[124]
ومن كتاب له عليه السلام كتبه لمصدقه الذي بعثه لجباية صدقات الانعام
محمد بن يعقوب الكليني قدس الله روحه، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن مقرن بن عبد الله بن زمعه ابن سبيع، عن أبيه عن جده، عن جد أبيه، ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كتب له في كتابه الذي كتب له بخطه حين بعثه على الصدقات: من بلغت عنده من الابل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقه، فإنه تقبل منه الحقة (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجذعة - على زنة القصبة - من الابل: ما دخلت في السنة الخامسة سميت بذلك لانها تجذع أي تسقط مقدم أسنانها، والجمع جذعات، كقصبة وقصبات، والحقة - كرقة ودقة (: هي التي دخلت في الرابعة، والجمع حقق - كسدرة وسدر - وانما سميت حقة لانها تستحق ان يحمل عليها وينتفع بها.
وبنت اللبون - أو ابنة اللبون: هي التي دخلت في السنة الثالثة وانما سميت بذلك لان أمها ولدت غيرها فصارت ذات لبن.
وبنت المخاض: هي التي دخلت في السنة الثانية: وقيل لها: بنت مخاض لان أمه لحقت بالمخض أي بالحوامل وان لم تكن حاملا.
قال الجوهرى: (وابن مخاض - ومثله ابنة مخاض - نكرة فإذا أردت تعريفه أدخلت عليه الالف واللام الا انه تعريف جنس).
[125]
ويجعل معها شاتين أو عشرين درهم ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنه تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده حقة فإنه تقبل منه الحقة، ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما، ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون، وعنده ابنة مخاض فإنه تقبل منه ابنة مخاض، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهما، ومن بلغت صدقته ابة مخاض وعنده ابنة لبون فإنه تقبل منه ابنة لبون، ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما، ومن لم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها (2) وعنده ابن لبون ذكر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) أي بأن يكون ما عنده أما أعلى منها - بأن دخلت في السنة الثالثة فصارت بنت لبون - أو أدون منها - بأن لم يدخل في السنة الثانية.
[126]
فإنه تقبل منه ابن لبون وليس معه شئ، ومن لم يكن معه شئ إلا أربعة من الابل، وليس له مال غيرها فليس فيها شئ - إلا أن يشاء ربها - فإذا بلغ ماله خمسا من الابل ففيها شاة.
الحديث السابع من الباب (22) من كتاب الزكاة من الكافي: ج 3 / 540
[127]
ومن كتاب له عليه السلام أجاب به عبدالله بن عمر
قال القاضي نعمان: وقطع أمير المؤمنين علي عليه السلام العطاء عمن لم يشهد معه الحرب، وأقامهم مقام اعراب المسلمين، فكتب إليه ابن عمر يسأله العطاء، فكتب أمير المؤمنين عليه السلام في جوابه: شككت في حربنا فشككنا في عطائك.
الحديث العاشر من قتال أهل البغي، من كتاب الجهاد، من دعائم الاسلام ج 1، ص 392، مصر.
ومن كتاب له عليه السلام في جواب كتاب كتبه إليه أسامة بن زيد
روى ابن أبى الحديد، عن عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيى بن عروة بن الزبير، قال: كان أبي إذا ذكر عليا نال منه، وقال لي مرة: يا بني والله ما أحجم الناس عنه الا طلبا للدنيا (1)، لقد بعث إليه أسامة بن زيد (أن ابعث الي بعطائي، فو الله انك لتعلم لو كنت في فم أسد لدخلت معك)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال يحيى: فكنت اعجب من وصفه اياه بما وصفه به، ومن عيبه له وانحرافه عنه.
[128]
فكتب أمير المؤمنين عليه السلام إليه: إن هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت.
شرح المختار - (57) من الباب الاول من نهج البلاغة، من شرح ابن أبي الحديد: ج 4 ص 102، ورواه قبله ابراهيم بن محمد الثقفي (ره) في كتاب الغارات، كما رواه عنه في الحديث (36) من كتاب الجهاد، من مستدرك الوسائل: ج 2 ص 261، ورواه أيضا في الحديث الثاني من المجلس (43) من أمالي ابن الشيخ ص 85 ط طهران.
أقول: هذا المضمون المروي بهذين الطريقين هو الراجح عندي وله مؤيدات، دون ما رواه ابي عمر والكشي (ره) في الحديث الاخير، من ترجمة أسامة من رجاله ص 41 ط النجف، قال: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني، قال: حدثني جعفر بن محمد المدائني، عن موسى بن القاسم العجلي، عن صفوان، عن عبد الرحمان ابن الحجاح، عن أبي عبد الله [الامام الصادق] عن آبائه عليهم السلام، قال: كتب [أمير المؤمنين] علي عليه السلام إلى والي المدينة: لا تعطين سعيدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا فأما أسامة بن زيد، فاني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه.
ونقله عنه، في الحديث الرابع من الباب (35) من كتاب الايمان من مستدرك الوسائل: ج 3 ص 57.
وروى ابن سعد في القسم الاول من الجزء الرابع من طبقاته ترجمة أسامة ص 50 قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمر، قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي، قال: حدثني
[129]
حرملة مولى أسامة - قال عمر: وقد رأيت حرملة - قال: ارسلني اسامة إلى علي فقال: اقرأه السلام وقل له: انك لو كنت في شدق الاسد لا حببت ان أدخل معك فيه، ولكن هذا امر لم اره.
قال: فأتيت عليا فلم يعطني شيئا، فأتيت الحسن وابن جعفر فأوقرا لي راحلتي.
ومن كتاب له عليه السلام أجاب به ما كتبه إليه ابن عباس (ره) قال نصر بن مزاحم (ره): وكان علي [ع] قد استخلف [عبد الله] ابن عباس على البصرة، فكتب ابن عباس إلى علي [عليه السلام] يذكر له اختلاف أهل البصرة [بعد ارتحاله (ع) منها] فكتب (ع) إليه: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس.
أما بعد فالحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله.
أما بعد (1) فقد قدم علي رسولك.
وذكرت ما رأيت وبلغك عن أهل البصرة بعد انصرافي (عنهم) وسأخبرك عن القوم: هم بين مقيم لرغبة يرجوها أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من هنا إلى آخره ذكره ابن أبي الحديد، دون ما قبله، وهكذا كان دأب الرواة قبله، فانهم يذكرون من الكلام ما يعجبهم، وأما البسملة، والحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه واله)،: فانهم كثيرا ما يسقطونه من الكلام، وهذا هو السر في عدم ذكر البسملة وما يتبعها من الحمد والصلوات في بعض الكلم المروية عن أمير المؤمنين (ع).
[130]
خائف من عقوبة يخشاها، فأرغب راغبهم بالعدل عليه والانصاف له والاحسان له، وحل عقدة الخوف عن قلوبهم، فإنه ليس لامراء أهل البصرة في قلوبهم عظم، إلا قليلا منهم، وانته إلى أمري ولا تعده وأحسن إلى هذا الحي من ربيعة، وكل من قبلك فأحسن إليهم ما استطعت إن شاء الله والسلام.
وكتب عبيد الله بن أبي رافع في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين.
كتاب صفين ص 105 / ط مصر، وفي ط ص 124، ورواه عنه ابن أبي الحديد، في شرح المختار (46) من خطب نهج البلاغة: ج 3 / 183 ونقله عنه أيضا المجلسي الوجيه (ره) في البحار: ج 8 ص 475 س 4 عكسا وص 505 س 7 عكسا.
وقريب منه في المختار (43) من لمع كلامه (ع) في كتاب نزهة الناظر، ص 21 ط النجف.
[131]
ومن كتاب له عليه السلام كتبه إلى بعض أصحابه واعظا له (1)
ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني قدس الله نفسه، عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة، قال قال أبو عبد الله [الامام الصادق] عليه السلام، كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى بعض أصحابه يعظه: أوصيك ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته، ولا يرجى غيره ولا الغنى إلا به، فإن من اتقى الله [عزوجل خ] عز وقوي، وشبع [وسمع خ] وروي (2) ورفع عقله عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الخليل - على ما حكي عنه -: الوعظ: هو التذكير بالخير في ما يرق له القلب، والعظة والموعظة: الاسم. وعن الراغب انه قال: الوعظ زجر مقترن بتخويف.
(2) الوصية هي التقدم إلى الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ، من قولهم: ارض واصية: متصلة النبات.
وقوله (ع): (فان من اتقى الله) علة للوصية اي من اتقى الله سيعزز بعزة واقعية ربانية لا تزول باذلال الناس، وقوله (ع) (وقوي - على زنة روي، وهما من باب علم - أي يقوى بقوة ربانية معنوية لا تشبه القوى البدنية، كما روي عنه (ع) انه قال: (ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، بل بقوة ربانية).
وقوله (ع): (وشبع وروي) أي يحصل له ما يشبعه ويرويه من غير اكتساب، كما قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب). أو شبع بالعلوم الدينية، وارتوى بزلال الحكمة الالهية.
[132]
أهل الدنيا فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة (3) فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا، فقذر حرامها وجانب شبهاتها، وأضر [وأخذ خ] والله بالحلال الصافي إلا مالا بد له، من كسرة يشد بها صلبه، وثوب يواري به عورته، (4) من أغلظ ما يجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) قوله (ع): (ترفع عقله) على بناء المجهول، أي صار عقله ارفع من عقولهم.
أو أرفع من ان ينظر إلى الدنيا واهلها ويلتفت إليهم، ويعتني بشأنهم الا لهدايتهم وارشادهم فبدنه مع أهل الدنيا لكونه من جنس أبدانهم في الصورة الجسدانية، وعقله وقلبه - لشدة يقينه وتفانيه في حب الله (معاين الآخرة لتخليته عن العلائق الجسمانية.
(4) من للتبعيض أو البيان، والثاني هو الظاهر، واسناد الابصار إلى الحب على المجاز.
أو نفترض المصدر بمعنى اسم المفعول.
أو ان الكلمة: (حب) بكسر الحاء، قال في القاموس: الحب - بالكسر -: المحبوب، والجمع أحباب.
وقوله (ع): (فقذر حرامها) أي عده قذرا نجسا يجب اجتنابه، أو كرهه يقال: (قذرت الشئ وتقذرته واستقذرته) - من باب علم وتفعل واستفعل -: كرهته.
وقوله (ع): (وجانب شبهاتها) أي المشتبهات بالحرام من جهة الشبهة الموضوعية واختلاط الامور الخارجية كأموال الظلمة، فيكون ارتكابه مكروها على المشهور، أو المشتبهات بالحرام من جهة الشبهة الحكمية وعدم وضوح حكمها في الشريعة من جهة فقدان الدليل أو اجماله أو تعارضه، فيكون اجتنابه مستحبا على المشهور، ولعله (ع) لذلك غير السياق، فقال في الاول: (فقذر) وفى الثاني: (وجانب) قوله (ع): (وأضر) اما على بناء المعلوم أو المجهول وعلى الاول فهو كناية من الترك وعدم الاعتناء، وعلى الثاني فالمعنى: ان يعد نفسه متضررة به، أو يتضرر به لعلو حاله بالحلال الصافى من الشبهة، فكيف بالحرام والشبهة.
هذا ملخص ما افاده المجلسي الوجيه.
والكسرة: القطعة من الشئ المكسور، والجمع: الكسر والكسرات والكسرات.
[133]
وأخشنه، ولم يكن له فيما لا بد له منه ثقة ورجاء، فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الاشياء، فجد واجتهد وأتعب بدنه حتى بدت الاضلاع وغارت العينان، فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله، وما ذخر له في الآخرة أكثر.
فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم ويذل الرقاب، فتدارك ما بقي من عمرك، ولا تقل غدا [أ] وبعد غد، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الاماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة، وقد أسلمهم الاولاد والاهلون.
فانقطع إلى الله بقلب منيب من رفض الدنيا، وعزم
[134]
ليس فيه انكسار ولا انخزال، أعاننا الله وإياك على طاعته، ووفقنا الله وإياك لمرضاته (5).
الحديث الثالث والعشرون من الباب الواحد والستين من كتاب الايمان والكفر، من أصول الكافي: ج 2 / 136 / ورواه أيضا في تنبيه الخواطر ج 2 / 505، ورواه عن الكافي في الحديث (40) من الباب (23) من القسم الثالث من المجلد الخامس عشر من البحار ص (86 / س 16، ورواه ايضا عن الكافي مستدرك البحار: ج 17 / 303 / س 14.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) قوله (ع): (وعزم عطف على قوله: (قلب منيب) والمنيب: التائب الراجع المقبل إلى الله وقوله (ع): (من رفض الدنيا) كلمة (من) تعليلية اما للانقطاع أو الانابة. أو الانكسار: الوهن. والانخزال: التثاقل.
[135]
ومن كتاب له عليه السلام ابن ادريس قدس الله نفسه
عن ابن قولويه رحمه الله، عن جميل [بن دراج رضى الله عنه] قال قال أبو عبد الله [الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام]: بلغ أمير المؤمنين (ع) موت رجل من أصحابه، ثم جاء خبر آخر انه لم يمت فكتب (ع) إليه: بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد فإنه قد كان أتانا خبر ارتاع له إخوانك (1) ثم جاء تكذيب الخبر الاول، فأنعم ذلك أن سررنا، وإن السرور وشيك الانقطاع، سيبلغه [يبلغه] عما قلبل تصديق الخبر الاول (2) فهل أنت كائن كرجل قد ذاق الموت وعاين ما بعده فسأل الرجعة (3) فأسعف بطلبته، فهو متأهب ينقل ما سره من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفي المحكي عن كتاب المواعظ للعسكري:: (أما بعد انه قد كان أتانا خبر ارتاع له أصحابك) الخ يقال: (ارتاع له ومنه) أي فزع منه، وتفزع.
(وفى المحكي عن كتاب المواعظ: (فأنعم ذلك ان سرنا، وان السرور بسبيل الانقطاع، يستتبعه عما قليل تصديق الخبر الاول) الخ (3) هذا هو الظاهر الموافق للسياق، المعاضد بما في كنز العمال والبحار وفى المطبوع من السرائر: (يسأل الرجعة) وفى المحكي عن كتاب المواعظ: (فهل انت كائن كرجل قد رأى الموت وعاين ما بعده فسأل الرجعة، فأسعف بطلبته فهو متأهب آئب، ينقل ما يسره من ماله إلى دار قراره) يقال: (سعفه - من باب منع - بحاجته سعفا واسعفه بها): قضاها له. و (أسعفه على الامر): أعانه وساعده.
[136]
ماله إلى دار قراره، لا يرى أن له مالا غيره.
واعلم أن الليل والنهار لم يزالا دائبين في قصر [نقص خ ل] الاعمار (4) وإنفاد الاموال وطي الآجال، هيهات هيهات قد صبحا عادا وثمود وقرونا بين ذلك كثيرا (5) فأصبحوا قد وردوا على ربهم وقدموا على أعمالهم، والليل والنهار غضان جديدان، لا يبليهما مامرا به، يستعدان لمن بقي أن يصيباه من أصابا من مضى (6).
واعلم [انك] إنما أنت نظير إخوانك وأشباهك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) وفى المحكي عن المواعظ: (دائبين في نقض الاعمار) أقول: معنى قوله (ع): (دائبين) اي مجدين مستمرين يقال: دأب - من باب منع - دأبا ودأبا ودؤبا في العمل): جد وتعب واستمر عليه فهو دائب ودؤب، والمصدر كفلس وفرس وسرور.
(5) وفى المحكي عن المواعظ: (هيهات هيهات قد صحبا عادا) الخ أقول: وهو أظهر.
(6) اي يبليانه ويهلكانه كما أبليا وأهلكا من كان قبله.
[137]
مثلك كمثل الجسد (7) قد نزعت قوته، فلم يبق [فيه] إلا حشاشة نفسه ينتظر الداعي، فتعوذ بالله مما تعظ به ثم تقصر عنه (8).
المستطرف العشرون من كتاب السرائر، ص 467 ط ايران.
ورواه عنه في الحديث (24) من الباب (4) من أبواب الموت من البحار: ج 3 / 129 / ط الكمباني، وفي ط 3 ص 134 / ج 6.
ورواه أيضا في الحديث (3534) من كنز العمال: ج 8 / 219 ط الهند، نقلا عن العسكري في كتاب المواعظ.
ومن كتاب له عليه السلام إلى كعب بن مالك
أما بعد فاستخلف علي عملك واخرج في طائقة من أصحابك حتى تمر بأرض السواد كورة كورة فتسألهم عن عمالهم وتنظر في سيرتهم، حتى تمر بمن كان منهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) جملة: (قد نزعت قوته) حالية، اي انما حالكم كحال الجسد حال كونه منزوع القوة.
(8) هذا هو الظاهر، وما في نسخة السرائر فهو مصحف.
[138]
في ما بين دجلة والفرات، ثم ارجع إلى البهقباذات (1) فتول معونتها، واعمل بطاعة الله في ما ولاك منها.
واعلم أن الدنيا فانية، وأن الآخرة باقية، وأن عمل ابن آدم محفوظ عليه، وأنك مجزي بما أسلفت، وقادم على ما قدمت من خير، فاصنع خيرا تجد خيرا.
كتاب الخراج، ص 141.
والمختار (548) من جمهرة الرسائل: ج 1 ص 603 ط 1.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قيل: هي اسم لثلاث كور ببغداد من أعمال سقي الفرات، منسوبة إلى قباذ بن فيروز.
[139]
ومن كتاب له عليه السلام لمخنف بن سليم الازدي
قال القاضي نعمان (ره): واستعمل [أمير المؤمنين] عليه السلام مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادعى أنه أدى صدقته إلى عمال الشام - وهو في حوزتنا ممنوع قد حمته خيلنا ورجالنا - فلا تجز له ذلك - وإن كان الحق على ما زعم (1)، فإنه ليس له أن ينزل بلادنا ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا.
الحديث السابع من باب دفع الصدقات، من دعائم الاسلام: ج 1، ص 259.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي وان كان دفع صدقته إلى عمال الشام، وهو صادق فيما يقول.
[140]
ومن كتاب له عليه السلام
ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني رفع الله مقامه، عن ابن محبوب عن مالك بن عطية، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، قال: أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل قد قتل رجلا خطأ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: من عشيرتك وقرابت ؟ فقال: ما لي بهذه البلدة ولا قرابة.
قال: فقال فمن اي أهل البلدان أنت ؟ فقال: أنا رجل من اهل الموصل ولدت بها ولي بها قرابة وأهل بيت.
قال: فسأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة، فكتب إلى عامله على الموصل: أما بعد فإن فلان بن فلان وحليته كذا وكذا (1) قتل رجلا من المسلمين خطاء فذكر أنه رجل من الموصل (2) وأن له بها قرابة وأهل بيت، وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان بن فلان وحليته كذا وكذا، فإذا ورد عليك إن شاء الله وقرأت كنابي فافحص عن أمره وسل عن قرابته من المسلمين، فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عدم التصريح باسم القاتل ونعته اما لعدم تعلق الغرض به، أو لجهل الراوي أو نسيانه مشخصاته.
(2) وفى دعائم الاسلام: (وقد ذكر انه رجل من أهل الموصل) الخ.
[141]
له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك ثم انظر، فإن كان منهم رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية، وخذه بها نجوما (3) في ثلاث سنين، فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته (كذا) سواء في النسب، وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه في النسب سواء، ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين (4) ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية، واجعل على قرابته من قبل أمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) وفى دعائم الاسلام: (فإذا ورد عليك ان شاء الله، وقرأت كتابي هذا فافحص عن أمره وسل عن قرابته من المسلمين فاجمعهم اليك، ثم انظر فان كان منهم رجل يرثه، له سهم في كتاب الله لا يحجبه عن ميراثه أحد) الخ.
ومعنى قوله (ع): (نجوما) اي في أوقات معينة.
(4) وفى دعائم الاسلام: (وان لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكان قرابته سواء في النسب، وكان له قرابة من قبل أبيه وقرابته (كذا) من قبل أمه سواء في النسب فاقض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل امه من الرجال المذكورين من المسلمين) وقوله (ع): (ففض الدية) فرقه وقسمه عليهم.
وهو من باب (مد) وأما على رواية الدعائم فهو مأخوذ من قولهم: (قضى الامر له) حكم به عليه واوجبه والزمه به.
وهو من باب (رمى).
[142]
ثلث الدية (5) وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففض الدية على قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين (6) فإن لم يكن له قرابة من قبل أمه ولا قرابة من قبل أبيه ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها ونشأ، ولا تدخلن فيهم غيرهم من أهل البلد (7) ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفيه إن شاء الله، وإن لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ولا يكون من أهلها وكان مبطلا فرده إلي مع رسولي فلان ابن فلان إن شاء الله فأنا وليه والمؤدي عنه، ولا أبطل دم امرء مسلم (8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) وفى الدعائم: (على قرابته من قبل أمه من الرجال ثلث الدية) (6) وفى الدعائم: (من الرجال المذكورين من المسلمين) الخ ومعنى قوله (ع): (استادهم الدية): خذها منهم.
من قولهم: (استأدي المال) اخذه.
(7) وفى الدعائم (وان لم يكن له قرابة من قبل ابيه ولا قرابة من قبل امه فاقض الدية على أهل الموصل ممن ولدبها، ولاتنأ، ولا تدخل فيهم غيرهم من أهل البلدان، ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفي ان شاء الله) الخ.
(8) وفى الدعائم: (وان لم يكن لفلان بن فلان من قرابة من اهل الموصل ولم يكن من أهلها فاردده الي مع رسول فلان، فأنا وليه المؤدي عنه. لا يطل دم امرئ مسلم). يقال: (طل الدم - من باب منع - طلا، وطل وأطل - والثانيان على بناء المجهول -: هدر أو لم يثأر له، فهو طليل ومطلول ومطل. وأطل الدم: أهدره.
[143]
الحديث الثاني من الباب (53) من كتاب الديات من الكافي: ج 7 / 365، ورواه أيضا في الحديث الثاني من الفصل الرابع من كتاب الديات - وهو الحديث (1446) - من المجلد الثاني من دعائم الاسلام، ص 412 باختلاف طفيف في بعض ألفاظه، ولعله من تحريفات الكتاب أو المطابع، ورواه أيضا في أول فصل: قضايا أمير المؤمنين بعد بيعة العامة له (ع) من مناقب آل ابي طالب: ج 2 / 195 / ط النجف عن الاحكام الشرعية عن الخراز القمي عن سلمة بن كهيل، قال: أتي أمير المؤمنين (ع) برجل قتل رجلا خطأ الخ.
[144]
ومن كتاب له عليه السلام كان يكتبه إلى ولاته إذا بلغه عن أحد منهم خيانة
قال أبو عمر: وكان [أمير المؤمنين] عليه السلام يخص بالولايات أهل الديانات والامانات، وإذا بلغه عن أحدهم خيانة كتب إليه: قد جاءتكم موعظة من ربك فأوفوا الكيل والميزان بالقسط، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين، بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين، وما أنا عليكم بحفيظ.
إذا أتاك كتابي فاحتفظ بما في يديك من أعمالنا حتى نبعث إليك من يتسلمه منك.
ثم [كان] عليه السلام يرفع طرفه إلى الماء ويقول: أللهم إنك تعلم أنى لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك.
ترجمة أمير المؤمنين (ع) من الاستيعاب: ج 3 ص 1111، ط مصر.
ورواه في الحديث (27) من الباب (107) من البحار: ج 41 ط الجديد ص 119، عن مطالب السئول ص 93.
ثم قال ابو عمر: وخطبه (عليه السلام) ومواعظه ووصاياه لعماله كثيرة مشهورة، وهي حسان كلها
[145]
يطول الكتاب بذكره.
أقول: وللكتاب شواهد ومصادر تأتي بعد ذلك ورواه في الحديث (27) من الباب (107) من البحار ج 41، ط الحديثة، ص 119، عن مطالب السئول ص 93.
ومن كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله
روى اليعقوبي (ره) عن الزهري قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز يوما فبينما أنا عنده إذ أتاه كتاب من عامل له، يخبره ان مدينته قد أحتاجت إلى مرمة (1) فقلت له ان بعض عمال [أمير المؤمنين] علي بن أبي طالب (عليه السلام) كتب إليه بمثل هذا، فكتب (ع) إليه: أما بعد فحصنها بالعدل، ونق طرقها من الجور (2) [فإنه مرمتها والسلام] (3).
ترجمة عمر بن عبد العزيز من تاريخ اليعقوبي: ج 3، ص 51، ط النجف.
وقال ابن عساكر - في ترجمة عمر بن عبد العزيز، من تاريخ دمشق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المرمة: الاصلاح، من قولهم: رم البنا - من باب فر - ومد - رما ومرمة -: أصلحها.
(2) وفى رواية ابن عساكر: (ونق طرقها من الظلم).
(3) بين المعقوفين ليس في تاريخ اليعقوبي وانما هو في رواية ابن عساكر فان قيل: لا يستفاد من رواية ابن عساكر أن هذه الالفاظ لامير المؤمنين (ع) فكيف زدت على الفاظه (ع) ونسبتها إليه (ع) قلت: أما أنا فلا يعتريني شك في انها له (ع) فان كنت اهلا فخذها وكن من الشاكرين، والا فسلام عليك فامض عني بسلام، ولا تغفل عما نصبنا من القرينة في الكلام.
[146]
ج 41 / 451 -: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم، أنبأنا رشا بن نظيف انبأنا الحسن بن اسماعيل، انبأنا احمد بن مروان، انبأنا محمد بن عبد العزيز قال: سمعت ابن عايشة يقول: كتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز إليه: أما بعد فإن مدينتنا قد خربت، فان رأى امير المؤمنين ان يقطع لنا مالا نرمها به.
فوقع [عمر بن عبد العزيز] في كتابه: أما بعد فحصنها بالعدل - إلى آخر ما تقدم -.
ومن كتاب له عليه السلام أجاب به ما كتبه إليه بعض مواليه
ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني عطر الله تربته، عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن ابي عبد الله [الامام جعفر الصادق] عليه السلام، قال: ان مولى لامير المؤمنين عليه السلام سأله مالا، فقال (عليه السلام) يخرج عطائي فأقاسمك هو، فقال: لا اكتفي، وخرج إلى معاوية [فأعطاه جائزة سنية، ومالا كثيرا] فكتب إلى امير المؤمنين عليه السلام يخبره بما أصاب من المال، فكتب إليه امير المؤمنين عليه السلام: أما بعد فإن ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلى أهله بعدك (1) وإنما لك منه ما مهدت لنفسك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفى نهج البلاغة: (أما بعد فان الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهل قبلك، وهو صائر إلى أهل بعدك وانما أنت جامع لاحد رجلين: رجل عمل فيما جمعته بطاعة الله فسعد بما شقيت به أو رجل عمل فيه بمعصية الله فشقيت بما جمعت له) الخ.
[147]
فآثر نفسك على صلاح ولدك، فإنما أنت جامع لاحد رجلين: إما رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت، وإما رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له، وليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك و [لا أن] تبرد له على ظهرك (2) فارج لمن مضى رحمة الله، وثق لمن بقي برزق الله.
الحديث (28) من روضة الكافي ص 72، وقريب منه في المختار (416) من قصار نهج البلاغة الا انه لم يذكر انه كتب (ع) إلى بعض مواليه.
ونقله عن الكافي في البحار: ج 8 / 587 س 1، وهو المختار الاول من كتب المستدرك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) وفى المستدرك: (وتحمل له على ظهرك) الخ. وفى نهج البلاغة (ولا أن تحمل له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمة الله، ولمن بقي رزق الله) وقال في النهاية: (برد لي على فلان حق): ثبت. والفعل من باب نصر.
[148]
ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان
من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان. [أما بعد فـ] إن تبارك وتعالى ذا الجلال والاكرام خلق الخلق، واختار خيرة من خلقه، واصطفى صفوة من عباده، يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون (1) فأمر الامر وشرع الدين وقسم القسم على ذلك (2) وهو فاعله وجاعله، وهو الخالق وهو المصطفي وهو المشرع وهو الفاعل لما يشاء، له الخلق وله الامر، وله الخير والمشية والارادة والقدرة والملك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اقتباس من الآية 68) من سورة القصص: (28). والخيرة - في الاول بكسر الخاء وسكون الياء وفتحها -: الافضل. والثاني بمعنى الاختيار.
(2) اي على مشيئته وخيرته دون خيرة الخلق ومشيئتهم.
[149]
والسلطان، أرسل رسوله وخيرته وصفوته بالهدى ودين الحق وأنزل عليه كتابه فيه تبيان كل شئ من شرائع دينه فبينه لقوم يعلمون، وفيه فرض الفرائض، وقسم فيه سهاما أحل بعضها لبعض وحرم بعضها لبعض، بينها يا معاوية إن كنت تعلم الحجة وضرب أمثالا لا يعلمها إلا العالمون (3) فانا سائلك عنها أو بعضها إن كنت تعلم، واتخذ الحجة بأربعة أشياء فما هي يا معاوية ولمن هي، واعلم أنهن حجة لنا أهل البيت على من خالفنا ونازعنا وفارقنا وبغى علينا، والمستعان الله، عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون، وكان جملة تبليغه رسالة ربه فيما أمره وشرع وفرض وقسم جملة الدين (4) يقول الله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم [62 - النساء 4] هي لنا أهل البيت، ليست لكم، ثم نهى عن المنازعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) اشارة إلى قوله تعالى - في الآية (42) من سورة العنكبوت: (29) - (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون).
(4) كذا في النسخة، قال المجلسي العظيم (ره): (كان (لفظ النسخة) يحتمل الجيم، والحاء المهملة، فعلى الاول لعله بدل أو عطف بيان أو تأكيد لقوله: (جملة تبليغه) وقوله: (يقول الله) بتأويل المصدر، خبر.
[150]
والفرقة، وأمر بالتسليم والجماعة، فكنتم أنتم القوم الذين أقررتم لله ولرسوله وبدا لكم (5) فأخبركم الله أن محمدا لم يك أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين (6) وقال عزوجل: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) [144 - آل عمران: 3] فأنت وشركاؤك يا معاوية القوم الذين انقلبوا على أعقابهم وارتدوا ونقضوا الامر والعهد فيما عاهدوا الله ونكثوا البيعة ولم يضروا الله شيئا، ألم تعلم يا معاوية أن الائمة منا [و] ليست منكم، وقد أخبركم الله أن أولى الامر [هم المستنبطون للعلم (7)] فمن أوفى بما عاهد عليه يجد الله موفيا بعهده، يقول الله: (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) [40 - البقرة 2] وقال عزوجل: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) هذا هو الظاهر من السياق، أو كلمة: (بدلتم). وفى النسخة: (وبدلكم).
(6) اشارة إلى الاية: (40) من سورة الاحزاب: 33.
(7) هذا هو الظاهر، وفى النسخة: (وقد اخبركم الله ان اولى الامر المستنبطي العلم) وهذا الخبر هو الآية (82) من سورة النساء: (4) وهي: (ولو ردوه إلى الرسول والى اولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) الخ.
[151]
فضله، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) [35 - النساء 4] وقال للناس بعدهم: (فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه) [58 - النساء] فتبوأ مقعدك من جهنم وكفى بجهنم سعيرا، نحن آل إبراهيم ا لمحسودون وأنت الحاسد لنا، خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة وعلمه الاسماء كلها، واصطفاه على العالمين، فحسده الشيطان فكان من الغوين، ونوحا حسده قومه إذ قالوا: (ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون] [34 و 35 - المؤمنون: 23] قالوا ذلك حسدا أن يفضل الله من يشاء، ويختص برحمته من يشاء، ومن قبل ذلك ابن آدم قابيل قتل [أخاه] هابيل حسدا فكان من الخاسرين (8) وطائفة من بني إسرائيل (9) إذ قالوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(8) اشارة إلى ما ذكر الله تعالى في الاية (33) من سورة المائدة: (5).
(9) كأنه عطف على قوله: (ومن قبل ذلك ابن آدم قابيل) الخ، اي ومن قبل ذلك طائفة من بني اسرائيل حسدوا أميرهم ونازعوا كبيرهم، ومن قوله: (إذ قالوا لنبي لهم - إلى قوله -: احق بالملك منه) مأخوذ من الآية (227) من سورة البقرة: 2.
[152]
لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، فلما بعث الله لهم طالوت ملكا حسدوا وقالوا: أنى يكون له الملك علينا، وزعموا أنهم أحق بالملك منه، كل ذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق، وعندنا تفسيره وعندنا تأويله وقد خاب من افترى، ونعرف فيكم شبهه وأمثاله وما تغن الآيات والنذر عن قوم (كذا) لا يؤمنون فكان نبينا صلى الله عليه وآله فلما جاءهم كفروا به حسدا من عند أنفسهم أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، حسدا من القوم على تفضيل بعضنا على بعض.
ألا ونحن أهل البيت آل إبراهيم المحسودون حسدنا كما حسد آباؤنا من قبل [من قبلنا خ ل] سنة ومثلا، قال الله [تعالى]: (وآل إبراهيم وآل لوط وآل عمران وآل يعقوب وآل موسى وآل هارون وآل داود) فنحن آل نبينا محمد صلى الله عليه وآله، ألم تعلم يا معاوية أن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا [48 - آل عمران] ونحن أولوا
[153]
الارحام، قال الله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله [6 - الاحزاب: 33] نحن أهل بيت اختارنا الله واصطفانا وجعل النبوة فينا والكتاب لنا والحكمة والعلم والايمان وبيت الله ومسكن إسماعيل ومقام إبراهيم، فالملك لنا - ويلك - يا معاوية، ونحن أولى بإبراهيم ونحن آله وآل عمران وأولى بعمران وآل لوط وأولى بلوط وآل يعقوب ونحن أولى بيعقوب، وآل موسى وآل هارون، وآل داود وأولى بهم وآل محمد وأولى به، ونحن أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (10) ولكل نبي دعوة في خاصة نفسه وذريته وأهله ولكل نبي وصية في آله (كذا).
ألم تعلم أن إبراهيم أوصى ابنه يعقوب (كذا) ويعقوب أوصى بنيه إذ حضره الموت (11) وإن محمدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) اشارة إلى ما ذكر الله تعالى في شأنهم في الآية (33) من سورة الاحزاب: 33: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
(11) كما في الاية (132) أو بعدها من سورة البقرة: 2.
[154]
أوصى إلى آله سنة إبراهيم والنبيين اقتداء بهم كما أمره الله، لبس لك منهم ولا منه سنة النبيين، وفي هذه الذرية التي (بعضها) من بعض قال الله لابراهيم (12) وإسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت -: (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنتا أمة مسلمة لك (122 - البقرة: 2) فنحن الامة المسلمة، وقالا: (ربنا وابعث فيهم رسولا يتلو عليهم آياتك (123 - البقرة: 2) فنحن أهل هذه الدعوة ورسول الله منا ونحن منه، وبعضنا من بعض، وبعضنا أولى ببعض في الولاية والميراث ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم (13) وعلينا نزل الكتاب وفينا بعث الرسول، وعلينا تليت الآيات، ونحن المنتحلون للكتاب (كذا) والشهداء عليه، والدعاة إليه، والقوام به، فبأي حديث بعده يؤمنون أفغير الله يا معاوية تبغي ربا، أم غير كتابه (تبغي)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(12) كذا في النسخة، فان صح ما فيها فلعل اللام في قوله: (لابراهيم) بمعنى (عن) اي قال الله حكاية عن ابراهيم واسماعيل، حيث قالا - وهما يرفعان القواعد من البيت -: ربنا واجعلنا الخ (13) اشارة إلى قوله تعالى في الاية (31) من سورة آل عمران: 3.
[155]
كتابا، أم غير الكعبة - بيت الله ومسكن اسماعيل ومقام أبينا إبراهيم - تبغي قبلة، أم غير ملته تبغي دينا، أم غير الله تبغي ملكا فقد جعل الله ذلك فينا، فقد أبديت عداوتك لنا وحسدك وبغضك ونقضك عهد الله، وتحريفك آيات الله وتبديلك قول الله، قال الله لابراهيم: (إن [الله] اصطفى لكم الدين) (126 - البقرة: 2) أفترغب عن ملته وقد اصطفاه الله في الدنيا وهو في الآخرة من الصالحين، أم غير [الله] تبغي حكما أم غير المستحفظ منا تبغي إماما، الامامة لابراهيم وذريته، والمؤمنون تبع لهم لا يرغبون عن ملته، قال (الله تعالى عن إبراهيم): (فمن تبعني فإنه مني) (36 - ابراهيم: 14).
أدعوك يا معاوية إلى الله ورسوله وكتابه وولي أمره والحكيم من آل إبراهيم، وإلى الذي أقررت به - زعمت - إلى الله (كذا) والوفاء بعهده، وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، ولا تكونوا كالتي
[156]
نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربي من أمة [93 - النحل: 16] فنحن الامة الاربي، ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون، إتبعنا واقتد بنا فإن ذلك لنا آل إبراهيم مفترض، فإن الافئدة من المؤمنين والمسلمين تهوي إلينا، وذلك دعوة المرء المسلم (14) فهل تنقم منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا واقتدينا واتبعنا ملة إبراهيم صلوات الله عليه وعلى محمد وآله.
البحار: ج 8 ص 553 ط الكمباني، نقلا عن الغارات، وأشار إليه في الحديث (813) من النصوص العامة على امامة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب اثبات الهداة: ج 3، ص 95، ط 1.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) المراد بـ(المرء المسلم) هو ابراهيم النبي عليه السلام الذي اسلم وجهه لله تعالى.
[157]
ومن كتاب له عليه السلام أجاب به معاوية لما كتب إليه يعيره من اكثاره ذكر الانبياء وتكثيره وتكريره نعت ابراهيم وكونه من آبائه، وانه ما فضل قرابته وحقه، وانه اين وجد امامته وفضله في كتاب الله (1)
أما الذي عيرتني به يا معاوية من كتابي وكثرة ذكر آبائي إبراهيم وإسماعيل والنبيين، فإنه من أحب آباءه أكثر ذكرهم، فذكرهم حب الله ورسوله، وأنا أعيرك ببغضهم فإن بغضهم بغض الله ورسوله، وأعيرك بحبك آباءك وكثرة ذكرهم فإن حبهم كفر.
أما الذي أنكرت من نسبي من إبراهيم وإسماعيل وقرابتي من محمد صلى الله عليه وآله وفضلي وحقي وملكي وإمامتي فإنك لم تزل منكرا لذلك، لم يؤمن به قلبك، ألا وإنا أهل البيت كذلك، لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا محصل كتاب معاوية، وهو منقول بالفاظه في البحار،
[158]
والذي أنكرت من قول الله عزوجل: (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما [55 - النساء: 4] فأنكرت أن تكون فينا فقد قال الله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله [6 - الاحزاب 33] ونحن أولى به.
والذي أنكرت من إمامة محمد (ص) (كذا) وزعمت أنه كان رسولا ولم يكن إماما.
فإن انكارك على جميع النبيين الائمة (كذا)، ولكنا نشهد أنه كان رسولا نبيا إماما صلى الله عليه وآله، ولسانك دليل على ما في قلبك، وقال الله تعالى: (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم، ولو نشاء لاريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) [30 - محمد: 47].
ألا وقد عرفناك قبل اليوم وعداوتك وحسدك وما في قلبك من المرض الذي أخرجه الله.
[159]
والذي أنكرت من قرابتي وحقي فأن سهمنا وحقنا في كتاب الله قسمه لنا مع نبينا قفال: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) [42 - الانفال: 8] وقال (تعالى): (وآت ذا القربى حقه) [27 - بني اسرائيل: 17] [أ] وليس وجدت سهمنا مع سهم الله ورسوله، وسهمك مع الابعدين لا سهم لك إذ [ا ن خ ل] فارقته، فقد أثبت الله سهمنا وأسقط سهمك بفراقك.
وأنكرت إمامتي وملكي فهل تجد في كتاب الله قوله لآل ابرهيم: (واصطفاهم على العالمين) [30 - آل عمران 3] فهو فضلنا على العالمين، أو تزعم أنك لست من العالمين، أو تزعم أنا لسنا من آل إبراهيم فإن أنكرت ذلك لنا فقد أنكرت محمدا صلى الله عليه وآله، فهو منا ونحن منه، فإن استطعت أن تفرق بيننا وبين إبراهيم صلوات الله عليه وآله، وإسماعيل ومحمد وآله في كتاب الله فافعل.
باب كتبه (ع) إلى معاوية من البحار ج 8 / 554، ط الكمباني.
[160]
ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية
قال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا ابو القاسم المستملي [المبتهلي خ] انبأنا ابو بكر البيهقي، أنبأنا ابو عبد الله الشحامي الحافظ، حدثني أبو منصور محمد بن عبد الله الفقيه الزاهد، انبأنا ابو عمرو احمد بن محمد النحوي، بأسناد له ان يحيى بن خالد البرمكي لما حبس كتب من الحبس إلى الرشيد: ان كل يوم يمضي من بؤسي يمضي من نعمتك مثله، والموعد المحشر، والحكم الديان، وقد كتبت اليك بأبيات كتب بها امير المؤمنين علي ابن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان:
أما والله إن الظلم شوم * وما زال المسئ هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي * وعند الله تجتمع الخصوم
تنام ولم ينم عنك المنايا * تنبه للمنية يا نئوم
لامر ما تصرمت الليالي * لامر ما [تقلبت النجوم](1)
ترجمة الامام امير المؤمنين (ع) من تاريخ دمشق: ج 38 / ص 55 / وفي نسخة ص 120.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بين المعقفين مما أضفناه بمناسبة السياق، لان النسخة كانت ملحونة أو محرفة هكذا: (لامر ما نحوه يوم).
وفى الديوان المنسوب إليه (ع) المطبوع ببولاق سنة 1251 ه: لامر ما تحركت النجوم.
وفيه زيادات كثيرة واختلاف في الترتيب والالفاظ ولذلك ننقلها حرفيا:
اما والله ان الظلم شؤم * ولا زال المسئ هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي * وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا * غدا عند المليك من الظلوم
ستنقطع اللذاذة عن اناس * من الدنيا وتنقطع الهموم
لامر ما تصرفت الليالي * لامر ما تحركت النجوم
سل الايام عن امم تقضت * ستخبرك المعالم والرسوم
تروم الخلد في دار المنايا * فكم قد رام مثلك ما تروم
تنام ولم تنم عنك المنايا * تنبه للمنية يا نؤوم
لهوت عن الفناء وانت تفنى * فما شئ من الدنيا يدوم
تموت غدا وانت قرير عين * من العضلات (كذا) في لجج تعوم
[161]
ومن كتاب له عليه السلام أجاب به معاوية لما كتب إلى امير المؤمنين عليه السلام زهوا وافتخارا: (ان لي فضائل كثيرة كان أبي سيدا في الجاهلية، وانا صهر رسول الله وكاتب الوحي)
فقال امير المؤمنين عليه السلام: أعلي يفتخر ابن آكلة الاكباد [أبالفضائل يبغي علي ابن رأس الاحزاب] (1) يا غلام اكتب إليه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آكلة الاكباد هي هند أم معاوية، فانها التقمت كبد حمزة عم النبي (ص) لما استشهد، جاءت إلى جثمانه الشريف فنكلت به وقطعت مذاكيره فعلقتها على عنقها.
ورأس الاحزاب هو أبو سفيان ابو معاوية، أنظر تفسير سورة آل عمران أو سورة الاحزاب، أو وقعة البدر والاحد والخندق من الطبري أو غيره من التواريخ كي تعلم ان رئيس أحزاب الشرك هو ابو سفيان.
[162]
محمد النبي أخي وصنوي (2) * وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يضحي ويمسي * يطير مع الملائكة بن أمي (3)
وبنت محمد سكني وعرسي * منوط لحمها بدمي ولحمي (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) وفى ترجمة شريح القاضي من تاريخ دمشق: 23 / 61: محمد النبي أخي وصهري، احب الناس كلهم اليا.
اقول: ان لم يكن ما في هذه الرواية تحريفا أو تعمية، فهو مما صدر عنه (ع) في قضية أخرى، ومقام اخر، صم اقول وفى ترجمة الامام امير المؤمنين (ع) من تاريخ دمشق ج 38 / 89، وفى نسحة ص 140، وعن الزرندي وابن ابي الحديد: محمد النبي أخي وصهري الخ. اقول: الصنو - كفلس وقفل وحبر - الاخ. الشقيق. العم. وإذا خرجت نخلتان أو اكثر من أصل واحد فكل واحدة منها هي صنو، والاثنتان صنوان وصنيان - بتثليث الصاد فيهما، والجمع: صنوان. ويقال: ركيتان صنوان تنبعان من عين واحدة. والصهر - كحبر -: القرابة. زوج الابنة أو الاخت جمع أصهار، والمؤنث صهرة.
(3) يقال: أضحى زيد وأمسى يفعل كذا: يفعله في الضحى - وهو حين ارتفاع النهار وأشراق الشمس - والمساء - وهو بعد العصر. وانما قال (ع) ابن امي من اجل رعاية الروي.
(4) السكن - كفلس -: أهل البيت والزوجة. وبفتحتين على زنة الفرس كل ما سكنت إليه واستأنست به. والعرس - كالحبر -: امرأة الرجل. ومنوط: معلق ومتصل. وفى كنز الفوائد: (مناط) وفى نسخة المجلسي من الكنز: (مساط). وفى الفصول المختارة ص 70. والديوان واحتجاج الطبرسي 266 والتذكرة الجوزية 115: (مسوط) أي مخلوط. وفى مناقب ابن شهر اشوب: 2 / 170 مشوب.
[163]
وسبطا احمد ابناي منها * فأيكم له سهم كسهمي (5)
سبقتكم إلى الاسلام طرا * على ما كان من فهمي وعلمي (6)
فأوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم (7)
فويل ثم ويل ثم ويل * لمن يلقى الاله عذا بظلمي (8)
فلما وقف معاوية على الكتاب، قال لبطانته: اخفوا هذا الكتاب، واياكم وان يطلع عليه احد من أهل الشام فيميلوا إلى ابن ابي طالب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) وفى المناقب 170، والتذكرة ومطالب السئول والديوان: (وسبطا احمد ولداي منها * فمن منكم له سهم كسهمي) ومثله في الاحتجاج ونظم درر السمطين في الشطر الاول، وفى الاحتجاج ومطالب السئول في الشطر الثاني: (فأيكم له سهم كسهمي) وفى نظم درر السمطين: فهل منه لكم سهم كسهمي.
(6) وفى رواية ابن ابي الحديد: ومحمد بن طلحة وابن شهر اشوب والكراجكي وابن حجر - على ما حكاه العلامة الاميني مد ظله عنه - غلاما ما بلغت أوان حلمي) وفى رواية جواهر المطالب: وبعض أخر: (صغيرا ما بلغت أوان حلمي) وفي رواية الاحتجاج بعد هذا البيت هكذا: (وصليت الصلاة وكنت طفلا: مقرا بالنبي في بطن أمي) وفى رواية المناقب بعده هكذا: (انا البطل الذي لن تنكروه: ليوم كريهة وليوم سلم).
(7) وفى كنز الفوائد:
(وأوجب لي الولاء معا عليكم * خليلي يوم دوح غدير خم)
وفى المناقب بعد بيت الولاية هكذا:
و
أوصى بي لامته لحكمي * فهل فيكم له قدم كقدمي(8) وفى مناقب آل ابي طالب هكذا في الشطر الثاني.
(لجاحد طاعتي من غير جرمي) وفى بعض النسخ من الاحتجاج - على ما قيل - هكذا (لمن يرد القيامة وهو خصمي) وبعده هكذا (انا الرجل الذي لا تنكروه ليوم كريهة أو يوم سلم) وفى رواية جواهر المطالب هكذا، (لمن يوم القيامة كان خصمي)
[164]
أقول: هذه الابيات مما اتفقت علماء الفريقين على أنها مما كتبها امير المؤمنين (ع) إلى معاوية بلا أي غمز فيها، الا ان كل واحد منهم أخذ منها ما هو شاهد لمقصوده، واثبت منها مالا يخالف مزعومه من اعتقاده، فرواها الحافظ ابن شهر أشوب (ره) في فصل قرابته عليه السلام من رسول الله (ص) من المناقب: ج 2 / 170 / ط ايران، عن المدائني.
ورواها الطبرسي (ره) في فصل احتجاج امير المؤمنين عليه السلام من كتاب الاحتجاج: ج 1 / 265 ط 2، عن أبي عبيدة معمر بن مثنى.
ورواها قبلهما ابو الفتح الكراجكي: محمد بن علي بن عثمان (ره) في كنز الفوائد، ص 122 / 233.
ورواها قبله شيخ الائمة ومعلم الامة الشيخ المفيد (ره) في الفصول المختارة ص 70.
ورواها سبط ابن الجوزي في آخر الباب الرابع من تذكرته ص 115 عن هشام بن محمد، والزهري.
ورواه الزرندي في نظم درر السمطين 97، وقال: [لما وصل كتاب معاوية إليه (ع)] فقال علي (رض) أعلي يفتخر ابن آكلة الاكباد، اكتب إليه يا قنبر (ره) ان لي سيونا بدرية وسهاما هاشمية قد عرفت مواقع نصالها في أقاربك وعشايرك يوم بدر [و] ما هي من الظالمين ببعيد، ثم انشد: محمد النبي اخي وصهري الخ.
ورواها في جواهر المطالب في الباب السادس والستين منه - على ما حكاه سيدنا الامين رضوان الله عليه في باب الميم من الديوان المنسوب إلى امير المؤمنين (ع) ص 123 وذكر أيضا في الديوان المنسوب إليه (ع) المطبوع ببولاق سنة 1251 - عن أبي بكر بن دريد.
ورواها في مطالب السئول في الباب الاول منه ص 30 ط
[165]
النجف، في بيان انه اول من أسلم، قال: وقد ذكر ذلك [امير المؤمنين] عليه السلام واشار إليه في ابيات قالها بعد ذلك بمدة مديدة نقلها عنه الثقات، ورواها النقلة الاثبات.
ثم ذكر الابيات برمتها كما تقدم.
ورواها أيضا ابن أبي الحديد - في شرح المختار (57) من باب الخطب، في الفصل الذي عقده لبيان تقدم اسلام علي عليه السلام على كافة المسلمين - في ج 4 من شرح نهج البلاغة ص 122، الا انه اقتصر على محل شاهده منها.