[141]
أن تقري في بيتك وقد علمت أنك إنما أصبت الفضيلة والكرامة والشرف
وسميت أم المؤمنين وضرب عليك الحجاب ببني هاشم فهم أعظم الناس
عليك منة وأحسنهم عندك يدا ولست من اختلاف الناس في شئ لولا لك
من الامر شئ وعلي أولى بدم عثمان فاتقي الله واحفظي قرابته وسابقته فقد
علمت أن الناس بايعوا أباك فما أظهر عليه خلافا وبايع أبوك عمر وجعل الامر
له دونه فصبر وسلم ولم يزل بهما برا ثم كان من أمرك وأمر الناس وعثمان ما
قد علمت ثم بايعتم عليا ( عليه السلام ) فغبنا عنكم فأتنا رسلكم بالبيعة
فبايعنا وسلمنا .
فلما قضى كلامه قالت عائشة : يا أبا عبدالله ألقيت أخاك أبا محمد يعني
طلحة ؟ فقال لها : ما لقيته بعد وما كنت لآتي أحدا ولا أبدأ به قبلك .
قالت :
فأته فانظر ماذا يقول .
قال : فأتيناه فكلمه عمران فلم يجد عنده شيئا مما يحب فخرجنا من عنده
فأتيناه الزبير وهو متكئ وقد بلغه كلام عمران وما قال لعائشة فلما رآنا قعد
وقال : أيحسب ابن أبي طالب أنه حين ملك ليس لاحد معه أمر فلما رأى ذلك
عمران لم يكلمه فأتى عمران عثمان فأخبره .
وعن أسوس [ أشرس " خ " ] العبدي عن عبدالجليل بن إبراهيم أن
الاحنف بن قيس أقبل حين نزلت عائشة أول مرحلة من البصرة فدخل عليها
فقال : يا أم المؤمنين وما الذي أقدمك وما أشخصك وما تريدين ؟ قالت : يا
أحنف قتلوا عثمان فقال : يا أم المؤمنين مررت بك عام أول المدينة وأنا أريد
مكة وقد أجمع الناس على قتل عثمان ورمي بالحجارة وحيل بينه وبين الماء
فقلت لك : يا أم المؤمنين اعلمي أن هذا الرجل مقتول ولو شئت لتردين عنه
وقلت : فإن قتل فإلى من ؟ فقلت : إلى علي بن أبي طالب .
قالت : يا أحنف
صفوة حتى إذا جعلوه مثل الزجاجة قتلوه .
فقال : لها أقبل قولك في الرضا ولا
أقبل قولك في الغضب .
( * )
[142]
ثم أتى طلحة فقال : يا أبا محمد ما الذي أقدمك وما الذي أشخصك وما
تريد ؟ فقال : قتلوا عثمان .
قال : مررت بك عاما أول بالمدينة وأنا أريد العمرة
وقد أجمع الناس على قتل عثمان ورمي بالحجارة وحيل بينه وبين الماء فقلت
لكم : إنكم أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) لو تشاؤن أن تردوا عنه فعلتم
فقلت : دبر فأدبر .
فقلت لك : فإن قتل فإلى من ؟ فقلت : إلى علي بن أبي
طالب ( عليه السلام ) فقال : ما كنا نرى أن أمير المؤمنين ( صلى الله عليه وآله )
يرى أن يأكل الامر وحده .
وعن حريز بن حازم عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن رجل من ضبيعة
قال : لما قدم طلحة والزبير ونزلا طاحية ركبت فرسي فأتيتهما فقلت
لهما : إنكما رجلان من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا أصدقكما
وأثق بكما خبراني عن مسيركما هذا شئ عهد إليكما رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) ؟ أما طلحة فنكس رأسه وما الزبير فقال : حدثنا أن ها هنا دراهم
كثيرة فجئنا لنأخذ منها .
وعن أشعث عن ابن سيرين عن أبي جليل وكان من خيار المسلمين
قال : دخلنا على طلحة والزبير حين قدما البصرة فقلنا : أرأيتما مقدمكما هذا
شئ عهد إليكما رسول الله أم رأي رأيتماه ؟ فقال : لا ولكنا أردنا أن نصيب
من دنياكم .
116 - أقول : وروى أحمد بن أعثم الكوفي أنه لما قضت عائشة حجها
وتوجهت إلى المدينة استقبلها عبيد بن سلمة الليثي وكان يسمى ابن أم كلاب
فسألته عائشة عن المدينة وأهلها ؟ فقال : قتل عثمان .
قالت : فما فعلوا ؟ قال :
بايعوا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقالت : ليت السماء سقطت على
___________________________________________________________
116 - رواه أحمد بن أعثم الكوفي المتوفى نحو سنة : ( 314 ) في كتاب الجمل من كتاب
الفتوح .
( * )
[143]
الارض ولم أسمع ذلك منك والله لقد قتل عثمان مظلوما ولاطلبن بثاره ووالله
إن يوما من عمر عثمان أفضل من حياة علي ! ! !
فقال عبيد : أما كنت تثنين على علي ( عليه السلام ) وتقولين : ما على وجه
الارض أحد أكرم على الله من علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فما بدا لك إذ
لم ترضي بإمامته ؟ وأما كنت تحرضين الناس على قتل [ عثمان ] وتقولين : اقتلوا
نعثلا فقد كفر .
فقالت عائشة : قد كنت قلته ولكني علمته خيرا فرجعت عن
قولي وقد استتابوه فتاب وغفر له ! ! !
فرجعت عائشة إلى مكة وكان من أمرها ما ستر .
117 - وروى ابن الاثير في الكامل أنه لما أخبرها عبيد بن سلمة بقتل
عثمان واجتماع الناس على بيعة أمير المؤمنين قالت : أيتم الامر لصاحبك ؟
ردوني ردوني .
فانصرفت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما والله
لاطلبن بدمه ! ! فقال لها : لقد كانت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر ! ! فقالت :
إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الاخير خير من قولي الاول فقال
لها ابن أدم الكلاب :
فمنك البداة ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الامام * وقلت لنا : إنه قد كفر
فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر
ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر
___________________________________________________________
117 - ذكره ابن الاثير في حوادث سنة : ( 36 ) في عنوان : " ذكر ابتداء وقعة الجمل من
كتاب الكامل : ج 3 ص 105 ، ط دار الكتاب العربي بيروت .
ورواه أيضا في حوادث تلك السنة مسندا الطبري في تاريخ الامم والملوك :
ج 1 ، ص 3011 ط 1 ، وفي ط ج 4 ص 458 وما بعدها .
( * )
[144]
وقد بايع الناس ذا بدرة * يزيل الشبا ويقيم الصغر ( 1 ) ،
وتلبس للحرب أثوابها * وما من وفا مثل من قد غدر
فانصرفت [ عائشة ] إلى مكة فقصدت الحجر فاجتمع الناس إليها فقالت :
أيها الناس إن الغوغاء من أهل الامصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا
على هذا الرجل المقتول ظلما بالامس ونقموا عليه استعمال من حدث سنه -
وقد استعمل أمثالهم من قبله - ومواضع من الحمى حماها لهم فتابعهم ونزع
لهم عنها ، فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام
واستحلوا البلد الحرام والشهر الحرام وأخذوا المال الحرام ، والله لاصبع من عثمان خير
من طباق الارض أمثالهم ! ! ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما
يخلص الذهب من خبثه والثوب من ذرنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء .
فقال عبد الله بن عامر الحضرمي وكان عامل عثمان على مكة : ها أنا
أول طالب بدمه - فكان أول مجيب - وتبعه بنو أمية وكانوا هربوا من المدينة
بعد قتل عثمان إلى مكة فرفعوا رؤوسهم وكان أول ما تكلموا بالحجاز وتبعهم
سعيد بن العاص والوليد بن عتبة [ و ] سائر بني أمية .
وقدم عليهم عبدالله بن عامر من البصرة بمال كثير ويعلى بن منية من
اليمن ومعه ست مائة بعير وستة آلاف دينار فأناخ بالابطح .
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في تاريخ الكامل وتاريخ الطبري ، وفي أصلي من البحار :
وقد بايع الناس ذا بدرة * يزيد السماء ويعم الصغر
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 144 سطر 19 الى ص 152 سطر 18
وذو التدرأ ، والتدرأة : ذو العزة والمنعة .
( * )
[145]
وقدم طلحة والزبير من المدينة ولقيا عائشة فقالت : ما وراؤكما ؟ قالا : إنا
تحملنا هرابا من الدينة من غوغاء وأعراب وفارقنا حيارى لا يعرفون حقا
ولا ينكرون باطلا ولا يمنعون أنفسهم .
فقالت : انهضوا إلى هذه الغوغاء .
فقالوا : نأتي الشام .
فقال ابن عامر :
كفاكم الشام معاوية فأتوا البصرة .
فاستقام الرأي على البصرة .
وكانت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم معها على قصد المدينة فلما
تغير رأيها إلى البصرة تركن ذلك وأجابتهم حفصة إلى المسير معهم فمنعها
أخوها عبدالله .
وجهزهم يعلى بن منية بستمائة بعير وستمائة ألف درهم وجهزهم ابن
عامر بمال كثير ونادى مناديها إن أم المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى
البصرة فمن أراد إعزاز الاسلام وقتال المستحلين والطلب بثار عثمان وليس له
مركب فلبأت فحملوا على ستمائة بعير وساروا في ألف .
وقيل في تسعمائة من أهل المدينة ومكة ولحقهم الناس فكانوا في ثلاثة
آلاف رجل .
فلما بلغوا ذات عرق بكوا على الاسلام فلم ير يوم كان أكثر باكيا من
ذلك اليوم يسمى يوم النحيب فمضوا ومعهم أبان والوليد إبنا عثمان .
وأعطى يعلى بن منية عائشة جملا اسمه عسكر اشتراه بمأتي دينا ويقال :
اشتراه بثمانين دينارا فركبته وقيل كان جملها لرجل من عرينة قال العرني : بينما
أنا أسير على جمل إذ عرض لي راكب فقال : أتبيع جملك ؟ قلت : نعم .
قال :
بكم قلت : بألف درهم .
قال : أمجنون أنت ؟ قلت : ولم والله ماطلبت عليه
أحدا إلا أدركته ولا طلبني وأنا عليه أحد إلا فته قال : لو تعلم لمن نريده ؟
إنما نريده لام المؤمنين عائشة .
فقلت : خذه بغير ثمن قال : بل ارجع معنا
إلى الرحل فنعطيك ناقة ودراهم قال : فرجعت وأعطوني ناقة مهرية وأربعمائة
درهم أو ستمائة وقالوا لي : يا أخا عرينة هل لك دلالة بالطريق ؟ قلت : أنا
من أدل الناس قالوا : فسر معنا فسرت معهم فلا أمر علي واد إلا سألوني عنه
حتى طرقنا الحوأب وهو ماء فنبحتها كلابه فقالوا : أي ماء هذا ؟ فقلت : هذا
[146]
ماء الحوأب فصرخت عائشة بأعلا صوتها فقالت : إنا لله وإنا إليه راجعون إني
لهيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول وعنده نساؤه : ليت
شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب ؟ ثم ضربت عضد بعبرها وأناخته وقالت :
ردوني أنا والله صاحبة ماء الحوأب فأناخوا حولها يوما وليلة .
فقال عبدالله بن الزبير : إنه كذب ولم يزل بها وهي تمتنع فقال لها : النجا
النجا قد أدرككم علي بن أبي طالب فارتحلوا نحو البصرة انتهى كلام ابن
الاثير .
118 - وقال الدميري في حيات الحيوان : روى الحاكم عن قيس بن أبي
حازم وابن أبي شيبة من حديث ابن عباس أن النبي قال لنسائه : أيتكن صاحبة
الجمل الادبب تسير أو تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب .
[ قال : ] والحوأب نهر بقرب البصرة والادبب : الادب وهو الكثير شعر
الوجه .
قال ابن دحية : والعجب من ابن العربي كيف أنكر هذا الحديث في كتاب
العواصم والقواصم له وذكر أنه لا يوجد له أصل وهو أشهر من فلق
الصبح ( 1 ) .
وروي أن عائشة لما خرجت مرت بماء يقال له : الحوأب فنبحتها الكلاب
فقالت : ردوني ردوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :
كيف بإحدأكن إذا نبحتها كلاب الحوأب انتهى كلام الدميري .
( 2 )
___________________________________________________________
118 - ذكر الدميري في مادة : " الجمل " من كتاب حياة الحيوان .
( 1 ) وكل من يراجع كتابه العواصم من القواصم يتجلى له أنه وابن تيمية كفرسي رهان في
إنكار الضروريات والقطعيات .
( 2 ) ورواه أيضا أبوموسى المديني محمد بن أبي بكر ابن أبي عيسى الاصفهاني المتوفى سنة :
( 581 ) كما في مادة : " حوب " من كتاب النهاية .
( * )
[147]
119 - وقال السيد علم الهدى في شرح قصيدة السيد الحميري رضي الله
عنهما : روي أن عائشة لما نبحتها كلاب الحوأب وأرادت الرجوع قالوا لها :
ليس هذا ماء الحوأب فأبت أن تصدقهم فجاؤا بخمسين شاهدا من العرب
فشهدوا أنه ليس بماء الحوأب وحلفوا لها فكسوهم أكسية .
وأعطوهم دراهم .
قال السيد : وقيل : كانت هذه أول شهادة زور في الاسلام .
120 - وروى الصدوق قدس الله روحه في الفقيه عن الصادق عليه
السلام أنه قال : أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام شهادة سبعين رجلا
حين انتهوا إلى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرجوع وقالت :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لازواجه : إن إحداكن
تنبحها كلاب الحوأب في التوجه إلى قتال وصيي علي بن أبي طالب فشهد
عندها سبعون رجلا أن ذلك ليس بماء الحوأب فكانت أول شهادة شهد بها في
الاسلام بالزور .
121 - 122 - كش جبرئيل بن أحمد عن الحسن بن خرزاد عن ابن مهران
عن أبان بن جناح عن الحسن بن حماد بلغ به قال : كان سلمان إذا رأى
الجمل الذي يقال له عسكر يضربه فيقال : يا أبا عبدالله ما تريد من هذه
البهيمة ؟ فيقول : ما هذا ببهيمة ولكن هذا عسكر بن كنعان الجني يا أعرابي
لا ينفق جملك ها هنا ولكن اذهب به إلى الحوأب فإنك تعطى به ما تريد ! !
وبهذا الاسناد عن ابن مهران عن البطائني عن أبي بصير عن أبي جعفر
عليه السلام قال : اشتروا عسكرا بسبعمائة درهما وكان شيطانا .
___________________________________________________________
119 - لم أظفر بعد بشرح السيد المرتضى على قصيدة السيد الحميري رضوان الله عليهما .
120 - رواه الشيخ الصدوق رفع الله مقامه في الباب : ( 35 ) وهو باب نوادر الشهادات من
أبواب القضايا والاحكام من كتاب من لا يحضره الفقيه : ج 3 ص 44 ط النجف .
121 - 122 - رواه الكشي رحمه الله في أواسط ترجمة سلمان الفارسي رفع الله مقامه تحت
الرقم الاول من رجاله ص 18 .
( * )
[148]
123 - نهج [ و ] من خطبة له عليه السلام خطبها بذيقار وهو متوجه إلى
البصرة ذكرها الواقدي في كتاب الجمل :
فصدع بما أمر به وبلغ رسالة ربه فلم الله به الصدع ورتق به الفتق
وألف به بين ذوي الارحام بعد العداوة الواغرة في الصدور والضغائن الفادحة
في القلوب .
___________________________________________________________
123 - رواه السيد الرضي في المختار ( 229 ) من نهج البلاغة .
( * )
[149]
124 - ج روى الشعبي عن عبدالرحمان بن مسعود العبدي قال : كنت
بمكة مع عبدالله بن الزبير وطلحة والزبير فأرسلا إلى عبدالله بن الزبير فأتاهما
وأنا معه فقالا له : إن عثمان قتل مظلوما وإنا نخاف أن ينقض أمر أمة محمد
صلى الله عليه وآله فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله أن يرتق
بها فتقا ويشعب بها صدعا ! ! قال : فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها فدخل عبد
الله بن الزبير معها في سترها فجلست على الباب فأبلغها ما أرسلا [ ه به ] فقالت :
سبحان الله والله ما أمرت بالخروج وما يحضرني من أمهات المؤمنين إلا أم
سلمة فإن خرجت خرجت معها .
فرجع إليهما فبلغهما ذلك فقالا : ارجع إليها
فلتأتها فهي أثقل عليها منا فرجع إليها فبلغها فأقبلت حتى دخلت على أم
سلمة .
فقالت لها أم سلمة : مرحبا بعائشة والله ما كنت لي بزوارة فما بدا لك ؟
قالت : قدم طلحة والزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوما ؟ ! قال :
فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار فقالت : يا عائشة أنت
بالامس تشهدين عليه بالكفر وهو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوما فما تريدين ؟ !
قالت : تخرجين معنا فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد صلى الله عليه
___________________________________________________________
124 - رواه الطبرسي رحمه الله في كتاب الاحتجاج : ج 1 ، ص 166 ، ط بيروت .
( * )
[150]
وسلم .
قالت : يا عائشة أتخرجين وقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ما سمعنا ؟ نشدتك بالله يا عائشة الذي يعلم صدقك إن صدقت
أتذكرين يوما كان يومك من رسول الله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها وهو
عليه وآله السلام يقول : " والله لا تذهب الليالي والايام حتى تتنابح كلاب ماء
بالعراق يقال له " الحوأب " امرأة من نسائي في فئة باغية " فسقط الاناء من
يدي فرفع رأسه إلي وقال : ما لك يا أم سلمة ؟ فقلت : يا رسول الله ألا
يسقط الاناء من يدي وأنت تقول ما تقول ما يؤمنني أن يكون أناهي ؟ !
فضحكت أنت فالتفت إليك فقال : بما تضحكين يا حمراء الساقين إني أحسبك
هي .
ونشدتك بالله يا عائشة أتذكرين ليلة أسرى بنا مع رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم من مكان كذا وكذا وهو بيني وبين علي بن أبي طالب عليه
السلام يحدثنا فأدخلت جملك فحال بينه وبين علي بن أبي طالب فرفع مقرعة
كانت عنده يضرب بها وجه جملك وقال : أما والله ما يومه منك بواحد ولا
بليته منك بواحدة أما إنه لا يبغضه إلا منافق كذاب .
وأنشدك بالله أتذكرين مرض رسول الله الذي قبض فيه فأتاه أبوك يعوده
ومعه عمر - وقد كان علي بن أبي طالب عليه السلام يتعاهد ثوب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ونعله وخفه ويصلح ما وهي منها فدخل قبل ذلك
فأخذ نعل رسول الله وهى حضرمية وهو يخصفها خلف البيت - فاستأذنا عليه
فأذن لهما فقالا : يا رسول الله كيف أصبحت ؟ فقال : أصبحت أحمد الله .
قالا :
ما بد من الموت .
قال : أجل لابد منه .
قالا : يا رسول الله فهل
استخلفت أحدا ؟ قال : ما خليفتي فيكم إلا خاصف النعل فخرجا فمرا على
علي بن أبي طالب وهو يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وكل
ذلك تعرفينه يا عائشة وتشهدين عليه .
ثم قالت أم سلمة : يا عائشة أنا أخرج على علي عليه السلام بعد الذي
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ !
فرجعت عائشة إلى منزلها وقالت : يا ابن الزبير أبلغهما أني لست بخارجة