[366]

المائدة الثامنة: في الاثار الواردة في المداراة، المناسبة لقوله (ع): " واعلم ان رأس العقل بعد الايمان بالله عزوجل مداراة الناس، الخ ".

روى الشيخ الطائفة (ره) في الحديث 54، من الجزء الثامن عشر، من الامالي معنعنا، عن النبي (ص) انه قال: انا معاشر الانبياء أمرنا بمداراة الناس، كما أمرنا باقامة الفرائض.

ورواه أيضا في الحديث التاسع عشر، من الجزء السابع عشر.

وعن ثقة الاسلام (ره)، في الحديث الرابع، من باب المداراة: 57، من الكافي: 2، 117 معنعنا، عنه صلى الله عليه وآله انه قال: أمرني ربي بمداراة الناس، كما أمرني بأداء الفرائض.

ورواه الصدوق (ره)، مع زيادات جمة في الحديث 20، من باب 246، وهو باب نوادر المعاني، من معاني الاخبار: 2، ص 386.

وروى ابن مسكويه (ره)، عنه (ص) انه قال: رأس العقل بعد الايمان مداراة الناس.

الحكمة الخالدة، ص 103.

وفي وصاياه (ص) لعلي (ع): يا علي ثلاث من لم يكن فيه لم يتم عمله: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل، الخ.

الحديث 1، من باب النوادر، من كتاب من لا يحضره الفقيه: 4، 260.

وقال السبط الاكبر الامام الحسن عليه السلام: رأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعا، ومن حرم العقل حرم الداران جميعا.

البحار: 17، 146.

وروى ابن ابي الحديد، في شرح المختار 10، من قصار نهج البلاغة،

 

[367]

عنه (ع) انه قال: حسن السؤال نصف العلم، ومداراة الناس نصف العقل، والقصد في المعيشة نصف المئونة.

وقال الامام الباقر عليه السلام: صلاح شأن الناس التعايش، والتعاشر ملء مكيال ثلثاه فطن، وثلثه تغافل.

الحديث 64، من الباب 11، من البحار: 16، 47.

وروى الكليني (ره) في الحديث الثاني، من باب حسن المعاشرة، من الكافي: 2، 637 معنعنا، عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: يا شيعة آل محمد اعلموا انه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صحبة من صحبه، ومخالقة، من خالقة، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة من مالحه، يا شيعة آل محمد اتقوا الله ما استطعتم ولاحول ولاقوة الا بالله.

وفي الحديث السادس عشر، من باب النوادر، من الفقيه: 4، 282، 2، 643، عنه (ع): مجاملة الناس ثلث العقل.

وفي الحديث السادس عشر، من باب النوادر، من الفقيه: 4، 282، عنه (ع): أعقل الناس أشدهم مراعاة للناس، الخ.

وفي الحديث 65، من الباب 11، من البحار: 16، 47، س 7 2 عنه (ع) قال: من اكرمك فأكرمه، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.

وفي الحديث 81، من باب التقية، من البحار: 16، س 12، 231، عن الخصال معنعنا، عن حذيفة بن منصور قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: ان قوما من قريش قلت مداراتهم للناس فنفوا من قريش، وأيم الله ماكان باحسابهم بأس، وان قوما من غيرهم حسنت مداراتهم فألحقوا بالبيت الرفيع.

قال ثم قال: من كف يده عن الناس فانما يكف عنهم يدا واحدة، ويكفون عنه أيادي كثيرة.

ورواه أيضا في الحديث 6، من الباب 57 باب المداراة من الكافي: 2، 117، معنعنا عنه (ع).

 

[368]

وفي الحديث 66، من الباب 11، من البحار: 16، 47، س 2 معنعنا، عن الامام الرضا عليه السلام انه قال: اصحب السلطان بالحذر، والصديق بالتواضع، والعدو بالتحرز، والعامة بالبشر.

وقال عليه السلام: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال، سنة من ربه، وسنة من نبيه، وسنة من وليه، فاما السنة من ربه فكتمان السر، واما السنة من نبيه فمداراة الناس، وأما السنة من وليه فالصبر في البأساء والضراء.

البحار: 17، 206، نقلا عن تحف العقول.

وقال (ع): التودد نصف العقل.

وقال الامام الجواد عليه السلام: من هجر المداراة قاربه المكروه، ومن لايعرف الموارد أعيته المصادر.

 

[369]

المائدة التاسعة: في مدح السكوت، والتحذير عن ارخاء اللسان، وللتكلم بما لا يعني المناسب لقوله (ع): " واعلم ان الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، الخ ".

وليعلم ان آفات الكلام، والهذر في المنطق لعامة الناس - الا من عصمه الله - كثيرة، وقد أنهاها بعضهم الى أربع عشرة آفة، ولعلنا نوفق لتفصيل الكلام فيها في مقام آخر، وأما هنا فنورد لمعا من الادلة الشرعية، وطرفا من نتائج افكار الحكماء والشعراء واهل التجارب والامراء ونوكل الاستفادة الى فهم القراء، ونوصي من لا رسوخ له في الشرعيات بملازمة أهل الذكر والسؤال من علماء الدين المتقين منهم، فنقول: روى ثقة الاسلام الكليني (ره)، في الحديث السادس، من الباب 56، من كتاب الايمان والكفر، من الكافي: 2، 114 معنعنا، عن الامام الصادق عليه السلام، قال قال لقمان لابنه: يا بني ان كنت زعمت ان الكلام من فضة، فان السكوت من ذهب.

وفي الحديث السادس، من الباب 100، من ابواب احكام العشرة، من كتاب الحج، من المستدرك: 2، 88، نقلا عن الاختصاص 232، للشيخ المفيد (ره)، قال عيسى بن مريم (ع): طوبى لمن كان صمته فكرا، ونظره عبرا، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من يده ولسانه.

ورواه معنعناه في الحديث 6، من باب العزلة، من البحار: 15، 51، عن اكمال الدين.

وفي الحديث 14، من باب السكوت والكلام، من البحار: 15، 185، س 3، عن قرب الاسناد معنعنا، قال داود لسليمان عليهما السلام: يا بني اياك وكثرة الضحك، فان كثرة الضحك تترك العبد حقيرا يوم القيامة،

 

[370]

يا بني عليك بطول الصمت الا من خير فان الندامة على طول الصمت مرة واحدة، خير من الندامة على كثرة الكلام مرات، يا بني لو أن الكلام كان من فضة، ينبغي للصمت ان يكون من ذهب.

وذيل الكلام مما تواتر عن ائمة الدين والصلحاء وغيرهم.

وفي الحديث 40، من الباب، نقلا عن قصص الانبياء: ان آدم لما كثر ولده وولد ولده كانوا يحدثون عنده وهو ساكت، فقالوا: يا أبه مالك لا تتكلم.

فقال: يا بني ان الله جل جلاله لما اخرجني من جواره عهد الي وقال: أقل كلامك ترجع الى جواري.

وفي المجلد الثاني من العقد الفريد 15، تحت الرقم 92 (باب الصمت): كان لقمان الحكيم يجلس الى داود صلى الله عليه وسلم، وكان عبدا أسودا، فوجده وهو يعمل درعا من حديد فعجب منه ولم ير درعا قبل ذلك، فلم يسأله لقمان عما يعمل، ولم يخبره داود حتى تمت الدرع بعد سنة، فقاسها داود على نفسه وقال: " زرد طايا ليوم فرايا " تفسيره: درع حصينة ليوم قتال.

فقال لقمان: الصمت حكم، وقليل فاعله وروى الشيخ الصدوق (ره)، في الحديث 20، من باب نوادر المعاني، وهو الباب 246، من معاني الاخبار: 2، 386، ط الحديثة، عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: ان عز المؤمن في حفظ لسانه، ومن لم يملك لسانه ندم، الخ.

وفي الحديث الثاني، من الباب 100، من ابواب احكام العشرة، من كتاب الحج، من المستدرك: 2، 88، ط 2، عن مشكاة الانوار، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أو سكت عن شر فسلم.

وفي الحديث الاخير، من الباب، نقلا عن اعلام الدين، عن ابن ودعان في اربعينة، باسناده عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

 

[371]

ألا انبئكم بأمرين خفيفين مئونتهما، عظيم اجرهما، لم يلق الله بمثلهما: طول الصمت وحسن الخلق.

وفي الحديث السابع، من الباب 56، من الكافي: 2، 114 معنعنا، عنه (ص) انه قال: امسك لسانك، فانها صدقة تصدق بها على نفسك، - ثم قال: - ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى يخزن لسانه.

وفي الحديث 14، من الباب، ص 115 معنعنا، انه جاء رجل الى رسول الله، فقال: يارسول الله أوصني.

فقال: احفظ لسانك.

قال يارسول الله أوصني.

فقال: احفظ لسانك.

فقال: يارسول الله اوصني.

فقال: احفظ لسانك، ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم ؟ !.

وفي الحديث 15، من الباب معنعنا، عنه (ص) قال: من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه، وحضر عذابه.

وفي الحديث التاسع، من الباب، عنه (ص): نجاة المؤمن في حفظ لسانه.

وفي الفقرة الخامسة من وصايا البني (ص) لعلي (ع): يا علي من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار، يا علي شر الناس من اكرمه الناس اتقاء فحشه (شره خ) - الى ان قال - سبع من كن فيه فقد استكمل حقيقة الايمان، وأبواب الجنة مفتحة له،: من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وكف غضبه، وسجن لسانه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لاهل بيت نبيه، الخ.

(124) وقال (ص): البلاء موكل بالمنطق.

الفقيه: 4، 272، الحديث الثامن، من باب النوادر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(124) الحديث 1، من باب النوادر، من الفقيه: 4، 254، ط النجف.

 

[372]

وفي الحديث 19، من باب 56، من كتاب الايمان والكفر، من الكافي: 2، 116، معنعنا عنه (ص) قال: من رأى موضع كلامه من عمله، قل كلامه الا فيما يعنيه.

وفي الحديث الاول، من الباب 101، من ابواب احكام العشرة، من كتاب الحج، من المستدرك: 2، 89، ط 2، عن مصباح الشريعة، قال (الامام) الصادق عليه السلام: قال امير المؤمنين عليه السلام: المرء مخبوء تحت لسانه، فزن كلامك، واعرضه على العقل، فان كان لله وفي الله فتكلم به، وان كان غير ذلك فالسكوت اولى، الخبر.

وصدره رواه في المختار 144، من قصار النهج، وله أيضا مصادر كثيرة اخر تقف عليها في الباب الخامس، من نهج السعادة.

وفي المختار 58، من قصار النهج: " اللسان سبع ان خلي عنه عقر.

وفي المختار 69، منها: إذا تم العقل نقص الكلام.

وسئل عليه السلام عن اللسان، فقال: معيار أطاشه الجهل، وأرجحه العقل.

رواه عنه (ع) ابن ابي الحديد في شرح المختار 99، من خطب النهج: 7، 88.

وفي الحديث 12، من باب السكوت والكلام، من البحار: 15، 185، معنعنا عن الخصال عنه (ع): مامن شئ احق بطول السجن من اللسان.

وقال (ع): ضرب اللسان أشد من ضرب السنان.

الحديث 54، من باب السكوت والكلام، من البحار: 15، ص 186، س 2 عكسا، نقلا عن جامع الاخبار.

وقال (ع) اياكم وتهزيع الاخلاق وتصريفها، واجعلوا اللسان واحدا، وليختزن الرجل لسانه، فان هذا اللسان جموح بصاحبه، والله

 

[373]

ما أرى عبدا يتقي تقوى تنفعه حتى يختزن لسانه، وان لسان المؤمن من وراء قلبه، وان قلب المنافق من وراء لسانه، لان المؤمن إذا أراد ان يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فان كان خيرا أبداه، وان كان شرا واراه، وان المنافق يتكلم بما أتى على لسانه، لا يدري ماذا له وماذا عليه، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، فمن استطاع منكم أن يلقى الله وهو نقي الراحة من دماء المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من اعراضهم فليفعل، الخ.

المختار 171، من خطب النهج.

وقال (ع): اياك والكلام في مالا تعرف طريقته، ولا تعلم حقيقته، فان قولك يدل على عقلك، وعبارتك تنبئ عن معرفتك، فتوق عن طول لسانك ما امنته، واختصر من كلامك على ما استحسنته، فانه بك أجمل، وعلى فضلك أدل.

وقال (ع): اياك وكثرة الكلام، فانها تكثر الزلل وتورث الملل.

نقلها بعض المعاصرين من قصار كلامه (ع) من كتاب ناسخ التواريخ.

وله (ع) في هذا المعنى كلم كثيرة جدا، يقف عليها الباحث في البحار ونهج البلاغة ونهج السعادة وغيرها.

وفي الحديث 28، من باب السكوت والكلام، من البحار: 2، من 15، ص 185، عن معاني الاخبار، عن الامام المجتبى عليه السلام انه قال: نعم العون الصمت في مواطن كثيرة، وان كنت فصيحا.

وقال السبط الشهيد الحسين عليه السلام لابن عباس (ره): لاتتكلمن فيما لا يعنيك، فاني أخاف عليك الوزر، ولا تتكلمن فيما يعنيك حتى ترى للكلام موضعا، فرب متكلم قد تكلم بالحق فعيب، الخ.

البحار: 17، 151، س 9، نقلا عن كنز الفوائد.

 

[374]

وفي الحديث 6، من باب ترك العجب، من البحار: 2، من 15، ص 176، عن تفسير الامام العسكري عليه السلام قال: قال محمد بن علي الباقر (ع): دخل محمد بن علي بن مسلم بن شهاب الزهري على علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام وهو كئيب حزين، فقال له زين العابدين: ما بالك مهموما مغموما ؟ قال: يابن رسول الله هموم وغموم تتوالى عللي لما امتحنت به من جهة حساد نعمتي، والطامعين في، وممن أرجوه وممن أحسنت إليه فيخلف ظني.

فقال علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام: احفظ لسانك تملك به اخوانك.

قال الزهري: يابن رسول الله اني احسن إليهم بما يبدر من كلامي.

قال علي بن الحسين (ع): هيهات هيهات: اياك وان تعجب من نفسك بذلك، واياك ان تتكلم بما يسبق الى القلوب انكاره، وان كان عندك اعتذاره، فليس كل من تسمعه نكرا، يمكنك لان توسعه عذرا، - ثم قال - يا زهري من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من ايسر ما فيه، الخ (125).

وفي الحديث 327، من الاختصاص 230، والحديث 13، من الباب 56، من كتاب الايمان والكفر، من الكافي: 2، 115، معنعنا عنه (ع) قال: ان لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف اصبحتم ؟ فيقولون: بخير ان تركتنا، ويقولون: الله الله فينا، ويناشدونه ويقولون: انما نثاب ونعاقب بك.

ورواه في البحار: 2، من 15، ص 185، عن ثواب الاعمال، واكمال الدين.

وفي الحديث 2، من الباب 56، من الكافي: 2، 113، معنعنا عن الامام الباقر عليه السلام قال: انما شعيتنا الخرس.

وروى ابن أبي الحديد، في شرح المختار 99، من خطب النهج: 7،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(125) وللحديث تتمة ما أجلها من حكم.

 

[375]

ص 92، عنه (ع) انه قال: اني لاكره ان يكون مقدار لسان الرجل فاضلا على مقدار علمه، كما أكره ان يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله.

وروى الصدوق (ره) معنعنا، عن سفيان الثوري، عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: يا سفيان أمرني والدي عليه السلام بثلاث، ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه يندم، ثم أنشدني:

عود لسانك فعل الخير تحظ به * ان اللسان لما عودت معتاد

موكل بتقاضي ما سننت له * في الخير والشر فانظر كيف تعتاد

الحديث 19، من باب الكلام والسكوت، من البحار: 15، 185، نقلا عن الخصال.

وفي الحديث 24، من باب السكوت والكلام، من البحار: 15، 185، عن الخصال معنعنا، قال قال الامام الصادق عليه السلام: ان أردت أن تقر عينك، وتنال خير الدنيا والاخرة، فاقطع الطمع، مما في أيدي الناس، وعد نفسك في الموتى، ولا تحدثن نفسك انك فوق احد من الناس، واخزن لسانك كما تخزن مالك.

وفي الحديث 34، من الباب، عن امالي الطوسي معنعنا، قال قال (ع) لاصحابه: إسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم الموفقة، لا يتكلم احدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه، حتى يجد له موضعا، فرب متكلم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه، ولا يمارين احدكم سفيها ولا حليما، فانه من مارى حليما أقصاه، ومن مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنم بأحسن ما تحبون ان تذكروا به إذا غبتم عنه، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالاحسان، مأخوذ بالاجرام.

وقريب منه في الحديث 63، من الباب، نقلا عن الاختصاص 231، الا ان فيه: من الدراهم

 

[376]

المدقوقة.

وفي آخره: مجزي بالاحسان.

وفي الحديث 20، من الباب 56، من الكافي: 2، 116، معنعنا عنه عليه السلام قال: في حكمة آل داود: على العاقل ان يكون عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه.

ورواه مرسلا ابن ابي الحديد في شرح المختار 186، من خطب النهج، ج 10، ص 137.

وفي الحديث الاخير، من الباب، عنه (ع) معنعنا قال: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا.

وفي الحديث 341، من الاختصاص 232، عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الصمت كنز وافر، وزين الحليم، وستر الجاهل.

وقال الامام الكاظم عليه السلام: ما أحسن الصمت لامن عي، والمهذار له سقطات.

الحديث 66، من باب السكوت والكلام، من البحار: 15، ص 187، عن مشكاة الانوار.

ورواه أيضا في الحديث 340، من الاختصاص 232، عن الامام الرضا (ع).

وفي الحديث 47، من الباب، من البحار، عن روضة الواعظين، قال قال علي بن الحسين (ع): حق اللسان اكرامه عن الخنا، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم.

وقال الامام الرضا (ع): من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، ان الصمت باب من أبواب الحكمة، ان الصمت يكسب المحبة (الجنة خ)، انه دليل على كل خير.

الحديث 1، من باب الصمت، من الكافي: 2، 113، وصدره مذكور في الحديث 343، من الاختصاص 232 مرسلا، ورواه معنعنا مثل الكافي، في الحديث 8، من الباب، من البحار: 15، 184، عن قرب الاسناد، وعيون أخبار الرضا، والخصال.

وفي الحديث 4، من الباب، من الكافي معنعنا، عن عثمان بن عيسى

 

[377]

قال: حضرت ابا الحسن صلوات الله عليه، وقال له رجل: اوصني.

فقال له: إحفظ لسانك تعز، ولاتمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك.

والاخبار في هذا المعنى كثيرة جدا، وقد بلغت حد التواتر بين الشيعة وأهل السنة، والامر جلي معاضد بالعقل والتجربة، منصور باتفاق اولي الالباب من الحكماء على صدقها، ولكن هنا أخبار واقوال أخر، ربما استفاد أو ظن بعض التنافي بينهما، ولابد لنا من ذكر نموذج منها، ثم التكلم في مفادها وبيان النسبة بينهما فنقول: من جملة ما يمكن القول بدلالته على أفضلية الكلام على السكوت ما رواه السيد الرضي (ره) في المختار 187 من قصار النهج عن امير المؤمنين (ع) من قوله: لاخير في الصمت عن الحكم، كما انه لاخير في القول بالجهل.

وما رواه في الحديث 1، من باب السكوت والكلام، من البحار: 2، من 15، ص 184، نقلا عن كتاب الاحتجاج، عن الامام السجاد عليه السلام، انه سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل.

فقال: لكل واحد منهما آفات فإذا سلما من الافات فالكلام افضل من السكوت، قيل: كيف ذلك يابن رسول الله (ص) ؟ قال: لان الله عزوجل ما بعث الانبياء والاوصياء بالسكوت، انما بعثهم بالكلام، ولا استوجبت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت، انما ذلك كله بالكلام، ماكنت لاعدل القمر بالشمس، انك تصف فضل السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت.

وما رواه في الحديث 128، من روضة الكافي 148، معنعنا عن الامام الصادق عليه السلام عن أبيه (عليه السلام) انه قال لرجل وقد كلمه بكلام كثير، فقال: أيها الرجل تحتقر الكلام وتستصغره، اعلم أن الله عزوجل لم يبعث رسله حيث بعثها ومعها ذهب ولافضة، ولكن بعثها بالكلام، وانما

 

[378]

عرف الله جل وعز نفسه الى خلقه بالكلام، والدلالات عليه والاعلام.

وما رواه في الحديث 41، من باب النوادر، من الفقيه: 4، 287، ط النجف، قال الامام الصادق عليه السلام: النوم راحة للجسد، والنطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل.

الى غير ذلك مما يدل بصريحه أو بظاهره، على التفصيل، أو على رجحان الكلام على السكوت.

أقول: لا تنافي بين الطائفتين من الاخبار، وكذا ما يأتي من إفادات الحكماء والعلماء، إذ الاخبار الاول جلها ناظر الى نوع المكلفين الذين يصرفون اوقاتهم بالقول الهزل، والنميمة والغيبة والايذاء وإشعال النار بين المتعاديين، وغير ذلك مما لا يخفى على من عاشر اهل الدنيا وقتا من الاوقات، وهذه الطائفة من الادلة أغلبها مقيد بقيد أو معلل بعلة - كما لا يخفى على من تدبرها - فلا اطلاق لها، فلا مجال لان يقال انها معارضة لادلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحقاق الحق وابطال الباطل، والتعليم والتعلم وغيرها، وذلك لان التعارض فرع الاطلاق، ولا اطلاق فيها بشهادة التعليلات التي ذكرت فيها، ولو فرض ان لبعضها اطلاق يجب تقييدها بأدلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهما، لان الخاص قرينة على الذي اريد من العام، والمقيد مبين للمقصود من المطلق، ولو فرض العموم في الجانبين أيضا، فلا تنافي بين الطائفتين، وذلك لحكومة أدلة الامر بالمعروف وما شاكلها، على المطلقات المذكورة، (126) فلاوقع لما قيل: من أفضلية الكلام من السكوت،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(126) هذا من باب المماشاة، والا الامر عندنا جلى بأن الطائفة الاولى مفادها: ان الكلام الذي لا يكون لله ويترتب عليه المضار والمفاسد فهو مرجوح يلزم على العاقل الكف منه والاجتناب عنه، ومفاد الطائفة الثانية: ان الكلام الذي يكون لله وفى الله فهو راجح على الصمت ينبغي للعاقل ان يتكلم به ويلقيه، والى هذا يرجع ماقاله بعضهم: من أن أعدل شئ قيل في الصمت والمنطق قولهم: الكلام في الخير كله افضل من الصمت فيه، والصمت في الشر كله افضل من الكلام فيه.

 

[379]

لان بالكلام يؤمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويحق الحق ويدحض الباطل، ويعلم العلم، لان مرجع هذا الكلام الى ان التكلم الذي هو لاجل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، واحقاق الحق، وابطال الباطل، وتعليم العلوم الحقة، والدعاء والتضرع، أفضل من السكوت - وهذا حق - ولا يدل على ان كل كلام أفضل من السكوت، كما هو ادعاء القائل، مع ان هذا قد يعكس، إذ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يحصل بالسكوت أيضا.

هذا بالنسبة الى اكثر أدلة الصمت، وقليل منها في مقام بيان الحكم الوضعي والاثر الخارجي، وان الكلام قد يستولد الملام، وقد يستتبع الخسارات والالام، ولاتعرض لها لملاحظة النسبة بينه وبين الصمت، وأفضليته من الصمت.

واما الطائفة الثانية فواضحة الدلالة على ان الكلام الذي يتكلم به لله وفي الله فهو افضل من الصمت - بل هو الفاضل دون الصمت - ولا تدل على ان كل كلام افضل من السكوت.

 

[380]

المائدة العاشرة: في نقل من أقوال الحكماء والامراء وذوي التجارب والعلماء في الصمت والكلام.

اجتمع اربعة من الحكماء: من الروم، والفرس، والهند، والصين، فقال احدهم: أنا أندم على ما قلت، ولا اندم على ما لم أقل.

وقال الاخر: إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم ملكتها ولم تملكني.

وقال الاخر: عجبت للمتكلم ان رجعت عليه كلمته ضرته، وان لم ترجع لم تنفعه.

وقال الرابع: أنا على رد ما لم أقل اقدر مني على رد ما قلت.

وقال بعض الحكماء: حظي من الصمت لي، ونفعه مقصور علي، وحظي من الكلام لغيري، ووباله راجع الي.

وقالوا: إذا أعجبك الكلام فاصمت.

وقال ابن مسكويه (ره)، في الحكمة الخالدة، 171: أمر بعض الملوك أن يستخرج له كلمات من الحكمة ليعمل بها، فاستخرجت له اربعون الف كلمة، فاستكثرها، فاختير منها أربعة آلاف كلمة، ثم لم يزل ينقص منها حتى رجعت الى أربع كلمات، وهي: لا تثقن بامرأة، لاتحملن معدتك فوق طاقتها، احفظ لسانك، خذ من كل شئ ما كفاك.

وقالوا: سعد من لسانه صموت، وكلامه قوت.

وقالوا: إذا سكت عن الجاهل فقد اوسعته جوابا، واوجعته عقابا.

وقالوا: إعراضك صون أعراضك.

وكان يحيى بن خالد يقول: ما جلس الي احد قط الا هبته حتى يتكلم، فإذا تكلم اما أن تزداد تلك الهيبة، أو تنقص.

وكان يقال: لاخير في الحياة الا لصموت واع، أو ناطق محسن.

 

[381]

وقالت جارية ابن السماك له: ما احسن كلامك لولا انك تكثر ترداده.

فقال: أردده حتى يفهمه من لم يفهمه.

قالت: فالى أن يفهمه من لم يفهمه مله من فهمه.

وبعث عبد العزيز بن مروان بن الحكم، ابن أخيه الوليد بن عبد الملك قطيفة حمراء وكتب إليه: أما بعد فقد بعثت اليك بقطيفة حمراء، حمراء، حمراء، فكتب إليه الوليد: أما بعد فقد وصلت القطيفة، وأنت يا عم أحمق، أحمق، أحمق.

وقال المعتضد لاحمد بن الطيب السرخسي: طول لسانك دليل على قصر عقلك.

وكان يقال: إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت، ويهرب من الناس، فاقربوا منه فانه يلقي الحكمة.

ورواه في شرح المختار 99، من خطب النهج، من شرح ابن ابي الحديد: 7، ص 93، بلفظ: إذا رأيتم المؤمن صموتا، الخ.

عن رسول الله (ص) مرفوعا.

وقيل للعتابي: ما البلاغة ؟ قال: كل من أفهمك حاجته، من غير اعادة ولا خلسة ولا استعانة فهو بليغ، قيل له: ما الاستعانة ؟ قال: الا ترى الرجل إذا حدث قال: ياهناه واستمع الي وافهم، وألست تفهم، هذا كله عي وفساد.

ودخل على المأمون جماعة من بني العباس، فاستنطقهم فوجدهم لكنا مع يسار وهيئة، ومن تكلم منهم أكثر وهذر، فكانت حاله أفحش من حال الساكتين، فقال: ما أبين الخلة في هؤلاء، لاخلة الايدي بل خلة الالسنة والاحلام وسمع خالد بن صفوان مكثارا يتكلم، فقال له: يا هذا ليست البلاغة بخفة اللسان، ولا بكثرة الهذيان، ولكنها اصابة المعنى، والقصد الى الحجة.

 

[382]

وقال أبو سفيان لابن الزبعري: مالك لا تسهب في شعرك ؟ قال: حسبك من الشعر غرة لائحة، أو وصمة فاضحة.

وكانوا يكرهون ان يزيد منطق الرجل على عقله.

قيل للخليل بن احمد (ره) - وقد اجتمع بابن المقفع -: كيف رأيته ؟ فقال: لسانه أرجح من عقله.

وقيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل ؟ قال: عقله أرجح من لسانه.

فكان عاقبتهما ان عاش الخليل مصونا مكرما، وقتل ابن المقفع تلك القتلة الفظيعة.

وسئل عمرو بن عبيد عن البلاغة فقال: ما بلغك الجنة، وباعدك من النار، وبصرك مواقع رشدك، وعواقب غيك.

قال حفص: ليس عن هذا أسأل.

فقال: كانوا يخافون من فتنة القول، ومن سقطات الكلام، ولا يخافون من فتنة السكوت وسقطات الصمت.

وقال الجاحظ: وكان عمرو بن عبيد لا يكاد يتكلم، فان تكلم لم يكد يطيل، وكان يقول: لاخير في المتكلم إذا كان كلامه لمن شهده دون نفسه، وإذا أطال المتكلم الكلام عرضت له أسباب التكلف، ولاخير في شئ يأتيك بالتكلف.

وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: متى أتكلم ؟ قال: إذا اشتهيت ان تصمت، قال: فمتى أصمت ؟ قال: إذا اشتهيت ان تتكلم.

وسمع عبد الله بن الاهتم رجلا يتكلم فيخطئ فقال: بكلامك رزق الصمت المحبة.

وفي وصية المهلب لولده: يا بني تباذلوا تحابوا، فان بني الاعيان يختلفون فكيف ببني العلات، ان البر ينسئ في الاجل، ويزيد في العدد، وان القطيعة تورث القلة، وتعقب النار بعد الذلة، اتقوا زلة اللسان، فان الرجل تزل رجله فينتعش، ويزل لسانه فيهلك، الخ.

وأطال خطيب بين

 

[383]

يدي الاسكندر، فزبره وقال: حسن الخطبة ليس على طاقة الخاطب، ولكن على حسب طاقة السامع.

وأطال ربيعة الرأي الكلام، وعنده أعرابي، فلما فرغ من كلامه قال للاعرابي: ما تعدون العي والفهاهه فيكم ؟ قال: ماكنت فيه اصلحك الله منذ اليوم.

وقال واصل بن عطاء: لان يقول الله لي يوم القيامة: هلا قلت، أحب الي من ان يقول لي: لم قلت، لاني إذا قلت طالبني بالبرهان، وإذا سكت لم يطالبني بشئ.

ونزل النعمان بن المنذر برابية، فقال له رجل من أصحابه: أبيت اللعن لو ذبح رجل على رأس هذه الرابية الى أين كان يبلغ دمه.

فقال النعمان: المذبوح والله انت، ولانظرن الى اين يبلغ دمك، فذبحه.

فقال رجل: رب كلمة تقول دعني.

وقال أعرابي: رب منطق صدع جمعا، ورب سكوت شعب صدعا.

ومكث الربيع بن خثيم عشرين سنة لا يتكلم، الى أن قتل الحسين عليه السلام، فسمعت منه كلمة واحدة، قال: لما بلغه ذلك: أوقد فعلوها ؟ ! ثم قال: اللهم فاطر السموات والارض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.

ثم عاد الى السكوت حتى مات.

وقال أبو عبيد الله كاتب المهدي: كن على التماس الحظ بالسكوت، أحرص منك على التماسه بالكلام، ان البلاء موكل بالمنطق.

وقال أبو الدرداء: أنصف أذنيك من فيك، فانما جعل لك أذنان اثنتان، وفم واحد، لتسمع اكثر مما تقول.

وقال ابن عوف عن الحسن: جلسوا عند معاوية فتكلموا وسكت الاحنف بن قيس، فقال معاوية: مالك لا تتكلم أبا بحر، قال: أخافك ان

 

[384]

صدقت، وأخاف الله ان كذبت.

وقال المهلب: لان أرى لعقل الرجل فضلا على لسانه أحب الي من أن أرى للسانه فضلا على عقله.

وقال سالم بن عبد الملك: فضل العقل على اللسان مروءة، وفضل اللسان على العقل هجنة.

وقالوا من ضاق صدره اتسع لسانه، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن ساء خلقه قل صديقه.

وقال حرم بن حيان: صاحب الكلام بين منزلتين، ان قصر فيه خصم، وان أعرق فيه أثم.

وقال أكتم بن صيفي: مقتل الرجل بين فكيه.

وقالت الحكماء: النطق اشرف ما خص به الانسان لانه صورته المعقولة التي باين بها سائر الحيوانات، ولذلك قال سبحانه: " خلق الانسان علمه البيان " ولم يقل: (وعلمه البيان) بالواو، لانه سيحانه جعل قوله: (علمه البيان) تفسيرا لقوله: (خلق الانسان) لاعطفا عليه، تنبيها على ان خلقه له، هو تخصيصه بالبيان الذي لو توهم مرتفعا لارتفعت إنسانيته، ولذلك قيل: ما الانسان لولا اللسان لا بهيمة مهملة، أو صورة ممثلة.

وقال الشاعر:

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * فلم يبق الا صورة اللحم والدم

قالوا: والصمت من حيث هو صمت مذموم، وهو من صفات الجمادات فضلا عن الحيوانات.

وقالوا: العلم كله لا يؤديه الى اوعية القلوب الا اللسان، فنفع المنطق عام لقائله وسامعه، ونفع الصمت خاص للصامت.

وقال بعضهم: إحفظ لسانك عن خبيث الكلام، وفي غيره لا تسكت

 

[385]

ان استطعت.

وعن ابن مسكويه (ره)، قال: قال رجل لمطيع بن أياس: ماندمت على صمت قط، ولامللته.

فقال مطيع: أما أنت لو خرست ما آجرك الله على الخرس، فانه من شهوتك.

 

[386]

المائدة الحادية عشرة: في نزر من الاشعار التي تناسب المقام

ونسب الى امير المؤمنين عليه السلام، كما في المختار 6، من حرف التاء من الديوان 48:

ان القليل من الكلام بأهله * حسن وان كثيره ممقوت

مازل ذو صمت وما من مكثر * الا يزل ومايعاب صموت

ان كان ينطق ناطق من فضة * فالصمت در زانه ياقوت

وقال ابن عبد ربه في العقد الفريد: 2، ص 15، ط 2: وقال جعفر بن محمد بن علي بن السحين بن علي بن أبي طالب (ع):

يموت الفتى من عثرة بلسانه * وليس يموت المرء من عثرة الرجل

فعثرته من فيه ترمي برأسه * وعثرته بالرجل تبرأ على مهل

وفي المختار 29، من حرف الباء، من الديوان المنسوب إليه (ع):

أدبت نفسي فما وجدت لها * بغير تقوى الاله من أدب

في كل حالاتها وان قصرت * افضل من صمتها عن الكذب

وغيبة الناس ان غيبتهم * حرمها ذو الجلال في الكتب

ان كان من فضة كلامك يانف‍ * س فان السكوت من ذهب

وقال آخر:

يخوض أناس في الكلام ليوجزوا * وللصمت في بعض الاحايين أوجز

إذا كنت عن ان تحسن الصمت عاجزا * فأنمت عن الابلاغ في القول أعجز

وقال آخر:

النطق زين والسكوت سلامة * فإذا نطقت فلا تكن مكثارا

ما إن ندمت على سكوت مرة * لكن ندمت على الكلام مرارا

 

[387]

وقال الشهيد ابن السكيت رفع الله مقامه:

يصاب الفتى من عثرة بلسانه * وليس يصاب المرء من عثرة الرجل

فعثرته في القول تذهب رأسه * وعثرته في الرجل تبرأ عن مهل

ومن عجيب المصادفات ان المتوكل العباسي قد الزم هذا العالم النحرير، والاديب الخبير، تأديب ولديه: المؤيد والمعتز، فكانا يغترفان من عين علمه الغزيرة، فقال له المتوكل يوما: أيما أحب اليك، ابناي هذان، أم الحسن والحسين ؟ فقال ابن السكيت (ره): والله ان قنبرا خادم أمير المؤمنين (ع) خير منك ومن ابنيك.

فقال المتوكل للاتراك: سلوا لسانه من قفاه.

ففعلوا فمات، وكان ذلك في خامس رجب سنة 244 ه‍.

ونظيره ما وقع لسنمار الصانع المشهور، والمعمار المعروف الذي يضرب به المثل في بداعة الصنعة، وغرابة ما جرى عليه، فانه بني للنعمان، قصره المعروف بالخورنق، وكان من حذاقة صنعة السنمار ان القصر يتلون في كل يوم بأربعة الوان، فلما تم بناؤه، انعم النعمان على السنمار بمال كثير، فصعد القصر للتفرج، وكان النعمان متعجبا من حسن الصنعة، ويطري السنمار بالمدح والثناء، فقال له السنمار: أيها الملك لو علمت أنك تقابل عملي هذا بالتقدير، وتعطف علي باعطاء هذا المال الخطير، لكنت بانيالك قصرا أحسن من هذا.

فقال النعمان: أتقدر ان تصنع احسن من هذا ؟ فقال: نعم.

فغضب النعمان واحمر وجهه وقال: بعد أن أتلفت أموالي، وتركت بيت مالي خالية تقول: لو علمت حسن الصنيعة لبنيت احسن منه ! ! أيها الغلمان ألقوه من القصر، لئلا يبني لغيري قصرا احسن من قصري.

فألقوه من القصر، فخر ميتا، فضرب به المثل في مكافاة الاحسان بالاساءة.

وقال آخر:

وكائن ترى من صامت لك معجب * زيادته أو نقصه في التكلم

 

[388]

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * فلم يبق الا صورة اللحم والدم

وقال احيحة بن الجلاح:

والصمت اجمل بالفتى * ما لم يكن عي يشينه

والقول ذو خطل إذا * ما لم يكن لب يعينه

وقال آخر:

لقد وارى المقابر من شريك * كثير تحلم وقليل عاب

صموتا في المجالس غير عي * جديرا حين ينطق بالصواب

وقال آخر:

وإذا خطبت على الرجال فلا تكن * خطل الكلام تقوله مختالا

واعلم بان من السكوت إبانة * ومن التكلف ما يكون خبالا

وقال علي بن هشام:

لعمرك ان الحلم زين لاهله * وما الحلم الا عادة وتحلم

إذا لم يكن صمت الفتى من بلادة * وعي فان الصمت اهدى وأسلم

وقال آخر:

عجبت لازراء العيي بنفسه * وصمت الذي قد كان بالقول أعلما

وفي الصمت ستر للعيي وانما * صحيفة لب المرء أن يتكلما

وقال الخبز ارزي:

لسان الفتى خنق الفتى حين يجهل * وكل امرئ مابين فكيه مقتل

إذا مالسان المرء اكثر هذره * فذاك لسان بالبلاء موكل

وكم فاتح أبواب شر لنفسه * إذا لم يكن فقل على فيه مقفل

فلا تحسبن الفضل في العلم وحده (127) * بل الجهل في بعض الاحايين أفضل

إذا شئت أن تحيا سعيدا مسلما * قدير وميز ما تقول وتفعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(127) وفى النسخة: ولم تحسبن الفضل في الحلم وحده، الخ.

 

[389]

وقال آخر:

الحلم زين والسكوت سلامة * فإذا نطقت فلا تكن مكثارا

ما ان ندمت على سكوتي مرة * الا ندمت على الكلام مرارا

وقال الحسن بن هاني:

خل جنبيك لرام * وامض عني بسلام

مت بداء الصمت خير * لك من داء الكلام

رب لفظ ساق آجا * ل فئام وفئام

انما السالم من * ألجم فاه بلجام