[131]
يرى محاسن أخلاقه وآدابه فيميل إلى الحق " وابني عمك " إنما قالا ذلك
لكونهما من قريش .
" يناشدانك القطيعة " أي يقسمان عليك أن لا تقطع
الرحم .
" فلما نلت أدنى منال " أي أصبت أدنى مقدرة وجاه .
" أتتخذ اللعن لنا
دينا " عرضهما أن اللعن دأب العاجزين وكنا نظن أنك أشجع الفر سان .
" وتخلى
ثيابك " أي من القمل والادناس وفي بعض النسخ : " وتحل " ولعله أظهر
" الحائل بينك وبين قلبك " أي يعلم من قلبك ما تغفل عنه أو هو أملك
لقلبك منك " وخائنة الاعين " : نظرها إلى ما لا ينبغي ومسارقة النظر وتحريك
الجفون للغمز ونحوه " ما ارتد إليك طرفك " كناية عن الموت " قال الرجل "
أي في نفسه متعجبا من أمره بتكريره الآية وكان ذلك لرفع سحرهما وشبههما
عن قلبه وتنوير قلبه بالايمان " مع الحدث الذي أحدثتما " أي من إبراز زوجة
النبي ( صلى الله عليه وآله ) من بيتها وإحداث الفتنة بين المسلمين .
أو المعنى إنكم تعلمون أني على الحق وأن ما أردتم بي باطل فلزمكم الاثم
من جهتين متناقضتين .
أو المراد نصرتهما له مع علمهما بكونه على الباطل وعلل الاول أظهر .
" زعمتما " أي أنكما تصيبانها .
وقال الجوهري : فرس حرون : لا ينقاد وإذا اشتد به الجري وقف .
" وهو الله ربي " أي الذي صرفني عن صلتكما هو الله تعالى فلا تقولا
[ هو ] أقل نفعا وأضعف دفعا فتكفرا .
أو صارفهما عن الحق أيضا هو الله مجازا لسلب توفيقه عنهما .
أو المراد أن صارفي عن الصلة هو سوء عقيدتكم وسريرتكم الذي حملكم
على نقض البيعة والصارف عن الصلة حقيقة هو الله تعالى لانه نهى عن صلة
الكافرين .
وقيل الضمير للشأن .
ولا يخفى ما فيه .
" وهربكما " في بعض النسخ :
" وهزؤكما " وهو أظهر .
واللبود جمع اللبد وهو الشعر المتراكم بين كتفي الفرس .
[132]
والسحر بالضم والتحريك : الرئة ويقال للجبان : قد انتفخ سحره ذكره
الجوهري وقال : ضربه فاقعصه أي قتله مكانه .
" ما رأيت لحية " أي ذا لحية أو
المراد بقوله : " منك " من لحيتك .
106 - كا علي عن أبيه عن بعض أصحابه عن عمرو بن شمر عن جابر
عن أبي جعفر عليه السلام قال :
لما خرج أمير المؤمنين عليه السلام يريد البصرة نزل بالربذة فأتاه رجل من
محارب فقال : يا أمير المؤمنين إني تحملت في قومي حمالة وإني سألت في طوائف
منهم المواساة والمعونة فسبقت إلي ألسنتهم بالنكد فمرهم يا أمير المؤمنين بمعونتي
وحثهم على مواساتي .
فقال : أين هم ؟ فقال : هؤلاء فريق منهم حيث ترى .
قال : فنص راحلته
فأدلفت كنأها ظليم فأدلف بعض أصحابه في طلبها فلا يا بلاي ما لحقت
فانتهى إلى القوم فسلم عليهم وسألهم ما يمنعهم من مواساة صاحبهم ؟ فشكوه
وشكاهم .
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : وصل امرأ عشيرته فإنهم أولى ببره
وذات يده ووصلت العشيرة أخاها إن عثر به دهر وأدبرت عنه دنيا فإن
المتواصلين المتباذلين مأجورون وإن المتقاطعين المتدابرين موزورن .
قال : ثم بعث راحتله وقال حل [ خل " خ ل " ] .
بيان : الربذة قرية معروفة قرب المدينة .
ومحارب اسم قبيلة .
والحمالة
بالفتح ما يتحمله الانسان من غيره من دية أو غرامة .
والنكد : الشدة والعسر .
" ونص راحلته " : استخرج أقصى ما عندها من السير ذكره الجوهري وقال :
___________________________________________________________
106 - رواه ثقة الاسلام الكليني في الحديث : ( 18 ) من باب صلة الرحم من كتاب الايمان
والكفر : ج 2 ص 153 .
( * )
[133]
الدلف : المشي الرويد يقال : دلف الشئ إذا مشى وقارب الخطو ، ودلفت
الكتبية في الحرب إذا تقدمت .
وقال [ الفيروز آبادي ] في القاموس : اندلف علي : انصب .
وتدلف إليه :
تمشى ودنا انتهى .
والمراد هنا الركض والتقدم .
والظليم : ذكر النعامة .
والضمير في
" طلبها " راجع إلى الراحلة .
وقال الجوهري : يقال : فعل كذا بعد لاي أي بعد شدة وإبطاء .
ولآى
لايا أي أبطأ .
وقال في النهاية : في حديث أم أيمن " فبلاي ما استغفر لهم " أي بعد
مشقة وجهد وإبطاء انتهى .
وما زائدة للابهام والمبالغة أي فلحقت راحلة بعض الاصحاب راحلته
عليه السلام بعد إبطاء مع إبطاء وشدة " فلايا " إما حال أو مفعول مطلق من
غير اللفظ ويمكن أن يقرأ " لحقت " على بناء المفعول .
" وصل امرؤ " أمر في
ضورة الخبر والنكرة للعموم كقولهم : " أنجز حر ما وعد " .
" وذات يده " أي ما
في يده من الاموال وقال : " حل " بالحاء المهملة وتخفيف اللام وهو زجر للناقة
كما ذكره الجوهري .
وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة وتشديد اللام فكأن
الرجل كان آخذا بزمام الناقة أو بغرزها فلما فرغ [ أمير المؤمنين ] من وعظهم
قال [ للرجل ] : خل سبيل الناقة .
107 - كا العدة عن سهل عن ابن يزيد عن محمد بن جعفر العقبى رفعه
قال : خطب أمير المؤمنين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
___________________________________________________________
107 - رواه ثقة الاسلام الكليني رفع الله مقامه في الحديث : ( 26 ) من كتاب الروضة من
الكافي : ج 8 ص 69 .
( * )
[134]
أيها الناس إن آدم لم يلد عبدا ولا أمة وإن الناس كلهم أحرار ولكن الله
خول بعضكم بعضا فمن كان له بلاء فصبر في الخير فلا يمن به على الله جل
وعز ألا وقد حضر شئ ونحن مسوون فيه بين الاسود والاحمر .
فقال مروان لطلحة والزبير : ما أراد بهذا غيركما .
قال : فأعطى كل واحد
ثلاثة دنانير وأعطى رجلا من الانصار ثلاثة دنانير وجاء بعد [ ه ] غلام أسود
فأعطاه ثلاثة دنانير فقال الانصاري : يا أمير المؤمنين هذا غلام اعتقته بالامس
تجعلني وإياه سواءا ؟ فقال : إني نظرت في كتاب الله فلم أجد لولد اسماعيل
على ولد إسحاق فضلا .
108 - مد بإسناده إلى مسند عبدالله بن أحمد بن حنبل عنه عن أبيه عن
وكيع عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين ( عليهم
السلام ) قال : حدثني ابن عباس قال : أرسلني علي إلى طلحة والزبير يوم
الجمل قال : فقلت لهما إن أخاكما يقرئكما السلام ويقول لكما : هل وجدتما علي
حيفا في حكم أو في استئثار في فئ ؟ أو وفي كذا ؟ قال : فقال الزبير : لا ولا في واحدة
منهما ولكن مع الخوف شدة المطامع .
109 - مد من الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري من موطئ
___________________________________________________________
108 - رواه العلامة يحيى بن الحسن المعروف بابن البطريق في الحديث الاول من الفصل :
( 36 ) من كتاب العمدة ص 161 .
وهذا هو الحديث ( 137 ) من فضائل أمير المؤمنين من كتاب الفضائل - تأليف
أحمد بن حنبل - ص 91 ط 1 ، وكان في نسختى من البحار ، وكتاب العمدة
تصحيفات صححناها عليه .
وللحديث مصادر أخر يجد الباحث بعضها في تعليق المختار : ( 98 ) من نهج
السعادة : ج 1 ص 317 ط 2 ، وتعليق الحديث : ( 137 ) من فضائل علي عليه السلام
من كتاب الفضائل ص 91 ط 1 .
109 - رواه يحيى بن الحسن في أواخر الفصل الاخير من كتاب العمدة ص 244 .
( * )
[135]
مالك بإسناده عن أبي وائل قال : دخل أبووائل وابن مسعود على عمار حين
بعثه [ علي مع الحسن ابنه ] إلى الكوفة يستنفرهم فقالا له : ما رأيناك أتيت أمرا
أكره عندنا من إسراعك في هذا الامر منذ أسلمت ! ! فقال لهما عمار : ما رأيت
منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما [ عن هذا الامر ] .
وكساهما ابن مسعود حلة حلة .
110 - نهج [ و ] من كلام له ( عليه السلام ) لما أشير عليه بأن لا يتبع طلحة
والزبير ولا يرصد [ يصدر " خ ل " ] لهما القتال :
والله لا أكون كالضبع تنام على طول اللدم حتى يصل اليها طالبها
ويختلها راصدها ولكن اضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه وبالسامع المطيع
العاصي المريب أبدا حتى يأتي علي يومي فو الله ما زلت مدفوعا عن حقي
مستأثرا علي منذ قبض الله نبيه ( صلى الله عليه وآله ) حتى يوم الناس هذا .
بيان اللدم [ على زنة اللطم والشتم ] : صوت الحجر أو العصاء أو غيرهما
يضرب بها الارض ضربا ليس بشديد يحكى أن الضبع يستغفل في جحرها
بمثل ذلك فيسكن حتى يصاد .
ويضرب بها المثل في الحمق .
111 - نهج ومن كتاب له ( عليه السلام ) إلى طلحة والزبير مع عمران بن
الحصين الخزاعي ذكره أبوجعفر الاسكافي في كتاب المقامات :
أما بعد فقد علمتما وإن كتمتما أن لم أرد الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم
حتى بايعوني وإنكما ممن أرادني وبايعني وأن العامة لم تبايعني لسلطان غاصب
___________________________________________________________
110 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 6 ) من نهج البلاغة .
111 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 52 ) من باب الكتب من نهج البلاغة .
( * )
[136]
ولا لحرص حاضر ( 1 ) فإن كنتما بايعتماني طائعين فارجعا وتوبا إلى الله من
قريب وإن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل بإظهاركما
الطاعة واسراركما المعصية ولعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقية والكتمان
وإن دفعكما هذا الامر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه
بعد إقراركما به .
وقد زعمتما أني قتلت عثمان فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل
المدينة ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل .
فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما فإن الآن أعظم أمركما العار من قبل أن
يجتمع العار والنار والسلام .
بيان قوله ( عليه السلام ) : " من قبل " متعلق بقوله فارجعا .
112 - أقول قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : قال كل من صنف من أهل
السير والاخبار : أن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت
ثوبا من ثياب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فنصبته في منزلها وكانت تقول
للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم يبل وعثمان
قد أبلى سنته .
[ و ] قالوا : أول من سمى عثمان نعثلا عائشة .
والنعثل : الكثير شعر
اللحية والجسد .
وكانت تقول : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا .
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 136 سطر 18 الى ص 144 سطر 18
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي من طبع الكمباني من كتاب البحار ، وفي النسخ الموجودة عندي من نهج
البلاغة : " لسلطان غالب ، ولا لعرض حاضر ... " .
112 - رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار : ( 79 ) وهو كلامه عليه السلام في ذم النساء من
نهج البلاغة : ج 2 ص 407 ط الحديث بيروت ، وقد لخص المصنف رواية ابن أبي
الحديد .
( * )
[137]
وروى المدائني في كتاب الجمل قال : لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة
وبلغ قتله إليها وهي بشراف فلم تشك في أن طلحة صاحب الامر وقالت :
بعدا لنعثل وسحقا إيه ذا الاصبع إيه أباشيل ايه يا ابن عم لكأني أنظر إلى
إصبعه وهو يبايع له حنوها لابل وذعذعوها ( 1 ) .
قال وقد كان طلحة حين قتل عثمان أخذ مفاتيح بيت المال وأخذ نجائب
كانت لعثمان في داره ثم فسد أمره [ فدفعها ] إلى علي عليه السلام .
وقال أبومخنف في كتابه : إن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة أقبلت
مسرعة وهي تقول : إيه ذا الاصبع لله أبوك أما إنهم وجدوا طلحة والزبير لها
كفوا فلما انتهت إلى شراف استقبلها عبيد بن أبي سلمة فقالت له : ما عندك ؟
قال : قتل عثمان .
قالت : ثم ماذا ؟ قال : ثم جارت بهم الامور إلى خير مجار
بايعوا عليا .
فقالت : لوددت أن السماء إنطبقت على الارض إن تم هذا انظر
ما تقول ؟ قال : هو ما قلت لك يا أم المؤمنين فولولت ! ! فقال لها : ما شأنك يا
أم المؤمنين والله ما أعرف بين لابتيها أحدا أولى بها منه ولا أحق ولا أرى له
نظيرا في جميع حالاته فلماذا تكرهين ولايته ؟ قال : فما ردت جوابا .
وفي رواية قيس بن أبي حازم ثم ردت ركائبها إلى مكة فرأيتها في مسيرها
تخاطب نفسها قتلوا ابن عفان مظلوما ! ! فقلت لها : يا أم المؤمنين ألم أسمعك آنفا
تقولين أبعده الله وقد رأيتك قبل أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولا ؟ !
فقالت : لقد كان ذلك ولكني نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه
كالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه .
قال : وكتب طلحة والزبير إلى عائشة وهي بمكة كتابا أن خذلي الناس عن
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في المطبوع من البحار ، وفي شرح النهج : ج 2 ص 408 ط بيروت : " حثوها لابل .
ودعدعوها " .
وسيأتي تفسيره من المصنف في آخر الحديث ص 422 .
( * )
[138]
بيعة علي وأظهري الطلب بدم عثمان .
وحملا الكتاب مع ابن أختها عبدالله بن
الزبير فلما قرأت الكتاب كاشفت وأظهرت الطلب بدم عثمان .
قال : ولما عزمت عائشة على الخروج إلى البصرة طلبوا لها بعيرا أيدا يحمل
هودجها فجاءهم يعلى بن أمية [ منية " خ " ] ( 1 ) ببعير يسمى عسكرا وكان عظيم
الخلق شديدا فلما رأته أعجبها وأنشأ الجمال يحدثها بقوته وشدته ويقول في
أثناء كلامه " عسكر " فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت : ردوه لا
حاجة لي فيه وذكرت حيث سئلت أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذكر لها
هذا الاسم ونهاها عن ركوبه وأمرت أن يطلب لها غيره فلم يوجد لها ما يشبهه
فغير لها بجلال غير جلاله وقيل لها : قد أصبنا لك أعظم منه خلقا وأشد منه
قوة وأتيت به فرضيت ! ! !
قال أبومخنف : وأرسلت إلى حفصة تسألها الخروج والمسير معها فبلغ
ذلك عبدالله بن عمر فأتى أخته فعزم عليها فأقامت وحطت الرحال بعدما
همت .
وكتب الاشتر من المدينة إلى عائشة هي بمكة : أما بعد فإنك ظعينة
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد أمرك أن تقري في بيتك فإن فعلت فهو
خير لك وإن أبيت إلا أن تأخذي منسأتك وتلقي جلبابك وتبدي للناس
شعيراتك قاتلتك حتى أردك إلى بيتك والموضع الذي يرضاه لك ربك .
فكتبت إليه في الجواب : أما بعد فإنك أول العرب شب الفتنة ودعا إلى
الفرقة وخالف الائمة وسعى في قتل الخليفة وقد علمت أنك لن تعجز الله
حتى يصيبك منه بنقمة ينتصر بها منك للخليفة المظلوم وقد جاءني كتابك
___________________________________________________________
( 1 ) منية اسم أمة وأمية أبوه وهو - على ما في مناقب يعلى من كتاب المستدرك : ج 3
ص 423 نقلا عن مصعب الزبيري - أمية بن أبي عبيد بن همام بن الحارث بن بكر .
( * )
[139]
وفهمت ما فيه وسنكفيك ولك من أصبح مماثلا لك في غيك وضلالك إنشاء
الله .
قال أبومخنف : لما انتهت عائشة في مسيرها إلى الحوأب وهو ماء لبني
عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتى نفرت صعاب إبلها فقال : قائل من
أصحابها : ألا ترون ما أكثر كلاب الحوأب وما أشد نباحها ؟ فأمسكت زمام
بعيرها وقالت : وإنها لكلاب الحوأب ؟ ردوني ردوني فإني سمعت رسول الله
يقول وذكرت الخبر .
فقال لها قائل : مهلا يرحمك الله فقد جزنا ماء الحوأب .
فقالت : فهل
من شاهد ؟ فلفقوا لها خمسين أعرابيا جعلوا لهم جعلا فحلفوا لها أن هذا ليس
بماء الحوأب فسارت لوجهها .
ولما انتهوا إلى حفر أبي موسى قريبا من البصرة أرسل عثمان بن حنيف
وهو يومئذ عامل علي عليه السلام على البصرة إلى القوم أبا الاسود الدئلي يعلم
له علمهم فجاء حتى دخل على عائشة فسألها عن مسيرها ؟ فقالت : أطلب بدم
عثمان .
قال : إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد .
قالت : صدقت ولكنهم مع
علي بن أبي طالب بالمدينة وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله ! ! أنغضب لكم
من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم ؟ ؟ فقال لها : ما أنت من
السوط والسيف ؟ إنما أنت حبيس رسول الله أمرك أن تقري في بيتك وتتلي
كتاب ربك ليس على النساء قتال ولا لهن الطلب بالدماء وإن عليا لاولى
بعثمان منك وأمس رحما فإنها إبنا عبد مناف .
فقالت : لست بمنصرفة حتى
أمضى لما قدمت له أفتظن يا أبا الاسود أن أحدا يقدم على قتالي ؟ فقال : أما
والله لتقاتلن قتالا أهونه الشديد .
ثم قام فأتى الزبير فقال : يا أبا عبدالله عهد الناس بك وأنت يوم بويع
أبوبكر آخذ بقائم سيفك تقول : لا أحد أولى بهذا الامر من ابن أبي طالب
وأين هذا المقام من ذاك ؟ ! فذكر له دم عثمان قال : أنت وصاحبك وليتماه فيما
بلغناه .
قال : فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول .
فذهب إلى طلحة فوجده
[140]
مصرا على الحرب والفتنة فرجع إلى عثمان بن حنيف فقال : إنها الحرب فتأهب
لها .
قال : ولما نزل علي ( عليه السلام ) البصرة كتبت عائشة إلى زيد بن
صوحان العبدي : من عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج النبي إلى ابنها
الخالص زيد بن صوحان أما بعد فأتم في بيتك وخذل عن علي وليبلغني عنك
ما أحب فإنك أوثق أهلي عندي والسلام .
فكتب إليها : من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر أما بعد فإن
الله أمرك بأمر وأمرنا بأمر ، أمرك أن تقري في بيتك وأمرنا أن نجاهد ، وقد أتاني
كتابك فأمرتني أن أصنع خلاف ما أمرني الله فأكون قد صنعت ما أمرك الله
به ، وصنعت ما أمرني الله به ، فأمرك عندي غير مطاع وكتابك غير مجاب
والسلام .
بيان " حنوها " أي جعلوا إصبعه منحينة للبيعة " لا بل وذعذعوها " أي
كسروها وبددوها لهجومهم على البيعة .
و " الظعينة " والامرأة في الهودج
و " المنسأة " : العصا تهمز ولا تهمز .
113 - 115 - الكافية في إبطال توبة الخاطئة عن نوح بن دراج عن إسحاق
قال : دعا عثمان بن حنيف عمران بن الحصين الخزاعي وكان من أصحاب
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فبعثه وبعث معه أبا الاسود الدئلي إلى طلحة
والزبير وعائشة فقال : إنطلقا فاعلما ما أقدم علينا هؤلاء القوم وما يريدون ؟ .
قال أبوالاسود : فدخلنا على عائشة فقال لها عمران بن الحصين : يا أم
المؤمنين ما أقدمك بلدنا ولم تركت بيت رسول الله الذي فارقك فيه ؟ وقد أمرك
___________________________________________________________
113 - 115 - قد بخل وتولى أصحاب الثروة والمكنة عن السعي وراء تكثير نسخة هذا
الكتاب ونشره وما ظفرت به بعد .
( * )