[422]
ومن كلام له عليه السلام لما قدم عليه أهل السواد للتهنئة
قال نصر: [حدث] عبد الله بن كردم بن مرثد، قال: لما قدم علي عليه السلام [الكوفة] حشر [إليه] أهل السواد، فلما اجتمعوا أذن لهم، فلما رأى كثرتهم قال: إني لا أطيق كلامكم ولا أفقه عنكم، فأسندوا أمركم إلى أرضاكم في أنفسكم وأعمه نصيحة لكم.
قالوا: [أرضانا وأعمنا نصيحة] نرسا (1) ما رضي فقد رضيناه، وما سخط فقد سخطناه.
فتقدم [نرسا] فجلس إليه، فقال [عليه السلام لنرسا]: أخبرني عن ملوك فارس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لم أعثر على ترجمة للرجل، ولكن الذي أطمئن إليه ان هذا هو الذي ذكره جماعة - منهم ابن عساكر في ج 38 من تاريخ دمشق ص 47، ومنهم ابن الاثير في ترجمة علي عليه السلام من كتاب أسد الغابة: ج 4 ص 32 - من انه لما دخل عل عليه السلام الكوفة، دخل عليه رجل من حلفاء العرب فقال: " والله يا أمير المؤمنين لقد زينت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك وهي كانت أحوج إليك منك إليها ".
ولا ريب لي أن هذا الكلام صدر من هذا الرجل العظيم الايراني في أول ما دخل على أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المجلس، كما أن ما ذكره ابن عبدربه أيضا كان من محاورات أمير المؤمنين عليه السلام مع الرجل في هذا المحفل، قال في العقد الفريد: ج 2 ص 124: وسأل [علي] عليه السلام كبيرا من كبراء الفرس: أي شئ لملوككم كان أحمد عندكم ؟ قال: كان لاردشير فضل السبق في المملكة، غير أن أحمدهم سيرة أنوشروان.
قال: أي أخلاقه كان أغلب عليه ؟ قال: الحلم والاناة.
قال [عليه السلام]: هما توأمان ينتجهما علو الهمة.
ولم أعثر للقصة ذكرا في غير كتاب صفين، ومن عدم اتساق القصة وعدم التام الكلام كما هو حقه يستكشف الاختلال في رواية كتاب صفين فعليك بالتنقيب.
كما أن من إيكال أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه أمر بنات كسرى - التي أرسل بهن خليد إليه عليه السلام على ما ذكره أيضا في كتاب صفين ص 12 - نستأنس بإسلامه.
[423]
كم كانوا ؟ قال: كانت ملوكهم في هذه المملكة الآخرة اثنين وثلاثين ملكا.
قال: فكيف كانت سيرتهم ؟ قال: ما زالت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة حتى ملكنا كسرى ابن هرمز، فاستأثر بالمال والاعمال، وخالف أولينا، وأخرب الذي للناس، وعمر الذي له واستخف بالناس، فأوغر نفوس فارس حتى ثاروا عليه فقتلوه، فأرملت نساؤه ويتم أولاده.
فقال [عليه السلام]: إن الله عزوجل خلق الخلق بالحق، ولا يرضى من أحد إلا بالحق، وفي سلطان الله تذكرة مما خول الله، وإنها لا تقوم مملكة إلا بتدبير، ولا بد من إمارة ولا يزال أمرنا متماسكا ما لم يشتم آخرنا أولنا، فإذا خالف آخرنا أولنا وأفسدوا هلكوا وأهلكوا.
[قال] ثم أمر [عليه السلام] عليهم أمراءهم، ثم بعث إلى العمال في الآفاق، وكان أهم الوجوه إليه الشام.
كتاب صفين ص 14، ط 2 بمصر.
[424]
تتمة وفيها مهمة: قال المسعودي: وحدت الهيثم عن أبي سفيان عمرو بن يزيد، عن البراء بن يزيد، عن محمد بن عبد الله بن الحارث الطائي ثم أحد بني عفان: قال: لما أنصرف علي [عليه السلام] من الجمل [إلى الكوفة] قال لآذنه: من بالباب من وجوه العرب ؟ قال: [إن بالباب] محمد بن عمير بن عطارد التميمي، والاحنف بن قيس، وصعصعة بن صوحان العبدي - في رجال سماهم [الآذن] - فقال: ائذن لهم.
[فأذن لهم] فدخلوا فسلموا عليه بالخلافة، فقال لهم: أنتم وجوه العرب عندي ورؤساء أصحابي فأشيروا علي في أمر هذا الغلام المترف - يعني معاوية - فأفتنت بهم المشورة عليه (1) فقال صعصعة: إن معاوية أترفه الهوى وحببت إليه الدنيا، فهانت عليه مصارع الرجال وابتاع آخرته بدنياهم، فإن تعمل فيه برأي (2) ترشد وتصب إن شاء الله، والتوفيق بالله وبرسوله وبك يا أمير المؤمنين، والرأي أن ترسل له عينا من عيونك وثقة من ثقاتك بكتاب تدعوه إلى بيعتك، فإن أجاب وأناب كان له مالك وعليه ما عليك، وإلا جاهدته وصبرت لقضاء الله حتى يأتيك اليقين (3) فقال علي [عليه السلام]: عزمت عليك يا صعصعة إلا كتبت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقال: " فتنه فتنا وفتونا - من باب ضرب والمصدر كالفلس والفلوس - وفتنه تفتينا وأفتنه إفتانا ": أعجبه.
(2) كذا في الاصل.
(3) المراد من اليقين - هنا -: الموت ونفاد العمر، ومثله في قوله تعالى في الآية (99) من سورة الحجر: " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "
[425]
الكتاب بيديك وتوجهت به إلى معاوية، واجعل صدر الكتاب تحذيرا " وتخويفا "، وعجزه استتابة واستنابة وليكن فاتحة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية، سلام عليك، أما بعد.
ثم اكتب ما أشرت به علي، واجعل عنوان الكتاب: " ألا إلى الله تصير الامور ".
: قال اعفني [يا أمير المؤمنين] من ذلك.
قال: عزمت عليك لتفعلن.
قال: أفعل.
[فكتب] فخرج بالكتاب وتجهز وسار حتى ورد دمشق فأتى باب معاوية فقال لآذنه: إستأذن لرسول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - - وبالباب أزفلة (1) من بني أمية - فأخذته الايدي والنعال لقوله، وهو يقول: " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ".
وكثرت الجلبة واللغط، فاتصل ذلك بمعاوية، فوجه من يكشف الناس عنه، فكشفوا ثم أذن لهم فدخلوا فقال لهم: من هذا الرجل ؟ فقالوا: رجل من العرب يقال له: صعصعة بن صوحان معه كتاب من علي.
فقال: والله لقد بلغني أمره، هذا أحد سهام علي وخطباء العرب، ولقد كنت إلى لقائه شيقا، ائذن له يا غلام.
فدخل عليه فقال: السلام عليك يا ابن أبي سفيان، هذا كتاب أمير المؤمنين.
فقال معاوية: أما إنه لو كانت الرسل تقتل في جاهلية أو إسلام لقتلتك، ثم اعترضه معاوية في الكلام وأراد أن يستخرجه ليعرف قريحته طبعا أم تكلفا [كذا] فقال: ممن الرجل ؟ قال: من نزار.
قال: وما كان نزار ؟ قال: كان إذا غزا نكس، وإذا لقي افترس، وإذا انصرف احترس.
قال: فمن أي أولاده أنت ؟ قال: من ربيعة.
قال: وما كان ربيعة ؟ قال: كان يطيل النجاد، ويعول العباد ويضرب ببقاع الارض العماد.
قال: فمن أي أولاده أنت ؟ قال: من جديلة.
قال: وما كان جديلة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في الاصل.
[426]
قال: كان في الحرب سيفا قاطعا وفي المكرمات غيثا نافعا، وفي اللقاء لهبا ساطعا.
قال: فمن أي أولاده أنت ؟ قال: من عبد القيس.
قال: وما كان عبد القيس ؟ قال: كان خصيبا خضرما أبيض، وهابا لضيفه ما يجد، ولا يسأل عما فقد، كثير المرق، طيب العرق، يقوم للناس مقام الغيث من السماء.
قال: ويحك يا ابن صوحان فما تركت لهذا الحي من قريش مجدا ولا فخرا.
قا ل: بلى والله يا ابن أبي سفيان، تركت لهم ما لا يصلح إلا بهم، ولهم تركت الابيض والاحمر، والاصفر والاشقر، والسرير والمنبر، والملك إلى المحشر، وأنى لا يكون ذلك كذلك وهم منار الله في الارض، ونجومه في السماء ! ! ! ففرح معاوية وظن أن كلامه يشتمل على قريش كلها، فقال: صدقت يا ابن صوحان إن ذلك لكذلك.
فعرف صعصعة ما أراد، فقال: ليس لك ولا لقومك في ذلك إصدار ولا إيراد، بعدتم عن أنف المرعى، وعلوتم عن عذب الماء ! ! ! قال: فلم ذلك ويلك يا ابن صوحان ؟ ! قال: الويل لاهل النار، ذلك [العظمة] لبني هاشم.
قال: قم.
فأخرجوه.
فقال صعصعة: الصدق ينبئ عنك لا الوعيد، من أراد المشاجرة قبل المحاورة [كذا] فقال معاوية: لشئ ما سوده قومه، وددت والله أني من صلبه، ثم التفت إلى بني أمية فقال: هكذا فلتكن الرجال.
أقول: هذه القصة ذكرها في أيام معاوية وسيره من كتاب مروج الذهب: ج 3 ص 39 ط بيروت، فإن صحت الرواية فهذا كان أول كتبه عليه السلام - بعد نزوله الكوفة - إلى معاوية.
وبعض من هذا الحوار - عدا قصة الكتاب - ذكره بطرق في ترجمة صعصعة من تاريخ دمشق.
[427]
ومن خطبة له عليه السلام لاول جمعة نزل الكوفة وصلى بها
نصر بن مزاحم (ره) عن أبي عبد الله سيف بن عمر، عن الوليد بن عبد الله، عن أبي طيبة (1) عن أبيه، قال: أتم علي الصلاة يوم دخل الكوفة، فلما كانت الجمعة وحضرت الصلاة صلى بهم وخطب خطبة [كذا].
قال نصر: قال أبو عبد الله، عن سليمان بن المغيرة، عن علي بن الحسين [قال: هذه] خطبة علي بن أبي طالب (عليه السلام) في يوم الجمعة بالكوفة والمدينة: الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستهديه (2) وأعوذ بالله من الضلالة، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، إنتجبه لامره، واختصه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بفتح المهملة، وسكون الياء المثناة من تحت، ثم باء موحدة مفتوحة واسمه عبد الله بن مسلم السلمي المروزي كان قاضيا بمرو.
كذا قيل.
(2) كذا في البحار: ج 8 ص 466 نقلا عن كتاب صفين، وفي الطبعة الثانية بمصر هكذا: " إن الحمد لله، أحمده وأستعينه ".. وفي المحكي عن ابن أبي الحديد: " الحمد لله الذي أحمده ".. وفي الاخبار الطوال: " الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه وأومن به وأتوكل عليه "...
[428]
بنبوته، أكرم خلقه وأحبهم إليه، فبلغ رسالة ربه ونصح لامته وأدى الذي عليه.
وأوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله، وأقربه إلى رضوان الله، وخيره في عواقب الامور عند الله، وبتقوى الله أمرتم، وللاحسان والطاعة خلقتم، فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، فإنه حذر بأسا شديدا واخشوا الله خشية ليست بتعذير (3) واعملوا في غير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له، ومن عمل لله مخلصا تولى الله ثوابه.
وأشفقوا من عذاب الله، فإنه لم يخلقكم عبثا ولم يترك [شيئا] من أمركم سدى (4) قد سمى آثاركم، وعلم أعمالكم، وكتب آجالكم، فلا تغتروا بالدنيا فإنها غرارة لاهلها، مغرور من اغتر بها، وإلى فناء ما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (3) أي بذات تعذير أي تقصير، بأن لم يبالغ فيها بل ومع التقصير يرى أنه مبالغ فيها.
ومحصله لزوم بذل الوسع في خشية الله وعدم التواني فيها.
ومن قوله: " فاخشوا الله - إلى قوله - من عمل له " ذكره في الحديث (12) من الباب: (116) من الكافي: ج 2 ص 217.
(4) كلمة " شيئا " مأخوذة من كتاب الاخبار الطوال، والسياق أيضا يستدعيها، و " سدى ": مهملا.
وهذا نظير قوله صلى الله عليه وآله المروي بين أهل السنة والشيعة جميعا: " ما من شئ يقربكم إلى الجنة إلا وقد أمرتكم به، وما من شئ يقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه ".
[429]
هي (5) وإن الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون.
أسأل الله منازل الشهداء، ومرافقة الانبياء، ومعيشة السعداء، فإنما نحن به وله (6).
كتاب صفين لنصر بن مزاحم (ره) ص 10، ط 2 بمصر، ورواها عنه في شرح المختار: (43) من النهج، لابن أبي الحديد: ج 3 ص 108، ورواها أيضا عنه في البحار: ج 8 ص 466، ورواها أيضا في الاخبار الطوال، ص 153، وكأنه منه أخذ في المختار: (80) من مستدرك النهج ص 98 ولهذه الالفاظ من كلامه عليه السلام مصادر كثيرة، كما أن لخطبة الجمعة صور وأسانيد، ومصادر عن الخاصة والعامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) كذا في جميع المصادر التي بيدي، والسياق في حاجة إلى كلمة: " عليها ".
أو نحوها.
(6) هذا هو الظاهر الموافق لما في كتاب الاخبار الطوال، وفي النسخة المطبوعة بمصر، من كتاب صفين: " فإنما نحن به أولى ".
[430]
ومن كلام له عليه السلام قاله لرسله لما رجعوا من عند معاوية وأبلغوه ما قاله معاوية
قال العسكري: أخبرنا أبو القاسم، عن العقدي، عن أبي جعفر، عن المدائني، عن عوانة، ويزيد بن عياض عن الزهري قال: ورد علي عليه السلام الكوفة بعد الجمل في شهر رمضان سنة ست وثلاثين، فعاتب قوما لم يشهدوا معه الجمل فاعتذر بعضهم بالغيبة، وبعضهم بالمرض، ثم استعمل عماله فكتب إلى معاوية مع ضمرة بن يزيد الضمري، وعمرو بن زرارة النخعي، يريده على البيعة، فقال لهما معاوية: إن عليا آوى قتلة ابن عمي، وشرك في دمه، فإن دفع إلى قتلته وأقرني على عملي بايعته (1)، وكتب بذلك معاوية إلى علي عليه السلام، فقال علي [عليه السلام]: يشرط علي معاوية الشروط في البيعة ؟ ويسأل مني قتلة عثمان ؟ والله ما قتلته ولا مالات على قتله، ويسألني أن أدفع إليه قتلة عثمان ؟ وما معاوية والطلب بدم عثمان ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقال البلاذري - تحت الرقم: (367) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف: ج 1، ص 371 من المصورة، ومن المطبوع: ج 2 ص 293 -: وفي رواية محمد بن إسحاق بن يسار: ان عليا كتب إلى معاوية يدعوه إلى بيعته وحقن دماء المسلمين، وبعث بكتابه مع ضمرة بن يزيد، وعمرو بن زرارة النخعي، فقال [معاوية]: إن دفع إلي قتله ابن عمي وأقرني على عملي بايعته، وإلا فإني لا أترك قتلة ابن عمي وأكون سوقة، هذا ما لا يكون ولا أقار عليه ! ! ! - (*)
[431]
وإنما هو رجل من بني أمية، وبنو عثمان أحق بالطلب بدم أبيهم، فإن زعم أنه أقوى على ذلك منهم فليبايعني وليحاكم إلي (1).
فقال الوليد بن عقبة: ألا أبلغ معاوية بن صخر * فإنك من أخي ثقة مليم (2) قطعت الدهر كالسدم المعنى * تهدر في دمشق ولا تريم يمنيك الامارة كل ركب * بأنقاض العراق لها رسيم فإنك والكتاب إلى علي * كدابغة وقد حلم الاديم لك الخيرات فاحملنا عليهم * فخير الطالب الترة الغشوم وقومك بالمدينة قد أصيبوا * فهم صرعى كأنهم الهشيم فلو كنت القتيل وكان حيا * لشمر لا ألف ولا سؤوم فتمثل معاوية قول أوس بن حجر: ومستعجب مما يرى من أناتنا * ولو زبنته الحرب لم يترمرم ذيل المثل المعروف: " كدابغة وقد حلم الاديم " من كتاب جمهرة الامثال: ج 2 ص 158.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقريبا منه رواه عنه عليه السلام سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص 161، في كلام طويل له عليه السلام.
(2) أي ملوم وموبخ على ما تصنع.
[432]
ومن كلام له عليه السلام قاله لجرير بن عبد الله البجلي السبط ابن الجوزي قال: روى الحسن البصري قال: قال علي عليه
السلام لجرير بن عبد الله البجلي: يا جرير ما من عبد أنعم الله عليه بنعمة إلا كثرت
حوائج الناس إليه، فمن قام فيها بما يحب الله عز وجل، عرض نعمته للبقاء، ومن قصر
فيما يحب الله فقد عرض نعمته للزوال. أواخر الباب السادس من كتاب تذكرة الخواص، ص 168. وقريبا منه - مع صدر غير مذكور هنا - رواه في المختار: (372) من
قصار نهج البلاغة، إلا أن فيه: أنه عليه السلام قاله لجابر بن عبد الله الانصاري. ولا تنافي بينهما. [433]
ومن كلام له عليه السلام دار بينه وبين مالك بن الحارث رحمه الله لما أراد أن يوجه جريرا إلى معاوية
قال ابن الواضح: وخرج علي عليه السلام من البصرة، وقدم الكوفة في رجب سنة ست وثلاثين (1)، وكان جرير بن عبد الله على (ثغر) همدان [من بلاد إيران أميرا عليها من قبل عثمان، فطلبه علي عليه السلام فقدم عليه] فعزله، فقال [جرير] لعلي: وجهني إلى معاوية فإن جل من معه من قومي فلعلي أجمعهم على طاعتك.
فقال الاشتر: يا أمير المؤمنين لا تبعثه فإن هواه هواهم.
فقال (عليه السلام): دعه يتوجه، فإن نصح كان ممن أدى أمانته، وإن داهن كان عليه وزر من أوتمن ولم يؤد الامانة ! ! ! [ثم قال عليه السلام]: يا ويحهم مع من يميلون ويدعونني، فوالله ما أردتهم إلا على إقامة حق، ولا يريدهم غيري إلا على باطل ! ! !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقال البلاذري - تحت الرقم: (356) من ترجمة أمير المؤمنين من أنساب الاشراف -: قال أبو مخنف: قدم علي من البصرة إلى الكوفة، في رجب سنة ست وثلاثين.
وقال غيره: في رمضان سنة ست وثلاثين.
[434]
[ثم كتب عليه السلام إلى معاوية وأرسله مع جرير إليه] (2).
كذا في تاريخ اليعقوبي، ج 2 ص 173، ط الغري وبين المعقوفات زيادة يقتضيها السياق.
وقال البلاذري - في الحديث (364) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الاشراف: ج 1 ص 367، وفي المطبوع: ج 2 ص 284 -: المدائني عن عيسى بن يزيد الكناني [قال]: ان عليا لما بعث جرير بن عبد الله إلى معاوية ليأخذ له البيعة عليه، قدم عليه وهو جالس والناس عنده، فأعطاه كتاب علي فقرأه، ثم قام جرير فقال: يا أهل الشام إن من لم ينفعه القليل لم ينفعه الكثير، قد كانت بالبصرة ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للاسلام بعدها، فاتقوا الله وروئوا في علي ومعاوية وانظروا أين معاوية من علي وأين أهل الشام من المهاجرين والانصار، ثم انظروا لانفسكم فلا يكون أحد أنظر لها منها.
ثم سكت جرير، وسكت معاوية فلم ينطق وقال: أبلعني ريقي يا جرير.
فأمسك [جرير] فكتب [معاوية] من ليلته إلى عمرو بن العاص - وهو على ليال منه - في المصير إليه، وصرف جريرا بغير إرادته (2) وكان كتابه إلى عمرو:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) وقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص 80: إن عليا عليه السلام قدم من البصرة في غرة شهر رجب من سنة ست وثلاثين، إلى الكوفة، وأقام بها سبعة عشر شهرا تجري الكتب بينه وبين معاوية، وعمرو بن العاص، حتى سار إلى الشام.
وذكره عنه في شرح المختار (40) من نهج البلاغة من شرح ابن أبي الحديد: ج 3 ص 102.
ثم إن أول كتاب بعثه عليه السلام مع جرير إلى معاوية ذكرناه في المختار: (45) من باب الكتب ج 4 ص 88.
(2) أي من غير حصول مراده من معاوية، وهو أخذ البيعة منه لعلي عليه السلام.
[435]
أما بعد فقد كان من أمر علي وطلحة والزبير، ما قد بلغك، وقد سقط إلينا مروان في جماعة من أهل البصرة، ممن رفض عليا وأمره، وقدم علي جرير بن عبد الله في بيعة علي، وحبست نفسي عليك حتى تأتيني فأقدم على بركة الله وتوفيقه (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) وللرواية ذيل يأتي ذكره في مقدمات المختار: " 172 " ص 8.
[436]
ومن كلام له عليه السلام مع نوف البكالي وهو ضيف له (1)
قال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، حدثنا سهل بن شعيب، عن أبي علي الصيقل، عن عبد الاعلى: عن نوف البكالي قال: رأيت علي بن أبي طالب خرج فنظر إلى النجوم فقال: يا نوف أراقد أنت أم رامق ؟ قلت: بل رامق يا أمير المؤمنين.
فقال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا الارض بساطا وترابها فراشا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال في مادة " نوف " من كتاب الصحاح: " نوف البكالي - بفتح الباء - كان حاجب علي عليه السلام.
وقال ثعلب: هو منسوب إلى بكالة [بفتح أولها] قبيلة.
وقال ابن أبي الحديد - في شرح المختار: (183) من النهج بعد ذكر ما تقدم عن الصحاح -: والصواب كسر الباء، وإنه من بني بكال حي من حمير على ما ذكره ابن الكلبي.
أقول، سماع نوف الكلام من أمير المؤمنين وهو ضيف له، مما صرح به أيضا في رواية ابن عساكر، وقد ذكرناها في محل آخر وإليك سندها: قال في ترجمته من تاريخ دمشق: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمان بن محمد بن عبد الواحد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي، أتبأنا محمد بن أحمد بن رزقويه، أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق، أنبأنا محمد بن أحمد بن البرا (ء) حدثني المفضل بن حازم بن الصيف الحميري أنبأنا المسيب بن واضح السلمي أبو محمد بالرملة [ظ] حدثني مبشر بن إسماعيل الحلبي عن راشد بن منار [ظ] - قال المفضل: فقال: إن هذا خادم سعيد بن جبير - عن سعيد بن جبير، قال: قال نوف البكالي: استضفت علي بن أبي طالب في خلافته فثني لي وسادة وجعل يصلي مثنى [ظ] حتى إذا كان في السحر قال لي: يا نوف طوبى للزاهدين...
[437]
وماءها طيبا، والقرآن والدعاء دثارا وشعارا، قرضوا الدنيا على منهاج المسيح عليه السلام.
يا نوف إن الله تعالى أوحى إلى عيسى: أن مر بني إسرائيل أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة وأيد نقية، فإني لا أستجيب لاحد منهم ولاحد من خلقي عنده مظلمة يا نوف لا تكن شاعرا ولا عريفا ولا شرطيا، ولا جابيا ولا عشارا، فإن داود عليه السلام قام في ساعة من الليل (2) فقال: إنها ساعة لا يدعو عبد إلا استجيب له فيها، إلا أن يكون عريفا أو شرطيا أو جابيا أو عشارا أو صاحب عرطبة - وهو الطنبور - أو صاحب كوبة - وهو الطبل - ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب حليه الاولياء: ج 1 ص 79.
ورواه أيضا في ترجمة جعفر بن مبشر - تحت الرقم: (3608) - من تاريخ بغداد: ج 7 ص 62، قال: أخبرنا أبو بشر محمد بن عمر الوكيل،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) كذا في هذه الرواية، وفي غير واحد من المصادر: " قام في مثل هذه الساعة من الليل ".
[438]
حدثنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب، أخبرني محمد بن أحمد الكاتب، حدثنا عبيد الله بن محمد اليزيدي، حدثني جعفر بن مبشر، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثني سهل بن شعيب السهمي [كذا] حدثني أبو علي - يعني جليسا لهم - عن عبد الاعلى، عن نوف البكالي قال: بايت عليا فأكثر الدخول والخروج والنظر في السماء، ثم قال لي: أنائم أنت يا نوف ؟ قلت: رامق أرمقك بعيني منذ الليلة يا أمير المؤمنين.
قال: فقال لي: " يا نوف طوبى - وساق الحديث إلى قوله -: وأكف نقية ".
ثم قال: وذكر باقي الحديث.
[439]
ومن كلام له عليه السلام مع مولاه نوف بن فضالة - أو عبد الله - البكالي (1)
برواية أخرى قال ابن عساكر: أخبرنا أبو الحسين بختيار بن عبد الله الهندي، أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن علي بن خلف بن شعبة البصري الحافظ بالبصرة، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن بشار، إملاءا سنة خمس وأربعمأة، أنبأنا محمد بن عبد الله بن أبي زيد، أنبأنا مسيح بن حاتم، أنبأنا أبو بندار، أنبأنا أبو داود الطيالسي، أنبأنا سهل بن شعيب النهمي (2) عن عبد الاعلى - وأثنى عليه معروفا -: عن نوف البكالي فال: رأيت علي بن أبي طالب [ليلة] - وكان يكثر الخروج والنظر إلى السماء - فقال لي: أنائم أنت يا نوف ؟ قلت: لا بل رامق أرمقك بعيني (3) يا أمير المؤمنين.
فقال علي [عليه السلام]:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال في ترجمته من تاريخ دمشق: ج 60 ص 6: نوف بن فضالة أبو يزيد - ويقال: أبو رشيد.
ويقال: أبو عمرو.
ويقال: أبو رشد - ابن الحميري البكالي ابن امرأة كعب الاحبار، من أهل دمشق ويقال: من أهل فلسطين.
(2) كذا في النسخة، ومثله في دستور معالم الحكم، وفي ترجمة جعفر بن مبشر - تحت الرقم: (3608) - من تاريخ بغداد: ج 7 ص 162: " حدثني سهل بن شعيب السهمي، حدثني أبو علي - يعني جليسا لهم - عن عبد الاعلى، عن نوف " الخ.
ورواه أيضا في باب الزهد وهو الباب (43) من تيسير المطالب من أمالي السيد أبي طالب عن أحمد بن إبراهيم عن عبد الرحمان بن أبي حاتم، عن سليمان بن داود الثقفي، عن أبي داود الطيالسي عن سهل بن شعيب، عن عبد الاعلى عن نوف... (3) أي اني ملاحظك بعيني ومديم النظر إليك، يقال: رمقه رمقا - من باب نصر -: لحظه لحظا خفيفا وأدام النظر إليه.
[440]
يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا والراغبين (4) في الآخرة، أولئك الذين (5) اتخذوا أرض الله بساطا وترابها فراشا وماءها طيبا، واتخذوا القرآن شعارا (6) والدعاء دثارا [ثم] قرضوا الدنيا قرضا (7) على منهاج المسيح، فإن الله أوحى (8) إلى عبده المسيح عليه السلام: أن قل لنبي إسرائيل: أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة، وأيد نقية، وأخبرهم أني لا أقبل لاحد منهم دعوة ولاحد من خلقي قبله مظلمة يا نوف لا تكونن شرطيا ولا عريفا ولا عشارا، فإن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) ومثله في الخصال، وفي النهج وتاريخ بغداد، وأمالي المفيد: " الراغبين ".
(5) ومثله في الخصال، وفي الامالي والنهج وتاريخ بغداد: أولئك قوم.
(6) كذا في نهج البلاغة ودستور معالم الحكم، ولفظة: " القرآن " غير واضحة من نسخة ابن عساكر، وفي الامالي: " أولئك قوم يتخذون أرض الله بساطا، وترابه وسادا وكتابه شعارا ودعاءه دثارا " الخ.
وفي تاريخ بغداد: " والكتاب شعارا، والدعاء دثارا ".
(7) لفظة " ثم " غير موجودة في النسخة ولا في الامالي، بل هي مأخوذة من النهج ودستور معالم الحكم وتاريخ بغداد، وفي الخصال: " وقرضوا من الدنيا تقريضا ".
(8) ومثله في دستور معالم الحكم، وفي الخصال: " إن الله عزوجل أوحى ".
وفي تاريخ بغداد: يا نوف إن الله أوحى ".
[441]
[نبي الله] داودا [عليه السلام] (9) خرح ذات ليلة فقال: إن هذه ساعة لا يدعو الله فيها أحد إلا استجاب له إلا أن يكون عشارا (10) أو عريفا أو صاحب كوبة أو صاحب عرطبة.
ترجمة نوف البكالي من تاريخ دمشق: ج 60 ص 6، ورواه أيضا بطريق أخر، ولكن لم يذكر المتن في جميعها بل ذكر السند فقط، فقال في أواسط الترجمة: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أنبأنا أبو منصور الابرقوهي، وأبو عبد الله الخلال، قالا: أخبرنا أبو القاسم ابن مندة، أنبأنا أبو علي إجازة، وقال: وأخبرنا [كذا] أبو طاهر ابن مسلمة، أنبأنا علي بن محمد، قالا أنبأنا ابن أبي حاتم، قال: قال (ظ) نوف بن عبد الله [كذا] بت ليلة مع علي فقال: يا نوف أنائم أنت أم رامق.
ثم قال ابن عساكر: أخبرنا أبو سعد إسماعيل ابن أبي صالح، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب، قالا: أخبرنا أبو بكر ابن خلف، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن أحمد بن البراء،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) بين المعقوفات مأخوذ من دستور معالم الحكم.
(10) قال في ترجمة سعيد بن عبد الملك من تاريخ دمشق: ج 20 ص 38: ان عليا وقف على باب بالكوفة، فاستسقى ماءا، فخرجت إليه جارية بإبريق ومنديل، فقال لها: يا جارية لمن هذه الدار، فقالت: لفلان القنطال [كذا] فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشرب من بئر قسطال [كذا] ولا يستظلن في ظل عشار.
[442]
أنبأنا علي بن عبد الله، حدثني حسين الاشقر، أنبأنا شعيب بن عبد الله النهمي، عن أبي عبد الله النهمي، عن أبي عبد الله عن نوف قال: بت عند علي.
فذكر كلاما (1).
ثم إنه ينبغي ها هنا ذكر بعض الآثار الواردة المؤيدة لما تقدم فنقول: قال ابن عساكر: أخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت: أنبأنا إبراهيم ابن منصور، أنبأنا أبو بكر ابن المقري أنبأنا أبو يعلى الموصلي حدثنا القواريري حدثنا حماد بن زيد، حدثنا علي بن زيد: عن الحسن (1) قال:: بعث زياد كلاب بن أمية الليثي على الابلة، فمر به عثمان بن أبي العاص فقال: يا أبا هارون ما يجلسك ههنا ؟ قال: بعثني هذا على الابلة.
فقال: المكسر من بير عمله (2) ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ [سمعته] يقول: إن داود كان يوقظ أهله ساعة من الليل (و) يقول: يا آل داود قوموا فصلوا فإن هذه الساعة يستجاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أقول: وهذا رواه الحاكم في النوع (26) من كتاب معرفة علوم الحديث ص 131، وفيهما بعده هكذا: قال ابن المديني: فحدثني حسين [بالحديث] فقلت لحسين: ممن سمعته ؟ فقال: حدثنيه شعيب، عن أبي عبد الله، عن نوف.
فقلت لشعيب: من حدثك بهذا ؟ قال: أبو عبد الله الجصاص.
قلت: عمن ؟ قال: عن حماد القصار.
فلقيت حمادا فقلت: من حدثك بهذا ؟ قال: بلغني عن فرقد السبخي، عن نوف.
فإذا هو قد دلس عن ثلاثة، والحديث بعد منقطع، وأبو عبد الله الجصاص مجهول، وحماد القصار لا يدرى من هو ؟ وبلغه عن فرقد، وفرقد لم يدرك نوفا ولا رآه.
قال المحمودي: هذا الكلام له طرق ومصادر وثيقة بين الخاصة والعامة غير ما ناقش فيه ابن المديني، فعدم اعتبار السند الذي ذكره - لو سلم - لا يضر اعتبار الكلام الذي له إسناد معتبر آخر.
وقد أشرنا في المختار 135 وتواليه متنا وهامشا إلى تكثر طرقه ومصادره، وستقرؤه - إن شاء الله تعالى - في الباب الخامس من هذا الكتاب وفي المقالة العلوية الغراء، بإسناد ومصادر أخر.
(1) والمراد منه الحسن البصري على ما صرح به في ختام الترجمة ص 171.
(2) كذا في الاصل، وهي لغة في بئر.
[443]
الدعاء إلا لساحر أو عشار.
قال فدعا بسفينة فركبها ثم رجع إلى زياد فقال: ابعث إلى عملك من شئت.
(و) أخبرنا أبو القاسم ابن الحصين، أنبأنا أبو علي ابن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عن الحسن قال مر عثمان ابن أبي العاص على كلاب بن أمية فذكر نحوه.
وروي عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد [إلا انه] نسب فيه كلابا نسبة أخرى: أخبرناه أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو محمد الجوهري أنبأنا أبو الحسين ابن المظفر، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا محمد بن أبان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد: عن الحسن أن زيادا استعمل كلاب بن عامر على الابلة، فمر به عثمان ابن أبي العاص فقال: ما لك ؟ قال، استعملني على الابلة.
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خرج نبي الله داود صلوات الله عليه ذات ليلة فقال: لا يسأل الله الليلة أحد [شيئا] إلا استجيب له إلا أن يكون ساحرا أو عشارا.
[قال:] فدعا بقرقر فركبه فأتاه فقال: ول عملك غيري فإني سمعت عثمان بن أبي العاص يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا.
(قال ابن عساكر:) وروي عن كلاب بن أمية من وجه آخر: أخبرناه أبو القاسم هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو علي الحسن بن علي أنبأنا أبو بكر ابن مالك حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي حدثنا يزيد، أنبأنا حماد ابن زيد: عن الحسن قال: مر عثمان ابن أبي العاص على كلاب بن أمية وهو جالس على مجلس العاشر بالبصرة، فقال: ما يجلسك ههنا ؟ قال: استعملني هذا
[444]
- يعني زيادا - على هذا المكان.
فقال له عثمان: ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: بلى.
فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان لدواد نبي الله صلى الله عليه وسلم من الليل ساعة يوقظ فيها أهله [و] يقول [لهم]: يا آل داود قوموا فصلوا فإن هذه ساعة يستجيب الله فيها الدعاء إلا لساحر أو عشار [قال:] فركب كلاب بن أمية سفينة فأتى زيادا فاستعفاه فأعفاه.
ترجمة كلاب بن أمية الليثي من تاريخ دمشق: ج 46 ص 17.
وأيضا قال ابن عساكر: (و) أخبرناه أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي وزوجه رابعة [ظ] بنت معمر اللبنانية، وأبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، قالوا: أنبأنا أبو الطيب بن سكة (1) وهو محمد بن أحمد بن إبراهيم - زاد أبو سعد، وأبو المظفر محمود بن جعفر بن محمد الكوسج - وأبو القاسم عبد الرحمان بن محمد بن مندة، ومحمد بن أحمد بن علي بن شكرويه، قالوا: أنبأنا أبو علي بن البغدادي حدثنا أبي علي بن أحمد بن سليمان، حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس، حدثنا أبوالجماهر محمد بن عثمان، حدثنا خليد بن دعلج، عن سعيد بن عبد الرحمان: عن كلاب بن أمية: انه لقي عثمان بن أبي العاص فقال له: ما جاء بك ؟ قال: استعملت على عشور الابلة.
فقال عثمان: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزوجل يدنوا من خلقه فيغفر لمن استغفره إلا لبغي بفرجها (2) أو العشار.
(قال ابن عساكر:) وسقط من حديث إسماعيل ذكر علي بن أحمد ولا بد منه، و (الحديث) روي عن خليد، عن كلاب نفسه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا ظاهر رسم الخط، ويحتمل على بعد أن يقرء: سمكة.
(2) هذا هو الظاهر، وفي النسخة: " لفرجها ".
[445]
أخبرناه (1) أبو القاسم ابن السمرقندي أنبأنا أبو القاسم ابن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد ابن عدي حدثنا محمد بن أحمد بن هارون، حدثنا ابن أبي العوام، حدثنا سلمة بن سليمان، حدثنا خالد بن دعلج [كذا]: عن كلاب بن أمية انه لقي عثمان بن أبي العاص فقال: ما جاء بك ؟ قال: استعملت على عشور الابلة.
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يدنوا من خلقه فيغفر لمن استغفر [ه] إلا لبغي بفرجها أو العشار.
(قال ابن عساكر): وروي عن حماد عن الحسن (2).
أقول: وفي مادة " شحن " من تاج العروس أيضا شواهد لما هنا وإن كان بعضها بعيدا عن الصواب غير خال عن التحامل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي ما روي عن خليد، عن كلاب نفسه.
(2) وهذا قد تقدم ذكره في ص 443 نقلا عنه.
[446]
ومن كلام له عليه السلام مع نوف البكالي الشامي (1)
الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين (ره) قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، قال: حدثنا المغيرة بن محمد، قال: حدثنا بكر بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي: عن نوف البكالي قال: أتيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو في رحبة مسجد الكوفة، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فقال: وعليك السلام يا نوف ورحمة الله وبركاته.
فقلت له: يا أمير المؤمنين عظني.
فقال: يا نوف أحسن يحسن إليك.
فقلت: زدني يا أمير المؤمنين.
فقال: يا نوف ارحم ترحم.
فقلت: زدني يا أمير المؤمنين.
قال: يا نوف قل خيرا تذكر بخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قيل: البكال - ككتاب -: بطن من حمير، منهم نوف هذا.
وقيل: بكال كشداد.
[447]
فقلت: زدني يا أمير المؤمنين.
قال: [يا نوف] اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار.
ثم قال: يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة، وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يبغضني ويبغض الائمة من ولدي، وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يحب الزنا، وكذب من زعم أنه ولد من حلال وهو مجترئ على معاصي الله كل يوم وليلة.
يا نوف اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا ولا عريفا ولا عشارا ولا بريدا.
يا نوف صل رحمك يزد الله في عمرك، وحسن خلقك يخفف الله حسابك يا نوف إن سرك أن تكون معي يوم القيامة فلا تكن للظالمين معينا.
يا نوف من أحبنا كان معنا يوم القيامة، ولو أن رجلا أحب حجرا لحشره الله معه.
[448]
يا نوف إياك أن تتزين للناس، وتبارز الله بالمعاصي فيفضحك الله يوم تلقاه.
يا نوف احفظ عني ما أقول لك تنل به خير الدنيا والآخرة.
الحديث (9) من المجلس: (37) من أمالي الشيخ الصدوق (ره) ص 185، وفي ط ص 104، وفي ط ص 102، ورواه أيضا الشيخ الزاهد ورام بن أبي فراس في كتاب تنبيه الخواطر، ص 574 مرسلا، وكأنه ذكره أيضا في كتاب جواهر المطالب ص 48 ولكن الكتاب لم يحضرني الآن.
[449]
ومن كلام له عليه السلام في نعته شيعته والمتمسكين بولايته
قال ابن عساكر: أخبرنا جدي أبو المفضل يحي بن علي القطان القاضي، أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد، قالا: أخبرنا محمد بن محمد بن إبراهيم، أنبأنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي (ظ) أنبأنا الحسين بن محمد بن الحسن بن مصعب، أنبأنا يزيد بن محمد: أبو خالد الثقفي، أنبأنا حسان بن سدير (1) عن سدير، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن آبائه عن علي، قال: قال علي - لنوف الشامي مولاه وهو معه على سطح -: يا نوف أنائم أم نبهان ؟ قال: نبهان أرمقك (2) يا أمير المؤمنين.
قال: [يا نوف] تدري من شيعتي ؟ قال: لا والله.
قال: إن شيعتي (3) إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن مرضوا لم يعادوا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ورواه أيضا في كنز الفوائد، ص 30 قال: أخبرني أبوالمرجا محمد بن طالب البلدي، عن أبي المفضل الشيباني، عن عبد الله بن جعفر الازدي، عن خالد بن يزيد الثقفي، عن أبيه عن حنان بن سدير (كذا) عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه عن جده انه قال لمولاه نوف الشامي وهو معه في السطح الخ.
(2) نبهان كيقظان لفظا ومعنى، من قولهم: " نبه من نومه - من باب فرح - نبها " كقفلا -: استيقظ. و"أرمقك" من باب نصر -: أديم النظر إليك.
(3) هذا هو الظاهر، وفي النسخة: " فإن شيعتي ".
[450]
شيعتي من لم يهر هرير الكلب (4) ولم يطمع طمع الغراب، ولم يسأل الناس (5) وإن مات جوعا، وإن رآى مؤمنا أكرمه، وإن رآى فاسقا هجره.
شيعتي الذين هم في قبورهم يتزاورون (6) وفي أموالهم يتواسون، وفي الله تعالى يتباذلون.
يا نوف درهما ودرهما [وثوبا وثوبا وإلا فلا] (7).
[هؤلاء - والله يا نوف - شيعتي، شرورهم مأمونة] وقلوبهم محزونة، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) كذا في النسخة، قال ابن عساكر: وقال جدي: الكلاب.
وفي كنز الفوائد: شيعتي من لا يهر هرير الكلب [بالراء المهملة] ولا يطمع - إلى أن قال: - ولا يسأل الناس " الخ.
يقال: " هر الكلب - من باب فر - هريرا ": صاح دون نباح.
و " هر فلان في وجه السائل - من باب فر، ومد - هرا وهريرا: صوت وعبس وجهه.
والقوس: صوتت.
لي ثم إن في نسخة ابن عساكر: " من لم يهز هزيز الكلب " بالزاء المعجمة، والظاهر انه مصحف.
(5) الظاهر ان المراد من الناس - هنا - جماعة معهودة وهم جماهير أعدائه عليه السلام، وهذا نظير قوله تعالى في الآية (173) من سورة آل عمران: " الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم ".
(6) كذا في النسخة، ومثلها في كنز الفوائد.
ولعل الاصل كان: " في قصورهم " أي منازلهم، أو يقال: إنما عبر بالقبور.
لان الدنيا ومنازلها سجن وقبر للمؤمنين.
(7) كذا في كنز الفوائد، غير انه ذكرها مرفوعا، وإنما نقلناها منصوبة لتوافق ما في النسخة وهو هكذا: " يا نوف درها ودرها ".
ويحتمل قويا صحة ما في نسخة ابن عساكر، بأن يكون هذا مدحا للشيعة لكونهم يتواسون في اموالهم ويتباذلون في الله، أي الله در شيعتي، لله در شيعتي.
[451]
إختلف بهم الابدان، ولم تختلف قلوبهم (8).
قال [نوف]: قلت: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك، فأين أطلب هؤلاء ؟ قال: [اطلبهم] في أطراف الارض.
هؤلاء والله يا نوف شيعتي (9).
[يا نوف] يحي الله النبي (10) صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وهو آخذ بحجزة ربه (11) وأنا آخذ بحجزته، وأهل بيتي آخذون بحجزتي، وشيعتي آخذون بحجزتنا (2) فإلى أين [يا] نوف ؟ إلى الجنة ورب الكعبة (13) [إلى الجنة ورب الكعبة، إلى الجنة ورب الكعبة].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) كذا في كنز الفوائد، وفي نسخة تاريخ دمشق هكذا: " حوائجهم خفيفة، أنفسهم عفيفة قلوبهم محزونة، اختلف بهم البلدان [كذا] ولم تختلف قلوبهم ".
(9) أي الموصوفون بما تقدم شيعتي.
وهذا ينبغي ان يقع بعدما يأتي من قوله: " أما الليل فصافون أقدامهم - إلى قوله: - قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح عيسى بن مريم ".
كما هو كذلك في الكنز.
(10) وفي كنز الفوائد: " يا نوف يجئ النبي صلى الله عليه وآله يوم القيامة آخذا بحجزة ربه جلت أسماؤه - يعني بحبل الدين وحجزة الدين - وأنا آخذ بحجزته، وأهل بيتي آخذون بحجزتي.
(11) الحجزة - كغرفة -: وسط الانسان وهو محل شد الازار ومعقده، والكلام كناية عن الاعتصام والتمسك والاستجارة بالله تعالى، وهذه الاستعارة والكناية أمر شائع في غير العربية أيضا كما في قول الايرانيين: كمر أو را بكير. دست بدامنش بزن. دامن أو را كرفتم. وقال في الاساس: أخذت بحجزته: استظهرت به. وهو مجاز.
(12) كذا في كنز الفوائد، وفي نسخة تاريخ دمشق: " بحجزه ".
(13) وبعدها في كنز الفوائد، وتاريخ دمشق: " [قال نوف:] قالها ثلاثا ".
[452]
أما الليل فصافون أقدامهم (14) مفترشون جباههم، تجري دموعهم على خدودهم يناجون [ربهم] في فكاك رقابهم.
وأما النهار فحلماء نجباء (15) كرام أبرار أتقياء.
يا نوف بشر الزاهدين، نعم [الساعة] ساعة الزاهدين.
أما إنها ساعة لا يسأل الله فيها عبد شيئا إلا أعطاه ما لم يكن جائرا (16) أو عاشرا أو ساحرا أو ضارب كوبة أو ضارب عرطبة.
يا نوف شيعتي الذين اتخذوا الارض بساطا والماء طيبا والقرآن شعارا، [و] قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح عيسى بن مريم.
ترجمة نوف البكالي من تاريخ دمشق: ج 60 ص 7.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) وهذا وما بعده مقدم في كنز الفوائد، على ما مر - هنا - تحت الرقم (10 - 13).
(15) وفي كنز الفوائد: " وأما النهار فحلماء علماء، كرام نجباء، أبرار أتقياء ".
(16) رسم الخط من هذه الكلمة غير جلي في النسخة، فيحتمل أيضا: " جابيا " كما هي كذلك في رواية أبي نعيم في حلية الاولياء ج 1 ص 79.
[453]
ومن كلام له عليه السلام في صفة المتقين ونعت الكملين من شيعته، وهو من غرر كلمه عليه السلام المروية من طرق ووجوه كثيرة (1)
قال العلامة الكراجكي رحمه الله: أخبرني أبوالمرجا: محمد بن طالب البلدي، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن أحمد بن محمد الوابشي، عن عاصم بن حميد.
وعن أبي المفضل، عن محمد بن علي البندار، عن الحسن بن علي بن بزيع، عن مالك بن إبراهيم، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي: عن يحيى بن أم الطويل (2) انه أخبره عن نوف البكالي قال: عرضت لي إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [عليه السلام] حاجة، فاستتبعت إليه جندب بن زهير، والربيع بن خيثم (1) - وكان من أصحاب البرانس - فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين [عليه السلام] فألفيناه حين خرج يؤم المسجد،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فرواه سليم بن قيس الهلالي (ره) في كتابه، وثقة الاسلام الكليني - أعلى الله مقامه - في الكافي، والشيخ الصدوق رحمه الله في كتاب الامالي والسيد الرضي وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
(2) وفي النسخة: " عن أبي حمزة الثمالي، عن رجل من قومه، يعني يحي بن أم الطويل " الخ وإنما غيرنا العبارة لاجل التهذيب.
(1) يقال: استتبعه ": طلب منه أن يتبع.
أي طلبت من جندب والربيع أن يتبعاني إلى أمير المؤمنين عليه السلام ويوافقاني في المضي إليه.
وجندب بن زهير كان من شجعان أصحابه ممن كان يخاف سطوته ويكره مبارزته.
والربيع بن خيثم - بفتح الخاء وسكون الياء ثم الثاء المفتوحة -: أحد الزهاد الثمانية المعروفة.
[454]
فأفضى - ونحن معه - إلى نفر مبدنين قد أفاضوا في الاحدوثات تفكها وبعضهم يلهي بعضا (2) فلما أشرف لهم أمير المؤمنين [عليه السلام] أسرعوا إليه قياما، فسلموا فرد [عليه السلام] التحية ثم قال [لهم]: من القوم ؟ قالوا: أناس من شيعتك يا أمير المؤمنين.
فقال لهم: خيرا ثم قال لهم: يا هؤلاء ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا أهل البيت ؟ فأمسك القوم حياءا، قال: نوف: فأقبل عليه جندب، والربيع (3) فقالا: ما سمة شيعتكم وصفتهم يا أمير المؤمنين ؟ فتثاقل عن جوابهما وقال [لهما]: إتقيا الله أيها الرجلان، وأحسنا فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون(4).
فقال همام بن عبادة - وكان عابدا مجتهدا -: أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلا إلا أنبأتنا بصفة شيعتكم.
فقال [عليه السلام لهمام]: لا تقسم فسأنبئكم جميعا، فأخذ بيد همام ودخل المسجد فسبح ركعتين أوجزهما وأكملهما وجلس وأقبل علينا، وحف القوم به، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) ألفيناه: وجدناه.
وأفضى إلى كذا: انتهى إليه ووصل إليه.
ومبدنين: عظيمي الجسم كثيري اللحم.
والاحدوثات: جمع الاحدوثة: ما يتحدث به حقا كان أو باطلا، إلا أن الصادر من أهل الدنيا والواقع منهم في الخارج هو التحدث بالباطل والهزل.
والافاضة في الاحدوثات: هو الخوض فيه والاندفاع والاسراع إليه كاندفاع الماء والسيل من أعلى الوادي إلى أسفله.
وتفكها: إلتذاذا وتمتعا كالتمتع والالتذاذ بأكل الفاكهة.
(3) والذي في غير واحد من طرق هذه القضية ان هماما سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن نعت المتقين، بخلاف هذه الرواية فإنها صريحة في أن جندب والربيع سألاء ابتداءا ثم سأله همام عن نعت الشيعة، أقول لا تنافي بين الروايات، لان المخلصين من الشيعة هم المتقون، والمتقون هم الشيعة المخلصون لا غير، وأما سؤال جندب والربيع فهذه الرواية ناطقة به، وغيرها ساكتة عنه ولا تعارض بين الساكت والناطق.
(4) اقتباس من الآية: (128) من سورة النحل: 16، وفيها: إن الله.. ".
[455]
أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خلق خلفه، فألزمهم عبادته وكلفهم طاعته، وقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم [كذا]، وهو في ذلك غني عنهم لا تنفعه طاعة من أطاعه، ولا تضره معصية من عصاه منهم، لكنه تعالى علم قصورهم عما تصلح عليه شؤنهم وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه (5) فأمرهم تخييرا وكلفهم يسيرا، وأثابهم كثيرا، وأماز سبحانه بعدل حكمه وحكمته بين المؤجف من أنامه إلى مرضاته ومحبته، وبين المبطئ عنها (6) والمستظهر على نعمته منهم بمعصيته، فذلك قول الله عزوجل: أم حسب الذين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) دهماؤهم: جماعتهم وبنو نوعهم.
وارتبطهم في أمره ونهيه: أوثقهم وشدهم.
والمراد من الاذن - هنا - العلم، أي إنه تعالى بحكمته وعلمه شد عباده بأوامره ونواهيه كيلا يطغوا ولا يوقعوا أنفسهم في الهلاكة، كما يربط ويوثق الدابة الجموح لكي لا يهلك نفسها وغيرها.
(6) يقال: " ماز يميز ميزا، وميز وأماز الشئ ": فرزه عن غيره، ووسمه بعلامة تعرف بها عن غيره.
والموجف: المسرع.
والمبطئ: خلافه، أي إن الله تعالى بحكمه العدل وحكمته البالغة فرق بين المسارعين إلى طاعته وبين المبادرين إلى معصيته، وعلم جباه كل واحد من الفريقين بعلامة، فيعرف المجرمون بسيماهم، فينادون: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون ".
[456]
اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون [21 - الجاثية: 45].
ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه بده على منكب همام بن عبادة، فقال: ألا [و] من سأل عن شيعة أهل البيت - الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم في كتابه مع نبيه تطهيرا - فهم العارفون بالله، العاملون بأمر الله، أهل الفضائل والفواضل، منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، بخعوا لله تعالى بطاعته (7) وخضعوا له بعبادته، فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم واقفين أسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء، كالذين نزلت منهم في الرخاء رضى عن الله بالقضاء، فلولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى لقاء الله والثواب، وخوفا من العقاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) يقال: " بخع نفسه - من باب منع - بخعا ": أنهكها وكاد يهلكها من غضب أو غم.
وبخع له نصحه: أخلصه.
وبخع بخوعا وبخاعة - كسرورا وعلامة - بالحق: أقربه وأذعن.
[457]
عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن [قد] رآها فهم على أرائكها متكؤن، وهم والنار كمن [قد] دخلها وهم فيها معذبون [ظ] قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، ومعونتهم في الاسلام عظيمة (8) صبروا أياما قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، وتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم (9) أناس أكياس أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وطلبتهم فأعجزوها (10) أما الليل فصافون [فيصافون " ظ خ ل "] أقدامهم تالون لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا (11) يعظون أنفسهم بأمثاله،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) أما نحافة أجسادهم فلقيامهم بالحق علما وعملا، وصرف جهدهم فيما يسعدهم.
وأما خفة حوائجهم فلاقتصارهم على البلغة، ورفضهم عادة المترفين الذين غرتهم الدنيا.
وأما عفتهم فلما يعلمون من مضرة الشره من دخول النار، وفوات الحور والقصور في دار الآخرة، ومن كان كذلك فلا بد أن تكون معونته في الدين عظيمة.
(9) أي أعقبت الايام القليلة التي صبروا فيها راحة وتجارة مريحة سهلها وهيأها ربهم الكريم.
وإرباح التجارة: نماؤها وزيادتها بالمبادلة، في مقابل الخاسرة التي توجب نقص رأس المال.
(10) أي لم يستجيبوا دعوتها فجعلوها عاجزة عن حصول طلبها.
وفي نهج البلاغة: " وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها، أما الليل " الخ.
(11) وفي نهج البلاغة: " تالين لاجزاء القرآن " الخ والترتيل: تنظيم الكلام تنظيما حسنا، وبيانه بيانا أنيقا.
[458]
ويستشفون لدائهم بدوائه تارة (12) وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم، يمجدون جبارا عظيما، ويجأرون إليه جل جلاله في فكاك رقابهم (13) هذا ليلهم.
فأما النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء براهم خوف باريهم فهم أمثال القداح، يحسبهم الناظر إليهم مرضى - وما بالقوم من مرض - أو قد خولطوا وقد خالط القوم من عظمة ربهم وشدة سلطانه أمر عظيم طاشت له قلوبهم (13) وذهلت منه عقولهم، فإذا استقاموا (14) من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالاعمال الزاكية،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) وفي نهج البلاغة: " يحزنون به أنفسهم ويستثيرون دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم، مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم ".
(13) يقال: يجأرون إليه جأرا وجؤارا - من باب منع، والمصدر كالمنع والخوار -: يتضرعون إليه.
يرفعون أصواتهم بالدعاء.
(13) طاش يطيش طيشا قلبه: ذهب.
وهو من باب " باع ".
(14) أي إذا حصلت لهم الافاقة والاستقامة من ذهاب قلوبهم وذهول عقولهم يتبادرون إلى التقرب إلى الله بالاعمال الزاكية.
[459]
لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل (15) فهم لانفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون، إن زكي أحدهم خاف مما يقولون، وقال: أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي (16) اللهم لا تواخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب هذا [كذا].
ومن علامة أحدهم أن ترى له قوة في دين (17) وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على علم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وكيسا في رفق (18) وقصدا في غنى، وتجملا في فاقة، وصبرا في شدة، وخشوعا في عبادة، ورحمة للمجهود، وإعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطلبا في حلال، وتعففا في طمع، وطمعا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(15) وفي نهج البلاغة: " لا يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير ".
(16) وفي نهج البلاغة: " إذا زكي أحدهم خاف مما يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم مني بنفسي، اللهم لا تواخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون ".
(17) وفي نهج البلاغة: " أنك ترى له قوة في دين ".
(18) الكيس - بفتح الكاف -: الظرافة والفطانة.
والرفق - كحبر -: لين الجانب واللطف.
[460]
في غير طبع (19) ونشاطا في هدى واعتصاما في شهوة، وبرا في استقامة.
لا يغره ما جهله، ولا يدع إحصاء ما عمله، يستبطئ نفسه في العمل (20) وهو من صالح عمله على وجل، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمه الشكر، يبيت حذرا من سنة الغفلة، ويصبح فرحا لما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكرهه، لم يعطها سؤلها فيما تسره (21) رغبته فيما يبقى، وزهادته فيما يفنى قد قرن العمل بالعلم، والعلم بالحلم، يظل دائما نشاطه، بعيدا كسله، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقعا أجله، خاشعا قلبه ذاكرا ربه، قانعة نفسه عازبا جهله (22) محرزا دينه ميتا داؤه، كاظما غيظه، صافيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(19) أي في غير دناءة ودناسة ولئامة، وهو من باب فرح.
(20) أي يعد نفسه بطيئا في العمل، وما فعله يراه قليلا.
(21) هذا هو الظاهر من السياق، وفي النسخة: " إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يعطها سؤلها فيما إليه تسره ".
وفي النهج: " لم يعطها سؤلها فيما تحب ".
(22) أي غائبا غير حاضر، وبعيدا غير قريب.
[461]
خلقه، آمنا منه جاره سهلا أمره، معدوما كبره بينا صبره كثيرا ذكره، لا يعمل شيئا من الخير رياء ولا يتركه حياء (23) الخير منه مأمول، والشر منه مامون إن كان بين الغافلين كتب في الذاكرين، وإن كان مع الذاكرين لم يكتب من الغافلين يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه.
قريب معروفه، صادق قوله حسن فعله مقبل خيره، مدبر شره غائب مكره (24).
في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب ولا يدعي ما ليس له، ولا يجحد ما عليه، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه، لا يضيع ما استحفظه، ولا ينابز بالالقاب (25) لا يبغي على أحد، ولا يغلبه الحسد،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(23) وهذا هو حد الاعتدال الذي قلما يوجد فاعله.
(24) وفي النهج: " بعيدا فحشه، لينا قوله، غائبا منكره حاضرا معروفه، مقبلا خيره مدبرا شره ".
(25) والمراد منه الالقاب القبيحة التي يشمئز ويتأنف من الانتساب إليها والاتصاف بها أي لا
[462]
ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصاب، مؤد للامانات، عامل بالطاعات، سريع إلى الخيرات، بطئ عن المنكرات يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويجتنبه لا يدخل في الامور بجهل، ولا يخرج من الحق بعجز، إن صمت لم يعبه الصمت، وإن نطق لم يعبه اللفظ (26) وإن ضحك لم يعل به صوته، قانع بالذي قدر له، لا يجمح به الغيظ (27) ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح، يخالط الناس بعلم، ويفارقهم بسلم، يتكلم ليغنم ويسأل ليفهم، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أراح الناس من نفسه، وأتعبها لآخرته، إن بغي عليه صبر ليكون الله هو المنتصر، يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله، فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلقب غيره بلقب يكرهه ويتنفر منه، ومنه قوله تعالى في الآية: (11) من سورة الحجرات: " ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالالقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الايمان.. ".
(26) وفي النهج: " إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته ".
(27) أي إذا غاظ المؤمن على أحد أو من شئ لا يتغلب غيظه عليه بحيث يوقعه في المهالك ويسرع إلى تشفي غيظه والاضرار بمن غاظ عليه بحيث لا يمكن رده عن هواه كالفرس الجموح المستعصي على راكبه.
[463]
أولئك عمال الله مطايا [و] أمره وطاعته، وسرج أرضه وبريته، وأحبتنا ومنا ومعنا، ألا ها [ه] شوقا إليهم.
(قال:) فصاح همام بن عبادة صيحة وقع مغشيا عليه، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه، فاستعبر الربيع باكيا وقال: لاسرع ما أودت (28) موعظتك - يا أمير المؤمنين - بابن أخي، ولوددت لو أني بمكانه.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها أما والله لقد كنت أخافها عليه.
فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: (عليه السلام): ويحك إن لكل واحد أجلا لا يعدوه، وسببا لن يجاوزه، فمهلا لا تعد لها فإنما بعثها على لسانك الشيطان (29).
قال: فصلى عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) عشية ذلك اليوم وشهد جنازته ونحن معه.
قال: [يحي بن أم الطويل: حدثني نوف بذلك] فصرت إلى الربيع بن خيثم، فذكرت له ما حدثني نوف، فبكى الربيع حتى كادت نفسه أن تقبض، وقال: صدق أخي، لا جرم إن موعظة أمير المؤمنين وكلامه ذلك مني بمرئ ومسمع، وما ذكرت ما كان من همام بن عبادة يومئذ وأنا في بلهنية إلا كدرها (30) ولا شدة إلا فرجها.
كنز الفوائد، ص 31 ط 1، ورواه عنه في الحديث (49) من الباب (20):
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(28) أي أثرت عليه، أو عطفت وانحنت عليه لازقة بقلبه.
(29) وفي النهج: " فمهلا لا تعد لمثلها فإنما نفث الشيطان على لسانك ".
(30) بلهنية - على زنة خزعبلة -: الرخاء والسراء.
[464]
من القسم الاول من المجلد الخامس عشر من البحار، ص 154، ورواه أيضا في كتاب سليم بن قيس ص 211، ورواه أيضا في الحديث الاول من باب صفات المؤمن وعلاماته وهو الباب: (99) من أصول الكافي: ج 2 ص 226، بسند آخر، كما رواه أيضا في الحديث (35) من كتاب صفاة الشيعة بسند آخر، وكذلك رواه أيضا الصدوق (ره) في الحديث الثاني من المجلس: (84) من أماليه ص 342، وفي ط ص 271.
كما رواه أيضا في المختار: (190) من نهج البلاغة.