فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

  / صفحة 118 /

القرن الرابع

(30)

أبو العلا السروي

 

عــــلي إمــــامي بعـــد الرسول * سيشـفع في عرصة الحق لي

ولا أدعي لعــــلــــي ســــــــوى * فــــضايل فـــي العقل لم يشكل

ولا أدعــــي إنــــه مــــرســــــل * ولكــــن إمــــام بنــــص جـلي

وقــــول الــــرسول لـــه إذ أتى * لــــه شبــــه الفـاضل المفضل

: ألا أن مـــن كنــــت مولى له * فمولاه من غير شك علي (1)

* (الشاعر) * :

أبو العلا محمد بن إبراهيم السروي، هو شاعر طبرستان الأوحد، وعلم الفضيلة المفرد، وله مساجلات ومكاتبات مع أبي الفضل ابن العميد المتوفى سنة 360، وله كتب وشعر زائع وملح كثيرة ذكرت في (اليتيمة) منها جملة صالحة ج 4 ص 48، و في [ محاسن أصبهان ] ص 52 و 56، وفي [ نهاية الإرب في فنون الأدب ]، ومن شعره في وصف طبرستان ما ذكره الحموي في (معجم البلدان) ج 6 ص 18 وهو:

إذ الريح فيها جرت الريح أعجلت * فواختهــــا في الغــصن أن تترنما

فكــــم طيرت في الجو وردا مدثرا * يــــقلبه فــــيه ووردا مــــدرهـــما

وأشجــــار تفــــاح كــــأن ثـمارها * عـــوارض أبكار يضاحكن مغرما

فإن عقدتها الشمس فيها حسبتها * خـــدودا على القضبان فذا وتوأما

تـرى خطباء الطير فوق غصونها * تبـــث عـلى العـشاق وجدا معـتـّما

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ذكرها ابن شهر آشوب في (المناقب) ج 1 ص 531 طبع ايران، ويعبر عن المترجم في (المناقب) بأبي العلا بلا قيد زايد كما يظهر عنه عند نقله: في أبيات قصيدته الفائية في ج 2 ص 139.

 

 

/ صفحة 119 /

وله في مدح أهل البيت عليهم السلام قوله ذكره ابن شهر آشوب في (المناقب) ج 2 ص 73 ط ايران:

ضدان جـــــالا عـــــلى خـــديك فاتفقا * مــن بعد ما افترقا في الدهر واختلفا

هـــــذا بـــــأعلام بيض إغـــــتدا فبدا * وذا بأعـــــلام ســـــود انطــــوى فعفا

أعجب بما حكيا في كــتب أمرهـــــما * عن الشعارين في الدنيا وما وصـــفا

هذا ملوك بني العباس قد شرعـــــوا * لبس الســـــواد وأبقـــــوه لهـم شرفا

وذي كهول بني السبطين رايـــــتــهم * بيضاء تخـــــفق أمـــــا حادث أزفا 5

كـــــم ظل بـــــين شبـــاب لا بقاء لـه * وبين شيب عـــــليه بالنـــــهـي عطفا

هل المشيب إلى جنب الشباب سوى * صبح هنالك وجه الدجـــى كــشـــفا؟!

وهـــــل يـــــؤدي شبــــــاب قد تعقبه * شيب سوى كدر أعقبت منه صـفا ؟ !

لـــــو لم يــكن لبني الزهراء فاطمة * من شاهد غير هذا في الورى لكــفى

فراية لبني العـــــباس عـــــابــــــسة * سوداء تشهد فيه التيه والشرفـا 10

ورايـــــة لبـــــني الــــزهراء زاهرة * بيضاء يعرف فيها الحق من عــــرفا

شهـــــادة كشفــت عن وجه أمرهما * فبح بها وانتصف إن كـــــنت منتصفا

حــــاز النبي وسبطـــــاه وزوجـــــته * مكان ما أفنت الأقـــــلام والصــــحفا

والفخـــــر لو كان فيهم صورة جسد * عادت فـــــضايلهم فـــــي أذنــه شنفا

وقـــــد تناكرت الأحـــلام وانقـــــلبت * فيهم فأصبـــــح نـور الله منكسفا 15

ألا أضـــــاء لهم عـــــنها أبـو حسن * بعلمه ؟ وكفاهـــــم حــرها وشفا ؟ !

وهـــــل نظـــــير له فـي الزهد بينهم * ولو أصاح لدنيـــــا أو بـــها كلفا ؟ !

وهـــــل أطاع النـبي المصطفى بشر * من قبله ؟ وحـــــذا آثــــاره وقفا ؟ !

وهل عرفنا وهـــــل قالوا سواه فتى * بذي الفقار إلى أقــرانه زلفا ؟ ! ؟ !

يدعــــو النزال وعجل القوم محتبس * والسامري بكـــــف الـرعب قد نزفا

20 مفـــــرج عن رسـول الله كربته * يوم الطعان إذا قلـــــب الحـبان هفا

تخــاله أسدا يحـــــمي العـــــرين إذا * يوم الهياج بأبطـــال الـــوغى رجفا

يظـــــله النـصر والرعب اللذان هما * كانا له عادة إذ ســـــار أو وقــــــفا

 

/ صفحة 120 /

شــــــواهد فرضت في الخلق طاعته * برغـــــم كـــــل حسود مال وانحرفا

25 ثم الأئمـــــة مـــــن أولاده زهـر * متـــــوجون بتـــــيجان الهـدى حنفا

مـــــن جـــــالس بكمال العلم مشتهر * وقـــــائم بغــــــرار السيف قد زحفا

مطهـــــرون كـــــرام كـــــلهم عــــلم * كمثـــــل مــــا قيل كشافون لا كشفا

وله في (يتيمة الدهر) ج 4 ص 48:

مــررنا على الروض الذي قد تبسمت * ذراه وأوداج الأبـــارق تـــــســــفـــــك

فلـــــم نـــــر شيــئا كان أحسن منظرا * من الروض يجري دمعه وهو يضحك

وله في النرجس:

حـــــي الربـــــيع فقد حيا بباكور * من نرجس ببهاء الحسن مذكور

كأنـــــما جفـــــنه بالغـنج منفتحا * كـــأس من التبر في منديل كافور

وله في النرجس ذكر صاحبا (الظرائف واللطايف) ص 159، و (حلية الكميت) ص 203:

انظـــر إلى نرجـــــس تبــد * ت صبحا لعينيك منه طاقه

واكتــب أسامي مشبهيـــه * بالعـــين في دفتر الحماقة

وأي حــسن يرى لطـــرف * مـــع بـــرقـــان يحل ماقه

كراثـــــة ركبــــت عليهـــا * صفرة بيـــض على رقاقه

وكتب إليه شاعر غريب يشكو إليه حجابه أبياتا منها:

جئـــت إلــى الباب مرارا فما * إن زرت إلا قيل لي: قد ركب

وكــــان في الواجب يا سيدي * أن لا تـرى عن مثلنا تحتجب

فأجابه على ظهر رقعته:

ليس احتجابي عنك من جفوة * وغــفـلة عن حرمة المغترب

لكـــــن لدهـــــر نكـــــد خائن * مقـــــصر بالحـــــر عـما يجب

وكنـــــت لا أحجـب عن زائر * فالآن من ظـــــلي قــد أحتجب

وذكر الثعالبي في (ثمار القلوب) ص 354 له قوله:

أما ترى قضب الأشجار قد لبست * أنـــــوارها تنـــثني ما بين جلاس

 

/ صفحة 121 /

منظــومة كسموط الدر لابسة * حسنا يبيح دم العنقود للحاسي

وغردت خطباء الطير ساجعة * عــلى منابر من ورد ومن آس

(خطباء الطير) في الشعر هي الفواخت والقماري والرواشن والعنادب وما أشبهها قال الثعالبي: أظن أول من اخترع هذه الاستعارة المليحة أبو العلاء السروي في قوله المذكور، وذكر له صاحب (محاسن إصبهان) ص 52 في الوصف قوله:

أو ما ترى البستان كيف تجاوبت * أطيـــاره وزهـــــا لنـــــا ريحــانه

وتضـــــاحكت أنــواره وتسلسلت * أنـــــهاره وتعـــــارضت أغـصانه

وكـــــأنما يفتــــر غب القطر عن * حلـــــل نشـــــرن ريـاضه وجنانه

وذكر له ص 56 قوله:

كـأن حمام الروض نشوان كلما * ترنـــــم في أغـــــصانه وترحجا

فــلاذ نسيم الجو من طول سيره * حسيرا بأطراف الغصون مطلجا

ولصاحب بن عباد أبيات كتبها إلى المترجم له ذكرها المافروخي في (محاسن إصبهان) ص 14 وهي:

أبا العـــــلاء ألا أبـــــشر بمقـــــدمنـــــا * فـــــقد وردنـــــا عـــــلى المهرية القود

هـــــذا وكـــــان بعــــيدا أن أراجــــعكم * عـــــلى التعـــــاقب بين البيض والسود

من بعـــــد مـــــا قـــــربت بغداد تطلبني * واستـــــنجزتني بـــــالأهواز موعــودي

وراسلتـــــنـــــي بـــــأن بـــادر لتملكني * ويجـــــري المـــــاء مـــــاء الجــــــــود

في العود فقلت: لا بد من جي وساكنها * ولـــــو رددت شبـــــابي خـــــير مـردود

فـــــإن فيهـــــا أودائـــــي ومعـــــتمدي * وقـــــربها خـــــير مطلـــــوب ومنــشود

ألســـــت أشهـــــد إخـــــواني ورؤيتهم * تـــــفي بمـــــلك ســـــليمان بـــن داود؟!

كان المترجم يتعصب للعجم على العرب فكتب إليه ابن العميد رسالة ينكر فيها تعصبه بقوله: اقبل وصية خليلك، وامتثل شورة نصيحك، ولا تتماد في ميدان الجهل ينضك، ولا تتهافت في إلحاح يغرك، واخش يا سيدي أن يقال: التحمت حرب البسوس من دم ضرع، واشتبكت حرب غطفان من أجل بعير قرع، قتل ألف فارس برغيف

 

/ صفحة 122 /

الحولاء، وصب الله على العجم سوط عذاب بمزاح أبي العلاء (1) .

(البيان) :

(حرب البسوس) البسوس بنت منقذ التميمية، زارت أختها أم جساس ابن مرة، ومع البسوس جار لها من جرم يقال له: سعد بن شمس ومعه ناقة له، فرماها كليب وائل لما رآها في مرعى قد حماه، فأقبلت الناقة إلى صاحبها وهي ترغو وضرعها يشخب لبنا ودما، فلما رأى ما بها انطلق إلى البسوس فأخبرها بالقصة، فقالت: واذلاه واغربتاه، وأنشأت تقول أبياتا تسميها العرب أبيات الفناء وهي:

لعـــــمري لــو أصبحت في دار منقذ * لمـــــا ضيم يعــد وهو جار لأبياتي

ولكنـــني أصبحـــــت في دار غـربة * متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي

فيا سعـــــد لا تغـرر بنفسك وارتحل * فـــــإنك في قوم عن الجار أمواتي

ودونـــــك أذوادي فخـــــذهــا وآتني * بها حـــــلة لا يغـدرون ببنياتي (2)

فسمعها ابن أختها جساس فقال لها: أيتها الحرة اهدئي فوالله لأقتلن بلقحة (3) جارك كليبا، ثم ركب فخرج إلى كليب فطعنه طعنة أثقلته فمات منها ووقعت الحرب بين بكر وتغلب، فدامت أربعين سنة وجرت خطوب وصار [ شؤم البسوس ] مثلا ونسبت الحرب إليها وهي من أشهر حروب العرب.

* (رغيف الحولاء) * من أمثال العرب المشهورة: أشأم من رغيب الحولاء، كانت [ الحولاء ] خبازة في بني سعد بن زيد مناة، فمرت وعلى رأسها كارة خبز فتناول رجل من رأسها رغيفا فقالت: والله مالك علي حق ولا استطعمتني فلم أخذت رغيفي ؟ أما إنك ما أردت بهذا إلا فلانا - تعني رجلا كانت في جواره - فمرت إليه شاكية فثار وثار معه قومه إلى الرجل الذي أخذ الرغيف وقومه فقتل بينهم ألف نفس، وصار رغيف الحولاء مثلا في الشيئ اليسير يجلب الخطب الكبير.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ذكرها الثعالبي في (ثمار القلوب) ص 248.

 (2) البنيات: الطرق الصغار. تريد عجل السفر قبل أن يقطعون الطريق على.

 (3) اللقحة: الناقة الحامل.

 

 

/ صفحة 123 /

 

* (سوط عذاب) * من استعارات الكتاب الكريم قال الله تعالى: فصب عليهم ربك سوط عذاب.

 وذكر له النويري في نهاية الأرب 2 ص 23:

حـــــي شيـــــبا أتـى لغير رحيل * وشبابـــــا مضـــــى لغـــير إياب

أي شيئ يكون أحسن من عاج * مشيـــــب فـــــي آبنــوس شباب