فهرس الكتاب

مكتبة الإمام أميرالمؤمنين (ع)

 

 

/ صفحة 193 /

 

- 98 -

زيادة النيل بأمر الصديقي

توفي الشيخ محمد بن أبي الحسن محمد - حفيد أبي بكر الصديق البكري الصديقي الشافعي المصري سنة 993، ومؤلفاته تنيف على أربعمائة تأليف، ومن كراماته إنه لما نقص بحر النيل في بعض السنين قال لعبده الحبشي مندل : إنزل يا مندل ! قل للبحر يقول لك الشيخ أبو الحسن البكري : زد .

 أو نحو هذه العبارة، فقال العبد كما أمره، فما مضت ساعة يسيرة إلا وقد ظهر فيه زيادة كثيرة(1) .

مرت لدة هذه الكرامة في بحر النيل للخليفة الثاني عمر بن الخطاب، راجع الجزء السابع ص 83، 84 ط 1 .

 

- 99 -

كرامات وخوارق

قال صاحب (النور السافر) ص 313 : كان الشيخ علوي بن الشيخ محمد بن علي من آيات الله الكبرى وهو من أمثال الشيخ، ومن مناقبه : إنه كان يعرف الشقي من السعيد، ويحيي ويميت بإذن الله تعالى، ويقول للشئ : كن، فيكون بإذن الله . إلى غير ذلك من الكرامات العظيمة والخوارق العجيبة التي لا يشاركه فيها غيره .

 

- 100 -

عجائب وغرائب

قال العيدروسي في (النور السافر) ص 85 : إعلم أن كرامات الأولياء حق .

 والدليل على وقوعها موجود من المنقول والمعقول .

 أما المنقول فهو ما ثبت في القرآن العزيز فصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصة مريم وجريح وغيرهم الذين ليسوا أنبياء ووقعت على أيديهم .

 وما روي عن الصديق رضي الله عنه وكان أخبر عند موته امرأته تلد بنتا، وكانت إذا ذاك حاملا .

 وعن الفاروق رضي الله عنه في قصة سارية المشهورة .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النور السافر ص 429 .

 

/ صفحة 194 /

وعن ذي النورين رضي الله عنه في الرجل الذي دخل عليه وقد نظر إلى امرأة أجنبية فكاشفه بذلك .

 وعن المرتضى رضي الله عنه في الأسود الذي قطع يده ثم ردها مكانها فعادت كما كانت .

 وأما ما نقل من ذلك عن أولياء الله تعالى فكثير جدا، من ذلك ما وقع لبعض الأولياء وهو على جبل فقال : إن من أولياء الله من إذا قال لهذا الجبل : تحرك، لتحرك .

 فتحرك الجبل من قوله، فقال له : أسكن إنما ضربت بك مثلا .

 وكما قال ذو النون المصري للسرير : طف بالبيت .

 فطاف ثم عاد إلى مكانه و كان هناك شاب فصاح الشاب حتى مات .

 الكلام هذه مائة كرامة أو أسطورة أو أكذوبة أو قصص خرافة إلى مئات لداتها من الخوارق والقصص المبثوتة في حلية الأولياء لأبي نعيم، وتاريخ بغداد للخطيب، و صفة الصفوة لابن الجوزي، والمنتظم له، ومناقب أحمد بن حنبل له، وتاريخ الشام لابن عساكر، وتاريخ ابن خلكان، والبداية والنهاية لابن كثير، وطبقات الشافعية للسبكي، ومناقب أبي حنيفة للخوارزمي، ومناقب أبي حنيفة للكردري، وشذرات الذهب، ومرآة الجنان، وروض الرياحين، والكواكب الدرية، والروض الفائق، والطبقات الكبرى للشعراني، وتنبيه المغترين له، والفتح الرباني والفيض الرحماني، وأنيس الجليس للسيوطي، وشرح الصدور له، ولطائف المنن والأخلاق، وبهجة الأسرار للشيخ نور الدين الشافعي، وقلائد الجواهر للشيخ محمد الحنبلي، ومشارق الأنوار، والنور السافر، وتفريح الخاطر، وعمدة التحقيق .

 إلى تآليف كثيرة من كتب التاريخ ومعاجم التراجم المشحونة بالمخاريق والطامات .

 

/ صفحة 195 /

 

خاتمة البحث

فذلكة المقام والقول الحاسم بعد هذه الأبحاث المطنبة المفصلة في غضون الجزء السادس وهلم جرا إلى هذه الصحيفة، في ذكريات الخلفاء الثلاثة، ومن بعدهم رابعهم : معاوية بن أبي سفيان، ومن اقتص أثرهم من الصحابة ومن بعدهم من الذين سموهم بالأولياء والأئمة والعلماء، من شتى نواحيها، إن الغاية الوحيدة هو تعريف الملأ الديني بالغلاة في الفضائل، ومن ذا الذي يحق له هذا الاسم (الغالي) ؟ هل هو في أولئك الذين تمسكوا بحجزة أهل بيت الوحي الرافلين في حلل الفضائل والفواضل، الممدوحين بلسان الوحي، ومنطق الذكر الحكيم، ونصوص نبي الاسلام عند فرق المسلمين جمعاء، ولقد طأطأت لهم المفارق، وخضعت لهم الرقاب، ولم يبقوا في مستوى المآثر و المفاخر مرتقى إلا وتسنموه، ولا مبوأ كرامة إلا وحلوا فيه ؟ ! أو هل تجد الغالي في هؤلاء الذين ذكرناهم أم في المقتصين أثر قوم ليس لهم نصيب من الفضل إلا أحاديث مفتعلة، وفخفخات كاذبة، وتمحلات باردة، وأساطير مسطرة، ولهم تاريخ حشوه المخازي تمضي معه الهفوات أينما سلك ؟ ! .

 ومن هوان الدهر إن المربي بهؤلاء عن حدودهم، والمثبت لهم ما لا يثبته لهم العقل والمنطق، وما هو خارج عن طورهم، ومبائن لنفسياتهم لا يعد غاليا، ولكنما الغلاة هم المتحيزون إلى فئة الوحي، وأسرة النبوة، ومنبسق أنوار الهدى، الذين لا يطيش سهمك في أي مأثرة من مآثرهم ؟ ولا يخفق ظنك في أي من تقدمهم ورقيهم ونبوغهم، وهم المخولون من المولى سبحانه بأكثر من ذلك النزر اليسير الذي ذكرته لهم الرواة، ولهجت به أئمة الحديث، وحفاظ الأثر في المستفيض والمتواتر من الصحاح والمسانيد .

 وإنما عقدنا هذه الأبحاث الضافية لتنوير البصائر وتنبيه الأفكار، حتى يميز القارئ الغالي من القالي، وما دعمته البرهنة الصحيحة الصادقة، مما أثبتته التافهات، ونسجته يد الافتعال والاختلاق .

 ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآبائكم، ما نزل الله بها من سلطان، فانتظروا إني معكم من المنتظرين .

 

/ صفحة 196 /

فهرست شعراء الغدير في هذا الجزء

تاريخ الوفاة

ضياء الدين الهادي                        822

الحسن آل أبي عبدالكريم

الشيخ ابراهيم الكفعمي                   905

الشيخ حسين العاملي                     984

ابن أبي شافين                              بعد 1001

زين الدين الحميدي                        1005

الشيخ بهاء الدين العاملي                1031

الشيخ محمد الحرفوشي                  1059

السيد ابن أبي الحسن                     1068

الشيخ حسين الكركي                      1076

أشرف الدين اليمني                       1079

السيد أبو علي اليمني                     1079

السيد أبو المعتوق                         1087

السيد علي خان المشعشعي              1088

السيد ضياء الدين                          1096

المولى محمد طاهر القمي                1098

القاضي جمال الدين

أبو محمد ابن الشيخ صنعان

الشيخ محمد الحر العاملي               1104

الشيخ أحمد البلادي

شمس الأدب اليمني                        1119

السيد علي خان المدني                   1120

الشيخ عبدالرضا المقري                 ح1120

الشيخ علم الهدى ابن الفيض

الشيخ علي العاملي

المولى مسيحا الفسوى                   1127

الشيخ ابن بشارة                           1138

الشيخ ابراهيم البلادي

الشيخ ابو محمد الشويكي الخطي

السيد حسين الرضوي                     1156

السيد بدر الدين اليمني المولود         1062

 

/ صفحة 197 /

بقية الشعراء في القرن التاسع

- 75 -

ضياء الدين الهادي

المولود 758 المتوفى 822

 

الحــــــمد لله بــاري الروح والنسم * وخـــــالق الخلق والمختص بالقدم

ثم الصلاة على أعلى الورى شرفا * وأكرم الناس من عرب ومن عجم

محمد المصطفى المختار من مضر * وخاتم الرسل والمحمود في الشيم

دع ما يقــــــول النـصارى في نبيهم * مـــــن الغلو وقل ما شئت واحتكم

وبعــــــد : فالعـــــلم منجاة لصاحبه * فــــــاشدد بعــروته كفيك واعتصم

وأفــــــضل العـــلم عند العارفين به * عــــــلم الكـلام لما فيه من الحكم

عــــــلم أنـــــاف على كل العلوم له * فــــضل التقدم فارغب فيه واغتنم

عــــــليك بالنـظر الفكري فهو طريــ * ــق العــــلم بالله فانظر ثم واستقم

ومن هنا استرسل شاعرنا الهادي في مباحث علم الكلام، وأدلى ما عنده من الحجج في مسائل، ومما أفاضه في باب الإمامة قوله :

هــــــــذا ومذهبنا إن الإمـــام عـقيـــب * المصطفـــــــى حيــــدر الأبطال والبهم

أعـــــــني عــــليا أمير المؤمنين ومن * بالعطف خص من الرحمان ذي القسم

الله أنــــــــزل آيــــــــات مبــــــــاركـــة * في فــــــــضله عــــدها لي غير منتظم

وقــــــــال فيــــــــــــه رسول الله سيدنا * يــــــــوم (الغــــــــدير) بخم يوم حجهم

: مــــــن كنت مولاه أي أولى به فعلي * أولــــــــى بــــــــه وهو مولاهم بكلهم

/ صفحة 198 /

قـــــــام النـــــــبي خطيـــبا في معسكره * بهـــــــذه الخـــــــطبة الغـــرا لجمعهم

وشال ضبعا كريمـــــــا مــن أبي حسن * فـــــــي يــوم حر شديد اللفح مضطرم

كـــــــي لا يقـــــــال : بـأن النص مكتتم * مـــــــا كـــــان إلا صريحا غير مكتتم

فهـــــــو الخـــــليفة بعد المصطفى وله * فـــــــضل التقـــــدم لم يسجد إلى صنم

وكـــــــان سابقهـــــــم فـــي كل مكرمة * وكـــــــان فــــــي كل حرب ثابت القدم

وكـــــــان أول مـــــــن صلـــــى لقبلتهم * وأعـــــــلم النـــــاس بالقرآن والحكم

وكـــــــان أقـــــــربهم قـــربى وأفضلهم * رغـــبى وأضربهم بالسيف في القمم

وكـــــــان أشـــــــرفهم هــــما وأرفعهم * فـــــــي همه فهو عالي الهم والهمم

وكـــــــان أعـــــــبدهم ليــــــلا وأكثرهم * صــوما إذا الفاجر المسكين لم يصم

وكـــــــان أفـــــــصحهم قــــولا وأبلغهم * نطـــــــقا وأعـــــــدلهم حكما لمحتكم

وكـــــــان أحـــــــسنهم وجها وأوسعهم * صـــــــدرا وأطــــــهرهم كفا لمسلتم

وكـــــــان أغـــــــزرهم جــودا وأدونهم * مـــــــالا فـــطال على الأطواد والأدم

فـــــــكيف تقـــــــدمه مـــــــن لا يـماثله * فــي العلم والحلم والأخلاق والشيـم

وفــــــي الشجاعة والفضل العظيم وفي * التدبير والــــورع المشهور والكرم

(ما يتبع الشعر) :

وقفنا على نسخة مخطوطة من هذه المنظومة في طهران عاصمة البلاد الفارسية ومعقد لوائها الملكي، وهي تحتوي على سبعة ومأتين بيتا نظم بها الخلاصة، للشيخ حسن الرصاص، كتبت في 25 صفر عام ألف واثنين وستين، وعليها خط العلامة السيد محمد بن إسماعيل اليماني الصنعاني الحسيني المتوفى 1182، وهو أحد شعراء الغدير يأتي ذكره إنشاء الله تعالى .

 

/ صفحة 199 /

(الشاعر) :

 السيد جمال ضياء الدين الهادي بن إبراهيم بن علي المتوفى 784، ابن المرتضى المتوفى 785، ابن الهادي بن يحيى بن الحسين بن القسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (1) اليمني الصنعاني الزيدي .

 أحد رجالات اليمن وأعلامها المتضلعين من فنون العلم والأدب، ترجمه صاحب (2) (مطلع البدور) قال : قال العلامة ابن الوزير في تاريخهم : إنه لم تسمح بمثله الأعصار في أولاد الإمام الهادي، كان جامع شتات العلوم، وشاطرها في المنثور والمنظوم، ولد في (شظب) ولما قرأ القرآن أخذه والده مع ابن عمه محمد بن أحمد المرتضى إلى (صعدة) وكان يحملهما قليلا متى تعيا من السير لصغرهما حتى وصلوا (صعدة) فقرء مدة في أنواع العلوم العربية وغيرها على عميه : المرتضى بن علي وأحمد بن علي، وقرأ التفسير على الشيخ العلامة ترجمان أهل عصره إسماعيل بن إبراهيم بن عطية البحراني، وعلوم الأدب على الفقيه العلامة محمد بن علي بن ناجي العالم المشهور، قرأ عليه ديوان المتنبي وغيره .

 والأصولين، والفروع على القاضي العلامة ملك العلماء عبد الله بن الحسن الدواري، وعلى عمه المرتضى بن علي الذي كان إماما في علم الكلام، وكذا على عمه أحمد بن علي، وحصلت له إجازات وطرق سماعية، منها : سماعه لجامع الأصول بمكة المشرفة على قاضي الحرم محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي المخزومي في سنة حجه، ولد رسائل ومسائل وأشعار ومنظومات لا تحصى، حتى قال شيخه الفقيه محمد بن علي بن ناجي : إنه المراد بقول النبي صلى الله عليه وآله يكون رجل من ولد الحسن ينفث بالشعر كما ينفث الأفعى بالسم .

 ومن تصانيفه : كفاية القانع في معرفة الصانع، نظم الخلاصة (3) شرحها، الطرازين المعلمين في المفاخرة بين الحرمين، التفصيل في التفضيل، الرد على ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كذا سرد نسبه شمس الدين السخاوي في [الضوء اللامع] 6 ص 272 في ترجمة أخيه محمد .

 (2) أحمد بن صالح بن محمد بن أبي الرحال اليمني المتوفى بصنعاء سنة 1092 .

 (3) تأليف العلامة الشيخ حسن الرصاص .

 

/ صفحة 200 /

العربي، هداية الراغبين إلى مذهب أهل البيت الطاهرين، الرد على الفقيه علي بن سليمان في العارضة والناقضة، وكلها موجودة ومن أحسنها : كاشفة الغمة عن حسن سيرة إمام الأمة، وكريمة العناصر في الذب عن سيرة الإمام الناصر، والسيوف المرهفات على من ألحد في الصفات، ونهاية التنويه في إزهاق التمويه في الرد على نشوان، ومن شعره قصيدته (المنسك) أولها : بعث الهوى شوقي إلى أم القرى وله مراجعات ومراسلات ومشاعرات بينه وبين علماء اليمن الأسفل كإسماعيل المقري، والنظاري، وابن الخياط، الذي استجاز منه، وبين أهل تهامة مثل بني الناشري، والنفيس العلوي الحنفي المذهب، العتكي النسب، بين علماء المخاليف والحواز مثل الفقيه محمد بن الحسن بن سود العابد المشهور أحد الواصلين في علم الطريقة وغيرهم، وكان منتشر الذكر عند جميع الأكابر في جميع البلاد حتى في مصر مع غلظة أهلها، وقد ذكره وذكر أخاه محمد الحافظ العلامة ابن حجر العسقلاني المصري في تاريخه وأثنى عليهما .

 توفي بذمار تاسع عشر ذي حجة سنة 822 ومولده يوم الجمعة السابع والعشرين من المحرم سنة 758 وموته كان عظيما على أهل البيت حيث منعوا بعده عما كان معتاد أهل الأموال في المدائن والأمصار، ورثاه عدة من الناس وأحسن مراثيه ما رثاه الفقيه الأديب عبد الله بن عتيق المعروف بالمزاح المروعي .

 إنتهى ما في [مطلع البدور] ملخصا .

 وذكره شمس الدين السخاوي في [الضوء اللامع] ج 10 ص 206 وقال : ذكره شيخنا في أنبائه فقال : عني بالأدب ففاق فيه، ومدح المنصور صاحب صنعاء، مات يوم عرفة سنة اثنتين وعشرين، وذكره ابن فهد في معجمه فقال : إنه حدث سمع منه الفضلاء قال : وله مؤلفات منها : الطرازين المعلمين في فضائل الحرمين، والقصيدة البديعية في الكعبة اليمنية الثمينة أولها :

سرى طيف ليلي فابتهجت به وجدا * وتوح قلبي من لطائفه مجدا (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مر ذكر بديعيته في الجزء السادس ص 45 ط 2 عن إيضاح المكنون .

 

/ صفحة 201 /

وترجم السخاوي لأخي المترجم له محمد بن إبراهيم بن علي وقال : ولد تقريبا سنة 765، وتعاني النظم فبرع فيه، وصنف في الرد علي الزيدية (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم) واختصره في [الروض الباسم عن سنة أبي القاسم] و غيره، ذكره التقي بن فهد في معجمه وله قوله :

العـــــلم ميراث النبي كذا أتى * في النص والعلماء هم ورّاثه

فـــإذا أردت حقيقة تدري لمن * وراثـــــــه فـكيف ما ميراثه ؟

ما ورث المخـــتار غير حديثه * فيـــــــنا وذاك متاعــه وأثاثه

قــــــلنا : الحديث وراثه نبوية * ولكــــــل محدث بدعة أحداثه

مات بصنعاء في المحرم سنة 840 وأرخه بعضهم في التي قبلها (1 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الضوء اللامع 6 : 272 .

 

/ صفحة 202 /

القرن التاسع

- 76 -

الحسن آل أبي عبد الكريم

 

فــــــروع قريضي في البديع أصول * بها في المعــــــــاني والبيان أصول

وصارم فـــــــــكري لا يفـــل غراره * ومن دونــــــه العضب الصقيل كليل

سجـــــــــية نفـــــسي إنهـــا لسخية * تميـــــــــل إلى العــــلياء حيث تميل

ويقتــــادني صدق الولاء ولي هوى * قبـــــــــول لــــه القلب السليم قبول

انظـــــــــم درا فـي سلوك من العلى * بحـــــــــسن سلــــوك هذبته فصول

فشيدت مـــــــن فكري مباني غريزة * مثـــــــــابي لهــــا عند الجليل جليل

مراثـــــــــي محـــــــب لأمراء وإنها * نصــــــول بها في الملحدين نصول

بضـــــــــائع ليس المدح فيها بضائع * لعـــــــــلمي بـها أن الجزاء جزيل

أحـــــــــل بهــا أوج السعود فإن أحل * سيــــــبقى بها ذكري وليس يحول

وأحيـــــــــي بهـا ليلي وأجني ثمارها * لعـــــــــل إلــى نيل المراد وصول

أقـــــــــول لنفـــــسي مسعفا ومسددا * وأنشـــــــــد قـــلبي مرشدا وأقول

فـــلا تعدلي يا نفس ! عن طلب العلى * ويا قــــــلب ! لا يثنيك عنه عذول

ففـــــــــي ذروة العــلياء فخر وسؤدد * وعــــــــز ومجد في الأنام وصول

خـــــــــليلي ظهر المجد صعب ركوبه * ولكنـــــــــه للعـــــــــارفين ذلــول

جـــــــــميل صفـات المرء زهد وعفة * وأجــــــمل منها أن يقال : فضيل

فـــــــــلا رتبــــــــة إلا وللفضل فوقها * مقـــــــــام منيـف في الفخار أثيل

فللـــــــــه عـــــــــمر ينقــضي وقرينه * عـــــلوم وذكر في الزمان جميل

زول بنـــــــــو الدنيـــا وإن طال مكثها * وحـــــسن ثناء الذكر ليس يزول

فيـــــــــا راقــــدا في صفو عيش ولذة * عــــن القدر الجاري عليه غفول

إذا خـــــــــالط الشيب الشباب وأقبـلت * عســـــاكره في العارضين تجول

عــــليـــــــــك بــــزاد المتقـــــــين لأنه * أتـــــــــاك بشيــــر منذر ورسول

/ صفحة 203 /

فـــــلا تذمم الدنيا إذا هـــــــي أدبرت * وإن أقبــــــــلت فالحـالتان تــــــزول

ولا تتركـــــن النــــــفس تتبع الهوى * تميــــــل وعن سبل الـــــرشاد تميل

وبالصبـــــر مــــــرها ثم عظها فإنها * لأمـــــــارة بالسوء وهـــــي عجول

وخـــــذ من يد الدنيا الكفاف وصاحب * العــــفاف فلا مثل العفاف خـــــليل

وأقـــــلل مــــن الحرص الذميم تعففا * بصبــــــــر جميل فالمقام قليـــــل ؟

ألـــــم تــــــــر إن الــــــدائرات دوائر * وليــس إلى سبل النجاة سبـــــيل ؟

وللـــــدهر سلــــــــب ساء بعـد مسرة * وللخـلق إن طال الزمان رحـــــيل

دع القـــــدر المحتوم يجري بما قضى * بـــه الله والصبر الجميل جمــــيل

وخــــل عــنـــــان الهم إن كنت عاقلا * فــــــــليس يفيـــــد الثاكلات عويل

فكـــــم أفنـــــت الأيــــــام ملكا ومالكا * فـــــزال ؟ وملـــك الله ليس يزول

لمن وفـــــت الــدنيا ؟ وما زال خطبها * عــليـــــنا بخـــيل الحادثات تجول

ومـــــن بـات منها سالما من مصابها * ومـا كف منه الكف وهو طويل ؟

مفـــــرقة الأخـــــــــيار بعد اجتماعهم * وإن طاب منها العيش فهي ملول

بهـــــا النـــــفع ضــــر والصفاء مكدر * بهـــــا الحــــلو مر والعزيز ذليل

لهـــــاجرها منـــــها الهــــنا وهو آهل * ويهـــــلك مهـــــتم بهـــــا وأهيل

جعـــــلت فـــــدا مـن لا رضوا بنعيمها * ولا دنســـــت فيـــــها لهــن ذيول

ولا عـــــلقت كـــــف لهـــــم بحــــبالها * ولا غـــــرهم فـــيها خنا ووغول

لـــــقد صحـــــبوا فيــــــها كفافا وعفة * وزهـــــدا وتقوى والجزاء جزيل

فهـــــم أهـــــل بيــت شرف الله قدرهم * على الخلق طرا ماجد ورذيل(1)

هـــــم الصــــابرون المؤثرون بقوتهم * هــــم فـي الندا قبل النداء سيول

هـــــم الحامدون الشـــــاكرون لربـهم * هـــــم للورى يـــوم النجاة سبيل

هـــــم العـــــالمون العــاملون بلا مرا * عـــــلومهم فـي العالمين أصول

هـــــم الـــــراكعون الساجدون إذا بـدا * ظـــــلام وليـــــل العـابدين يطول

هـــــم التـــائبون العابدون أولو النهى * هـــــم لقــــلوب العارفين عقول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بيان للخلق طرا، فهم بين ما جد ورذيل .

 

/ صفحة 204 /

هــــم الزاهدون الخاشعــون ولم يكن * لهم فــــــي جميع العـــــــالمين مثــيل

هـــــم العـــــترة الأطـــــهار آل محـمد * نبـــــي لســـــان الـــــوحي عـنه يقول

بشيـــــر نذير طاهر عــلــــــم سمــــــا * حبــــــيب نجــــــيب شاهـــــد ورسول

ومدثــــــر مــــــزمــــــل متــــــوكـــــل * عــــــلى الله لا يثــــــنيه عـــنه عذول

ســــــراج منــــــير فــاضل فاصل أتى * بدين لــــــه الــــــذكر المبــــــين دليل

له معجــــــزات أعجــــزت كل واصف * بهــــــا دحض الاشـــراك وهو مهول

وأشــــرق منها الكون واتضح الهدى * وعــــــز بهــــــا الاســــلام وهو ذليل

فــــــيا خــــــير مبعــــــوث لأعظم ملة * وأكــــــرم منعــــــوت نمتــه أصول !

تقــــــاصر عـــنه المدح عن كل مادح * فــــــماذا عــــــسى فـــيما أقول أقول

لقــــــد قــــــال فــــــيك الله جـل جلاله * من الحــــــمد مدحـــــا لم ينله رسول

لأنــــــت عــــــلى خلق عظيم كفى بها * فــــــماذا عــــــسى بعــد الإله نقول؟

مدينــــــة علم بابـها الصنو حيدر (1) * ومــــــن غـير ذاك الباب ليس دخول

إمــــــام برى زنــــد الضلال وقد روى * زنــــــاد الهــدى والمشركون ذهول

ومــولى له من فوق غارب أحمد (2) * صعــــــود لــــــه للحـــاسدين نزول

تصـــــدق بالقرص الشعير لسائل (3) * ورد عـــليه القرص وهو أفول(4)

وبايعــــــه فــــــي يوم أحــــــد وخــيبر * لهــــــا فـــــي حدود الحادثات فلول

وبــــــيعة (خــــــم) والنــــــبي خطـيبها * لها فـــــي قلوب المشركين نصول

وأحــــــمد مــــــن فـوق الحدائج راقع * يمــــــين عـــــلي المرتضى ويقول

: ألا فــــاسمعوا ثم ارشدوا كل غائب * ويصغــــــي عــــــزيز منــكم وذليل

فــــــمن كنــــــت مـــولاه فمولاه حيدر * عــــــلي وعـــن رب السماء أقول

عــــــلي أميــــــر المـؤمنين ومن دعا * ســــــواه بهــــــذا مبــــطل وجهول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدم ذكر هذه المأثرة في الجزء السادس صفحة 61 - 81 ط 2 .

 (2) مر حديث هذه الفضيلة في الجزء السابع ص 9 - 13 ط 1 .

 (3) مر حديثه في الجزء الثالث صفحة 106 - 111 ط 2 .

 (4) أسلفنا حديث رد الشمس عليه صلوات الله عليه في الجزء الثالث صفحة 126 - 144 ط 2 .

 

/ صفحة 205 /

فقــــالوا جميعا : يا عـــلـــــي بخ بخ * وللقـــــــوم داء فـــي القـــلوب دخيل

فمـــــــن مثـــــل مولانا علي الذي له * محـــــــمد خـــــــير المـرسلين خليل

فيـــــــا رافـع الاسلام من بعد خفضه * وناصـــــــب ديــــــن الله حيت يميل!

ويـــــــا أســـــــد الله الـــذي مر بأسه * لأعـــــــدائه مـــــــر المـذاق وبيل !

ويـــــــا من لــــه قلب الحوادث خافق * ويـــــا من له صعب الأمور ذلول !

نعـــــــزيك بالسبـــــــط الشهيد فرزؤه * عـــــــظيم عــلى أهل السماء جليل

دعـــــــته إلــــــى كوفان شر عصابة * عــــصاة وعن نهج الصواب عدول

فـــــــلما أتـــــــاهم واثــــقا بعهودهم * فـــــــمالوا وطبــــــع الغادرين يميل

وأحـــــــقاد بـــدر أظهروا ثم أشهروا * كتـــــــائب غــــــدر بالطفوف تجول

أحـــــــاطوا وحـطوا بالفرات فلم يكن * لآل رســـــــول الله منـــــــه نــهول

فــــلما رأى المولى الحسين ضلالهم * وقـــــــد حــــــان حال لا يكاد يحول

فـــــــقام إلـى أصحابه الغر في الدجا * يخـــــــاطبهم رفـــــــقا بــهم ويقول

ألا فـــــــاذهبوا فاللــــيل قد مد سجفه * ومـــــــدت لـــه فوق البسيط ذيول

كـــــــفيتم ووقيتــــم بأن تردوا الردى * فـــــــما قـــــــصدهم إلا إلـــي يؤل

فـــــــقام إلـــــــيه كـــــل ليث غضنفر * كـــــــريم جـــــــواد بالــوفاء فعول

فضجـــــــوا جميعا ثم قالوا : نفوسنا * فـــــــداك وبـــــذل النفس فيك قليل

إذا نحــــــن أسلمناك فردا إلى العدى * وأنـــــــت لنــــــا يوم النجاة سبيل

فـــــــما عـــــــذرنا عند النبي وصنوه * عـــــــلي ؟ ومـــاذا للبتول نقول ؟

فـــــــقال : جـــــــزيتم كـل خير وإنني * غـــــــدا لكـــــــم عـند الإله وسيل

فبـــــــادر أصحــــــاب الحسين كأنهم * جـــــــبال ولكن في العطاء سيول

أســـــــود الــوغى غاباتهم أجم الفنا * لهـــــــم في متون الصافنات مقيل

كـــــــرام لهــــم بذل النفوس مواهب * سهـــــام لهم زرق الرماح نصول

لـــــــيوث لهــا بيض الصفاح مخالب * غـــــــيوث لها حمر الدماء سيول

ثقـال على الأعداء في حومة الوغى * إذا جـــــــل خطب في الزمان ثقيل

فجـالوا جلوا كرب الحسين وجاهدوا * بعـــــــزم لــه فوق السماك حلول

/ صفحة 206 /

وسمــــر القــنا في الدارعين شوارع * وللبـــــــيـض فــي بيض الكماة صليل

وجادوا فجد الضرب والطعن في العدى * بفتـــــــك له شم الجـــــــبال تـــزول

للبـــــــيض شكل في الشواكل مشكــل * وللسمر نفـــذ فــــــي الصدور مهول

كـــــــأن غـــــــمام النـــقع غيم وبرقه * بـــــــريق المـواضي والدماء سيول

وأنـــــــصار مــــــولاي الحسين كأنهم * أســـــــود لهم دون العـــرين شبول

يجـــــــودون بالأرواح وهـــــي عزيزة * وكـــــــل بخـــــــيل بالحـــــــياة ذليل

جـــــــنوا ثمر العلياء من دوحة المنى * فتـــــــم لهـــــــم قـصد بذاك وسؤل

وفـــــــازوا وحــــازوا سبق كل فضيلة * وفـــــــضل منـــــــيل لـم ينله منيل

رأوا الحـــــور كشفا أيقنوا إن وصلهم * بـــــــدون المنايـــا ما إليه وصول

فجـــــــادوا بأرواح لهـــا الموت راحة * وظـــــــل عــــليها في الجنان ظليل

قـــــضوا إذ قضوا حق الحسين عليهم * وفـــــــاء وإخـــــــوان الوفاء قليل

فلهفـــــــي لهـــم صرعى أمام إمامهم * تجـــــــر عـــــــليهم للـــرياح ذيول

وأكـــــــفانهم نســـج العجاج وغسلهم * دم النــــــحر عن ماء الفرات بديل

ولم يبـــــــق إلا السبـــط فردا ورهطه * لديـــــــه وزيــــــــن العابدين عليل

ومنـــــــجدل مـــــــن حوله وهـو عافر * ومـــــــن جـــدل القوم اللئام ملول

وصـــــــال عـــــــليهم صـــولة حيدرية * لهيـــــــبتها شـــــــم الجــبال تزول

بأدهـــــــم من صوب الـــــــدماء مجلل * لـــــــه قمم الشــوش الكماة نعول

وسابغة تحكـــــــي الغـــــــدير وأبـيض * يباريه مـــــــرهوب السنان طويل

فجـــــــدل مـــــــن فـوق الجياد جيادها * فخـــــــيل وقـــــــوم جـــــفل وقتيل

فكـــــــم جافــــــل في ظهره صدر ذابل * وكـــــــم قاتــــل بالمشرفي قتيل ؟

فجــــــاشت جيوش المشركين وفوقت * إليـــــــهم نصول مـــا لهن نصول

ويممهـــــــم يمنـــــى ويســـرى وقلبه * صبـــــــور وللخطب الجليل حمول

وكـــــــر وفـــــــر القــــوم خيفة بأسه * كـــــــأن عـليا في الصفوف يجول

فـــــــلما تــناهى الأمر واقترب الردى * وذل عـــــــزيز واستعــــــــز ذليل

/ صفحة 207 /

فمال عليه الجيش حــملة واحــــــد * فبــــــيض وســــــمر ذبـــل ونصول

ففرقهم حتى تولــــــت جـــــموعهم * كســــــرب قــــــطاة غـار فيه صليل

رمــــــوه بسهـــــم من سهام كثيرة * فلم يبق إلا من قــــــواه قــــــليـــــل

فخــــــر صريعا ظاميا عـــن جواده * فأضحت ربوع الخصب وهي محول

وراح إلــــــى نحـــــو الخيام جواده * خــــــليا مــــــن الندب الجواد يجول

بــــــرزن إليــه الطاهرات حواسرا * لهــــن على المولى الحسين عويل

فلهــــــفي وقــــد جاءت إليه سكينة * تقــــــبل منــــه النحر وهي تقول :

أبي كنـــــت بدرا يرشد الناس نوره * فــــــوافاه فــــــي بدر الكمال أفول

وكنــــــت منارا للهدى غاله الردى * فلــــــم يبــــــق للدين الحنيف كفيل

أبــــــي أنــــــت نور الله أطفئ نوره * ولكــــــن إلــــــى الله الأمــور تؤل

فيا دوحـــة المجد الذي عندما ذوت * تصوح نبــــــت العــــز وهو محيل

يعــــــز عـلى الاسلام رزؤك سيدي * وذلك رزؤ فــــــي الأنــــــام جـليل

ووافــــــت إليــه زينب وهي حاسر * ودمعــــــتها فــــوق الخــدود تسيل

فلاقته مــــــن فــوق الرمال مرملا * سلـــــيب الردى تسفى عليه رمول

فقــــــبلت الوجـــه التريب وأنشدت * ومــــــن حـــولها للطاهرات عويل

: أخـــي ! ضيعت فينا وصايا محمد * وأرداك بغــــــضا للنــــــبي جهول

أخــــــي ! ظــــفرت فينا علوج أمية * وســــــادت عــــــلينا أعبد ونغول

فلــــــو كان حيــــا أحـــــمد ووصيه * فــــــأي يــــد كانت عليك تطول ؟

فــــــدافعها الشمـــر اللعين وقد جثا * بقــــــلب قسى والكفر فيه أصيل

وحــــز وريـــــــدا ظاميا دون ورده * فحــــــزت فــروع للعـــلى واصول

وحــل عرى الاسلام وانهدم الهدى * وطــــــرف المعالـي والفخار كليل

وناحــــت له الأملاك والجن والملا * وكــــــادت لـه السبع الشداد تميل

وزلــــــزلت الأرض البسيـــط لفقده * ومالــــــت جــــبال فوقها وسهول

ومــــــزقت الــــــدنيا جلابيب عزها * عــــــليه وقــــــلب الكائنات ملول

فلهفــــــي لــه بالطف ملقى ورأسه * سنان بــــــه فــوق السنان يجول

/ صفحة 208 /

فللــــه أمر فــــادح شمـــــل الــورى * ورزؤ عـــلــــى الاسلام منــه خمول

وخــــطب جليل جل في الأرض وقعه * عــــظيم عــــلى أهــــل السماء ثقيل

بنو الوحي في أرض الطفوف حواسر * وأبــــناء حــرب في القصور نزول

ويـــصبح فــــي تخت الخلافة جالسا * يــــزيد وفــــي الطــف الحسين قتـيل

ويقتــــل ظــــلما ظــــاميا سبـــط أحمد * إمــــام لخــــير الأنبــــياء ســــليل

حبـــيب النــبي المصـطفى وابن فاطم * وأيــــن لــــذين الــــوالدين مثـــيل؟

لقــــد صدق الشيخ السعيد أخو العلى * عــــلي وحــــاز الفضل حيث يقول

[: فــــما كل جــــد فــي الرجال محمد * ولا كـــل أم في النساء بتول] (1)

كــــفى السبــــط فخــــرا والداه وجـده * وهم لمعالي والفخـــــار أصــــول

أمــولاي ! دمعــــي لا يجــف مسيله * وحــــزني مقيــــم لا يخــــف ثقـــيل

فــــلا مدمعــــي يا بــن الوصي مبرد * عــليـــــــلا ولا حزني المقيم يزول

جـــــــميل بنــــا الصبر الجميل وإنما * عـــــــليك جميل الصبر ليس جميل

أعـــــزي بك الاسلام والمجد والعلى * وحزنهـــــــم بـــــــاق عـليك طويل

قفوا يا حداة العيس بالطف في حمى * الحـسين وطوفوا بالطفوف وقولوا

: أريحـــــــانة الهـــادي النبي محمد * ومـــــــن لعـــــــلي والبتول سليل !

عـــــــليك سلام الله يا سيد الورى ! * ويا خـــــــير مـن سارت إليه قفول!

لئـــــــن جهلت يـــــــوما عليك أمية * فـــــــقدر كـــــــم عـــــند الإله جليل

وإن حــال منك الحال في دار غربة * فـــــــإنك فـــــــي دار الفخــار أهيل

وإن بـــــت مسلوب الرداء ففي غد * مــــــن السندس العالي رداك جميل

وإن مسكـــــــم حــــر الهجير فإنما * لكـــــــم فــــــي جنان العاليات مقيل

وإن منعـــــت ماء الفرات نفوسكم * لهـــــــا مــن رحيق السلسبيل نهول

أمـــــــولاي ! آمـالي تؤمل نصركم * وقلبـــــــي اليـــــــكم بالــــولاء يميل

وقد طال دور الصبر في أخذ ثاركم * أمـــــــا آن للظــــــلم المقيم رحيل ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا البيت من لامية الشيخ علاء الدين علي الحلى المترجم له في الجزء السادس وقد أسلفنا القصيدة هنالك برمتها ص 395 - 401 ط 2 .

 

/ صفحة 209 /

متى ينطفي حر الغليل ويشتــــــفي * فــــــؤاد بآلام المصــــــاب عـــليل؟

ويجـــــبر هذا الكسر في ظل دولة * لها النــــــصر جــند والأمان دليل ؟

وينــــــشر للمهــدي عدل وينطوي * به الظــــــلم حــتما والعناد يزول ؟

هنــــــالك يضحـــــى دين آل محمد * عـــــزيزا ويمسي الكفر وهو ذليل

ويطــــــوى بسـاط الحزن بعد كآبة * وينــشر نشــــــر للهــــــنا وذيــول

فــــــــيا آل طه الطاهرين رجوتكم * ليوم بــــــــه فــصل الخطاب طويل

أقيـــلوا عثاري يوم فقري وفاقتي * فظهري بأعــــــــباء الـذنوب ثقيل

مدحتــــــــكم أرجـو النجاة بمدحكم * لعــــــــلمي بكم أن الجزاء جزيل

وقد قيل في المعروف : أما مذاقه * فحــــــــلو وأمـــــا وجهه فجميل

فدونــــــــكم من عــبــــدكم ووليكم * عـروسا ولكن في الزفاف ثكول

أتــــــــت فوق أعواد المنابر باديـا * لهــــــــا أنـــــة محزونة وعويل

لسبـــــع سنين بعد سبعين قد خلت * وعــــــــامين إيـضاح لها ودليل

لهــــــــا حسن المخزوم عبدكم أب * لآل أبــــــــي عــبـد الكريم سليل

بها منكم نال القبول ولم يقل * :[عسى موعد إن صح منك قبول](1)

عليــــــكم سلام الله ما ذكر اسمكم * وذاك مــــــدى الأيام ليس يزول

(الشاعر) :

الشيخ حسن آل أبي عبد الكريم المخزومي، أحد شعراء الشيعة في القرن الثامن جارى بقصيدته المذكورة معاصره العلامة الشيخ علي الشفهيني السالف ذكره في لاميته التي أسلفناها وأشار إليها بقوله :

له النسب الوضاح كالشمس في الضحى * ومجــــد عـلـــــى هـــــام السماء يطــول

لقـــــد صدق الشيـــــخ السعــيد أبو علي * عـــــلي ونـــــال الفخـــــر حيـــــث يقــول

: [فـــــما كـــــل جـــــد في الرجال محمد * ولا كـــــل أم فـــــي النـــــساء بتـــــــول]

وهذه المجاراة تنم عن شهرة الرجل في القريض، وجريه في مضمار الشعر ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الشطر من مطلع قصيدة الشيخ علاء الدين الحلي راجع الجزء السادس ص 395 ط 2 .

 

/ صفحة 210 /

وتركاضه في حلبة السباق، وقد رأى الشيخ السماوي في الطليعة إنه هو الشيخ الحسن بن راشد الحلي العلامة المتضلع من العلوم، صاحب التآليف القيمة، والأراجيز الممتعة، وحسب سيدنا الأمين العاملي في الأعيان إنه غيره، وله هناك نظرات لا يخلو بعضها عن النظر، فعلى الباحث الوقوف على الجزء الحادي والعشرين منه (أعيان الشيعة) ص 256 - 278، والجزء الثاني والعشرين ص 89 .

 وعمدة ما يستأنس منه الاتحاد إن اللامية هذه مذكورة في غير واحد من المجاميع في خلال قصائد الشيخ حسن بن راشد الحلي منسوبة إليه مع بعد شاسع في خطة النظم، وتفاوت في النفس، بحيث يكاد بمفرده أن يميزها عن شعر ابن راشد الحلي الفحل، فإنه عال الطبقة، باد السلاسة، ظاهر الانسجام، متحل بالقوة، واللامية دونه في كل ذلك .

 وعلى أي فناظمها من شعراء القرن الثامن نظمها في سنة سبعمائة واثنتين وسبعين كما نص عليه في أخريات القصيدة، ولما لم يعلم تاريخ وفاته واحتملنا الاتحاد بينه وبين ابن راشد المتوفى في القرن التاسع بعد سنة 830 أرجأنا ترجمته إلى القرن التاسع، والله العالم .

 

/ صفحة 211 /

شعراء الغدير في القرن العاشر

الشيخ الكفعمي

المتوفى 905

هنــــــيئا هنيــــــئا ليوم الغــــدير * ويـــــوم الحــــبور ويوم السرور

ويــــــوم الكــــــمال لديـــن الإله * وإتمــــــام نعــــــمة رب غــــفور

ويــــــوم الفـــــلاح ويوم النجاح * ويــــــوم الصــــــلاح لكـل الأمور

ويــــــوم الإمــــــارة للمــرتضى * أبــــــي الحـــسنــين الإمام الأمير

ويــــــوم الخــــطابة من جبرئيل * بتقــــــدير رب عــــــليم قــــــديــر

ويـــــوم السلام على المصطفى * وعـتــــــرته الأطهريــــــن البدور

ويــــــوم اشتــراط ولاء الوصي * عــــــلى المــــؤمنين بيوم الغدير

ويــــــوم الـــــولاية في عرضها * عــــــلى كل خلق السميع البصير

علي الــــــوصي وصـــــي النبي * وغــــــوث الــولي وحتف الكفور

وغــــــيث المحول وزوج البتول * وصنـــو الرسول السراج المنير

أمــــــان البـــــلاد وساقي العباد * بيــــــوم المعــــــاد بعــــذب نمير

همام الصفوف ومقري الضيوف * وعند الزحوف كلـــــيث هصور

ومــــــن قد هـوى النجم في داره * ومــــــن قاتـل الجن في قعر بئر

وســــــل عــــنه بدرا واحدا ترى * لــــــه سطــــوات شجاع جسور

وســــل عنه عمروا وسل مرحبا * وفــــــي يوم صفــين ليل الهرير

وكــــــم نـــــصر الدين في معرك * بسيــــــف صقـــيل وعـزم مرير

وستــــــا وعـــــشرين حربا رأى * مــــــع الهـاشمي البشير النذير

أميــــــر الســــــرايا بأمــر النبي * ولــــــيس عـــــليه بها من أمير

/ صفحة 212 /

 

(ما يتبع الشعر) :

اقتطفنا هذه الأبيات من قصيدة (الكفعمي) المذكورة في كتابه (المصباح) المطبوع السائر الدائر ص 701 تناهز 190 بيتا يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام ويصف يوم الغدير ويذكر أسمائه، نظمها في الحاير المقدس كربلاء المشرفة، وكان يوم ذلك شيخا قد بلغ من الكبر عتيا، وأشار إلى ذلك كله فيها بقوله :

وشيخ كبير له لمة * كساها التعمر ثوب القتير (1)

أتاه النذير فأضحـــى يقول : * أعـيـــــذ نذيري بسبط النذير

أتيت الإمام الحسين الشهيد * بقــــــلب حـزين ودمع غزير

أتيــــــت ضريحــا شريفا به * يعـــود الضرير كمثل البصير

أتيــــــت إمام الهـدى سيدي * إلى الحـاير الجار للمستجير

أرجي الممات ودفن العظام * بأرض الطـفوف بتلك القبور

لعـــلي أفوز بسكنى الجنان * وحــــور محجلة في القصور

أتيت إلى صاحب المعجزات * قتيـــل الطغاة ودامي النحور

وله أرجوزة تنوف على 120 بيتا يذكر فيها ما يستحب صومه من الأيام، توجد في مصباحه أولها :

الحــــــمد لله الـــــذي هداني * إلى طريق الرشد والإيمان

ثــــــم صـلاة الله ذي الجلال * على النبي المصطفى والآل

ومنها :

وبعـــده التاسع من ذي الحجه * فصمــــــه والـزم بعده المحجه

إلا مـــــع الضعف عن الدعاء * أو أن يشك في الحلال الرائي

ومنها :

وبـعــــــده يــــــوم غـدير خم * ثامن عشر منه فاتبع نظمي

فيــــه أتى النص عن النبـي * عــلى الإمام المرتضى علي

حــــــقا وفيــه كمل الاسـلام * وفـــــصله لـم تحصه الأقلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القتير : الشيب .

 

/ صفحة 213 /

فصومــه يعــدل صوم الدهر * فهــــذه السبعة صم عن أمر

(الشاعر) :

الشيخ تقي الدين إبراهيم بن الشيخ زين الدين علي بن الشيخ بدر الدين حسن بن الشيخ محمد بن الشيخ صالح بن الشيخ إسماعيل الحارثي الهمداني الخارفي العاملي الكفعمي اللويزي الجبعي .

 أحد أعيان القرن التاسع الجامعين بين العلم والأدب، الناشرين لألوية الحديث والمستخرجين كنوز الفوايد والنوادر، وقد استفاد الناس بمؤلفاته الجمة، وأحاديثه المخرجة، وفضله الكثير، كل ذلك مشفوع منه بورع موصوف، وتقوى في ذات الله، إلى ملكات فاضلة، ونفسيات كريمة، حلى جيد زمنه بقلائدها الذهبية، وزين معصمه بأسورتها، وجلل هيكله بأبرادها القشيبة، وقبل ذلك كله نسبه الزاهي بأنوار الولاية المنتهي (1) إلى التابعي العظيم : الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، ذلك العلوي المذهب، العلي شأنه، الجلي برهانه، الذي هو من فقهاء الشيعة، سيوافيك ذكره في ترجمة أحد أحفاد أخي المترجم له الشيخ حسين والد شيخنا البهائي قدس أسرارهم .

 وقد توافقت المعاجم على سرد ألفاظ الثناء البالغ على المترجم له (الكفعمي) تجد ترجمته في أمل الآمل .

 رياض العلماء . نفح الطيب 4 : 395 وأكثر من ذكر بدايعه وطرفه وخطبه وأشعاره .

 رياض الجنة في الروضة الرابعة . روضات الجنات ص 6 .

 تكملة أمل الآمل لسيدنا أبي محمد الحسن الصدر الكاظمي أعيان الشيعة ج 5 : 336 - 358 الكنى والألقاب 3 : 95 . سفينة البحار 1 : 77 الفوائد الرضوية 1 : 7 .

 المشيخة لشيخنا الرازي ص 42 .

 (تآليفه القيمة) :

1 - المصباح المؤلف 895 2 - البلد الأمين . 3 - شرح الصحيفة . 4 ـ المقصد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نص صاحب (الرياض) بانتهاء نسب المترجم له إلى الحارث الهمداني في ترجمة والده الشيخ زين الدين على . وفي (تكملة الأمل) لسيدنا الحجة صدر الدين : إنه ذكر في آخر كتاب (الدروس) الذي عندي بخطه : إنه الكفعمي مولدا، اللوذي محتدا، الجبعي أبا، الحارثي نسبا، التقي لقبا .

 

/ صفحة 214 /

الأسنى في شرح الأسماء الحسنى 5 - رسالة في محاسبة النفس . 6 - كفاية الأدب (1) في أمثال العرب في مجلدين . 7 - قراضة النضير في التفسير (2) 8 - صفوة الصفات في شرح دعاء السمات . 9 - فروق اللغة 10 - المنتقى في العوذ والرقى . 11 - الحديقة الناضرة . 12 - نور حدقة البديع في شرح بعض القصائد المشهورة . 13 - النحلة (3) 14 - فرج الكرب . 15 - الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة . 16 - العين المبصرة 17 - الكوكب الدري . 18 - زهر الربيع في شواهد البديع 19 - حياة الأرواح في اللطايف والأخبار والآثار فرغ منه سنة 843 . 20 - التلخيص في الفقه 21 - أرجوزة في مقتل الحسين عليه السلام وأصحابه . 22 - مقاليد الكنوز في أقفال اللغوز . 23 - رسالة في وفيات العلماء . 24 - ملحقات الدروع الواقية . 25 - مجموع الغرائب . 26 - اللفظ الوجيز في قرائة الكتاب العزيز . 27 - مجموعة كبيرة مشتملة على رسائل وكتابات . 28 - مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء 29 - اختصار لسان الحاضر والنديم . إلى تآليف أخرى أنهاها السيد صاحب (الأعيان) إلى 49 .

يروي شيخنا الكفعمي عن والده المقدس الشيخ زين الدين علي . والسيد حسين بن مساعد الحسيني الحايري صاحب (تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار) .

 والسيد علي بن عبد الحسين الموسوي صاحب (رفع الملامة عن علي عليه السلام في ترك الإمامة) .

 والشيخ علي بن يونس زين الدين النباطي البياضي صاحب (الصراط المستقيم) .

 ووالد المترجم له الشيخ زين الدين علي جد جد شيخنا البهائي، أحد أعلام الطائفة وفقهائها البارعين، يروي عنه ولده المترجم له، ويعبر عنه بالفقيه الأعظم الورع، وأثنى عليه الشيخ علي بن محمد بن علي بن محلى شيخ أخي المترجم له شمس الدين محمد في إجازته : بالشيخ العلامة، زين الدنيا والدين، وشرف الاسلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في تكملة السيد الصدر : نهاية الأدب .

 (2) تلخيص من مجمع البيان للطبرسي .

 (3) في التكملة : النخبة .

 

/ صفحة 215 /

والمسلمين (1) توفي قدس سره سنة 861 .

 وخلف الشيخ زين الدين علي خمس بنين وهم : 1 - تقي الدين إبراهيم شيخنا الكفعمي المترجم له .

 2 - رضي الدين 3 - شرف الدين .

 4 - جمال الدين أحمد صاحب [زبدة البيان] في عمل شهر رمضان ينقل عنه أخوه شاعرنا في تآليفه .

 5 - شمس الدين محمد جد والد شيخنا البهائي، كان في الرعيل الأول من أعلام الأمة يعبر عنه شيخنا الشهيد الثاني بالشيخ الإمام .

 في إجازته لحفيده الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي (2) ويصفه المحقق الكركي بقدوة الأجلاء في العالمين .

 في إجازته لحفيده الشيخ علي بن عبد الصمد بن شمس الدين محمد المذكورة في (رياض العلماء) .

 وذكره بالإمامة السيد حيدر البيروي في إجازته للسيد حسين الكركي .

 وأثنى عليه العلامة المجلسي في إجازاته بقوله : صاحب الكرامات .

 قرأ شمس الدين كثيرا على الشيخ عز الدين الحسن بن أحمد بن يوسف بن العشرة العاملي المتوفى بكرك نوح سنة 862، وله إجازة من الشيخ علي بن محمد بن علي بن المحلى المتوفى سنة 855، تذكر في إجازات البحار ص 44، ولد رحمه الله سنة 822 وتوفي سنة 886 .

 توفي شيخنا الكفعمي شاعرنا العظيم في كربلاء المشرفة سنة 905 كما في كشف الظنون (3) وكان يوصي أهله بدفنه في الحائر المقدس بأرض تسمى (عقيرا) ومن ذلك قوله :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع إجازات البحار ص 45 .

 (2) راجع إجازات البحار ص 85 .

 (3) راجع ج 2 : 617 وفي طبع ص 1982 .

 (4) لعل العقر اسم لبعض نواحي كربلاء المشرفة كالغاضرية وشاطي الفرات ولذا لما سئل سيدنا الحسين السبط سلام الله عليه عن اسم المحل كان من جواب القوم له إنه يسمى (العقر) فقال عليه السلام : أعوذ بالله من العقر أو إن التسمية مأخوذة مما جاء في اللغة من إن (العقير) : الشريف القتيل .

 

/ صفحة 216 /

ســــــألتكــــــم بالله أن تــــــدفنــــــونــــــني * إذا مــــــت فــــــي قــــبر بأرض عقير(4)

فإنــــــي بــــــه جــــــار الشــــــهيــد بكربلا * سليــــــل رســــــول الله خــــــير مجــــــير

فإني به في حــــــفرتي غــــــير خـــــــائـف * بــــــلا مــــــرية مــــــن منــــــكر ونـــــكير

أمنــــــت بــــــه فــــــي موقـــــفي وقيامتي * إذ النــــــاس خــــــافوا مـــــن لظى وسعير

فإني رأيت العــــــرب يحــــــمى نــــــزيلها * ويمنعــــــه مــــــن أن ينــــــال بضيــــــــــر

فكيــــــف بســـــبط المصطفى أن يذود من * بحــــــائره ثــــــاو بغــــــير نــــــصيــــــــر؟

[وعار على حامي الحمى وهو في الحمى * إذا ضــــــل فــــــي البــــــيدا عـقال بعــير]

لفت نظر :

ذكر السيد الأمين صاحب (الأعيان) في ص 336 ج 5 : إن المترجم له ولد سنة 840 مستفيدا من أرجوزة له في علم البديع وهذا التاريخ بعيد عن الصواب جدا، وذهول عما ذكره السيد نفسه من أمور تفنده وتضاده، قال في ص 340 : وجد بخطه كتاب (دروس) الشهيد فرغ من كتابته سنة 850 وعليه قراءته وبعض الحواشي الدالة على فضله . وعد من تآليفه ص 343 [حياة الأرواح] فقال : فرغ من تأليفه سنة 843 .

 وذكر له مجموعة كبيرة فقال : قال صاحب الرياض : رأيته بخطه في بلدة إيروان من بلاد آذربيجان، وكان تاريخ إتمام كتابة بعضها سنة 848، وبعضها سنة 849، وبعضها 852 .

 وقال في ص 336 : تاريخ وفاته مجهول، وفي بعض المواضع : إنه توفي سنة 900 ولم يذكر مأخذه، فهو إلى الحدس أقرب منه إلى الحس لكنه كان حيا سنة 895 فإنه فرغ من تأليف (المصباح) في ذلك التاريخ، وليس في تواريخ مؤلفاته ما هو أزيد من هذا .

 فعلى ما استفاده سيد الأعيان من تاريخ ولادته 840 يكون عند تأليفه (المصباح) ابن خمس وخمسين سنة، وله في رائيته في (المصباح) قوله :

بشيــــــخ كبـــــير له لمة * كساها التعمر ثوب القتير

فمجموع ما ذكرناه يعطينا خبرا بأن شاعرنا المترجم له ولد في أوليات القرن التاسع، وإنه كان في سنة 843 مؤلفا صاحب رأي ونظر، يثني على تآليفه الأساتذة الفطاحل، وكان حينما ألف (المصباح) سنة 894 شيخا هرما كبيرا .