[391]

 

- 119 -

ومن كلام له عليه السلام في شهادة الصحف الالهية بأنه على منهاج الشريعة علما وعملا

قال ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي (1) أخبرنا أبو الحسين ابن النقور، أخبرنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا أبو بكر ابن سيف، أخبرنا السري بن يحيى، أخبرنا شعيب بن إبراهيم، أخبرنا سيف بن عمي [كذا] عن الوليد بن بن عبد الله، عن أبيه، قال: بلغ عليا أن الاشتر قال: ما بال ما في العسكر يقسم ولا يقسم ما في البيوت (2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وسند الكلام في خصوص المقام ضعيف جدا، ولكن المتن مؤيد بشواهد خارجية ومقطوع الصدور عنه عليه السلام في غير المقام، فما تفرد به هذا السند غير معتبر ولا صالح للحجية.

(2) هذا افتراء محض وكذب بحت على بطل الاسلام، وضرغام المؤمنين، نسجه الحنق وشنآن هذا الرجل العظيم، لنكايته في أسلاف النواصب، وشدة شكيمته على من حاد الله ورسوله، وكيف يمكن أن يكون المعترض هو الاشتر، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام في شأنه: " قد كان لي كما كنت لرسول الله ".

ويجئ أيضا في ختام وقعة صفين قوله عليه السلام: " ليت فيكم اثنين مثله، بل ليت فيكم واحدا مثله يرى رأيه في عدوي ".

وان نظرت إلى أقوال الرجل وأفعاله، أو إلى ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في شأنه، لقلت بالقول الصدق - كما قال أمير المؤمنين، وقوله هو الفصل وما عداه الهزل -: أنى مثل مالك، وهل موجود كمالك، وهو أشد على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار.

ثم إن الرواية كانت مشتملة على فقرات أخر تراكمت الشواهد على خلافها منها: انه قال عليه السلام: " إنا والله ما قسمنا عليكم إلا سلاحا من مال الله عزوجل كان في خزانة المسلمين أجلبوا به عليكم فقتلكموه، ولو كان لهم ما أعطيتكموه، ولرددته على من أعطاه الله إياه في كتابه، إن الحلال حلال أبدا، وإن الحرام حرام [أبدا].

ويكفي لسلب نسبة هذه الفقرة إلى أمير المؤمنين عليه السلام، الاجماع والاتفاق على أنه

 

[392]

فأرسل [أمير المؤمنين عليه السلام] إليه يزيد بن قيس، فأتاه به فقال له: أنت القائل في أصحابك [ذيت ذيت ؟] (2) قال: نعم فقال: والله لئن ثنيتم لي الوسادة (3) وتابعتموني لاسيرن فيكم سيرة يشهد لي بها التوراة والانجيل والزبور أني قضيت بما في القرآن.

ترجمة الاشتر مالك بن الحارث، من تاريخ دمشق: ج 52 ص 442، وللكلام في هذا الموضوع مصادر جمة وأسانيد كثيرة يذكر بعضها في باب علمه عليه السلام من باب القصار، فارتقب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

عليه السلام قسم ما في عسكرهم - عدا الرقيق - على جنده مع العلم بأن جميع ما حواه عسكرهم لم يكن مما نهبوه من بيت مال المسلمين، نعم جل ما كان بيد طلحة والزبير، وخواصهما كان من بيت المال، وأما أهل البصرة فجل سلاحهم ودوابهم كان ملكا لهم ولم يصل إليهم من بيت المال إلا مقدارا من النقود.

ومن فقرات الرواية انه عليه السلام أدب الاشتر بالدرة، ومنها أن الاشتر دخل على عائشة وتنصل منها فلم تقبل منه.

وإجمال الكلام لبيان كشف كذب هاتين الفقرتين: أن رواة الرواية مثل السرى والسيف معروفون بنسبة الكذب والافتراء على أتباع أمير المؤمنين عليه السلام فلا يقبل قولهم عليهم، فالمقبول من الرواية ما تشهد القرائن بصحته - وهو ما قاله عليه السلام افتخارا - دون ما عداه.

(2) بين المعقوفين كان في النسخة هكذا: " ديه ". ولا ريب أنه تصحيف. وذيت ذيت.كناية عن الحديث أو الفعل.

(3) ثنيتم - من باب رمى يرمي، أو من باب التثنية -: طويتموها لي. والوسادة - - بتثليث الواو -: المخدة والمتكأ. والمراد منها وسادة الامر والنهي وإجراء الاحكام، أي لو امكنتموني من أريكة الامارة والحكومة، لحكمت بما يشهد به جميع الكتب السماوية ويصدقني كل الاديان السالفة الالهية.

 

[393]

 

- 120 -

ومن كلام له عليه السلام في نعت المخلصين من أصحابه

قال السيد أبو طالب: أخبرنا أبي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا أبو القاسم العلوي العباسي قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، عن محمد بن زكريا، قال: حدثني محمد بن عبد الله الحسيني قال: حدثنا محمد بن عباد، عن أبيه عن محمد بن الحنفية رضوان الله تعالى عليه قال: لما قدم أمير المؤمنين إلى البصرة بعد قتال الجمل دعاه الاحنف بن قيس واتخذ له طعاما، وبعث إليه وإلى أصحابه، فأقبل إليه أمير المؤمنين ثم قال: يا احنف ادع أصحابي.

فدعاهم فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوال (1) فقال الاحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم ؟ (أ) من قلة الطعام أم من هول الحرب ؟ قال: لا يا أحنف.

[ثم قال:] إن الله عزوجل إذا أحب قوما تنسكوا له في دار الدنيا (2) تنسك من هجم على ما علم من فزع يوم القيامة من قبل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) شنان - بكسر الشين -: جمع شن - بفتح الشين -: القربة الخلق اليابسة، ويجمع أيضا على أشنان.

وبوال: جمع بالي: الرث، يقال: " بلي الثوب - من باب رضي - بل وبلاء ": رث فهو بال.

(2) تنسكوا له: تعبدوا له وتزهدوا، ويقال: " نسك الرجل لله - من باب نصر - نسكا ": تطوع لوجهه تعالى.

 

[394]

أن يشاهدها، فحملوا أنفسهم كل مجهودها (3) وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله تعالى توهموا خروج عنق من النار يحشر الخلائق إلى ربهم عزوجل، وظهور كتاب تبدو فيه فضائح ذنوبهم فكادت أنفسهم تسيل سيلانا، وتطير قلوبهم بأجنحة الحق طيرانا (4) وتفارقهم عقولهم [و] إذا غلت بهم مراجل (5) المرد إلى الله عزوجل غليانا يحنون حنين الولاه في [د] جي الظلم (6) ذبل الاجسام حزينة قلوبهم كالحة وجوههم ذ [ا] بلة شفاههم خميصة بطونهم تراهم سكرى وليسوا بسكرى (7) هم سمار وحشة الليالي متخشعون، قد أخلصوا لله أعمالهم سرا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) الظاهر ان هذا هو الصواب.

وفي الاصل: " من قبل أن يشاهدوها فحظلوا أنفسهم.. " والحديث رواه أيضا الشيخ الصدوق (ره) في كتاب صفات الشيعة، ولكن حين تحقيق ما هنا لم يحضرني الكتاب ولا لفظ الحديث.

(4) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " فطيرانا ".

(5) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب صفات الشيعة - علي ما في بالي -.

والمرجل - - كدرهم -: القدر، والجمع مراجل، والكلام على الاستعارة.

وذكره في نسخة تيسير " المراحل " بالحاء المهملة.

الحنين: صوت الحزين.

والولاه: جمع الواله - كزراع في جمع زارع - المتحير من شدة الوجد.

(7) هذا هو الصواب، وفي الاصل: " تراهم سكرا وليس بسكرى ".

يقال: رجل سكران من قوم سكارى وسكرى.

المرأة سكرى أيضا.

وفي الآية الثانية من سورة الحج " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ".

 

[395]

وعلانية، فلو رأيتهم في ليلهم ونهارهم وقد نامت العيون وهدأت الاصوات وسكنت الحركات من الطير في الوكور، وقد نهنههم يوم الوعيد (9) [و] ذلك قوله تعالى: " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون [97 - الاعراف] فاستفزعوا لها فزعا (9) يعولون [مرة] ويبكون تارة، ويسبحون ليلة مظلمة بهماء (10).

فلو رأيتهم يا أحنف قياما على أطرافهم منحنية ظهورهم على أجزاء القرآن لصلواتهم (11) إذا زفروا خلت النار قد أخذت منهم إلى حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صارت في أعناقهم.

ولو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما يمشون على الارض هونا ويقولون للناس حسنا وإذا خاطبهم الجاهلون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(8) أي وقد كفهم ذكر يوم الوعيد عن النوم ومنعهم عنه.

(9) هذا هو الظاهر من السياق، وفي الاصل: " فاستفيضوا لها قزعي ".

(10) ولعلها بمعنى الطويلة حيث إنها لطولها أمرها مبهم.

(11) كذا في الاصل.

 

[396]

قالوا: سلاما، وإذا مروا باللغو مروا كراما (1).

أولئك يا أحنف انتجعوا دار السلام (2) التي من دخلها كان آمنا ".

فلعلك شغلك يا أحنف نظرك إلى وجه واحدة يبيد الاسقام نضارة وجهها (3) وذات دار قد اشتغلت بتقريب فراقها، و [ذات] ستور علقتها (4) والرياح والايام موكلة بتمزيقها، وليست (5) لك دار البقاء، فاحتل للدار التي خلقها الله عزوجل من لؤلؤة بيضاء فشق فيها أنهارها وغرس فيها أشجارها وأظل عليها بالنضيج من ثماها (6)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) إشارة إلى الآية: (63) من سورة الفرقان: " وعباد الرحمان الذين يمشون في الارض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ".

وقوله تعالى في الآية: (83) من سورة البقرة " قولوا للناس حسنا ".

وقوله تعالى في الآية: (72) من سورة الفرقان: " والذين يشهدون الزور، وإذا مروا باللغو مروا كراما ".

(2) أي طلبوا دار السلام أو جعلوها منتجع أمنياتهم اي موضع ما يأملون مما تشتهي أنفسهم.

(3) الظاهر ان هذا هو الصواب، ونضارة الوجه عبارة عن كونه حسنا جميلا ناعما.

وفي الاصل: " عضارة وجهها، دات دار.. " (4) هذا هو الظاهر من السياق، وفي الاصل: " عقلتها ".

ويساعد رسم خطه أيضا أن يقرأ " علمتها ".

(5) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " بئست لك دار البقاء ".

(6) هذا هو الظاهر أي جعل الله تبارك وتعالى نضج ثمار الجنة ظلا عليها أي حفها بثمار أشجارها بحيث هي تقع في ظل ثمارها.

ولا يوجد بيان فوق هذا يعبر به عن وفور ثمرات الجنة وتكثرها.

وفي الاصل: " وأطل عليها " بالطاء المهملة.

 

[397]

وكنها بالعواتق من حورها (1) ثم أسكنها أولياءه وأهل طاعته.

فإن فاتك يا أحنف ما ذكرت لك فلترفلن في سرابيل القطران (2)، ولتطوفن بينها وبين حميم آن (3) فكم يومئذ من صلب محطوم ووجه مشئوم.

ولو رأيت وقد قام مناد يناد [ي]: يا أهل الجنة ونعيمها وحليها وحللها خلود لا موت فيها، ثم يلتفت إلى أهل النار فيقول: يا أهل النار يا أهل النار يا أهل السلاسل والاغلال خلود لا موت.

فعندها انقطع رجاؤهم وتقطعت بهم الاسباب (4) فهذا ما أعد الله عزوجل للمجرمين، وذلك ما أعد الله عزوجل للمتقين.

الحديث (9) من الباب: (64) من كتاب تيسير المطالب - في ترتيب أمالي السيد أبي طالب - وبحديثين بعده يختم الكتاب.

ورواه أيضا الشيخ الصدوق رحمه الله في كتاب صفات الشيعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) أي غطاها وغشاها بالعواتق من الحور العين.

وفي هذا التعبير أيضا معنى عجيب وهو تكثر العواتق ومن الحور بحيث حفت الجنة بهن.

(2) يقال: " رفل زيد، من باب نصر - رفلا ورفولا ورفلانا ": جر ذيله وتبختر.

(3) إشارة إلى قوله تعالى في الآية: (44) من سورة الرحمان: " يطوفون بينها وبين حميم آن " أي متناه في الحرارة بالغ فيها نهاية مرتبتها.

(4) إشارة إلى قوله تعالى في الآية: (166) من سورة البقرة: " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب ".

 

[398]

 

- 121 -

ومن كلام له عليه السلام بين فيه علل إنحراف أم المؤمنين عنه عليه السلام

عن عمر بن أبان، قال: لما ظهر أمير المؤمنين عليه السلام على أهل البصرة، جاءه رجال منهم فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما السبب الذي دعا عائشة إلى المظاهرة عليك، حتى بلغت من خلافك وشقاقك ما بلغت ؟ وهي امرأة من النساء، لم يكتب عليها القتال، ولا فرض عليها الجهاد، ولا رخص لها في الخروج من بيتها، ولا التبرج بين الرجال، وليست بما تولته في شئ على (كل) حال ! ! ! فقال (أمير المؤمنين عليه السلام): سأذكر أشياء حقدتها علي، وليس [لي] في واحد منها ذنب إليها، ولكنها تجرمت بها علي (1).

أحدها تفضيل رسول الله لي على أبيها، وتقديمه أياي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) أي ارتكبت الجرم والذنب علي بسبب تعلقها بهذه الاشياء.

ثم إن في كتاب الجمل ص 81 و 226 وبعدها شواهد لما هنا، وكذلك في دعائم الاسلام: ج 1 ص 17، وكذلك في شرح المختار: (156) من خطب النهج، وشرح المختار الاول من باب الكتب: ج 14 ص 23 من شرح النهج، وشرح المختار: (64) أيضا من باب الكتب من شرح ابن أبي الحديد: ج 9 ص 192، وج 17 ص 153، وكذلك في تاريخ الطبري: ج 4 ص 115، وج 3 ص 547 وج 2 ص 433، وكذلك في الباب: (5) و 44 و 45 و 51 و 52 و 159، و 173، من كتاب اليقين.

 

[399]

في مواطن الخير عليه، فكانت تضطغن ذلك ويصعب عليها، وتعرفه منه وتتبع رأيه فيه [كذا].

وثانيها لما آخى [رسول الله صلى الله عليه وآله] بين أصحابه، آخى بين أبيها وعمر بن الخطاب، واختصني بأخوته، غلظ ذلك عليها وحسدتني لسعدي منه (2).

وثالثها [إنه] أوصى صلوات الله عليه بسد أبواب كانت في المسجد لجميع أصحابه إلا بابي (3) فلما سد باب أبيها وصاحبه وترك بابي مفتوحا في المسجد تكلم في ذلك بعض أهله، فقال صلوات الله عليه: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، بل الله عزوجل سد أبوابكم وفتح بابه.

فغضب لذلك أبو بكر وعظم عليه وتكلم في أهله بشئ سمعته منه ابنته فاضطغنته علي ! ! !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(2) أي لاجل صيرورتي سعيدا بالنبي صلى الله عليه وآله وألطافه الخاصة بي.

(3) الحديث متواتر بين المسلمين، وقد رواه ابن عساكر في الحديث: (319) وتواليه بطرق كثيرة، كما رواه أيضا السيوطي في اللئالي المصنوعة: ج 1 ص 179، ط 1، بمصر، عن (24) طريقا، وكذلك رواه أيضا ابن المغازلي في الحديث: " 308 - 315 " من مناقبه، ورواه أيضا الطبراني في مسند عبد الله بن عباس من المعجم الكبير: ج 3 ص ص 157، ورواه في الباب: (99) من غاية المرام ص 639، عن (29) طريقا.

 

[400]

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله] أعطى أباها الراية يوم خيبر، وأمره أن لا يرجع حتى بفتح أو يقتل فلم يلبث لذلك وانهزم، فأعطاها في الغد عمر بن الخطاب وأمره بمثل ما أمر صاحبه، فانهزم ولم يلبث، فساء رسول الله ذلك، وقال لهم ظاهرا معلنا: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده (4) فأعطاني الراية فصبرت حتى فتح الله على يدي، فغم ذلك أباها وأحزنه فاضطغنه علي ومالي إليه ذنب في ذلك، فحقدت لحقد أبيها.

وبعث رسول الله [صلى الله عليه وآله] أباها ليؤدي سورة براءة، وأمره أن ينبذ العهد للمشركين، فمضى حتى الجرف [ظ] فأوحى الله إلى نبيه أن يرده ويأخذ [منه]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(4) ورواه ابن عساكر، في الحديث: (215 - 268) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق على وجه بديع عن جماعة كثيرة من الصحابة، ورواه أيضا في الباب (9) من الفصل الاخير من غاية المرام ص 465 عن (35) طريقا، وله مصادر غير محصورة.

 

[401]

الآيات فيسلمها إلي (1)، فعرف أباها بإذن الله عز وجل، وكان فيما أوحى الله عزوجل إليه: [انه] لا يؤدي عنك إلا رجل منك - وكنت من رسول الله، وكان مني - فاضطغن لذلك علي أيضا واتبعته عائشة في رأيه.

وكانت عائشة تمقت خديجة بنت خويلد وتشنؤها شنآن الضرائر وكانت تعرف مكانها من رسول الله [صلى الله عليه وآله] فيثقل ذلك عليها، وتعدى مقتها إلى ابنتها فاطمة، فتمقتني وتمقت فاطمة وخديجة ! ! وهذا معروف في الضرائر.

ولقد دخلت على رسول الله ذات يوم قبل أن يضرب الحجاب على أزواجه، وكانت عائشة بقرب من رسول الله، فلما رآني رحب بي، وقال: أدن مني يا علي. ولم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(5) ويدل عليه من طريق القوم ما رواه ابن الاعرابي في كتاب معجم الشيوخ: ج 2 الورق 155، وفي نسخة الورق 220 ب قال: حدثنا علي [بن سهل] أنبأنا عفان، أنبأنا حماد بن سلمة عن سماك: عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة مع أبي بكر الصديق إلى أهل مكة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ردوه.

فردوه فقال أبو بكر: ما لي أنزل في شئ ؟ قال: لا ولكني أمرت أن لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني ! ! فدفعها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

 

[402]

يزل يدنيني حتي أجلسني بينه وبينها، فغلظ ذلك عليها، فأقبلت إلي وقالت بسوء رأي النساء - وتسرعهن إلى الخطاب -: ما وجدت لاستك يا علي موضعا غير موضعي هذا ؟ ! ! (6) فزبرها النبي [صلى الله عليه وآله] وقال لها: العلي تقولين هذا ؟ إنه والله أول من آمن بي وصدقني، وأول الخلق ور [و] دا علي الحوض، وهو آخر الناس بي عهدا (7) لا يبغضه أحد إلا أكبه الله على منخره في النار (8) فازدادت غيظا علي ! ! !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(6) والحديث مروي أيضا من طريق أهل السنة، ولكن بهذا اللفظ لم أتذكره الآن، ولعلهم غيروا اللفظ تحفظا على كرامة أم المؤمنين ! ! ! وكيف كان فقد قال العقيلي في ترجمة موسى بن القاسم بن ضعفائه الجزء (11) الورق 207: حدثنا أحمد بن القاسم وأحمد بن داود، قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا علي بن هاشم، حدثني أبي، عن موسى ابن القاسم التغلبي قال: حدثتني ليلى الغفارية قالت: كنت مع رسول الله في مغازيه فأداوي الجرحى وأقوم على المرضى، فلما خرج علي إلى البصرة خرجت معه، فلما رأيت عائشة واقفة دخلني شئ من الشك، فأتيتها فقلت: هل سمعت من رسول الله فضيلة في علي، فقالت: نعم دخل علي على رسول الله وهو مع عائشة، وهو على فريش وعليه جرد قطيفة فجلس بينهما فقالت له عائشة: أما وجدت مكانا هو أوسع لك من هذا، ! فقال النبي: يا عائشة دعي أخي فإنه أول الناس إسلاما، وآخر الناس بي عهدا عند الموت، وأول الناس لي لقيا يوم القيامة.

ورواه عن العقيلى في الحديث: (133) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق.

ورواه أيضا في الاصابة: ج 8 ص 183، من طريق ابن مندة.

(7) هذا هو الظاهر، وفي النسخة: أحق الناس عهدا إلي.

(8) وهذا المضمون أيضا قد وردت فيه أخبار عنه صلى الله عليه وآله.

 

[403]

ولما رميت بما رميت اشتد ذلك على النبي، فاستشارني في أمرها فقلت: يارسول الله سل جاريتها بريرة واستبرئ الحال منها، فإن وجدت عليها شيئا فخل سبيلها فالنساء كثيرة، فأمرني أن أتولى مسألة بريرة، و [أن] أستبرء الحال منها، ففعلت ذلك، فحقدت علي، والله ما أردت بها سوء، لكني نصحت لله ولرسوله (9).

وأمثال ما ذكرت [كثيرة] فإن شئتم فاسألوها ما الذي نقمت علي حتى خرجت مع الناكثين لبيعتي ؟ ! وسفكت دماء شيعتي، وتظاهرت بين المسلمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(9) وهذا مما اعترفت به عائشة وصرحت به، قال في آخر وقعة الخوارج من كتاب تدكرة الخواص، ص 112، لما قال لها أبو قتادة: إذا علمت هذا من فضل علي فلم كان منك إليه ما كان ؟ فقالت: يا أبا قتادة وللقدر سبب، وهو ان الناس خاضوا في حديث الافك، وكان عامة المهاجرين يقولون لرسول الله صلى الله عليه وآله: أمسك عليك زوجك حتى يأتي أمر ربك.

وكان علي يقول: النساء كثيرة وما ضيق الله عليك، وفي نساء قريش من هي أجل نسبا منها وأبيها وما أبوه (كذا).

فإنه كلما رأى قلق رسول الله صلى الله عليه وآله وحزنه وما يحصل له من كلام المنافقين يقول له ذلك، فوجدت عليه، وكان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله حفظ فخفت عليه، فكان مني ما كان وأنا الآن فاستغفر الله مما فعلته.

وقريبا منه رواه أيضا عبد الرزاق الصنعاني كما في الحديث: (9748) من كتاب المغازي من كتاب المصنف: ج 5 ص 415 ط بيروت.

 

[404]

بعداوتي [هل حملها على ذلك شئ] (10) إلا البغي والشقاق، والمقت لي بغير سبب يوجب ذلك في الدين ؟ ! ! والله المستعان.

كتاب الجمل للشيخ المفيد رحمه الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(10) هذا هو الصواب، وفي النسخة: " وسفك دماء شيعتي والتظاهر بين المسلمين بعداوتي الا البغي والشقاق "..

 

[405]

 

- 122 -

ومن كلام له عليه السلام على منبر البصرة

البلاذري قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أبي السورا الضبعي انه سمع عليا [عليه السلام] على منبر البصرة يقول: ليحبني أقوام حتى يدخلهم حبي النار، وليبغضني أقوام حتى يدخلهم بغضي النار.

الحديث (78) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف ج 1 / الورق 159 أ / أو ص 318 وفي المطبوع: ج 2 ص 120، ط 1.

ورواه أيضا أبو بكر ابن أبي شيبة في كتاب المصنف: ج 7 أو 6 الورق 160 ب قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن أبي التياح، عن أبي السوار العدوي قال: قال علي: ليحبنني قوم.. ورواه أيضا أحمد بن حنبل - في الحديث (75) من باب مناقب أمير المؤمنين من كتاب الفضائل - قال عبد الله: حدثني أبي، حدثني وكيع، عن شعبة، عن أبي التياح.. ورواه عنه في الحديث (12) من الباب: (181) من غاية المرام ص 425 ورواه أيضا أبو سعيد ابن الاعرابي في معجم الشيوخ: ج 2 ص الورق 18، وفي نسخة الورق 151 / ب، قال: أنبأنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عمرو بن عبد

 

[406]

الغفار، أنبأنا شعبة بن الحجاج، عن أبي التياح، عن أبي السوار العدوي قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: ليحبني.. ثم قال ابن الاعرابي: أنبأنا عباس الدوري.

أنبأنا شبابة، أنبأنا شعبة، عن أبي التياح، عن أبي السوار العدوي قال: سمعت عليا قال مثله.

ورواه عنه ابن عساكر، في الحديث: (750) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق قال: أخبرنا أبو البركات ابن أبي عقيل، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا أبو محمد ابن النحاس، أنبأنا أبو سعيد ابن الاعرابي، أنبأنا يحيى بن أبي طالب..

 

[407]

 

- 123 -

ومن كلام له عليه السلام قاله في خطبة له على منبر البصرة

قال العقيلي: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي قا ل: حدثنا نوح بن قيس، عن أبي فاطمة سليمان بن عبد الله: عن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا - وهو على منبر البصرة - يقول: أنا الصديق الاكبر، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم.

ترجمة سليمان بن عبد الله من كتاب الرجال للعقيلي الورق 81.

أقول: ورواه أيضا البلاذري في الحديث (146) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف: ج 1، الورق 124، وفي ط 1: ج 2 ص 146، قال: حدثني محمد بن أبان الطحان، عن أبي هلال الراسبي، عن أبي فاطمة، عن معاذة العدوية.. ورواه أيضا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل المتوفى عام 287، في كتاب الآحاد والمثاني الورق 16 - أ - قال: حدثنا أبو موسى حدثنا نوح بن قيس عن رجل - قد سماه قد ذهب عن أبي موسى اسمه - عن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا يخطب.

[و] حدثنا أبو موسى أنبأنا مسلم بن إبراهيم، أنبأنا نوح بن قيس أنبأنا سليمان بن عبد الله الحارثي [كذا] حدثتني معاذة.. ورواه أيضا ابن عدي في ترجمة سليمان بن عبد الله من كامله: ج 2

 

[408]

الورق 4 قال: حدثنا العباس بن أحمد بن منصور القراطيسي، حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبري ومحمد بن يحيى القطيعي وزياد بن يحيى الحسابي [كذا] قالوا: حدثنا نوح بن قيس، عن سليمان أبي فاطمة، عن معاذة بنت عبد الله العدوية قالت: سمعت علي بن أبي طالب يخطب على منبر البصرة.. وراه أيضا في باب الفضائل تحت الرقم: (413) في باب فضائل علي عليه السلام من كنز العمال: ج 15، ص 145، ط 2 وقال: رواه محمد بن أيوب الرازي في جزئه، والعقيلي.

ورواه أيضا الدولابي - في عنوان: " من كنيته أبو فاطمة، من كتاب الكنى والاسماء: ج 2 ص 81 ط الهند - قال: حدثنا زياد بن يحيى أبو الخطاب، قال: حدثنا نوح بن قيس.

وحدثني أبو بكر مصعب بن عبد الله بن مصعب الواسطي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا نوح بن قيس الحداني، قال: حدثنا سليمان بن عبد الله أبو فاطمة، قا ل: سمعت معاذة العدوية تقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخطب على منبر البصرة وهو يقول: أنا الصديق الاكبر.. ورواه أيضا ابن قتيبة، في كتاب المعارف ص 169، مسندا، في عنوان " إسلام أبي بكر ".

ورواه عنه وعن غيره في الحديث (4 و 8) في آخر ترجمة أمير المؤمنين من سمط النجوم: ج 2 ص 475 وص 476 ورواه العلامة الاميني (ره) في الغدير: ج 2 ص 314 ط 2 عن جماعة، ورواه أيضا ابن عساكر في الحديث: (88) من ترجمة أمير المؤمنين بأسانيد.

 

[409]

 

- 124 -

ومن خطبة له عليه السلام لما استعمل عبد الله بن العباس على البصرة

قال الشيخ المفيد (ره): وروى أبو مخنف لوط بن يحي قال: لما استعمل أمير المؤمنين عبد الله بن العباس على البصرة، خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: معاشر الناس قد استخلفت عليكم عبد الله بن العباس فاسمعوا له، وأطيعوا أمره ما أطاع الله ورسوله، فإن أحدث فيكم أو زاغ عن الحق فاعلموا أني أعزله عنكم فإني أرجو أن أجده عفيفا، تقيا ورعا، وإني لم أوله عليكم إلا وأنا أظن ذلك به، غفر الله لنا ولكم.

كتاب الجمل ص 224 ط النجف.

 

[410]

 

- 125 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن العباس لما استخلفه على البصرة وأراد أن يظعن منها

أوصيك بتقوى الله عزوجل، والعدل على من ولاك الله أمره، اتسع الناس بوجهك وعلمك وحكمك، وإياك والاحن (1) فإنها تميت القلب والحق.

واعلم أن ما قربك من الله بعدك من النار، وما قربك من النار بعدك من الله (2) أذكر الله كثيرا ولا تكن من الغافلين.

الامامة والسياسة: ج 1، ص 85، وقريب منه جدا في المختار: (76) من باب الكتب من نهج البلاغة، والمختار: (18) من باب الوصايا من كتابنا هدا: ج 2 ص 70.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) الاحن: جمع الاحنة - كفتنة -: الحقد والعداوة، والفعل منه من باب علم، والمصدر كفلس.

(2) كذا في النسخة، وفي كتاب الجمل، ص 224: " واعلم ان ما قربك من الله فهو مباعدك من النار، وما باعدك من الله فمقربك من النار ".

وهو أظهر، وقد ورد هذا المضمون في أخبار كثيرة.

 

[411]

 

- 126 -

ومن كلام له عليه السلام قاله في بعض خطبه

معاشر الناس إني تقلدت أمركم هذا، فوالله ما حبست منه (1) بقليل ولا كثير إلا قارورة من دهن طيب أهداها [إ] لي دهقان (2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) هذا هو، الصواب وفي النسخة: " ما حسبت منه ".

وفي رواية الكنز: عن أبي عمرو بن العلاء، عن أبيه قال:: خطب علي فقال: يا ايها الناس والله الذي لا إله إلا هو ما رزأت من مالكم قليلا ولا كثيرا إلا هذه - وأخرج قارورة من كم قميصه فيها طيب فقال -: أهداها إلي دهقان.

(2) قال الاصمعي: فرفع الدال.

أي فضمها.

والدهقان - بتثليث الدال - رئيس القرية.

التاجر.

قال في مادة: " قرو " من النهاية: وفي حديث علي: " ما أصبت منذ وليت عملي إلا هذه القويريرة، أهداها إلى الدهقان ".

هي تصغير قاروة: وعاء يجعل فيه المائعات.

وقال الاصمعي: يريد قارورة الغالية.

وروى الطبراني في الاوسط، عن عبد الله بن يحيى قال: إن عليا (عليه السلام) أتي يوم البصرة بذهب وفضة فقال: ابيضي واصفري (و) غري غيري (غري أهل الشام غدا إذا ظهروا عليك.

فشق قوله لك على الناس) فذكر ذلك له، فأذن في الناس فدخلوا عليه فقال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم قال: يا علي إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين، ويقدم عليه عدوك غضابا مقمحين.

ثم جمع علي يده إلى عنقه يريهم الاقماح.

رواه عنه في مجمع الزوائد: ج 9 ص 131، قال: وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف.

أذكره أيضا في باب فضائل علي عليه السلام تحت الرقم: (398) من كنز العمال ج: 15، ص 137 ط 2 وقال: قال الطبراني: لم يروه عن أبي الطفيل إلا جابر تفرد به عبد الكريم ابو يعفور، وجابر الجعفي شيعي غال وثقه شعبة والثوري.. وعبد الكريم ذكره ابن حبان في الثقات.

أقول بين المعقوفات من الاصل المأخوذ منه، وليس منا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

[412]

كتاب خصائص الائمة - للسيد الرضي (ره) - ص 54 ط النجف.

وقريبا منه جدا رواه في ترجمة الاصمعي من كتاب نور القيس ص 168 ط 1.

ورواه ابن عساكر بثلاثة أسانيد، في الحديث: (1227) وتواليه من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق باختلاف يسير جدا في بعض الالفاظ.

ورواه أيضا أبو نعيم في ترجمة أمير المؤمنين من حلية الاولياء: ج 1، ص 81.

ورواه أيضا مع بيتين في ذيلها في الحديث: (117) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الاشراف: ج 1، ص 322 وفي ط 1: ج 2 ص 134، عن عمر بن شبة، عن أبي عاصم، عن معاذ بن العلاء، عن أبيه عن جده.

وقريبا منه رواه في الجزء الحادي عشر من بشارة المصطفى ص 341.

وكذا رواه في الباب (3) من تيسير المطالب.

ورواه أيضا في كنز العمال، ج 15، ص 148، ط 2 تحت الرقم: (425) من باب فضائل علي عليه السلام، عن كتاب الجامع لعبد الرزاق، وعن أبي عبيد في كتاب الاموال، ومسدد، والحاكم في الكنى، وابن الانباري في المصاحف وأبي نعيم في الحلية.

 

[413]

 

- 127 -

ومن كلام له عليه السلام قاله لاهل البصرة لما أراد أن يرتحل عنهم

قال الشيخ المفيد: محمد بن محمد بن النعمان (ره): روى أبو مخنف لوط بن يحي، عن رجاله قال: لما أراد أمير المؤمنين عليه السلام التوجه إلى الكوفة، قام في أهل البصرة فقال: يا أهل البصرة ما تنقمون علي والله أنهما - وإشار إلى قميصه وردائه (1): - لمن غزل أهلي، ما تنقمون مني يا أهل البصرة، والله ما هي - وأشار إلى صرة في يده فيها نفقته - إلا من غلتي بالمدينة (2) فإن أنا خرجت من عندكم بأكثر مما ترون، فأنا عند الله من الخائنين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وفي النسخة هكذا: " ما تنقمون علي يا أهل البصرة - وأشار إلى قميصه وردائه فقال: - والله إنهما لمن غزل أهلي ".

وفي الحديث: (1232) من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق، عن عنترة قال: دخلت على علي بالخورنق وعليه قطيفة وهو يرعد من البرد ! ! ! فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولاهل بيتك في هذا المال نصيبا، أنت تفعل بنفسك هذا ؟ فقال: اني والله لا أرزأ من أموالكم شيئا، وهذه [هي] القطيفة التي إخرجتها من بيتي - أو قال: - من المدينة ! ! ! (2) وفي النسخة هكذا: " ما تنقمون مني يا أهل البصرة، - وأشار إلى صرة في يده فيها نفقته - والله ما هي ألا من غلتي بالمدينة " والغلة - بفتح المعجمة كسلة -: الدخل

 

[414]

ثم خرج وشيعه الناس إلى خارج البصرة، وتبعه الاحنف بن قيس إلى الكوفة.

ولما خرج وصار على غلوة استقبل الكوفة بوجهه (3) - وهو راكب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) - وقال: الحمد لله الذي أخرجني من أخبث البلاد، وأخشنها ترابا وأسرعها خرابا وأقربها من الماء، وأبعدها من السماء، بها مغيض الماء وبها تسعة أعشار الشر وهي مسكن الجن.

الخارج منها برحمة، والداخل إليها بذنب.

أما إنها لا تذهب الدنيا حتى يجئ إليها كل فاجر، ويخرج منها كل مؤمن، وحتى يكون مسجدها كأنه جؤجؤ سفينة.

كتاب الجمل، ص 224 ط النجف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

والنفع من كراء دار وفائدة أرض وغيرها.

وفي الحديث: (1233) وتاليه من ترجمته عليه السلام من تاريخ دمشق عن الثوري قال: ما بني علي آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، ولقد كان يجاء بحبوبه في جراب من المدينة ! ! ! وبمعناه رواه أحمد في الحديث الثامن والخامس عشر من باب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل.

(3) كذا في النسخة، وقال في كتاب الاخبار الطوال، ص 152،: وشخص علي عن البصرة، واستعمل عليها عبد الله بن العباس فلما انتهى إلى المربد، التفت إلى البصرة ثم قال: الحمد الذي أخرجني من شر البقاع ترابا، وأسرعها خرابا وأقربها من الماء، وأبعدها من السماء.

والغلوة - كحربة -: مقدار رمية سهم.

وعن أبي شجاع في خراجه: الغلوة: قدر ثلاثة مأة ذراع إلى أربعمأة، والجمع غلوات - كشهوة وشهوات -.

وعن الليث: الفرسخ التام: خمس وعشرون غلوة.

 

[415]

 

- 128 -

ومن كلام له عليه السلام لما أشرف على الكوفة

قال الدينوري: ثم سار [علي عليه السلام من البصرة] فلما أشرف على الكوفة قال: ويحك يا كوفان ما أطيب هواؤك وأغذى تربتك، الخارج منك بذنب، والداخل إليك برحمة، لا تذهب الايام والليالي حتى يجئ إليك كل مؤمن، ويبغض المقام بك كل فاجر، وتعمرين حتى أن الرجل من أهلك ليبكر إلى الجمعة فلا يلحقها من بعد المسافة (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وفي كتاب الخصائص: " أما لا تذهب الدنيا حتى يحن (كذا) اليك كل مؤمن، ويخرج عنك كل كافر (ظ) ولا تذهب الدنيا حتى تكوني من النهرين إلى النهرين، حتى ان الرجل ليركب البغلة الصفراء يريد الجمعة فلا يدركها ".

 

[416]

كتاب الاخبار الطوال، ص 152، وقريبا، منه جدا رواه السيد الرضي (ره) في كتاب خصائص أمير المؤمنين، ص 89 ط النجف، ورواه عنه في الحديث الثالث من الباب، (32) من أبواب المزار، من كتاب الحج من مستدرك الوسائل: ج 2 ص 205 ورواه أيضا الشيخ هادي (ره) في المختار (26) من الباب الاول من مستدرك النهج ص 49.

 

[417]

 

- 129 -

ومن خطبة له عليه السلام لما ورد الكوفة قادما من البصرة

قال نصر بن مزاحم المنقري (ره): أنبأنا عمر بن سعد ابن أبي الصيد الاسدي، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمان بن عبيد أبي الكنود (1) وغيره: قالوا: لما قدم علي بن أبي طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من رجب - سنة ست وثلاثين.

وقد أعز الله نصره وأظهره على عدوه - ومعه أشراف الناس وأهل البصرة، استقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم فدعوا له بالبركة (2) وقالوا: يا أمير المؤمنين أين تنزل ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وقال في ترجمته من الطبقات الكبرى: ج 6 ص 177: واسمه عبد الله بن عوف.

وقال بعضهم: عبد الله بن عويمر.

روى عن علي وعبد الله [بن مسعود] وساق حديثا عنه بأنه صلى خلف علي فسلم تسليمتين، ثم قال: وكان ثقة وكان له أحاديث يسيرة.

(2) قال في البحار: ج 8 ص 466 س 2 نقلا عن كتاب الكافية للشيخ المفيد: وعن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أن أمير المؤمنين لما دنى إلى الكوفة مقبلا من البصرة، خرج الناس مع قرظة بن كعب يتلقونه، فلقوه دون نهر النضر بن زياد، فدنوا منه يهنونه بالفتح وإنه ليمسح العرق عن جبهته، فقال له: قرظة بن كعب: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي أعز وليك وأذل عدوك ونصرك على القوم الباغين الطاغين الظالمين.

فقال له عبد الله بن وهب الراسبي: إي والله إنهم الباغون الظالمون الكافرون المشركون.

فقال له أمير المؤمنين.

ثكلتك أمك ما أقواك بالباطل، وأجراك على أن تقول ما لم تعلم، أبطلت يا ابن السوداء، ليس القوم كما تقول، لو كانوا مشركين سبينا [نساءهم] وعنمنا أموالهم وما ناكحناهم ولا وارثناهم.

وفي كتاب صفين ص 5: عن سيف بن عمر، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباته،

 

[418]

أتنزل القصر ؟ فقال: لا، ولكني أنزل الرحبة.

فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الاعظم فصلى فيه ركعتين، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال: أما بعد يا أهل الكوفة فإن لكم في الاسلام فضلا ما لم تبدلوا وتغيروا، دعوتكم إلى الحق فأجبتم وبدأتم بالمنكر فغيرتم، ألا إن فضلكم فيما بينكم وبين الله، فأما في الاحكام والقسم فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه.

ألا إن أخوف ما أخاف عليكم إتباع الهوى وطول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

أن عليا لما دخل الكوفة قيل له: أي القصرين ننزلك ؟ قال: قصر الخبال لا تنزلونيه.

فنزل على جعدة بن هبيرة المخزومي.

ثم قال نصر: وعن الفيض بن محمد، عن عون بن عبد الله بن عتبة، قال: لما قدم علي الكوفة نزل على باب المسجد فدخل وصلى، ثم تحول فجلس إليه الناس فسأل عن رجل من أصحابه كان ينزل الكوفة، فقال قائل: استأثر الله به.

فقال: إن الله لا يستأثر بأحد من خلقه، وقرأ: " وكنتم أمواتا فأحياكم، ثم يميتكم ثم يحييكم ".

قال: فلما لحق الثقل قالوا: [يا أمير المؤمنين] أي القصرين تنزل ؟ فقال: قصر الخبال لا تنزلونيه.

أقول: الخبال: إصابة الجنون.

الفساد.الهلاك.

ومراده عليه السلام منه هو قصر دار الامارة (2) لما كان أغلب النفوس يحسبون أن فضلهم وكرامتهم يوجب المساهلة والمماشاة معهم في الحقوق، دفع عليه السلام هذا الوهم والحسبان بأن فضلهم لدينهم إنما هو عند الله بالاختصاص بمزيدة الكرامة - إن استقاموا عليه ولم يحبطوه - في القيامة ويوم الجزاء، وأما في وضع الحقوق في الدنيا، وتفضيلهم على غيرهم في الفئ وقسم بيت المال فلا.

والاسوة: التسوية والتساوي.

 

[419]

الامل، فأما إتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الآخرة.

ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، والآخرة [قد] ترحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة (3) اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.

الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه، وأعز الصادق المحق، وأذل الناكث المبطل.

عليكم [يا أهل هذا المصر] (4) بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه، من المنتحلين المدعين المقابلين (5) إلينا، يتفضلون بفضلنا، ويجاحدونا أمرنا، وينازعونا حقنا، ويدافعونا عنه (6) فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) وفي كثير من كلمه عليه السلام الواردة بهذا المساق بعد هذه الفقرة هكذا: " ولا تكونوا من أبناء الدنيا ".. (4) بين المعقفتين مأخوذ من كتاب الارشاد، والامالي للشيخ المفيد.

(5) وفي بعض نسخ الكتاب - على ما حكي عنه - وكتاب الارشاد: " القائلين إلينا ".

وفي أمالي الشيخ المفيد: " من المنتحلين المدعين الغالين الذين يتفضلون بفضلنا " الخ.

(6) كذا في كتاب صفين وأمالي الشيخ المفيد بحذف نون الرفع في الافعال الثلاثة، وهذا دليل على أن نون الرفع قد يحذف بلا ناصب ولا جازم.

 

[420]

ألا إنه قد قعد عن نصرتي رجال منكم فأنا عليهم عاتب زار (7)، فاهجروهم وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة (8).

فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي - وكان صاحب شرطته - فقال: والله لارى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا، والله لئن أمرتنا لنقتلنهم.

فقال علي [عليه السلام]: سبحان الله، يا مال جزت المدى، وعدوت الحد، وأغرقت في النزع ! فقال: يا أمير المؤمنين لبعض الغشم أبلغ في أمور تنوبك من مهادنة الاعادي ! ! ! (9) فقال علي: ليس هكذا قضى الله يا مال، قال (الله سبحانه): " النفس بالنفس " (10) فما بال الغشم ؟ وقال: " ومن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(7) كذا في أمالي الشيخ المفيد، وهو أظهر مما في كتاب صفين: " قد قعد عن نصرتي منكم رجال " الخ.

و " زار ": اسم فاعل حذف منه الياء استثقالا، وهو مأخوذ من قولهم: " زرى عليه عمله - من باب رمى، والمصدر كرميا وقفلا وحكاية وموعظة ومرضاة - زريا وزريا وزراية ومزرية ومزراة.

وتزرأه عليه وأزراه عليه إزراءا ": عابه عليه أو عاتبه.

(8) وفي الامالي: " وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا أو نرى منهم ما نرضى ".

ومعنى " حتى يعتبوا ": أي حتى يزيلوا عتابنا وإنكارنا عليهم، ويتركوا ما غضبنا عليهم من أجله ويرضونا عنهم.

وقال في الحديث: (357) من ترجمته عليه السلام من أنساب الاشراف: ج 1 الورق 180 أو ص 363: قال أبو مخنف: قدم علي من البصرة إلى الكوفة في رجب سنة ست وثلاثين - وقال غيره: في رمضان سنة ست وثلاثين - ولما قدمها خطب فقال: إن قوما تخلفوا عني فأنبوهم وأسمعوهم ما يكرهون.

(9) " الغشم " - كفلس -: الظلم.

و " تنوبك ": تحدث لك وتصيبك.

و " المهادنة " المداراة.

(10) الآية: (45) من سورة المائدة، وأولها هكذا: " وكتبنا فيها أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والسن بالسن والجروح قصاص " الخ.

ثم إن في نسخة كتاب صفين هنا تصحيف، وصححناه على نقل ابن أبي الحديد عنه وعلى وفق أمالي المفيد.

 

[421]

قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا " [33 - بني إسرائيل: 17].

والاسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك، وذلك هو الغشم وقد نهى الله عنه.

فقام إليه أبو بردة بن عوف الازدي (11) - وكان ممن تخلف عنه - فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة والزبير وطلحة بم قتلوا ؟ قال [أمير عليه السلام: قتلو بما] قتلوا [من] شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبدي رحمة الله عليه في عصابة من المسلمين قالوا: لا ننكث كما نكثتم، ولا نغدر كما غدرتم.

فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلى قتلة إخواني أقتلهم بهم، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا علي فقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي، فقتلتهم بهم أفي شك أنت من ذلك ؟ قال:: قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت واستبان لي خطاء القوم، وأنك أنت المهدي المصيب.

كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم (ره) ص 3 ط 2 بمصر، ورواه عنه ابن أبي الحديد في شرح المختار: (43) من النهج: ج 3 ص 102.

ومثله في الحديث الخامس، من المجلس، (15) من أمالي الشيخ المفيد، ص 82، وأيضا قطعة منه ذكرها الشيخ المفيد في الفصل: (29) مما اختار من كلامه عليه السلام في كتاب الارشاد، ص 38، ورواه عنهم جميعا في البحار: ج 8 ص 465 باب خروجه عليه السلام من البصرة وقدومه الكوفة.

ورواه أيضا ابن أعثم الكوفي كما في المترجم من تاريخه ص 184، ط الهند

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(11) قال نصر عمن رواه له: وكان أشياخ الحي يذكرون أنه كان عثمانيا، وقد شهد مع علي على ذلك صفين، ولكنه بعدما رجع كان يكاتب معاوية، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة، وكان عليه كريما.