[491]


بيان : الاسراف : التبذير .
وقيل : ما أنفق في غير طاعة .
وقيل : مجاوزة القصد .
والاقتصاد : التوسط في الامور .
وفي النهاية : التمرغ : التقلب في التراب وقال : الارامل : المساكين من نساء ورجال ويقال لكل واحد من الفريقين على انفراده أرامل وهو بالنساء أخص وأكثر استعمالا الواحدة أرمل وأرملة فالارمل الذي ماتت زوجته والارملة التي مات زوجها سواء كانا غنيين أو فقيرين انتهى وأن يوجب ( مفعول ( تطمع ) .
697 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى قثم بن العباس أما بعد فإن عيني بالمغرب كتب إلي يعلمني أنه وجه إلى الموسم أناس من أهل الشام العمي القلوب الصم الاسماع الكمه الابصار الذين يلتمسون الحق بالباطل ويطيعون المخلوق في معصية الخالق ويحتلبون الدنيا درها بالدين ويتشرون عاجلها بآجل الابرار المتقين ولن يفوز بالخير إلا عامله ولا يجزي جزاء الشر إلا فاعله .
فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصليب والناصح اللبيب والنافع لسلطانه المطيع لامامه وإياك وما يعتذر منه ، ولا تكن عند النعماء بطرا ولا عند البأساء فشلا .
بيان : قال ابن ميثم : كان معاوية قد بعث إلى مكة دعاة في السر يدعون إلى طاعته ويثبطون العرب عن نصرة أميرالمؤمنين عليه السلام بأنه إما قاتل لعثمان أو خاذل له وينشرون عندهم محاسن معاوية بزعمهم فكتب أمير المؤمنين عليه السلام هذا الكتاب وقثم بن العباس بن عبدالمطلب لم يزل واليا لعلي عليه السلام على مكة حتى قتل [ علي ] عليه السلام فاستشهد قثم بسمرقند في زمن معاوية .

________________________________________________________
697 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 33 ) من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة .
وقريبا منه ذكرناه عن مصدر آخر في المختار : ( 158 ) من باب كتب أميرالمؤمنين عليه السلام من كتاب نهج السعادة : ج 5 ص 295 ط 1 .

[492]


وقيل : إن الذين بعثهم [ معاوية كان ] بعض السرايا التي كان يبعثها للاغارة على أعمال علي عليه السلام .
والعين الجاسوس أي أصحاب أخباره [ عليه السلام ] عند معاوية ويسمى الشام مغربا لانه من الاقاليم المغربية .
والموسم كمجلس : الوقت الذي يجتمع فيه الحاج كل سنة .
والاكمه : الذي يولد أعمى .
( الذين يلتمسون الحق بالباطل ) قال ابن أبي الحديد : أي يطلبون الحق بمتعابعة معاوية فإنهم كانوا يظهرون ناموس العبادة وفي بعض النسخ ( يلبسون الحق ) أي يخلطونه وقوله عليه السلام ( درها ) منصوب بدلا من ( الدنيا ) وشراؤهم عاجل الدنيا بآجل الابرار كناية عن استعاضتهم الآخرة بالدنيا .
والحازم : ذو الحزم الراسخ في الدين .
والصليب : الشديد ( وما يعتذر منه ) المعصية والزلة وقال [ ابن الاثير ] : في النهاية : البطر : الطغيان عند النعمة وطول الغناء .
وقال : الفشل : الفزع والجبن والضعف .
698 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى عبدالله بن العباس : أما بعد فإن العبد ليفرخ بالشئ الذي لم يكن ليفوته ويحزن على الشئ الذي لم يكن ليصيبه فلا يكن أفضل ما نلت في نفسك من دنياك بلوغ لذة أو شفاء غيظ ولكن إطفاء باطل أو إحياء حق وليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وهمك فيما بعد الموت والسلام .
699 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس وهو عامله على البصرة : إعلم أن البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن فحادث أهلها بالاحسان

________________________________________________________
698 - رواه السيد الرضي رضوان الله عليه في المختار : ( 66 ) من باب الكتب من نهج البلاغة .
وقريبا منه رواه أيضا في المختار : ( 22 ) منه .
669 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار : ( 18 ) من الباب الثاني من كتاب نهج البلاغة .

[493]


واحلل عقدة الخوف من قلوبهم وقد بلغني تنمرك لبني تميم وغلظتك عليهم وإن بني تميم لم يغب لهم نجم إلا طلع آخر وانهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية ولا إسلام وإن لهم بنارحما ماسة وقرابة خاصة نحن مأجورون على صلتها ومأزورون على قطيعتها .
فاربع أبا العباس رحمك الله فيما جرى على يدك ولسانك من خير وشر فإنا شريكان في ذلك وكن عند صالح ظني بك ولا يفيلن رأيي فيك .
تبيين : قال ابن ميثم رحمه الله : روي أن ابن عباس كان قد أضر ببني تميم حين ولي أمر البصرة من قبل علي عليه السلام للذي عرفهم به من العداوة يوم الجمل لانهم كانوا من شيعة طلحة والزبير وعائشة فحمل عليهم ابن عباس فأقصاهم وتنكر عليهم وعيرهم بالجمل حتى كان يسميهم شيعة الجمل وأنصار عسكر وهو اسم جمل عائشة وحزب الشيطان فاشتد ذلك على نفر من شيعة علي عليه السلام من بني تميم منهم حارثة ( 1 ) بن قدامة وغيره فكتب بذلك حارثة إلى علي عليه السلام يشكو إليه ابن عباس .
فكتب عليه السلام إلى ابن عباس : أما بعد فإن خير الناس عندالله غدا أعملهم بطاعته فيما عليه وله وأقواهم بالحق وإن كان مرا ألا وإنه بالحق قامت السموات والارض فيما بين العباد فلتكن سريرتك فعلا وليكن حكمك واحدا وطريقتك مستقيمة .
واعلم أن البصرة مهبط ابليس ومغرس الفتن إلى آخر ما مر قوله :

________________________________________________________
قوله عليه السلام : ( فيما بين العباد ) حال عن الحق أو ظرف للقيام لكونه عبارة عما ينفع العباد ويصير سببا لانتظام أمورهم .

________________________________________________________
( 1 ) كذا في أصلي ومثله في طبع بيروت من شرح ابن ميثم : ج 4 ص 395 ، ولعل الصواب : ( جارية ) وهو ابن قدامة .

[494]


[ قوله عليه السلام : ] ( فلتكن سريرتك فعلا ) أي لاتضمر خلاف ما تفعل ولا تخدع الناس .
قوله عليه السلام : ( ومغرس الفتن ) قال ابن أبي الحديد : أي موضع غرسها .
ويروى بالعين المهملة وهو الموضع الذي ينزل فيه القوم آخر الليل .
( فحادث أهلها ) أي تعهدهم بالاحسان قال في النهاية : فيه : ( حادثوا هذه القلوب بذكرالله ) أي اجلوها واغسلوا الدرن عنها وتعاهدوها بذلك كما يحادث السيف بالصقال .
وفي الصحاح : قال الاصمعي : تنمر له أي تنكر له وتغير وأوعده لان النمر لايلقاه أبدا إلا متنكرا غضبان .
وتنمروا : تشبهوا بالنمر ( لم يغب لهم نجم ) أي لم يمت لهم سيد إلا قام آخر مقامه وقال ابن ميثم : الوغم : الترة والاوغام : التراث أي لم يهدر لهم دم في جاهلية ولا في إسلام يصفهم بالشجاعة والحمية فالمضاف محذوف أي لم يسبقوا بشفاء حقد من عدو .
ويحتمل أن يكون المعنى أنهم لم يسبقهم أحد إلى التراب والاحقاد لشرف نفوسهم بقلة احتمالهم للاذى وذلك لان المهين الحقير في نفسه لايكاد يغضب ويحقد بما يفعل به من الاذى وإن غضب في الحال إلا أنه لايدوم ذلك الغضب ولا يصير حقدا أو لم يسبقهم أحد ولم يغلب عليهم بالقهر والبطش .
وفي وصفهم بذلك إشارة إلى وجه المصلحة في الاحسان إليهم مع نوع من المدح والاستمالة والرحم الماسة لاتصالهم عند إلياس بن مضر .
وقال ابن أبي الحديد : ( مأزورون ) أصله موزورون ولكنه جاء بالهمزة لتحاذي بها همزة ( مأجورون ) .
قوله عليه السلام ( فاربع ) أي توقف وتثبت فيما تفعل والمراد بالشر الضرر لا الظلم وإن احتمله .
قوله عليه السلام ( فإنا شريكان ) هو كالتعليل لحسن أمره له بالتثبت لانه لما كان واليا من قبله فكل حسنة أو سيئة يحدثها في ولايته فله عليه

[495]


السلام شركة في إحداثها إذ هو السبب البعيد .
وأبوالعباس كنية ابن عباس .
وقال الجوهري : قال الرأي يفيل فيولة : [ ضعف وأخطأ ] ورجل قال [ وفائل ] أي ضعيف الرأي مخطئ الفراسة .
700 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى [ عبدالله ] ابن عباس وكان ابن عباس يقول : ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله كانتفاعي بهذا الكلام : أما بعد فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فليكن سرورك بما نلت من آخرتك وليكن أسفك على ما فاتك منها ، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا وليكن همك فيما بعد الموت .
بيان : أول الكلام إشارة إلى قوله تعالى : * ( ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم والله لايحب كل مختال فخور ) * .
والدرك محركة : لحاق الشئ والوصول إليه بعد طلبه .
واسم ( لم يكن ) ضمير ( المرء ) والغرض عدم الاكثار في الفرح بالنعم بحيث يؤدي إلى الاغترار بالدنيا والغفلة عن العقبى وعدم الحزن المفرط في المصيبة بحيث يفضي إلى عدم الرضا بالقضاء وترك ما يجب أو يستحب فعله .
قوله عليه السلام : ( بما نلت من آخرتك ) أي من أسباب آخرتك والطاعات التي توجب حصول الدرجات الاخروية ( ولا تأس ) أي لاتحزن .
701 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة :

________________________________________________________
700 - رواه السيد الرضي رحمه الله في المختار .
( 22 ) من باب كتب أميرالمؤمنين عليه السلام من كتاب نهج البلاغة .
701 - رواه الشريف الرضي رضوان الله عليه في المختار : ( 29 ) من الباب الثاني من كتاب

[496]


وقد كان من انتشار حبلكم وشقاقكم ما لم تغبوا عنه فعفوت عن مجرمكم ورفعت السيف عن مدبركم وقبلت من مقبلكم فإن خطت بكم الامور المردية وسفه الآراء الجائرة إلى منابذتي وخلافي فها أنا ذا قد قربت جيادي ورحلت ركابي وإن ألجأتموني إلى المسير إليكم لاوقعن بكم وقعة لاتكون يوم الجمل إليها إلا كلعقة لاعق .
مع أني عارف لذي الطاعة منكم فضله ولذي النصيحة حقه غير متجاوز متهما إلى برئ ولا ناكثا إلى وفي .
إيضاح : الحبل : العهد والميثاق والامان وكل ما يتوصل به إلى شئ وانتشاره كناية عن تشتت الآراء أو عدم الثبات على العهود وقيل : أي نشركم حبل الجماعة .
قال الجوهري : غبيت عن الشئ وغبيته أيضا أغبى غباوة إذا لم يفطن له وغبي علي الشئ كذلك إذا لم تعرفه .
قوله عليه السلام : ( وقبلت من مقبلكم ) أي الذي لم يفروجاء معتذرا .
وقال ابن أبي الحديد : خطا فلان خطوة يخطو وهو مقدار ما بين القدمين فهذا لازم فإن عديته قلت : أخطيت بفلان وخطوت به وقد عداه عليه السلام بالباء أقول : المعنى إن ذهبت بكم الامور المهلكة .
والسفه محركة : خفة الحلم .
( والآراء ) في بعض النسخ على زنة آجال على القلب وفي بعضها على الاصل .
والجور : العدول عن القصد .
وقال الجوهري : جاد الفرس أي صار رايعا يجود جودة بالضم فهو جواد للذكر والانثى من خيل جياد وأجياد وأجاويد .
والركاب : الابل التي يركب عليها والواحدة راحلة ورحلت البعير أرحله

________________________________________________________
نهج البلاغة .

[497]


رحلا إذا شددت على ظهره الرحل وهو أصغر من القتب وفي بعض النسخ بالتشديد .
وأوقعت بهم أي بالغت في قتالهم والوقعة بالحرب : الصدمة بعد الصدمة قوله : ( إلا كلعقة لاعق ) قال ابن أبي الحديد : هو مثل يضرب للشئ الحقير التافه وروي بضم اللام وهي ما تأخذه الملعقة .
وفي النهاية لعق الاصابع والصحفة : لطع ما عليها من أثر الطعام .
قوله عليه السلام غير متجاوز متهما أي لا أجاوز في العقوبة من المتهم أي الذي ثبت عليه الذنب إلى برئ بأن لا أعاقبه وأعاقب البرئ ( والناكث ) من نقض البيعة ( والوفي ) من وفى بها وإنما قال عليه السلام ذلك لئلا ينفروا عنه يأسا من عدله ورأفته .
702 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة : أما بعد فأقم للناس الحج وذكرهم بأيام الله واجلس لهم العصرين فافت المستفتي وعلم الجاهل وذاكر العالم .
ولا يكن لك إلى الناس سفير إلا لسانك ولا حاجب إلا وجهك ولا تحجبن ذا حاجة عن لقائك بها فإنها إن ذيدت عن أبوابك في أول وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها .
وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذي العيال والمجاعة مصيبا به مواضع المفاقر والخلات ، وما فضل عن ذلك فاحمله
.
-بحار الانوار مجلد: 30 من ص 497 سطر 19 الى ص 505 سطر 18 إلينا لنقسمه فيمن قبلنا ومر أهل مكة أن لايأخذوا من ساكن أجرا فإن الله سبحانه يقول : * ( سواء العاكف فيه والباد ) * فالعاكف المقيم به والبادي الذي يحج إليه من غير أهله وفقنا الله وإياكم لمحابه والسلام .
بيان : [ قوله عليه السلام ] : ( بأيام الله ) أي انعامه وأيام انتقامه روى

________________________________________________________
702 - رواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار : ( 67 ) من باب كتب أميرالمؤمنين عليه السلام من نهج البلاغة .

[498]


ذلك عن أبي عبدالله عليه السلام .
( واجلس لهم العصرين ) قال ابن ميثم : لكرنهما أطيب الاوقات بالحجاز .
وقال الجوهري : العصران الغداة والعشي ومنه سميت صلاة العصر وقال : السفير : الرسول والمصلح بين القوم ( إن ذيدت ) أي دفعت ومنعت و ( وردها ) : سؤالها .
والمجاعة بالفتح الجوع .
وقال ابن الاثير : المفاقر : جمع فقر على غير قياس كالمشابه والملامح ويجوز أن يكون جمع مفقر .
والخلة : الحاجة والمحاب : جمع المحبة بمعنى الحب أي الاعمال المحبوبة .
703 - نهج : ومن كتاب له عليه السلام إلى عبدالله بن العباس : أما بعد فإنك لست بسابق أجلك ولا مرزوق ما ليس لك واعلم بأن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك وأن الدنيا دار دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك وما كان منها عليك لم تدفعه بقوتك .
704 - نهج : ومن وصية له عليه السلام لعبدالله بن العباس عند ستخلافه إياه على البصرة : سع الناس بوجهك ومجلسك وحكمك وإياك والغضب فإنه طيرة من الشيطان واعلم أن ما قربك من الله يباعدك من النار وما باعدك من الله يقربك من النار .
بيان : سع الناس : أي لاتخص بعض الناس بشئ من ذلك بل ساوهم فيها ( ومجلسك ) أي تقربهم منك في المجلس ( طيرة من الشيطان ) في بعض النسخ بفتح الطاء وسكون الياء وفي بعضها بكسر الطاء وفتح الياء .

________________________________________________________
703 - رواه الشريف الرضي رحمه الله في المختار : ( 72 ) من الباب الثاني من كتاب نهج البلاغة .
704 - رواه السيد الرضي رضي الله تعالى عنه في المختار : ( 77 ) من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة .

[499]


وقال الجوهري في فلان طيرة وطيرورة أي خفة وطيش .
والطيرة مثال العتبة وهو ما يتشأم به من الفال الردى انتهى .
والاول هنا : أظهر وعلى الثاني فيمكن أن يكون المراد أن ذلك قال ردئ ناش من الشيطان يدل على أن صاحبه بعيد من رحمة الله .
705 - نهج : [ و ] من كتاب له عليه السلام إلى عبدالله بن العباس : أما بعد فإني كنت أشركتك في أمانتي وجعلتك شعاري وبطانتي ولم يكن في أهلي رجل أوثق منك في نفسي لمواساتي وموازرتي وأداء الامانة إلي فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب والعدو قد حرب وأمانة الناس قد خزيت وهذه الامة قد فتكت وشغرت قلبت لابن عمك ظهر المجن ففارقته مع المفارقين وخذلته مع الخاذلين وخنته مع الخائنين فلا ابن عمك آسيت ولا الامانة أديت وكأنك لم تكن الله تريد بجهادك وكأنك لم تكن على بينة من ربك وكأنك إنما كنت تكيد هذه الامة عن دنياهم وتنوي غرتهم عن فيئهم فلما أمكنتك الشدة في خيانة الامة أسرعت الكرة وعاجلت الوثبة فاختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لاراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الازل دامية المعزى الكسيرة فحملته إلى الحجاز رحيب الصدر بحمله غير متأثم من أخذه كأنك لا أبا لغيرك حدرت على أهلك تراثك من أبيك وأمك .
فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد ؟ أما ما تخاف من نقاش الحساب ؟ أيها المعدود كان عندنا من ذوي الالباب كيف تسيغ شرابا وطعاما وأنت تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما ؟ وتبتاع الاماء وتنكح النساء من مال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاء الله عليهم هذه الاموال

________________________________________________________
705 - رواه الشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه في المختار : ( 41 ) من باب كتب أمير المؤمنتين عليه السلام من كتاب نهج البلاغة .
وقد رويناه عن مصادر في المختار : ( 168 ) من باب الكتب من كتاب نهج السعادة : ج 5 ص 327 ط 1 .

[500]


وأحرزبهم هذه البلاد .
فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن إلى الله فيك ولاضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار .
ووالله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل فعلك الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ولا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما وأزيح الباطل عن مظلمتهما .
وأقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي .
فضح رويدا فكأنك قد بلغت المدى ودفنت تحت الثرى وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة ويتمنى المضيع الرجعة فيه ولات حين مناص .
إيضاح : قال ابن أبي الحديد : قد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب فقال الاكثرون إنه عبدالله بن العباس رحمه الله ورووا في ذلك روايات واستدلوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب كقوله : ( أشركتك في أمانتي وجعلتك بطانتي وشعاري وإنه لم يكن في أهلي رجل أوثق منك ) .
وقوله ( على ابن عمك قد كلب ) ثم قال ثانيا ( قلبت لابن عمك ظهر المجن ) تم قال ثالثا ( فلا ابن عمك آسيت ) وقوله ( لا أبا لغيرك ) وهذه كلمة لا تقال إلا لمثله فأما غيره من أفناء الناس فإن عليا عليه السلام كان يقول له لا أبالك .
وقوله أيها المعدود كان عندنا من أولي الالباب .
وقوله ( والله لو أن الحسن والحسين عليهما السلام ) وهذا يدل على أن المكتوب إليه هذا الكتاب قريب من أن يجري مجراهما عنده .