[236]
ومن كلام له عليه السلام لما أخبر بخروج طلحة والزبير من مكة إلى البصرة (1)
قال أبو عمر: وذكر عمر بن شبة، عن المدائني، عن أبي مخنف، عن جابر، عن الشعبي، قال: لما خرج طلحة والزبير [من مكة قاصدين إلى البصرة] كتب أم الفضل بنت الحارث إلى علي رضي الله عنه بخروجهم، فقال علي (عليه السلام): إن الله عزوجل لما قبض رسوله صلى الله عليه وآله وسلم (2) قلنا نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد، فأبى علينا قومنا فولو [ه] غيرنا، وأيم الله لولا مخافة الفرقة وأن يعود الكفر ويبور الدين لغيرنا [ذلك] فصبرنا على بعض الالم (3) ثم لم نر بحمد الله إلا خيرا
ً، ثمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال في مروج الذهب: ج 3 ص 357: وسار القوم نحو البصرة في ستمأة راكب.
(2) كذا في نسخة الهند من الاستيعاب، وهو الصواب، وحذف لفظة: " وآله " من طبعة مصر، وهكذا استقر دأبهم الا من عصمه الله.
ثم إن في النسختين هكذا: " عجبا لطلحة والزبير، إن الله عزوجل " الخ.
(3) بين المعقوفين زيادة منا، و " الالم " بالفتحات -: الوجع الشديد.
و " يبور ": يهلك ويفسد.
والكلام صريح في أنه عليه السلام لو نهض الاستنقاذ سلطان النبي من أيدي المتغلبين لتفرق المسلمون ولعاد الكفر، ولارتفع الدين من وجه الارض.
وهذا أمر جلي ومن قضايا قياساتها معها لمن سبر تاريخ الصحابة وما صدر منهم بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وآله، فيقول أمير المؤمنين
[237]
وثب الناس على عثمان فقتلوه، ثم بايعوني ولم أستكره أحدا، وبايعني طلحة والزبير ولم يصبرا شهرا كاملا حتى خرجا إلى العراق ناكثين، اللهم فخذهما بفتنتهما للمسلمين.
ترجمة رفاعة بن رافع بن مالك الزرقي الانصاري من كتاب الاستيعاب: ج 1، ص 176، وفي ط مصر بهامش الاصابة: ج 1، ص 490، وقريب منه في كتاب الجمل ص 233 بسندين، وكذلك قريبا منه رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار: (22) من خطب النهج: ج 1، ص 207 عن أبي الحسن المدائني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه السلام إنما صبرت على غصب حقي ونهب سلطان ابن عمي وتحملت ما نالني من القوم من الوجع الشديد، تخفظا على اجتماع شمل المسلمين وبقاء الدين، وإبقاء للكفر على عدمه وزواله.
قال في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد: ج 1، ص 445 ط 1، نقلا عن أبي الحسن البكالي: عن عثمان مؤذن بني قصي قال: صحبت عليا سنة كلها [كذا] ما سمعت منه براءة ولا ولاية، إلا أني سمعته يقول: من يعذرني من فلان وفلان، فانهما بايعاني طائعين غير مكرهين، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته ! ! ثم قال: والله ما قوتل أهل هذه الآية بعد: " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم " الآية.
وعن ابن مردويه، عن علي قال: والله ما قوتل أهل هذه الآية منذ أنزلت: " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم " الآية.
وعن ابن أبي شيبة، عن حذيفة أنه قرء هذه الآية: " فقاتلوا أئمة الكفر " قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
[238]
ومن خطبة له عليه السلام لما سار طلحة والزبير وعائشة ومن معهم نحو البصرة (1)
وذكر أبو مخنف في كتاب الجمل أن عليا عليه السلام خطب - لما سار الزبير وطلحة ومعهما عائشة يريدون البصرة - فقال: أيها الناس إن عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير، وكل منهما يرى الامر له دون صاحبه، أما طلحة فابن عمها، وأما الزبير فختنها، والله لو ظفروا بما أرادوا - ولن ينالوا ذلك أبدا - ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد.
والله إن راكبة الجمل الاحمر ما تقطع عقبة، ولا عقدة إلا في معصية الله وسخطه، حتى تورد نفسها ومن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال المسعودي في أوائل خلافة علي عليه السلام من كتاب مروج الذهب: ج 3 ص 357: وسار القوم نحو البصرة في ستمأة راكب، فانتهوا في الليل إلى ماء لبني كلاب يعرف با " الحوأب " عليه ناس من بني كلاب فعوت كلابهم على الركب، فقالت عائشة: ما اسم هذا الموضع، فقال لها السائق لجملها: الحوأب.
فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك، فقالت: ردوني إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لي في المسير.
فقال الزبير: بالله ما هذا الحوأب، ولقد غلط من أخبرك به.
وكان طلحة في ساقة الناس، فلحقها فأقسم أن ذلك ليس بالحوأب، وشهد معهما خمسون رجلا ممن كان معهم، فكان ذلك أول شهادة زور أقيمت في الاسلام الخ.
[239]
معها موارد الهلكة، أي والله ليقتلن ثلثهم وليهربن ثلثهم، ليتوبن ثلثهم ؟ ! وإنها التي تنبحها كلاب الحوأب (2) وإنهما ليعلمان أنهما مخطئان ؟ ! ورب عالم قتله جهله ومعه علمه لا ينفعه (3) وحسبنا الله ونعم الوكيل فقد قامت الفتنة [و] فيها الفئة الباغية، أين المحتسبون ؟ أين المؤمنون ؟ (4).
مالي ولقريش ؟ ! أما والله لقد قتلتهم كافرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) هذه ثلاثة أخبار غيبية قد أخبر عليه السلام بها قبل وقوعها ووقع الخبر على طبق ما أخبر به، وقد قارن أخباره هذه - وغيرها من خوارق العادات - مع دعوى الامامة فهو الامام.
قال في معجم البلدان - بعد كلام طويل في معنى الحوأب -: وفي الحديث: ان عائشة لما أرادت المضي إلى البصرة في وقعة الجمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت: ما هذا الموضع، فقيل لها: هذا موضع يقال له: الحوأب.
فقالت: ما أراني إلا صاحبة القصة، ! فقيل لها: وأي قصة ؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وعنده نساؤه -: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب سائرة إلى الشرق في كتيبة ؟ ! فهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها إنه ليس بالحوأب.
أقول: والقصة من ضروريات فن التاريخ والحديث، وعدت في معجزات نبينا في كتب جماعة من الخاصة والعامة، وصدقتها شواهد كثيرة، فما اختلقه بعض من أن المراد غير عائشة فهو من قبيل حلف الزبير وخمسين من الاعراب لعائشة بأن الموضع ليس بالحوأب، فهو شهادة ثانية بالزور في الموضوع ! !، ومن أراد أن يعلم نبذا من مصادره فعليه بكتاب فضائل الخمسة: ج 2 ص 369.
(3) ومثله في المختار (107) من قصار النهج، غير أن فيه: " وعلمه معه لا ينفعه ".
(4) وفي المختار: (146) من نهج البلاغة: " قد قامت الفئة الباغية فأين المحتسبون " الخ.
و " المحتسبون ": هم الذين يأتون بالاعمال حسبة اي قربة إلى الله.
[240]
ولاقتلنهم مفتونين ! ومالنا إلى عائشة من ذنب إلا أنا أدخلناها في حيزنا.
والله لابقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته، فقل لقريش فلتضج ضجيجها (5) شرح المختار السادس من الباب الاول من النهج من شرح ابن أبي الحديد: ج 1، ص 233، وقريب منه جدا في الفصل (19) من مختار كلامه عليه السلام في الارشاد ص 131.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) يقال: " بقره - من باب منع - بقرا ": شقه.
والخاصرة من الانسان: جنبه فوق رأس الورك، والجمع: خواصر.
[241]
ومن خطبة له عليه السلام في الشكاية عمن تقدمه والدعاء على طلحة والزبير
أبو الحسن علي بن محمد المدائني، عن محمد عبد الله بن جنادة، قال: قدمت من الحجاز أريد العراق، في أول إمارة علي عليه السلام، فمررت بمكة، فاعتمرت، ثم قدمت المدينة، فدخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ نودي: الصلاة جامعة فاجتمع الناس، وخرج علي عليه السلام متقلدا سيفه، فشخصت الابصار نحوه.
فحمد الله وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله ثم قال: أما بعد فإنه لما قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله قلنا نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقنا طامع، إذ انبرى لنا قومنا (1) فغصبونا سلطان نبينا فصارت الامرة لغيرنا وصرنا سوقة يطمع فينا الضعيف، ويتعزز علينا الذليل (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، ولعل معناه: تنكر لنا قومنا ولبسوا لنا جلد النمر، أو ترفعوا علينا قومنا.
من قولهم: " نبر الشئ - من باب ضرب - نبرا " رفعه.
و " انتبر الجرح والجسد ": تورم وارتفع.
(2) الامرة: الامارة.
والسوقة: الرعية، وهي كالقوم والرهط يطلق على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
وهذا الفصل لا ينبغي أن يلهى عنه، ويمر عليه بلا تأمل فإن فيه إشارة إجمالية إلى أساس مصائب أهل البيت، وما مني به المسلمون إلى يوم القيامة.
[242]
فبكت الاعين منا لذلك وخشنت الصدور (3).
وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبور الدين لكنا على غير ما كنا لهم عليه (4) فولي الامر ولاة لم يألوا الناس خيرا " (5) ثم استخرجتموني أيها الناس من بيتي فبايعتموني على شين مني لامركم (6) وفراسة تصدقني ما في قلوب كثير منكم (7) وبايعني هذان الرجلان في أول من بايع، تعلمون ذلك، وقد نكثا وغدرا ونهضا إلى البصرة بعائشة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) ومنه قول عنترة: وخشنت صدرا جيبه لك ناصح.
وفي بعض النسخ من شرح ابن أبي الحديد: " وخشيت الصدور ".
وهو أيضا صحيح.
(4) يعني لكنت أحاربهم وسقيت الارض من دماء كثير منهم، ولاشبعت القائلة: هل من مزيد.
من أجساد جم غفير منهم، ولكن للمحافظة على اجتماع المسلمين، وبقاء الدين وانسحاق الكفر، واندحاض الضلالة، صبرت على الذلة، ونهب التراث والنحلة.
(5) لم يألوا: لم يقصروا (6) الشين: ضد الزين، يقال: " شأنه شينا " من باب باع -: عابه.
(7) يقال: " فرس زيد فراسة " من باب ضرب، والمصدر بكسر الفاء -: أدرك الباطن من ملاحظة الظاهر.
[243]
اللهم فخذهما بما عملا أخذة رابية (8) ولا تنعش لهما صرعة، ولا تقل لهما عثرة ولا تمهلهما فواقا (9) فإنهما يطلبان حقا تركاه، ودما سفكاه.
اللهم إني أقتضيك وعدك، فإنك قلت - وقولك الحق لمن بغي عليه: " لينصرنه الله " (10) اللهم فأنجز لي موعدك ولا تكلني إلى نفسي إنك على كل شئ قدير.
شرح - المختار (22) من الباب الاول من نهج البلاغة من شرح - ابن أبي الحديد: ج 1، ص 307.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) أي أخذة تزيد على الاخذات، ومثله في قوله تعالى: " فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية " (10 / الحاقة).
(9) يقال: " نعشه الله - من باب منع - نعشا ": رفعه وأقامه.
تداركه من هلكة.
جبره بعد فقر.
و " لا تقل " من الاقالة، و " العثرة ": الزلة.
و " فواقا " بضم الفاء وفتحها - أي قدر فواق، وهو ما بين حلبتي الناقة من الوقت، لانها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب.
(10) إشارة إلى قوله تعالى - في الآية: (60) من سورة الحج -: " ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله، إن الله لعفو غفور ".
[244]
ومن كلام له عليه السلام لما سمع عمار بن ياسر يراجع مغيرة بن شعبة ويحثه على النهوض مع أمير المؤمنين عليه السلام
قال ابن عساكر - في ترجمة المغيرة بن شعبة من تاريخ دمشق: ج 57 ص 33 -: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو محمد وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان، وأبو القاسم ابن البسري، وأحمد بن محمد بن إبراهيم القصاري وأبو الحسن وأبو الحسن [كذا] علي بن محمد بن محمد الانباري، قالوا: أنبأنا أبو عمر ابن مهدي، أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب، أنبأنا جدي يعقوب ابن شيبة، أنبأنا ابو عثمان الزبيري سعيد بن داود بن أبي زبير المدني [ظ] أنبأنا مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، قال: لقي عمار بن ياسر المغيرة بن شعبة في زقاق من سكك المدينة وهو متوشح سيفا، فناداه (عمار) يا مغير.
فقال: ما تشاء ؟ قال: هل لك في الله عزوجل ؟ قال، وأين هو ؟ قال: تدخل في هذه الدعوة فتسبق من معك، وتدرك من سبقك.
قال: فقال المغيرة: وددت والله أني لو علمت ذلك، إني والله ما رأيت عثمان مصيبا ولا رأيت قتله صوابا، فهل لك يا أبا اليقظان أن تدخل بيتك وتضع سيفك وأدخل بيتي حتى تنجلي هذه الظلمة ويطلع قمرها فنمشي مبصرين، نطأ أثر المهتدين، ونجتنب سبيل الحائرين ! ! ! فقال عمار: أعوذ بالله أن أعمي بعد إذ كنت بصيرا، يدركني من سبقته ويعلمني من علمته.
فقال المغيرة بن شعبة: يا أبا اليقظان إذا رأيت الساحار فاجتنب.
- قال الزبيري: يعني بجار جاري [ظ] - ولا تكن كقاطع السلسلة فر من الضحل
[245]
فوقع في الغمر (1).
فقال عمار: إسمع ما أقول وانظر ما أفعل، فلن تراني إلا في الرعيل الاول.
قال: وأطلع عليهما علي فقال: ما يقول لك الاعور ؟ [ثم قال عليه السلام]: إنه والله على عمد يلبس على نفسه (2) ولن يأخذ من الدين إلا ما خلطته الدنيا (3) ويحك يا مغيرة إن هذه الدعوة [هي] المؤدية.
تؤدي من دخل فيها إلى الجنة ولها اجتاز (4).
[فقال المغيرة: صدقت يا أمير المؤمنين] (5) أما إذا لم أعنك فلن أعن عليك.
ورواه أيضا في أوائل خلافة أمير المؤمنين عليه السلام من الامامة والسياسة ج 1، ص 50 ط مصر، غير انه خلطه بمالا واقع له، ونقله عنه في حديث الثقلين من عبقات الانوار، ص 360 ط 2.
ورواه أيضا في الحديث الرابع من المجلس: (25) من أمالي الشيخ المفيد، ص 135.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الضحل - كفلس -: الماء القليل على الارض لا عمق له، والجمع: ضحال وأضحال وضحول.
والغمر - كفلس أيضا -: الماء الكثير - معظم البحر، والجمع: غمار وغمور.
(2) كذا في نهج البلاغة، وفي النسخة هكذا: " على عمد يلبس عدله ".
(3) وبعده في النسخة هكذا: " فانتجاه عمر فاخبره فقال علي: ويحك يا مغيرة ان هذه الدعوة المؤدية " الخ.
وفي الامامة والسياسة: دعه (يا عمار) فانه لن يأخذ من الآخرة إلا ما خالطته الدنيا، أما والله يا مغيرة إنها المثوبة المؤدية تؤدي من قام بها إلى الجنة ولما اختار بعدها " الخ.
(4) وفي النسخة هكذا: ولها امار أما إذا لم أعنك فلن أعن عليك ".
وفي الامامة والسياسة " ولما اختار بعدها، فإذا غشيناك فنم في بيتك (كذا) ".
(5) بين المعقوفين مأخوذ من أمالي الشيخ المفيد (ره).
[246]
ومن خطبة له عليه السلام حين نهض إلى البصرة كي يرد الناكثين عن بغيهم ويحافظ على جماعة المسلمين
قال أبو عمر: ومن حديث صالح بن كيسان، وعبد الملك بن نوفل بن مساحق، والشعبي وابن أبي ليلى بمعنى واحد (1) أن عليا رضي الله عنه قال: في خطبته حين نهوضه إلى الجمل (2): إن الله عزوجل فرض الجهاد، وجعله نصرته وناصره (3) وما صلحت دنيا ولا دين إلا به.
وإني منيت بأربعة (4)، أدهى الناس وأسخاهم طلحة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفي ط الهند: " قال أبو عمر: ومن حديث صالح بن كيسان، عن عبد الملك بن نوفل ابن مساكن (كذا) والشعبي وابن أبي ليلى وغيرهم: أن عليا عليه السلام " الخ.
(2) قال في مروج الذهب: ج 2 ص 358: وصار علي من المدينة بعد أربعة أشهر [من خلافته] - وقيل: غير ذلك - في سبعمأة راكب، منهم أربعمأة من المهاجرين والانصار، منهم سبعون بدريا وباقيهم من الصحابة، وقد كان استخلف على المدينة سهل بن حنيف الانصاري، فانتهى إلى الربذة بين الكوفة ومكة من طريق الجادة، وفاته طلحة وأصحابه، وقد كان علي أرادهم فانصرف عن طلبهم حين فاتوه إلى العراق، ولحق بعلي من أهل المدينة جماعة من الانصار فيهم خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأتاه من طئ ستمأة راكب الخ.
وقال في أول وقعة الجمل من كتاب الخلفاء من العقد الفريد: ج 3 ص 95 ط 2: وخرج علي في أربعة آلاف من أهل المدينة فيهم ثمانمأة من الانصار وأربعمأة ممن شهد ببعة الرضوان، مع النبي صلى الله عليه وآله.
(3) هذا هو الظاهر الموافق لما في ط الهند من كتاب الاستيعاب، وفي طبع مصر، منه: " وجعله نصرته وناصروه.
(4) ولهذه القطعة بخصوصها مصادر كثيرة.
[247]
وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن منية.
والله ما أنكروا علي شيئا منكرا، ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى، وإنهم ليطلبون حقا تركوه، ودما سفكوه، ولقد ولوه دوني، وإن كنت شريكهم في الانكار لما أنكروه (6) وما تبعه عثمان إلا عندهم [عليهم " خ "] وإنهم لهم الفئة الباغية، بايعوني ونكثوا بيعتي، وما استأنوا في [بي " خ "] حتى يعرفوا جوري من عدلي.
وإني لراض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم، وإني مع هذا لداعيهم ومعذر إليهم، فإن قبلوا فالتوبة مقبولة، والحق أولى ما أنصرف إليه (7)، وإن أبوا أعطيتهم حد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) كذا في ط مصر، وفي ط الهند،: يعلى بن أمية " أقول: أمية أبو يعلى، ومنية أمه، وقيل: جدته، وقد شاع نسبته إلى منية، كشيوع نسبة الشخص إلى أمه أو جدته.
ثم أقول: ولم أجد لنكارة الفتنة هنا وجها، ولعل الصواب: " وأسرع الناس إلى الفتنة " الخ.
(6) كذا في ط مصر، وفي ط الهند: " والله ما أنكروا علي منكرا - إلى أن قال عليه السلام: - وإن كنت شريكهم بما كان لما أنكروه " الخ.
وهو الظاهر، وأظهر منه ما في المختار: (22) و (135) من النهج: " والله ما أنكروا علي منكرا، ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا، وإنهم ليطلبون حقا هم تركوه، ودما هم سفكوه.
فان كنت شريكهم فيه، فإن لهم لنصيبهم منه، وإن كانوا ولوه دوني فما الطلبة إلا قبلهم، وإن أول عدلهم للحكم على أنفسهم.
(7) كذا في ط مصر، وفي ط الهند: " والحق أولى مما أفضوا إليه ".
[248]
السيف وكفى به شافيا من باطل وناصرا [لحق] (8).
والله إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون.
ترجمة طلحة من كتاب الاستيعاب بهامش الاصابة: ج 2 ص 213 ط مصر، ورواه أيضا في ترجمة رفاعة بن رافع بن مالك الزرقي الانصاري، من طبعة الهند، ج 1، ص 177، وقريب منه جدا في المختار: (133) من خطب نهج البلاغة، وكذلك في كتاب الجمل ص 129، و 143، وكذلك في كتاب الارشاد، ورواها أيضا في الباب (49) من جواهر المطالب ص 54 قال: قال الحسن البصري: لما نزل علي الدفافة [كذا] خطب الناس فقال: إن الله فرض الجهاد الخ.
ولم أجد من تعرض للدفافة، نعم ذكر في معجم البلدان ج 2 ص 458، " الدف " على زنة أف وتف، وقال: (إنه) موضع في جمدان من نواحي المدينة من ناحية عسفان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) كذا في النسخة - عدا ما بين المعقوفين - وفي المختار: (22) من خطب النهج: " فإن أبو أعطيتهم حد السيف وكفى به شافيا من الباطل وناصرا للحق " وهو الظاهر.
[249]
ومن خطبة له عليه السلام خطبها في الزبدة لما اجتمع إليه حجاج العراق ليسمعوا من كلامه
قال الشيخ المفيد (ره): ولما توجه أمير المؤمنين عليه السلام إلى البصرة نزل الربذة، فلقيه بها آخر الحاج (1) فاجتمعوا ليسمعوا من كلامه وهو في خبائه، قال ابن عباس فأتيته فوجدته يخصف نعلا (له) فقلت له: نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج منا إلى ما تصنع: فلم يكلمني حتى فرغ من (خصف) نعله، ثم ضمها إلى صاحبتها وقال لي: قومها فقلت: ليس لها قيمة ! ! ! قال على ذلك.
قلت: كسر درهم ! ! ! قال: والله لهما أحب إلي من أمركم هذا إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا (2).
قلت: إن الحاج قد اجتمعوا ليسمعوا من كلامك فتأذن لي ان أتكلم ؟ فإن كان حسنا كان منك، وإن كان غير ذلك كان مني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ومما يشهد له، ما رواه الطبري في حوادث سنة 36 من تاريخة: ج 3 ص 474، قال: كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن خالد ابن مهران العجلي، عن مروان بن عبد الرحمان الحميسي: عن طارق بن شهاب، قال: خرجنا من الكوفة معتمرين حين أتانا قتل عثمان، فلما انتهينا إلى الربذة - وذلك في وجه الصبح - إذا الرفاق وإذا بعضهم يتلو بعضا، فقلت: ما هذا ؟ فقالوا: أمير المؤمنين.
فقلت: ما له ؟ قالوا: غلبه طلحة والزبير فخرج يعترض لهما ليردهما فبلغه أنهما قد فاتاه، فهو يريد أن يخرج في آثارهما.
فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، آتي عليا فأقاتل معه هذين الرجلين وأم المؤمنين ؟ أو أخالفه إن هذا لشديد ! ! فخرجت فأتيته فأقيمت الصلاة بغلس فتقدم فصلى، فلما انصرف أتاه ابنه الحسن فقال الخ.
(2) وهذه القطعة رواها في أواخر باب زهد أمير المؤمنين عليه السلام - وهو الباب الخامس من تذكرة الخواص ص 124، عن احمد في كتاب الفضائل.
وفي المختار: " 33 " من النهج: " والله لهي أحب إلى من إمرتكم " الخ.
[250]
قال: لا أنا أتكلم، ثم وضع يده على صدري - وكان شثن الكفين، فآلمني (3) - ثم قال فأخذت بثوبه وقلت: نشدتك الله والرحم.
قال: لا تنشدني، ثم خرج فاجتمعوا عليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله.
وليس في العرب أحد يقرأ كتابا ولا يدعي نبوة، فساق الناس إلى منجاتهم (4) أم والله ما زلت في ساقتها ما غيرت ولا بدلت ولا خنت حتى تولت بحذافيرها لقد قاتلتهم كافرين، ولاقاتلنهم مفتونين، وإن مسيري هذا عن عهد إلى فيه، أم والله لابقرن الباطل [حتى] يخرج الحق من خاصرته (6) ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي فأوجعني شثن كفيه أي غلظهما وخشونتهما.
(4) أي إن محل نجاتهم وأسبابها وبواعثها، يقال: الصدق منجاة أي يلتجأ إليه للنجاة، أو أنه من وسائل النجاة والخلاص من الهلكة.
(5) أي كنت دائما ممن يسوق الناس - مع رسول الله صلى الله عليه وآله - إلى منجاتهم ومأمن السعادة والحبور، لم يقع مني تغيير حال ولا تبديل روية ولا خيانة فيما أمرني الله ورسوله به حتى تولت الناس ورجعت عن ضلاتهم وغيهم بأجمعها وبأسرها.
حذافير الشئ: جمعه كله.
(6) الخاصرة: الجنب فوق رأس الورك وعظم الجنب.
" وأبقرن ": أشقن.
وفي المختار: (33) من النهج: " فلانقبن الباطل حتى يخرج الحق من جنبه ".
وقوله عليه السلام: " وإن مسيري هذا عن عهد إلى فيه " كقوله عليه السلام: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ".
يدل على انه عليه السلام كان مأمورا من قبل الله ورسوله بقتال هؤلاء بنحو التنصيص والتخصيص، لا أنه من باب قتال الامام مع البغاة والمفسدين في الارض لاجل إنطباق الكلي عليهم من دون أمر خاص وتعيين الباغي، أو من باب اجتهاد الوالي، وبه
[251]
فأدخلناهم في حيزنا ! ! ! وأنشد (7): وذنب لعمري شربك المحض خالصا وأكلك بالزبد المقشرة التمرا ونحن وهبناك العلاء ولم تكن عليا وحطنا حولك الجرد والسمرا الفصل (20) من مختار كلامه عليه السلام في كتاب الارشاد، ص 132 ط الغري، وقريب منه جدا في المختار: (33) من خطب نهج البلاغة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرد ما اختلقه بعض المعاندين من أن أمير المؤمنين قال: ليس عندنا في ذلك عهد خاص من رسول الله، وإنما رأي رأيته ! ! ! (7) وفي المختار: " 33 " من خطب النهج برواية ابن ابي الحديد: " والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم فأدخلناهم في حيزنا فكانوا كما قال الاول: أدمت لعمري شربك المحض صابحا * وأكلك بالزبد المقشرة البجرا ونحن وهبناك العلاء ولم تكن * عليا " وحطنا حولك الجرد والسمرا
[252]
ومن كلام له عليه السلام أجاب به ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله
قال شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ره): أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا أبو عاصم: عن قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب، يقول: لما نزل علي عليه السلام، بالربذة سألت عن قدومه إليها.
فقيل: خالف عليه طلحة والزبير وعائشة وصاروا إلى البصرة فخرج يريدهم، [قال:] فصرت إليه فجلست حتى صلى الظهر والعصر، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي عليهما السلام، فجلس بين يديه ثم بكى وقال: يا أمير المؤمنين إني لا أستطيع أن أكلمك وبكى.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبك يا بني وتكلم ولا تحن حنين الجارية (1) فقال: يا أمير المؤمنين إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه إما ظالمون أو مظلومون فسألتك أن تعزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤب العرب وتعود إليها أحلامها وتأتيك وفودها، فوالله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقال: " حن - من باب فر - حنينا " بكى عن حزن وتألم.
ولعله إنما بكى عليه السلام لما بلغه من عدة القوم وعديدهم وكان مبغضوا أمير المؤمنين يظهرون الانبساط والفرح، وكانت جواري حفصة يضربن الدف ويرفعن أصواتهن ويقلن: ما الخبر ما الخبر، ! علي في السفر فهو بمنزلة الاشقر، إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر!!! ولما بلغه أن أبا موسى كان يخذل الناس عن أمير المؤمنين.
والكلام قد صدر عنه عليه السلام بداعي الاستنصار من المسلمين، واستنطاق أمير المؤمنين عليه السلام بحجته كي تزول الشبهة المتمكنة في قلوب بعضهم.
[253]
لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الابل حتى تستخرجك منه، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما فإن اجتمعت الامة عليك فداك، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله،، وأنا اليوم أسألك أن لا تقدم العراق، وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة (2) فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما قولك إن عثمان حصر.
فما ذاك وما علي منه ؟ وقد كنت بمعزل عن حصره، وأما قولك: ائت مكة.
فوالله ما كنت لاكون الرجل الذي يستحل به مكة (3) وأما قولك اعتزل العراق ودع الطلحة والزبير.
فوالله ما كنت لاكون كالضبع ينتظر (4) حتى يدخل عليها طالبها فيضع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) المضيعة - على زنة مرحلة ومبيعة -: المحل الذي يكثر فيه الضياع والتلف.
(3) وكان عليه السلام مع المعصومين من عترته يعظمون حرماة الله كل الاحترام بحيث كانوا يؤثرون هتك حرمهم على هتك حرمة الكعبة وأمثالها، ولذا اجاب ولده سيد الشهداء لما قيل له: الزم الحرم ولا تخرج عن مكة فإنك أعز أهلها ولا ينالك مكروه وأنت فيها.
بهذا الجواب، ولا يظن بعاقل غير معاند أن يستنكر هذا ويقول: لو عاذ أمير المؤمنين والحسين عليهما السلام بالحرم ما نالهما مكروه، وذلك لانه لا يمكنه أن ينكر ما فعله ابن عقبة وابن الزبير بعائذي بيت الله الحرام والحرم النبوي بل وما فعلوه قبل ذلك.
(4) كذا في النسخة، وفي مادة: " لدم " من النهاية: والله لا أكون مثل الضيع تسمع اللدم فتخرج حتى تصطاد ".
وقال الدينوري في كتاب المعاني: ج 2 ص 67 في شرح قول كثير: " وسوداء مطراق إلى آمن الصفا * اني إذا الحاوي دنا فصدى لها " أي صفق لها.
والحية مثل الضب والضبع إذا سمعا اللدم والهدة والصوت الشديد خرجا ينظران، والحاوي إذا دنا من الجحر صفق بيديه ورفع صوته واكثر من ذلك حتى تخرج الحية كما يخرج الضب والضبع، قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: لا اكون مثل الضبع تسمع اللدم فتخرج فتصاد.
[254]
الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها ثم يخرجها فيمزقها إربا إربا، ولكن أباك يا بني يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا، حتى يأتي علي يومي، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله حتى يوم الناس هذا (5).
(قال:) فكان طارق بن شهاب أي وقت حدث بهذا الحديث بكى.
الحديث: (37) من الجزء الثاني من أمالي الشيخ ط طهران ص 32
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) وفي الامامة والسياسة ج 1، ص 49: " وأيم الله يا بني ما زلت مبغيا علي منذ هلك جدك ".
[255]
ومن كلام له عليه السلام أجاب به أيضا السبط الاكبر الامام المجتبى عليه السلام
قال البلاذري: حدثني عبد الله بن صالح، عن شريك، عن رجل، عن أبي قبيصة عمرو، عن طارق بن شهاب، قال: قال الحسن بن علي [لابيه أمير المؤمنين] علي (عليه السلام) بالربذة - وقد ركب راحلته وعليها رحل له رث ؟ ! ! -: إني أخشى أن تقتل بمضيعة ! ! ! فقال [له أمير المؤمنين عليه السلام]: إليك عني، فو الله ما وجدت إلا قتال القوم أو الكفر بما جاء به محمد (1) صلى الله عليه وسلم.
(ثم قال البلاذري): وحدثني أبو قلابة الرقاشي، عن يزيد [كذا] بن محمد العمى، عن يحي بن عبد الحميد، عن شريك، عن أمي (ظ) الصيرفي، عن أبي قبيصة عمر بن قبيصة (كذا)، عن طارق بن شهاب بمثله إلا أنه قال: أو الكفر بما أنزل على محمد.
الحديث: (293) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف القسم الاول من ج 1، ص 351، أو الورق 175، وفي ط 1، ج 2 ص 236.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقال: أو قال: (أو الكفر) بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ".
[256]
ومن كلام له عليه السلام في المعنى المتقدم
قال الحاكم: حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحي بن عبد الحميد، حدثنا شريك، عن أبي الصيرفي، عن أبي قبيصة عمر بن قبيصة، عن طارق بن شهاب قال: رأيت عليا رضي الله عنه على رحل رث بالربذة وهو يقول: للحسن والحسين: مالكما تحنان حنين الجارية ؟ (1) والله لقد ضربت هذا الامر ظهرا لبطن، فما وجدت بدا من قتال القوم أو الكفر بما أنزل [الله] على محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
باب إسلام علي عليه السلام من مستدرك الحاكم: ج 3 ص 115.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قد أشرنا في تعليق المختار: (76) أن ريحانتي النبي صلى الله عليه وعليهما انما اضطربوا لما كانوا يرون من قلة أصحاب أمير المؤمنين ولما كان يرد عليهم من عدة طلحة والزبير، وقول الزبير: الا ألف فارسي كي أبيت عليا قبل أن يلحقه أحد من أنصاره، ولما سمعوا من تخذيل الاشعري الناس عن أمير المؤمنين، ولما بلغهم من كتاب عائشة إلى حفصة، وتغني جواري حفصة بقول " ما الخبر ؟ ما الخبر ؟ علي في السفر كالاشقر ! ! ! إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر ".
ولذلك كانوا يحنان عن قلب منكسر، وعين سافحة، إشفاقا على أمير المؤمنين، وحثا وتشجيعا لاصحابه على موازرته وشدة الحياطة به، وراجع تفصيل ما ذكرناه إلى الدر النظيم الورق 114، أو البحار: ج 8 ص 411 ط الكمباني، وكتاب الجمل ص 149، و 155، و 230 وتاريخ الطبري: ج 3 ص 491.
[257]
ومن خطبة له عليه السلام لما أراد أن يظعن من الربذة إلى البصرة
قد روى مالك بن الحارث قال: قام علي بن أبي طالب بالربذة [خطيبا] فقال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا، ومن أحب أن يرجع فليرجع ماذونا له غير حرج [عليه].
فقام الحسن بن علي فقال: يا أبه - أو يا أمير المؤمنين - لو كنت في جحر وكانت للعرب فيك حاجة لاستخرجوك من جحرك.
فقال (علي عليه السلام): الحمد لله الذي يبتلي من شاء بما يشاء، ويعافي من شاء بما يشاء (1) أما والله لقد ضربت هذا الامر ظهرا لبطن وذنبا لرأس، فوالله إن وجدت له إلا القتال أو الكفر بالله، يحلف بالله علي، إجلس يا بني ولا تحن حنين الجارية.
هكذا رواه في أول الباب السابع والاربعون من جواهر المطالب ص 45.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في رواية ابن عساكر: وفي جواهر المطالب: " الحمد لله الذي يبتلي من يشاء بما شاء، ويعافى من شاء بما يشاء.. "
[258]
وقال: أخرجه أبو الحميم [كذا] وقد تقدم معناه.
أقول: ومثله في ذخائر العقبى ص 111، غير انه قال: عن مالك بن الجون قال: قام علي بالربذة - وساق الكلام إلى آخره - ثم قال: أخرجه أبو الجهم، ومثله أيضا في الرياض النضرة: ج 2 ص 325.
اقول: ورواه مسندا في الحديث (1184) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 53 - أو 75 - إلا أن في النسخة بياضا مقدار أسطر، بل مقدار ورق، ولا عجب فإن صحائف مناقب علي ومثالب أعدائه عند القوم - إلا من عصمه الله - إما مصحفة ومحرفة، وإما محذوفة المطالب، أو مقطوعة الذيل أو الصدر، وكيف كان فقد قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو بكر العمري.
وأخبرنا أبو الفتح المصري، وأبو نصر الصوفي، وأبو علي الفضيلي، وأبو ومحمد حفيد العميري، وأبو القاسم منصور بن ثابت، وأبو معصوم ابن صاعد، أبو المظفر ابن عبد الملك، وأبو محمد خالد بن محمد، قالوا: أنبأنا أبو محمد ابن أبي مسعود، قالا [كذا]: أنبأنا عبد الرحمان بن أبي شريح، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، أنبأنا العلاء بن موسى، أنبأنا سوار بن مصعب، عن عطية العوفي، عن مالك بن الحويرث، قال: قام [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب [عليه السلام] بالربذة فقال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا، ومن أحب أن يرجع فليرجع مأذون [كذا] له غير حرج.
فقام الحسن [بن علي فقال: يا أبه] أو يا أمير المؤمنين له كنت في جحر، وكان للعرب فيك.. إلى آخر ما مر، ببياض في موارد منه، كما أن ما وضعناه هنا بين المعقوفين كان بياضا في النسخة.
[259]
ومن كلام له عليه السلام في بيان ابتلائه بأشد الخصوم
قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصبهاني: أخبرني عمي، قال: حدثنا أحمد بن الحرث، قال: حدثنا المدائني، عن أبي مخنف، عن عبد الرحمان بن عبيد، عن أبي الاسود، قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: منيت - أو بليت (1) - بأطوع الناس في الناس عائشة، وبأدهى الناس طلحة، وبأشجع الناس الزبير، وبأكثر الناس مالا يعلى بن منية (2) وبأجود قريش عبد الله بن عامر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لفظ: " أو " من الراوي، وهو إما للترديد - هنا - أو للتنويع، إذ كل واحد من اللفظين مما تكلم به عليه السلام كما يشهد به ما يجئ في المختار (74) ص 246، وما يأتي تحت الرقم: (68) من شرح المختار: (157) من باب الكتب: ج 5 / 229 وذكره أيضا البلاذري في ترجمته من أنساب الاشراف 352.
وهذا الصدر رواه أيضا في الباب: (53) من جواهر المطالب ص 75، وقريبا منه أيضا رواه محمد بن العباس اليزبدي تحت الرقم (55) من أماليه ص 96 / أو 114، عن حرب، عن محمد بن عباد، عن الليث بن سعد، عن رجل، عن أبي فروة قال: قال علي الخ.
(2) منية هذه اسم لام يعلي، وشاع نسبته إليها.
ثم إنه ذكر في تاريخ الكامل: ج 3 ص 177 انه قتل بصفين مع علي عليه السلام، ذكره قبل فتح مصر، وقتل محمد بن أبي بكر، وهذا المعنى لم أره في غيره.
[260]
فقام إليه رجل من الانصار (3) فقال: والله يا أمير المؤمنين، لانت أشجع من الزبير، وأدهى من طلحة، وأطوع فينا من عائشة، وأجود من ابن عامر، ولمال الله أكثر من مال يعلى بن منية، ولتكونن كما قال الله عزوجل: " فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون (36 - الانفال: 8) فسر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله، ثم قام رجل آخر منهم (4) فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) هو ذو الشهادتين: خزيمة بن ثابت الانصاري رضوان الله عليه، على ما صرح به أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه: ج 2 / 298 ط 1، وكذا في المترجم من تاريخه ص 123 / ط الهند.
(4) لم أعثر على من صرح باسمه، ولكن أشعاره من سياق أشعار قيس بن سعد بن عبادة رحمهما الله، ومدلولها ينبغي أن يكون صادرا وحاكيا عن قلب مثل قلب قيس الذي شرحه الله للايمان وولاء أمير عليه السلام.
نعم الظاهر من سياق كلام أحمد بن أعثم في كتاب الفتوح: ج 2 ص 298، ان قائل النظم والنثر واحد، وان نثر الكلام ونظمه كلاهما لخزيمة بن ثابت الانصاري (ره).
ومما يستأنس به لكون قيس بن سعد بن عبادة (ره) مع أمير المؤمنين ما ذكره الرضي (ره) في كتاب خصائص الائمة، ص 7 قال: واتفق حملة الاخبار على نقل شعر قيس بن (سعد) بن عبادة وهو ينشده بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام بعد رجوعهم من البصرة في قصيدته التي أولها: قلت لما بغى العدو علينا * حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا ربنا الذي فتح * البصرة بالامس والحديث طويل إلى أن بلغ فيها إلى قوله: وعلي إمامنا وإمام * لسوانا أتى به التنزيل يوم قال النبي: من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل إن ما قاله النبي على الامة * حتم ما فيه قال وقيل وكذا ما رواه الحاكم في المستدرك: ج 3، ورواه عنه في ترجمة بشير بن أبي عمرو، من تاريخ دمشق: ج 7 ص 196 - في كلام طويل - من انه لما دفع أمير المؤمنين عليه السلام راية رسول الله صلى الله عليه واله إلى قيس بن سعد بن عبادة قال: هذا اللواء الذي كنا نحف به * دون النبي وجبريل لنا مدد ما ضر من كانت الانصار عيبته * أن لا يكون له من غيره مدد ولكن يحتمل ان هذه أنشدها في قصة صفين حين دفع إليه راية رسول الله صلى الله عليه وآله.
وسلم.
[261]
(و) أما الزبير فأكفيكه * وطلحة يكفيكه وحوحة ويعلى بن منية عند القتال (5) * شديد التناؤب والنحنحة وعائش يكفيكها واعظ * وعائش في الناس مستنصحة فلا تجزعن فإن الامور * إذا ما أتيناك مستنجحة وما يصلح الامر إلا بنا * كما يصلح الجبن بالانفحة قال فسر علي (أمير المؤمنين) عليه السلام بقوله ودعا له، وقال: بارك الله فيك.
ترجمة أبي نفيس: يعلى بن منية، من كتاب الاغاني: ج 12 ص، 235 ط بيروت، وفي ط ساسي: ج 11، ص 119، وقريب منه جدا رواه ابن أعثم الكوفي في تاريخه: ج 2 ص 297 ط 1، ومثله في المترجم من تاريخه ص 172 - ط الهند.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) وفي فتوح أحمد بن أعثم هكذا: ويعلى بن منية عند اللقاء * كثير التقلب والنحنحة وعائش يكفيننا (كذا) عقلها * وعائش في الناس مستنضحة
[262]
ومن كلام له عليه السلام دار بينه وبين عبد الله بن خليفة وفيه بيان نزعة أبي موسى الاشعري
قال الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ره): أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عمر بن شمر، قال: سمعت جابر بن يزيد، يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: حدثني أبي، عن جدي، قال: لما توجه أمير المؤمنين (عليه السلام) من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل الربذة (1)، فلما ارتحل منها لقيه عبد الله بن خليفة الطائي وقد نزل بمنزل يقال له: " قديد " (2) فقربه أمير المؤمنين، فقال له عبد الله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقال الطبري - في حوادث سنة (36) من تاريخه: ج 3 ص 493 -: حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، عن أبي مخنف، عن نمير بن وعلة، عن الشعبي، قال: لما نزل علي بالربذة أتته جماعة من طئ الخ.
ثم ذكر القصة بنحو الاختصار.
(2) كذا في النسخة، والظاهر انه مصحف " فيد " على زنة قيد وبيع، قال في معجم البلدان: و " فيد " منزل بطريق مكة، وبليدة في نصف طريق مكة من الكوفة، عامرة إلى الآن، يودع الحاج فيها أزوادهم وما يثقل من أمتعتهم عند أهلها، فإذا رجعوا أخذوا أزوادهم ووهبوا لمن أودعوها شيئا، وقال السكوني: " فيد " نصف طريق الحاج من الكوفة إلى مكة، وهي ثلاث: ثلث للعمريين وثلث لآل أبي سلامة من همدان، وثلث لبني نبهان من طئ.
وقال الحازمي: " فيد " بالياء أكرم نجد (كذا) قريب من أجأ وسلمى جبلي طئ.
هذا تلخيص ما قاله الياقوت، وهكذا ضبطه أيضا في تاريخ الطبري: ج 3 ص 495 في القصة بعينها.
وقال الشيخ المفيد (ره) في كتاب الجمل ص 140: ولما سار عليه السلام من المدينة انتهى إلى " فيد " وكان قد عدل إلى جبال طئ حتى سار معه عدي بن حاتم في ستمأة رجل من قومه الخ.
وقال اليعقوبي: في تاريخه: ج 2 ص 170: وخرج (عليه السلام) من المدينة
[263]
الحمد لله الذي رد الحق إلى أهله ووضعه في موضعه، كره ذلك قوم أو سروا به، فقد والله كرهوا محمدا (صلى الله عليه وآله) ونابذوه وقاتلوه، فرد الله كيدهم في نحورهم وجعل دائرة السوء عليهم، ووالله لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
فرحب به أمير المؤمنين عليه السلام وأجلسه إلى جنبه، وكان له حبيبا ووليا، وأخذ يسائله عن الناس إلى أن سأله عن أبي موسى الاشعري.
فقال: والله ما أنا واثق به، ولا آمن (منه) عليك إن وجد مساعدا على ذلك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته، وولوه وسلطوه بالامر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعه أربعمأة راكب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما صاروا إلى أرض إسد وطئ تبعه منهم ستمأة، ثم صار إلى ذي قار الخ.
وقال في الدر النظيم الورق 113: قال عبد الله بن جنادة: أقبلت مع علي عليه السلام من المدينة حتى انتهينا إلى الربذة ونزلنا بها، فلما خرج علي عليه السلام منها متوجها إلى ذي قار قلت في نفسي: ألا أمضي مع هذا الرجل القريب القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله، الفقيه في دين الله الحسن البلاء، لعل الله أن يأجرني، فخرجت معه على غير طمع ولا ديوان، فما سرت يوما واحدا حتى لحق بنا المحاربي، فسألته عما جاء به، فحدثني انه جاء به الذي جاءني، فقلت له: هل لك الصحبة والمرافقة ؟ قال: نعم.
فوالله ما صحبت من الناس أحدا قط كان خيرا صحبة منه ولا مرافقة، فاتتهينا إلى ماء من مياه العرب، فعرضت علينا غنم نشتريها، فاشتريت أنا وصاحبي في رجال معنا كبشا سمينا، واشترى طائفة أخرى من تلك الغنم، فوقع لي ولصاحبي كبش ساح (كذا) واشترى آخرون من أصحابنا (من أصحابه " خ ") كبشا سمينا، فقال قائل من القوم لم أعرفه: إن كبشنا هذا طلحة، وكبشكم الزبير فاذبحوهما يرح الله منهما الامة، ثم وثب على كبشه فذبحه ووثب بعض أصحابنا على كبشنا فذبحه، فقال المحاربي: بالله ما رأيت عجبا كاليوم قط، أي أخي اسمع مني ما أقول لك، لا والله ما نرجع من وجهنا هذا حتى يقتل الرجلان.
فقال: رجل من ناحية القوم: صدق قولك وسعد طائرك، فتلا ثم اعذرا (كذا).
[264]
[كذا] على الناس، ولقد أردت عزله فسألني الاشتر أن أقره فأقررته على كره مني له، وعملت على صرفه من بعد (3).
(قال:) فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كبير من قبل جبال طئ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنظروا ما هذا السواد ؟ فذهبت الخيل تركض فلم ثبت أن رجعت فقيل: هذه طئ قد جاءتك تسوق الغنم والابل والخيل، فمنهم: من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزى الله طيا خيرا، و " فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (95 - النساء).
فلما انتهوا إليه سلموا عليه، قال عبد الله بن خليفة: فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيأتهم، وتكلموا فأقروا - والله - عيني ما رأيت خطيبا " أبلغ من خطيبهم (4).
وقام عدي بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني كنت أسلمت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأديت الزكاة على عهده وقاتلت أهل الردة من بعده أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك وخالفوا عليك ظالمين، فأتيناك لننصرك بالحق، فنحن بين يديك فمرنا بما أحببت، ثم أنشأ يقول:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) كذا في أمالي الشيخ، وفي أمالي الشيخ المفيد: " وتحملت على صرفه من بعده ".
(4) وههنا نقل عنه في كتاب الامامة والسياسة ص 57 كلاما في استنفار قومه إلى نصرة أمير المؤمنين عليه السلام، وهو حسن جدا، ولم أره في غيره.
[265]
فنحن نصرنا الله من قبل ذاكم * وأنت بحق جئتنا فستنصر فنكفيك دون الناس طرا بأسرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جزاكم الله من حي عن الاسلام وأهله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين.
وقام سعيد بن البجري من بني بجير (5)، فقال: يا أمير المؤمنين إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه فإن تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برم به الهم والبرم (6) وإني والله ما كل ما في نفسي أقدر أن أؤديه إليك بلساني، ولكن والله لاجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق، أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية ومقاتل معك الاعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لاحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الاسلام، وقرابتك من الرسول، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر أو أموت بين يديك.
فقال له أمير المؤمنين: يرحمك الله فقد أدى لسانك ما يجد ضميرك، ونسأل الله أن يرزقك العافية ويثيبك الجنة.
(قال:) وتكلم نفر منهم فما حفظت كلام غير هذين الرجلين، ثم ارتحل أمير المؤمنين عليه السلام واتبعه منهم ستمأة رجل حتى نزل ذاقار، فنزلها في ألف وثلاثماة رجل.
الحديث (6) من المجلس (35) من أمالي الشيخ المفيد، ص 171.
ورواه عنه الشيخ الطوسي (ره) في الحديث (12) من الجزء الثالث من أماليه ص 42، وفي ط ص 68، وقريب منه جدا في أوائل وقعة الجمل من كتاب الدر النظيم ص 113، مرسلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) وفي أمالي الشيخ: " سعيد بن البختري من بني بختر ".
وفي تاريخ الطبري: فنهض سعيد بن عبيد الطائي فقال: يا أمير المؤمنين إن من الناس من يعبر لسانه عما في قلبه الخ.
(6) يقال: " برم زيد بحجته - من باب علم - برما ": نواها فلم تحضره.
والبرم - كفرس -: اللؤم والبخل.
[266]
ومن كلام له عليه السلام قاله لما قدم عليه بذيقار عامله على البصرة عثمان بن حنيف الانصاري رحمه الله
وقد نكل به طلحة والزبير ونتفوا جميع ما في وجهه من الشعر، فنزل على أمير المؤمنين عليه السلام وهو باك فقال له: يا عثمان بعثتك شيخا فرددت إلي أمردا ؟!!! اللهم إنك تعلم أنهم اجترؤا عليك واستحلوا حرماتك.
اللهم اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي، وعجل لهم النقمة بما صنعوا بخليفتي.
كتاب الجمل، ص 154، ط النجف، وقريب منه في تاريخ الطبري.
[267]
ومن كلام له عليه السلام في بيان ما تجرعه من الغصص بانتهاب حقه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
قال الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ره): ولما نزل (أمير المؤمنين عليه السلام) بذيقار، أخذ البيعة على من حضرة ثم تكتم فأكثر من الحمد لله، والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: قد جرت أمور صبرنا عليها وفي أعيننا القذى تسليما لامر الله تعالى فيما امتحننا به، ورجاء الثواب على ذلك، وكان الصبر عليها أمثل من أن يتفرق المسلمون وتسفك دماؤهم.
نحن أهل بيت النبوة وعترة الرسول، وأحق الخلق بسلطان الرسالة ومعدن الكرامة التي ابتدأ الله بها هذه الامة، وهذا طلحة والزبير ليسا من أهل [بيت] النبوة ولا من ذرية الرسول، حين رأيا أن الله قد رد علينا حقنا بعد أعصر لم يصبرا حولا واحدا ولا شهرا كاملا حتى
[268]
وثبا على دأب الماضين قبلهما ليذهبا بحقي ويفرقا جماعة المسلمين عني (1).
الفصل (21) مما اختار من كلام أمير المؤمنين - عليه السلام - من كتاب الارشاد، ص 133، ط النجف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فائدة: قال أبو مخنف: فحدثنا الكلبي، عن أبي صالح، أن عليا عليه السلام لما نزل ذاقار، في قلة من عسكره صعد الزبير منبر البصرة فقال: ألا ألف فارس أسير بهم إلى علي فأبيته بياتا (أ) وأصبحه صباحا قبل أن يأتيه المدد ! ! فلم يجبه أحد، فنزل واجما وقال: هذه الفتنة التي كنا نحدث بها ! فقال له بعض مواليه: رحمك الله يا أبا عبد الله تسميها فتنة ثم تقاتل فيها ؟ ! ! فقال: ويحك والله إنا لنبصر ثم لا نصبر.
فاسترجع المولى ثم خرج في الليل فارا إلى علي عليه السلام فأخبره.
فقال: اللهم عليك به !.
شرح المختار الاول من كتب النهج لابن أبي الحديد: ج 14، ص 14، ورواه أيضا مسندا، عن أبي عمرو مولى الزبير، في تاريخ الطبري: ج 3 ص 491، ورواه أيضا في كتاب الجمل للشيخ المفيد (ره) ص 100، وكذلك في كتاب الغارات.
[269]
ومن كلام له عليه السلام كلم به بعض أهل البصرة وقد أرسله قومه ليستعلم منه عليه السلام حقيقة ما يريده من أصحاب الجمل والناكثين
قال الشيخ المفيد (ره): وروى الواقدي، عن شيبان بن عبد الرحمان، عن عامر بن كليب، عن أبيه، قال: لما قتل عثمان ما لبثنا إلا قليلا حتى قدم طلحة والزبير البصرة، ثم ما لبثنا بعد ذلك إلا يسيرا حتى أقبل علي بن أبي طالب بذيقار، فقال شيخان من الحي: إذهب بنا إلى هذا الرجل فلننظر ما يدعو إليه.
فلما أتينا " ذي قار " قدمنا على أذكى العرب، فوالله لدخل على نسب قومي فجعلت أقول: هو أعلم به مني وأطوع فيهم، فقال: من سيد بني راسب.
فقلت فلان.
قال: فمن سيد بني قدامة.
قلت: فلان لرجل آخر.
فقال: أنت مبلغهما كتابين مني ؟ قلت: نعم (1) قال: أفلا تبايعاني ؟ فبايعه الشيخان اللذان كانا معي وتوقفت عن بيعته، فجعل رجال عنده - قد أكل السجود وجوههم - يقولون: بايع بايع.
فقال عليه السلام: دعوا الرجل.
فقلت: إنما بعثني قومي رائدا وسأنهي إليهم ما رأيت (2) فإن بايعوا بايعت، وإن اعتزلوا اعتزلت.
فقال لي: أرأيت لو أن قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلى الآن - وهو اليوم التاسع من رجب سنة 1394، حين تحرير هذه التعليقة وطبعها - لم أعثر على هذين الكتابين، فمن أرشدني إليهما من مصدر موثوق به فله دورتان من كتابنا هذا.
(2) سأنهي إليهم: سأبلغ ما رأيت إليهم وأعلمهم به.
[270]
فقلت: يا قومي النجعة النجعة.
فأبوا [أ] ما كنت بمستنجع بنفسك ؟ (3) (قال:) قلت: بلى.
كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلاء والماء.
فقال عليه السلام: فامدد إذا يدك.
فقال الرجل: فوالله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة علي (4) (فأخذت بإصبع من أصابعه فقلت: أبايع على أن أطيعك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا.
فقال: نعم وطول صوته، فضربت على يده، ثم التفت إلى محمد بن حاطب وكان من ناحية القوم، فقال: إذا انطلقت إلى قومك فأبلغهم كتبي وقولي.
فتحول إليه محمد حتى جلس بين يديه فقال: إن قومي إذا أتيتهم يقولون: ما يقول صاحبك في عثمان ؟ ! ! فسب الذين حوله عثمان، فرأيت عليا قد كره ذلك حتى رشح جبينه وقال: " أيها القوم كفوا ما إياكم يسأل، ولا عنكم بسائل (5).
قال: فلم أبرح عن العسكر حتى قدم على علي أهل الكوفة فجعلوا يقولون: نرى إخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا ؟ ! وجعلوا يضحكون ويعجبون ويقولون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) الرائد: من يبعث - من أهل البصارة والجلادة - لتعيين الماء والكلاء لقومه كي يظعنوا اليهما.
و " النجعة " كغرفة وخضرة -: الماء والكلاء.
وقيل: هو طلب الماء والكلاء.
وهو منصوب على الاغراء أي عليكم بالنجعة عليكم بالنجعة.
وقوله: " (أو) ما كنت بمستنجع بنفسك " أي أو ما كنت بنفسك ذاهبا إلى مواضع الماء والكلاء ؟ ! ! وفي النهج: " أرأيت لو أن الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث، فرجعت إليهم وأخبرتهم عن الكلاء والماء فخالفوا إلى المعاطش والمجادب ما كنت صانعا ؟ ".
(5) وبما انه لم يكن معه عليه السلام في تلك الحال غير المهاجرين والانصار - كما تقدم ذلك - يعلم أن جلهم كانوا يرون عثمان مستحقا للسب والشتم، وإلا لم يقدموا على ذلك، وأما كراهته عليه السلام فمن باب قوله تعالى في الآية: (108) من سورة الانعام: " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغير علم ".
[271]
والله لو التقينا لتعاطينا الحق.
كأنهم يرون أنهم لا يقاتلون [ظ].
وخرجت بكتاب علي عليه السلام فأتيت أحد الرجلين فقبل الكتاب وأجابه، ودللت على الآخر وكان متواريا - فلو أنهم قالوا: كليب ما أذن لي - فدخلت عليه ودفعت الكتاب إليه وقلت: هذا كتاب علي وأخبرته الخبر وقلت: إني أخبرت عليا أنك سيد قومك.
فأبى أن يقبل الكتاب ولم يجبه إلى ما سأله، وقال: لا حاجة لي اليوم في السؤدد ! ! ! فوالله إني لبالبصرة ما رجعت إلى علي حتى نزل العسكر، ورأيت الغر الذين (كانوا) مع علي عليه السلام (6).
كتاب الجمل، ص 156، ط النجف، وقريب منه رواه الطبري في تاريخه: ج 3 ص 505 في عنوان: " نزول علي عليه السلام بذيقار " ط مصر، سنة 1357، وقريب منه أيضا في المختار (168) من نهج البلاغة، وكذلك في الباب (17) من ربيع الابرار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) الغر - بضم المعجمة -: الذين كان بجبهتهم أثر السجود، وهو جمع الاغر، ومنه الحديث في وصف علي عليه السلام: " وقائد الغر " المحجلين ".
يريد بياض وجوههم بنور الوضوء والسجود.
[272]
تعقيب فيه لامير المؤمنين عليه السلام كرامة، ولاوليائه بشارة: قال محمد بن محمد بن النعمان: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن أسد، قال: حدثني عبد السلام بن عاصم، قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل بن حبويه (كذا) قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن ميسرة بن حبيب: عن المنهال بن عمرو، قال: أخبرني رجل من بني تميم، قال: كنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بذيقار ونحن نرى أنا سنختطف - (من القلة) - في يومنا فسمعته يقول: والله لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين - يعني طلحة والزبير (1) - ولنستبيحن عسكرهما.
قال التميمي: فأتيت عبد الله بن عباس فقلت له: أما ترى إلى ابن عمك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال أبو نعيم في ترجمة علي عليه السلام من حلية الاولياء: ج 1 / 78: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن محمد الحمال، حدثنا أبو مسعود، حدثنا سهل بن عبد ربه، حدثنا عمرو بن ابي قيس، عن مطرف، عن المنهال بن عمرو، عن التميمي عن ابن عباس، قال: كنا نتحدث ان النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلى علي سبعين عهدا لم يعهد إلى غيره.
ورواه أيضا في ترجمة أربد من تهذيب التهذيب: ج 2 ص 197، عن الطبراني وكذلك في مجمع الزوائد: ج 9 ص 113، وكذا في الحديث: (1020) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق.
وانظر تعليق الحديث: (50) من شواهد التنزيل: ج 1، ص 40.
وفي كتاب سليم بن قيس، ص 189، أيضا ما يؤيد هذا.
[273]
وما يقول ؟ فقال: لا تعجل حتى ننتظر ما يكون.
[قال:] فلما كان من أمر البصرة ما كان، أتيته فقلت لا أرى ابن عمك إلا صدق في مقاله.
فقال: ويحك إنا كنا نتحدث أصحاب محمد أن النبي (صلى الله عليه وآله) عهد إليه ثمانين عهدا لم يعهد شيئا منها إلى أحد غيره، فلعل هذا مما عهد إليه.
الحديث الخامس من المجلس (39) من أمالي الشيخ المفيد، ص 205، ورواه عنه في الحديث: (27) من الجزء الرابع من أمالي الطوسي ص 112.
وأيضا قال محمد بن محمد بن النعمان (ره): وروى نصر بن عمرو بن سعد (1) عن الاجلح، عن زيد بن علي، قال: لما أبطأ على علي عليه السلام خبر أهل البصرة (2) وكانوا [نازلين] في فلاة [من الارض، إذ قال بعض القوم:: إنا أكلة رأس (3) أين نسير ؟ أنسير إلى قوم كلهم يقاتل عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، ولعل الصواب: " روى نصر، عن عمر بن سعد " الخ.
والمراد من نصر هو ابن مزاحم، والمراد من عمر بن سعد هو الاسدي لا القرشي.
وفي الباب: (22) من الجز الثاني من كتاب الملاحم والفتن ص 91 ط 1، قال: (روى) السليلي باسناده عن أبي بكر ابن عياش، عن الاجلح بن عبد الله الكندي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أقبلنا من المدينة ونحن سبعمأة زاكب، فإنا لنسير ذات يوم إذ قال بعض القوم الخ.
ورواه أيضا تحت الرقم: (415) من باب الفضائل - فضائل علي عليه السلام - من كنز العمال: ج 15، ص 145، وقال: رواه الاسماعيلي في معجمه، وفيه الاجلح، وهو صدوق شيعي جلد.
(2) ولعل الصواب: " خبر أهل الكوفة ".
(3) كأنه كناية عن سرعة استئصالهم وفنائهم، قال في الدر النظيم، ص 114: وأقام علي عليه السلام بذيقار، ينتظر من يقدم عليه [من أهل الكوفة وغيرهم] فأشاع طلحة والزبير أنه إنما أقام للذي بلغنا من جدنا وعددنا وعدتنا وتباشروا بذلك، فكتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر، كتابا هذه نسخته: " بسم الله الرحمن الرحيم، من عائشة بنت أبي بكر زوج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حفصة بنت عمر زوج رسول الله صلى الله عليه وآله [كذا] سلام عليك، أما بعد فإني أخبرك أن علي بن أبي
[274]
دم عثمان ؟ ! فانتشر هذا الكلام في عسكر أمير المؤمنين عليه السلام] (4) قال ابن عباس: فأخبرت عليا بذلك، فقال لي اسكت يا ابن عباس: فوالله ليأتينا في هذين اليومين من الكوفة ستة آلاف وستمأة رجل (5)، ولنغلبن أهل البصرة، ولنقتلن طلحة والزبير (6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طالب نزل بالدقاقة والله داقه بها [كذا] فهو بمنزلة الاشقر، إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر والسلام ".
فلما وصل الكتاب إلى حفصة استفزها الفرح والسرور، فدعت جواريها فأمرهن أن يغنين ويضربن بالدفوف، فجعلن يغنين ويقلن: شبهت الحميراء عليا في السفر بالفرس الاشقر إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر الخ.
وقريب منه في كتاب الجمل ص 149، و 230، وكذلك في البحار: ج 8 ص 411 ط الكمباني، ورواه أيضا ابن أبي الحديد، في شرح المختار الاول من كتب النهج: ج 14، ص 13، ط مصر، عن أبي مخنف، والواقدي والمدائني مع زيادة أبيات في الموضوع لسهل بن حنيف الانصاري رحمه الله.
(4) بين المعقوفات مأخوذ من الباب (33) من الجزء الثاني من كتاب الملاحم والفتن، وقد سقط من المطبوع من كتاب الجمل ولا بد منه.
(5) وفي رواية السليلي: " خمسة آلاف وستمائة أو خمس مائة - شك الاجلح " الخ.
وفي مروج الذهب: ج 3 ص 359: فسارا [اي الحسن عليه السلام وعمارا] عن الكوفة ومعهما من أهل الكوفة نحو من سبعة آلاف، وقيل ستة آلاف وخمسمائة وستون رجلا.
وما ذكره في الذيل رواه أيضا في الدر النظيم الورق 115.
(6) هذا هو الظاهر، وفي النسخة: " وليغلبن أهل البصرة، وليقتلن طلحة والزبير ".
[275]
(قال ابن عباس): فوالله إنني استشرف الاخبار وأستقبلها (7) حتى إذا أتى راكب فاستقبلته واستنخبرته فأخبرني بالعدة التي سمعتها من علي عليه السلام لم تنقص برجل واحد.
كتاب الجمل ص 157، وللكلام مصادر كثيرة تلاحظ بعضها في المختار التالي، وبعض آخر منها في المقالة العلوية الغراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) قال الطبري - في حوادث سنة 36 من تاريخه ج 3 ص 513، وفي ط ج 5 ص 119، قبيل عنوان: " نزول علي الزاوية من البصرة " -: حدثني عمر، قال: حدثنا أبو مخنف، عن جابر، عن الشعبي، عن أبي الطفيل، قال: قال علي: " يأتيكم من الكوفة اثنا عشر ألف رجل ورجل ": [قال: أبو الطفيل:] فقعدت على نجفة ذي قار فأحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا.
[قال: وجاء معهم الاشتر].