[141]


بيان : قوله عليه السلام : ( جملة الدين ) كان يحتمل الجيم والحاء المهملة فعلى الاول لعله بدل أو عطف بيان أو تأكيد لقوله : ( جملة تبليغه ) وقوله : ( يقول الله ) بتأويل المصدر خبر ويمكن أن يقرأ ( بقول الله ) بالباء الموحدة وعلى الثاني ( جملة الدين ) خبر .
قوله عليه السلام : ( إن أولى الامر ) إشارة إلى قوله سبحانه : * ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) * [ 83 / النساء : 4 ] .
قوله عليه السلام : ( دعوة المرء المسلم ) لعل المراد به إبراهيم عليه السلام حيث قال : * ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) * وإنما عبر هكذا للاشارة إلى أن قائله أحد الذين مر ذكرهما حيث قالا : ( واجعلنا مسلمين لك ) الآية .
قوله عليه السلام واصطفاهم إشارة إلى قوله سبحانه : * ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) * .
421 - كتاب : سليم بن قيس من عينه بالاسناد عن أبان عنه قال : وحدثني أيضا عمر بن أبي سلمة وزعم أبوهريرة العبدي أنه سمعه عن عمر بن أبي سلمة [ قال : ] إن معاوية دعا أبا الدرداء ونحن مع أميرالمؤمنين عليه السلام بصفين ودعا أبا هريرة فقال لهما : انطلقا إلى علي عليه السلام فاقرآه مني السلام وقولا له : والله إني لاعلم أنك أولى الناس بالخلافة وأحق بها مني لانك من المهاجرين الاولين وأنا من الطلقاء وليس لي مثل سابقتك في الاسلام وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمك بكتاب الله وسنة نبيه عليه وآله السلام ولقد بايعك المهاجرون والانصار بعد ما تشاوروا قبل ثلاثة أيام ثم

________________________________________________________
421 - الحديث مذكور في كتاب سليم بن قيس الهلالي المطبوع بالنجف الاشرف ص 160 .

[142]


أتوك فبايعوك طائعين غير مكرهين وكان أول من بايعك طلحة والزبير ثم نكثا بيعتك ظلما وطلبا ما ليس لهما .
وبلغني أنك تعتذر من قتل عثمان وتتبرأ من دمه وتزعم أنه قتل وأنت قاعد في بيتك وأنك قد قلت حين قتل : اللهم لم أرض ولم أمالئ وقلت له يوم الجمل حين نادوا يا لثارات عثمان قلت : كبت قتلة عثمان ليوم لوجههم إلى النار أنحن قتلناه إنما قتله هما وصاحبتهما وأمروا بقتله وأنا قاعد في بيتي وانا ابن عم عثمان والمطالب بدمه .
فإن كان الامر كما قلت فأمكنا من قتلة عثمان وادفعهم إلينا نقتلهم بابن عمنا ونبايعك ونسلم إليك الامر هذه واحدة .
وأما الثانية فقد أنبأتني عيوني وأتتني الكتب عن أولياء عثمان ممن هو معك يقاتل وتحسب أنه على رأيك وراض بأمرك وهواه معنا وقلبه عندنا وجسده معك وأنك تظهر ولاية أبي بكر وعمر وتترحم عليهما وتكف عن عثمان ولا تذكره ولا تترحم عليه ولا تلعنه .
وفي رواية أخرى ولا تسبه ولا تتبرأ منه .
وبلغني أنك إذا خلوت ببطانتك الخبيثة وشيعتك وخاصتك الضالة المغيرة الكاذبة تبرأت عندهم من أبي بكر وعمر وعثمان ولعنتهم وادعيت أنك وصي رسول الله في أمته وخليفته فيهم وأن الله [ تعالى ] جل اسمه فرض على المؤمنين طاعتك وأمر بولايتك في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأنه أمر محمدا أن يقوم بذلك في أمته وأنه أنزل عليه * ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) * [ 67 / المائدة : 5 ] فجمع قريشا والانصار وبني أمية بغدير خم - وفي رواية أخرى : فجمع أمته بغدير خم - فبلغ ما أمر به فيك عن الله وأمر أن يبلغ الشاهد الغائب وأخبرهم أنك أولى بهم من أنفسهم وأنك منه بمنزلة هارون من موسى .
وبلغني أنك لاتخطب خطبة إلا قلت قبل أن تنزل عن منبرك والله إني

[143]


لاولى بالناس وما زلت مظلوما منذر قبض رسول الله صلى الله عليه وآله .
والله لئن كان ما بلغني عنك حقا فلظلم أبي بكر وعمر إياك أعظم من ظلم عثمان لانه بلغني أنك تقول : لقد قبض رسول الله ونحن شهود فانطلق عمر وبايع أبابكر وما استامرك ولا شاورك ولقد خاصم الرجلان الانصار بحقك وحجتك وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله ولو سلما لك الامر وبايعاك كان عثمان أسرع الناس إلى ذلك لقرابتك منه وحقك عليه لانه ابن عمك وابن عمتك .
ثم عمد أبوبكر فردها إلى عمر عند موته ما شاورك ولا استأمرك حين استخلفه وبايع له .
ثم جعلك عمر في الشورى بين ستة منكم وأخرج منها جميع المهاجرين والانصار وغيرهم فوليتم ابن عوف أمركم في اليوم الثالث حين رأيتم الناس قد اجتمعوا واخترطوا سيوفهم وحلفوا بالله لئن غابت الشمس ولم تختاروا أحدكم لنضر بن أعناقكم ولننفذ فيكم أمر عمر ووصيته فوليتم أمركم ابن عوف فبايع عثمان وبايعتموه .
ثم حصر عثمان فاستنصركم فلم تنصروه ودعاكم فلم تجيبوه وبيعته في أعناقكم وأنتم يا معشر المهاجرين والانصار حضور شهود فخليتم بينه وبين أهل مصر [ فخليتم ( خ ) ] حتى قتلوه وأعانهم طوائف منكم على قتله ، وخذله عامتكم فصرتم في أمره بين قاتل وآمر وخاذل ثم بايعك الناس وأنت أحق بها مني فأمكني من قتلة عثمان حتى أقتلهم وأسلم الامر لك وأبايعك أنا وجميع من قبلي من أهل الشام .
فلما قرأ علي عليه السلام كتاب معاوية وبلغه أبوالدرداء رسالته ومقالته قال علي عليه السلام لابي الدرداء : قد أبلغتماني ما أرسلكما به معاوية فاسمعا مني ثم أبلغاه عني وقولا له : إن عثمان بن عفان لايعدو أن يكون أحد رجلين إما إمام هدى حرام

[144]


الدم واجب النصرة لاتحل معصيته ولا يسع الامة خذلانه أو إمام ضلالة حلال الدم لاتحل ولايته ولا نصرته فلا يخلو من إحدى الخصلتين والواجب في حكم الله وحكم الاسلام على المسلمين بعدما يموت إمامهم أو يقتل ضالا كان أو مهتديا مظلوما كان أو ظالما حلال الدم أو حرام الدم أن لايعملوا عملا ولا يحدثوا حدثا ولا يقدموا يدا ولا رجلا ولا يبدؤا بشئ قبل أن يختاروا لانفسهم إماما يجمع أمرهم عفيفا عالما ورعا عارفا بالقضاء والسنة يجمع أمرهم ويحكم بينهم ويأخذ للمظلوم من الظالم ويحفظ أطرافهم ويجبي فيئهم ويقيم حجتهم وجمعتهم ويجبي صدقاتهم ثم يحتكمون إليه في إمامهم المقتول ظلما ليحكم بينهم بالحق فإن كان إمامهم قتل مظلوما حكم لاوليائه بدمه وإن كان قتل ظالما أنظر كيف كان الحكم في هذا .
وأن أول ماينبغي للمسلمين أن يفعلوه أن يختاروا إماما يجمع أمرهم إن كانت الخيرة لهم ويتابعوه ويطيعوه وإن كانت الخيرة إلى الله عزوجل وإلى رسوله فإن الله قد كفاهم النظر في ذلك والاختيار ورسول الله صلى الله عليه وآله قد رضي لهم إماما وأمرهم بطاعته واتباعه .
وقد بايعني الناس بعد قنل عثمان وبايعني المهاجرون والانصار بعدما تشاوروا بي ثلاثة أيام وهم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان وعقدوا إمامتهم ولي بذلك أهل بدر والسابقة من المهاجرين والانصار غير أنهم بايعوهم قبل على غير مشورة من العامة وإن بيعتي كانت بمشورة من العامة .
فإن كان الله جل اسمه جعلى الاختيار إلى الامة وهم الذين يختارون وينظرون لانفسهم واختيارهم لانفسهم ونظرهم لها خير لهم من اختيار الله ورسوله لهم وكان من اختاروه وبايعوه بيعته بيعة .
هدى وكان إماما واجبا على الناس طاعته ونصرته فقد تشاوروا في واختاروني بإجماع منهم .
وإن كان الله عزوجل هو الذي يختار وله الخيرة فقد اختارني للامة واستخلفني عليهم وأمرهم بطاعتي ونصرتي في كتابه المنزل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فذلك أقوى بحجتي وأوجب بحقي .

[145]


ولو أن عثمان قتل على عهد أبي بكر وعمر أكان لمعاوية قتالهما والخروج عليهما للطلب ؟ قال أبوهريرة وأبوالدرداء : لا .
قال علي عليه السلام : فكذلك أنا فإن قال معاوية نعم فقولا [ له ] : [ إذن ] يجوز لكل من ظلم بمظلمة أو قتل له قتيلا أن يشق عصا المسلمين ويفرق جماعتهم ويدعو إلى نفسه مع أن ولد عثمان أولى بطلب دم أبيهم من معاوية .
قال : فسكت أبوالدرداء وأبوهريرة وقالا : قد أنصفت من نفسك .
قال علي عليه السلام : ولعمري لقد أنصفني معاوية إن تم على قوله وصدق ما أعطاني فهؤلاء بنو عثمان رجال قد أدركوا ليسوا بأطفال ولا مولى عليهم فليأتوا أجمع بينهم وبين قتلة أبيهم فإن عجزوا عن حجتهم فليشهدوا لمعاوية بأنه وليهم ووكيلهم في خصومتهم وليفعدوا هم وخصماؤهم بين يدي مقعد الخصوم إلى الامام والوالي الذين يقرون بحكمه وينفذون قضاءه فأنظر في حجتهم وحجة خصمائهم فإن كان أبوهم قتل ظالما وكان حلال الدم أبطلت دمه - وفي رواية أخرى أهدرت دمه - وإن كان [ أبوهم قتل ] مظلوما حرام الدم أقدتهم من قاتل أبيهم فإن شاؤا قتلوا وإن شاؤا عفوا وإن شاؤا قبلوا الدية .
وهؤلاء قتلة عثمان في عسكري يقرون بقتله ويرضون بحكمي عليهم فليأتني ولد عثمان ومعاوية إن كان وليهم ووكيلهم فليخاصموا قتلته وليحاكموهم حتى أحكم بينهم بكتاب الله وسنة نبية صلى الله عليه وآله وان كان معاوية إنما يتجنى ويطلب الاعاليل والاباطيل فليتجن ما بدا له
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 145 سطر 19 الى ص 153 سطر 18 فسوف يعين الله عليه .
قال أبوالدرداء وأبوهريرة : قد والله أنصفت من نفسك وزدت على النصفة وأزحت علته وقطعت حجته وجئت بحجة قوية صادقة ما عليها لون .
ثم خرج أبوهريرة وأبوالدرداء فإذا نحو من عشرين ألف رجل مقنعين في الحديد فقالوا : نحن قتلة عثمان مقرون راضون بحكم علي عليه السلام علينا ولنا فليأتنا أولياء عثمان فليحاكمونا إلى أميرالمؤمنين عليه السلام في دم أبيهم وان وجب علينا القود أو الدية اصطبرنا لحكمه وسلمنا فقالا : قد

[146]


أنصفتم ولا يحل لعلي عليه السلام دفعكم ولا قتلكم حتى يحاكموكم إليه فيحكم بينكم وبين أصحابكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله .
وانطلق أبوالدرداء وأبوهريرة حتى قدما على معاوية فأخبراه بما قال علي عليه السلام وما قال قتلة عثمان وما قال أبوالنعمان بن صمان ( 1 ) .
فقال معاوية : فما رد عليكما في ترحمه على أبي بكر وعمر وكفه عن الترحم على عثمان وبراءته منه في السر وما يدعي من إستخلاف رسول الله صلى الله عليه وآله إياه وأنه لم يزل مظلوما منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قالا : بلى قد ترحم على أبي بكر وعمر وعثمان عندنا ونحن نسمع ثم قال لنا فما يقول : إن كان الله جعل الخيار إلى الامة فكانوا هم الذين يختارون وينظرون لانفسهم وكان اختيارهم لانفسهم ونظرهم لها خيرا لهم وأرشد من اختيار الله واختيار رسول الله صلى الله عليه وآله فقد اختاروني وبايعوني فبيعتي بيعة هدى وأنا إمام واجب على الناس نصرتي لانهم قد تشاوروا في واختاروني وإن كان اختيار الله واختيار رسوله خيرا لهم وأرشد من اختيارهم لانفسهم ونظرهم لها فقد اختارني الله ورسوله للامة واستخلفاني عليهم وأمراهم بنصرتي وطاعتي في كتاب الله المنزل على لسان نبيه المرسل وذلك أقوى بحجتي وأوجب لحقي .
ثم صعد المنبر في عسكره وجمع الناس ومن بحضرته من النواحي والمهاجرين والانصار ثم حمدالله وأثنى عليه ثم قال : معاشر الناس إن مناقبي أكثر من أن تحصى وبعدما أنزل الله في كتابه من ذلك وما قال رسول الله إني سأنبئكم عن خصال سبعة قالها رسول الله أكتفي بها من جميع مناقبي وفضلي أتعلمون أن الله فضل في كتابه الناطق السابق إلى الاسلام في غير آية من كتابه على المسبوق وأنه لم يسبقني إلى الله ورسوله أحد من الامة قالوا : اللهم نعم .

________________________________________________________
( 1 ) كذا .

[147]


قال أنشدكم الله [ أتعلمون ما ] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله : * ( السابقون السابقون أولئك المقربون ) * [ 10 / الواقعة ] .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنزلها الله في الانبياء وأوصيائهم وأنا أفضل أنبياء الله ورسله ووصيي علي بن أبي طالب عليه السلام أفضل الاوصياء .
فقام نحو من سبعين بدريا جلهم من الانصار وبقيتهم من المهاجرين منهم أبوالهيثم ابن التيهان وخالد بن زيد أبوأيوب الانصاري وفي المهاجرين عمار بن ياسر فقالوا : نشهد أنا قد سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذلك .
قال : فأنشدكم بالله في قول الله : * ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم ) * [ 49 / النساء : 4 ] وقوله : * ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا [ الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ] ) * الآية ( 1 ) ثم قال : ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة ( 2 ) فقال الناس يا رسول الله أخاص لبعض المؤمنين أم عام لجميعهم فأمر الله عزوجل رسوله أن يعلمهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجهم فنصبني للناس بغدير خم وقال : إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وشننت أن الناس مكذبي بها فأوعدني لابلغنها أويعذبني قم يا علي ثم نادى بأعلى صوته بعد أن أمر بلالا أن ينادى بالصلاة جامعة فصلى بهم الظهر ثم قال : أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر

________________________________________________________
( 1 ) وهي الآية : ( 55 ) من سورة المائدة ، وليراجع ما رواه أبونعيم الحافظ في شأن نزول الآية الكريمة من كتاب النور المشتعل ص 61 - 85 ومارواه الحافظ الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل : ج 1 ، ص 161 - 184 ، ط 1 .
( 2 ) وهي الآية : ( 16 ) من سورة التوبة وإليك تمام الآية الكريمة : * ( أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة ، والله خبير بما تعملون ) * .

[148]


من نصره واخذل من خذله فقام إليه سلمان الفارسي فقال : يا رسول الله ولاؤه فيما ذا ؟ فقال : ولاؤه كولايتي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه وأنزل الله : * ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عيكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) * [ 3 / المائدة : 5 ] .
فقال سلمان : يا رسول الله أنزلت هذه الآيات في علي خاصة ؟ فقال : فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة فقال سلمان : يا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهم لنا .
فقال : علي عليه السلام أخي ووزيري ووصيي وصنوي ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي وأحد عشر إماما من ولده : الحسن ثم الحسين عليه السلام ثم تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه حتي يردوا علي الحوض .
فقام اثنا عشر رجلا من البدريين فقالوا : نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله كما قلت سواء لم تزد حرفا ولم تنقص حرفا وقال بقية السبعين : قد سمعنا ذلك ولم نحفظه كله وهؤلاء الاثني عشر خيارنا وأفضلنا .
فقال : صدقتم ليس كل الناس يحفظ بعضهم أحفظ من بعض .
فقام من الاثني عشر أربعة : أبوالهيثم بن التيهان وأبوأيوب وعمار وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقالوا : نشهد أنا قد سمعنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وحفظنا أنه قال يومئذ - وهو قائم وعلي عليه السلام قائم إلى جانبه - أيها الناس إن الله أمرني أن أنصب لكم إماما يكون وصيي فيكم وخليفتي في أمتي وفي أهل بيتي من بعدي والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته وأمركم فيه بولايته فراجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لابلغها أو ليعذبني .
أيها الناس إن الله أمركم في كتابه بالصلاة وقد بينتها لكم وسننتها والزكاة والصوم والحج فبينتها وفسرتها لكم وأمركم في كتابه بالولاية وإن أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعلي بن أبي طالب عليه السلام والاوصياء من ولدي وولد أخي ووصيي علي أولهم ثم الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد الحسين عليه

[149]


السلام لايفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض .
أيها الناس إني قد أعلمتكم مفزعكم وإمامكم بعدي ودليلكم وهاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب عليه السلام وهو فيكم بمنزلتي فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم فإن عنده جميع ما علمني الله عزوجل [ و ] أمرني الله أن أعلمه إياكم وأعلمكم أنه عنده فاسألوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تتخلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم .
ثم قال علي عليه السلام لابي الدرداء وأبي هريرة ومن حوله : يا أيها الناس أتعلمون أن الله تبارك وتعالى أنزل في كتابه : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * فجمعني رسول صلى الله عليه وآله وفاطمة والحسن والحسين في كساء وقال : اللهم هؤلاء [ أحبتي ( خ ) ] وعترتي وحامتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
فقالت أم سلمة : وأنا ؟ فقال : إنك إلى خير وإنما أنزلت في وفي أخي علي وابنتي فاطمة وابني الحسن والحسين صلوات الله عليهم خاصة ليس معنا غيرنا وفي تسعة من ولد الحسين من بعدي .
فقام كلهم فقالوا : نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك فسألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فحدثنا به كما حدثتنا أم سلمة .
ثم قال : أنشدكم الله هل تعلمون أن الله جل اسمه أنزل : * ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) * [ 119 / التوبة : 9 ] فقال سلمان : يا رسول الله أعامة أم خاصة فقال : أما المأمورون فعامة لان جماعة المؤمنين أمروا بذلك وأما الصادقون فخاصة علي بن أبي طالب وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة وقلت لرسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك : يا رسول الله لم خلفتني ؟ فقال : إن المدنية لاتصلح إلا بي أوبك وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة فإنه لانبي بعدي .

[150]


فقام رجال ممن معه من المهاجرين والانصار فقالوا : نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك .
فقال : أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج : * ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم ) * إلى آخر السورة ( 1 ) فقام سلمان فقال يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله وما جعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم ؟ قال : عني بذلك ثلاثة عشر إنسانا أنا وأخي وإحدى عشر من ولدي قالوا : اللهم نعم .
قال : أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قام خطيبا ولم يخطب بعدها وقال : إني قد تركت فيكم أيها الناس أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وأهل بيتي فإنه قد عهد إلى اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فقالوا : اللهم نعم قد شهدنا ذلك كله فقال حسبي الله .
فقام الاثني عشر فقالوا : نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله حين خطب في اليوم الذي قبض فيه قام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال : يا رسول الله أكل أهل بيتك ؟ فقال : لا ولكن أوصيائي منهم علي أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في امتي وولي كل مؤمن بعدي هذا أولهم وآخرهم ثم وصيي ابني هذا - وأشار إلى الحسن - ثم وصيه هذا - وأشار إلى الحسين - ثم وصيي ابني وسمى أخي ثم وصيه سميي ثم سبعة من ولده واحد بعد واحد حتى يردوا على الحوض شهداء لله في أرضه وحججه على خلقه من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله .
فقام السبعون البدريون ونحوهم من الآخرين فقالوا : أدركنا ما كنا نسينا نشهد أنا قد سمعنا ذلك من رسول الله .

________________________________________________________
( 1 ) الآية : ( 77 - 78 ) من سورة الحج : 22 .