[241]


( مسكينا ) من مساكين المسلمين ( ويتيما ) من يتامى المسلمين ( وأسيرا ) من اسارى المشركين ويقولون إذا أطعموهم : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) قال : والله ما قولوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبرالله بإضمارهم ، يقولون : لا نريد جزاء تكافوننا به ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكن إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة ) في الوجوه ( وسرورا ) في القلوب ( وجزاهم بما صبروا جنة ) يسكونها ( وحريرا ) يفترشونه ويلبسونه ( متكئين فيها على الارائك ) والاريكة : السرير عليه الحجلة ( لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) قال ابن عباس : فبينا أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان ، فيقول أهل الجنة : يا رب إنك قلت في كتابك : ( لايرون فيها شمسا ) ؟ ! فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل فيقول : ليس هذه بشمس ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما ، ونزلت ( هل أتى ) فيهم إلى قوله تعالى : ( وكان سعيكم مشكورا ( 1 ) ) .
2 - قب : روى أبوصالح ومجاهد والضحاك والحسن وعطاء وقتادة ومقاتل والليث وابن عباس وابن مسعود وابن جبير وعمرو بن شعيب والحسن بن مهران والنقاش والقشيري والثعلبي والواحدي في تفاسيرهم ، وصاحب أسباب النزول والخطيب المكي في الاربعين وأبوبكر الشيرازي في نزول القرآن في أميرالمؤمنين ، والاشنهي في اعتقاد أهل السنة ، وأبوبكر محمد بن أحمد بن الفضل النحوي في العروس في الزهد ، وروى أهل البيت عن لاصبغ بن نباتة وغيره عن الباقر عليه السلام واللفظ له ، ثم ساق الحديث إلى قوله : وأصبحوا مفطرين ليس عندهم شئ ، ثم قال : فرآهم النبي صلى الله عليه وآله جياعا فنزل جبرئيل ومعه صحفة ( 2 ) من
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 241 سطر 19 إلى صفحه 249 سطر 18 الذهب ، مرصعة بالدر والياقوت ، مملوءة من الثريد وعراق يفوح منه رائحة المسك والكافور فجلسوا وأكلوا حتى شبعوا ، ولم تنقص منها لقمة واحدة ، وخرج الحسين عليه السلام ومعه قطعة عراق ، فنادته امرأة يهودية : يا أهل بيت الجوع من أين لكم هذا ؟ أطعمنيها ، فمد يده الحسين ليطعمها فهبط جبرئيل وأخذها من يده ، ورفع الصحفة إلى السماء ، فقال النبي

_________________________________________________________
( 1 ) امالى الصدوق : 155 - 157 .
( 2 ) الصحفة قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة .

[242]


صلى الله عليه وآله : لولا ما أراد الحسين من إطعام الجارية تلك القصعة لتركت ( 1 ) تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة لا تنقص لقمة ، ونزل ( 2 ) ( يوفون بالنذر ) وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ، ونزل ( 3 ) هل أتى في يوم الخامس والعشرين منه ( 4 ) .
بيان : قال الجوهري : الجزة : صوف شاة في السنة ، انتهى .
وقوله عليه السلام : ( دهين ) كناية عنا النضارة والطراوة كأنه صب عليه الدهن ، ويقال : قوم مدهنون : عليهم آثار النعم .
واللؤم - بالضم مهموزا - الشح .
وقال الجوهري : قولهم : لئيم راضع أصله زعموا رجل كان يرضع إبله أو غنمه ولايحلبها لئلا يسمع صوت حلبه فيطلب منه ، ثم قالوا : رضع الرجل - بالضم - كأنه كالشئ يطبع عليه ، وفي بعض الروايات : ولا ضراعة ، وهي الذل والاستكانة والضعف .
والزنيم : اللئيم الذي يعرف بلؤمه .
والاشبال : جمع الشبل وهو ولد الاسد .
والكبل : القيد .
وقال الجزري : القديد : اللحم المملوح المجفف في الشمس ، وفي حديث الاوزاعي : لا يسهم من الغنيمة للعبد والاجير ولا القديديين ، قيل : هو من التقدد : التقطع والتفرق لانهم يتفرقون في البلاد للحاجة وتمزق ثيابهم ، وقال الفيروز آبادي : نكد عيشهم - كفرح - اشتد وعسر ، والبئر : قل ماؤها ، ونكد الغراب - كنصر - استقصى في شحيجه ، وفلانا : منعه ما سأله ، أقول : فظهر أنه يمكن أن يقرء على المعلوم والمجهول وإن كان الاول أظهر .
والدبر : الجرح الذي يكون في ظهر البعير ، يقال : دبر البعير - بالكسر - والمراد هنا الجرح وصلابة اليد من العمل .
ورجل عبل الزراعين أي ضخمهما .
قوله : ( يقول عابسا كلوحا ) الكلوح : العبوس ، ولعله كان تفسير قوله تعالى : ( يوما عبوسا قمطريرا ) فاشتبه على الراوي ويحتمل أن يكون المراد أن هذا اليوم هو ذلك اليوم الذي سيوصف بعد ذلك بالعبوس .
قوله ( على شهوتهم ) هذا أحد الوجهين اللذين ذكرهما المفسرون ، والوجه الآخر أن يكون المعنى : على

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : تلك القطعة لتركت .
( 2 و 3 ) في المصدر : ونزلت .
( 4 ) مناقب آل ابى طالب 2 : 124 .

[243]


حب الله ؟ وقيل : على حب الاطعام ، والعرق - بالفتح - العظم الذي اخذ عنه معظم اللحم ، والجمع : عراق - بالضم - وهذا الجمع نادر ، ولعل المعنى هنا العضو الذي يصير بعد الاكل عراقا مجازا ، يقال : عرقت اللحم واعترقته وتعرقته : إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك .
3 - فس : قوله تعالى : ( ويطعمون الطعام ) حدثني أبي عن القداح عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان عند فاطمة عليها السلام شعير فجعلوه عصيدة ، فلما أنضجوها ( 1 ) ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال المسكين : رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله ، فقام علي عليه السلام فأعطاه ثلثها ، ولم يلبث ( 2 ) أن جاء يتيم فقال اليتيم رحمكم الله ( 3 ) ، فقام علي عليه السلام فأعطاه ثلثها ، ثم جاء أسير ( 4 ) فقال : الاسير رحمكم الله ، فأعطاه علي عليه السلام الثلث الباقي ( 5 ) ، وما ذاقوها ، فأنزل الله فيهم هذه الآية إلى قوله : ( وكان سعيكم مشكورا ) وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك ( 6 ) .
4 - يج : روي أن الحسن والحسين مرضا فنذر علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام صيام ثلاثة أيام فلما عافاهما الله - وكان الزمان قحطا - أخذ علي من يهودي ثلاث جزات صوفا ، لتغزلها فاطمة عليها السلام وثلاثة أصواع شعيرا ، فصاموا ، وغزلت فاطمة جزة ثم طحنت صاعا من الشعير فخبزته ، فلما كان عند الافطار أتى مسكين فأعطوه طعامهم ولم يذوقوا إلا الماء ، ثم غزلت جزة اخرى من الغدثم طحنت صاعا فخبزته ، فلما كان عند المساء ( 7 ) أتى يتيم فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء ، فلما كان من الغد غزلت الجزة الباقية

_________________________________________________________
( 1 ) العصيدة : دقيق يلت بالسمن ويطبخ .
نضج الثمر أو اللحم : ادرك وطاب أكله .
( 2 ) في المصدر : فأعطاه الثلث ، فما لبث .
( 3 ) في المصدر : بعد ذلك : اطعمونا مما رزقكم الله .
( 4 ) في المصدر : فأعطاه ثلثها الثانى فما لبث أن جاء اه .
( 5 ) في المصدر : فأعطاه الثلث الباقى .
( 6 ) تفسير القمى : 707 .
وفيه : في اميرالمؤمنين عليه السلام وهى جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عزوجل .
( 7 ) في المصدر : عند الافطار .
وكذا فيما يأتى .

[244]


ثم طحنت الصاع وخبزته ، وأتى أسير عند المساء فأعطوه ( 1 ) ، وكان مضى على رسول الله أربعة أيام والحجر على بطنه وقد علم بحالهم ، فخرج ودخل حديقة المقداد ولم يبق على نخلاتها ثمرة ، ( 2 ) ومعه علي ، فقال : يا أبا الحسن خذ السلة وانطلق إلى النخلة - وأشار إلى واحدة - فقل لها : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سألتك عن الله أطعمينا من ثمرك ( 3 ) قال علي عليه السلام : ولقد تطأطأت بحمل ( 4 ) ما نظر الناظرون إلى مثلها ، والتقطت من أطائبها وحملت ( 5 ) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأكل وأكلت ، فأطعم المقداد وجميع عياله ، وحمل إلى الحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ما كفاهم ، فلما بلغ المنزل إذا فاطمة عليها السلام يأخذها الصداع ، فقال صلى الله عليه وآله : أبشري واصبري فلن تنالي ما عند الله إلا بالصبر ، فنزل جبرئيل بهل أتى ( 6 ) .
5 - كشف : روى الواحدي في تفسيره أن عليا عليه السلام آجر نفسه ليلة إلى الصبح يسقي نخلا بشئ من شعير ، فلما قبضه طحن ثلثه واتخذوا منه طعاما ، فلماتم ( 7 ) أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ، وعملوا الثلث الثاني فأتاهم يتيم فأخرجوه إليه ، وعملوا الثلث الثالث فأتاهم أسير فأخرجوا الطعام إليه وطوى ( 8 ) علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وعلم الله حسن مقصدهم وصدق نياتهم وأنهم إنما أرادوا بما فعلوه وجهه ، وطلبوا بما أتوا ( 9 ) ما عنده والتمسوا الجزاء منه عزوجل ، فأنزل الله فيهم قرآنا ، وأولاهم

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فأعطوه ولم يذوقوا الا الماء .
( 2 ) في المصدر : تمرة .
( 3 ) في المصدر : سألتك بالله لما اطعمينا من تمرك .
( 4 ) تطأطأ : انخفض .
والحمل - بكسر الحاء - ما يحمل .
( 5 ) في المصدر : فحملت .
( 6 ) الخرائج والجرائح : 82 .
( 7 ) أى حضر .
( 8 ) طول الرجل : تعمد الجوع وقصده .
( 9 ) في المصدر : بما أتوه .

[245]


من لدنه إحسانا ، ونشر لهم بين العالمين ديوانا ( 1 ) ، وعوضهم عما بذلوا جنانا وحورا و ولدانا ، فقال : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) إلى آخرها ، وهذه منقبة لها عندالله محل كريم ، وجودهم بالطعام مع شدة الحاجة إليه أمر عظيم ، ولهذا تتابع فيها وعده سبحانه بفنون الالطاف وضروب الانعام والاسعاف ( 2 ) ، وقيل : إن الضمير في ( حبه ) يعود إلى الله تعالى وهو الظاهر ، وقيل : إلى الطعام ( 3 ) .
6 - كشف : من مناقب الخوارزمي عن ابن عباس وقد ذكره الثعلبي وغيره من مفسري القرآن المجيد في قوله تعالى : ( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) قال : مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه أبوبكر وعمر ، وعادهما عامة العرب ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا - وكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشئ - فقال علي عليه السلام إن برئ ولداي مما بهما صمت ( 4 ) ثلاثة أيام شكرا ، وقالت فاطمة عليها السلام : إن برئ ولداي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام شكرا ، وقالت جارية يقال لها فضة : إن برئ سيداي مما بهما صمت ( 5 ) ثلاثة أيام شكرا ، فالبس الغلامان العافية ، وليس عند آل محمد قليل ولا كثير ، فانطلق أميرالمؤمنين إلى شمعون الخيبري - و كان يهوديا - فاستقرض منه ثلاثة أصواع من شعير .
وفي حديث المزني عن ابن مهران الباهلي : فانطلق إلى جارله من اليهود يعالج الصوف يقال له : شمعون بن حانا ، فقال ( 6 ) : هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد بثلاثة أصوع من شعير ؟ قال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير ، فأخبر فاطمة بذلك فقبلت وأطاعت ، قالوا : فقامت فاطمة عليها السلام إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص ، وصلى علي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أتى المنزل ،

_________________________________________________________
( 1 ) اى كتابا .
( 2 ) السعف : السلعة .
( 3 ) كشف الغمة : 49 .
( 4 و 5 ) في المصدر : صمت لله اه .
( 6 ) في المصدر : فقال له .

[246]


فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب وقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ، فسمعه علي عليه السلام فقال : فاطم ذات المجد واليقين * يا بنت خير الناس أجمعين أما ترين البائس المسكين * قد قام بالباب له حنين يشكو إلى الله ويستكين * يشكو إلينا جائعا حزين كل امرئ بكسبه رهين * وفاعل الخيرات يستبين موعده جنة عليين * حرمها الله على الضنين وللبخيل موقف مهين * تهوي به النار إلى سجين شرابه الحميم والغسلين فقالت فاطمة عليها السلام : أمرك سمع يا ابن عم وطاعة * ما بي من لؤم ولا ضراعة وأعطوه الطعام ومكثوا ليلتهم ( 1 ) لم يذوقوا إلا الماء ( 2 ) ، فلما كان اليوم الثاني طحنت فاطمة عليها السلام صاعا واختبزته وأتى علي عليه السلام من الصلاة ، ووضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيم فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين ، استشهد والدي يوم العقبة ، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي وفاطمة عليهما السلام فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلا الماء القراح ، فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة عليها السلام إلى الصاح الباقي فطحنته واختبزته ، وصلى علي مع النبي - صلى الله عليهما - المغرب ثم أتى المنزل ، فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا ولا تطعموننا ؟ أطعموني فإني أسير محمد ، أطعمكم الله على موائد الجنة ، فسمعه علي عليه السلام فآتوه وآثروه ( 3 ) ، ومكثوا ثلاثة أيام ( 4 )

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ومكثوا يومهم وليلتهم .
( 2 ) في المصدر : الا الماء القراح .
( 3 ) في المصدر : فآثرء وآثروه .
( 4 ) في المصدر : ثلاثة ايام ولياليها .

[247]


لم يذوقوا سوى الماء .
فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي الحسن بيده اليمنى والحسين باليسرى وأقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر به النبي صلى الله عليه وآله قال : يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ! ما أرى بكم ؟ انطلق إلى ابنتي ( 1 ) فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي ، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله قال : واغوثاه بالله ! يا أهل بيت محمد تموتون جوعا ؟ ! فهبط جبرئيل وقال : خذ يا محمد هنأك الله في أهل بيتك ، قال .
وما آخذ يا جبرئيل ؟ فأقرأه ( هل أتى على الانسان ) إلى قوله : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) إلى آخر .
السورة .
قال الخطيب الخوارزمي حاكيا عنه وعن البراوي : وزادني ابن مهران الباهلي في هذا الحديث : فوثب النبي ( 2 ) صلى الله عليه وآله حتى دخل على فاطمة عليها السلام ، فلما رأى ما بهم انكب عليهم يبكي ، وقال : أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم ؟ ! فهبط جبرئيل بهذه الآيات : ( إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) قال : هي عين في دار النبي صلى الله عليه وآله يفجر ( 3 ) إلى دور الانبياء والمومنين .
وروى الخطيب في هذا رواية اخرى وقال في آخرها : فنزل فيهم : ( ويطعمون الطعام على حبه ) أي على شدة شهوة ( مسكينا ) قرص ملة ، والملة ( 4 ) : الرماد ( ويتيما ) خزيرة ( وأسيرا ) حيسا ( إنما نطعمكم ) يخبر عن ضمائرهم ( لوجه الله ) يقول : إرادة ما عندالله من الثواب ، ( لا نريد منكم ) ، يعني في الدنيا ( جزاء ) ثوابا ، ( ولا شكورا ( 5 ) .

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : إلى ابنتى فاطمة .
( 2 ) وثب : نهض وقام .
( 3 ) في المصدر : تفجر .
( 4 ) بفتح الميم .
( 5 ) كشف الغمة : 88 و 89 .

[248]


بيان : قال علي بن عيسي : هذه السورة نزلت في هذه القضية بإجماع الامة ، لا أعرف أحدا خالف فيها .
أقول : قوله : ( قرص ملة ) أي قرص خبز في الملة ، وهي الرماد الحار .
والخزيرة شبه عصيدة بلحم ( 1 ) .
والحيس : تمريخلط بسمن وإقط فيعجن شديدا ثم يندر ( 2 ) منه نواه ، وربما جعل فيه سويق .
يف : الثعلبي بإسناده إلى ابن عباس مثله إلى قوله : إلى آخر السورة .
وترك فيها الابيات ، ثم قال : وزاد محمد بن علي الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة : أنهم نزلت علهيم مائدة من السماء ، فأكلوا منها سبعة أيام ، قال : وحديث المائدة ونزولها عليهم ( 3 ) مذكور في سائر الكتب .
ثم قال السيد : روى أخطب خوارزم حديث المائدة في كتابه ، وروى الواحدي حديث نزول السورة كمامر في تفسيره ( 4 ) .
أقول : وروى الزمخشري أيضا في الكشاف ( 5 ) نحوا من ذلك مع اختصار ، و كذا البيضاوي ( 6 ) .
وروى ابن بطريق في العمدة بإسناده عن الثعلبي ، عن الحسن بن أحمد الشيباني العدل ، عن أبي حامد أحمد بن محمد ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن حماد المروزي ، عن محبوب بن حميد القصري ، عن القاسم بن مهران ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : وأخبرنا عبدالله بن حامد ، عن أحمد بن عبدالله المزني ، عن محمد بن

_________________________________________________________
( 1 ) قال الزمخشرى في الفائق ( ج 1 : 347 ) : الخزيرة : حساء من دقيق ودسم ، وقيل : الحريرة من الدقيق والخزيرة من النخالة .
وقال الجزرى في النهاية ( 1 : 292 ) الخزيرة لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير ، فإذا نضج ذر عليه الدقيق ، فإن لم يكن فيها لحم فهى عصيدة .
( 2 ) اى يؤخذ .
( 3 ) في المصدر : ونزولها عليهم في جواب ذلك اه .
اى في جواب الدعاء من الله تعالى ، أو عوضا عن صنيعهم .
( 4 ) الطرائف : 27 .
( 5 ) ج 3 : 239 و 240 .
( 6 ) ج 2 : 247 .

[249]


أحمد الباهلي ، عن عبدالرحمن بن فهد بن هلال ، عن القاسم بن يحيى ، عن محمد بن الصائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال أبوالحسن بن مهران : وحدثني محمد بن زكريا البصري عن شعيب بن واقد المزني ، عن القاسم بن مهران ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مثل مامر إلى قوله : ثم هبط جبرئيل بهذه الآيات .
ثم قال : وزاد محمد بن علي صاحب الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة : أنهم نزل عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام ، ونزولها عليهم مذكور في سائر الكتب ( 1 ) .
ثم ساق الحديث في تفسير الآيات إلى آخر مامر في رواية الصدوق رحمه الله ( 2 ) .
7 - فر : أبوالقاسم العلوي ، عن فرات بن إبراهيم ، معنعنا عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : مرض الحسن والحسين عليهما السلام مرضا شديدا ، فعادهما سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وعادهما أبوبكر وعمر ، فقال عمر لاميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : يا أبا الحسن إن نذرت لله نذرا واجبا فإن كل نذر لا يكون لله فليس فيه وفاء فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : إن عافي الله ولدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام متواليات ، و قالت الزهراء عليها السلام مثل ما قال زوجها ، وكانت لهما جارية بربرية تدعى فضة ، قالت : إن عافى الله سيدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام - وساق الحديث نحوا ممامر إلى أن قال - : وإن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أخذ بيد الغلامين ، وهما كالفرخين لاريش لهما يرتعشان ( 3 ) من الجوع ، فانطلق بهما إلى منزل النبي صلى الله عليه وآله فلما نظر إليهما النبي صلى الله عليه وآله اغرورقت ( 4 ) عيناه بالدموع وأخذ بيد الغلامين فانطلق بهما إلى فاطمة
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 249 سطر 19 إلى صفحه 257 سطر 18 الزهراء عليها السلام ، فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تغير لونها وإذا بطنها لاصق بظهرها

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ونزولها عليهم في جواب ذلك .
( 2 ) العمدة : 180 - 182 .
( 3 ) في المصدر : يترججان .
اى يتحركان ويضطربان .
والريش : كسوة الطائر وزينته ، فهو للطائر كالشعر لغيره .
( 4 ) اغرورقت العين : دمعت كأنها غرقت في الدمع .

[250]


انكب عليها يقبل بين عينيها ، ونادته باكية : واغوثاه بالله ثم بك يا رسول الله من الجوع ، قال : فرفع رأسه ( 1 ) إلى السماء وهو يقول : اللهم أشبع آل محمد ، فهبط جبرئيل فقال : يا محمد اقرء ، قال : وما أقرء ، قال : اقرء ( إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ) إلى آخر ثلاث آيات .
ثم إن أميرالمؤمنين عليه السلام مضى من فوره ذلك ( 2 ) حتى أتى أبا جبلة الانصاري رضي الله عنه فقال له : يا أبا جبلة هل من قرض دينار ( 3 ) ؟ قال : نعم يا أبا الحسن ، أشهد الله وملائكته أن شطر مالي لك حلال من الله ومن رسوله ، قال : لاحاجة لي في شئ من ذلك إن يك قرضا قبلته ، قال .
فدفع إليه دينارا ، ومر أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب يتخرق أزقة ( 4 ) المدينة ليبتاع بالدينار طعاما ، فإذا هو بمقداد بن الاسود الكندي قاعد على الطريق ، فدنا منه وسلم عليه ( 5 ) وقال : يا مقداد مالي أراك في هذا الموضع كئيبا حزينا ؟ فقال : أقول كما قال العبد الصالح موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام : ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) قال : ومنذكم يا مقداد ؟ قال : منذ أربع ( 6 ) ، فرجع أميرالمؤمنين عليه السلام مليا ثم قال : الله أكبر الله أكبر آل محمد منذ ثلاث وأنت يا مقداد أربع ؟ ! أنت أحق بالدينار مني ، قال : فدفع إليه الدينار ومضى حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله رآه قد سجد ( 7 ) ، فلما انفتل ( 8 ) رسول الله ضرب بيده إلى كتفه ثم قال : يا علي انهض بنا إلى منزلك لعلنا نصيب طعاما فقد بلغنا أخذك الدينار من أبي جبلة ، قال : فمضى و

_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فرفع يده .
( 2 ) في القاموس ( 2 : 112 ) : أتوا من فورهم : من وجههم ، أو قبل أن يسكنوا .
( 3 ) في المصدر : هل عندك من قرض دينار ؟ : ( 4 ) جمع الزقاق - بضم أوله - : السكة .
الطريق الضيق .
( 5 ) في المصدر : فدنا منه يسلم عليه .
( 6 ) في المصدر : قال هذا اربع .
( 7 ) في المصدر : رآه في مسجده .
( 8 ) اى انصرف .