[42]
ومن كتاب له عليه السلام كتبه من الربذة إلى عثمان بن حنيف الانصاري (ره) لما بلغه (ع) مشارفة طلحة والزبير وعائشة ومن معهم البصرة
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان ابن حنيف، أما بعد فإن البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا وتوجهوا إلي مصرك، وساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضى الله به، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا.
فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة والرجوع إلى الوفاء بالعهد والميثاق الذي فارقونا عليه، فإن أجابوا فأحسن جوارهم ماداموا عندك، وإن أبوا إلا التمسك بحبل النكث والخلاف فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك وبينهم وهو خير الحاكمين، وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة، وأنا معجل المسير إليك إن شاء الله.
شرح المختار (173) من خطب نهج البلاغة من ابن أبي الحديد: ج 9 ص 312.
[43]
ومن كتاب له عليه السلام كتبه من الربذة إلى أهل الكوفة
قال الطبري: حدثني عمر، قال: حدثنا أبو الحسن، عن بشير بن عاصم، عن محمد بن عبد الرحمان ابن أبي ليلى، عن أبيه، قال: كتب علي إلى أهل الكوفة: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اخترتكم والنزول بين أظهركم لما أعرف من مودتكم وحبكم لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم (1) فمن جاءني ونصرني فقد أجاب الحق، وقضى الذي عليه.
تاريخ الطبري: ج 3، ص 493، في الحديث الثاني من ذكر الخبر عن مسيره (ع) إلى البصرة، ط الاستقامة بمصر سنة 1357 ه.
ونقله عنه ابن ابي الحديد في شرح المختار الاول من كتب نهج البلاغة: ج 14، ص 16 وقال محمد ابراهيم في الهامش انه مذكور في الطبري: ج 1، ص 316 ط أروبا.
ونقله أيضا في المختار (358) من جمهرة الرسائل: ج 1، ص 370 عن تاريخ الطبري: ج 5 ص 185، و 184، وعن شرح ابن ابي الحديد على النهج: ج 3، ص 294.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هكذا رواية أهل السنة وصنيعهم في نقل الصلوات.
[44]
ومن كتاب له عليه السلام كتبه من الربذة إلى أهل الكوفة أيضا
وروى الطبري أيضا - في الحديث الاول من خبر مسيره (ع) إلى البصرة - عن السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبيدة بن معتب، عن يزيد الضخم انه (ع) كتب إليهم من الربذة: إني قد اخترتكم على الامصار، وإني بالاثر (1).
أقول: قد تقدم مصادره في المختار السالف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ويستكشف من روايات الطبري في موارد كثيرة - لا سيما من ذكر قضايا يوم الدار إلى ارتحال أمير المؤمنين (ع) من البصرة إلى الكوفة - أن السري يتلاعب بالحقائق، وهل يعقل المتدبر الفطن أن أمير المؤمنين اكتفى في هذا المهمة بذكر هاتين الجملتين في كتابه إليهم وقد أرجف المرجفون ونطق الضالون.
[45]
ومن كتاب له عليه السلام من الربذة إلى أهل الكوفة أيضا
قال الطبري - في الحديث الخامس من ذكر مسيره (ع) إلى البصرة -: كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قالا: لما قدم علي (ع) الربذة أقام بها، وسرح منها إلى الكوفة محمد بن ابي بكر ومحمد بن جعفر، وكتب إليهم: إني اخترتكم على الامصار، وفزعت إليكم لما حدث، فكونوا لدين الله أعوانا وأنصارا، وأيدونا وانهضوا إلينا فالاصلاح ما نريد، لتعود الامة إخوانا، ومن أحب ذلك وآثره فقد أحب الحق وآثره، ومن أبغض ذلك، فقد أبغض الحق وغمصه (1).
تاريخ الطبري: ج 3، ص 494، ط الاستقامة بمصر سنة 1357 ه و 1939 م، ونقله في المختار (358) من جمهرة الرسائل: ج 1، ص 370 عن تاريخ الطبري ج 5، ص 185.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقال غمصه واغتمصه: احتقره وعابه وتهاون بحقه وهو من باب ضرب وعلم.
[46]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أبي موسى الاشعري وهو الوالي على الكوفة
روى أبو مخنف، قال: حدثني الصقعب، قال: سمعت عبد الله بن جنادة يحدث ان عليا عليه السلام لما نزل الربذة، بعث هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى أبي موسى الاشعري - وهو الامير يومئذ على الكوفة - لينفر إليه الناس، وكتب إليه معه (1): من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس، أما بعد فإني قد بعثت إليك هاشم ابن عتبة، لتشخص إلي من قبلك من المسلمين ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي، وقتلوا شيعتي، وأحدثوا في الاسلام هذا الحدث العظيم، فاشخص بالناس إلى معه حين يقدم عليك، فإني لم أو لك المصر الذي أنت فيه، ولم أقرك عليه إلا لتكون من أعواني على الحق، وأنصاري على هذا الامر والسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقال معلم الامة الشيخ المفيد (ره) في كتاب الجمل ص 130: ما ملخصه: فاتبعهم - أي الناكثين - حتى نزل بذي قار، فأقام بها ثم دعا هاشم بن عتبة، وكتب معه إلى أبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم - إلى آخر ما في المتن مع اختلاف يسير في بعض الالفاظ -.
[47]
شرح المختار الاول من كتب النهج من شرح ابن أبي الحديد: ج 14، ص 8.
وكتاب الجمل ص 130، ط النجف.
ومن كتاب له عليه السلام كتبه من الربذة إلى أبي موسى الاشعري، لما بلغه انه يثبط الناس عن الخروج إلى نصرته عليه السلام
إعتزل عملنا يابن الحائك مذموما مدحورا، فما هذا أول يومنا منك، وإن لك فينا لهنات وهنات (1).
مروج الذهب: ج 2 ص 368 ط مصر سنة 1377.
ورواه في المختار (362) من الجمهرة: ج 1، ص 174، عن المجلد الثاني من مروج الذهب: ص 7.
وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 75 ط النجف: وبلغ عليا (ع) قوله (أي ابي موسى) فكتب إليه: (اعتزل عن عملنا مذموما مدحورا، يابن الحائك فهذا أول يومنا منك).
ثم قال سبط بن الجوزي: وذكر المسعودي في مروج الذهب ان عليا عليه السلام كتب إلى أبي موسى: انعزل عن هذا الامر مذموما مدحورا، فان لم تفعل فقد أمرت من يقطعك إربا إربا، يابن الحائك ما هذا أول هناتك (2) وان لك لهنات وهنات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الهنات - بفتح الهاء -: الداهية، ويجمع على هنوات أيضا.
(2) وقال في هامش تذكرته: وفى نسخة: (فهذه أول هناتك، (و) ان لك الهنات (كذا) وهنات).
[48]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أبي موسى الاشعري أيضا
الطبري عن عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا بشير ابن عاصم، عن ابن أبي ليلى، عن أبيه، قال: خرج هاشم بن عتبة إلى علي عليه السلام بالربذة، فأخبر بقدوم محمد بن أبي بكر، وقول ابي موسى، فقال (ع): أردت عزله وسألني الاشتر أن أقره [فأقررته] فرد (ع) هاشما إلى الكوفة، وكتب معه إلى أبي موسى (1): إني وجهت هاشم بن عتبة لينهض من قبلك من المسلمين إلي، فأشخص الناس، فإني لم أو لك الذي أنت به إلا لتكون من أعواني على الحق.
[ولما وصل كتابه (ع) إلى أبي موسى] دعا السائب بن مالك الاشعري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقال الشيخ المفيد (ره) في كتاب الجمل ص 130: وكان مضمون الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم من علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد فاني أرسلت اليك هاشم بن عتبة المر قال لتشخص معه من قبلك من المسلمين، ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي وقتلوا شيعتي واحدثوا في هذه الامة الحدث العظيم، فأشخص الناس الي معه حين يقدم بالكتاب عليك فلا تحبسه فاني لم أقرك في المصر الذي أنت فيه الا أن تكون من أعواني وانصاري على هذا الامر، والسلام.
[49]
فقال له: ما ترى.
قال: أرى أن تتبع ما كتب به اليك.
قال: لكني لا أرى ذلك.
فكتب هاشم إلى علي (ع): اني قد قدمت على رجل غال مشاق ظاهر الغل والشنآن، وبعث بالكتاب مع المحل بن خليفة الطائي، فتعث علي (ع) الحسن بن علي وعمار بن ياسر يستنفران له الناس، وبعث قرظة بن كعب الانصاري أميرا على الكوفة: وكتب معه إلى ابي موسى بالكتاب التالي.
ومن كتاب له عليه السلام إلى أبي موسى الاشعري أيضا
أما بعد فقد كنت أرى أن تعزب عن هذا الامر (1) الذي لم يجعل الله عزوجل لك منه نصيبا، سيمنعك من رد أمري (كذا) وقد بعثت الحسن بن علي وعمار بن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، وفى كتاب الجمل ص 131: من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى عبد الله بن قيس، أما بعد يا بن الحائك والله اني كنت لارى (ظ) بعدك من هذا الامر الذي لم يجعلك الله له أهلا ولا جعل لك فيها نصيبا، وقد بعثت لك الحسن وعمارا وقيسا، فأخل لهم المصر وأهله، واعتزل عملنا مذموما مدحورا، فان فعلت والا امرتهم أن ينابذوك على سواء، ان الله لا يحب الخائنين، فان أظهروا عليك قطعوك اربا اربا، والسلام على من شكر النعم ورضي البيعة وعمل لله رجاء العاقبة.
[50]
ياسر يستنفران الناس، وبعثت قرظة بن كعب واليا على المصر، فاعتزل عملنا مذموما مدحورا، فإن لم تفعل فإني قد أمرته أن ينابذك، فإن نابذته فظفر بك أن يقطعك آرابا.
ذكره مع الكتاب السالف في عنوان: (بعثة علي (ع) من ذي قار.
ابنه الحسن وعمارا ليستنفرا له أهل الكوفة) من تاريخ الامم والملوك: ج 3 ص 512 ط مصر سنة 1357 ه.
وجملا منه - مع الاشارة إلى الكتاب السابق - ذكرها ابن الاثير في تاريخ الكامل: ج 3 ص 133.
ومن كتاب له عليه السلام إلى أبي موسى الاشعري أيضا
روي أبو مخنف، قال: وبعث علي عليه السلام من الربذة - بعد وصول المحل بن خليفة أخي طئ - عبد الله بن عباس، ومحمد بن ابي بكر، إلى أبي موسى وكتب معهما إليه: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد يا بن الحائك، يا عاض اير أبيه، فو الله إني كنت لارى أن بعدك من هذا الامر الذي لم يجعلك الله له أهلا،
[51]
ولا جعل لك فيه نصيبا، سيمنعك من رد أمري، والانتزاء علي (1) وقد بعثت إليك ابن عباس وابن أبي بكر، فخلهما والمصر وأهله، واعتزل عملنا مذؤما مدحورا (2).
فإن فعلت وإلا فإني قد أمرتهما أن ينابذاك على سواء، إن الله لا يهدي كيد الخائنين، فإذا ظهرا عليك فقطعاك إربا إربا، والسلام على من شكر النعمة، ووفى بالبيعة، وعمل برجاء العاقبة.
شرح المختار الاول من كتب النهج، من شرح ابن ابي الحديد: ج 14 ص 10، وقريب منه في كتاب الجمل ص 131، ط النجف، وفيه: وقد بعثت لك الحسن وعمارا وقيسا فاخل لهم المصر وأهله، واعتزل عملنا مذموما مدحورا الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، يقال: (نزأ بين القوم نزأ ونزوءا) ألقى الشر بينهم وأغرى بعضهم على بعض. ونزا على فلان: حمل. ونزأ فلانا عليه: حمله. ونزأه عن كذا: رده والفعل من باب منع والمصدر على زنة فلس وفلوس.
[52]
- 23 -
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة
على ما رواه المفيد الثاني الشيخ أبو علي ابن شيخ الطائفة - في قصة طويلة تقدمت في باب الخطب - عن أبيه رضوان الله عليهما باسناده (1) عن عبد الله بن أبي بكر [ابن محمد بن عمرو بن حزم] قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: لما بلغ عليا (ع) مسير طلحة والزبير، خطب الناس وحظهم على الخروج في طلبهما، [فأجابه الناس الا نفرا أستحوذ عويهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، فلما رأى امير المؤمنين على (ع) انهم تلقوا هتاف الشيطان بالقبول، فلم يعبأ بهم] وتمكث حتى عظم جيشه ثم خرج لما سمع توجه طلحة والزبير إلى البصرة، وأغد السير في طلبهم (2) فجعلوا لا يرتحلون من منزل الا نزله حتى نزل بذي قار (3) فقال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الذي لاح لي من سياق كلامه (ره) في الامالي ان المقصود من قوله: (بأسناده) هو ما ذكره الشيخ أبو علي في الحديث الثاني من المجلس (42) من أماليه حيث قال: وعنه أي وعن ابي: شيخ الطائفة، قال: اخبرنا أبو الحسن احمد بن محمد بن الصلت الاهوازي، قال اخبرنا أبو العباس احمد ابن محمد بن سعيد بن عقدة، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله (ظ) العلوي قال: حدثنا عمي القاسم بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي ابن ابي طالب (كذا) أبو محمد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن علي بن الحسين، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، قال: حدثني عبد الرحمن بن ابي عمرة الانصاري الخ.
(2) يقال: (أغد السير) إذا اسرع.
كذاعن بعضهم، ولم اجد هذا المعنى فيما عندي من كتب اللغة، وان كان مقتضى سياق الكلام هنا يساعده.
(3) ذي قار اسم (عين) بين الكوفة وواسط - وقيل بين البصرة والكوفة.
وقيل: انها إلى البصرة أقرب - وفيها وقعت الحرب بين جند برويز حفيد أنوشيروان، وبني شيبان من العرب، فظفرت بنو شيبان على جند برويز وهو أول يوم انتصفت فيه العرب على العجم.
[53]
والله انه ليحزنني أن أدخل على هؤلاء في قلة من معي فأرسل إلى الكوفة ابنه الحسن وعمار بن ياسر وقيس بن سعد، وكتب إليهم كتابا، فقدموا الكوفة، فخطب الحسن عليه السلام الناس فحمد الله واثنى عليه [ثم قال]: [أيها الناس، انا جئنا ندعوكم إلى الله والى كتابه وسنة رسوله، والى أفقه من تفقه من المسلمين، وأعدل من تعدلون، وافضل من تفضلون، وأوفى من تبايعون، من لم يعبه القرآن، ولم تجهله السنة، ولم تقعد به السابقة إلى من قربه الله تعالى إلى رسوله قرابتين: قرابة الدين وقرابة الرحم، إلى من سبق الناس إلى كل مأثرة، إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون فقرب منه وهم متتاعدون، وصلى معه وهم مشركون، وقاتل معه وهم منهزمون، وبارز معه وهم محجمون، وصدقه وهم مكذبون، إلى من لم ترد له رواية (كذا) ولا تكافأ له سابقة، وهو يسألكم النصر، ويدعوكم إلى الحق، ويأمركم بالمسير إليه، لتوازروه وتنصروه على قوم نكثوا بيعته، وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه، ومثلوا بعماله، وانتهبوا بيت ماله (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) وجميع ما ذكره عليه السلام في هذه الخطبة مما قامت الادلة القاطعة على صدقه، وبعضها من المتواترات بين المسلمين، لا سيما ما فعله طلحة والزبير، من قتل أهل الصلاح والابرياء من المؤمنين، وتمثيلهم بعثمان بن حنيف الانصاري وعمال بيت المال من السبابجة، ونهبهم بيت مال البصرة.
ثم ليعلم ان خطبته (ع) هذه الموضوعة بين المعقوفين، غير مروية في هذه الرواية، بل رواها ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة: 14، ص 11، ولكونها مغفولا عنها مع أنها من أهم الشواهد، والمحل محلها ذكرناها ههنا، ووضعناها بين المعقوفين لتتميز عن أصل الرواية.
[54]
فاشخصوا إليه رحمكم الله، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واحضروا بما يحضر به الصالحون].
ثم أمر بكتاب [امير المؤمنين] علي عليه السلام فقرئ عليهم: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سمعه عيانه (5) إن الناس طعنوا عليه، وكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عيبه (6) وكان هذان الرجلان أهون سيرهما فيه الوجيف (7) وقد كان من أمر عائشة فلتة على غضب (8) فأتيح له قوم فقتلوه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) العيان - بكسر العين -: المشاهدة، اي أخبركم عن امر عثمان وعلل قتله وهلاكه بحيث يكون اخباري كنفس مشاهدتكم كأنكم رأيتموه ببصركم.
وفى المختار الاول من كتب نهج البلاغة: (حتى يكون سمعه كعيانه) الخ.
(6) وفى النهج: (وأقل عتابه).
والاستعتاب: الاسترضاء (7) وزاد في النهج: (وارفق حدائهما العنيف)، والوجيف ضرب من سير الخيل والابل سريع.
وجملة: (وأهون سيرهما فيه الوجيف) خبر (كان) أي ان طلحة والزبير سارعا لاثارة الفتنة عليه.
والحداء: زجر الابل وسوقها.
(8) وفى نهج البلاغة: (وكان من عايشة فيه فلتة غضب) اي ان عائشة كانت تغضب عليه وتصدر منها فلتات من السخط والمقت عليه (فأتيح) أي فهئ وقدر له قوم فقتلوه.
[55]
ثم إن الناس بايعوني غير مستكرهين، وكان هذان الرجلان أول من فعل، على ما بويع عليه من كان قبلي، ثم إنهما استأذناني في العمرة وليسا [إياها أرادا] فنقضا العهد، وأذنا بحرب، وأخرجا عايشة من بيتها ليتخذانها فئة (9) وقد سارا إلى البصرة اختيارا لها، وقد سرت إليكم اختيارا لكم، ولعمري ما إياي تجيبون، ما تجيبون إلا الله ورسوله، ولن أقاتلهم وفي نفسي منهم حاجة (كذا) وقد بعثت إليكم بالحسن بن علي، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد مستنفرين، فكونوا عند ظني بكم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الحديث الثاني من المجلس (43) من أمالي ابن الشيخ (ره) ص 87.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) كذا في النسخة، ومثله في الكتاب الذي كتبه (ع) لاهل الكوفة لما سألوه عن أبي بكر وعمر، وكأنه مأخوذ من (فاء): رجع.
أي اتخذوها مرجعا ومركزا يرجعون الناس إليها دعما لفتنتهم، ومحورا للوصول إلى امنياتهم الباطلة، لانها من ازواج النبي (ص) وامهات المؤمنين، فإذا استمالوها استمالوا الغر من أبنائها.
وفى المختار (25) الآتي: (ليتخذونها فتنة) الخ وهو أظهر، بل هو الظاهر.
[56]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة
بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب (1) إلى أهل الكوفة: أما بعد فإني أخبركم من أمر عثمان حتى يكون أمره كالعيان لكم (2)، إن الناس طعنوا عليه، وكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عتابه، وكان طلحة والزبير أهون سيرهما إليه الوجيف (3)، وقد كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، والظاهر أن كلمة (أمير المؤمنين) سقطت عن النسخة سهوا، أو أن الرواة لم يذكروها لعدم عنايتهم واهتمامهم بذكرها، وانما اهتموا بذكر ما كان الغرض الباعث على الكتاب أو الخطبة أو الدعاء، كما ان هذا هو السبب لعدم ذكرهم (البسملة والصلاة على النبي وآله) في كثير من كلمة (ع) والا كان امير المؤمنين في نهاية الاهتمام لذكر (البسملة والصلاة واللقب الخاص به اعني لفظة امير المؤمنين).
(2) وفى المختار الاول من كتب نهج البلاغة: (حتى يكون سمعه كعيانه).
(3) وفى نهج البلاغة بعده هكذا (وأرفق حدائهما العنيف) اقول الاستعتاب: الاسترضاء.
والوجيف: ضرب سريع من سير الابل والخيل، وجملة (أهون سيرهما إليه الوجيف) خبر (كان) أي انهما سارعا لاثارة الفتنة عليه، واستبقا الناس في استيصاله. والحداء: زجر الابل وسوقها.
[57]
من عايشة فيه فلتة غضب (4)، فلما قتله الناس بايعوني غير مستنكرين [بل] طائعين مختارين (كذا) وكان طلحة والزبير أول من بايعني على ما بايعا به من كان قبلي، ثم استأذناني في العمرة - ولم يكونا يريدان العمرة - فنقضا العهد، وأذنا في الحرب، وأخرجا عائشة من بيتها يتخذانها فتنة، فسارا إلى البصرة.
فاخترت السير إليهم معكم، ولعمري [ما] إياي تجيبون، إنما تجيبون الله ورسوله، والله ما قاتلتهم وفي نفسي شك، وقد بعثت إليكم ولدي الحسن وعمارا وقيسا مستنفرين لكم، فكونوا عند ظني بكم والسلام.
كتاب الجمل ص 131، ط النجف، وقريب منه يأتي بطرق أخر، وقريب منه جدا أيضا في المختار الاول من كتب نهج البلاغة، ويقرب منه أيضا ما في الامامة والسياسة ط مصر، ص 66.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) فلتات غضب أم المؤمنين عايشة على عثمان كثيرة، رواها جل المؤرخين والمحدثين.
[58]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة
قال الشيخ المفيد قدس الله نفسه: ولما بلغه عليه السلام ما قال أبو موسى وما صنع، غضب غضبا شديدا وبعث ولده الحسن (ع) وعمار بن ياسر (ره) وكتب معهم (1) كتابا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، إلى أهل الكوفة من المؤمنين والمسلمين أما بعد فإن دار الهجرة تقلعت بأهلها فانقلعوا منها (2) وجاشت جيشان المرجل، وكانت فاعلة يوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ظاهر السياق يقتضي ان يقول: (وكتب معهما) وكانه سقط من الكتاب عطف (قيس) عليهما.
(2) السياق في حاجة إلى كلمة: (قد) كما يؤيده ما في المختار الاول من كتب النهج: (واعلموا أن دار الهجرة قد قلعت بأهلها وقلعوا بها وجاشت جيش المرجل، وقامت الفتنة على القطب) الخ، والمراد من دار الهجرة المدينة، (وتقلعها بأهلها وتقلع أهلها منها) عبارة عن هيجانهم وخروجهم مع الامام عليه السلام إلى دفع غائلة الناكثين، أي ان أهل دار الهجرة من المهاجرين والانصار قد أحاطوا بقطب دائرة الخلافة وهو نفس الامام (ع) وخرجوا لقتال الناكثة، فعليكم الاقتداء بهم
[59]
ما فعلت (كذا) وقد ركبت المرأة الجمل، ونبحتها كلاب الحوأب، وقامت الفئة الباغية بقودها (3) يطلبون بدم هم سفكوه، وعرض هم شتموه، وحرمة انتهكوها وأباحوا ما أباحوا، يعتذرون إلى الناس دون الله، يحلفون لكم لترضوا عنهم، فإن ترضى عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين (4).
إعلموا رحمكم الله أن الجهاد مفترض على العباد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) وفى عنوان: (شراء الجمل لعائشة) من تاريخ الطبري: ج 3 ص 475 - ومثله في كامل ابن الاثير: ج 3 ص 107 -، معنعنا عن صاحب الجمل وبائعه قال: فسرت معهم - أي عايشة وجندها بعد بيع الجمل لهم - فلا أمر على ماء ولا واد الا سألوني عنه، حتى طرقنا ماء الحوأب فنبحتنا كلابها، قالوا: أي ماء هذا ؟ قلت: ماء الحوأب، قال: فصرخت عائشة بأعلى صوتها ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته ثم قالت: أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقا، ردوني - تقول ذلك ثلاثا - فأناخت وأناخوا حولها الخ.
وزاد في الكامل - بعد قوله: ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته: وقالت: انا لله وانا إليه راجعون، اني لهي - سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) اقتباس من الآية (95) من سورة التوبة: 8.
[60]
فقد جاءكم في داركم من يحثكم عليه، ويعرض عليكم رشدكم، والله يعلم أني لم أجد بدا من الدخول في هذا الامر، ولو علمت أن أحدا أولى به مني لما تقدمت إليه، وقد بايعني طلحة والزبير طائعين غير مكرهين، ثم خرجا يطلبان بدم عثمان، وهما اللذان فعلا بعثمان ما فعلا.
وعجبت لهما كيف أطاعا أبا بكر وعمر في البيعة وأبيا ذلك علي، وهما يعلمان أني لست بدون واحد منهما، مع أني قد عرضت عليهما قبل أن يبايعاني إذا أحبا بايعت لاحدهما.
فقالا: لا ننفس على ذلك، بل نبايعك ونقدمك علينا بحق، فبايعا ثم نكثا والسلام.
كتاب الجمل ص 139، ط النجف.
[61]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة أيضا
قال أبو مخنف: فلما أبطأ ابن عباس وابن أبي بكر عن علي عليه السلام، ولم يدر ما صنعا، رحل عن الربذة إلى ذي قار فنزلها، فلما نزل ذا قار بعث إلى الكوفة الحسن ابنه عليه السلام، وعمار بن ياسر، وزيد بن صوحان، وقيس بن سعد بن عبادة، ومعهم كتاب إلى أهل الكوفة، فأقبلوا حتى كانوا بالقادسية، فتلقاهم الناس، فلما دخلوا الكوفة قرأوا كتاب علي وهو: من عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى من بالكوفة من المسلمين، أما بعد فإني خرجت مخرجي [هذا] إما ضالما وإما مظلوما وإما باغيا وإما مبغيا علي، فأنشد الله (1) رجلا بلغه كتابي هذا إلا نفر إلي، فإن كنت مظلوما أعانني، وإن كنت ظالما استعتبني (2) والسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يقال: (نشده الله، ونشده بالله): استحلفه وسأله وأقسم عليه بالله.
والفعل من باب نصر وضرب، والمصدر على زنة الفلس وغلمة وغلمان - وهما جمعا غلام -.
(2) مأخوذ من العتبي: الرجوع أي لا مني على ظلمني وطلب مني الرجوع عنه.
[62]
شرح المختار الاول من كتب نهج البلاغة، من ابن أبي الحديد: ج 14، ص 11، وقريب منه جدا في المختار (57) من الباب الثاني من نهج البلاغة ونقله عن أبي مخنف في ترجمة عمار من الدرجات الرفيعة.
ونقله في المختار (364) من جمهرة الرسائل: ج 1، ص 376 عن نهج البلاغة، وشرح ابن ابي الحديد: ورواه أيضا في تاريخ الامم والملوك للطبري: ج 3 ص 512 بعد ذكر كتابه (ع) إلى أبي موسى، ولكن لم يذكر أنه (ع) كتبه إلى أهل الكوفة، بل قال بعد ذكر كتابه (ع) إلى أبي موسى: (فلما قدم الكتاب إلى أبي موسى، إعتزل (3) ودخل الحسن وعمار المسجد، فقالا: أيها الناس ان أمير المؤمنين يقول: اني خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما، واني أذكر الله عزوجل رجلا رعى لله حقا الا نفر، فان كنت مظلوما أعانني وان كنت ظالما أخذ مني، والله ان طلحة والزبير لاول من بايعني وأول من غدر، فهل استأثرت بمال، أو بدلت حكما، فانفروا فمروا بمعروف وأنهوا عن منكر).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) بل اعتزاله انما كان بعد ما رأى بأس الاشتر، ومقامع الحديد، كما رواه الطبري وغيره، فما في هذه الرواية أما اختصار للقضية ببيان بعض الخصوصيات، أو جهل من الراوي أو تجاهل منه وستر للواقع لبعض الاغراض.
[63]
ومن كتاب له عليه السلام إلى طلحة والزبير
أما بعد فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم حتى بايعوني، وإنكما لممن أراد وبايع، وإن العامة لم تبايعني لسلطان حاضر (1) فإن كنتما بايعنماني كارهين، فقد جعلتما لي عليكما السبيل، بإظهار كما الطاعة، وإسراركما المعصية، فإن كنتما بايعتماني طائعين فارجعا إلى الله من قريب.
إنك يا زبير فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) وحواريه، وإنك يا طلحة لشيخ المهاجرين، وإن دفاعكما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا هو الظاهر، وفى النسخة: (لسلطان خاص) وفى مطالب السؤول: (أما بعد فقد علمتما اني لم ارد الناس حتى ارادوني ولم ابايعهم حتى اكرهوني، وانتما ممن ارادوا بيعتي وبايعوا، ولم تبايعا لسلطان غالب ولا لعرض حاضر) الخ.
وفى المحكي عن تاريخ أعثم الكوفى: (اما بعد فاني لم ارد الناس حتى ارادوني ولم ابايعهم حتى اكرهوني، وانتما ممن اراد بيعتي).
(2) كذا في طبعة مصر، من الامامة والسياسة، وفى مطالب السؤول ص 115.
وفى المترجم من تاريخ أعثم الكوفى وانك يا زبير لفارس قريش الخ.
ومثله في الحديث (14) من (قتال اهل الجمل) من مناقب الخوارزمي ص 116، نقلا عن فتوح أعثم.
[64]
هذا الامر قبل أن تدخلا فيه، كان أوسع عليكما من خروجكما منه [بعد] إقرار كما به.
وقد زعمتما أني قتلت عثمان، فبيني وبينكما فيه بعض من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة.
وزعمتما أني آويت قتلة عثمان، فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي ثم يخاصموا إلي قتلة أبيهم، وما أنتما وعثمان إن كان قتل ظالما أو مظلوما، وقد بايعتماني وأنتما بين خصلتين قبيحتين: نكث بيعتكما وإخراجكما أمكما.
الامامة والسياسة، ص 70 ط مصر، وفي ط ص 55 كما في المختار (378) من جمهرة الرسائل ص 378.
ورواه أيضا في الفصل الثامن ممن مطالب السؤول ص 115، وهو فصل بيان شجاعته (ع).
أقول: ورواه أيضا اعثم الكوفي كما في المترجم من تاريخه ص 173 ط الهند، وكما في مناقب آل أبي طالب.
وكما في البحار: ج 8 ص 417، س 7 عكسا، ط الكمباني وكما في الحديث الثاني من الفصل الثاني، من الباب السادس عشر، من مناقب الخوارزمي ص 116.
وفي البحار، ص 419، من ج 8 قريب منه نقلا عن كشف الغمة، ورواه أيضا في المختار (54) من كتب النهج، وهو أوجز وأوفى وأوقع.
[65]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أم المؤمنين عائشة
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنك خرجت من بيتك عاصية لله عزوجل (1) ولرسوله محمد، تطلبين أمرا كان عنك موضوعا، ثم تزعمين أنك تريدين الاصلاح بين المسلمين، فخبريني ما للنساء وقود العساكر والاصلاح بين الناس.
وطلبت كما زعمت بدم عثمان، وعثمان رجل من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في المترجم من تاريح اعثم الكوفى، والفصل الثامن من كتاب مطالب السئول.
وفى الامامة والسياسة ط مصر: ص 70 (اما بعد، فانك خرجت غاضبة لله ولرسوله) الخ.
أقول: وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر ؟ ! متى كانت عائشة غاضبة لله، أحين اعتراضاتها على رسول الله طيلة حياته (ص) أم حين خالفته في قوله لها: اياك أن تكوني ممن تنبحها كلاب الحوأب أم حين خالفت صريح قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية) فنبذته وراء ظهرها وخرجت على أمام زمانها وقتلت بنيها، ومهدت الخلاف لمعاوية ومن على شاكلته.
أم حين استبشرت بقتل الامام أمير المومنين (ع) لما أخبرت به فأنشأت تقول:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما قر عينا بالاياب المسافر
وجميع ما أشير إليه ثابتة بأضعاف مضاعفة من طريق اهل السنة، فالمحصل انها كانت عاصية لله من يوم ترعرعت وعاشت إلى أن هلكت وماتت.
[66]
بني أمية وأنت امرأة من بني تيم بن مرة.
ولعمري إن الذي عرضك للبلاء، وحملك على العصبية لاعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان.
وما غضبت حتى أغضبت، ولا هجت حتى هيجت فاتق الله يا عائشة، وارجعي إلى منزلك واسبلي (2) عليك سترك.
تاريخ أعثم الكوفي - كما في ترجمته ص 174.
ط الهند - ورواه عنه في الحديث (14) من الباب الثاني من الفصل السادس عشر، من مناقب الخوارزمي ص 117.
ونقله عنه في البحار: ج 8 ص 417، س 4 عكسا، ط الكمباني.
وقريب منه جدا في فصل شجاعته عليه السلام - وهو الفصل الثامن - من مطالب السئول 115.
ورواه أيضا باختلاف طفيف في عنوان تعبئة الفئتين للقتال، في المجلد الاول من الامامة والسياسة ص 71، ط مصر، وفي ط ص 55 كما في جمهرة الرسائل: ج 1، ص 378، تحت الرقم (367).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) يقال: (أسبل الستر) وسبله (من باب نصر). أرخاه.
[67]
ومن كتابه له عليه السلام إلى أم المؤمنين وطلحة والزبير
أرسل عليه السلام رسولا إليهم وقال له: قل لها: ما أطعت الله ولا رسوله، حيث أمرك الله بلزوم بيتك فخرجت ترددين العساكر (1).
وقل لهما: ما أطعتما الله ولا رسوله حيث خلفتم حلائلكم في بيوتكم وأخرجتم حليلة رسول الله.
الحديث الرابع من الباب الخامس من كتاب بصائر الدرجات ص 67.
ورواها أيضا في كتاب الخرائج، والمناقب.
ورواها عنهم في البحار: ج 8 ص 415، س 13، ط الكمباني، وفي الحديث (100) من الباب الحادي عشر، من اثبات الهداة: ج 4 ص 498، وص 433 نقلا عن البصائر والكافي.
ومن رسالة له عليه السلام إلى أم المؤمنين عايشة
ولما ظعن أمير المؤمنين عليه السلام من ذي قار، قدم عليه السلام صعصعة ابن صوحان وكتب معه إلى عائشة وطلحة والزبير، فرجع إليه صعصعة وقال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفى البصائر المطبوعة: (فخرجت ترددين في العساكر، وقل لهم).
[68]
يا أمير المؤمنين ان القوم لا يريدون الا قتالك، فدعا عبد الله بن عباس، وقال له: انطلق إليهم فناشدهم وذكرهم العهد الذي في رقابهم، قال ابن عباس فخرجت إليهم روجعت آيسا إلى علي أمير المؤمنين (ع) وقد دخل البيوت بالبصرة، فقال ما وراؤك.
فأخبرته الخبر.
فقال: اللهم افتح بيننا بالحق وأنت خير الفاتحين، ثم قال: ارجع إلى عايشة واذكر لها خروجها من بيت رسول الله (ص) وخوفها من الخلاف على الله عزوجل، ونبذها عهد النبي (ص) (1) وقل لها: إن هذه الامور لا تصلحها النساء، وإنك لم تؤمري بذلك، فلم ترضي بالخروج عن أمر الله في تبرجك [وخروجك من ظ] بيتك الذي أمرك النبي بالمقام فيه، حتى سرت إلى البصرة، فقتلت المسلمين وعمدت إلى عمالي فأخرجتهم وفتحت بيت المال، وأمرت بالتنكيل بالمسلمين وأبحت دماء الصالحين، فارعي وراقبي الله عزوجل، فقد تعلمين أنك كنت أشد الناس على عثمان.
فما عدا مما بدا (2).
كتاب الجمل للشيخ المفيد (ره) ص 168، ط النجف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا تلخيص ما ذكره الشيخ المفيد (ر) في كتاب الجمل، وليس بنص كلامه.
ثم ليعلم أني من بدء شروعي إلى الآن - وهو اليوم الاول من شهر محرم الحرام من سنة 1388 ه - لم أعثر بالكتاب الذي كتبه (ع) إلى طلحة والزبير وعايشة، وأرسله على يد صعصعة بن صوحان (ره) من (ذي قار) إليهم.
(2) يقال: (عداه عن الامر): صرفه. و (بدا لي الشئ): ظهر. وكلمة (من) في قوله: (مما بدا) بمعنى (عن) أي ما الذي صرفك عما بدا وظهر منك، أو ما الذي صرفك عني بعد ما بدا وظهر منك. قال السيد الرضي (ره): هو عليه السلام أول من سمعت منه هذه الكلمة أعني (فما عدا مما بدا).
[69]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل المدينة بعدما افتتحت البصرة
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله [أمير المومنين] علي ابن أبي طالب [إلى أهل المدينة [سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، فإن الله بمنه وفضله وحسن بلائه (1) عندي وعندكم حكم عدل، وقد قال سبحانه في كتابه - وقوله الحق -: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوء فلامرد له ومالهم من دونه من وال) [11 - الرعد: 13] وإني مخبركم عنا وعمن سرنا إليه من جموع أهل البصرة ومن سار إليهم من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير ونكثهما على ما قد علمتم من بيعتي وهما طائعان غير مكرهين فخرجت من عندكم بمن خرجت ممن سارع إلى بيعتي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البلاء: النعمة. الاختبار بالخير وبما يكره ويشق.
[70]
وإلي الحق، حتى نزلت ذاقار، فنفر معي من نفر من أهل الكوفة، وقدم طلحة والزبير البصرة وصنعا بعاملي عثمان بن حنيف ما صنعا فقدمت إليهم الرسل، وأعذرت كل الاعذار، ثم نزلت ظهر البصرة فأعذرت بالدعاء، وقدمت الحجة، وأقلت العثرة والزلة، واستعتبتهما (2) ومن معهما ممن نكث بيعتي ونقض عهدي فأبوا إلا قتالي وقتال من معي والتمادي في الغي فلم أجد بدا في مناصفتهم بالجهاد، فقتل الله من قتل منهم ناكثا، وولى من ولى منهم، فأغمدت [ظ] السيوف عنهم وأخذت بالعفو فيهم، وأجريت الحق والسنة في حكمهم، واخترت لهم عاملا، واستعملته عليهم وهو عبد الله بن عباس، وإني سائر إلى الكوفة إن شاء الله تعالى.
وكتب عبيد الله بن أبي رافع في جمادي الاولى سنة ست وثلاثين من الهجرة.
كتاب الجمل ص 211.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) أي طلبت منهما الرجوع إلى الحق، يقال: (استعتبه): طلب منه العتبى: الرجوع. الاستعطاف والاسترضاء.
[71]
أقول: واشار إلى هذا الكتاب برواية الواقدي شيخ الطائفة (ره) في تلخيص الشافي: ج 3 ص 137، ط النجف.
ومن كتاب له عليه السلام كتبه بعد انقضاء حرب الجمل إلى أخته أم هاني
سلام عليك، أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنا التقينا مع البغاة والظلمة في البصرة، فأعطانا الله تعالى النصر عليهم بحوله وقوته، وأعطاهم سنة الظالمين، فقتل كل من طلحة والزبير و عبد الرحمان بن عتاب، وجمع لا يحصى، وقتل منا بنو مخدوع وابنا صوحان وعلباء وهند فيمن يعد من المسلمين رحمهم الله والسلام.
كتاب الجمل للشيخ المفيد رحمه الله، ص 212 ط النجف.
[72]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة أيضا
الطبري عن السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد طلحة، قالا: كتب علي (ع) بالفتح إلى عامله بالكوفة حين كتب في أمرها وهو يومئذ بمكة (1): من عبد الله أمير المؤمنين، أما بعد فإنا التقينا في النصف من جمادى الآخرة بالخريبة (2) فناء من أفنية البصرة، فأعطانا الله عزوجل (ظ) سنة المسلمين، وقتل منا ومنهم قتلى كثيرة وأصيب ممن أصيب منا ثمامة بن المثنى وهند بن عمرو وعلباء بن الهيثم، وسيحان وزيد ابنا صوحان ومحدوج (كذا).
وكتب عبد الله بن رافع، وكان الرسول زفر بن قيس إلى الكوفة بالبشارة في جمادي الآخرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل الضمير في قوله: (هو) راجع إلى (عامله) أي كان عامله عليه السلام بمكة.
(2) قيل: وهي البصيرة الصغرى.
[73]
تاريخ الامم والملوك: ج 3، ص 545، ورواه في جمهرة الرسائل: ج 1 ص 379 تحت الرقم (370) عن تاريخ الطبري: ج 5 ص 224.
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة أيضا برواية أخرى
بسم الله الرحمن الرحيم من علي أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة، سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن الله حكم عدل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له، وما لهم من دونه من وال (1) وإني أخبركم عنا وعمن سرنا إلهى من جموع أهل البصرة ومن سار إليه من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير بعد نكثهما صفقة أيمانهما (2) فنهضت من المدينة حين انتهى إلى خبرهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اقتباس من الاية الحادية عشرة من سورة الرعد: 13.
(2) الصفقة - كضربة -: ضرب اليد على اليد في البيع، تستعار لعقد البيعة، وهو المراد هنا وفى أمثال المقام. والنكث - كضرب -: النقض.
[74]
وما صنعوه بعاملي عثمان بن حنيف، حتى قدمت ذاقار، فبعثت إليكم ابني الحسن وعمار وقيسا فاستنفروكم لحق الله وحق رسوله وحقنا، فأجابني إخوانكم سراعا حتى قدموا علي بهم وبالمسارعة إلى طاعة الله (كذا) حتى نزلت ظهر البصرة فأعذرت بالدعاء، وأقمت الحجة، وأقلت العثرة والزلة من أهل الردة من قريش وغيرهم واستعتبتهم عن نكثهم بيعتي وعهد الله لي عليهم (3) فأبوا إلا قتالي وقتال من معي والتمادي في البغي.
فناهضتهم بالجهاد، وقتل من قتل منهم وولى إلى مصرهم من ولى، فسألوني ما دعوتهم إليه من كف القتال، فقبلت منهم وغمدت السيوف عنهم، وأخذت بالعفو فيهم وأجريت الحق والسنة بينهم، واستعملت عبد الله بن عباس على البصرة، وأنا سائر إلى الكوفة إنشاء الله تعالى.
وقد بعثت إليكم زجر بن قيس الجعفي لتسألونه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) واستعتبتهم: طلب منهم العتبى (الرجوع عن الفي.
[75]
يخبركم عنا وعنهم، وردهم الحق علينا، وردهم الله وهم كارهون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتب عبيد الله بن أبي رافع في جمادي الاولى سنة ست وثلاثين.
كتاب الجمل ص 213 ط 3.
أقول: ورواه في تلخيص الشافي: (ج 3 ص 135، ط النجف عن الواقدي.
وقريب منه جدا في الفصل الثامن والعشرين من مختار كلمه (ع) في الارشاد، ص 137، ط النجف.
ومن كتاب له عليه السلام كتبه إلى عماله في الآفاق بعد فتح البصرة
قال الشيخ المفيد قدس الله نفسه: وكتب (ع) بالفتح إلى عماله في الآفاق في كلام طويل وكان فيه: إن الله تعالى قتل طلحة والزبير على بغيهما وشقاقهما ونكثهما وهزم جمعها ورد عائشة خاسرة.
الفصل (58) من الجزه الاول، من كتاب الفصول المختارة ص 94.
[76]
ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة أيضا
قال معلم الامة الشيخ المفيد تغمده الله برضوانه: وفي رواية عمر بن سعد، عن يزيد بن الصلت، عن عامر الاسدي، ان عليا (ع) كتب بعد فتح البصرة مع عمر بن سلمة الارحبي إلى أهل الكوفة: من عبد الله [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب إلى قرضة بن كعب ومن قبله من المسلمين سلام عليكم، فإني أحمد الله الذي لا إله الا هو.
أما بعد فإنا لقينا القوم الناكثين لبيعتنا المفرقين لجماعتنا الباغين علينا من أمتنا فحاججناهم إلى الله فنصرنا الله عليهم وقتل طلحة والزبير، وقد تقدمت إليهما بالنذر، وأشهدت عليهما صلحاء الامة ومكنتهما في البيعة (كذا) فما أطاعا المرشدين، ولا أجابا الناصحين، ولاذ أهل البغي بعايشة، فقتل حولها جمع لا يحصي عددهم إلا الله، ثم ضرب الله وجهه بقيتهم فأدبروا، فما كانت
[77]
ناقة الحجر بأشأم منها على ذلك المصر (1) مع ما جاءت به من الحوب الكبير (2) في معصيتها لربها ونبيها من الحرب، واغترار من اغتر بها، وما صنعته من التفرقة بين المؤمنين وسفك دماء المسلمين، [و] لا بينة ولا معذرة ولا حجة لها فلما هزمهم الله أمرت أن لا يقتل مدبر ولا يجهز على جريح، ولا يهتك ستر ولا يدخل دار إلا باذن أهلها (3) وقد آمنت الناس، واستشهد منا رجال صالحون ضاعف الله لهم الحسنات، ورفع درجاتهم، وأثابهم ثواب الصابرين، وجزاهم من أهل مصر عن أهل بيت نبيهم أحسن ما يجزى العاملين بطاعته، والشاكرين لنعمته، فقد سمعتم وأطعتم ودعيتم فأجبتم فنعم الاخوان والاعوان على الحق أنتم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتب عبيد الله بن ابي رافع في رجب سنة ست وثلاثين (كذا).
كتاب الجمل ص 215 ط 3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر ان المراد من ناقة الحجر هو ناقة صالح عليه السلام.
(2) الحوب - بضم الحاء وسكون الواو -: الاثم.
(3) وهذا من المتواترات عنه عليه السلام رواه الطبري في تاريخه: ج 3 ص 506 س 8، والشيخ الطوسي والمفيد في الحديث (7) من المجلس الثالث من أماليه، وغيرهم.