صفحة 91 صفحة 92 صفحة 93 الفاء مَعَ الألف 28 ـ فاعِلُ الخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ ، وفاعِلُ الشَّرِ شَرٌّ مِنْهُ (1) . يماثل المثل الذي ضربه (عليه السّلام) أو هو هو بتغيير ما ما ذكره الميداني: (إنّ خيراً من الخير فاعله ، وإنّ شراً من الشّر فاعله) وقال: هذا المثل لأخ للنعمان بن المنذر يقال له علقمة ، قاله لعمرو بن هند في مواعظ كثيرة ، كذا ذكره أبو عبيد في كتابه) (2) . وللشارح شعر وبيان ، قال : (قد نظمت أنا هذا اللفظ والمعنى فقلت في جملة أبيات لي : خير البضائع للانسان مكرمة = تنمى وتزكو إذا بارت بضائعه فالخير خير وخير منه فاعله = والشّر شّر وشّر منه صانعه فإن قلت : كيف يكون فاعل الخير خيراً من الخير وفاعل الشّر شراً من الشّر ، مع أنّ فاعل الخير إنّما كان ممدوحاً لأجل الخير ، وفاعل الشّر إنّما كان مذموماً لأجل الشّر ، فإذا كان الخير والشّر هما سببا المدح والذّم ، وهما الأصل في ذلك ، فكيف يكون فاعلاهما خيراً وشرّاً منهما ؟ قلت : لأنّ الخير والشّر ليسا عبارة عن ذات حيّة قادرة ، وإنّما هما فعلان ، أو فعل وعدم فعل ، أو عدمان . فلو قطع النظر عن الذات الحيّة القادرة التي يصدران عنها ، لما انتفع أحدٌ بهما ولا استضّر ، فالنفع والضّر إنما حصلا من الحيّ الموصوف بهما لا منهما على انفرادهما ، فلذلك كان فاعل الخير خيراً من الخير ، وفاعل الشّر شر من الشّر) (3) . ـــــــــــــــــ (1) النهج 18 : 149 ، 32/ح. (2) مجمع الأمثال 1 : 58 حرف الهمزة. (3) شرح النهج 18 : 149. صفحة 94 ويؤيّده من بعض الوجوه أنّ العلم إنّما يقوم بأهله ، وكذا الجهل لا يكون إلاّ بالجاهل ، فالعلم والجهل بما هما لا وجود لهما ، وهكذا الصدق والكذب ، وقد جاء : (أحسن من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله) (1) ، (وهل الخير قبل الشّر) كما في الخبر (2) . وهنا بحوث لا تسع المقام . ـــــــــــــــــ (1) السفينة 1 : 432 في (خير). (2) مصابيح الأنوار 1 : 111 فيه إشارة إليه. صفحة 95 صفحة 96 صفحة 97 القاف مَعَ الدّال 29ـ قَدْ أضَاءَ الصُّبحُ لِذي عَينَيْنِ (1) . (هذا الكلام جار مجرى المثل ومثله: (والشمس لا تخفى عن الإبصار) ، ومثله : (إن الغزالة لا تخفى عن البصر) . وقال ابن هانئ يمدح المعتز : فاسْتَيْقظوا من رَقْدَةٍ وتَنَبّهوا = ما بالصّباحِ عن العيونِ خفَاء ليستْ سماءُ اللّهِ ما تَرَوْنَها = لكنّ أرضاً تحتويهِ سَماء ) (2) قال الميداني: (قد بَيَّنَ الصبح لذي عينين : بَيَّنَ هنا بمعنى تَبَيَّنَ ، يضرب للأمر يظهر كلّ الظهور) (3) . وذكره العسكري أيضاً وقال: (يضرب مثلاً للأمر ينكشف ويظهر) (4) . فالمثل الجاري الذّي ضربه الإمام (عليه السّلام) متّحد مع المثل السائر مع تغيير ما في لفظه . وهل المقصود من الانكشاف لجميع خلافتُه الكبرى المنصوص عليها بنصّ الغدير ، حيث جمع الرّسول (صلّى الله عليه وآله) الناس عند الوصول إلى هذا المكان ، وقد نزل عليه جبرائيل بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ) (5) ، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)(6) . ـــــــــــــــــ (1) النهج 18 : 395 ، 171/ح. (2) المصدر. (3) مجمع الأمثال 2 : 99 حرف القاف. (4) الجمهرة على هامش مجمع الأمثال 2 : 135 حرف القاف. (5) سورة المائدة الآية 67. (6) سورة النمل الآية 14. صفحة 98 وهكذا ولْده الأحد عشر الأوصياء المعصومون ، نصّت على وصايتهم النصوص المعتبرة كما ذكرها علماؤنا في مجامعهم والجمهور : (أنّ الأئمة من قريش يملكها اثنا عشر منهم) (1) ، وحديث الثقلين الدالّ على أنّ من لم يتمسّك بالكتاب وعترته أهل بيته ضالّ والمتمسّك غير ضالّ ، ذلك بأنّ أهل البيت (عليهم السّلام) معهم الشرائع من الحلال والحرام ، بل وجميع أحكام الإسلام ، وبعد ذلك على الأمّة الرجوع إليهم والأخذ عنهم (عليهم السّلام) في كلّ شيء ؟ ـــــــــــــــــ (1) مسند أحمد 5 : 86 ـ 88. |