[249]

- 49 -

ومن دعاء له عليه السلام عند إرادة التزويج

أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا محمد، قال: حدثني موسى قال: حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عن علي عليه السلام قال: من أراد منكم التزويج، فليصل ركعتين، وليقرأ فيهما فاتحه الكتاب وياسين، فإذا فرغ من الصلاة فليحمد الله تعالى وليثن عليه وليقل: اللهم ارزقني زوجة [صالحة خ ل] ودودا ولودا شكورا [قنوعا خ ل] غيورا، إن أحسنت شكرت، وإن أسأت غفرت، وإن ذكرت الله تعالى أعانت، وان نسيت ذكرت، وإن خرجت من عندها حفظت، وإن دخلت عليها سرتني، وإن أمرتها أطاعتني، وإن أقسمت عليها أبرت قسمي (1) وإن غضبت عليها أرضتني.

يا ذا الجلال والإكرام، هب لي ذلك فإنما أسألكه ولا أجد إلا ما مننت وأعطيت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أبرت قسمي: أي أمضته على الصدق (*).

 

[250]

قال عليه السلام: من فعل ذلك أعطاه الله ما سأل.

ورواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره عنه (ع) باختلاف ما.

- 50 -

ومن دعاء له عليه السلام لما مر على القبور

جعفر بن محمد بن قولويه (ره) عن أبيه وعلي بن الحسين (رحمهم الله) وغيرهما، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن هارون بن الجهم، عن المفضل بن صالح، عن الحسن بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: مر علي أمير المؤمنين عليه السلام على القبور فأخذ في الجادة، ثم قال عن يمينه (1): السلام عليكم يا أهل القبور من أهل القصور أنتم لنا فرط (2)، ونحن لكم تبع، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي توجه إلى يمينه، أو أشار إلى يمينه، أو أخذ في الالتفات إلى يمينه.

وعلى التقادير فكلمة (عن) بمعنى إلى.

(2) الفرط - محركا -: الجلد الذكي الناصح الذي يتقدم قومه - أو يقدمه قومه - إلى الماء للتحفظ على المصالح، والتوقي عن المضار، ويستوي فيه الواحد والجمع فيقال: (رجل فرط) و (قوم فرط) (*).

 

[251]

ثم التفت عن يساره وقال مثل ذلك.

الحديث 16، من الباب 105.

من كامل الزيارات 323، ونقله عنه في الدعاء (47) من الصحيفة الثانية العلوية.

 

- 51 -

ومن دعاء له عليه السلام في بيان عناية الله لاوليائه، وشدة انقطاعهم إليه تعالى

اللهم إنك آنس الآنسين لاوليائك (1)، وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك، تشاهدهم في سرائرهم، وتطلع عليهم في ضمائرهم، وتعلم مبلغ بصائرهم، فأسرارهم لك مكشوفة وقلوبهم إليك ملهوفة (2) إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك، وإن صبت عليهم المصائب لجأوا إلى الإستجارة بك، علما بأن أزمة الأمور بيدك، ومصادرها عن قضائك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) آنس - اسم تفضيل - مأخوذ من الانس بمعنى الألفة وسكون القلب، أي إن ألفة أوليائك بك أشد وأعظم من كل ألفة فلا أنس عندهم كالأنس بك.

(2) أي مستغيثة متحسرة، يطلبون منك غياثهم، ويحنون إليك حنان اللهفان (*).

 

[252]

اللهم إن فههت عن مسألتي، أو عميت عن طلبتي (3)، فدلني على مصالحي، وخذ بقلبي على مراشدي، فليس ذلك بنكر من هداياتك، ولا ببدع من كفاياتك (4).

اللهم احملني على عفوك، ولا تحملني على عدلك.

المختار 222، من الباب الأول من النهج.

ورواه مع زيادات كثيرة في الدعاء (16) من الصحيفة العلوية الاولى ص 57.

وقريب منه عن الامام السجاد (ع) كما في الدعاء (140) من الصحيفة الخامسة 360 نقلا عن مصباح الشيخ، وانه (ع) كان يقرؤه بعد الركعتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة من نوافل يوم الجمعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3) وفي الصحيفة: (اللهم فان فههت عن مسألتي، أو عمهت عن طلبتي) الخ، يقال فهه: - كفرح -: لم يتمكن من بيان مراده ومسألته، وقوله (ع) (عميت) أي ما اهتديت إلى مقصودي، وحيل بيني وبينه بحجاب، قيل: ويروى مكانه: (أو عمهت عن طلبتي).

والطلبة - بكسر الطاء -: المطلوب.

(4) المراشد جمع مرشد وهو مواضع الرشد، والنكر - بضم النون وسكون الكاف -: المنكر.

والبدع - بكسر البأ وسكون الدال -: الأمر الغريب غير المأنونس، وهذه القطعة رواها في المختار 987 مما استدركه ابن أبي الحديد على قصار النهج (*).

 

[253]

 

- 52 -

ومن دعاء له عليه السلام الموسوم بتسبيح أمير المؤمنين عليه السلام

جعفر بن قولويه عليه الرحمة والرضوان، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن اسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي سعيد المدائني، عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه قال في خبر (1) يا أبا سعيد تسبيح علي عليه السلام: سبحان الذي لا تنفد خزائنه، سبحان الذي لا تبيد معالمه، سبحان الذي لا يفنى ما عنده، سبحان الذي لا يشرك أحد في حكمه، سبحان الذي لا اضمحلال لفخره، سبحان الذي لا انقطاع لمدته، سبحانه الذي لا اله غيره.

الحديث 11، من الباب 79، من كامل الزيارات 214.

ونقله عنه في الدعاء (5) من الصحيفة العلوية الثانية ص 34 ورواه أيضا شيخ الطائفة رحمه الله في مصباح المتهجد 202.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا أخذناه من المحدث النوري (ره) وهو رحمه الله قد لخصه (*).

 

[254]

 

- 53 -

ومن دعاء له عليه السلام عند ختم القرآن المجيد

الشيخ هاشم بن محمد في مصباح الأنوار، عن الحسين بن أحمد، عن الحسين بن محمد بن عبد الوهاب، عن الحسن بن أحمد المقري، عن علي بن أحمد الحمامي، عن زيد بن علي بن هلال، عن محمد بن عقبة، عن جعفر بن محمد العنبري، عن زكريا بن أبي صمصامة، عن زر بن حبيش قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فلما بلغت الحواميم، قال لي أمير المؤمنين عليه السلام: قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت رأس العشرين (من حمعسق): (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك الفضل الكبير) بكى أمير المؤمنين عليه السلام حتى علا نحيبه ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: يازر أمن على دعائي ثم قال: اللهم اني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص الموقنين، ومرافقة الابرار، واستحقاق حقائق الإيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ووجوب رحمتك، وعزائم مغفرتك،

 

[255]

والفوزر بالجنة، والنجاة من النار.

ثم قال عليه السلام: إذا ختمت (القرآن) فادع بهذه، فان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن.

الصحيفة العلوية الثانية ص 202، ورواه أيضا عن الحسن بن الفضل الطبرسي (ره) في مكارم الأخلاق عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، باختلاف ما.

ورواه أيضا معنعنا في الحديث (13) من الباب السابع: باب علم أمير المؤمنين عليه السلام من مناقب الخوارزمي 42.

ورواه في الحديث (1، 2) من الباب (26) من القسم الأول من المجلد (19) من البحار 52، عن مصباح الأنوار، ومكارم الاخلاق.

 

- 54 -

ومن دعاء له عليه السلام في التماس الرزق من الله تعالى

اللهم صن وجهي باليسار، ولا تبتذل جاهي بالاقتار، فأسترزق طالبي رزقك، وأستعطف شرار خلقك، وأبتلى بحمد من أعطاني، وأفتتن بذم من منعني، وأنت من وراء ذلك ولي

 

[256]

الاعطاء والمنع، إنك على كل شي قدير.

اللهم اجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي، وأول وديعة ترتجعها من ودائع نعمك عندي.

البحار: القسم الثاني من ج 19، ص 268، س 13، عن دعوات الراوندي.

وقريب منه في المختار (220) من باب الخطب من النهج، وقريب منه أيضا في الدعاء العشرين (وهو دعاء مكارم الأخلاق) من الصحيفة السجادية، والدعاء (57) من الصحيفة الأولى ص 154، وقريب منه في المختار (763) مما استدركه ابن أبي الحديد على قصار نهج البلاغة.

 

- 55 -

ومن دعاء له عليه السلام لفتح أبواب الرزق لمن تغلقت عليه

(قال عليه السلام): من تعذر عليه رزقه، وتغلقت عليه المطالب في معاشه، ثم كتب له هذا الكلام في رق ظبي، أو قطعة من آدم وعلقه عليه، أو جعله في بعض ثيابه التي يلبسها فلم يفارقه وسع الله رزقه، وفتح عليه الأبواب في المطالب في معاشه من حيث لا يحتسب: اللهم لا طاقة لفلان بن فلان بالجهد، ولا صبر له على البلاء، ولا قوة له على الفقر والفاقة.

 

[257]

اللهم فصل على محمد وآل محمد، ولا تحظر على فلان بن فلان رزقك، ولا تقتر عليه سعة ما عندك، ولا تحرمه فضلك، ولا تحسمه من جزيل قسمك (1)، ولا تكله إلى خلقك ولا إلى نفسه فيعجز عنها، ويضعف عن القيام فيما يصلحه ويصلح ما قبله، بل تفرد بلم شعثه، وتولي كفايته، وانظر إليه في جميع أموره، إنك إن وكلته إلى خلقك لم ينفعوه، وإن ألجأته إلى أقربائه حرموه، وإن أعطوه أعطوه قليلا نكدا (2)، وإن منعوه منعوه كثيرا، وإن بخلوا بخلوا وهم للبخل أهل.

اللهم أغن فلان بن فلان من فضلك، ولا تبخله (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يقال: حسمه الشءي - من باب ضرب -: منعه اياه.

(2) أي عطاء يكدر عيشه عليه، يقال: نكد العيش ينكد نكدا - من باب علم، والمصدر على وزن فرس -: إشتد وعسر.

(3) كذا في نسخة البحار، وفي المخطوط من نسخة مهج الدعوات لصاحب الذريعة مد ظله: (ولا تحله).

يقال: بخل عليه وعنه بخلا وبخلا - من باب علم وشرف، والمصدر على زنة فرس وقفل -: أمسك ومنع.

ويقال: حل - حلا - كمد يمد مدا - العقدة: فكها ونقضها فانحلت، والظاهر ان الصواب هو ما في المخطوط من مهج الدعوات - ومعناه: اجعلني ملفوفا بفضلك =

 

[258]

منه فانه مضطر إليك، فقير إلى ما في يديك، وأنت غني عنه، وأنت به خبير عليم، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شي قدرا، إن مع العسر يسرا ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.

مهج الدعوات للسيد ابن طاوس (ره)، ورواه عنه في الحديث (22) من الباب (110) من البحار القسم الثاني من 19 ص 2 69 نقلا عنه.

ونقله أيضا في الدعاء (52) من الصحيفة الأولى 128.

 

- 56 -

ومن دعاء له عليه السلام لدفع من يقيم على الظلم ولا يرتدع عنه

السيد ابن طاوس (ره) في كتاب المجتنى 4، عن كتاب دفع الهموم والأحزان لأحمد بن داود النعماني (ره) قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام من ظلم وأقام ظالمه على ظلمه لا يرجع عنه، فليغص الماء على نفسه (1)، أو يسبغ الوضوء ويصلي ركعتين ثم يقول:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ومشدودا برحمتك، ولا تحل رحمتك عنى، ولا تفك فضلك منى - دون ما في البحار، إذا لم إجد هذه الماده متعدية.

(1) كذا في النسخة، ولعل الصواب: فليفض الماء (*).

 

[259]

اللهم إن فلان بن فلان ظلمني واعتدى علي، ونصب لي وأمضني وأرمضني وأذلني وأخلقني (2).

اللهم فكله إلى نفسه وهد ركنه، وعجل جائحته، واسلبه نعمتك عنده، واقطع رزقه، وابتر عمره، وامح أثره، وسلط عليه عدوه، وخذه من مأمنه كما ظلمني واعتدى علي، ونصب لي، وأمض وأرمض وأذل وأخلق.

ورواه السماهيجي (ره) في الدعاء (67) من الصحيفة العلوية 163.

 

- 57 -

ومن دعاء له عليه السلام الموسوم بالجامعة

عبد الله بن محمد بن مهران، عن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن الحسين عليه السلام،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) يقال: أمضه الأمر: أحرقه وشق عليه، وأمضه الجرح والكلام - ونحوهما -: أوجعه. ومثله مض - من باب منع ومد. ويقال: أرمض الشي أحرقه. وأرمض الرجل: أوجعه. وأرمض الأمر فلانا: أحرقه غيظا (*).

 

[260]

قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من اشتكى حلقه، وكثر سعاله، واشتد يبسه فليعوذ بهذه الكلمات، [وكان عليه السلام يسميها الجامعة]: اللهم أنت رجائي، وأنت ثقتي وعمادي، وغياثي ورفعتي وجمالي، وأنت مفزع المفزعين ليس للهاربين مهرب إلا إليك، ولا للعالمين معول إلا عليك، ولا للراغبين مرغب إلا لديك ولا للمظلومين ناصر إلا أنت، ولا لذي الحوائج مقصد إلا اليك، ولا للطالبين عطاء إلا من لدنك، ولا للتائبين متاب (1) إلا إليك، وليس الرزق والخير والفتوح إلا بيدك، حزنتني الأمور الفادحة (2)، وأعيتني المسالك الضيقة، وأحوشتني الأوجاع الموجعة (3)، ولم أجد فتح باب الفرج إلا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المتاب: المرجع، يقال: تاب يتوب توبا وتوبة وتابة ومتابا وتتوبة إلى الله: رجع عن معصيته إليه وندم، فهو تائب.

وتاب الله عليه: غفر له، ورجع إليه بفضله، فالله تواب.

(2) الامور الفادحة: الثقيلة الشاقة.

(3) أي إن الأوجاع الموجعة أحاطت علي وجعلتني في وسطهن لإهلاكي، يقال: أحوش احواشا وأحاش إحاشة واستحوش استحواشا الصيد: جاء من حواليه ليدفعه إلى الحبالة.

واحتوش القوم الصيد: أنفره بعضهم على بعض.

واحتوش القوم الرجل وعليه: أحدقوا به وجعلوه في وسطهم (*).

 

[261]

بيدك، فأقمت تلقاء وجهك (4)، واستفتحت عليك بالدعاء إغلاقه، فافتح يا رب للمستفتح، واستجب للداعي، وفرج الكرب، واكشف الضر وسد الفقر، وأجل الحزن، وانف الهم واستنقذني من الهلكة، فإني قد أشفيت عليها (5)، ولا أجد لخلاصي منها غيرك، يا ألله يامن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السؤ، إرحمني واكشف ما بي من غم وكرب ووجع وداء، رب ان لم تفعل لم أرج فرجي من عند غيرك، فارحمني يا أرحم الراحمين، هذا مكان البائس الفقير، هذا مكان المستغيث، هذا مكان المستجير، هذا مكان المكروب الضرير، هذا مكان الملهوف المستعيذ، هذا مكان العبد المشفق الهالك الغرق الخائف الوجل، هذا مكان من انتبه من رقدته، واستيقظ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(4) يقال: جلس تلقاء وجهه: مقابله وتجاهه، وهذا كناية عن اليأس عن غير الله وقصر الرجاء عليه تعالى.

(5) يقال: أجل الرجل فلانا - من باب ضرب - كأجله تأجيلا: حبسه ومنعه. ويقال: نفى الكرب عنه - من باب رمى -: نحاه وأزاله ودفعه عنه. ويقال: أشفى المريض على الموت: أشرف عليه. وأشفى الأسير على القتل: قاربه (*).

 

[262]

غفلته، وأفرق من علته وشدة وجعه (6)، وخاف من خطيئته، واعترف بذنبه، وأخبت إلى ربه، وبكى من حذره، واستغفر واستعبر واستقال واستعفى والله إلى ربه، ورهب من سطوته، وأرسل من عبرته، ورجا وبكى ودعا، ونادى رب إني مسني الضر [يلامى] (7) قد ترى مكاني وتسمع كلامي، وتعلم سريرتي (8) وعلانيتي وتعلم حاجتي، وتحيط بما عندي، ولا يخفى عليك شي من أمري من علانيتي وما أبدي، وما يكنه صدري.

فأسألك بأنك تلي التدبير، وتقبل المعاذير، وتمضي المقادير، سؤال من أساء واعترف، وظلم نفسه واقترف، وندم على ما سلف، وأناب إلى ربه وأسف، ولاذ بفنائه وعكف، وأناخ رخاه وعطف (9)، وتبتل إلى مقيل عثرته، وقابل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(6) أي أفاق من علته التي أسكرته فأنسته ذكر ربه، يقال: أفرق المريض من مرضه: أي أفاق وبري.

(7) كذا في النسخة.

(8) ويساعد رسم الخط على قرأته (سرائري).

(9) كذا في النسخة، ولعل الصواب: (وأناخ رجاه وعطف) أي عطف رجأه اليك وانصرف عن غيرك، فأناخ رجأه وأمله بفنائك (*).

 

[263]

توبته وغافر حوبته (10) وراحم عبرته، وكاشف كربته، وشافي علته، أن ترحم تجاوري بك (11) وتضرعي إليك، وتغفر لي جميع ما أخطأته من كتابك وأحصاه كتابك (12)، وما مضى من علمك من ذنوبي وخطاياي (13) وجرائري في خلواتي وفجراتي وسيئاتي وهفواتي وهناتي (14)، وجميع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) يقال: بتل وتبتل إلى الله: أي انقطع عن غيره ولاذ به تعالى. والمقيل: الذي يوافقك على فسخ المعاملة ورجوع كل عوض إلى محله وصاحبه كما كان قبل المعاملة. والعثرة: الخطيئة. والحوبة: الذنب.

(11) أي التجائي واستجارتي وعياذي بك.

(12) كذا في النسخة ولعل المراد من قوله: (وما أخطأته من كتابك) ما يقرؤه القاري من القرآن الكريم على نحو الغلط لعدم اهتمامه بالقرآن، ويحتمل قويا أن يراد منه الاخطاء العملية - دون القولية - وهو عدم ائتماره بأوامر القرآن مسامحة وكسلا عن التحفظ على أوامر الله ونواهيه.

وقوله عليه السلام: (وما أحصاه كتابك) يصح أن يقرأ مصدرا - ويراد اللوح المحفوظ، أو ما كتبه الحفظة من أعمال المكلف - ويصح أيضا أن يقرأ بضم الكاف على انه جمع كاتب.

(13) كلمة (من) في قوله: (من علمك) بمعنى في، وفي قوله (من ذنوبي) بيان لقوله: (ما أخطأته. وما مضى من علمك).

(14) الهفوات: الزلات. جمع الهفوة: السقطة. والهناة: الداهية، والجمع هنوات - محركة كالهفوات -.

 

[264]

ما تشهد به حفظتك، وكتبته ملائكتك في الصغر وبعد البلوغ والشيب والشباب، بالليل والنهار، والغدو والآصال وبالعشي والأبكار والضحى والأسحار في الحضر والسفر، في الخلا والملا، وأن تجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

اللهم بحق محمد وآله أن تكشف [اكشف خ ل] عني العلل الغاشية في جسمي وفي شعري وبشري وعروقي وعصبي وجوارحي، فان ذلك لا يكشفها غيرك، يا أرحم الراحمين، ويا مجيب دعوة المضطرين.

الحديث الأول من باب الدعاء للسل والسعال من القسم الثاني من البحار: 19، ص 209 ط الكمباني.

 

- 58 -

ومن دعاء له عليه السلام في المناجاة العلامة النوري (ره)

في الدعاء العشرين من الصحيفة الثانية العلوية عن جماعة من أصحابنا منهم الشيخ الصدوق (ره) في الخصال، عن الحسن

 

[265]

ابن حمزة العلوي، عن يوسف بن محمد الطبري، عن سهل بن نجدة (1) قال: حدثنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي، قال: تكلم أمير المؤمنين عليه السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة، وأيتمن جواهر الحكمة (2)، وقطعن جميع الانام أن يلحقوا بواحدة منهن، ثلاث منها في المناجاة وثلاث منها في الحكمة، وثلاث منها في الادب، فأما اللاتي في المناجاة فقال عليه السلام: إلهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا، وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا، أنت كما أحب، فاجعلني كما تحب - الخ (3).

الحديث (14) من أبواب التسعة من الخصال ص 45.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي نسخة الخصال: (عن سهل بن نحرة).

(2) يقال: فقأت عين الشر: قلعتها وعورتها.

وأيتمت الصبي: جعلته يتيما بقتل أبيه أو بفقده.

ولا يخفى أن الشعبي قد أفتى بمقدار علمه بكلمات أمير المؤمنين، فلو كان له أقل خبرة لكان ينبغي له أن يقول مكان قوله: (تسع كلمات): تسعة آلاف كلمة الخ، بل جل كلم أمير المؤمنين عليه السلام - وهي غير محصورة - عور بلاغة البلغأ، وأيتم جواهر الحكم، فلا أب لجواهر الحكم حتى يستولد الحكم، ولا عين لبلاغة غيره حتى تعد من محاسن الشيم.

(3) وتتمة الرواية ذكرناها في الباب الخامس من كتابنا هذا (*).

 

[266]

 

- 59 -

ومن دعاء له عليه السلام

اللهم اني أسألك يا رب الأرباب الفانية، والأجساد البالية، أسألك بطاعة الأرواح الراجعة إلى أجسادها، وبطاعة الأجساد الملتئمة إلى أعضائها، وبانشقاق القبور عن أهلها، وبدعوتك الصادقة فيهم، وأخذك بالحق بينهم، إذا برز الخلائق ينتظرون قضأك، ويرون سلطانك، ويخافون بطشك، ويرجون رحمتك، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون، إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم.

أسألك يا رحمان أن تجعل النور في بصري واليقين في قلبي، وذكرك بالليل والنهار على لساني أبدا ما أبقيتني إنك على كل شي قدير.

قال الحافظ الجليل محمد بن شهر آشوب: فسمعها الأعمى (1) فحفظها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الألف واللام للعهد الذكري، إذ تقدم في كلامه ذكر ضرير وأعمى منكرا (*).

 

[267]

[وحفظها خ ل] ورجع إلى بيته الذي يأويه، فتطهر للصلاة وصلى، ثم دعا بها فلما بلغ إلى قوله: (أن تجعل النور في بصري) ارتد الأعمى بصيرا باذن الله تعالى.

المناقب: 2، ص 119، ط النجف، والبحار: 2، من 19، 205 س 3 عكسا.

والدعاء (25) من الصحيفة الثانية العلوية.

 

- 60 -

ومن دعاء له عليه السلام علمها لاصحابه وأمرهم أن يدعو بها حين يدخلون السوق

صدوق الشريعة وحافظ الشيعة محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام في حديث الأربعمائة أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لأصحابه: إذ اشتريتم ما تحتاجون ليه من السوق (1) فقولوا حين تدخلونه: أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي تحف العقول: إذا دخلتم الاسواق لحاجة فقولوا - الخ (*).

 

[268]

اللهم إني أعوذ بك من صفقة خاسرة، ويمين فاجرة، وأعوذ بك من بوار الأيم (1).

الخصال ص 169، والمختار (29) من الصحيفة الثانية، وحديث الأربعمائة من تحف العقول 122.

 

- 61 -

ومن دعاء له عليه السلام في الإستسقاء

أخبرنا محمد (2)، حدثني موسى، حدثنا أبي عن أبيه، عن جده جعفر ابن محمد عن أبيه عليهم السلام أن عليا عليه السلام كان إذا استسقى دعا بهذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي تحف العقول: وأعوذ بك من بواء الإثم.

وبوار الأيم: كسادها.

والأيم من لا زوج لها، وعدم الرغبة فيها هو كسادها.

(2) محمد هذا هو: محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي، من مشايخ الإجازة، وهو يروي كتاب الجعفريات [المسمى بالأشعثيات أيضا] عن سبط الامام الكاظم عليه السلام موسى، عن أبيه اسماعيل ابن الإمام موسى عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله، وهكذا شأن جميع أخبار الشيعة المروية عن النبي صلى الله عليه وآله بواسطة أحد الأئمة الإثنى عشر عليهم السلام، فانهم (ع) بينوا في كثير من المقامات لكثير من أجلة الرواة، بأنا إذا نقلنا عن جدنا النبي صلى الله عليه وآله فالواسطة بيننا وبينه صلى الله عليه وآله هم آباؤنا لا غير، -

 

[269]

الدعاء (2): اللهم انشر علينا رحمتك بالغيث العميق، والسحاب الفتيق (3)، ومن على عبادك بينوع الثمرة، وأحي عبادك وبلادك ببلوغ الزهرة (4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو صلى الله عليه وآله يروى عن جبرائيل عن الله تبارك تعالى، ونعم ما قيل: فوال أناسا قولهم وحديثهم... روى جدنا عن جبرائيل عن الباري (2) كذا في الصحيفة الثانية العلوية، وفي الجعفريات المطبوعة: (ان عليا عليه السلام كان إذا استسقى يدعو بهذا الدعاء) - الخ.

(3) كذا في الصحيفة العلوية، وفي متن الجعفريات المطبوعة هكذا: (اللهم انشر علينا رحمتك بالغيث المعبق) - الخ. وفي هامش الجعفريات: (العميق خ ل البعيق - خ ل). وفي المحكي عن بعض نسخ نوادر الراوندي: (البعيق)، وفي الصحيفة السجادية: (اللهم اسقنا الغيث، وانشر علينا رحمتك بغيثك المغدق من السحاب المنساق لنبات أرضك المونق في جميع الافاق) الخ. أقول: الغيث العميق هو المنبسط على جميع النواحي. ويقال: بعق المطر - من باب نصر ومنع - بعاقا الأرض: نزل عليها بغزارة فشقها، ويقال: تبعق وانبعق وابتعق السحاب: انبعج وتفجر بالمطر. والبعاق - كغراب -: سحاب يسقط مطره وبشدة. والسحاب الفتيق الذي ينشق وينكشف عن مطر.

(4) وفي الصحيفة السجادية (وامنن على عبادك بايناع الثمرة، وأحي بلادك ببلوغ الزهرة). يقال: ينع الثمر - ينعا وينعا وينوعا، والفعل من باب ضرب ومنع -: أدرك وطاب وحان قطافه. ومثله أينع الثمر (*).

 

[270]

وأشهد ملائكتك الكرام السفرة سقيا [بسقيا خ ل] منك نافعا (5) دائما غزره، واسعا دره، وابلا سريعا عاجلا [وحيا خ ل] (6) تحيي به ما قد مات، وترد به ما قد فات، وتخرج به ما هو آت، وتوسع لنا به في الأقوات، سحابا متراكما هنيئا مريئا طبقا مجللا (7) غير ملث ودقه ولا خلب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) كذا في الجعفريات، وفي المستدرك (بسقيا). وفي الصحيفة العلوية: (بسقي). أقول السقي - كفلس: اعطاء الماء للشرب، وهو مصدر سقى - من باب رمى -. والسقيا - كرقبى -: الحظ من الماء والنصيب منه.

(6) كذا في الصحيفة العلوية، وفي الجعفريات والمستدرك: (وابلا سريعا وجلا) - الخ. والظاهر أنه من أغلاط النساخ. وفي الصحيفة السجادية: (وأشهد ملائكتك الكرام بسقي منك نافع دائم غزره، واسع دره، وابل سريع عاجل تحيى به ما قد مات، وترد به ما قد فات، وتخرج به ما هو آت، وتوسع به في الأقوات) - الخ.

أقول: الغزر - كفلس وقفل -: الكثير. وهذا المعنى غير ملائم لهذا التركيب، إلا أن يراد لازمه، وهو الخير والبركة، كما أنه هو المراد من سعة الدر.

والوابل: المطر الشديد. والوحي - كحفي -: السريع العجل، يقال (موت وحي): عاجل، و (ذكاة وحية): عاجلة. والقتل بالسيف أوحى: أسرع.

(7) كذا في الجعفريات والصحيفة العلوية، وفي المستدرك: (سحابا متراكبا) وفي الصحيفة السجادية: (طبقا مجلجلا) أقول: قوله عليه السلام: =

 

[271]

برقه (8).

اللهم اسقنا غيثا مريعا ممرعا [عديما خ ل] عريضا واسعا غزيرا تروي به البهم، وتجبر به النهم (9).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(طبقا) بالتحريك - أي عاما شاملا كثيرا يطبق الأرض ويغطيها.

وقوله: (مجللا) بصيغة اسم الفاعل، يقال جلل المطر الأرض أي عمعها وطبقها.

والشئ أي غطاه: وعلى هذا فهو تأكيد لقوله، (طبقا).

(8) كذا في الصحيفة العلوية، ومثله في الصحيفة السجادية، وفي المطبوع من الجعفريات: (غير ملط [مضر خ ل] ودقه) وفى المستدرك: (غير ملط ودقه) وفي هامشه نقلا عن نوادر الراوندي: (غير مضر ودقه) الخ.

يقال: ألث السحاب: دام، وأصله من ألث فلان بالمكان: إذا أقام فيه ولا يبرح.

والودق: المطر.

والبرق الخلب: الذي يطمع الناس المطر ولا مطر فيه، وهو من الخلابة - بالكسر -: الخديعة بحلو القول، قال الشاعر: لم يكن برقك برقا خلبا ان خير البرق ما الغيث معه (9) كذا في الصحيفة العلوية عدى قوله: (عديما خ ل) فانه ليس فيه، وفي المستدرك: (اللهم اسقنا غيثا مريعا ممرعا عديما واسعا غزيرا يرو به البهم، ويجبر به النهم) الخ، وفي الجعفريات: (اللهم اسقنا غيثا مريعا ممرعا عديما واسعا عزيزا يرو به البهم، ويجبر به النهم) الخ.

وفي هامش العلوية حاكيا عن نوادر الراوندي: (اللهم اسقنا غيثا مريعا عريضا واسعا غزيرا ترد به النهيض، وتجبر به المهيض اللهم خ ل) أقول: ومثله في الصحيفة السجادية، إلا أن فيها: (اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا ممرعا) الخ.

أقول: البهم - على زنة سهم وسبب -: أولاد المعز - =

 

[272]

[اللهم] اسقنا سقيا تسيل منه الرضا [الظراب خ ل] (10) وتملأ منه الجباب، وتفجر منه الأنهار،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= والضأن والبقر.

وهو جمع البهمه - بسكون الهاء وتحريكها -.

والنهم - كالنهامه على زنة سبب وسحابه -: افرط الشهوة في الطعام وأن لا تملي عين الآكل ولا يشبع.

(10) كذا في الصحيفة العلوية، وفي الجعفريات والمستدرك: (تسيل منه الرضاب ويملأ منه) الخ.

وفي الصحيفة السجادية: (اللهم اسقنا سقيا تسيل منه الظراب وتملأ منه الجباب، وتفجر به الأنهار، وتنبت به الأشجار، وترخص به الأسعار في جميع الأمصار، وتنعش به البهائم والخلق، وتكمل لنا به طيبات الرزق، وتنبت لنا به الزرع، وتدر به الضرع) الخ.

أقول: لم أجد معنى مناسبا يفسر به (الرضاب) على ما في الجعفريات والمستدرك، والذي يخطر بالبال قويا انه من سهو النساخ وتحريفهم، والصواب: (الضراب) - على زنة كتاب - ويؤيده ما في الصحيفة السجادية المنقولة عن محققي علمائنا خلفا عن سلف، وصالحا عن صالح، بخلاف كتاب الجعفريات، فانه مع صحته واعتباره في حد ذاته - لم يمسسه إنس ولا جان، إلا فئة قليلة من الملأ الأعلى الذين ألهمهم الله البحث والتنقيب حول الآثار المنقولة عن النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم، إلا أن نسخهم المصححة لم تصل الينا، بل أتلفتها يد العدوان، وريب الزمان.

والحاصل أن الصواب هو: (الظراب) وهو جمع ظرب - ككتف - وهو ما ارتفع من الأرض، - ويعبر عنه في اللغة الفارسية ب‍ (بست) على زنة بخت وتخت -. وقيل: هو الجبل الصغير المنبسط على الارض. وقيل: هو رؤوس الجبال. والجباب =

 

[273]

وتنبت به الأشجار، وترخص به الأسعار في جميع الأمصار، وتنعش به البهائم والخلق وتنبت به الزرع وتدر به الضرع، وتزيدنا به قوة إلى قوتك (11).

اللهم لا تجعل ظله علينا سموما، ولا تجعل برده علينا حسوما، ولا تجعل ضره (12) علينا رجوما، ولا ماءه علينا أجاجا.

اللهم ارزقنا من بركات السماوات والأرض (13).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= ككتاب وضراب -: جمع الجب، وهو البئر العاديه القديمة، ووجه تخصصيه أنه لا يشبع بالأمطار القليله، بل يبلع الماء ويقول: هل من مزيد، فإذا صار مملوا بالماء، فالمطر هو المطلوب لمعاشر المرزقين.

ثم لا يخفى ان جل الأفعال الآتية يصح أن تقرأ معلوما ومجهولا، وفى بعضها أن يكون متعديا ولازما.

(11) وفي الجعفريات: (وتزدنا به قوة إلى قوتك [قوتنا خ ل]).

وفي هامش المستدر نقلا عن نوادر الراوندي: (وتزيدنا به قوة إلى قوتنا).

(12) وفي هامش المستدرك حاكيا عن النوادر: (ولا تجعل صعقه علينا رجوما) الخ.

ومثله في هامش الصحيفة العلوية، إلا انه عقبه ب‍ (خ ل).

وفي الصحيفة السجادية: (اللهم لا تجعل ظله علينا سموما، وبرده علينا حسوما، ولا تجعل صوبه علينا رجوما، ولا تجعل ماءه علينا أجاجا) الخ.

(13) وفي الصحيفة السجادية: (اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقنا من بركات السماوات والأرض، إنك على كل شي قدير).

 

[274]

الجعفريات ص 49 الطبعة الأولى.

ورواه عنه وعن نوادر الراوندي رحمه الله في الدعاء السادس والثلاثين من الصحيفة الثانية العلوية ص 132، وكذلك في الحديث الثاني من الباب الأول من صلاة الاستسقاء من مستدرك الوسائل ج 1، ص 438، ط 2.

وقريب منه جدا في الدعاء التاسع عشر من الصحيفة الكاملة السجادية، وتقدمت أيضا في الباب الأول من كتابنا هذا خطبة له عليه السلام قد اشتملت على أكثر ألفاظ هذا الدعاء، وكذلك المختار (113) من الباب الأول من نهج البلاغة متضمن لبعض ألفاظ هذا الدعاء.

 

- 62 -

ومن دعاء له عليه السلام

عن سعيد بن زيد، قال: كان علي عليه السلام يقول: اللهم إني أشهدك أن السماوات والأرض وما بينهما آيات تدل عليك، وشواهد تشهد لك بما ادعيت، كل يؤدي عنك حجة، ويشهد بالربوبية (1)، موسومة بآثار قدرتك ومعالم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي رواية ابن أبي الحديد: (كل من [ما خ ل] يؤدي عنك الحجة، ويشهد لك بالربوبية موسوم بآثار نعمتك ومعالم تدبيرك) الخ (*).

 

[275]

تدبيرك، الذي تجليت به لخلقك فأوصلت إلى القلوب من معرفتك ما آنسها من الوحشة منك (1) مع معرفتك، شاهدة لك بأنك لا تحدك الصفات ولا يدركك الأوهام، وأن حظ المتفكر فيك الإقرار لك بالواحدانية.

وأعوذ بك أن أضل أو أزل أو أسير بروح أو بدن إلى غيرك.

المختار (3) من كلمه عليه السلام في نظم درر السمطين 150.

 

- 63 -

ومن دعاء له عليه السلام

هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله عليه (2)، قال: حدثنا اسحاق بن محمد بن مروان الكوفي، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن عدي بن حاتم الطائي، قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وفي رواية ابن أبي الحديد: (فأوصلت إلى القلوب من معرفتك ما آنسها من وحشة الفكر، وكفاها رجم الاحتجاج، فهي مع معرفتها بك، وولهها اليك شاهدة بأنك لا تأخذك الأوهام) الخ.

(2) هذا على ما استظهره العلامة النوري (ره) في الصحيفة الثانية 170 (*).

 

[276]

دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فوجدته قائما يصلي متغيرا لونه، فلم أر مصليا بعد رسول الله صلى الله عليوآله أتم ركوعا ولا سجودا منه، فسعيت نحوه، فلما سمع بحسي أشار الي بيده، فوقفت حتى صلى ركعتين أوجزهما وأكملهما ثم سلم ثم سجد سجدة أطالها فقلت في نفسي: نام والله، فرفع رأسه ثم قال: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا.

يا معز المؤمنين بسلطانه، يا مذل الجبارين بعظمته، أنت كهفي حين تعييني المذاهب عند حلول النوائب، فتضيق علي الأرض برحبها، أنت خلقتني يا سيدي رحمة منك لي، ولولا رحمتك لكنت من الهالكين، وأنت مؤيدي بالنصر على أعدائي ولولا نصرك لكنت من المغلوبين.

يا منشئ البركات من مواضعها، ومرسل الرحمة من معادنها.

فيامن خص نفسه بالعز والرحمة، فأولياؤه بعزه يعتزون، ويامن وضع له الملوك نير المذلة على أعناقهم (2) فهم من سطواته خائفون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) النير - بكسر النون كعير ومير -: الخشبة المعترضة في عنق الثورين - حين =

 

[277]

أسألك بكبريائك التي شققتها من عظمتك، وبعظمتك التي استويت بها على عرشك، وعلوت [فعلوت خ ل] بها في خلقك، وكلهم خاضع ذليل لعزتك، صل على محمد وآله، وافعل بي أولى الأمرين، تباركت يا أرحم الراحمين.

قال عدي بن حاتم الطائي: ثم التفت الي أمير المؤمنين بكله فقال: أسمعت ما قلت أنا ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين.

قال: والذي فلق الحبة وبري النسمة، ما دعا به مكروب، ولا توسل إلى الله به محروب ولا مسلوب إلا نفس الله خناقه، وحل وثاقه، وفرج همه، ويسر غمه، وحقيق على من بلغه أن يتحفظه.

قال عدي: فما تركت الدعاء منذ سمعته عن أمير المؤمنين عليه السلام حتى الأن.

كتاب الصلاة من البحار: 18، 483 س 3، الحديث 61، من باب سجدة الشكر.

والمختار (70) من الصحيفة الثانية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

= يستعملون لبقر الأرض والزرع - والجمع أنيار - كأعياد في جمع العيد - ونيران.

والمراد هنا معناه الكنائى، وهو كون الملوك محتاجين إليه تعالى، ومقهورين بأيدى حوادثه الجارية عليهم، مثل مقهورية الثورين تحت يد الزراع والأكاربن.