[278]
ومن دعاء له عليه السلام عند الصباح
ثقة الإسلام الكليني رضوان الله عليه، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن ميمون، عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا صلوات الله عليه وآله كان إذا أصبح يقول: سبحان الله الملك القدوس، سبحان الله الملك القدوس، سبحان الله الملك القدوس.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن فجأة نقمتك، ومن درك الشقاء، ومن شر ما سبق في الليل (1).
اللهم إني أسألك بعزة ملكك، وشدة قوتك، وبعظيم سلطانك، وبقدرتك على خلقك.
ثم سل حاجتك (2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي ما قدر في الليل من البلايا النازلة في النهار، أو ما سبق مني في الليل بلا تدبر وتفكر في عاقبته.
وفي الطريق الثاني: (ومن شر ما سبق في الكتاب) الخ.
قال المجلسي (ره): وهو أظهر.
(2) كأنه معطوف على المفهوم من السابق، فان النقل عن أمير المؤمنين =
[279]
الحديث 16، من الباب 47، من كتاب الدعاء من اصول الكافي: 2، 527.
ورواه أيضا في الحديث 30، من الباب عن البرقي، عن عبد الرحمان بن حماد، عن عبد الله بن ابراهيم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار فقل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا - إلى آخر الدعاء - ثم قال عليه السلام: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إذا أصبح: سبحان الله الملك القدوس - ثلاثا - اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك - الخ.
ورواه المجلسي الوجيه (ره) في الحديث (78) من باب الأدعية والأذكار عند الصباح والمسأ (وهو الباب 63) من صلاة البحار: 18، 497، س 21، ط الكمباني.
ورواه السماهيجي (ره) في الدعاء (59) من الصحيفة العلوية 154.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= عليه السلام متضمن لأمر المخاطب بقوله مثله، فكأنه قال: فقل هذا ثم سل حتجتك - كذا أفاده المجلسي الوجيه.
[280]
ومن دعاء له عليه السلام علم فيه الناس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
عن ابن قتيبة في غريب الحديث (1) عن سلامة الكندي قال: كان علي عليه السلام يعلمنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: اللهم داحي المدحوات (2) وبارئ المسموكات (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وللدعاء مصادر وثيقة أخرى نذكرها بعد الختام.
(2) الداحي: الباسط. والمدحوات: المبسوطات الممهدات، والمراد منها الأرضون. قال ابن قتيبة - وورد في بعض الأخبار أيضا -: وكان الله تعالى خلقها ربوة ثم بسطها، قال سبحانه في الآية (30) من سورة النازعات: (والأرض بعد ذلك دحاها). وكل شئ بسطته فقد دحوته، ومنه قيل لموضع بيض النعامة: أدحى. لأنها تدحو - أي توسعه - للبيض. ووزنه أفعول.
(3) وفي النهج والصحيفة العلوية: (وداعم المسموكات) أقول: داعم المسموكات: أي جاعلها ذا سند ودعامة تحفظها عن الميل إلى أحد الجوانب. والبارئ: الموجد الذي يبرى وينشئ الشئ من كتم العدم. والمسموكات: المرفوعات، وكل شئ رفعته وأعليته فقد سمكته. وسمك البيت والحائط: ارتفاعه قال الفرزدق: إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه أعز وأطول
[281]
وجبار القلوب على فطراتها شقيها وسعيدها (4) إجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك ورأفة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) وفي نهج البلاغة: (وجابل القلوب على فطرتها) وهو أظهر، وقوله: (شقيها وسعيدها) بدل من القلوب، والجابل: الخالق، يقال: جبله الله على الكرم - من باب ضرب ونصر -: فطره وخلقه عليه.
وجبار القلوب على فطراتها - كما في رواية ابن قتيبة وغيره - من قولهم: جبرت العظم فجبر من باب نصر - إذا كان مكسورا فأقمته وأصلحته، أي أقام القلوب شقيها وسعيدها، وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والاقرار به.
قال ابن قتيبة: فان كان يجوز أن يقال من أجبرت فلانا على الأمر: أنا جبار له، وكان هذا محفوظا، فيجوز أن يجعل قوله عليه السلام: (جبار القلوب)) من ذلك، وهو أحسن في المعنى.
والفطرة - بكسر فسكون - كالعبرة: الصفة الطبيعية التي يكون عليها كل موجود في بد وجوده وبحسب طبعه، وهي للانسان حالته خاليا من الاراء والاهواء والعقائد، وهو بها يكون كاسبا محضا، فحسن اختياره يهديه ويسوقه إلى السعادة وسوء تصرفه يضلله في طرق الشقاوة، وجمع الفطرة الفطر - كعبرة وعبر وكسرة وكسر - والفطرات - بفتح الطاء - جمع فطر التي هي جمع الفطرة - ككسرات جمع كسر التي هي جمع كسرة - قال في لسان العرب: وفي حديث علي رضي الله عنه (وجبار القلوب على فطراتها) أي على خلقها، جمع فطر وفطر جمع فطرة، وهي جمع فطرة ككسرة وكسرات، بفتح طاء الجميع، يقال: فطرات وفطرات وفطرات.
[282]
تحياتك (5) على محمد عبدك ورسولك، الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق (6) والمعلن الحق بالحق، والدامغ جيشات الأباطيل (7) كما حملته فاضطلع بأمرك لطاعتك مستوفزا في مرضاتك (8) لغير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) وفي دستور معالم الحكم: (ورأفة تحننك) والشرائف جمع شريفة مؤنث الشريف بمعنى ذي العلى والشرف، والنوامي جمع نامية مؤنث النامي، وهي التي تنمو وتكثر وترتفع.
(6) وفي النهج والصحيفة العلوية: (الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق) أي الخاتم لما تقدمه من النبوات، والفاتح لما أغلقه الضلال من طريق الهداية والرشاد.
(7) وفي النهج: (والدافع جيشات الأباطيل، والدامغ صولات الأضاليل) وفي الصحيفة العلوية: (والدافع خبيثات الأباطيل، والدامغ صولات الأضاليل) أقول: الدامغ مأخوذ من دمغه - من باب نصر ومنع - إذا شجه حتى بلغت الشجة دماغه فأبطله ومحقه، إذ الدماغ مقتل فإذا أصيب هلك صاحبه.
وجيشات جمع جيشة - بفتح فسكون - مأخوذ من (جاشت القدر) إذا ارتفع غليانها وطمى ماؤها.
والأباطيل جمع باطل - كأضاليل جمع ضلال - على غير قياس.
أي قمع ما ارتفع من الأباطيل، وأهلكها بسطوع البرهان وظهور الحجة.
(8) وفي النهج: (كما حمل فاضطلع قائما بأمرك).
وفي دستور معالم الحكم: (كما حمل فاضطلع بأمرك لطاعتك) أي أعلن الحق بالحق، وقمع الباطل كما حمل تلك الأعمال الجليلة بتحمله اعباء الرسالة، فاضطلع أي نهض بها قويا، =
[283]
نكل في قدم ولا وهن في عزم (9) داعيا لوحيك حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك، حتى أورى قبسا لقابس (10) آلاء الله تصل بأهله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والضلاعه: القوة، وقد تكون الكاف في قوله: (كما حملته) للتعليل كما في قوله: فقلت له أبا المللحاء خذها .... كما أوسعتنا بغيا وعدوا ومستوفزا: مسارعا مستعجلا: وهو حال عن المستتر في (فاضطلع) (9) وفي النهج: (غير ناكل عن قدم، ولا واه في عزم، واعيا لوحيك حافظا على عهدك) وهو أظهر.
وفي دستور معالم الحكم مثل ما في المتن عدا قوله: (واعيا لوحيك) فانه بالواو كما في النهج.
وقال ابن قتيبة: النكل والنكول - كفلس وفلوس - مصدران لقولهم: نكل فلان عن الامر - من باب نصر -: تأخر ورجع على عقبيه، فهذا هو المشهور، ونكل - بالكسر - ينكل نكلا - بضم فسكون - قليلة.
وقال أيضا: القدم: التقدم.
قال أبو زيد: رجل مقدام إذا كان شجاعا فالقدم يجوز أن يكون بمعنى التقدم وبمعنى المتقدم.
أقول: والأظهر ما في النهج من ضبط (قدم) - على زنة قفل وعنق - وهو المضي إلى الامام، يقال: مضى قدما: أي لم يعرج ولم ينثن.
واللام في قوله: (لغير نكل) متعلقة بقوله: (مستوفزا) أي استوفز لغير نكول، بل للخوف منك والخضوع لك.
(10) وفي نهج البلاغة: (حتى أورى قبس القابس، وأضاء الطريق للخابط، وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن، وأقام موضحات الأعلام) وفي دستور معالم الحكم: (حتى أورى قبسا لقابس، وأنار علما لحابس) يقال: ورى الزند: - كوعى - ووري - كولي - يري ورياو ورياورية - كوعدا وبعدا وعدة -: =
[284]
أسبابه (11) به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والإثم (12) موضحات الأعلام ونائرات الأحكام ومنيرات الإسلام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك نعمة ورسولك بالحق رحمة (13).
اللهم افسح له مفسحا في عدلك (14) واجزه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= خرجت ناره، فهو وار.
وأوريته ووريته واستورته: أتقدته.
والقبس: شعلة من النار.
والقابس: الذى يطلب النار يقال: قبست نارا فأقتبسني.
(11) قال ابن أبي الحديد: تقدير الكلام: حتى أورى قبسا لقابس تصل أسباب ذلك القبس آلاء الله ونعمه بأهله المؤمنين به.
(12) وفي الصحيفة العلوية: (وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والآثام، وأقام موضحات الأعلام، ونيرات الأحكام) وما في النهج أظهر.
وعلى نسخة ابن قتيبة وكذا القضاعي يكون قوله: (موضحات ونائرات ومنيرات) حالا عن الضمير المجرور في قوله: (به) الراجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقال ابن قتيبة: قوله: (به هديت القلوب بعد الكفر والفتن موضحات الأعلام): أي هديته لموضحات الأعلام.
(13) وفي الصحيفة العلوية: (ورسولك إلى الخلق) وفي النهج: (وبعيثك بالحق ورسولك إلى الخلق) والبعيث فعيل بمعنى المفعول - كحبيب وذبيح - كما أن الشهيد - فعيل - بمعنى الفاعل.
(14) وفي النهج والصحيفة: (اللهم افسح له مفسحا في ظلك)، وفي =
[285]
مضاعفات الخير من فضلك، مهنآت غير مكدرات من فوز ثوابك المحلول، وجزل عطائك المعلول (15).
اللهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم مثواه لديك ونزله، وأتمم له نوره واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة [و] مرضي المقالة (16)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دستور معالم الحكم: (اللهم افسح له مفسحا في عدلك أوعدنك)، قال ابن قتيبه: أي دار عدلك يعنى يوم القيامة.
ومن روى (في عدنك) بالنون أراد جنة عدن (15) وفي دستور معالم الحكم: (وجزيل عطائك المعلول) أقول: الظاهر أن قوله: (ومن فوز) بيان أو بدل لقوله: (مضاعفات الخير) ولعل المراد من الثواب المحلول الثواب الذي قد صار محققا فعليا وحل بعامله وأثيب عامله به.
ويقال: عطاء جزل وجزيل: عظيم كثير.
وقال ابن قتيبة: (المعلول) من العلل وهو الشرب بعد الشرب، فالشرب الأول نهل، والثاني علل، يريد أن عطاءه عزوجل مضاعف كأنه يعل عباده، أي يعطيهم عطأ بعد عطاء.
(16) وفي النهج - وقريب منه جدا في الصحيفة -: (وأكرم لديك منزلته، وأتمم له نوره، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ومرضي المقالة، ذا منطق عدل وخطة فصل.
اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش وقرار النعمة، ومنى الشهوات، وأهوأ اللذات، ورخاء الدعة، ومنتهى الطمأنينة، وتحف الكرامة) (*).
[286]
ذا منطق عدل، وخطة فصل، وبرهان عظيم.
رواه ابن أبي الحديد في غريب كلامه عليه السلام من شرح نهج البلاغة: 19، ص 134، عن ابن قتيبة، ورواه المجلسي (ره) في باب الصلوات الكبيرة: (23) من المجلد الثاني من تاسع عشر من البحار 86، عن الثقفي رحمه الله في الغارات رفعه عن أبي سلام الكندي، ورواه القاضي القضاعي في المختار الأول من الباب السادس من دستور معالم الحكم ص 119.
ورواه أيضا في المختار (69) من خطب نهج البلاغة، ورواه أيضا في الدعاء الثاني عشر من الصحيفة الأولى العلوية ص 53.
وقريب منه ما ذكرناه بسند آخر في خطب نهج السعادة فراجع.
ومن دعاء له عليه السلام
وكان عليه السلام يقسم ما في بيت المال ثم يأمر بكنسه ثم يصلي فيه ثم يقول اللهم إني أعوذ بك من ذنب تحبط العمل، وأعوذ بك من ذنب يورث الندم، وأعوذ بك من ذنب يهتك العصمة، وأعوذ بك من ذنب يحبس القسم (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفي مستدرك البحار: 17، ص 422 س 5 عكسا عن نزهة الناظر =
[287]
الحديث العاشر من الباب (25) من القسم الثاني من التاسع عشر من البحار، ص 88، س 20، ط الكمباني، نقلا عن دعوات الراوندي (ره) ورواه عنه أيضا في الدعاء (65) من الصحيفة العلوية ص 166.
ومن دعاء له عليه السلام في الصباح
اللهم أحيني وأمتني على الكتاب والسنة، وسلمني من الأهواء والبدعة، والزيغ والشبهة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الذنوب تغير النعم: البغى يوجب الندم القتل ينزل النقم: الظلم يهتك العصم: شرب الخمر يحبس الرزق، الزنا يعجل الفناء قطيعة الرحم تحجب الدعاء: عقوق الوالدين يبتر العمر - الخ.
في كتب الاختصاص: 238، ط 2: عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه السلام قال: الذنوب التى تغير النعم البغى، والذنوب التى تورث الندم القتل، والذنوب التى تنزل النقم الظلم، والذنوب التى تهتك الستر شرب الخمر، والذنوب التى تحبس الرزق الزنا، والذنوب التى تعجل الفناء قطلعة الرحم، والذنوب التى تظلم الهواء وتحبس الدعاء عقوق الوالدين.
أقول: فد تقدم في التعليق على دعاء الكميل ص 149: ما ينفع هنا.
[288]
واعصمني من الحيرة والضلالة، والحمق والجهالة، ومن سوء البلاء والفتنة، وقلة الفهم والمعرفة، واتصال الغفلة بطول المدة، وغلبة الشهوة، إنك لطيف لما تشاء يا أرحم الراحمين.
الصحيفة الثانية ص 196، عن كنور النجاح للطبرسي (ره).
ومن دعاء له عليه السلام عند النظر إلى الشمس
أيتها الشمس البديعة التصوير، المعجزة التقدير التي جعلت سراجا للأبصار، نفعا بسكان الأمصار شروقك حياة، وغروبك وفاة، إن طلعت بأمر عزيز، وإن رجعت إلى مستقر حريز (1) أسأل الذي زين السماء، وألبسك الضياء، وصدع لك أركان المطالع (2)، وحجبك بالشعاع الا مع،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التقدير: (ان طلعت طلعت بأمر عزيز) وكذا الكلام في تاليه.
(2) يقال صدع الشئ صدعا - من باب منع -: شقه ولم يفترق. وصدع القوم: فرقهم. وصدع الأمر: كشفه وبينه. وصدع الشئ تصديعا - من باب فعل -: شقه. وصدع النهر أو الفلات: قطعهما.
[289]
فلا يشرف بك [شي ظ] إلا امتحق (3)، ولا يواجهك بشر إلا احترق -، أن يهب لنا بك من الصحة ودفع العلة، ورد الغربة (4) وكشف الكربة وأن يقينا من الزلل، ومتابعة الهوى، ومصاحبة الردى، وأن يمن علينا من العمر بأطوله، ومن العمل بأفضله، وأن يجعلك لقضاء جديد سعيد يؤذن بلباس الصحة، ويضمن دفاع النقمة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأتمم علينا آلاءك التي أوليتنيها (5)، واحرس علينا عوارفك التي أسديتنيها (6)، إنك ولي الإحسان، وواهب الإمتنان، ذو الطول الشديد، فعال لما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) يقال: امتحق الشئ: اضمحل وبطل وامحى. وامتحق الحر الشئ: أحرقه. وامتحق النبات: يبس واحترق بشدة الحر. وامتحق الرجل: قارب الموت. والشئ: ذهب خيره وبركته.
(4) كذا في النسخة، ولعله بالتحريك جمع للغريب، وإنما سكن الراء للموازنة.
(5) يقال: أولاه معروفاً: صنعه إليه. ويقال في التعجب: ما أولاه بالمعروف.
(6) يقال: أسدى اسداء إليه: أحسن. يقال: ألحم ما أسديت، أي تمّم ما ابتدأته من الإحسان.
[290]
يريد، والحمد لله رب العالمين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال شيخنا النوري (ره): وجدت في ظهر نسخة عتيقة من كتاب لب اللباب للشيخ السعيد القطب الراوندي (ره) كتبت فيما يقرب من عصره (هذا الدعأ) مرويا عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
وقال السيد رضي الدين علي بن طاوس (ره) في الفصل الخامس والعشرين من كتاب جمال الاسبوع - بعد ذكر دعاء يفتح به كل يوم جمعة بعد طلوع الشمس - ما لفظه: وقد تقدم في تعقيب الصبح من عمل اليوم والليلة دعاء عند النظر إلى الشمس، مروي عن مولانا علي صلوات الله عليه، فان شئت فادع به يوم الجمعة فانه حيث أشرنا إليه.
والجز الذي أشار (السيد (ره) إليه، من كتاب عمل اليوم والليلة المسمى بفلاح السائل مفقود، والظاهر - بل المقطوع - أن ما أشار إليه هو هذا الدعاء.
ومن دعاء له عليه السلام في الاقرار بالعبودية لله وتعداد بعض ما أنعم الله عليه
اللهم إني عبدك ووليك، اخترتني وارتضيتني ورفعتني وكرمتني بما أورثتني من مقام
[291]
أصفيائك، وخلافة أوليائك، وأغنيتني وأفقرت الناس في دينهم ودنياهم إلي، وأعززتني وأذللت العباد إلي، وأسكنت قلبي نورك ولم تحوجني إلى غيرك، وأنعمت علي وأنعمت بي ولم تجعل منة علي لأحد سواك، وأقمتني لإحياء حقك، والشهادة على خلقك، ولا أرضى ولا أسخط إلا لرضاك وسخطك، ولا أقول إلا حقا، ولا أنطق إلا صدقا.
مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: 1، 320.
ورواه عنه في الحديث 5، من الباب 99 من البحار: 9 وفي ط الحديث ج 41 ص 6، وأيضا رواه عنه في الصحيفة الثانية ص 51.
ومن دعاء له عليه السلام على طلحة والزبير
اللهم إن طلحة بن عبيدالله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي، اللهم فعاجله ولا تمهله، اللهم وإن الزبير بن العوام قطع قرابتي
[292]
ونكث عهدي وظاهر عدوي وهو يعلم أنه ظالم لي فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت (1).
أعثم الكوفي في كتاب الفتوح كما في مناقب آل أبي طالب: 2، ص 112 ط النجف في أول فصل إجابة دعواته عليه السلام.
ومن دعاء له عليه السلام لما قدم البصرة فصلى أربع ركعات في الموضع المعروف بالزاوية
المسعودي (ره) عن أبي خليفة الفضل بن حباب الجمحي، عن ابن عائشة، عن معن بن عيسى، عن المنذر بن الجارود، قال: لما قدم علي (رض) البصرة دخل مما يلي الطف - ثم وصف كيفية وروده مع عسكره في كلام طويل، ثم قال: - فساروا حتى نزلوا الموضع المعروف بالزاوية، فصلى أربع ركعات وعفر خديه على التراب، وقد خالط ذلك دموعه، ثم رفع يديه يدعو و (يقول): اللهم رب السماوات وما أظلت، والأرضين وما أقلت، ورب العرش العظيم، هذه البصرة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفي الطبري وكثير من المصادر: اللهم فاحلل ما عقدا ولا تبرم ما أحكما في أنفسهما، وأرهما المساءة فيما قد عملا (*).
[293]
أسألك من خيرها وأعوذ بك من شرها.
اللهم أنزلنا فيها منزل (1) وأنت خير المنزلين.
اللهم إن هؤلا القوم قد خلعوا طاعتي، وبغوا علي ونكثوا بيعتي.
اللهم احقن دماء المسلمين.
ثم أمر عليه السلام جنده أن لا يبدأوهم بالقتال، حتى جأ عبد الله ابن بديل بن ورقاء الخزاعي من الميمنة، بأخ له مقتول، وجاء قوم من الميسرة بمن قتل بسهم.
مروج الذهب: 2 ص 370 ط مصر.
وليعلم أن ما عدا الدعاء تلخيص ونقل بالمعنى.
ومن دعاء له عليه السلام وكان يعلمه أصحابه
عن الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (رح) في فضائل علي عليه السلام من تصنيفه، عن عاصم بن صميرة، أن عليا (ع) كان يعلمهم هذه الكلمات: إلهي عظم حلمك فعفوت، فلك الحمد، وتبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد، ربنا وجهك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة، والصواب: اللهم أنزلنا فيها خير منزل الخ (*).
[294]
أكرم الوجوه، وجاهك خير الجاه، وعطيتك أبلغ العطية، تطاع ربنا فتشكر، ونعصي ربنا فتغفر وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي من السقم، وتنجي من الكرب، وتقبل التوبة، وتغفر الذنب، لا يجزي بآلائك أحد، ولا يحصي نعمك قول قائل.
المختار الأول مما اختار من كلمه (ع) في نظم درر السمطين 150، ط 1.
ومن دعاء له عليه السلام في يوم الجمل
روى القاضي نعمان في كتاب شرح الأخبار، عن الإمام الصادق عليه السلام أنه لما تواقف الناس يوم الجمل، خرج أمير المؤمنين عليه السلام حتى وقف بين الصفين، ثم رفع يده نحو السماء ثم قال: ياخير من أفضت إليه القلوب، ودعي بالألسن، يا حسن البلا، يا جزيل العطاء، أحكم بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الحاكمين.
الحديث 12، من الباب (46) من كتاب الجهاد من المستدرك: 2، 264.
[295]
ومن دعاء له عليه السلام إذا لقي العدو
اللهم إنك أنت عصمتي وناصري ومانعي (1) اللهم بك أصول، وبك أقاتل.
الحديث 16، من الباب 7، من كتاب الجهاد من الدعائم: 1، 371.
ومن دعاء له عليه السلام في يوم الجمل
حين أصر القوم على القتال، وقتلوا مسلما، وهو ناشر للقرآن الكريم، وقائل: هذا كتاب الله وأمير المؤمنين يدعوكم إلى ما فيه، فقالت عائشة: أشجروه بالرماح، فتبادروا إليه وطعنوه من كل جانب، فرفع أمير المؤمنين عليه السلام يديه إلى السماء وقال: اللهم إليك شخصت الأبصار، وبسطت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في المستدرك: 2، 264 في الحديث 10، من الباب 46، من كتاب الجهاد، وفي دعائم الإسلام: ومعيني (*).
[296]
الأيدي، وأفضت القلوب، وتقربت إليك بالأعمال، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين.
كتاب الجمل، 182، ط النجف، وقريب منه رويناه عن كتاب دعائم الإسلام.
ومن دعاء له عليه السلام إذا أراد القتال
المجلسي الوجيه (ره) عن مجموعة لبعض القدماء، عن الإمام الصادق عن أبيه، عن الإمام السجاد، عن أمير المؤمنين عليهم السلام انه دعا بهذا الدعاء: اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك، فجعلت فيه رضاك، وندبت إليه أوليأك، وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا، وأكرمها لديك مآبا، وأحبها إليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيلك فيقتلون ويقتلون وعدا عليك حقا، فاجعلني ممن اشترى فيه منك نفسه، ثم وفى لك بيعته
[297]
الذي بايعك عليه غير ناكث ولا ناقض عهدك، ولا مبدلا تبديلا، إلا استنجازا لوعدك، واستيجابا لمحبتك، وتقربا إليك، فصل على محمد وآله، واجعله خاتمة عملي، وارزقني فيه لك وبك مشهدا توجب لي به الرضا، وتحط عني به الخطايا في الأحياء المرزوقين بأيدي العداة العصاة، تحت لواء الحق وراية الهدى، ماض على نصرتهم قدما غير مول دبرا، ولا محدث شكا، أعوذ بك عند ذلك من الذنب المحبط للأعمال.
البحار، ج 20 ص 262، ط الكمباني والصحيفة الأولى ص 179.
وللدعاء مصادر وثيقة تأتي الإشارة إليها.
ومن دعاء له عليه السلام في الإستسقاء
العلامة النوري رحمه الله عن كتاب فقه الرضا، قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو عند الإستسقاء بهذا الدعاء: يا مغيثنا ومغنينا ومعيننا على ديننا ودنيانا بالذي تنشر علينا من الرزق، نزل بنا عظيم
[298]
لا يقدر على تفريجه غير منزله، عجل على العباد فرجه (1) فقد أشرفت الأبدان على الهلاك، فإذا هلكت الأبدان هلك الدين، ياديان العباد ومقدر أمورهم بمقادير أرزاقهم لا تحل بيننا وبين رزقك وما أصبحنا فيه من كرامتك، معترفين (2) قد أصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا، ارحمنا بمن جعلته أهلا لاستجابة دعائه حين سألك، يا رحيم لا تحبس عنا ما في السماء، وانشر علينا نعمك وعد علينا برحمتك، وابسط علينا كنفك، وعد علينا بقبولك واسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بما فعل المبطلون، وعافنا يا رب من النقمة في الدين، وشماتة القوم الكافرين، يا ذا النفع والنصر (3) إنك إن أحببتنا فبجودك وكرمك، ولإتمام ما بنا من نعمائك، وإن تردنا فبلا ذنب منك لنا (4) ولكن بجنايتنا على أنفسنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا في النسخة.
(2) كذا في النسخة، والظاهر إن الأصل كان هكذا: (معترفين بأنه) الخ.
(3) كذا في النسخة.
(4) وفي نسخة: (وإن تردنا فبجنايتنا) ولعله أظهر (*).
[299]
فاعف عنا قبل أن تصرفنا وقلنا واقلبنا بإنجاح الحاجة يا الله.
الحديث الرابع من باب صلاة الإستسقاء من مستدرك الوسائل: 1 ص 438.
ومن دعاء له عليه السلام لما شخص من النخيلة قاصدا للشام
نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبد الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث بن كعب الوالبي، عن عبد الرحمان بن عبيد بن أبي الكنود، قال: لما أراد علي الشخوص من النخيلة - س - (1) فدعا بدابته فجأته، فلما وضع رجله في الركاب قال: (بسم الله) فلما جلس على ظهرها قال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون) ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر (2)،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لفظة (س) إشارة إلى ما أسقطناه من الكلم الفاصلة بين السند والدعاء فتذكر.
(2) الوعثاء - كالحمراء -: المشقة. والكآبة - على زنة الراحة والكعبة والسحابة: الحزن والغم. والمنقلب - مصدر بمعنى -: الرجوع.
[300]
وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد.
اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، ولا يجمعهما غيرك، لأن المستخلف لا يكون مستصحبا، والمستصحب لا يكون مستخلفا.
كتاب صفين 132، ط مصر وفي ط ص 149.
والمختار (46) من الباب الأول من النهج، ونقله ابن أبي الحديد في شرحه ج 2 ص 166، عن كتاب صفين.
ثم قال: ورواه غيره أيضا من أصحاب السيرة، والصحيفة الأولى ص 184، ورواه أيضا المجلسي (ره) عن كتاب صفين وشرح ابن أبي الحديد في البحار: 8 ص 479.
ومن دعاء له عليه السلام عند الشخوص عن النخيلة والمسير إلى الشام
الحمد لله كلما وقب ليل وغسق (1)، والحمد لله كلما لاح نجم وخفق (2)، والحمد لله غير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقب الليل: دخل. وغسق الليل: اشتدت ظلمته.
(2) يقال: لاح النجم: ظهر. وخفق النجم: غاب واستتر (*).
[301]
مفقود الأنعام، ولا مكافا الإفضال، وأشهد أن لا اله إلا الله ونحن على ذلكم من الشاهدين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم - الخ.
المختار (48) من خطب نهج البلاغة، وكتاب صفين ص 131، ط مصر.
ومن دعاء له عليه السلام إذا برز للسفر
أشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.
اللهم اني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسؤ المنظر في الأهل والمال والولد.
اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، والمستعان في الأمر، اطو لنا البعد، وسهل لنا الحزونة، واكفنا المهم، إنك على كل شئ قدير.
دعائم الإسلام 347، في الحديث 7، من باب ذكر آداب السفر.