[665]
- 350 -
قال العقيلي: حدثنا محمد بن إسماعيل [الصائغ] حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا أبو حيان التيمي، عن يزيد بن حيان، عن كدير الضبي (1) عن علي رضي الله عنه قال: إن من ورائكم أمورا متماحلة ردحا، وبلاء مكلحا مبلحا (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والرجل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأولياء أمير المؤمنين عليه السلام والسبب في الخمول ذكره هو سلطان أعدائه واستيصال أوليائه ! ! ! قال العقيلي في ترجمته: حدثنا محمد بن عيسى حدثنا محمد بن علي - [و] يقال له: حمدان الوراق [وهو] ثقة - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا جرير، عن مغيرة: عن سماك بن سلم قال: دخلت على كدير الضبي أعوده بعد الغداء فقالت لي امرأته: أدن منه فإنه يصلي حتى يتوكأ عليك.
فذهبت ليعتمد علي فسمعته وهو يقول في الصلاة: سلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - والوصي.
فقلت: لا والله يا فلان لا يراني الله عائدا إليك بعد يومي هذا.
وقريبا منه رواه في ترجمته من الإصابة: ج 3 ص 288.
(2) قال الزمخشري في مادة محل من كتاب الفائق ج 3 ص 248: وروي (ردحا) [على زنة سلم].
والمتماحل: البعيد الممتد، وأنشد يعقوب: =
[666]
ترجمة كدير من كتاب الضعفاء، - للعقيلي - الورق 186، ومثله مرسلا في مادة (محل) من كتاب الفائق: ج 3 ص 348.
ورواه أيضا البغوي في ترجمة كدير، من كتاب معجم الصحابة: ج 22 / الورق 34 قال: أخبرنا عبد الله قال أنبأنا زهير، قال: أنبأنا يعلى بن عبيد، قال: أنبأنا أبو حيان، عن يزيد بن حيان قال: إني لأماشي كدير الضبي إلى جمعة من الجمع [ف] قال: يا ابن أخي إن الشيخ كان يقول: إن من ورائكم أمورا وبلاءا مكلحا مبلحا: [قال]: والشيخ [هو] علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= بعيد من الحادي إذا ما ترقصت * بنات الصوى في السبسب المتماحل والردح [كعنق]: جمع رداح.
والردح [كسلم] جمع رادحة وهي العظام الثقال التي لا تكاد تبرح.
مكلحا: يجعل الناس كالحين لشدته.
مبلحا من أبلحه السير: أعياه فانقطع عنه.
[667]
- 351 -
ومن كلام له عليه السلام في بيان بعض ما وهب الله تعالى له وللمستحفظين من ذريته من خصائص الولاية
قال الشيخ المفيد رحمه الله: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير، قال: حدثنا محمد بن علي بن مهدي (1) قال: حدثنا محمد بن علي بن عمرو (2)، قال: حدثنا أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين عليه السلام في نفر من الشبعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأود في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه (3) وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام، وكانت له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث ؟ فقال: نال الدهر يا أمير المؤمنين مني، وزادني أوارا وغليلا (4) اختصام أصحابك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وزاد في رواية ابن الشيخ قوله: (العطار بالكوفة وغيره).
(2) وزاد عليه في رواية ابن الشيخ: (ابن طريف الحجري).
(3) يتأود: يتعطف ويعوج، وفي بشارة المصطفى: (يتأد): يتأنى ويتثبت، وهي مأخوذة من التوءدة.
و (يخبط) كيضرب لفظا ومعنى لكنه الشديد منه، والمحجن: العصا المعوجة.
(4) الأوار - بالضم -: حرارة العطش والشمس.
والغليل: حرارة الحب والحزن.
[668]
ببابك ! ! ! قال: وفيم خصومتهم ؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك (5) فمن مفرط منهم غال، ومقتصد قال، ومن متردد مرتاب، لا يدري أيقدم أم يحجم ! ! ! فقال: حسبك يا أخا همدان [ثم قال عليه السلام:] ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، فإليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي (6).
فقال له الحارث: لو كشفت - فداك أبي وأمي - الرين عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.
قال عليه السلام: قدك (7) فإنك امرؤ ملبوس عليك.
[ثم قال:] إن دين الله لا يعرف بالرجال ! ! بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) قال في هامش الأمالي: ما معناه: ولعل الأظهر ما في أكثر النسخ بدلا عما في المتن: (قال: في شأنك والبلية من قبلك).
(6) هذه القطعة لها مصادر كثيرة كالقطعة التالية.
(7) قال الفيروز أبادي في مادة (قد) من القاموس: (قد) مخففة - إسمية وحرفية، وهي [أي الإسمية] على وجهين: اسم فعل مرادفة ليكفي [يقال:] قدني درهم، ولقد زيدا درهم.
أي يكفي.
واسم مرادف (لحسب).
وتستعمل غالبا مبنية [على السكون يقال:] قد زيد درهم - بسكون الدال -.
ومعربة نحو: قد زيد درهم -.
برفع الدال.
[669]
يا حارث إن الحق أحسن الحديث، الصادع به مجاهد، وبالحق أخبرك فأرعني سمعك ثم خبر به من كان له حصافة من أصحابك (8).
ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول [الأكبر (خ ل)] صدقته وآدم بين الروح والجسد ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون ونحن الآخرون، ونحن خاصته - يا حارث - وخالصته وأنا صنوه ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره، أوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب، وعلم القرون الأسباب، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد (9) وأيدت واتخذت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) قال في الصحاح: أرعيته سمعي: أصغيت إليه.
وفي القاموس: أرعني وراعني: استمع لمقالي.
والحصافة بفتح الحاء: استحكام العقل.
ضبط الكلام يقال: (حصف زيد - من باب كرم - حصافة): استحكم عقله.
(أحصف الأمر): أحكمه.
(9) وله شواهد في الحديث العاشر - وما بعده - من الباب: (64) من كتاب الحجة من أصول الكافي: ج 1، ص 296 ط طهران، وأكثر =
[670]
وأمددت بليلة القدر نفلا (10) وإن ذلك يجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها (11).
وأبشرك يا حارث لتعرفني عند الممات وعند الصراط وعند الحوض وعند المقاسمة.
قال الحارث، وما المقاسمة ؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= شواهدا منه الباب ما قبل الأخير من كتاب الخصال: ج 2 ص 642.
وروى ابن عساكر عن علي عليه السلام إنه قال: علمني [النبي صلى الله عليه وآله وسلم] ألف باب يفتح كل باب ألف باب.
كما في الحديث (1003) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ج 2 ص 484 ط 1، وفي المخطوطة: من تاريخ دمشق: ج 38 ص 55 وبمعناه ذكر في الباب (27) من غاية المرام ص 517 ثلاثة أحاديث من طريقهم.
والمراد من الألف المنفتح أيضا هو الكلي الذي يندرج تحت ما هو أشمل منه كالنوع المندرج تحت الجنس.
(10) كذا في النسخة، ومثله في البحار نقلا عنه، وفي كتاب بشارة المصطفى: (وأيدت - أو قال: وأمددت بليلة القدر نفلا).
وهو أظهر.
و (نفلا): زائدا على ما أعطيته قبلا.
(11) وفي كتاب بشارة المصطفى: (وللمستحفظين من ذريتي) على بناء المفعول - أي الذين طلب منهم حفظ العلم والدين.
[671]
هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه (12).
ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث، فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله وآله بيدي فقال لي - وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي -: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحب الله وبحجزته - يعني عصمة من ذي العرش تعالى - وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذ ذريتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم.
فماذا يصنع الله بنبيه، وما يصنع نبيه بوصيه ؟ ! خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة: أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت.
- يقولها ثلاثا -.
فقام الحارث يجر رداءه وهو يقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني (13).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) وهذا هو المعروف بحديث (قسيم النار).
ورواه ابن عساكر في الحديث (753) وتواليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 31 وفي ط 1: ج 2 ص 243، ورواه أيضا في الباب (139) وما بعده من غاية المرام ص 682، ورواه أيضا الكنجي في الباب (3) من كفاية الطالب ص 68، ورواه أيضا العلامة الأميني في شرح قول العبدي: وعليك الورود تسقى من الحو * ض ومن شئت ينثني محروما كما في الغدير: ج 2 ص 321، ط 2، ذكره أيضا في ج 3 ص 299، وذكره أيضا مشروحا في مادة قسم من النهاية وتاج العروس.
(13) وبعده في المصادر الثلاثة هكذا: قال جميل بن صالح: وأنشدني أبو هاشم السيد الحميري رحمه الله فيما تضمنه هذا الخبر: =
[672]
الحديث الثالث من المجلس الأول من أمالي الشيخ المفيد، ص 10.
أقول: ورواه أيضا شيخ الطائفة في الحديث الخامس من المجلس (29) وهو مجلس يوم الجمعة، الثامن عشر، من جمادى الأخرة، سنة 457 - من أماليه ص 41 - وفى ط النجف ص 238 - عن جماعة عن أبى المفضل، قال حدثنا محمد بن علي بن مهدي الكندي العطار - بالكوفة - وغيره - إلى آخر ما مر برواية الشيخ المفيد رفع الله مقامه.
ورواه أيضا الطبري الإمامي - في الحديث الرابع من كتاب بشارة المصطفى، ص 4 عن إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن الحسين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه * بنعته واسمه وما عملا وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله في الحلاوة العسلا أقول للنار حين توقف للعرض * دعيه لا تقربي الرجلا دعيه لا تعريبه إن له * حبلا بحبل الوصي متصلا أقول: وهذا المعنى مقطوع الصدور عنه عليه السلام: وقد رواه عنه عليه السلام بعد المحدثين شعراء المسلمين عربا وعجما، قال الشيخ السعدي الشيرازي: أي كه كفتي فمن يمت يرني * جان فداي كلام دلجويت كاش روزي هزار مرتبه من * مردمي تابديدمي رويت
[673]
ابن عتبة، عن محمد بن الحسين بن أحمد الفقيه، عن حموية بن علي، عن محمد بن عبد الله بن المطلب... وساق السند إلى آخر ما مر، في سند الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي رضوان الله عليهما.
ورواه أيضا في الحديث السابع من باب: (ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت) من بحار الأنوار: ج 3 ص 141، في السطر 10 - وفي ط الجديد: ج 10، ص 10، - نقلا عن أمالي الشيخ المفيد، كما رواه مشروحا عن بشارة المصطفى في الحديث (49) من الباب: (19) - وهو باب الصفح وشفاعة الأئمة - من القسم الأول من المجلد الخامس عشر، ص 133، ط الكمباني.
(نهج السعادة ج 2) (م 43).
[674]
- 353 -
ومن كلام له عليه السلام في بيان عظمة القرآن وسمو بركاته
رواه عن رسول الله صلى الله علله وآله وسلم قال الحافظ ابن عساكر ومما وقع إلي عاليا من حديث خالد بن يزيد: ما أخبرنا [به] أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أخبرنا الحسن بن علي أنبأنا أبو الحسين ابن المظفر، أخبرنا محمد بن محمد الباغندي، أخبرنا محمود بن خالد، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن راشد، عن عمرو بن عبيد: عن الحسن أن عليا [عليه السلام] كان يخطب بالكوفة فقام إليه ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين، إنها قد فشت أحاديث ! ! قال: [فقال] علي: [أ] وقد فعلوها ؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون فتن.
فقيل: فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله عز وجل - مرتين (1) - فيه نباء ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وفصل ما بينكم، وهو العروة الوثقى،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يعني قال: (المخرج منها كتاب الله عز وجل، المخرج منها كتاب الله عز وجل).
[675]
وهو الذي لم تنته الجن (2) إذ سمعته حتى قالوا: (إنا سمعنا قرانا عجبا) [1 - الجن] من قال به صدق، ومن مال به محق (3) ومن حكم به هدي إلى صراط مستقيم.
قال: ثم أمسك علي رضي الله عنه وجلس.
ترجمة بني هاشم خالد بن يزيد من تاريخ دمشق ج 15، ص 174.
ورواه أيضا في ترجمة الرجل من تهذيب تاريخ دمشق: ج 5 ص 121.
ورواه أيضا في ترجمة عبد الله بن جعفر الضرير: ج 28 ص 89.
ورواه أيضا المسعودي في خوادث سنة (66) من مروج الذهب: ج 3 ص 96، ط بيروت عن الحارث الأعور، عن علي عليه السلام، ورواه أيضا ابن عبد ربه تحت الرقم: (15) من كتاب: (مخاطبة الملوك) من العقد الفريد: ج 1، ص 276 ط 1، وفي ط 2 في عنوان: (قولهم في حملة القرآن) من كتاب الياقوته في العلم: ج 2 ص 239.
ورواه أيضا ابن قتيبة في عيون الأخبار: ج 2 ص 133.
وقريبا منه رواه ابن حنبل بسند آخر تحت الرقم: (704) من مسنده: ج 2 ص 88، ورواه في تعليقه بسند آخر عن سنن الترمذي ج 4 ص 51 وعن فضائل القرآن - لابن كثير - ص 6 - 7.
أقول: ورواه أيضا الطبراني كما في مجمع الزوائد: ج 7 ص 164، وتقدم أيضا في المختار: (118) وتعليقه من ج 1، ص 381 عن مصادر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) هذا هو الظاهر الموافق لما ذكره في أبواب فضائل القرآن من سنن الترمذي ج 11، ص 31، وفي الأصل: (لم تفقه الجن).
(3) لعل هذا هو الصواب، ولفظ الأصل هاهنا غير واضح.
[676]
- 354 -
ومن كلام له عليه السلام في عناية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتعليمه وتفرده بالعلم بتنزيل القرآن وتأويله
قال سليم بن قيس: جلست إلى علي [عليه السلام] بالكوفة في المسجد والناس حوله فقال: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله، فو الله ما نزلت آية من كتاب الله إلا وقد أقرأنيها رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] وعلمني تأويلها.
فقال ابن الكواء: فما كان ينزل عليه وأنت غائب فقال [عليه السلام]: بلى [كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] يحفظ علي ما غبت عنه، فإذا قدمت عليه قال لي: يا علي أنزل الله بعدك كذا وكذا فيقرأنيه، و [إن] تأويله كذا وكذا فيعلمنيه.
كتاب سليم بن قيس ص 189، ط النجف، وما وضعناه بين المعقوفات الاول منه كان هكذا (ع) والثاني هكذا: (ص) والبقية زدناها توضيحا.
[677]
- 355 -
ومن كلام له عليه السلام في النهى عن الفتوى عن غير علم وحجة
عاصم بن الحميد، عن خالد بن راشد، عن مولى لعبيدة السلماني (1) قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر له من لبن (2) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس اتقوا الله ولا تفتو الناس بما لا تعلمون، إن رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] (3) قال قولا آل منه إلى غيره (4) وقال قولا وضع على غير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبيدة هذا، وعلقمة بن قيس من قراء أهل الكوفة، كما ذكره في كتاب صفين، ثم ان المحكى عن غريب الحديث ولسان العرب انه بفتح العين، مكبرا، وانظر تذكرة الحفاظ: ج 1، ص 47، واللباب: ج 1، ص 552، والمشتبه ص 437 وذكره أيضا ابن أبي الحديد في شرح المختار (54) من نهج البلاغة: ج 4 ص 16.
(2) اللبن - ككتف وكجسم أيضا -: ما يصنع من الطين مربعا ويبنى به، ويقال له بالفارسية (خشت).
(3) ما بين المعقوفين كان في الأصل هكذا: (ص).
(4) أي رجع عنه إلى غيره، وذلك مثل جميع الأحكام الموقتة التي انتهت مصلحتها فنسخت بانتهاءها وانتفت بانتفائها.
[678]
موضعه (5).
[قال] فقام إليه علقمة وعبيدة السلماني فقالا: يا أمير المؤمنين فما نصنع بما قد خبرنا في هذه الصحف من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال عليه السلام: سلا عن ذلك ذلك علماء آل محمد، صلى الله عليه وآله (6).
[قال الراوي] كأنه [عليه السلام] يعني نفسه.
هكذا نقله عنه في الحديث الأول من الباب (16) من كتاب العلم من البحار ج 1، ص 99 في السطر 3 عكسا، ط الكمباني.
ورواه أيضا الصفار، في الحديث الأخير، من الباب السابع من الجزء الرابع من كتاب بصائر الدرجات، ص 54 ط 1، باختلاف يسير.
(5) يعني وهم فيه الراوي فحمله على معنى لم يرده رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك مثل ما رواه أحمد بن حنبل تحت الرقم: (714 و 718 و 1187) من مسنده: ج 2 ص 93 و 95 و 280 من انه عليه السلام سأل ابا مسعود الأنصاري الفروخ وقال له: انت الذي تزعم أن رسول الله قال: لا يأتي مأة وعلى الأرض نفس منفوسة ؟ قال: نعم.
قال: اخطت استك الحفرة... وهل الرخاء الا بعد مأة ! ! ! إنما اراد رسول الله الحاضرين في مجلسه في ذلك اليوم.
(6) قال الدولابي - في عنوان: (من كنيته أبو خيثمة وأبو الخير) من كتاب الكنى والأسماء: ج 1، ص 166 -: حدثنا سعيد بن أبي أيوب أبو بكر الواسطي، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا زهير بن معاوية الجعفي أبو خيثمة، قال: حدثنا أبو إسحاق السبيعي، عن هبيرة بن يريم ان عليا قال لهم: يا أهل الكوفة إن فيكم من أصحاب محمد علماء، فاجتمعوا إلي فاسألوا.
قال: ففعلوا فجعل يجيبهم حتى انصرفوا [ظ] إلا شريحا، فجعل يسائله ويجيبه فقال له: أنت أفقه العرب.
ورواه أيضا ابن عساكر في ترجمة شريح من تاريخ دمشق.
[679]
- 356 ومن خطبة له عليه السلام في أنهم عليهم السلام مفاتيح العلم والحكمة، وأن بحبهم تقبل الأعمال وينتفع بها العاملون.
أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن علي، عن عبيس بن هشام الناشري عن الحسن بن الحسين، عن مالك بن عطية، عن ابن حمزة (1).
عن أبي الطفيل، قال: قام أمير المؤمنين علي عليه السلام على المنبر، فقال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة واصطفاه بالرسالة، فأنال في الناس وأنال (2) وعندنا أهل البيت مفاتيح العلم، وأبواب الحكمة، وضياء الأمر، وفصل الخطاب، فمن (3) يحبنا أهل البيت ينفعه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، وفي البحار: ج 1، ص 126، نقلا عن بصائر الدرجات: (عن [أبي حمزة] الثمالي).
(2) أي فأعطى الناس من علمه وبركاته وصيرهم بحيث ينالون من نوره ويستفيدون من خيراته.
(3) هذا هو الظاهر الموافق لما في الفصل (14) من كلمه عليه السلام من كتاب الارشاد، ص 128 وروي أيضا عن بصائر الدرجات، وفي نسخة المحاسن: (ومن).
[680]
أيمانه وبتقبل منه عمله، ومن لا يحبنا أهل البيت لا ينفعه إيمانه ولا يتقبل منه عمله، وإن أدأب الليل والنهار لم يزل (4).
الحديث (31) من باب المعرفة، من كتاب مصابيح الظلم من محاسن البرقي، ص 199، ورواه عنه في القسم الأول من ج 15، من البحار، ص 127 في السطر 15، ورواه أيضا في بصائر الدرجات كما رواه عنه في الحديث (7) من الباب (28) من كتاب العلم من البحار: ج 1، ص 126 في السطر 7 عكسا، ورواه مرسلا في كتاب الارشاد، ص 128، وهذا الفضل له شواهد كثيرة، وقد ذكر في أواخر كتاب الاختصاص، ص 307 في الحديث (612) وتواليه، منه ستة أحاديث في معناه عن الإمام الباقر والصادق عليهما السلام، وكذلك في تفسير الآية (46) من سورة الأعراف من تفسير البرهان: ج 2 ص 17، شواهد لما ذكرناه هاهنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) وله شواهد جمة ذكرها في باب مناقب أهل البيت من مجمع الزوائد: ج 9 ص 171 - 172، وفي الحديث: (152) و (182 - 184) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج 1 ص 112 و 132، ط 1.
[681]
- 357 -
ومن كلام له عليه السلام في حث الناس على أخذ العلم عنه والاقتباس مما وهبه الله تعالى له
قال ابن عساكر: أخبرنا أبو البكرات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر الباقلاني، وأبو الفضل ابن خيرون.
قالا: أنبأنا أبو القاسم ابن بشران.
أنبأنا أبو علي ابن الصواف، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا المنجاب ابن الحرث.
أنبأنا أبو مالك الجنبي.
عن الحجاج (1) عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا [عليه السلام] وهو يخطب الناس فقال: يا أيها الناس سلوني فإنكم لا تجدون أحدا بعدي هو أعلم بما تسألونه مني، ولا تجدون أحدا أعلم بما بين اللوحين مني فسلوني.
الحديث (1040) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 59، وفي ط 1: ج 3 ص 22.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل هذا هو الصواب، وفي الأصل: (أبو مالك المحبي علي الحجاج).
[682]
- 358 -
ومن كلام له عليه السلام في ترغيب الناس إلى الاستضاءة بنور علمه
قال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل ابن خيرون، قالا: أنبأنا عبد الملك بن محمد، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا الهيثم بن الأشعث السلمي، أنبأنا أبو حنيفة اليمامي الأنصاري، عن عمير بن عبد الله، قال: خطبنا علي [بن أبي طالب عليه السلام] على منبر الكوفة فقال: أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فبين الجنبين مني علم جم (1).
الحديث (1045) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق 38 ص 59، وفي ط 1: ج 3 ص 24، وللحديث ذيل أدرجناه في قصار كلامه عليه السلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجم الكثير الواسع.
والحديث قد تقدم بأسانيد أخر، وزيادات مهمة تحت الرقم: (338 و 339) وما قبلهما وما بعدهما فراجع.
[683]
- 359 -
ومن كلام له عليه السلام في بيان أن جميع ما صنعه عليه السلام في حروبه وغيرها كان بعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهده إليه
قال أبو يعلى: حدثنا اسماعيل بن موسى، أنبأنا الربيع بن سهل الفزاري حدثني سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة: قال: سمعت عليا على المنبر وأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين مالي أراك تستحل الناس استحلال [ظ] الرجل إماءه ؟ ! ! العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شئ رأيته ؟ قال: والله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل وبي بل عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).
عهد إلي وقد خاب من افترى.
مسند أبي يعلى الموصلي المتوفي عام (307) كما في كتاب ثمرات الأسفار - للعلامة الأميني تغمده الله برضوانه -: چ 1 ص 161، ورواه أيضا، في مجمع الزوائد: ج 9 ص 135، قال: وفيه الربيع بن سهل وهو ضعيف (2).
ورواه أيضا في كنز العمال: ج 6 ص 82 ط 1، ورواه عنه في فضائل الخمسة: ج 2 ص 361، وفيه: (استحلال الرجل إبله).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وكان في النسخة هكذا: (صلعم).
(2) الحديث مؤيد بشواهد قطعية فلا يضره ضعف الربيع ان صح.
[684]
- 360 -
ومن كلام له عليه السلام في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إليه أن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين
وبالسند المتقدم عن أبي يعلى، عن علي بن ربيعة قال: سمعت عليا على منبركم هذا يقول: عهد إلي النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] (1) أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إنما وضعنا هذه الجملة بن المعقوفين لعدم وجود الأصل المأخود منه عندي حين الكتابة، وإنما كتبته مما حررته قديما بنحو الاستعجال، والظاهر بقرينة الكلام السابق إنه كان هكذا: (صلعم).
(2) وقال البزار في مسنده: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: أنبأنا الربيع بن سعد [كذا] قال: أنبأنا سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة عن علي قال: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال التاكثين والقاسطين والمارقين.
قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى من حديث علي بن ربيعة، عن علي إلا بهذا الإسناد، ولم نسمعه إلا من عباد بن يعقوب.
أقول: عدم علم البزار لا يضر، والحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وانظر الحديث: (1195) تواليه من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريح دمشق لابن عساكر ج 3 ص 158 - 174، ط 1.
[685]
ورواه أيضا ابن عساكر - في الحديث (1197) من ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 38 ص 79، وفي ط 1: ج 3 ص 159، قال: أخبرنا أبو المظفر ابن القشيري أنبأنا أبو سعد الجنزودي، أنبأنا أبو عمرو ابن حمدان.
وأخبرناه أبو سهل ابن سعدويه، أنبأنا ابراهيم بن منصور، سبط بحرويه أنبأنا أبو بكر ابن المقرئ، قالا: أنبأنا أبو يعلى الموصلي، أنبأنا اسماعيل بن موسى - إلى آخر ما تقدم -.
ورواه أيضا في ترجمة الربيع بن سهل من لسان الميزان ج 2 ص 446 عن العقيلي بسنده عن عبيد الله بن موسى عن الربيع عن سعيد بن عبيد، عن علي بن ربيعة...
[686]
- 361 -
ومن كلام له عليه السلام في توصية شيعته بمكارم الأخلاق وبيان ما يبتلون به بعده
قال محمد بن ابراهيم النعماني رحمه الله: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسين التيملي - من تيم الله - قال: حدثاني أخواي أحمد ومحمد ابنا الحسن بن علي بن فضال، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي كهمس عن عمران بن ميثم: عن مالك بن ضمرة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لشيعته: كونوا في الناس كالنحل في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم ما في أجوافها لم يفعل بها ما يفعل ! ! ! خالطوا الناس بأبدانكم وزائلوهم بقلوبكم وأعمالكم فإن لكل امرئ ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب.
أما إنكم لن تروا ما تحبون وما تأملون - يا معشر الشيعة - حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين، وحتى لا يبقى منكم على هذا الأمر إلا كالكحل في العين، والملح في
[687]
الطعام (1) وهو أقل الزاد.
مقدمة كتاب الغيبة - للشيخ الأقدم الأجل محمد بن ابراهيم النعماني رحمه الله ص 8، ورواه أيضا في الحديث: (18) من الباب (12) ص 112 عن أبي سليمان أحمد بن هوذة بن أبي هراسة الباهلي، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن صباح المزني، عن الحرث بن حصيرة عن الأصبغ بن نباته عن امير المؤمنين.
ورواه إلى قوله: (وهو يوم القيامة مع من أحب) بسند آخر، في الحديث (7) من المجلس (15) من أمالي الشيخ المفيد، ص 84.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أو كالملح (خ) [في الطعام]) كذا في النسخة، وكتب في هامشها هكذا: (أو قال في الزاد (خ ل).
أقول: والظاهر أن الأصل كان هكذا: (أو كالملح في الزاد (خ ل).
فصحفه الكاتب ثم إن في النسخة بعد قوله: (الزاد) هكذا: وسأضرب لكم في ذلك مثلا: وهو كمثل رجل [كذا] كان له طعاما قد ذراه وغربله ونقاه وجعله في بيت وأغلق عليه الباب ما شاء الله، ثم فتح الباب عنه فإذا السوس قد وقع فيه، ثم أخرجه ونقاه وذراه ثم جعله في البيت وأغلق عليه الباب ما شاء الله، ثم فتح الباب عنه فإذا السوس قد وقع فيه، فأخرجه ونقاه وذرأه ثم جعله في البيت وأغلق عليه الباب، ثم أخرجه بعد حين فوجده قد وقع فيه السوس ففعل به كما فعل مرارا حتى بقيت منه رزمة كرزمة الأندر [البيدر (خ ل)] والأندر لا يضرها السوسس شيئا، وكذلك أنتم تمحصكم الفتن حتى لا يبقى منكم إلا عصابة لا يضرها الفتن شيئا.
أقول: الظاهر انه من تتمة كلام أمير المؤمنين عليه السلام أتى به ليقرب إلى أذهان سامعيه ومخاطبيه ما يلاقي بعده شيعته من البلايا والمحن بحيث لا يبقى على ولائه والقول بإمامته وإمامة ولده إلا الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
[688]
- 362 -
ومن كلام له عليه السلام قاله في بعض خطبته، وفيه بيان سمو مقامه والإيصاء بعدم الوحشة بالقلة مع استقامة العقيدة والروية، وفيه التحذير عن الرضا بالباطل
محمد بن ابراهيم النعماني رحمه الله قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن سعيد بن عقدة الكوفي، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن عبد الله المحمدي من كتاب في المحرم - سنة ثمان وستين ومأتين - قال: حدثني يزيد بن اسحاق الأرحبي - ويعرف بشغر - قال: حدثنا مخول، عن فرات بن أحنف: عن أصبغ بن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة يقول: أيها الناس أنا أنف الهدى [الإيمان (خ ل)] وعيناه (1).
أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه (2) [ف] إن الناس [قد] اجتمعوا على مائدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وزاد في رواية الثقفي رحمه الله في الغارات، وأشار بيده إلى وجهه... (2) وفي رواية الثقفي والمختار: (198) من النهج: (لقلة أهله، فإن الناس [قد] اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل...).
[689]
قليل شبعها، كثير جوعها، والله المستعان (3).
أيها الناس إنما يجمع الناس الرضا والسخظ (4) وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد، فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا (5) وآية ذلك قوله عز وجل: (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فكيف كان عذابي ونذر) [29 - القمر 54].
وقال: (فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها، ولا يخاف عقباها) [14 - الشمس].
ألا ومن سئل عن قاتلي فزعم أنه مؤمن فقد قتلني ! ! ! (6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) هذه الفقرة غير موجودة في النهج.
(4) هذا هو الظاهر الموافق لما في نهج البلاغة، أي إن الرضا بعمل قوم والسخط عنه هما الجامعان لاستحقاق العقوبة وعدمها، فإن من لم ينه عن المنكر - بيده فبلسانه فبقلبه - فهو به راض، والراضي بعمل قوم يعد منهم، ومن رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فإن لم يستطع إنكاره باليد واللسان فأنكره بقلبة فقد يرئ وسلم من الاثم والعقاب.
وفي النسخة المطبوعة من كتاب الغيبة: (إنما يجمع الناس الرضا الغضب...).
(5) كذا في النهج، وهو أظهر مما في كتاب الغيبة: (فأصابهم الله بعذابه بالرضا [بفعله (خ)].
وقال في تفسير البرهان: وفي نسخة: (بسبب الرضا).
(6) يعني بمنزلة قاتله في عظيم الجرم وفي شدة عقوبته وتنكيله.
(نهج السعادة ج 2) (م 44)
[690]
أيها الناس من سلك الطريق [الواضح] ورد الماء، ومن حاد عنه وقع في التيه (7).
[قال الأصبغ:] ثم نزل [أمير المؤمنين عليه السلام عن المنبر].
ثم قال محمد بن ابراهيم: و [أيضا الخبر] رواه لنا محمد بن همام، ومحمد ابن الحسن بن جمهور، جميعا عن أحمد بن نوح، عن ابن عليم، عن رجل عن فرات بن أحنف قال: أخبرني من سمع أمير المؤمنين عليه السلام [يقول الخ] وذكر مثله إلا أنه قال فيه: (لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله [الخ].
مقدمة كتاب الغيبة - للشيخ الأقدم محمد بن ابراهيم النعماني رحمه الله - ص 9 ورواه عنه في تفسير الآية (29) من سورة القمر، من تفسير البرهان: ج 4 ص 260 ط 2.
ورواه في آخر باب: (نوادر ما وقع في أيامه عليه السلام) من البحار: ج 8 ص 740 ط الكمباني عن كتاب الغارات قال: وعن فرات بن أحنف قال: إن عليا عليه السلام خطب فقال: (يا معشر الناس أنا أنف الهدى...).
وأيضا رواه عن النعماني في الحديث: (27) من الباب: (22) من البحار: ج 1، ص 152، ط الكمباني.
وقريبا منه رواه في آخر الباب الرابع من كتاب المسترشد، ص 76 وكذلك في المختار: (198) من نهج البلاغة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) يقال: (حاد عنه - من باب قال - حودا): عدل.
و (حاد عن الطريق - من باب من باع - حيدا وحيدانا وحيدودة وحيدة وحيودا ومحيدة): مال عنه وعدل.
والتيه: القفر يضل فيه.
الضلال.
[691]
- 363 -
ومن كلام له عليه السلام في اتصال حجج الله تعالى بين البرية، وعدم خلو أرض التكليف عن الحجة إما ظاهرا مشهورا، أو مستترا مغمورا
محمد بن ابراهيم النعماني رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدثنا محمد بن المفضل، وسعدان بن اسحاق، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك، ومحمد بن أحمد القطواني، قالوا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي: عن أبى اسحاق السبيعي، قال: سمعت من يوثق به (1) من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، يقول: قال أمير المؤمنين - عليه السلام - في خطبة طويلة خطبها بالكوفة (2): أللهم لا بد لك (3) من حجج في أرضك - حجة بعد حجة - على خلقك، يهدونهم إلى دينك ويعلمونهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وإنما لم يصرح باسمه لأن أبا إسحاق - كغيره من الروات - كان في تقية شديدة وهول عظيم من نواصب عصره.
(2) وفي النسخة: (في خطبة خطبها بالكوفة طويلة ذكرها).
(3) وفي هامش الكتاب هكذا: (فلا بد (خ).
(*)
[692]
علمك لكيلا يتفرق أتباع أوليائك (4) ظاهر غير مطاع أو مكتتم خائف يترقب ! ! ! إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم في دولة الباطل، فلن يغيب عنهم مبثوت علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، وهم بها عاملون، يأنسون بما يستوحش منه المكذبون، ويأباه المسرفون (5).
ثم [كان عليه السلام] يقول: فمن هذا ولهذا يأرز العلم إذ لم يوجد [له] حملة يحفظونه ويؤدونه كما يسمعونه من العالم ! ! ! ثم قال [عليه السلام] بعد كلام طويل في هذه الخطبة: اللهم إني لأعلم أن العلم لا ينفد [لا يأرز (خ)]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) كذا في هامش الأصل، وكتب بعده: (خ).
وهو أظهر مما كان في متن الأصل: (لئلا يتفرق أتباع أولئك).
(5) وبعده هكذا: بالله كلام يدال [يكال (خ)] بلا ثمن، من كان يسمعه [لو كان من سمعه (خ)] يسمعه بعقله فيعرفه ويؤمن به ويتبعه وينهج نهجه فيصلح [فيفلح (خ)] به.
أقول: الظاهر ان هذه الفقرات من كلام النعماني رحمه الله.
[693]
كله ولا ينقطع مواده، فإنك لا تخلي أرضك من حجة على [خلقك] ظاهر مطاع، أو خائف مغمور ليس بمطاع [يطاع (خ)] لكي لا تبطل حجتك و [لا] يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم (6).
ثم قال النعماني رحمه الله: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد، عن سهل بن زياد.
قال: وحدثنا محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد.
قال: وحدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، جميعا عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي اسحاق السبيعي، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يوثق به، قال: ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه تكلم بهذا الكلام وحفظه عنه حين خطب به على منبر الكوفة: (اللهم).
وذكر مثله الحديث الثاني من الباب الثامن، من كتاب الغيبة ص 67.
أقول: وذكره الكليني رحمه الله بمغايرة طفيفة - بالسند الأول الذي ذكره النعماني - في الحديث الأخير، من الباب: (88) من كتاب الحجة من أصول الكافي ج 1 ص 335، والكلام موافق في جميع معناه وجل ألفاظه مع وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى كميل التي لها مصادر غير محصورة وأسانيد جمة بين المسلمين وقد تقدم ذكرها في المختار: (147) من ج 1، ص 490 وذكرناها أيضا بأسانيد كثيرة في المختار (14) من باب الوصايا: ج 2 ص 3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) وبعده هكذا (ثم [كذا] تمام الخطبة).
[694]
- 364 -
ومن كلام له عليه السلام قاله في بعض خطبه تضجرا عن أهل الكوفة
الحاكم الحسكاني قال: أخبرنا أبو بكر التميمي، أخبرنا أبو بكر القباب، أخبرنا أبو بكر الشيباني، أخبرنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا الهيثم بن الأشعث، أخبرنا أبو حنيفة اليماني، عن عمير بن عبد الملك (1) قال: خطب علي عليه السلام على منبر الكوفة، فأخذ بلحيته ثم قال: متى ينبعث أشقاها حتى يخضب هذه من هذه ؟ الحديث: (5) من تفسير الآية: (12) من سورة: (والشمس) أو الحديث: (1100) من شواهد التنزيل الورق 190 / أ / وفي المطبوع: ج 2 ص 338 وقبله وبعده أيضا شواهد لما هاهنا.
ورواه بهذا السند بعينه في كتاب الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الورق 15 / ب / غير أنه قال: أبو حنيفة اليمامي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في المصدرين، وفي المختار: (357) المتقدم ص 682: (عن عمير بن عبد الله ؟).
[695]
- 365 -
ومن كلام له عليه السلام في الإخبار عما يجري بعده على شيعته من حمل آل أمية وولاتهم إياهم والناس على سبه وعلى البراءة منه، وترخيصه عليه السلام لهم السب دون البراءة!!!
قال الحافظ الكبير ابن عساكر: أنبأنا أبو علي ابن نبهان، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي، عن أبي علي بن شاذان [ظ] أنبأنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح البزار، أنبأنا الحسن بن علي بن شيب [كذا] وإسماعيل بن إسحاق بن الحصين الرقي، قالا: أنبأنا محمد بن خلاد أبو بكر الباهلي، أنبأنا هشيم بن أبي ساسان، حدثني أمي بن ربيعة الصير في قال: سمعت عبد الملك بن عمير، يقول: خرجت يوما من منزلي نصف النهار، والحجاج جالس وبين يديه رجل موقف عليه كمة من ديباج (1) والحجاج يقول: أنت همدان مولى علي تعال سبه ! ! ! قال: إن أمرتني فعلت، وما ذلك جزاؤه ! ! ! رباني صغيرا وأعتقني كبيرا ! ! ! قال: فما كنت تسمعه يقرأ من القرآن ؟ قال: كنت أسمعه في قيامه وقعوده وذهابه ومجيئه يتلو: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكمة - بالضم ففتح -: كل ظرف عطيت به شيئا أو ألبسته إياه فصار له كالغلاف.
القلنسوة المدورة.
[696]
القوم الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين) [44 / الأنعام: 6] (2) قال [الحجاج]: فابرأ منه ! ! ! قال: أما هذه فإني سمعته يقول: [إنكم سوف] تعرضون على سبي فسبوني ! ! ! [وسوف] تعرضون على البراءة مني فلا تبرؤا مني فإني على الإسلام (3).
[قال الحجاج: إما أن تتبرأ منه] (4)، واما ليقومن إليك رجل يتبرأ منك ومن مولاك ! ! يا أدهم بن محرز قم إليه فاضرب عنقه، فقام إليه [أدهم] يتدحرج كأنه جعل وهو يقول: يا ثارات عثمان.
قال [عبد الملك بن عمير]: فما رأيت رجلا كان أطيب نفسا بالموت منه، ما زاد على أن وضع القلنسوة عن رأسه فضربه [أدهم] فندر رأسه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) وفي رواية العياشي بعده هكذا: فقال الحجاج: [أ] كان يتأولهما علينا ؟ فقال [قنبر]: نعم.
فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك [عنقك (خ)] قال: إذا أسعد وتشقى.
فأمر به فقتله ! ! ! (3) ما بين المعقوفات زيادة منا مستفادة من السياق، وفي نهج البلاغة: (أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه - ولن تقتلوه - ألا وإنه سيأمركم بسبي والبراءة مني، أما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة).
(4) ما وضعناه بين المعقوفين هو المستفاد جليا من السياق، وفي النسخة هكذا: (وقال: وإما ليقومن إليك رجل...).
[697]
رحمه الله (5) ترجمة أدهم بن محرز الباهلي من تاريخ دمشق: ج 5 ص 47، وقريبا منه رواه في تفسير الآية الكريمة من تفسير العياشي: ج 1، ص 100، ورواه أيضا في تفسير البرهان: ج 1، ص 526 نقلا عن العياشي، وفيهما انه جرى هذه الأمر بين قنبر - مولى علي عليه السلام - وبين الحجاج.
وقريبا منه جدا رواه السيد الرضي في المختار: (54) من نهج البلاغة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) يقال: (ندر الشئ - من باب نصر - ندرا وندورا): سقط وعن موضعه: زال.
[698]
- 366 -
ومن كلام له عليه السلام في الإخبار عما يلاقي شيعته من بعده، من حمل معاوية والأموييين إياهم على سبه وقسرهم إياهم على البراءة منه!!!
الشيخ الطوسي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد، قال: حدثنا يحي بن زكريا بن شيبان، قال: حدثنا بكير بن سلم [كذا] قال: حدثني محمد بن ميمون، قال: حدثني [الإمام] جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: [ألا وإنكم] ستدعون إلى سبي فسبوني (1) وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة (2).
الحديث: (12) من الجزء الثامن، من أمالي الشيخ الطوسي، ص 131.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين المعقوفين مأخوذ من روايات أخر وردت في الموضوع.
(2) أي الفطرة التي فطر الله الخلق عليها من التوحيد، والإنقياد لله تبارك وتعالى، فمن حمله غيره على العدول عنها إلى غيرها وهو الكفر والزندقة، فإن لم يجد محيصا غير العدول عنها فليمد رقابه للقتل فإن ترك الدنيا أهون من ترك الآخرة.
[699]
- 367 -
ومن كلام له عليه السلام يخبر فيه عن تغلب الباطل على الحق بعده الشيخ الطوسي رحمه الله
قال: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمان بن عبد الله بن بديل ابن ورقاء - أخو دعبل بن علي الخزاعي رضي الله عنه - ببغداد سنة اثنين وسبعين، قال: حدثني سيدي أبو الحسن [الإمام] علي بن موسى الرضا [عليه السلام] بطوس سنة ثمان وتسعين، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثنا أبى جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن النزال بن سبرة، عن [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب عليه السلام انه خطب الناس بالكوفة فقال: معاشر الناس إن الحق قد غلب الباطل (1) وليغلبن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا هو الظاهر الموافق لما روى في كتاب إثبات الهداة عن هذا الكتاب، وفي النسخة المطبوعة من كتاب الأمالي هكذا: (إن الحق قد غلبه الباطل).
وهذا غير ملائم للسياق، والمراد منها - على الأول - غلبته عليه السلام على أعدائه ومناوئيه من أصحاب الجمل والنهروان، ويحتمل أيضا أن يراد منها العموم، ويراد من الغلبة ظهور الحجة وقيام البرهان على كونه مع الحق =
[700]
الباطل عما قليل، أين أشقاكم ؟ [شقيكم (خ)] (2) فو الله ليضر بن هذه فليخضبنها من هذه.
[قال الراوي]: وأشار عليه السلام بيده إلى هامته.
وبالإسناد المتقدم قال عليه السلام: ألا [و] إنكم ستعرضون على سبي فإن خفتم على أنفسكم فسبوني ألا وإنكم ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإني على الفطرة).
الحديث (14 و 15) من الجزء (13) من كتاب الأمالي للشيخ الطوسي ص 232 وفي ط النجف ص 374.
وهذا المعنى قد تواتر منه عليه السلام عن الفريقين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والحق معه، وأعدائه على الباطل، ويكون مساق الكلام مساق قوله - - الآخر -: (إني فقأت عين الفتنة ولو لاي ما قوتل الناكثون والمارقون).
ويراد من غلبة الباطل غلبة معاوية بعده على أولاده وشيعته بالقهر والجبر والحيل والمكر.
(2) قال إسماعيل بن علي الدعبلي - راوي الكلام -: (شك أبي [في] هذا [انه] قال (أشقاكم) أو قال: (شقيكم).
[701]
- 368 -
ومن كلام له عليه السلام في المعنى المتقدم
قال ابن عساكر: أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي أنبأنا أبو منصور ابن شكرويه، وأبو بكر السمسار، قالا: أنبأنا إبراهيم بن عبد الله، أنبأنا الحسين بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن محمد بن بكر [ظ] أنبأنا الفضل أنبأنا كثير بن ما رويدا [كذا] قال: سمعت أبا عياض مولى عياض بن ربيعة الأسدي قال: أتيت علي ابن أبي طالب [عليه السلام] - وأنا مملوك - فقلت: يا أمير المؤمنين أبسط يدك أبايعك.
فرفع رأسه إإلي فقال: ما أنت ؟ [كذا] قلت: [أنا] مملوك.
قال: لا إذا.
قلت له [ظ]: يا أمير المؤمنين إنما أقول:.
إني إذا شهدتك نصرتك، وإن غبت [عنك] نصحتك.
قال: نعم إذا.
قال: فبسط يده فبايعني.
[ثم] قال [أبو عياض]: وسمعت [أيضا] علي بن أبي طالب [عليه السلام] (1) يقول: إنه سيأتيكم رجل يدعوكم إلى سبي وإلى البراءة مني، فأما السب [فسبوني] (2) فإنه لكم نجاة ولي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ما بين المعقوفات كلها زيادات توضيحية منا.
(2) ما بين المعقوفين زيادة مستفادة من سياق الكلام ومن الروايات الأخر الواردة في المقام.
[702]
زكاة (3) وأما البرا [ءة] فلا تبرؤا مني فإني على الفطرة.
الحديث (1504) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام - وهو الحديث الخامس قبل ختام الترجمة - من تاريخ دمشق: ج 38 ص 112، وقريبا منه رواه البلاذري في الحديث (77) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب أنساب الأشراف: القسم الأول من ج 1، ص 219 - وفي ط 1: ج 2 ص 119 - بسندين - أو ثلاثة - عن شهاب مولى علي عنه عليه السلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) الزكاة: النمو والزيادة، فإن أراد عليه السلام منها هاهنا النمو الأخروي فمعناها أنه يصير سببا لمزيد كرامتي وأجري على الله.
وان أراد منها الدنيوي فمعناها أن سبي يصير سببا لإشاعة ذكري وزيادة صيتي في الناس.
[703]
- 369 -
ومن كلام له عليه السلام في أظهاره الضجر عن بعض المترفين من العرب ومدح المؤمنين من العجم
قال الشيخ حسين المحاملي: حدثنا يوسف، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن رجل (1) قال: كنت في المسجد وعلي يخطبنا على منبر من آجر، وخلفي صعصعة بن صوحان، قال: فجاء رجل فكلمه بشئ خفي علينا، فعرفنا الغضب في وجهه فسكت، فجاء الأشعث [بن قيس] فجعل يتخطى الناس حتى [إذا] كان قريبا من المنبر ففال: يا أمير المؤمنين غلبتنا هذه الحميراء (2) على وجهك.
قال فضرب صعصعة بين كتفيه بيده فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ليبينن اليوم من أمر العرب أمرا كان يكتمه.
قال: وغضب [علي] غضبا شديدا فقال: من يعذرني من هذه الضياطرة ؟ (2) يتمرغ أحدهم على حشاياه، ويهجر قوم لذكر الله (3) فيأمروني أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولعله عباد بن عبد الله الأسدي الواقع في طريق أبي يعلي والبزار.
(2) كذا في النسخة، وفي كتاب الفائق: (غلبتنا عليك هذه الحمراء). والحمراء: العجم، سموا بها لغلبة الحمرة في ألوانهم.
(3) وفي الفائق: (من يعذرني من هؤلاء الضياطرة يتخلف أحدهم =
[704]
أطردهم فأكون من الظالمين ! ! ! والذي فلق الحبة وبرء النسمة لقد سمعت محمدا صلى الله عليه يقول والله ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا.
أواسط المجلس الثالث من الجزء الثاني من أمالي المحاملي الورق 95.
ورواه مرسلا في مادة (حمر) من كتاب الفائق: ج 1، ص 319 ط مصر.
ورواه في مجمع الزوائد: ج 7 ص 235 بوجهين عن أبي يعلى والبزار، وقال: وفيه عباد بن عبد الله الأسدي وثقة ابن حبان وقال البخاري فيه: نظر.
وبقية رجاله رجال الصحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على حشاياه، وهؤلاء يهجرون إلي، إن طردتهم إني إذا لمن الظالمين، والله لقد سمعته يقول: ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا).
الضياطرة: جمع ضيطر [كقياصرة وقيصر] وهو الضخم الذي لا غناء عنده.
والتهجير: الخروج في الهاجرة.
والحشايا: جمع حشية: الفرش.
[705]
- 370 -
ومن كلام له عليه السلام في الإخبار عن استيلاء الحجاج على العراق وشمول الذل والهوان في أيام إمارته على جميع بطون العرب
قال أبو الفرج: حدثني محمد بن الحسين الأشناني، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي، قال:، حدثنا علي بن مسهر، عن الأجلح، موسى بن أبي النعمان قال: جاء الأشعث إلى علي يستأذن على، فرده قنبر، فأدمى الأشعث أنفه، فخرج علي [عليه السلام] وهو يقول: مالي ولك يا أشعث ؟ أما والله لو بعبد ثقيف تمرست لاقشعرت شعيراتك (1) ! ! ! قيل: يا أمير المؤمنين: ومن غلام [كذا] ثقيف قال ؟ قال: غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب إلا أدخلهم ذلا.
قيل: يا أمير المؤمنين كم يلي ؟ وكم يمكث ؟ قال [عليه السلام]:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقال: (تمرس بالشئ): احتك به، وتمرس بالرجل: تعرض له بشر.
(نهج السعادة ج 2) (م 45)
[706]
عشرين إن بلغها ! ! ! ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب مقاتل الطالبيين ص 22.
ورواه أيضا الطبراني في ترجمة الأشعث من المعجم الكبير: ج 1، ص 61، قال: حدثنا القاسم بن زكريا، حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، حدثنا علي بن مسهر، عن الأجلح، عن الشعبي، عن أم حكيم بنت عمرو بن سنان الجدلية، قالت: استأذن الأشعث بن قيس على علي عليه السلام فرده قنبر، فأدمى أنفه... ورواه عنه في ترجمة الحجاج من تاريخ دمشق: ج 10، ص 117.