[ 81 ]

عثمان كما قيل أو المعنى أن لكل ضلالة غالبا علة ولكل ناكث شبهة بخلاف هؤلاء فإنهم يعدلون عن الحق مع وضوحه بغير عذر وشبهة .
" ومستمع اللدم " الضبع و [ اللدم ] هو صوت الحجر يضرب به الارض أو حيلة يفعلها الصائد عند باب جحرها فتنام ولا تتحرك حتى يجعل الحبل في عرقوبها فيخرجها والمعنى لا أغتر ولا أغفل عن كيد الاعداء فاستمع الناعي بقتل طائفة من المسلمين ويحضر الباكي على قتلاهم فلا أحاربهم حتى يحيطوا بي .
وقيل : لا أكون كمن يسمع الضرب والبكاء ثم لا يصدق حتى يجئ لمشاهدة الحال .
[ و ] قال الجوهري : اللدم : ضرب المرأة صدرها وعضديها في الناحية .
53 - نهج ومن كلام له ( عليه السلام ) عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة : إن الله بعث رسولا هاديا بكتاب ناطق وأمر قائم لا يهلك عنه إلا هالك وإن المبتدعات المشبهات هن من المهلكات إلا ما حفظ الله منها [ كذا ] وإن في سلطان الله عصمة لامركم فأعطوه طاعتكم غير ملومة ولا مستكره بها والله لتفعلن أو لينقلن الله عنكم سلطان الاسلام ثم لا ينقله إليكم أبدا حتى يأرز الامر إلى غيركم .
إن هؤلاء قد تمالؤا على سخطة إمارتي وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم فإنهم إن تمموا على فيالة هذا الرأي انقطع نظام المسلمين وإنما طلبوا هذه الدنيا حسدا لمن أفاء ها الله عليه فأرادوا رد الامور على أدبارها .
ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله والقيام بحقه والنعش لسنته .

___________________________________________________________
53 - ذكره السيد الرضي رضي الله عنه في المختار : ( 167 ) من كتاب نهج البلاغة .
( * )

[ 82 ]

بيان وأمر قائم أي باق وحكمه غير منسوخ : وقيل : أي مستقيم ليس بذي عوج " لا يهلك عنه " أي معرضا وعادلا عنه " الا هالك " أي من بلغ الغاية في الهلاك " والمشبهات " بالفتح أي التي اشبهت سنن وليست منها أو بالكسر أي التي تشبه الامر على الناس .
وقوله ( عليه السلام ) : " إلا ما حفظ الله " استثناء من بعض متعلقات المهلكات أي أنها مهلكة في جميع الاحوال إلا حال حفظ الله بالعصمة عن ارتكابها أو كل أحد إلا من حفظه الله فما بمعنى " من " .
قوله ( عليه السلام ) : " وإن في سلطان الله " أو دين الله أو حجة الله أو الامام أي في طاعته .
قوله ( عليه السلام ) : " غير ملومة " أي مخلصين غير ملوم صاحبها بأن ينسب إلى النفاق والرياء .
وفي بعض النسخ على التفعيل للمبالغة ، ويروى " غير ملوية " أي غير معوجة من لويت العود إذا عطفته .
قوله " حتى يارز " أي ينقبض وينضم ويجتمع .
" إن هؤلاء " أي طلحة والزبير وعائشة " قد تمالؤا " أي تساعدوا واجتمعوا أو تعاونوا .
والفالية : الضعف أي إن بقوا على ضعف رأيهم قطعوا نظام المسلمين .
والفئ : الرجوع .
قوله : " فأرادوا رد الامور " أي أرادوا انتزاع الامر منه ( عليه السلام ) كما انتزع أولا .
" والنعش " : الرفع .
والضميران في " حقه وسنته " راجعان إلى الرسول .
54 - نهج ومن كلامه عليه السلام في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه

___________________________________________________________
54 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 216 ) من كتاب نهج البلاغة .
( * )

[ 83 ]

( عليه السلام ) : فقدموا على عمالي وخزان بيت مال المسلمين الذي في يدي وعلى أهل مصر كلهم في طاعتي وعلى بيعتي فشتتوا كلمتهم وأفسدوا علي جماعتهم ووثبوا على شيعتي فقتلوا طائفة منهم غدرا وطائفة عضوا على أسيافهم فضاربوا حتى لقوا الله صادقين .
توضيح : شتته : فرقه .
وقال [ إبن الاثير ] في النهاية : أصل العض : اللزوم يقال : " عض عليه عضا وعضيضا " إذا لزمه انتهى أي طائفة من الشيعة لزموا سيوفهم ويروى " طائفة " بالنصب أي وقتلوا طائفة شأنهم ذلك .
55 - نهج ومن كلام له ( عليه السلام ) كلم به بعض العرب وقد أرسله قوم من أهل البصرة لما قرب ( عليه السلام ) منها يعلم لهم منه حقيقة حاله مع أصحاب الجمل لتزول الشبهة من نفوسهم فبين له ( عليه السلام ) من أمره معهم ما علم به أنه على الحق ثم قال له : بايع .
فقال : إني رسول قوم ولا أحدث حدثا حتى أرجع إليهم فقال ( عليه السلام ) : أرأيت لو أن الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث فرجعت إليهم وأخبرتهم عن الكلا والماء فخالفوك إلى المعاطش والمجادب ما كنت صانعا ؟ قال : كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلا والماء .
فقال له ( عليه السلام ) : فامدد إذا يدك .
فقال الرجل : فو الله استطعت ؟ أن أمتنع عند قيام الحجة علي فبايعته عليه السلام ( 1 ) .
والرجل يعرف بكليب الجرمي .

___________________________________________________________
55 - أورده السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 168 ) من كتاب نهج البلاغة ( 1 ) كذا في غير واحد من مطبوعة نهج البلاغة وفي ط الكمباني من البحار : " فبايعه " .
( * )

[ 84 ]

بيان : المجادب : محال الجدب 56 - نهج [ و ] من كتاب له [ عليه السلام ] إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة : من عبدالله علي أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة جبهة الانصار وسنام العرب أما بعد فإني أخبركم في أمر عثمان حتى يكون سمعه كعيانه ، إن الناس طعنوا عليه فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه وأقل عتابه وكان طلحة والزبير أهون سيرهما فيه الوجيف وأرفق حدائهما العنيف ! ! ! وكان من عائشة فيه فلتة غضب فأتيح له قوم قتلوه وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجبرين بل طائعين مخيرين واعلموا أن دار الهجرة قد قلعت بأهلها وقلعوا بها وجاشت جيش المرجل وقامت الفتنة على القطب فأسرعوا إلى أميركم وبادروا جهاد عدوكم " إنشاء الله .
57 - ومن كتاب له [ عليه السلام ] إليهم بعد فتح البصرة : وجزاكم الله من أهل مصر عن أهل بيت نبيكم أحسن ما يجزي العاملين بطاعته والشاكرين لنعمته فقد سمعتم وأطعتم ودعيتم فأجبتم .
بيان أكثر استعتابه : أي أكثر طلب العتبى منه والرجوع إلى ما يرضى به القوم منه .
وأقل عتابه أي لائمته على وجه الاذلال والمواخذة إما لعدم النفع أو للمصلحة .
والوجيف : السير السريع .
قوله ( عليه السلام ) " فلتة غضب " أي فجاءة غضب والحاصل إن هؤلاء الثلاثة كانوا أشد الناس عليه .
" فأتيح له " أي قدر وهئ .
وجاشت : غلت .
والمرجل : القدر من النحاس .
و " دار الهجرة " : المدينة والغرض إعلامهم باضطراب حال المدينة وأهلها حين علموا بمسير القوم إلى البصرة للفتنة .

___________________________________________________________
56 - وهذا هو المختار الاول من الباب الثاني - وهو باب الكتب - من نهج البلاغة .
57 - وهذا هو المختار الثاني من الباب الثاني من نهج البلاغة .
( * )

[ 85 ]

أقول : قال ابن ميثم رحمه الله : كتب [ عليه السلام ] كتاب الاول حين نزل بماء العذيب متوجها إلى البصرة وبعثه مع الحسن ( عليه السلام ) وعمار بن ياسر .
58 - 61 - وقال ابن أبي الحديد في الشرح : روى محمد بن إسحاق عن عمه عبد الرحمان بن يسار القرشي قال : لما نزل علي عليه السلام الربذة متوجها إلى البصرة بعث إلى الكوفة محمد بن جعفر بن أبي طالب ومحمد بن أبي بكر وكتب إليهم هذا الكتاب يعني الكتاب الاول .
وزاد في آخره : فحسبي بكم إخوانا وللدين أنصارا فانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله لعلكم تفلحون .
وروى أبومحنف قال : حدثني الصقعب قال : سمعت عبدالله بن جنادة يحدث أن عليا ( عليه السلام ) لما نزل الربدة بعث هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى أبي موسى الاشعري وهو الامير يومئذ على الكوفة لينفر إليه الناس وكتب إليه معه : من عبدالله على أمير المؤمنين إلى عبدالله بن قيس أما بعد فإني بعثت إليك هاشم بن عتبة لتشخص إلي من قبلك من المسلمين ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي وقتلوا شيعتي وأحدثوا في الاسلام هذا الحدث العظيم فأشخص بالناس إلي معه حين يقدم عليك فإني لم أولك المصر الذي أنت به ولم أقرك علله إلا لتكون من أعواني على الحق وأنصاري على هذا الامر والسلام .

___________________________________________________________
58 - رواه في شرحه على المختار الاول من باب الكتب من نهج البلاغة : ج 4 ص 290 .
طبع الحديث ببيروت .
وما ذكره المصنف هنا هو موجز ما رواه ابن أبي الحديد ، ولم يذكر المصنف كلامه حرفيا .
( * )

[ 86 ]

وروى محمد بن اسحاق أنه لما قدم محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر الكوفة استنفرا الناس فمنعهم أبوموسى فلحقا بعلي ( عليه السلام ) فأخبراه بالخبر .
وروى أبومخنف أن هاشم بن عتبة لما قدم الكوفة دعا أبا موسى فقال : اتبع ما كتب به إليك فأبى ذلك فبعث إلى هاشم يتوعده فكتب إلى علي بامتناعه وأنه شاق بعيد الود ظاهر الغل والشنآن وأنه هدده بالسجن والقتل ! ! فلما ورد كتابه على أمير المؤمنين عليه السلام [ وقد ] أتاه به المحل بن خليفة فسلم عليه ثم قال : الحمد لله الذي أدى الحق إلى أهله ووضعه موضعه فكره ذلك قوم وقد والله كرهوا نبوة محمد صلى الله عليه وآله ثم بارزوه وجاهدوه فرد الله كيدهم في نحورهم وجعل دائرة السوء عليهم والله يا أمير المؤمنين لنجاهدنهم معك في كل موطن حفظا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في أهل بيته إذ صاروا أعداء لهم بعده .
فرحب به علي ( عليه السلام ) وقال له : خيرا ثم أجلسه إلى جانبه وقرأ كتاب هاشم وسأله عن الناس وعن أبي موسى فقال : يا أمير المؤمنين ما أثق به ولا آمنه على خلافك إن وجد من يساعده على ذلك .
فقال علي ( عليه السلام ) : والله ما كان عندي بمؤتمن ولا ناصح ولقد أردت عزله فأتاني الاشتر فسألني أن أقره وذكر أن أهل الكوفة به راضون فأقررته .
وروى أبومخنف قال : وبعث علي ( عليه السلام ) من الربذة بعد وصول المحل بن خليفة عبدالله بن عباس ومحمد بن أبي بكر إلى أبي موسى وكتب معهما : من عبدالله علي أمير المؤمنين إلى عبدالله بن قيس أما بعد يا ابن الحائك

[ 87 ]

يا عاض أير أبيه فو الله إن كنت لارى أن بعدك ( 1 ) من هذا الامر الذي لم يجعلك الله له أهلا ولا جعل لك فيه نصيبا سيمنعك من رد أمري والافتراء علي وقد بعثت إليك ابن عباس وابن أبي بكر فخلهما والمصر وأهله واعتزل عملنا مذؤما مدحوورا فإن فعلت وإلا فإني قد أمرتهما أن ينابذاك على سواء إن الله لا يهدي كيد الخائنين فإذا ظهرا عليك قطعاك إربا إربا والسلام على من شكر النعمة ووفا بالبيعة وعمل برجاء العافية .
قال أبومخنف : فما أبطأ ابن عباس وابن أبي بكر عن علي ( عليه السلام ) ولم يدر ما صنعا رحل عن الربذة إلى ذيقار فنزلها قال فلما نزل ذا قار بعث إلى الكوفة الحسن ابنه عليه السلام وعمار بن ياسر وزيد بن صوحان وقيس بن سعد بن عبادة ومعهم كتاب إلى أهل الكوفة فأقبلوا حتى كانوا بالقادسية فتلقاهم الناس فلما دخلوا الكوفة قرأوا كتاب علي ( عليه السلام ) وهو : من عبدالله علي أمير المؤمين إلى من بالكوفة من المسلمين أما بعد فإني خرجت مخرجي هذا إما ظالما وإما مظلوما وأما باغيا وأما مبغيا علي فأنشد الله رجلا بلغه كتابي هذا إلا نفر إلي فإن كنت مظلوما أعانني وإن كنت ظالما استعتبني والسلام .
قال : فلما دخل الحسن ( عليه السلام ) وعمار الكوفة اجتمع إليهما الناس فقام الحسن فاستقر [ فاستنفر " خ ل " ] الناس فحمد الله وصلى على رسوله ثم قال : أيها الناس إنا جئنا [ كم ] ندعوكم إلى الله وإلى كتابه وسنة رسوله وإلى أفقه من تفقه من المسلمين وأعدل من تعدلون وأفضل من تفضلون وأوفى من

___________________________________________________________
( 1 ) هذا هو الظاهر وفي أصلي : " فو الله إن كنت لا أرى إلا بعدك ... " .
وفي شرح ابن أبي الحديد : " فو الله إني كنت لارى أن بعدك من هذا الامر ... " .
( * )

[ 88 ]

تبايعون من لم يعيه القرآن ولم تجهله السنة ولم تقعد به السابقة إلى من قربه الله إلى رسوله قرابتين قرابة الدين وقرابة الرحم إلى من سبق الناس إلى كل مآثرة إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون فقرب منه وهم متباعدون وصلى معه وهم مشركون وقاتل معه وهم منهزمون وبارز معه وهم مجمحون وصدقه وهم مكذبون إلى من لم ترد له راية ولا تكافئ له سابقة وهو يسألكم النصر ويدعوكم إلى الحق ويسألكم بالمسير إليه لتوازروه وتنصروه على قوم نكثوا بيعته وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه ومثلوا بعماله وانتهبوا بيت ماله فاشخصوا إليه رحمكم الله فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واحضروا بما يحضر به من الصالحون .
قال أبومخنف : وحدثني جابر بن يزيد عن تميم بن حذيم قال : قدم علينا الحسن بن علي عليه السلام وعمار بن ياسر يستنفران الناس إلى علي ( عليه
-بحار الانوار مجلد: 29 من ص 88 سطر 12 الى ص 96 سطر 12 السلام ) ومعهما كتابه فلما فرغا من كتابه قام الحسن - وهو فتى حدث والله إني لارثي له من حداثة سنة وصعوبة مقامه فرماه الناس بأبصارهم وهم يقولون : اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا .
- فوضع يدع على عمود يتساند إليه وكان عليلا من شكوى به فقال : الحمد لله العزيز الجبار الواحد القهار الكبير المتعال سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار أحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء وعلى ما أحببنا وكرهنا من شدة ورخاء .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله امتن علينا بنبوته واختصه برسالته وأنزل عليه وحيه واصطفاه على جميع خلقه وأرسله إلى الانس والجن حين عبدت الاوثان وأطيع الشسيطان وجحد الرحمان فصلى الله عليه وآله وجزاه أفضل ما جزى المرسلين .
أما بعد فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرشد الله أمره وأعز نصره بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب وإلى العمل

[ 89 ]

بالكتاب والجهاد في سبيل الله وإن كان في عاجل ذاك ما تكرهون فإن في آجله ما تحبون إن شاء الله .
وقد علمتم أن عليا صلى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحده وأنه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ثم شهد مع رسول الله جميع مشاهده وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله وآثاره الحسنة في الاسلام ما قد بلغكم ولم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) راضيا عنه حتى غمضه بيده وغسله وحده والملائكة أعوانه والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ثم أدخله حفرته وأوصاه بقضاء دينه وعداته وغير ذلك من من الله عليه ثم والله ما دعاهم إلى نفسه ولقد تداك الناس عليه تداك الابل اليهم عند ورودها فبايعوه طائعين ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ولا خلاف أتاه حسدا له وبغيا عليه فعليكم عابد الله بتقوى الله والجد والصبر والاستعانة بالله والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين .
عصمنا الله إياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته وألهمنا وإياكم تقواه وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه واستغفر الله العظيم لي ولكم .
ثم مضى إلى الرحبة فهيأ منزلا لابيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
قال جابر فقلت لتميم : كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه ؟ فقال : وما سقط عني من قوله أكثر ولقد حفظت بعض ما سمعت .
قال أبومخنف : ولما فرغ الحسن ( عليه السلام ) من خطبته قام عمار وخطب الناس واستنفرهم فلما سمع أبوموسى خطبتهما صعد المنبر وقال : الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد فجمعنا بعد الفرقة وجعلنا إخوانا متحابين بعد العداوة وحرم علينا دماءنا وأموالنا قال الله سبحانه : " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " وقال تعالى : * ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ) * فاتقوا الله عباد الله وضعوا أسلحتكم وكفوا عن قتال إخوانكم .

[ 90 ]

إلى آخر خطبته الملعونة التي تركها أولى من ذكرها وتنادى بكفر صاحبها ونفاقه .
قال : فلما أتت الاخبار عليا باختلاف الناس بالكوفة بعث الاشتر إليها فأخرجه منها صاغرا .
قال أبومخنف : ولما نزل علي ( عليه السلام ) ذا قار كتبت عائشة إلى حفصة أما بعد فإني أخبرك أن عليا قد نزل ذاقار وأقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا وجماعتنا فهو بمنزلة الاشقر إن تقدم عقر وإن تأخر نحر .
فدعت حفصة جواري لها يتغنين ويضربن بالدفوف فأمرتهن أن يقلن في عنائهن : ما الخبر ما الخبر ؟ علي في السفر كالفرس الاشقر إن تقدم عقر وإن تأخر نحر ( 1 ) .
وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء .
فبلغ أم كثوم بنت علي ( عليه السلام ) ذلك فلبست جلابيبها ودخلت عليهن في نسوة متنكرات ثم أسفرت عن وجهها فلما عرفتها حفصة خجلت واسترجعت فقالت أم كلثوم : لئن تظاهرتما عليه اليوم لقد تظاهرتما على أخيه من قبل فأنزل الله فيكما ما أنزل ( 2 ) فقالت حفصة : كفي رحمك الله وأمرت

___________________________________________________________
( 1 ) والحديث رواه أيضا يوسف بن حاتم الشامي في قصة حرب الجمل من كتاب الدر النظيم الورق 114 / / .
ولكن واأسفاه من بقاء هذا الكتاب وأمثاله غير منشورة مع حاجة المجتمع إليها ، وإلى الله المشتكى من غفلة العلماء وكسلة الفضلاء وسفلة الزملاء وبخلة التجار والاغنياء ! ! ! .
( 2 ) إشارة إلى ما أجرمت هي وزميلتها على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزلت في تهديدهما وعظم جرمهما الآية الاولى إلى الآية الرابعة من سورة التحريم : ( 66 ) وهذا نص الآية الرابعة : * ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ، وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) * .
( * )