[499]

 

- 148 -

ومن خطبة له عليه السلام في يوم الجمعة

روي عن زيد بن وهب (1) انه قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم الجمعة فقال: الحمد لله الولي الحميد، الحكيم المجيد، الفعال لما يريد، علام الغيوب، وستار العيوب، وخالق الخلق ومنزل القطر، ومدبر الامر، ورب السماوات [السماء " خ "] والارض، والدنيا والآخرة، وارث [ورب " خ "] العالمين، وخير الفاتحين، الذي من عظم شأنه أنه لا شئ مثله (2).

تواضع كل شئ لعظمته، وذل كل شئ لعزته، واستسلم كل شئ لقدرته، وقر كل شئ قراره لهيبته، وخضع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) هذا هو الظاهر الموافق لما في ط الكمباني من البحار، وفي مصباح الشيخ، ومثله في ط الحديث من البحار، نقلا عن مصباح الشيخ، " روى عن زيد بن وهب ".

(2) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه، بعد قوله: منزل القطر: " ومدبر أمر الدنيا والآخرة ووارث السماوات والارض، الذي عظم شأنه فلا شئ مثله " الخ.

 

[500]

كل شئ من خلقه لملكه وربوبيته (3)، الذي يمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه، و [لن " خ "] تقوم الساعة، ويحدث شئ إلا بعلمه (4).

نحمده على ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونستغفره ونستهديه (5) ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ملك الملوك، وسيد السادات، وجبار السماوات والارض (7) الواحد القهار، الكبير المتعال ذو الجلال والاكرام، ديان يوم الدين، وربنا ورب آبائنا الاولين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " وخضع كل شئ لمملكته (كذا) وربوبيته ".

(4) وفي بعض النسخ: " وأن تقوم ".

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " وأن تقوم الساعة إلا بأمره، وأن يحدث في السماوات والارض شئ إلا بعلمه " وهو أظهر.

وفي هامش البحار: " ولن تقوم [الساعة، ويحدث شئ إلا بعلمه] " خ ل ".

وقال في شرح الخطبة من كتاب البحار: " أن تقع " أي من أن تقع - أو كراهة أن تقع - إلا بإذنه أي إلا بمشيئته وذلك يوم القيامة.

و " أن تقوم " عطف على السماء.

وربما يقرء (إن) بالكسر بناء على كونها نافية، ويكون من عطف الجملة على الجملة، وكذا الجملة التالية تحتمل الوجهين، والاحتمال الاخير بعيد فيهما.

أقول: بل هو أظهر معنى.

(5) وفي المختار: (97) من نهج البلاغة: " نحمده على ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونسأله المعافات في الاديان، كما نسأله المعافات في الابدان ".

(6) هذا هو الظاهر من السياق المعاضد بموافقة نسخة الفقيه، وفي النسخة: " وأشهد ".

وكذا فيما يأتي في الشهادة بالرسالة.

(7) وفي هامش البحار: " وجبار الارض والسماوات " خ ل.

وفي الفقيه: " وجبار الارض والسماوات، القهار الكبير المعتال ".

 

[501]

ونشهد (8) أن محمدا عبده ورسوله، أرسله داعيا إلى الحق (9)، وشاهدا على الخلق، فبلغ رسالات ربه كما أمره، لا متعديا ولا مقصرا، وجاهد في الله أعداءه لا وانيا ولا ناكلا (10) ونصح له في عباده صابرا محتسبا، فقبضه الله إليه وقد رضي عمله، وتقبل سعيه وغفر ذنبه، صلى الله عليه وآله.

أوصيكم عباد الله (11) بتقوى الله واغتنام طاعته ما استطعتم في هذه الايام الخالية الفانية، وإعداد العمل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(8) هذا هو الظاهر من السياق الموافق لما في كتاب من لا يحضره الفقيه، وفي نسخة مصباح المتهجد: " وأشهد " وكذا فيما تقدم كما أشير إليه في التعليق السالف.

(9) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " أرسله بالحق داعيا إلى الحق ".

(10) " لا وانيا " مأخوذ من الوني - كفلس: - الضعف والفتور.

" ولا ناكلا " أي جبانا ممتنعا من الجهاد لجبنه.

(11) من هنا إلى قوله عليه السلام: " وعلى أثر الماضي ما يمضي الباقي ".

مذكور في المختار: (95، أو 98) من خطب نهج البلاغة، باختلاف يسير لفظي.

وفي الفقيه: " أوصيكم عباد الله بتقوى الله واغتنام ما استطعتم عملا به من طاعته في هذه الايام الخالية، وبالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم " الخ.

وفي القسم الثالث من البحار: ج 15، ص 95، نقلا عن عيون الحكم: " وباغتنام ما استطعتم عملا به من طاعة الله عزوجل في هذه الايام الخالية بجليل ما يشفي عليكم به الموت بعد الموت [كذا] وبالرفض لهذه [الدنيا] التاركة لكم "..

 

[502]

الصالح لجليل ما يشفي به عليكم الموت (12) وآمركم (13) بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم، الزائلة عنكم وإن لم تكونوا تحبون تركها، والمبلية لاجسادكم وإن أحببتم تجديدها (14)، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا فكأنهم قد قطعوه، وأفضوا إلى علم فكأنهم قد بلغوه (15) وكم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتى يبلغها، وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، وطالب حثيث من الموت يحدوه (16).

فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(12) الخالية: الماضية أي التي تكون بمعرض لانقضاء والزوال.

و " أشفى على الشئ ": أشرف عليه.

أي أوصيكم بإعداد العمل للامور العظيمة التي جعلها الموت مشرفة عليكم قريبة منكم، أو أشرف الموت عليكم معها.

(13) قال المجلسي: وفي بعض النسخ:، في أمركم " فهو متعلق بقوله: " يشفي " أي في الامور المتعلقة بكم.

وقوله: " بالرفض " متعلق بقوله: " بالاعداد " أي بأن ترفضوا.

أو حال عن فاعل الاعداد والباء للملابسة.

أو في أمركم متعلق بأوصيكم.

وبالرفض متعلق به لكونه مصدرا ".

(15) وفي النهج: " فإنما مثلكم ومثلها كسفر سلكوا سبيلا كأنهم قد قطعوه، وأموا علما فكأنهم قد بلغوه ".

ومثله في الفقرة الثانية في رواية الواسطي.

وهو الظاهر.

والركب: جمع راكب - كما أن سفر: جمع سافر -.

و " أموا ": قصدوا.

(16) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " وطالب حثيث في الدنيا يحدوه حتى يفارقها فلا تتنافسوا "..

 

[503]

ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها، فإن عز الدنيا وفخرها إلى انقطاع، وإن زينتها ونعيمها إلى ارتجاع، وإن ضراءها وبؤسها إلى نفاد، وكل مدة منها [فيها " خ "] إلى منتهى، وكل حي فيها إلى بلى (17).

أو ليس لكم في آثار الاولين، وفي آبائكم الماضين معتبر وبصيرة إن كنتم تعقلون (18) أو لم تروا إلى الاموات لا يرجعون، وإلى الاخلاف منكم لا يخلدون (19) قال الله تعالى - والصدق قوله -: " وحرام على قرية أهلكناها إنهم لا يرجعون [95 - الانبياء: 21] وقال: كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [185 - آل عمران].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(17) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " وكل حي منها إلى فناء وبلاء " وفي النهج وعيون الحكم: " وكل حي فيها إلى فناء ".

(18) كذا في النسخة، وكذا في مستدرك الوسائل نقلا عنه وفي كتاب من لا يحضره الفقيه " وفي آبائكم الماضين تبصرة ومعتبر " الخ.

ومثله في نهج البلاغة.

وفي مستدرك النهج: " وفي آبائكم الماضين بصيرة وعبرة " الخ.

(19) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقين منكم لا يبقون، قال الله تبارك وتعالى: " وحرام على قرية أهلكناها "..

 

[504]

أو لستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون (20) على أحوال شتى، فمن ميت يبكى، ومفجوع يعزى، وصريع يتلوى، وآخر يبشر ويهناء، ومن عائد يعود، وآخر بنفسه يجود، وطالب للدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول [عنه] ! ! ! وعلى أثر الماضي ما يمضي الباقي.

والحمد لله رب العالمين، ورب السماوات [السبع " خ "] ورب الارضين السبع، ورب العرش العظيم، الذي يبقى ويفنى ما سواه، وإليه موئل الخلق (21) ومرجع الامور.

وهو أرحم الراحمين.

ألا إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا، وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم، وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره (22) فلتعظم فيه رغبتكم، ولتخلص نيتكم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(20) وفي من لا يحضره الفقيه: " يصبحون ويمسون على أحوال شتى، فميت يبكى، وآخر يعزى وصريع يتلوى وعائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وطالب الدنيا والموت يطلبه - إلى قوله: - وعلى اثر الماضين يمضي الباقين ".

(21) وفي الفقيه: " وإليه يؤل الخلق ويرجع الامر، ألا إن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا " الخ.

(22) المراد من الذكر - هنا - صلاة الجمعة.

 

[505]

وأكثروا فيه من التضرع إلى الله والدعاء، ومسألة الرحمة والغفران، فإن الله يستجيب لكل مؤمن دعاءه، ويورد النار كل مستكبر عن عبادته، قال الله تعالى: " أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [60 غافر: 40.

] واعلموا أن فيه ساعة مباركة لا يسأل الله [فيها] عبد مؤمن خيرا إلا أعطاه الله.

والجمعة واجبة على كل مؤمن (23) إلا الصبي والمرأة والعبد والمريض.

غفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا، وعصمنا وإياكم من اقتراف الذنوب بقية أعمارنا.

إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله الكريم، أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(23) هذا مثل قوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " في مقام بيان أصل الوجوب، ولا إطلاق له، فلا ينافي اشتراط وجوبها بحضور الامام عليه السلام أو منصوبه الخاص، كما لا ينافي ذلك تقييد وجوبها بأن لا يكون بين الجمعتين أقل من الفرسخين، مع أن الشرائط كانت محققة الوجود حينما كان عليه السلام يخطب.

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: " والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والاعمى والمسافر والمرأة والعبد والمملوك ومن كان على رأس فرسخين ".

 

[506]

وكان عليه السلام يقرأ " قل هو الله أحد " أو " قل يا أيها الكافرون " أو " إذا زلزلت [الارض زلزالها] (24) أو " ألهاكم التكاثر " أو " والعصر " وكان مما يدوم عليه " قل هو الله " ثم يجلس كلا ولا (25) ثم يقوم فيقول: الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا [صلى الله عليه وآله " خ "] عبده ورسوله، صلوات الله عليه وآله وسلامه ومغفرته ورضوانه.

اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك صلاة تامة نامية زاكية ترفع بها درجته، وتبين بها فضيلته.

وصل على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

اللهم عذب كفرة أهل الكتاب والمشركين الذين يصدون على سبيلك، ويجحدون آياتك ويكذبون رسلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(24) عطف " إذا زلزلت الارض " على ما سبق غير موجود في النسخة المطبوعة التي عندي وإنما ذكره في مستدرك الوسائل.

(25) كناية عن قلة جلوسه أي كان عليه السلام يجلس بقدر ما يتلفظ بقول: " لاولا " ثم يقوم..

 

[507]

اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم، وأنزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم حيث كانوا في مشارق الارض ومغاربها إنك على كل شئ قدير.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم، واجعل التقوى زادهم والجنة مآبهم، والايمان والحكمة فلي قلوبهم، وأوزعهم (26) أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، إله الحق وخالق الخلق، آمين (27) إن الله يأمركم بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون (90 - النحل: 16).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(26) هذا من قولهم: أوزعه الشئ: ألهمه إياء.

ومنه قوله تعالى حكاية عن سليمان في الآية: " 19 " من سورة النمل: " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي.. " (27) وبعده في كتاب من لا يحضره الفقيه: " اللهم اغفر لمن توفي من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم من بعدهم منهم إنك أنت العزيز الحكيم ".

 

[508]

أذكروا الله فإنه ذاكر لمن ذكره، وسلوه رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع من المؤمنين دعاه.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

أعمال يوم الجمعة من كتاب مصباح المتهجد - للشيخ الطوسي - ص 266.

ورواه أيضا في الحديث: (46) من باب وجوب صلاة الجمعة - وهو الباب: (57) - من كتاب الصلاة من كتاب " من لا يحضره الفقيه ": ج 1، ص 270 باختلاف لفظي وزيادات أشرنا في التعليقات المتقدمة إلى المهم منها، وقال: وخطب أمير المؤمنين في يوم الجمعة وقال: " الحمد لله " الخ.

ورواه عنه في البحار: ج 18، ص 237، وفي ط الحديث: ج 89 ص 236.

ورواه أيضا في الباب التاسع عشر من أبواب صلاة الجمعة.

من كتاب مستدرك الوسائل: ج 1، ص 411، ط 2.

كما رواه أيضا في الباب: (49) من جواهر المطالب، ص 52، وقطعة منها مذكورة في المختار (98) من خطب نهج البلاغة، وكذا في المختار: (77) من خطب مستدرك النهج ص 94.

وقطعة منها مذكورة في المختار: (13) من الباب الثاني من كتاب دستور معالم الحكم، ص 49 ط مصر، وكذلك في الحديث: (129) من باب حب الدنيا، من البحار: القسم الثالث من ج 15، 95 ط الكمباني، نقلا عن الواسطي في كتاب عيون الحكم والمواعظ.

 

[509]

 

- 149 -

ومن خطبة له عليه السلام في يوم الفطر (1)

قال السيد أبو طالب: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، قال: حدثنا أحمد بن علي الكرخي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سلام يذكر أن إبراهيم بن سليمان حدثهم عن علي بن أسباط المصري (2) قال: حدثنا الحسن بن علي البكري عن عبد الرحمان بن حندب بن عبد الله الا (ز) دي عن أبيه قال:: سمعت أمير المؤمنين عليا السلام يخطب بهذه الخطبة يقول: الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون (3) لا نشرك بالله ولا نتخذ من دونه إلها ولا وليا.

والحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته ولا مخلو من نعمته ولا مستنكف عن عبادته، بكلماته قامت السماوات واستقرت الارضون، وثبتت الجبال الرواسي وجرت الرياح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) ورواها أيضا شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي قدس الله نفسه في كتاب مصباح المتهجد برواية أبي مخنف.

(2) ويحتمل رسم الخط ضعيفا أن يقرأ: " المعري ".

(3) اقتباس من الآية الاولى من سورة الانعام.

 

[510]

اللواقح وسار في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها البحار (4) قاهر يخضع له المعتزون، ويذل طوعا وكرها له العالمون.

نحمده كما حمد نفسه وكما هو أهله (5) ونستعينه ونستغفره ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم ما تخفي النفوس (6) وما تجن البحار وما تواري الاسرار (7) وما تغيظ الارحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار (8) ونستهدي الله الهدى ونعوذ به من الضلالة والردى ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه وأمينه على وحيه، قد بلغ رسالات ربه وجاهد في الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(4) هذا هو الصواب، وفي النسخة: " التحار " أو " التحاد ".

(5) هذا هو الظاهر الموافق لرواية الشيخ الطوسي - رحمه الله غير أن في روايته: " بما حمد نفسه " - وفي نسخة تيسير: " وكما رأينا أهله ".

(6) هذا هو الصواب الموافق لرواية الشيخ (ره) وفي الاصل: " ما تفي التفوس ".

(7) ولعله جمع السر - بضم السين وكسرها -: خطوط الكف والجبهة.

وفي المصباح: " وما تواري الاسراب (الاسرار " خ ") ولعله أصح، والسرب - كفلس -: الصدر، وكحبر: القلب، والجمع الاسراب.

والسرب - كسبب -: القناة والجمع أسراب.

(8) وبعده في رواية الشيخ (ره) في مصباح المتهجد زيادات جيدة.

 

[511]

المولين عنه العادلين به (9) وعبد الله حتى أتاه اليقين، وصلى الله عليه وآله.

أوصيكم ونفسي بتقوى الله الذي لا تنفد منه نعمة ولا تفقد له رحمة (10) الذي رغب في التقوى وزهد في الدنيا، وحذر من المعاصي وتعزز بالبقاء، وذلل خلقه بالموت والفناء، فالموت غاية المخلوقين، وسبيل العالمين، ومعقود لنواصي الباقين (11).

فاذكروا الله يذكركم وادعوه يستجب لكم وأدوا فطرتكم فإنها سنة من نبيكم صلى الله عليه وآله وهي لازمة لكم واجبة عليكم فليؤدها كل امرئ منكم عن عياله ذكرهم وأنثاهم صغيرهم وكبيرهم حرهم ومملوكهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(9) وفي رواية الشيخ (ره): وجاهد في الله المدبرين عنه ".

(10) هذا هو الصواب الموافق لما في رواية الشيخ رحمه الله وفي الاصل: " ولا تعقد له رحمة ".

(11) القطعة الاخيرة - وهي " صي " من قوله: " لنواصي " - رسم خطها غير واضح وفي رواية الشيخ: " فهو معقود بنواصي الخلق كلهم حتم في رقابهم لا يعجزه لحوق الهارب ولا يفوته ناء ولا آئب.

" وبعده أيضا زيادات كثيرة غير موجودة في رواية السيد أبي طالب.

 

[512]

عن كل إنسان منهم نصف صاع من بر (12).

وقال أبو العباس - رحمه الله تعالى -: وسمعنا من رواية أخرى: صاعا من بر [أ] وصاعا من شعير أو تمر (13) فأطيعوا الله فيما فرض عليكم وأمركم به من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت - من استطاع إليه سبيلا - وصوم شهر رمضان، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاحسان إلى نساءكم وما ملكت أيمانكم، وأطيعوا الله فيما نهاكم عنه من قذف المحصنات وإتيان الفاحشات وشرب الخمر وبخس المكيال والميزان، وشهادة الزور، والفرار من لزحف، عصمنا الله وإياكم بالتقوى وجعل الآخرة خيرا لكم ولنا من الاولى.

إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله، أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، بسم الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(.

) كلمة " نصف " من الاصل غير جلية، ولكن رسم خطها لا يساعد على غيرها.

(12) وفي رواية شيخ الطائفة " وأدوا فطرتكم فإنها سنة نبيكم وفريضة واجبة (عليكم) من ربكم فليخرجها كل امرء منكم عن نفسه وعن عياله كلهم ذكرهم وأنثاهم.

عن كل واحد منهم صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو نصف صاع من بر، من طيب كسبه طيبة بذلك نفسه ".

(13) هذا هو الصواب الموافق لما في رواية الشيخ (ره) وفي نسخة تيسير المطالب: " وصاع من شعير أو تمر ".

 

[513]

الرحمن الرحيم [قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد] (14).

ثم جلس ثم قام فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه، وأستهدي الله الهدى وأعوذ به من الضلالة والردى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (15) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسله على حين فتره من الرسل، وانقطاع من الوحي وطموس من العلم ودروس من معالم الهدى (16) فصدع بوحيه وجلا غمرات الظلم بنور [ه] [و] قمع مشرف (17) الباطل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(14) بين المعقوفين هو المحكي أي لفظ أمير المؤمنين - صلوات الله وسلامه عليه - وكان في الاصل - بعد الاستعاذة والبسملة - هكذا: ثم قرأ " قل هو الله أحد " ثم جلس ثم قام فقال.. " (15) وكان في الاصل في وسط السطر قبل قوله: " وحده " كلمة " فردا " معقبة بقوله: صح.

ولكن رسم خطها غير واضح كما هو حقه، والظاهر زيادتها وانها من سهو الكاتب.

(16) الطموس والدروس - بضم أولهما -: انمحاء الشئ وزوال أثره.

(17) كذا في الاصل، يقال:، جلا الهم عنه - من باب دعا - جلوا وجلاءا ": أذهبه وأزاله. كشفه.

وجلى فلانا وعن فلان الامر تجلية: كشفه.

والغمرات - محركة -: جمع الغمرة - بسكون الميم -: شدة الشئ ومزدحمه.

ومشرف الشئ - بكسر الراء -: أعلاء المطل على غيره، والجمع مشارف.

 

[514]

بحقه حتى أنار الاسلام، ووضحت الاحكام، فصلى الله عليه وآله وعليهم رحمة الله وبركاته.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله والاعتصام بوثائق عراها، والمواظبة على رعايتها فإنها جنة حصينة وعقدة متينة، وغنيمة مغتنمة، قبل أن يحال (18) بينكم وبينها بانقطاع من الرجاء (19) وحدوث من الزوال ودنف من الانتقال (20) فاذكروا من فارق الدنيا، ولم يأخذ منها فكاك رهنه ولا براءة أمنه، فخرج منها سليبا محسورا، قد أتعب الملائكة نفسه التي هي مطلعة عليها، وهو مسود وجهه (21) زرقة عيناه بادية عورته يدعو بالويل والثبور، لا يرحم دعاؤه، ولا يفتر عنه من عذابها [شئ] كذلك يجزى كل كفور.

(22)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(18) وفي الاصل: " قبل ان يحال لكم " والظاهر زيادة كلمة " لكم " وكأنها ضرب عليها الخط.

(19) وفي الاصل: " بانقطاع من الرجال ".

(20) أي دنو من الانتقال، يقال: " دنف الامر - من باب فرح - دنفا ": دنا وقرب.

(21) كذا في الاصل، غير ان كلمة (هو) رسم خطها غير واضح ويساعد على أن يقرأ " هي " (22) هذا هو الظاهر، وفي الاصل: " نجزي " والكلام مقتبس من الآية: (36) من سورة فاطر: " والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ".

وبمعناها الآية: (75) من سورة الزخرف.

 

[515]

واذكروا من فارق الدنيا وقد أخذ منها فكاك رهنه وبراءة [أ] منه فر [حل] منها آمنا مرحوما موفقا معصوما قد ظفر بالسعادة، وفاز بالخلود، وأقام بدار الحيوان، وعيشة الرضوان، حيث لا تنوب الفجائع، ولا تحل القوارع ولا تموت النفوس عطاؤهم [عطاؤ] غير مجذوذ.

ثم أخذ [عليه السلام] في الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ودعا على أهل الشرك، ثم قرأ " إن الله يأمر بالعدل والاحسان " إلى آخر الآية.

الباب (14) من تيسير المطالب - في ترتيب أمالي السيد أبي طالب - ص 135، ورواها أيضا الشيخ الصدوق قدس الله نفسه في الحديث: (79) من باب الصلاة العيدين من كتاب الصلاة من كتاب من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 325 بمغايرة يسيرة.

 

[516]

 

- 150 -

ومن خطبة له عليه السلام في يوم الاضحى

قال شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي قدس الله نفسه: روى أبو مخنف، عن عبد الرحمان بن جندب، عن أبيه، أن [أمير المؤمنين] عليا عليه السلام خطب يوم الاضحى فكبر فقال: ألله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أبلانا (1) والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الانعام.

الله أكبر زنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته وعدد قطر سماواته ونطف بحوره (2) [و] له الاسماء الحسنى، وله الحمد في الآخرة والاولى حتى يرضى، وبعد الرضا، إنه هو العلي الكبير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) وفي نسخة - على ما في هامش الكتاب -: وله الشكر فيما أبلانا ".

(2) النطف - كصرد -.

النطفة ويراد منها - هنا - الماء.

 

[517]

الله أكبر كبيرا متكبرا، وإلها عزيزا متعززا، ورحيما عطوفا متحننا، يقبل التوبة ويقيل العثرة، ويعفو بعد القدرة، ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون (3).

الله أكبر كبيرا، ولا إله إلا الله مخلصا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، والحمد لله (4) نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، وأشهد (5) أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد اهتدى وفاز فوزا عظيما، ومن يعصهما فقد ضل ضلالا بعيدا (6) أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت، وأحذركم الدنيا التي لم يتمتع بها أحد قبلكم ولا تبقى لاحد بعدكم فسبيل من فيها سبيل الماضين من أهلها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) وفي هامش الكتاب: " ولا يقنط من رحمته الا القوم الظالمون " خ ".

وفي كتاب الفقيه: " الله أكبر كبيرا متكبرا، وإلها متعززا، ورحيما متحننا يعفو بعد القدرة، ولا يقنط من رحمته الا الضالون " الله أكبر كبيرا، ولا إله إلا الله كثيرا، وسبحان الله حنانا قديرا، والحمد لله نحمده ونستعينه " الخ.

(4) وبعده في متن الكتاب علامة وفي هامش هكذا: " بكرة وأصيلا، والحمد لله " خ ".

(5) وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: ونشهد " الخ وهو الظاهر.

(6) وفي كتاب الفقيه: " ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا ".

 

[518]

ألا وإنها قد تصرمت وآذنت بانقضاء (7) وتنكر معروفها وأصبحت مدبرة مولية فهي تهتف بالفناء وتصرخ بالموت قد أمر منها ما كان حلوا، وكدر منها ما كان صفوا، فلم يبق منها إلا شفافة كشفافة الاناء وجرعة كجرعة الاداوة لو تمززها الصديان لم تنقع غلته (8) فأزمعوا عباد الله على الرحيل عنها (9) وأجمعوا متاركتها فما من حي يطمع في بقاء، ولا نفس إلا وقد أذعنت للمنون، ولا يغلبنكم الامل، ولا يطل عليكم الامد فتقسوا قلوبكم، ولا تغتروا بالمنى وخدع الشيطان وتسويفه، فإن الشيطان عدوكم حريص على إهلاككم تعبدوا لله - عباد الله - أيام الحياة، فوالله لو حننتم حنين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(7) ومن قوله: " ألا وإنها - إلى قوله: - ما جزت أعمالكم حق نعمة الله عليكم " رواه في المختار: (52) من خطب نهج البلاغة باختصار واختلاف طفيف في بعض الالفاظ وبين المعقوفين مأخوذ منه، وكذلك في الحديث الثاني من المجلس: (20) من أمالي الشيخ المفيد - رحمه الله - ص 102.

(8) الشفافة: بقية الماء في الاناء.

والجرعة - مثلثة الجيم -: البلعة من الماء - ويعبر عنها أهل بلادنا " بيك كلب " - والاداوة قيل: هي المطهرة أي الماء الذي يتطهر به.

وتمززها: أمتصها قليلا قليلا.

والصديان: العطشان.

ويقال: " نقع الماء عطشه - من باب منع - نقعا ": سكنه وقطعه.

والغلة - بضم الغين -: العطش الشديد.

(9) فأزمعوا: فأعزموا.

وفي النهج: " فأزمعوا عباد الله الرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، ولا يغلبنكم فيها الامل، ولا يطولن عليكم الامد، فوالله لو حننتم حنين الوله العجال، ودعوتم بهديل الحمام وجأرتم جوآر متبتل الرهبان.. "

 

[519]

الواله المعجال (10) [الوله العجال " خ "] ودعوتم دعاء الحمام وجأرتم جؤار متبتلي الرهبان، خرجتم إلى الله من الاموال والاولاد التماس القربة إليه في ارتفاع درجة وغفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها رسله، لكان قليلا فيما ترجون من ثوابه وتخشون من عقابه، وتالله لو انماثت قلوبكم انمياثا (11) وسالت من رهبة الله عيونكم دما [دماء خ "] ثم عمرتم عمر الدنيا على أفضل اجتهاد وعمل ما جزت أعمالكم حق نعمة الله عليكم ولا استحققتم الجنة بسوى رحمة الله ومنه عليكم، جعلنا الله وإياكم من المقسطين التائبين الاوابين.

ألا وإن هذا اليوم يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(10) من هنا - إلى قوله: " حق نعمة الله عليكم " - ذكره في الباب (48) من جواهر المطالب الورق 48: قال قال بكر بن خليفة قال علي بن أبي طالب [عليه السلام]: أيها الناس إنكم - والله - لو حننتم حنين الواله.. وساق الكلام باختلاف في بعض الالفاظ.

والحنين: صوت الحزين.

والواله: شديد الحزن مدهوش العقل.

والمعجال والعجال: التي فقدت ولدها.

ودعاء الحمام - أو هديله - في رواية نهج البلاغة -: صوته الوجيع لفقد إلفه.

وجأرتم جوار متبتلي الرهبان: رفعتم أصواتكم بالتضرع إلى الله كرفع متبتلي الرهبان أي المنقطعين منهم للعبادة الرافعين إلى الله أصواتهم بالابتهال.

(11) انماثت: ذابت.

 

[520]

والمغفرة فيه مرجوة، فأكثروا ذكر الله وتعرضوا لثوابه بالتوبة والانابة والخضوع [والخشوع " خ "] والتضرع فإنه يقبل التوبة عن عبادة ويعفو عن السيئات وهو الرحيم الودود ومن ضحى منكم فليضح بجذع من الضأن (12) ولا يجزئ عنه جذع من المعز.

ومن تمام الاضحية استشراف أذنها وسلامة عينها (13) فإذا سلمت الاذن والعين سلمت الاضحية وتمت وإن كانت عضباء القرن تجر رجليها إلى المنسك.

وإذا ضحيتم فكلوا منها وأطعموا وادخروا واحمدوا الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(12) اي من ذبح منكم الاضحية وهي الشاة التي أمر الشارع بذبحها في عيد الاضحى بعد شروق الشمس فليذبح بجذع من الضأن وهو - كجبل -: ما كمل سنه سبعة أشهر، وسمي بذلك لانه يجذع - أي يسقط - مقدم أسنانه عند إكماله سبعة أشهر.

(13) المتبادر من قوله: " استشراف أذنها " طول أذنها وانتصابها.

وقيل: المراد تفقدها حتى لا تكون مجدوعة أو مشقوقة.

وهذه القطعة رواها في المختار: (50) من نهج البلاغة، وفيه: " ومن كمال الاضحية.. ولو كانت عضباء القرن تجر رجلها إلى المنسك " قال السيد الرضي (ره): والمنسك هنا المذبح.

أقول: عضباء القرن: مكسورته.

والمراد من قوله: " تجر رجلها " أي ولو كانت عرجاء.

وفي الحديث: (1021، و 1308، و 1310) من مسند أحمد بن حنبل - في مسند علي عليه السلام -: ج 2 ص 1026، و 1308، شواهد لهذا الحكم بل وفيما قبلها أيضا شواهد، وتفصيل الكلام موكول إلى كتب أصحابنا في الفقه.

 

[521]

على ما رزقكم من بهيمة الانعام، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة وأقيموا الشهادة بالقسط، وارغبوا فيما كتب الله لكم، وأدوا ما افترض الله عليكم من الحج والصيام والصلاة والزكاة ومعالم الايمان، فإن ثواب الله عظيم وخيره جسيم، وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر وأعينوا الضعيف وانصروا المظلوم، وخذوا فوق يد الظالم والمريب، وأحسنوا إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم واصدقوا الحديث وأدوا الامانة، وأوفوا بالعهد وكونوا قوامين بالقسط، وأوفوا المكيال [الكيل " خ "] والميزان وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.

إن أبلغ الموعظة وأحسن القصص كلام الله.

ثم تعوذ (عليه السلام) وقرء سورة الاخلاص وجلس كالرائد العجلان (14) ثم نهض فقال: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونؤمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(14) أي الرائد المستعجل، والرائد هو القطن الجلد الذي بنفسه يقدم على قومه - أو يقدمه قومه - لتحصيل المرعى الخصيب.

 

[522]

به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا [نفوسنا " خ "] ومن سيئات أعمالنا " من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا " (15) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله [صلى الله " خ "] عليه وسلامه ومغفرته ورضوانه.

اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك ونبيك [وصفيك " خ "] صلاتا تامة نامية زاكية ترفع بها درجته وتبين بها فضيلته، وصلى على محمد و [على " خ "] آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم و [على " خ "] آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم عذب كفرة أهل الكتاب والمشركين الذين يصدون عن سبيلك ويجحدون آياتك ويكذبون رسلك، اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم وأنزل، عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم حيث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(15) اقتباس من الآية: " 17 " من سورة الكهف: 18.

 

[523]

كانوا في [من " خ "] مشارق الارض ومغاربها إنك على كل شئ قدير.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم، واجعل التقوى زادهم والجنة مآبهم والايمان والحكمة في قلوبهم وأوزعهم (16) أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، إله الحق وخالق الخلق آمين.

" إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعكلم تذكرون، (17) أذكروا الله فإنه ذاكر لمن ذكره وسلوه [واسألوه " خ "] رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع من المؤمنين دعاه " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " (18).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(16) أوزعهم: ألهمهم.

ومثله في الآية: (19) من سورة النمل حكاية عن سليمان: " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي " (17) وهذه هي الآية (90) من سورة النحل: 16.

(18) وهذه هي الآية (201) من سورة البقرة.

 

[524]

مصباح المتهجد - للشيخ الطوسي رحمه الله - ص 461، والقطعة الاخيرة منها ذكرها في ص 268، ورواها قبله الشيخ الصدوق (ره) باختلاف طفيف في بعض الجملات، في الحديث (31) من الباب: (79) - هو باب صلاة العيدين - من كتاب من لا يحضره الفقيه: ج 1، ص 328.

 

[525]

 

- 151 -

ومن كلام له عليه السلام أجاب به من سأله أن ينعت له البارئ تعالى شأنه

قال السيد أبو طالب: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني إملاءا، قال: أخبرنا أبو العباس الفضل بن العباس الكندي قال: حدثنا محمد بن سهل ابن ميمون العطار، قال: حدثنا عيد الله بن محمد البلوي قال: حدثنا عمارة ابن زيد، عن عبد الله بن العلاء، عن صالح بن سميع، عن عمر بن صعصعة ابن صوحان (1) عن أبيه عن أبي المعتمر [مسلم بن أوس] قال: حضرت مجلس أمير المؤمنين علي عليه السلام في جامع الكوفة، فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة اليمن فقال: يا أمير المؤمنين: صف لنا خالقك وانعته لنا حتى كأنا نراه وننظر إليه.

فسبح علي عليه السلام ربه عز وجل وعظمه وقال: الحمد لله الذي هو الاول لا بدئ مما، ولا باطن فيما، ولا [يزال مهما] (2) ولا ممازج مع ما، ولا حال بما (3).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) كذا في الاصل، وفي كتاب التوحيد: " حدثني صالح بن سبيع عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان.

(2) بين المعقوفين مأخوذ من كتاب التوحيد، وكان قد سقط من الاصل.

وفي المختار: (16) من النهج: " الظاهر لا يقال مما، والباطن لا يقال: فيما، لا شبح فيتقضى ولا محجوب فيحوى ".

(3) كذا في الاصل، وفي كتاب التوحيد: " ولا خيال وهما ".

 

[526]

ليس بشبح فيرى (4) ولا بجسم فيتجزأ، ولا بذي غاية فيتناهى ولا بمحدث فيتصرف (5) ولا بمستتر، فيتكشف، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الاوهام أن تكيف المكيف للاشياء [و] من لم يزل بلا مكان (6) ولا يزول لاختلاف الازمان، ولا يغلبه شأن بعد شأن (7).

البعيد من تخيل القلوب (8) المتعالي عن الاشباه والضروب [الوتر وهو] علام الغيوب (9).

فمعان الخلق عنه منفية وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، لا تدركه الابصار ولا تحيط به الاقدار، ولا تقدره العقول ولا تقع عليه الاوهام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(4) هذا هو الظاهر من السياق الموافق لما في كتاب التوحيد، وفي الاصل: " ليس شبح ".

(5) وفي كتاب التوحيد: " ولا بمحدث فيبصر.

(6) هذا هو الظاهر الموافق لكتاب التوحيد، وفي الاصل: " من لم يزل لا بمكان ".

(7) وفي كتاب التوحيد: " ولا ينقلب شأنا بعد شأن ".

(8) وفي كتاب التوحيد: " البعيد من حدس القلوب ".

(9) كلمة: الوتر " مأخوذة من كتاب التوحيد.

 

[527]

هكذا رواه عنه في الباب: (14) من تيسير المطالب ص 128، ورواه أيضا أبو نعيم في ترجمة أمير المؤمنين من حلية الاولياء: ج 1، ص 72، وقريبا منه رواه أيضا في الباب (49) من جواهر المطالب ص 58، رواه أيضا الشيخ الصدوق رحمه الله بزيادات كثيرة في الباب الثاني من كتاب التوحيد، وما رواه رحمه الله قريب جدا من المختار: (161) من نهج البلاغة.

 

[528]

 

- 152 -

ومن خطبة له عليه السلام لما قضى بقضية كرهها المقضي عليه فشكى إليه عليه السلام من قضائه عليه

قال اليعقوبي (ره) وقضى أمير المؤمنين عليه السلام على رجل بقضية، فقال (الرجل): يا أمير المؤمنين قضيت علي بقضية هلك فيها مالي، وضاع فيها عيالي.

فغضب أمير المؤمنين عليه السلام، حتى استبان الغضب في وجهه، فقال: يا قنبر ناد في الناس: الصلاة جامعة.

[فنادى قنبر فيهم بما أمره به عليه السلام] فاجتمع الناس، فرقى أمير المؤمنين عليه السلام المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فذمتي رهينة وأنا به زعيم (1) بجمع من صرحت له العبر (2) أن لا يهيج على التقوى زرع قوم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) ومثله في رواية ابن عساكر، قال القاضي المعافا ابن زكريا، في شرح الكلام: أتى (عليه السلام) به عن تيقنه بما أخبر به، وبصيرته وثقته بحقيقته، وتوثيقه لمن أخبر بثبوته وصحته، وأما قوله: " وأنا به زعيم ".

فإن الذي يرجع إليه هاء الضمير ما في جملة الكلام ومعناه، وما دل عليه مفهومه وفحواه، كأنه قال: وأنا بقولي هذا: زعيم.

(أي كفيل وضامن) وذلك مستعمل فصيح فاش في العربية، وإن لم يأت بصريح اسم خاص، ولا مصدر يعود الضمير عليه على أصله.

(2) كذا في النسخة، و " الجمع " بمعنى الجميع والجماعة.

و " صرحت ": بانت وانكشفت، هذا إذا كانت لازمة، وأما إذا استعملت متعدية فالتاء ضمير الفاعل - وليست للتأنيث - والعبر يكون منصوبا على المفعولية، وهو جمع العبرة، كسدر وسدرة -: ما يتعظ ويعتبر به.

 

[529]

ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل (3) وأن الخير كله فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره.

إن من أبغض خلق الله إلى الله، لعبد وكله الله إلى نفسه، جائرا عن قصد السبيل، مشغوفا بكلام بدعة (4) قد قمس في أشباهه من الناس عشواء غارا بأغباش الفتنة (5) قد لهج فيها بالصوم والصلاة (6) فهو فتنة على من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(3) وفي المختار: (16) من خطب نهج البلاغة: " لا يهلك على التقوى سنخ أصل، ولا يظمأ عليها زرع قوم ".

وفي قوت القلوب: ج 1، ص 290: " لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظمأ على الهدى سنخ أصل ".

وهاتان الجملتان ذكرهما أيضا ابن الاثير في النهاية.

" ولا يهيج " من باب باع -: لا ييبس ولا يفسد.

و " لا يظمأ " من باب فرح -: لا يعطش.

و " السنخ ": المنبت.

و " الاصل ": قاعدة الشي وما قام عليه.

وقال ابن الاثير: هما بمعنى واحد، فلما اختلف اللفظان أضاف أحدهما إلى الآخر (4) جائرا: مائلا ومنحرفا.

و " قصد السبيل ": استقامته.

و " مشغوفا بكلام بدعة ": مولعا به وحريصا عليه، قد علق حب البدعة والكلام فيها بشغاف قلبه.

(5) أي قد غاص وانغمس في أشباهه من جهال الناس، وعادمي البصيرة المغترين بخدع الفتن، ولم يعاشر من فوقه من العلماء والربانيين كي يتبين له الرشد من الغي، فيتحلى برداء العلم والعمل، وينجو من موبقات الجهل والخبل، يقال: " قمس " في الماء - من باب ضرب ونصر - قمسا وقموسا ": غاص فيه.

وقوله: " عشواء غارا " حالان عن العبد الموصوف بما تقدم، وعشواء مؤنث الاعشى: الناقة التي لا تبصر أمامها.

ويقال: هو يخبط خبط عشواء أي يتصرف في الامور على غير بصيرة.

و " غارا ": مغرورا.

و " الاغباش ": جمع الغبش - كأسباب وسبب -: شدة الظلمة.

الخدعة.

وأغباش الليل: بقاياه.

(6) يقال: " لهج بالشئ - من باب فرح - لهجا ": أولع به.

والضمير إما راجع إلى البدعة، أو إلى الفتنة، والاول أوجه معنا.

 

[530]

اتبعه، قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما (7) بكر فاستكثر مما قل منه فهو خير مما كثر (7) حتى إذا ارتوى من آجن، وأكثر من غير طائل (9) جلس بين الناس قاضيا ضامنا بتخليص ما التبس على غيره، إن قايس شيئا بشئ لم يكذب نفسه، وإن التبس عليه كتمه [لما يعلم] من نفسه [من الجهل] (10) لكي لا يقال: [إنه] لا يعلم، فلا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا هو أهل بما قرض به من حسن (11) مفتاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(7) لم يغن: لم يلبث ولم يمكث، أي لم يصرف عمره في العلم يوما تاما سالما من النقص (8) كذا في النسخة، والظاهر ان لفظة: " فهو " من زيادة النساخ، أو من سهو الرواة، كما يؤيده خلو رواية الكافي والارشاد، والنهج، والحديث (9) من الجزء التاسع من أمالي الشيخ ص 240 وتاريخ دمشق عن هذه اللفظة.

و " بكر ": بادر إلى الجمع بكرة أي في أول النهار.

وهذا كناية عن شدة اهتمامه بجمع مواد الفتنة.

(9) إرتوى: شرب حتى شبع.

و " الآجن ": الماء المتعفن، واستعير - هنا - للاراء الفاسدة والمقدمات الباطلة.

و " من غير طائل ": من غير فائدة وغناء.

(10) بين المعقوفات مأخوذ من كتاب الارشاد، وقد سقط من رواية اليعقوبي، ولابد منه كما يدل عليه - مضافا إلى ما في الارشاد والنهج - رواية الكافي وفيه هكذا: " وان أظلم عليه أمره اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له: لا يعلم ثم جسر فقضى، فهو مفتاح عشوات، ركاب شبهات " الخ.

(11) الملئ: الغني.

الكافي لما يكلف به.

" قرض به " من التقريض: المدح والثناء.

وما بعده بيان له.

والخطبة رواها في مادة " ذمم " من كتاب الفائق بتقديم وتأخير عما ههنا وقال في آخرها: " فلا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا أهل لما قرظ به ".

قال الزمخشري: تقريظ الرجل مدحه حيا،

 

[531]

عشوات خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعرض في العلم ببصيرة (12) يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم (13) تصرخ منه الدماء، وتبكي منه المواريث، ويستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بمرضاته الفرج الحلال.

فأين يتاه بكم (14) بل أين تذهبون عن أهل بيت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

وتأبينه: مدحه ميتا.

وما هنا أظهر مما في رواية ابن عساكر: لما فرض له - وفي طريق ابن زيدويه: - لما فرط به ".

وكذلك من رواية الكافي وأمالي الشيخ، نعم يساوقه معنى ما في النهج: " ولا هو أهل لما فوض إليه ".

(12) أي لا اتساع له في العلم ولا يذهب فيه طولا وعرضا ببصيرة، بل يلم عليه سطحيا وقدر ما يمكنه إدعاء العلم عند الجهلة.

وكأنه من قولهم: " يعرض في المكارم ": ذهب فيها طولا وعرضا.

وفي المسترشد: " ولا ينهض بعلم قاطع ".

وفي الارشاد: " ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم ".

ومثله في أمالي الشيخ وتاريخ ابن عساكر، غير أن فيهما:، على العلم ".

(13) أي يمزق الروايات جهلا ويفرقها تهوسا وتخرصا كما يفرق ويمزق الريح الهشيم - أي اليابس - من النبات، ويطير كل قطعة منها في أودية، يقال: " ذرا الريح - من باب رمى ودعا - التراب ذروا وذريا ": أطارته وفرقته.

وقال في النهاية: يقال: " ذرته الريح وأذرته [و] تذروه وتذريه ": أطارته، ومنه حديث علي: " يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم " أي يسرد الرواية كما تنسف الريح هشيم النبت.

أقول: قال الله تعالى - في الآية: (45) من سورة الكهف: 18 -: " واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء: أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض، فأصبح هشيما تذروه الرياح، وكان الله على كل شئ مقتدرا ".

و " الهشيم ": المهشوم، وهو كل نبت وشجر متكسر متفتت.

(14) أي أين يذهب بكم الشيطان أو الضلال تائهين متحيرين ؟ ! !

 

[532]

نبيكم ؟ أنا من سنخ أصلاب أصحاب السفينة (15) وكما نجا في هاتيك من نجا، ينجو في هذه من ينجو، ويل رهين لمن تخلف عني.

إني فيكم كالكهف لاهل الكهف، وإني فيكم باب حطة، من دخله نجا (16) ومن تخلف عنه هلك،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(15) كذا في النسخة، وفي المسترشد: " يا معشر من نجا من أصحاب السفينة هذا مثلها فيكم (و) كما نجا في هاتيك من نجا، فكذلك ينجو في هذه منكم من ينجو ".

وفي الارشاد: " يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة، فهذه مثلها فيكم فاركبوها فكما نجى في هاتيك من نجا، كذلك ينجو في هذي من دخلها " [كذا].

(16) هذا هو الظاهر، وفي النسخة: " من دخل منه نجا ".

والكلام إشارة إلى ما ذكره الله تعالى في الآية (15) من سورة الكهف: " فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهئ لكم من أمركم مرفقا ".

وإلى الآية: (58) من البقرة: " وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا، وادخلوا الباب سجدا وقولوا: حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين ".

ومثلها معنى الآية: (161) من سورة الاعراف، أي فكما أن أهل الكهف كانوا مأمورين بالايواء إليه كي ينشر الله رحمته عليهم وينجيهم من الهلاك، فكذلك أنتم معاشر المسلمين مأمورون بالايواء إلينا، والتمسك بنا، والايئتمار بأمرنا، والانزجار عن ردعنا، وإلا فلا نجاة لكم.

وكما أن أصحاب موسى كانوا مأمورين بدخول القرية خاضعين قائلين: يا رب حط عنا.

كي يغفر للمذنبين منهم ويزيد الكرامة للمحسنين، فكذلك أنتم معاشر المؤمنين يجب عليكم الاخذ مني لاني مدينة علم النبي، ويلزمكم الدخول في طاعتنا والبراءة من أعدائنا كي يغفر الله للمذنبين منكم ذنوبهم، ويرفع الله للمحسنين درجاتهم ويزيدهم من فضله، وإلا تفعلوا فارتقبوا النكال من الله، كما قال الله في أصحاب موسى - الذين لم يدخلوا باب حطة -: " فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم، فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ".

 

[533]

حجة من ذي الحجة في حجة الوداع (17) " إني قد تركت بين أظهركم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي ".

تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 187، س 7، وفي ط ص 200، وذيلها رواه عنه في حديث السفينة ذيل حديث الثقلين من عبقات الانوار، ص 68 ط إصفهان.

وقريب منها جدا في المختار الخامس من كلامه عليه السلام في كتاب الارشاد ص 123، والمختار (7) من نهج البلاغة، وفي المختار: (85) منه أيضا شواهد لها.

ولها شواهد جمة أخرى.

وقريبا منها جدا، رواه السيد أبو طالب مسندا في أماليه كما في أوائل الباب: (14) من تيسير المطالب في ترتيب أمالي السيد أبي طالب ص 120.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(17) أي لي على ما ذكرت - من أني فيكم كسفينة نوح، وكالكهف لاهل الكهف وأني باب حطة - حجة برهان من صاحب الحجة الكبرى الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله أقامها لي في حجة الوداع وقال: " (أيها الناس) إني قد تركت بين أظهركم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ".. وهذا هو حديث الثقلين المتواتر بين المسلمين وقد أفرد له صاحب عبقات الانوار (ره) مجلدين ضخمين وطبع في ست مجلدات.

وأيضا يحتمل أن يقرأ لفظة: " ذي الحجة " بكسر الحاء ويراد منها الشهر فيكون المعنى: ان حجتي على ما ادعيت قد انجزت وأبلغت في شهر ذي حجة لما نصبني رسول الله في حجة الوداع.