القبلتين (3).

قالوا اللهم لا.

قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري إذ آخى بين المؤمنين فآخى بيني وبين نفسه، وجعلني منه بمنزلة هارون من موسى إلا أني لست بنبي (4).

قالوا: لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(2) يقال: " نشده الله وبالله - من باب نصر وضرب والمصدر كنصرا وابرة وحرمانا - نشدا ونشدة ونشدانا ": استحلفه أي سأله وأقسم عليه بالله.

ويقال: " نشدتك الله إلا فعلت " أي ما طلبت منك شيئا من الاشياء إلا فعلك.

ويقال: " نشدك الله - بفتح النون وكسرها مع سكون المعجمة فيهما - إلا فعلت " أي أنشدك بالله وأسألك به مقسما عليك.

ومثله المناشدة.

(3) وفي الحديث (6) من الجزء (12) من أمالي الطوسي ص 212: " أنشدكم بالله جميعا أفيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وآله " الخ.

وفي روايته (ره) في الحديث (4) من المجلس الثاني من أماليه - أو أمالي ابنه ص 3، وفي ط الغري ص 159 -: " أنشدكم بالله - أو قال: أسألكم بالله - الذي يعلم سرائركم ويعلم صدقكم إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد آمن قبلي بالله ورسوله وصلى القبلتين قبلي، قالوا: اللهم لا " الخ.

وفي البحار: ج 8 ص 352 نقلا عن كتاب الروضة: " أنشدكم بالله هل فيكم أحد وحد الله وصلى مع رسول الله قبلي " الخ.

(4) والحديث رواه ابن عساكر - في غير عنوان المناشدات - عن (119) طريقا، ورواه في الباب (20 و 21) من غاية المرام عن (179) طريقا.

 

[129]

قال: أنشدكم بالله أفيكم مطهر غيري إذ سد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوابكم وفتح بابي وكنت معه في مساكنه ومسجده، فقام إليه عمه فقال: يارسول الله غلقت أبوابنا وفتحت باب علي ؟ ! قال: نعم أمر الله بفتح بابه وسد أبوابكم (5).

قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم [بالله] أفيكم أحد أحب إلى الله وإلى رسوله مني إذ دفع الراية إلي يوم خيبر فقال: [لاعطين الراية] (6) إلى من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.

ويوم الطائر إذ يقول: [اللهم] ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي.

فجئت فقال: اللهم وإلى رسولك،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(5) ورواه ابن عساكر - في غير باب المناشدات - عن (13) طريقا، ورواه في الباب (99) من غاية المرام ص 639 عن (29) طريقا، وفي الباب (100) منه عن (15) طريقا (6) بين المعقوفين كان ساقطا عن النسخة، ولا بد منه، والحديث رواه ابن عساكر - في غير باب المناشدات - عن (50) طريقا، ورواه أيضا في الباب (9) من الفصل الاخير من غاية المرام ص 465 عن (35) طريقا.

ثم ان احتجاجه عليه السلام في يوم الشورى بحديث الطير موجود في المناشدات التي رواها الحاكم صاحب المستدرك في كتاب حديث الطير الذي جمعه، وفيه أيضا احتجاجه عليه السلام برد الشمس، وسند الحاكم غير هذا السند، كما في الباب (100) من كفاية الطالب، ص 378 وكما في المختار التالي.

 

[130]

اللهم وإلى رسولك (7) [" قالوا اللهم لا].

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا: اللهم لا (8) قال: نشدتكم بالله أفيكم من قتل مشركي قريش والعرب في الله وفي رسوله غيري ؟ قالوا: اللهم لا (9).

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد دعا رسول الله صلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(7) وما بعده مما بين المعقوفين كأنه من النسخة، ولابد منه، ويحتمل سقوطه من قلمي، ولعدم وجود النسخة - أي الاصل المأخوذ منه - لدي فعلا للمراجعة جعلناه بين المعقوفين للامتياز.

ثم إن هذا الحديث رواه ابن عساكر - في غير باب المناشدات - عن (34) طريقا، ورواه في الباب (11) من الفصل (2) من غاية المرام ص 471 عن (35) طريقا ورواه ابن المغازلي في مناقبه في الحديث: (18 - 212) وقد ألف جماعة من الخاصة والعامة في جمع طرقه رسائل وراجع إلى حديث الطير من عبقات الانوار فإن فيه ما تشتهيه (8) اتفقت الامة الاسلامية من بكرة أبيهم على أنه لما نزلت الآية الكريمة: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " (12 / المجادلة) انتهى المسلمون بأجمعهم عن المناجات واستفسار الحقائق عن رسول الله صلى الله عليه وآله غير علي بن أبي طالب فانه كان عنده دينار ففرقه على عشرة حصص وناجى رسول الله وشرب من المنهل العذب حتى نزلت: " " أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات " في ذم المسكين عن المناجات، ولم يعمل بالآية الشريفة غير أمير المؤمنين عليه السلام، ومن هنا يستنتج أن ما ينسب إلى بعضهم من الانفاق على رسول الله أو في موضوع كذا فهو من موضوعات الامويين.

(9) كذا في النسخة، والصواب ما رواه في الباب (100) من كفاية الطالب ص 387 بسند آخر عن الحاكم صاحب المستدرك في كتابه الذي جمعه في طرق حديث الطير، وهو: " أمنكم أحد قتل مشركي قريش قبلي، قالوا: لا "...

 

[131]

الله عليه وسلم له في العلم وأن يكون أذنه الواعية مثل ما دعالي ؟ قالوا: اللهم لا (10).

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرحم، ومن جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وابناءه أبناءه، ونساءه نساءه غيري ؟ (11).

قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد كان يأخذ الخمس (12) مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يؤمن أحد من قرابته غيري وغير فاطمة ؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء عالمها ؟ قالوا: اللهم لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(10) ذكر ابن عساكر في تفسير قوله تعالى: " وتعيها اذن واعية " الآية (12) من سورة الحاقة، حديثين في هذا المعنى، وهو الحديث، (923 و 924) من نرجمته عليه السلام من تاريخ دمشق.

وروى في الباب: (69) وتاليه من غاية المرام ص 366 ستة عشر حديثا في الموضوع.

(11) كما في الآية: (61) من سورة آل عمران: (3): " فإن تولوا فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ".

(12) كذا.

 

[132]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد له ابنان مثل ابني الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ما خلا النبيين غيري ؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد له أخ كأخي جعفر الطيار في الجنة المزين بالجناحين مع الملائكة غيري ؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد له عم مثل عمي أسد الله وأسد رسول الله سيد الشهداء حمزة غيري ؟ (13).

قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله [هل فيكم] أحد ولي غمض رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الملائكة غيري ؟ قالوا: اللهم لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(13) ولا يزال هو عليه السلام وذريته كانوا يفتخرون بجعفر وحمزة رضوان الله عليهم، وكتب عليه السلام إلى معاوية: محمد النبي أخي وصنوي * وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يضحي ويمسي * يطير مع الملائكة ابن أمي وكان الامام الحسين عليه السلام في يوم عاشواء يرتجز ويقول: وفاطم أمي من سلالة أحمد * وعمي يدعى ذا الجناحين جعفر

 

[133]

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد ولي غسل النبي صلى الله عليه وسلم [كذا] مع الملائكة يقلبونه كيف أشاء غيري ؟ (14) قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد كان آخر عهده برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضعه في حفرته غيري ؟ قالوا: اللهم لا.

قال نشدتكم بالله أفيكم أحد قضى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ديونه ومواعيده غيري ؟ (15) قالوا: اللهم لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(14) وأما غيره فحرموا عن الحضور عند غسله - بل ودفنه صلى الله عليه وآله - لانهم كانوا مشغولين لتمهيد الرياسة وتخطيط الخلافة.

(15) قال يوسف بن حاتم الشامي (ره) - في أول وقعة الجمل من كتاب در النظيم -: سألت أبا المجد ابن رشادة (ظ) الواعظ بواسط في ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمسمائة، عن قول النبي صلى الله عليه وآله: " انك يا علي تقضي ديني، وتنجز عدتي ".

أكان على النبي صلى الله عليه وآله دبن قضاه علي عليه السلام عنه والامر في يد غيره.

قال: نعم حدثني شيخي العالم الزاهد الغزالي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " بعثني ربي بقتل المشركين والناكثين والقاسطين والمارقين بعهد عهد إلي، فقتلت المشركين، وبقي قتل الناكثين والقاسطين والمارقين دينا علي يقضيه عني ابن عمي ووصيي علي بن أبي طالب، عهدا معهودا.

 

[134]

قال: وقد قال الله عزوجل: " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " (111 - الانبياء: 21).

الحديث (1131) من ترجمة امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 39.

وقال ابن حجر - في آخر الفصل الثاني من فضائل علي عليه السلام، في آخر الحديث الاربعين من كتاب الصواعق ص 126 -: وأخرج الدارقطني أن عليا قال للستة الذين جعل عمر الامر شورى بينهم كلاما طويلا من جملته: " أنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة.

غيري ؟ قالوا اللهم لا (16).

وذكره أيضا العلامة جمال الدين المحدث الشيرازي في كتاب روضة الاحباب إلا أنه اكتفى منه ببعض فصوله كقوله صلى الله عليه وآله: انت أخي في الدنيا والآخرة، ومن كنت مولاه فعلي مولاه، ولا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي، وأنا مدينة العلم وعلي بابها.

ذكره عنه صمصام الطائفة المحقة في المجلد الثاني من حديث: " أنا مدينة العلم وعلي يابها " من عبقات الانوار، ص 277 ط الهند.

وروى هذه المناشداة - مع مناشدة أخرى بسند آخر - في الحديث (117) من مناقب ابن المغازلي المتوفي (483) ص 53 قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن علي بن محمد البيع البغدادي، أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن سعيد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(16) من هذه الفقرة يستفاد ان الحديث يرويه ابن حجر عن الدارقطني بسند آخر غير ما تقدم، لان الطريق المتقدم لم يك يشتمل على هذه الفقرة.

 

[135]

المعروف بابن عقدة الحافظ، أنبأنا جعفر بن محمد بن سعيد الاحمسي أنبأنا نصر - وهو ابن مزاحم - أنبأنا الحكم بن مسكين، أنبأنا أبو الجارود وابن طارق، عن عامر بن واثلة.

وأبو ساسان، وأبو حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عامر بن واثلة قال: كنت مع علي في البيت يوم الشورى فسمعت عليا يقول لهم: لاحتجن علبكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك الخ.

أقول: ورواها أيضا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن القزويني - المتوفى سنة 422 - في المجلد الثاني من أماليه، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، أن جعفر بن محمد بن سعيد الاحمسي حدثهم [وقال]: حدثنا نصر - وهو ابن مزاحم - حدثنا الحكم بن مسكين، حدثنا أبو الجارود وأبو طارق، عن عامر بن واثلة.

وأبو ساسان وأبو حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عامر بن واثلة قال: كنت مع علي عليه السلام في البيت يوم الشورى فسمعت عليا عليه السلام وهو يقول لهم: لاحتجن عليكم بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم [أن] يغير ذلك.

ثم قال: " انشدكم بالله أيها النفر " الخ.

ونقلها عنه بطولها العلامة الاميني (ره) في ثمرات الاسفار ج: 2.

 

[136]

 

- 28 -

ومن كلام له عليه السلام في معنى ما تقدم

قال الحاكم في كتاب حديث الطير (1): أخبرنا أبو بكر ابن أبي دارم الحافظ بالكوفة من أصل كتابه، حدثنا منذر بن محمد بن منذر، حدثنا أبي، حدثني عمي، حدثنا أبي عن أبان بن تغلب عن [أبي الطفيل] عامر بن واثلة قال: كنت على الباب يوم الشورى وعلي في البيت فسمعته يقول: استخلف أبو بكر وأنا في نفسي أحق بها منه [وأولى] فسمعت وأطعت [مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف] (2) واستخلف عمر (3) وأنا في نفسي أحق بها منه [وأولى] فسمعت وأطعت [مخافة] أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف] وأنتم تريدون أن تستخلفوا عثمان، إذا لا أسمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كما رواه عنه في الباب (100) من كفاية الطالب ص 386 ط 2.

(2) اي إن خوف ارتداد الناس صار سببا لتنازلي عن حقي وعدم نهوضي على خلافهم.

والسمع والطاعة أعمان من طيب النفس ورضا القلب لان كل أحد إذا أحس بالخطر العظيم لاسيما إذا كان الخطر أعظم من بذل النفس يسمع وينقاد.

ثم ان ما وضعناه بين المعقوفات مأخوذ من رواية العقيلي وغيره كما سنشير إليها.

(3) أي استخلف أبو بكر عمر، مع حضوري وأنا أحق بها..

 

[137]

ولا أطيع، جعل عمر في خمسة - أنا سادسهم - لا يعرف لهم فضل (4) أما والله لاحاجنهم بخصال لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم المعاهد منهم والمشرك أن ينكر منها خصلة.

[ثم قال عليه السلام]: أنشدكم بالله أيها الخمسة أمنكم [أحد] أخو رسول الله غيري ؟ قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد له عم مثل عمي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله غيري ؟ قالوا لا.

قال: أمنكم أحد له أخ مثل أخي المزين بالجناحين يطير مع الملائكه في الجنة ؟ قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء الامة غيري ؟ قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطي هذه الامة [5) ابني رسول الله غيري ؟ قالوا: لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(4) أي جعل عمر الخلافه في خمسة لا فضل لهم وليسوا لي بقرناء.

(5) وفي العقيلي: " أفيكم أحد له مثل زوجي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا اللهم: لا.

قال: أفيكم أحد له مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، قالوا: اللهم لا ".

لكنه أخر ذكر الصديقة عن سبطيها، عكس ما هنا، وما ذكرناه عنه.

 

[138]

قال: أمنكم أحد قتل مشركي قريش قبلي ؟ قالوا: لا (6).

قال: أمنكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري ؟ قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد قال له رسول الله [صلى الله عليه وآله] حين قرب إليه الطير فأعجبه: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير " فجئت وأنا لا أعلم ما كان من قول النبي صلى الله عليه وآله فدخلت [فلما رآني (7)] قال: وإلي يا رب وإلي يا رب.

غبري ؟ قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد كان أقتل للمشركين عند كل شديدة تنزل برسول الله صلى الله عليه وسلم مني ؟ قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد كان أعظم غناءا عن رسول الله صلى الله الله عليه وآله حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت [له] مهجتي غيري ؟ قالوا: لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(6) وبعده في رواية الخوارزمي هكذا: " قال: امنكم احد وحد الله قبلي، قالوا: لا.

قال أمنكم أحد أمر الله بمودته غيري، قالوا: لا.

قال.

أمنكم أحد غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلي، قالوا: لا.

قال: أمنكم أحد سكن المسجد يمر فيه جنبا غيري، قالوا: لا ".

(7) بين المعقوفين زيادة يستدعيها المقام.

ثم ان هذا الفصل هو آخر رواية الحاكم على ما في كفاية الطالب، واما الفصول الآتية فمأخوذ من رواية الخوارزمي.

 

[139]

قال: أمنكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير فاطمة ؟ قالوا: لا.

قال: أفيكم أحد كان يأخذ الخمس سهم في الخاص وسهم في العام غيري ؟ قالوا: لا.

قال: أفيكم أحد يطهره كتاب الله غيري حتى سد النبي صلى الله عليه وسلم أبواب المهاجرين جميعا وفتح بابي إليه حتى أتى إليه عماه حمزة والعباس وقالا: يارسول الله سددت أبوابنا وفتحت باب علي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم بل الله فتح بابه وسد أبوابكم ؟ قالوا: لا.

قال: أفيكم أحد تمم الله نوره من السماء حتى قال: " فلت ذا القربى حقه ؟ [26 - بني اسرائيل] قالوا: اللهم: لا.

 

[140]

قال: أفيكم أحد ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ست عشرة (1) مرة غيري ؟ حين نزل: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم [صدقة] " [12 - المجادلة] قالوا: اللهم لا.

قال: أفيكم أحد ولي غمض رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري ؟ قالوا: [اللهم] لا.

قال: أفيكم أحد [كان] آخر عهده برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وضعه في حفرته غيري ؟ قالوا لا.

أقول: الكلام من أوله إلى الفصل (9) مأخوذ من رواية الحاكم يالسند المتقدم، وأما الفصل (9) وما بعده من فصول هذا الكلام فرواه الخوارزمي في الحديث (38) من الفصل (19) من مناقبه ص 224 قال: أخبرني الشيخ شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف يالمروزي، أنبأنا الحافظ أبو علي الحسن ين أحمد بن الحسن الحداد بإصفهان، فيما أذن لي في الرواية عنه أنبأنا الشيخ الاديب أبو يعلى عبد الرزاق ابن عمر بن إبراهيم الطهراني، أنبأنا الامام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصفهاني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كذا في النسخة، وفي رواية كنز العمال: ج 3 ص 155: " اثنتي عشرة مرة.. ".

 

[141]

قال الشيخ أبو النجيب سعد بن عبد الله: وأخبرني بهذا الحديث عاليا الامام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصفهاني، عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، أنبأنا سليمان بن الحارث بن محمد، حدثنا أبو يعلى بن سعيد الرازي حدثنا [محمد بن] حميد، حدثنا زافر بن سليمان، حدثتا الحارث ين محمد، عن أبي الطفيل.

ورواه عنه الحموئي في الحديث: (262) في الباب: (59) من فرائد السمطين ورواه أيضا العقيلي في ترجمة حارث بن محمد من ضعفائه الورق 39 عن محمد بن أحمد الوراميني، عن يحي بن المغيرة الرازي، عن زافر، عن رجل، عن الحارث بن محمد عن أبي الطفيل.. ثم قال - يعد ختام الكلام -: وهذا السند فيه رجلان مجهولان: رجل لين لم يسمه زافر، و [الثاني] الحارث بن محمد.

ثم قال العقيلي: وحدثني جعفر بن محمد، حدثنا محمد بن حميد الرازي أنبأنا زافر، أنبأنا الحارث بن محمد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن علي فذكر نحوه.

و (أيضا) قال أبو جعفر (العقيلي): وهذا (أي) إسقاط الرجل المجهول من سلسلة (السند) عمل ابن حميد، أسقط الرجل أراد أن يجود الحديث، والصواب ما قاله يحي بن المغيرة ويحي بن المغيرة ثقة " (1).

ورواه عنه في الحديث: (1131) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) والمستفاد منه ان البخاري أيضا رواه - لكن بخار عصبيته حال بينه وبين كتابة الحديث والاعتراف بصحته - قال العقيلي: حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال: الحارث بن محمد عن أبي الطفيل (كذا) كنت على الباب يوم الشورى.

رواه زافر، عن الحارث، ولم يتبين سماعه منه ولم يتابع زافر عليه.

أقول: ورواه أيضا السيوطي في اللآلي: ج 1 / 187، نقلا عن العقيلي.

 

[142]

ورواه أيضا في كتاب الامارة من كنز العمال تحت الرقم: (2461) عنه وعن ابن الجوزي وقال: قال ابن حجر في أماليه: إن زافرا لم يتهم بكذب، وإنه إذا توبع على حديث كان حسنا.

ورواه أيضا أبو عمر في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من الاستيعاب: ج 3 ص 1098، ط مصر، قال: حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا عمرو بن حماد القناد، قال: حدثنا إسحاق ابن إبراهيم الازدي، عن معروف بن خربوذ، عن زياد بن المنذر، عن سعيد بن محمد الازدي، عن أبي الطفيل الخ غير أنه لم يذكر منه الا محل شاهده.

 

[143]

 

- 29 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لعبد الرحمان بن عوف في يوم الشورى

لما عرض عليه وعلى عثمان الخلافة ثلاث مرات على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر وفي كل مرة يقول له عثمان نعم.

ويجيبه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: " على أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت ".

وبعد المرة الثالثة قال لعبد الرحمان: إن كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى إجيرى أحد (1) أنت مجتهد أن تزوي هذا الامر عني (3) ! !.

تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 142، ط 3.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) الاجيري - بكسر فتشديد -: العادة والطريقة.

(2) أي تصرفه وتمنعه عني.

 

[144]

 

- 30 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لعبد الرحمان بن عوف لما بايع عثمان

وبالسند المتقدم عن الطبري قال عليه السلام لعبد الرحمان ين عوف لما بايع عثمان في اليوم الثالث من الشورى: حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا (1) فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، والله ما وليت عثمان إلا ليرد الامر إليك، والله كل يوم هو في شأن.

تاريخ الطبري: ج 3 ص 297 في حوادث سنة (23)، ومثله في تاريخ الكامل: ج 3 ص 37، ورواه في حديث الثقلين من عبقات الانوار، ص 905 و 910 ط إصفهان عنهما وعن كتاب المختصر، ورواه أيضا ابن عبد ربه في العقد الفريد: ج 3 ص 76 ط 2 تحت الرقم (5) من كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم.

ورواه أيضا ابن أبي الحديد في شرح المختار (139) من خطب نهج البلاغة ج 9 ص 53 عن زيادات كتاب السقيفة للجوهري، وعن عوانة، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن الشعبي في كتاب شورى ومقتل عثمان بصورة أخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) هذا بصريحه يدل على انهم قد تظاهروا قبل ذلك على خلاف أهل البيت عليهم السلام ومشاقتهم، ويدل أيضا بالصراحة على أن هؤلاء أول من علم الناس - في الاسلام - التكالب على الدنيا والتنافس فيها.

 

[145]

 

- 31 -

ومن كلام له عليه السلام في بث الشكوى والتظلم من قريش

وبالسند المتقدم في المختار (24) قال عليه السلام - لما قيل له: لم لا تدع الناس إلى نفسك كي تستنقذ بهم ما غلبوك عليه من الخلافة -: إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر إلى بيتها فتقول: إن ولي عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبدا، وما كانت في غيرهم من قريش تداولتموها ! ! (1).

تاريخ الطبري: ج 3 ص 298، ورواه عنه ابن أبي الحديد، في شرح الخطبة الشقشقية من شرح النهج: ج 1 / ص 199، ومثله أيضا في تاريخ الكامل لابن الاثير: ج 4 ص 37، وللكلام مصادر وشواهد أخر أوضح مما هنا تقف عليها فيما ذكرناه في المقالة العلوية الغراء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) هذا الفصل أيضا - مع اختصاره وشدة احتياط ناقله في اختيار المجمل فالمجمل من هذا النمط - يدل على أن هؤلاء العدول من الصحابة، كانوا في الاسلام أول من سعى وجد في تحصيل الدنيا، والحيلولة بين آل المصطفى وبين منصبهم.

 

[146]

 

- 32 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لعثمان لما تمحل في درء الحد

عن عبيد الله بن عمر قاتل هرمزان (ره) أما أنت فمطالب بدم الهرمزان، يوم يعرض الله الخلق للحساب، وأما أنا فأقسم بالله لئن وقعت عيني على عبيد الله بن عمر لاخذت حق الله منه وإن رغم أنف من رغم.

كتاب الجمل ص 95 ط النجف.

وقريبا منه بعض القرب رواه في ترجمة عثمان من أنساب الاشراف: ج 5 ص 24 نقلا عن المدائني.

 

[147]

 

- 33 -

ومن خطبة له عليه السلام خطبها في زواج بعض بني أمية

محمد بن يعقوب الكليني عليه الرحمة والرضوان، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب: عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن جماعة من بني أمية في إمارة عثمان اجتمعوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم جمعة وهم يريدون أن يزوجوا رجلا منهم، وأمير المؤمنين عليه السلام قريب منهم، فقال بعضهم لبعض: هل لكم أن نخجل عليا الساعة، نسأله أن يخطب بنا ونتكلم فإنه يخجل ويعي بالكلام (1) فأقبلوا إليه فقالوا: يا أبا الحسن إنا نريد أن نزوج فلانا فلانة، ونحن نريد أن تخطب بنا.

فقال: فهل تنتظرون أحدا ؟ فقالوا: لا.

فوالله ما لبث عليه السلام حتى قال: الحمد لله المختص بالتوحيد (2)، المتقدم بالوعيد، الفعال لما يريد، المتحتجب بالنور دون خلقه، ذي الافق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) يقال: " عيي بأمره وعنه - من باب حسب - عيا وعياءا لم يطق إحكامه وعجز عنه.

أو لم يهتد لوجه مراده.

و " عيي في المنطق عيا " من باب حسب - والمصدر كالضد -: حصر فهو عي وعيي.

عجبا للمساكين ظنوا أن خليفة النبي صلى الله عليه وآله ووصيه مثل من استولى على أريكة الخلافة بالقهر والغلبة فاقد للكمالات لا يقدر على إنشاء الخطبة - كما رأوا من ابن عمهم عثمان في أول يوم خلافته لما صعد المنبر - ولم يعرفوا أن الله لا ينقض غرضه وحكمته بإعطاء الخلافة للجهال، فمن جعله وصيا لنبيه وخليفة له لابد أن يكون مثل النبي في العلم والكمال كيلا يكون للناس على الله حجة بعده، وليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بيينة.

(2) أي الذي يختص التوحيد الحقيقي به دون خلقه فإن التوحيد فيهم اعتباري كل ممكن زوج تركيبي مؤلف من أشياء.

 

[148]

الطامح، والعز الشامخ، والملك الباذخ (3) المعبود بالآلاء، رب الارض والسماء، أحمده على حسن البلاء وفضل العطاء، وسوابغ النعماء، وعلى ما يدفع ربنا من البلاء، حمدا يستهل له العباد، وينموا به البلاد (4).

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يكن شئ قبله ولا يكون شئ بعده، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، إصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل (5) إختصه لنفسه، وبعثه إلى خلقه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) قال المجلسي الوجيه: معنى " المتحجب بالنور ": ليس له حجاب إلا الظهور الكامل، أو الكمال التام، أو أن عرشه محتجب بالانوار الظاهرة.

والطموح: الارتفاع.

ولعل (قوله): " ذى الافق الطامح " كناية عن ارتفاعه عن إدراك الحواس والعقول والاوهام، أو عن أن يصل إليه أحد بسوء.

وكذلك الفقرتان التاليتان، ويحتمل التوزيع.

و " الشامخ ": العالي.

و " الباذخ ": المرتفع.

العظيم الشأن.

و " المعبود بالالاء " أي الذي يعبده ويخضع له العباد بسبب آلائه وأياديه إليهم ولديهم ومن أجل إحسانه وإنعامه عليهم.

(4) و " السوابغ ": جمع السابغة: الواسعة.

التامة.

و " النعماء " - كحمراء: جمع أنعم - كأفلس - والنعمى - كقربى - وحسنى: اليد البيضاء الصالحة: و " يستهل له العباد ": يرفعون به أصواتهم، يدعونه خوفا وطعما، ويستبشرون بذكره ويستانسون به في خلواتهم.

و " ينمو به البلاد " أي بإفاضته النعم على أهاليها فيزدادون بزيادتها.

(5) " بالتفضيل " أي إنما اصطفاه الله واختاره بسبب تفضيله في حد ذاته على غيره من ذوي العقول.

أو بأن فضله الله على جميع الخلق بالرسالة.

" وهدى به من التضليل " أي لئلا يضلهم الشيطان.

أو لئلا يجدهم ضالين.

أو لئلا يكونوا مضلين.

 

[149]

برسالاته وبكلامه، يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والاقرار بربوبيته، والتصديق بنبيه صلى الله عليه وآله، بعثه على حين فترة من الرسل، وصدف من الحق (6) وجهالة بالرب، وكفر بالبعث والوعيد، فبلغ رسالاته وجاهد في سبيله ونصح لامته، وعبده حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا.

أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم، فإن الله عز وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، فتنجزوا من الله موعوده، واطلبوا ما عنده بطاعته والعمل بمحابه، فإنه لا يدرك الخير إلا به، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته، ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه [7) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أما بعد فإن الله أبرم الامور وأمضاها على مقاديرها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(6) المراد من الفترة - هنا -: انقطاع الناس عن الرسل والانبياء.

و " صدف من الحق " أي اعراض وصدود عنه.

(7) التكلان - كثعبان وسبحان -: الاعتماد والتوكل.

 

[150]

فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك، وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم، وقضاياه المبرمة، ما قد تشعبت به الاخلاف، وجرت به الاسباب، وقضى من تناهي القضايا بنا بكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلاءه وحسن بلائه، وتظاهر نعمائه، فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإياكم عليه، وساقنا وإياكم إليه.

ثم إن فلان بن فلان ذكر فلانة بنت فلان (1) وهو في الحسب من قد عرفتموه، وفي النسب من لا تجهلونه، وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه، فردوا خيرا تحمدوا عليه وتنسبوا إليه، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

الحديث الاول من الباب (44) من كتاب النكاح من الكافي: ج 5 ص 369.

ونقلها عنه في البحار: ج 18، ص 370.

وهذا هو المختار (88) من خطب المستدرك ص 103.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) هذا التعبير من الراوي لذهاب اسمهما عن باله، أو لشئ آخر، ويبعد كل البعد كون اللفظ من أمير المؤمنين عليه السلام مع علمه باسم الزوجين.

 

[151]

 

- 34 -

ومن كلام له عليه السلام في تقريع آل أمية، والاشارة إلى هوان شأنهم

قال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي قال:: حدثنا غندر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا وائل يحدث عن الحارث بن حبيش الاسدي قال: بعثني سعيد بن العاص بهدايا إلى الكوفة (1) وفضل عليا فأتيته فقلت: إن ابن أخيك يقرؤك السلام.

وذكر الحديث فقال [علي عليه السلام]: أما والله لئن ملكتها لانفضنها نفض القصاب التراب الوذمة (2).

قال [عبد الله: قال] أبي: وقال يحي بن أبي بكير: التراب والوذمة [كذا].

قال أبي: ويقال: إنما هي الوذام التربة.

رواه تحت الرقم: (1791) من كتاب العلل ومعرفة الرجال - لعبد الله ابن أحمد - ص 278 ط 1، وفي مخطوطه الورق 65 ب، وللكلام مصادر، تجد بعضها فيما يأتي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كذا في الاصل، وكلمة: " إلى " بمعنى " من ".

(2) قال في مادة: " ترب " من نهاية ابن الاثير: وفي حديث علي (عليه السلام): لئن وليت بني أمية لانفضهم نفض القصاب التراب الوذمة.

التراب: جمع ترب مخفف ترب [مثل كتف وكتف] يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب.

والوذمة: المنقطعة الاوذام وهي السيور التي يشد بها عرى الدلو.

 

[152]

 

- 35 -

ومن كلام له عليه السلام في وجوب التجنب عن ورد بني أمية

قال المحاملي: حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، قال،: حدثنا غسان، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عمرو بن مرة عن شقيق بن سلمة، قال: سمعت عبد الرحمان ابن خنيس (كذا) قال: لما قدم سعيد بن العاص المدينة بعث معي بمال وكسوة إلى علي [بن أبي طالب] وقال لي: قل له: لم يأت أحد من أهل الغائط [كذا] ما أتاك إلا أمير المؤمنين [يعني عثمان] فقال علي [عليه السلام]: لشد ما يحظر علي بنو أمية تراث محمد صلى الله عليه وسلم، والله لئن بقيت لهم لانفضنهم نفض الكراع أذن الشاة من التراب (1).

أواسط المجلس الثاني من الجزء الثاني من أمالي الشيخ حسين المحاملي الورق 86.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كذا في الاصل، ولم يرد هذا التعبير: " الكراع أذن الشاة من التراب " من طريق غيره مما ظفرت به، ولعل المعنى لئن يقيت وتحملت أعباء الخلافة، لاطردن بني أمية عن الامارة، ولازيلنهم عن منهل الخلافة، كما يزيل الكراع - كضراب، وهو من يسقي ماشيته بماء المطر - اذن الشاة والاجزاء المبتورة منها الواقعة في ممر مسقى شياته، كراهة أن تبتلي شياته وماشيته بداء الميتة فيعتريها المرض أو الموت.

 

[153]

 

- 36 -

ومن كلام له عليه السلام في المعنى المتقدم

قال ابن عساكر - في ترجمة سعيد بن العاص من تاريخ دمشق: ج 21 ص 35 - أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو صادق الاصبهاني، أنبأنا أحمد ابن محمد بن زنجويه، أنبأنا الحسن بن عبد الله بن سعيد (1)، أنبأنا محمد بن يحي، أنبأنا علي بن الصباح الشيرازي، أنبأنا أبو محلم، حدثني من سمع شعبة، يقول: حدثنا محمد بن المنكدر، قال: أهدى سعيد بن العاص هدايا لاهل المدينة [حينما كان واليا على الكوفة من قبل عثمان] وقال لرسوله [الذي أرسل الهدايا معه]: لا تعذرني إلا عند علي بن أبي طالب، وقل له: ما فضلت عليك أحدا في الهدية إلا أمير المؤمنين عثمان.

فقال علي [عليه السلام] لما قال له الرسول ذلك:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وأخيرا رواه لنا بعض المعاصرين عن كتابه تصحيف المحدثين الورق 20 قال: أخبرنا محمد بن يحيى، حدثنا علي بن الصباح الشيرازي حدثنا أبو محلم - قال الشيخ: هو أحمد بن هشام السعدي - قال: حدثني من سمع شعبة يقول: حدثنا محمد بن المنكدر، قال: أهدى سعيد بن العاص هدايا لاهل المدينة وقال لرسوله: لا تعتذرن إلا عند علي بن أبي طالب وقل له: ما فضلت عليك أحدا في الهدية إلا أمير المؤمنين عثمان ابن عفان.

فقال علي عليه السلام لما قال له الرسول ذلك: لشد ما نفست علي أمية وضايقتني، والله لئن وليتها لانفضنها نفض القصاب التراب الوذمة.

قال: فقال الاصمعي: الثراب بالثاء المعجمة بثلاث.

فقال شعبة: ما سمعت إلا التراب بالتاء (كذا) فتحاكما إلى أبي عمرو، فحكم كما قال شعبه: قال أبو محلم: الصواب [هم‍] ما قال شعبة وحكم به أبو عمرو.

 

[154]

لشد ما نفست علي أمية وضايقتني (2) والله لئن وليتها لانفضنها نفض القصاب التراب الوذمة.

قال: فقال له الاصمعي: التراب [يعني بالتاء المثناة] فقال شعبة: هما سمعته إلا الثراب بالثاء [المثلثة] فتحاكما إلى أبي عمرو، فحكم كما قال شعبة (3) قال أبو محلم: الصواب ما قال شعبة وحكم به أبو عمرو.

[ثم] قال العسكري: وأخبرنا به عبد العزيز بن يحي الجلودي، عن أبي ذكوان، عن الثوري، عن الاصمعي بمثله.

وقال الثوري: صحف الاصمعي وأصاب [ظ] شعبة.

والثراب: الكروش يقال: هذه كورش ثربة [أي غشيها الشحم] والوذمة: ذات زوائد، شبهت بوذام الدلو، وأنشد: قد صدرت مترعة وذامها (4) هذا مذهب أبي عبيد فيه، وقال أبو سعيد المكفوف فيما رد على أبو عبيد وتحاك حكاية عنه [كذا] وفسر أن الثراب الوذمة هي الحزة من الكرش أو الكبد.

والتربة التي قد سقطت في التراب فتربت، ثم قال أبو سعيد: والصحيح عندنا غير ما ذكر (5) وإنما سميت الكروش الثربة لانها تحمل [أو تحل] فيها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(2) يقال: " نفس بالشي نفسا ونفاسة ونفاسية - الفعل من باب علم، والمصدر كالضرب والسماحة والسماوية -: ضن به.

ونفس على فلان بخير: حسده عليه.

(3) وفي تهذيب تاريخ الشام ج 6 / 139: " بما قال شعبه ".

قال أبو محلم: وهو الصواب.

وقال الثوري: صحف الاصمعي لان الثراب: الكروش.

يقال: هذه كروش ثربة.

والوذمة ذات زوائد، شبهت بوذام الدلو.

وأنشد: " قد صدرت مترعة وذامها ".

(4) لم أعثر على الصمرع الثاني منه ولا على قائله، ولم يذكره أيضا منه شيئا، من رواه لنا عن تصحيف المحدثين عدى قوله: " أخبرنا به عبد العزيز بن يحى الجلودي ".

والظاهر لم يكتب لنا البقية، لظنه ان الشاهد فيما كتبه دون ما عداه.

(5) أي غير ما ذكر شعبة، وإنما سميت بالكروش التربة لانها تحمل فيها التراب من المرتع.

 

[155]

التراب من المرتع، والوذمة التي قد أخمل باطنها بخمله وهي زئيرها وكل كرش وذمة لانها مخملة.

فيقول [أمير المؤمنين عليه السلام]: لئن وليتهم لاطهرنهم مما هم فيه من الدنس، ولاطيبنهم من الخبث.

قال (أبو سعيد) وسمعت أبا بكر بن دريد يقول برد هذا كله، ويقول: إن قولهم: الثراب الوذمة خطأ، وان أصحاب الحديث قلبوه وإنما هو: " الوذام التربة " قال: وأصله أن كل سير قددته مستطيلا فهو وذم، وكذلك اللحم والكرش وما أشبهه، وهذا أراد (6).

وقال في النهاية: قال الاصمعي: سألني شعبة [كذا] عن هذا الحرف فقلت: ليس هو هكذا، إنما هو " نفض القصاب الوذام التربة " وهي التي قد سقطت في التراب.

وقيل: الكروش كلها تسمى تربة لانها يحصل فيها التراب من المرتع، والوذمة التي أخمل باطنها، والكروش وذمة لانها مخملة، ويقال، لخملها: الوذم، ومعنى الحديث: لئن وليتهم لاطهرنهم من الدنس.. وقيل: أراد بالقصاب السبع، و [من] التراب أصل ذراع الشاة، والسبع إذا أخذ الشاة قبض على ذلك المكان ثم نفضها.

أقول: وقريبا منه ذكره في مادة " ترب " من كتاب الفائق في شرح الكلام، وكذا في مادة " وذم " من صحاح الجوهري.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(6) وليعلم أن في جميع الموارد ضبط الاصل يعني تاريخ دمشق " الوذمة " بالزاء أخت الراء، وأصلحناها على المعروف يعني بالذال المعجمة أخت الدال.

 

[156]

 

- 37 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لابي ذر الغفاري رحمه الله حين سفّره مروان بأمر عثمان إلى الربذة

ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني الرازي رحمه الله، عن سهل، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن حفص التميمي، قال: حدثني أبو جعفر الخثعمي (1) قال: قال: لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة شيعه أمير المؤمنين وعقيل والحسن والحسين عليهم السلام وعمار بن ياسر رضي الله عنه، فلما كان عند الوداع قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا ذر إنك إنما غضبت لله عزوجل، فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك (2) فارحلوك عن الفناء (3) وامتحنوك بالبلاء، والله لو كانت السماوات والارض على عبد رتقا ثم اتقى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) الخبر مروي من طرق أخر غير موقوفة، وله أصول معتبرة، وأبو جعفر الخثعمي هذ لعله هو محمد بن حكيم من أصحاب الامام الصادق والكاظم عليهما السلام.

(2) وبعده في نهج البلاغة هكذا: " فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب بما خفتهم عليه فما أحوجهم إلى ما منعتهم، وما أغناك عما منعوك، وستعلم من الرابح غدا والاكثر حسدا، ولو كانت السماوات والارض على عبد " الخ.

(3) أي أزعجوك عن فناء دارك أو دار رسول الله صلى الله عليه وآله، يقال: " رحله رحلا - من باب منع - عن داره ": أزعجه وصيره ينتقل منها ويتركها.

والفناء - كالحساب والكتاب -: الساحة أمام البيت، والجمع أفنية وفتى - كغنى -

 

[157]

الله عزوجل، جعل له منها مخرجا (4) فلا يؤنسك إلا الحق، ولا يوحشك إلا الباطل (5).

ثم تكلم عقيل فقال: يا أبا ذر أنت تعلم أنا نحبك ونحن نعلم أنك تحبنا، وأنت قد حفظت فينا ما ضيع الناس إلا القليل، فثوابك على الله عزوجل، ولذلك أخرجك المخرجون، وسيرك المسيرون، فثوايك على الله عزوجل، فاتق الله واعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع وقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

ثم تكلم الحسن عليه السلام فقال: يا عماه إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى، وإن الله عزوجل بالمنظر الاعلى (6) فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك لرخاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وهو عنك راض إن شاء الله.

ثم تكلم الحسين عليه السلام فقال: يا عماه إن الله تبارك وتعالى قادر أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(4) والرتق مصدر - على زنة الضرب والنصر، والفعل من باب ضرب ونصر -: السد والغلق أي لو كانت أبواب السماء والارض مسدودة، وطرق الفرج والخلاص من جميع الجهات مغلقة على العبد واتقى الله وائتمر بأوامره وكف نفسه عما نهى عنه، لجعل الله له فرجا، وفتح له من الضيق والاحتباس مخرجا.

وفي الآية: (30) من سورة الانبياء: " ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما ".

(5) وفي المختار: (38) من خطب النهج: " لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، فلو قبلت دنياهم لاحبوك، ولو قرضت منها لامنوك ".

(6) أي مشرف على الجميع، وهذا كناية عن علمه بما يحدث في دار الوجود، وانه لا يعزب عن علمه المحيط شئ، فلا يضيع عنده عمل عامل من ذكر أو أنثى فليتسابق المؤمنون إلى مرضاته، ولينته المجرمون عما يسخطه فإنه تعالى لهم لبالمرصاد.

 

[158]

يغير ما ترى وهو كل يوم في شأن (7) إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فعليك يالصبر فإن الخير في الصبر، والصبر من الكرم، ودع الجزع فإن الجزع لا يغنيك.

ثم تكلم عمار رضي الله عنه، فقال: يا أبا ذر أوحش الله من أوحشك، وأخاف من أخافك، إنه والله ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها، إلا انما الطاعة مع الجماعة (8) والملك لمن غلب عليه، وإن هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم إليها، ووهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.

ثم تكلم أبو ذر رضي الله عنه فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بأبي وأمي هذه الوجوه فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله صلى الله عليه وآله بكم، وما لي بالمدينة شجن ولا سكن غيركم (9)، وإنه ثقل على عثمان جواري يالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام، فآلى (10) أن يسيرني إلى بلدة فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة، فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه (11)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(7) أي في خلق وتقدير، وقضاء حاجة ودفع كربة، ورفع قوم ووضع آخرين، وغير ذلك مما يلائم حكمته تعالى فيقدره بقدرته القاهرة أو بتسبيب الاسباب، والغرض تسلية أبي ذر بأنه مع كل عسر يسرا، ومع كل شدة فرجا.

(8) أي إن طاعة الناس وانقيادهم مع الجماعة أي من اجتمع عليه الجمهور ورضيت به العامة والهمج والرعاء، وملكهم ورئاستهم لمن غلب على الامر، واستولى على البلاد (9) الشجن - كالشجر وكذلك الشجنة بتنثليت الشين وسكون الجيم -: الغصن الملتف المشتبك.

هوى النفس.

والسكن - كالوطن -: ما يسكن ويطمئن إليه ويستأنس به، وفي المعنى الاول للشجن تشبيه بديع حيث شبه نفسه بفرع لا استمساك له، وأهل البيت بغصن بالالتفاف به والتمسك منه يحصل القوام والاستمساك.

(10) فآلى - فعل ماض من باب الافعال مأخوذ من الايلاء -: فحلف.

(11) وهو الوليد بن عقبة أخا عثمان لامه، وكأن ولاه الكوفة، فكان يصلي بهم الصبح في حال السكر أربعا ويقول: هل أزيدكم ؟ ! !

 

[159]

الناس بالكوفة، وآلى بالله أن يسيرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيسا ولا أسمع بها حسيسا (12) وإني والله ما أريد إلا الله صاحبا، وما لي مع الله وحشة، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين.

الحديث (251) من روضة الكافي ص 206 ط طهران، والقصة ذكرها في الحديث (95) من كتاب السفر، من المحاسن، ص 353 بسند آخر ولكن لم يذكر منها الا كلام الحسين عليه السلام قريبا مما مر، كما أنه زاد في المشيعين عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (ره).

أقول: وأشار إلى القصة أيضا في ترجمة عثمان من أنساب الاشراف ج 5 ص 54، قال البلاذري: وحدثني بكر بن الهيثم، عن عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: تكلم أبو ذر بشئ كرهه عثمان فكذبه فقال: ما ظننت أن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما أقلت الغبراء ولا أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".

ثم سيره إلى الربذة فكان أبو ذر يقول: ما ترك الحق لي صديقا.

فلما سار إلى الربذة قال: ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا.

قال: وشيع علي أبا ذر، فأراد مروان منعه منه فضرب علي بسوطه بين أذني راحلته، وجرى بين علي وعثمان في ذللث كلام حتى قال عثمان: ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(12) الحسيس: الصوت الخفي.

(13) والحديث رواه العلامة الاميني (ره) في ترجمة أبي ذر من كتاب الغدير: ج 8 ص 320 ط 1، بطرق كثيرة.

 

[160]

أنت بأفضل عندي منه (14) وتغالظا فأنكر الناس قول عثمان، ودخلوا بينهما حتى اصطلحا.

وقريبا مما ذكره البلاذري نقله أيضا أحمد بن أعثم في كتاب الفتوح: ج 3 ص 159، ط 1

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(14) قايس بين ما يقوله عثمان وبين ما قال الله ورسوله في حق علي ومروان، فإن كان عثمان لا يدري فتلك مصيبة، ! وإن كان يدري فالمصيبة أعظم ! أفمن كان مؤمنا كمن فاسقا ؟ ! ببحان الله مروان الذي بنص عائشة فظاضة من لعنة الله يساوي علي بن ابي طالب الذي هو نفس رسول الله بنص القرآن ! عجبا للخليفة يسوي بين من قال له رسول الله: في شأنه بدور معه الحق حيثما داره وبين خيط الباطل والشجرة الملعونة في القرآن ! ! سبحان الله هل يسوى بين من قاله رسول الله صلى الله عليه واله أنت مني وأنا منك.

وأنت مني بمنزلة هارون من موسى.

وخلقت أنا وأنت من شجرة واحدة.

وبين من قال له رسول الله: الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون ! ! عجبا هل يقول عثمان بالتسوية بين أبي الائمة الهادية وأصل الذرية الطاهرة من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله الذين لا يقارقون القرآن حتى يردوا على رسول الله الحوض، وبين من يقول رسول الله في أبيه: لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه - إلا المؤمنين وقليل ما هم - ذو مكر وخديعة تعطون الدنيا وما لهم في الاخرة من نصيب ! ! !، وإن أردت أن تطلع إلى نموذج من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وشر ذمة قليلة من مخازي مروان وذويه من طريق أولياء عثمان فانظر إلى ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 38، أو إلى غاية المرام، والغدير: ج 8 ص 250 - 72 - وتواليها، فإنك إذا راجعتها تعرف أن الكف نموذج من " خروار " ويتجلي لك صدق قول أمير المؤمنين في شأن الرجل: " حمال الخطايا " ويتمركز في شغاف قلبك بلا اختيار منك رمز قوله عليه السلام في شأن القوم: " معادن كل خطيئة، وأبواب كل ضارب في غمرة قد ما روا في الحيرة، وذهلوا في السكرة على سنة من آل فرعون من منقطع لى الدنيا راكن أو مفارق للدين مباين ".

المختار (40) من النهج السعادة، و (148) من نهج البلاغة.