الصفحة اللاحقةhttp://www.alhassanain.com/arabic/all/maktabeh-aqaed/al-imameh/index.htmlالصفحة السابقة

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام)للتراث و الفكر الإسلامي

 

صفحة 79

باب الصاد


صفحة 80


صفحة 81

الصّاد مَعَ الألف

25 ـ صَاحِبُ السُّلطانِ كَراكِبِ الأَسَدِ (1) .

من تمثيلات الإمام (عليه السّلام) : (صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الأسَدِ يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ وهُوأَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ) .

قال بعض الشّراح :

(قد جاء في صحبة السلطان أمثال حكميّة مستحسنة تناسب هذا المعنى أو تجري مجراه ، نحو قولهم: (صاحب السلطان كراكب الأسد يهابه الناس وهو لمركوبه أهيب) [...] (إذا صحبت السلطان فليكن مداراتك له مداراة المرأة القبيحة لبعلها المبغض لها ، فإنّها لا تدع التصنّع له على حال) [...] (العاقل من طلب السلامة من عمل السلطان) ؛ لأنّه إن عفّ حنى عليه العفاف عداوة الخاصّة ، وإن بسط يده جنى عليه البسط ألسنة العامّة ... ) (2) .

جاء التحذير البالغ في أحاديثهم (عليهم السّلام) من الدخول إلى دواوين الظلمة والسلاطين وإعانتهم ولو بقطّ قلم . ففي النبويّ :  (إذا كان يوم القيامة‌ نادى منادٍ : أين أعوان الظلمة ومن لاق لهم دواتاً أو ربط كيساً أو مّدّ لهم قلماً فاحشروهم معهم) (3) إذ لا يُأمن معهم من المعاصي وقتل النفس المحترمة واغتصاب أموال الناس ، بل وترك جميع ما أوجبه الله (عزّ وجلّ) وركوب ما نهاه . ولا فرق بين العامل بالظلم والمعين والراضي به كما في الحديث (4) . نعم إذا

ـــــــــــــــــ

(1) النهج 19 : 149 ، 269/ح.

(2) شرح النهج 19 : 149 ـ 150.

(3) الوسائل 12 : 130.

(4) الوسائل 11 : 345.


صفحة 82

قصد قضاء حوائج المؤمنين ونجاتهم من المهلكة ، جاز . إلاّ أن يغلب عليه فلا يستطيع دفعاً عن نفسه ، فضلاً عن غيره من النفوس . وعلي بن يقطين من النوع الجائز .

ثمّ الإمام (عليه السّلام) أراد من التمثيل براكب الأسد خطورة الأمر ، حيث لا يأمن راكبه من الهلاك ؛ ولعلّه يعمّ كلّ متسلّط لم يقيّده الإيمان ومقتدر وإن لم يكن بسلطان .


صفحة 83 

باب الضاد


صفحة 84

 


صفحة 85

الضّاد مَعَ الحاء

26ـ ضَحِّ رُوَيْداً (1) .

من الأمثال السائرة يستعمل للرفق وترك العجلة ، جاء في كلام له (عليه السّلام) لابن عبّاس : (... وأُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلالٌ لِي أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي ، فَضَحِّ رُوَيْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى ودُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى ، وعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ بِالْحَسْرَةِ ...) .

قال الشارح: (فضّح رويداً : كلمة تقال لمن يؤمر بالتؤدة والأناة والسكون ، وأصلها الرجل يطعم إبله ضحى ، ويسيّرها مسرعاً ليسير ، فلا يشبعها ، فيقال له: ضحّ رويداً) (2) .

قال الزمخشري : (ضحّ رويداً: أي ترّفق ولا تعجل وأصله أنّ الأعراب في باديتها تسير بالظعن فإذا عثرت على لمح من العشب قالت ذلك وغرضها أن يرعى الإبل قليلاً قليلاً وهي سائرة حتى إذا بلغت مقصدها شبعت فلمّا كان من الترّفق في هذا توسّعوا فقالوا: في كلّ موضع (ضّح) بمعنى ارفق والأصل ذاك قال زيد الخيل :

فَلَو أَنَّ نَصراً أَصلَحَت ذاتَ بَينِها  =  لَضَحَّت رُوَيداً عَن مَطالِبِها عَمرُو) (3)

وغرض الإمام (عليه السّلام) من الأمر بالترّفق أن ينبّه ابن عبّاس مغّبة

ـــــــــــــــــ

(1) النهج 16 : 168 ، 41/ك.

(2) شرح النهج 16 : 169.

(3) المستقصي 2 : 145. أي يا عمرو.


صفحة 86

الخيانة ، ولابّد من الدخول في القبر والحشر والعرض على الله بالأعمال يوم ينادي الظالم بالحسرة ويعضّ على يديه وينادي بالويل والثبور ، والأمر أفضح من ذلك (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) (1) .

ـــــــــــــــــ

(1) سورة الزلزلة الآية 7 ـ 8.


صفحة 87

باب العين


صفحة 88


صفحة 89

العين مَعَ النّون

27ـ عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرى (1) .

من خطبة آخرها: (واللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا . ولَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ : أَلا تَنْبِذُهَا عَنْكَ ؟! فَقُلْتُ : اغْرُبْ عَنِّي فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى) .

قال المفضل : (أول من قال ذلك خالد بن الوليد ... :

 للّه دَرُّ رَافِع أََنَّي اهْتَدَى  =  فَوّزَ من قُرَاقِر إلى سُوَى
عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى  =  وَتَنْجَلِي عَنهُمُ غَيَابَاتُ الْكَرَى
) (2)

قال الزمخشري: (أي إذا أصبح الذين قاسوا كدّ السّرى وقد خلّفوا تبجحوا بذلك وحمدوا ما فعلوا ، يضرب في الحّث على مزاولة الأمر بالصبر وتوطين النفس حتّى تحمد عاقبته ، قال الجليح :

إنّي إذا الجِبس على الكور انثنى  =  لو سئل الماءُ فداءً لافتدى

وقال : كم أتعبت ؟! قلت : قد أرى  =  عند الصّباح يحمد القوم السُّرى

            وتنجلي عنه عمايَّات الكرى) (3)

(يضرب للرجل يحتمل المشقّة رجاء الراحة) (4) . (مثل يضرب لمتحمل المشقّة العاجلة رجاء الراحة الآجلة) (5) . اختلف في قائله وقد عرفت نسبته إلى الخالد ، وقيل : هو للجليح ، وقيل : للأغلب العجلي ، أو غيرهم .

وكيف كان فقد

ـــــــــــــــــ

(1) النهج 9 : 233 ، 161/ط.

(2) الفاخر 193 ـ 194.

(3) المستقصي 2 : 168.

(4) المجمع 2 : 3 حرف العين.

(5) شرح النهج 9 : 234.


صفحة 90

بان معنى المثل في مورده الأول . وأمّا تمثّل الإمام (عليه السّلام) به عند ترقيع مدرعته التي تعدل جبب السلاطين وألبستهم المزيّفة ، بل لا قياس بينها وجميع ما في الدنيا ، فلوهن المادّة وصغرها في عينه ولاقتداء الفقراء به قال ذلك ، قيل له لِمَ ترقّع قميصك ؟! قال (عليه السّلام) : (ليخشع القلب ويقتدي به المؤمنون) (1) .

قيل : كان راقعه ابنه الحسن (عليه السّلام) ، أو أهله ، ومن هنا قال (عليه السّلام) : (حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا) . لا يستطيع واصف يصف زهده ، فعلى شيعته الاقتداء به والاستضاءة بنور علمه وتقوى الله (عزّ وجلّ) كما كان هو كذلك.

ـــــــــــــــــ

(1) المصدر: 235.

 

الصفحة اللاحقةhttp://www.alhassanain.com/arabic/all/maktabeh-aqaed/al-imameh/index.htmlالصفحة السابقة