[411]
[ ل : عن أبي جعفر عليه السلام في خبر طويل في خصال الاوصياء التي يمتحنهم الله
بها في حياة الانبياء وبعد وفاتهم قال عليه السلام : ولقد كنت عاهدت الله ، وذكر نحوه .
( 1 ) ]
6 كنز : علي بن عبدالله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن يحيى بن
صالح ، عن مالك بن خالد الاسدي ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن جده ، عن عبدالله بن
الحسن ، عن آبائه عليهم السلام قال : [ ما ] عاهد الله علي بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب و
جعفر بن أبي طالب أن لايفر وافي زحف أبدا ، فتموا كلهم ، فأنزل الله هذه الآية ( فمنهم
من قضى نحبه ) حمزة استشهد يوم احد وجعفر استشهد يوم مؤتة ( ومنهم من ينتظر )
يعني علي بن أبي طالب ( وما بدلوا تبديلا ) يعني الذي عاهدوا عليه .
( 2 )
7 فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما
نزلت الآية ( 3 ) ) اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) التفت النبي إلى أصحابه فقال :
أتدرون فيمن نزلت هذه الآية ؟ قالوا : لا والله يا رسول الله ما ندري ، فقال أبودجانة :
يا رسول الله كلنا من الصادقين قد آمنا بك وصدقناك ، قال : لا يا أبا دجانة ، هذه نزلت
في ابن عمي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب خاصة دون الناس ، وهو من الصادقين .
( 4 )
8 أقول : روى ابن بطريق في المستدوك ، عن الحافظ أبي نعيم ، بإسناده عن جعفر
ابن محمد عليهما السلام في قوله عزوجل : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ( 5 ) ) قال : محمد وعلي
عليهما السلام .
وبإسناده عن ابن عباس هو علي بن أبي طالب عليه السلام .
وروى عن أبي نعيم
بإسناده عن ليث ، عن مجاهد في قوله عزوجل : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ( 6 ) )
جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وآله وصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام .
وبإسناده عن عباد بن عبدالله
_________________________________________________________
( 1 ) الخصال 2 : 21 ، والحديث في هامش ( ك ) فقط .
( 2 ) مخطوط .
( 3 ) في المصدر : لما نزلت عليه .
( 4 ) تفسير فرات : 56 .
( 5 ) التوبة : 119 .
( 6 ) الزمر : 33 .
[412]
قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : أنا الصديق الاكبر ، لا يقولها بعدي إلا كذاب ، صليت
قبل الناس سبع سنين ، وبإسناده عن ابن أبي ليلى عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
الصديقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل يس ، وخربيل مؤمن آل فرعون ويروى
خرقيل وعلي بن أبي طالب ، وهو أفضلهم .
ومن الجزء الثاني من كتاب الفردوس
لابن شيرويه عن داود بن بلال مثله سواء .
ورواه عن أحمد بن حنبل من ثلاثة طرق وطريق
من الثعلبي ، ومن مناقب ابن المغازلي من ثلاثة طرق .
أقول : روى تلك الاخبار في العمدة بأسانيدها فإن شئت فراجع إليه .
( 1 )
يف : أحمد بن حنبل في مسنده عن ابن أبي ليلى عن أبيه ، وابن شيرويه في الفردوس
وابن المغازلي مثله سواء .
( 2 )
أقول : روى الفخر الرازي في تفسيره مثله .
( 3 )
9 يف : ابن المغازلي بإسناده عن مجاهد قال : ( الذي جاء بالصدق ( محمد صلى الله عليه وآله
( وصدق به ) علي عليه السلام .
( 4 )
10 يف : روى الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي ( 5 ) في تفسير قوله تعالى : ( والذين
آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ( 6 ) )
بإسناده ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن ابن عباس ( والذين آمنوا ) يعني صدقوا
( بالله ) أنه واحد : علي وحمزة بن عبدالمطلب وجعفر الطيار ) اولئك هم الصديقون )
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : صديق هذه الامة علي بن أبي طالب ، وهو الصديق الاكبر و
الفاروق الاعظم .
ثم قال : ( والشهداء عند ربهم ) قال ابن عباس : فهم صديقون وهم
_________________________________________________________
( 1 ) العمدة : 112 و 113 و 184 و 185 .
( 2 ) الطرائف : 123 .
( 3 ) مفاتيح الغيب 7 : 305 .
( 4 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
( 5 ) هكذا في المصدر وهو الصحيح كمامر ص 273 وفى النسخ : محمد بن موسى الشيرازى .
( 6 ) الحديد : 19 .
[413]
شهداء الرسل على أنهم قد بلغوا الرسالة .
ثم قال : ( لهم أجرهم ) يعني ثوابهم على التصديق
بالنبوة والرسالة لمحمد صلى الله عليه وآله ( ونورهم ) يعني على الصراط .
( 1 )
بيان : قال العلامة في كشف الحق : روى أحمد بن حنبل أنها نزلت في علي عليه السلام .
( 2 )
وقدمر في الاخبار الكثيرة أنه هو الصديق أي كثير الصدق في الافعال والاقوال ،
وكثير التصديق لما جاءت به الرسل ، وكل ذلك كان كاملا في أميرالمؤمنين عليه السلام فكان
أولى بالامامة ممن هو دونه ، لقبح تفضيل المفضول .
وقال ابن بطريق رحمه الله في العمدة : اعلم أن الصدق خلاف الكذب ، والصديق :
الملازم للصدق الدائم في صدقه ، والصديق : من صدق عمله قوله ، ذكر ذلك أحمد بن فارس
اللغوي في مجمل اللغة والجوهري في الصحاح ، وإذا كان هذا هو معنى الصديق ، و
الصديق أيضا يكون ثلاثة أقسام : صديق يكون نبيا ، وصديق يكون إماما ، وصديق
يكون عبدا صالحا لانبيا ولا إماما ، فأما ما يدل على أول الاقسام قوله سبحانه : ( و
اذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ( 3 ) ) وقوله تعالى : ( يوسف أيها الصديق ( 4 ) )
وأماما يدل على كون الصديق إماما قوله تعالى : ( فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين ) فذكر النبيين ثم ثنى بالصديقين ، لانه ليس بعد النبيين في الذكر
أخص من الائمة عليهم السلام ويدل عليه هذه الاخبار لانه لما ذكره عليه السلام معهما ولم يكونا
نبيين ولا إمامين فأراد إفراده عنهما بما لا يكون لهما وهي الامامة قال صلى الله عليه وآله : وهو
أفضلهم ، وعلى مامر من معنى الصديق ينبغي اختصاصه به لانه لم يعص الله تعالى منذ
خلق ولم يشرك بالله تعالى ، فقد لازم الصدق ودام عليه وصدق عمله قوله ك ( 5 )
11 ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن يوسف ، عن حسن بن حماد ،
_________________________________________________________
( 1 ) الطرائف : 23 .
( 2 ) كشف الحق 1 : 92 .
( 3 ) مريم : 56 .
( 4 ) يوسف : 46 .
وكذا يدل على ما ذكر قوله تعالى : ( واذكر في الكتاب ابراهيم إنه
كان صديقا نبيا ) مريم : 41 .
( 5 ) العمدة : 113 و 114 ، وما ذكره المصنف منقول بالمعنى .
[414]
عن أبيه ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله وكونوا مع الصادقين ) قال : مع علي بن أبي طالب عليه السلام .
( 1 )
فر : فرات ، عن محمد بن عبيد بن عتبة ، والقاسم بن حماد ، عن جندل بن والق ، معنعنا
عن الصادق عن أبيه عليهما السلام مثله .
( 2 )
12 فس : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ( 3 ) ) يقول :
كونوا مع علي بن أبي طالب وآل محمد عليهم السلام والدليل على ذلك قول الله : ( من المؤمنين
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ) وهو حمزة ( ومنهم من ينتظر ) و
هو علي بن أبي طالب عليه السلام يقول الله : ( وما بدلوا تبديلا ) .
( 4 )
13 ل : محمد بن علي بن إسماعيل ، عن النعمان بن أبي الدلهاب ، ( 5 ) عن الحسين
بن عبدالرحمان ، عن عبيدالله بن موسى ، عن محمد بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
الصديقون ثلاثة : علي بن أبي طالب وحبيب النجار ومؤمن آل فرعون .
( 6 )
أقول : قال السيوطي في تفسيره المسمى بالدر المنثور : أخرج ابن مردويه عن
ابن عباس في قوله تعالى : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) قال : مع علي بن أبي طالب ،
وأخرج ابن عساكر عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
( 7 )
14 كشف : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) عن ابن مردويه
أنها نزلت في علي عليه السلام .
وعن ابن مردويه في قوله تعالى : ( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق
_________________________________________________________
( 1 ) امالى الشيخ : 160 .
( 2 ) تفسير فرات : 52 .
( 3 ) لانكرر مواضع الايات ، راجع الاخبار السابقة .
( 4 ) تفسير القمى : 282 .
( 5 ) في المصدر : عن النعمان بن أبي الدلهات .
( 6 ) الخصال 1 : 86 .
( 7 ) الدر المنثور 3 : 290 .
[415]
إذ جاءه ( 1 ) ) عن موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : هو من رد قول رسول الله صلى الله عليه وآله
في علي عليه السلام .
( 2 )
بيان : روى العلامة رحمه الله في كشف الحق ( 3 ) من طريقهم مثله .
وظاهر أن
ولايته عليه السلام من أعظم ما أتى الرسول به صادقا عن الله تعالى ، والتكذيب به من أعظم
الظلم ، لانه عمدة أركان الايمان ، ولايتم شئ منها إلا به ، فيحتمل أن تكون الآية نازلة
فيه ، ثم جرى في كل من كذب شيئا مما نزل من عندالله تعالى .
15 فس : ( إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون ( 4 ) ) يعني أميرالمؤمنين عليه السلام ومن غصبه حقه ، ثم ذكر أيضا أعداء آل محمد
عليهم السلام ومن كذب على الله وعلى رسوله وادعى سالم يكن له فقال : ( فمن أظلم ممن
كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه ) يعني لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله من الحق و
ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام ، ثم ذكر رسول الله وأميرالمؤمنين عليهما السلام فقال : والذي جاء
بالصدق وصدق به يعني أميرالمؤمنين عليه السلام أولئك هم المتقون ) .
( 5 )
16 كشف : عن أبي بكر بن مردويه قوله تعالى : ( والذي جاء بالصدق )
محمد ، صلى الله عليه وآله ( و ) الذي ( صدق به ) علي بن أبي طالب عليه السلام .
( 6 )
17 مد : بإسناده إلى الثعلبي ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن محمد بن
أحمد ، عن عبدالله بن محمد الحافظ ، عن الحسين بن علي ، عن محمد بن الحسن ، عن عمر بن
سعد ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله تعالى : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) قال :
جاء به محمد صلى الله عليه وآله وصدق به علي عليه السلام .
( 7 )
_________________________________________________________
( 1 ) الزمر : 32 .
( 2 ) كشف الغمة : 93 .
( 3 ) ج 1 ص 96 .
( 4 ) الزمر : 30 و 31 ، وما بعدها ذيلها .
( 5 ) تفسير القمى : 577 .
( 6 ) كشف الغمة : 95 .
( 7 ) العمدة : 184 و 185 .
[416]
بيان : قال العلامة رحمه الله في كشف الحق في قوله تعالى : ( والذي جاء بالصدق
وصدق به ) روى الجمهور عن مجاهد قال : علي بن أبي طالب عليه السلام ( 1 ) وروي مثل
ذلك عن الحافظ أبي نعيم بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام .
ورواه الشيخ الطبرسي رحمه الله عن
مجاهد ، قال : ورواه الضحاك عن ابن عباس ، وهو المروي عن أئمة الهدى عليهم السلام .
( 2 )
[ وروى السيوطي في الدر المنثور عن ابن عساكر عن مجاهد أنه قال : الذي جاء
بالصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام .
( 3 ) ]
أقول : فقد صح بنقل المخالف والمؤالف نزول تلك الآية في أميرالمؤمنين عليه السلام
ولا عبرة بما يتفرد به شاذ من متعصبي المخالفين كالرازي أنها نزلت في أبي بكر لانتحالهم
له لقب الصديق ، وقد عرفت بنقل الفريقين أن أميرالمؤمنين عليه السلام هو الصديق في هذه
الامة ورأس جميع الصديقين ، وإذا ورد نقل باتفاق الفريقين وآخر تفرد به أحدهما
فلاشك في أن المعول على ما اتفقا عليه ، مع أنه سيأتي في باب سبق إسلامه عليه السلام إثبات
أنه لسبق إسلامه أولى بالوصف بالتصديق والصديق ممن عبدالصنم أزيد من أربعين سنة
من عمره ثم صدق ظاهرا ! وكان يظهر منه كل يوم شواهد نفاق قلبه وأما تصحيح
الآية على وجه يوافق الاخبار فبوجهين .
الاول أن يكون المراد بالموصول الجنس ، فيكون الرسول وأميرالمؤمنين صلوات
الله عليهما داخلين في الموصول ، وإنما خص الرسول الله صلى الله عليه وآله بالجزء الاول من الصلة لكونه
فيه أظهر وأقوى ، وكذا خص الجزء الثاني بأميرالمؤمنين عليه السلام لانه فيه أحوج إلى
البيان .
( 4 )
الثاني أن يقدر الموصول في الثاني ( 5 ) كما هو مختار الكوفيين ، قال ا لشيخ الرضي
_________________________________________________________
( 1 ) كشف الحق 1 : 92 .
( 2 ) مجمع البيان 8 : 498 .
( 3 ) الدر المنثور 5 : 328 .
وقد أخرجه عن ابن مردويه عن ابى هريرة ، لا كما ذكره المصنف .
( 4 ) توضيح أن الرسول الله صلى الله عليه وآله هو الجائى بالصدق والمبلغ له فلا جرم يكون
مصدقا أيضا لما جاء به ، ولا اجتياج في اثبات كونه مصدقا إلى بيان ، وليس كذلك أميرالمؤمنين عليه السلام
فانه فيه احوج إلى البيان .
( 5 ) اى في الجملة الثانية بأن يقال : والذي صدق به .
وفى غير ( ك ) من النسخ ( أن يقدر
الصلة ) وهو وهم .
[417]
رضي الله عنه ، أجاز الكوفيون حذف غير الالف واللام من الموصولات الاسمية خلافا
للبصريين قالوا : قوله تعالى : ( وما منا إلا له مقام معلوم ( 1 ) ) أي إلا من له مقام معلوم ، ثم
قال : ولا وجه لمنع البصريين من ذلك من حيث القياس ، إذقد يحذف بعض حروف الكلمة
وليس الموصول بألزق منها ، انتهى .
ثم اعلم أن اختصاصه بتلك الكرامة الدالة على فضله في الايمان والتصديق اللذين
كلاهما مناط الشرف والفضل على سائر الصحابة يدل على أنه أولى بالامامة والخلافة ،
كمامر تقربره مرارا .
وأما قوله تعالى : ( وكونوا مع الصادقين ) فقال العلامة رحمه الله : روى الجمهور
أنها نزلت في علي عليه السلام .
( 2 )
وقال الشيخ الطلبرسي : ( وكونوا مع الصادقين ) أي الذين يصدقون في أخبارهم
ولا يكذبون .
ومعناه : كونوا على مذهب من يستعمل الصدق في أقواله وأفعاله ، وصاحبوهم
ورافقوهم ، كقولك : أنا مع فلان في هذه المسألة أي أقتدي به فيها ، وقد وصف الله الصادقين
في سورة البقرة بقوله : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ( 3 ) ) إلى قوله : ( اولئك
الذين صدقوا واولئك هم المتقون ) فأمر الله سبحانه بالاقتداء بهؤلاء ( 4 ) ، وقيل : المراد
بالصادقين هم الذين ذكرهم الله في كتابه ، وهو قوله : ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم
من قضى نحبه ( 5 ) ) يعني حمزة بن عبدالمطلب وجعفر بن أبي طالب ( ومنهم من ينتظر ) يعني
علي بن أبي طالب عليه السلام .
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : ( كونوا مع
الصادقين ) مع علي وأصحابه وروى جابر عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : ( كونوا مع الصادقين )
-بحار الانوار جلد: 31 من صفحه 417 سطر 19 إلى صفحه 425 سطر 18
قال : مع آل محمد عليهم السلام وقيل : مع النبيين والصديقين في الجنة بالعمل الصالح في الدنيا ،
عن الضحاك ، وقيل : مع محمد وأصحابه ، عن نافع ، وقيل : مع الذين صدقت نياتهم ، و
استقامت قلوبهم وأعمالهم ، وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يتخلفوا عنه ، عن ابن عباس ،
_________________________________________________________
( 1 ) الصانات : 164 .
( 2 ) كشف الحق 1 : 93 .
( 3 ) البقرة : 177 .
( 4 ) في المصدر : بهؤلاء الصادقين المتقين .
( 5 ) الاحزاب : 23 .
[418]
وقيل : إن معنى ( مع ) ههنا معنى ( من ) انتهى ( 1 ) .
أقول : الصادق هو من لا يكذب في قوله ولا فعله ، والصدق في قراءة سورة الحمد
فقط يوجب العصمة ، لانه يقول في كل يوم عشر مرات وأكثر : ( إياك نعبد ) وقدسمى
الله طاعة الشيطان عبادة في مواضع ( 2 ) ، وكل معصية طاعة للشيطان ( 3 ) ، وقس على
ذلك قوله : ( وإياك نستعين ) وسائر ما يقول الانسان ويدعيه من الايمان بالله واليوم
الآخر ، وحب الله تعالى والاخلاص له ، والتوكل عليه وغير ذلك ، وأخبار الخاصة و
العامة مشحونة بذلك ، فظهر أن الصادق حقيقة هو المعصوم ، وسيأتي تحقيق ذلك في
كتاب مكارم الاخلاق ، وأيضا قد ثبت بمامر في كتاب الامامة في بأب أنهم عليهم السلام صادقون
وفي هذا الباب من أخبار الفريقين أنهم المراد بالصادقين في الآية ، ولا ريب في أن المراد
بالكون معهم الاقتداء بهم وطاعتهم ومتابعتهم إذ ظاهر أن ليس المراد محض الكون معهم
بالجسم والبدن ، فيدل على إمامتهم ، إذلا يجب متابعة غير الامام في كل ما يقول وبفعل
بإجماع الامة .
وقال أبوالصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف بعد ذكر الآية : فأمر باتباع
المذكورين ، ولم يخص جهة الكون بشئ دون شئ ، فيجب اتباعهم في كل شئ ، و
ذلك يقتضي عصمتهم ، لقبح الامر بطاعة الفاسق أو من يجوز منه الفسق ، ولا أحذ ثبتت
له العصمة ولا ادعيت فيه غيرهم عليهم السلام ، فيجب القطع على إمامتهم واختصاصهم بالصفة
الواجبة للامامة ( 4 ) ، ولانه لا أحد فرق بين دعوى العصمة لهم والامامة ، انتهى .
وأما قوله تعالى : ( رجال صدقوا ) فقد روى الطبرسي رحمه الله عن أبي القاسم
الحسكاني بالاسناد عن عمرو بن ثابت ، عن أبي إسحاق ، عن علي عليه السلام قال : فينا نزلت
_________________________________________________________
( 1 ) مجمع البيان 5 : 81 .
( 2 ) منها قوله تعالى : ( ألم أعبد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان ) ص 60 .
وقوله
( يا أبت لا تعبد الشيطان ) مريم : 44 .
( 3 ) فيقرر كذلك : المعصية طاعة للشيطان ، وطاعته عبادته ، فالمعصية عبادته .
( 4 ) وهى العصمة .
[419]
( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) فأنا والله المنتظر وما بدلت تبديلا ( 1 ) .
وروى العلامة ومؤلف كتاب تنبيه الغافلين نحو ذلك ، والنحب : النذر الذي
عاهدوا عليه في نصرة الدين وجهاد الكافرين ومعاونة سيد المرسلين ، أو الاجل .
ودلالة
الآية على فضله عليه السلام من جهات شتى غير مستور على اولي النهى .
تتميم : قال السيد المرتضى رضوان الله عليه في كتاب الفصول : سئل الشيخ المفيد قدس
الله روحه عن قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ( 2 ) ) فقيل
له : فيمن نزلت هذه الآية ؟ فقال : في أميرالمؤمنين عليه السلام وجرى حكمها في الائمة من
ذريته الصادقين عليهم السلام قال الشيخ أدام الله عزه : وقد جاءت آثار كثيرة في ذلك ، يدل
على صحة هذا التأويل ما أنا ذاكره بمشية الله وعونه .
قد ثبت أن الله سبحانه دعا المؤمنين إلى اتباع الصادقين في هذه الآية ( 3 ) ، و
الكون معهم فيما يقتضيه الدين ، وثبت أن المنادى به يجب أن يكون غير المنادى إليه ،
لاستحالة أن يدعى الانسان إلى الكون مع نفسه واتباعها ، فلا يخلو أن يكون الصادقون
الذين دعا الله تعالى إليهم جميع من صدق وكان صادقا حتى يعمهم اللفظ ويستغرق جنسهم
أو أن يكون بعض الصادقين ، وقد تقدم إفسادنا لمقال من يزعم أنه عم الصادقين لان
كل مؤمن فهو صادق بإيمانه ، فكان يجب بذلك أن يكون الدعاء للانسان إلى اتباع
نفسه وذلك محال على ما ذكرناه ، وإن كانوا بعض المؤمنين دون بعض فلا يخلو من أن يكونوا
معهودين معروفين فتكون الالف واللام إنما دخل للمعهود ، أو يكونوا غير معهودين ، فإن
كانوا معهودين فيجب أن يكونوا معروفين غير مختلف فيهم ، فيأتي الروايات بأسمائهم و
الاشارة إليهم خاصة ، وأنهم طائفة معروفة عند من سمع الخطاب من رسول الله صلى الله عليه وآله و
في عدم ذلك دليل على بطلان مقال من ادعى أن هذه الآية نزلت في جماعة غير من ذكرناه
كانوا معهودين ، وإن كانوا غير معهودين فلا بد من الدلالة عليهم ليمتازوا ( 4 ) من يدعى
_________________________________________________________
( 1 ) مجمع البيان 8 : 250 .
( 2 ) التوبة : 119 .
( 3 ) في المصدر : دعا المؤمنين في هذه الاية إلى اتباع الصادقين .
( 4 ) ليتميزوا .
[420]
مقامهم ، وإلا بطلت الحجة لهم ، وسقط تكليف اتباعهم ، وإذا ثبت أنه لابد من الدليل
عليهم ولم يدع أحد من الفرق دلالة على غير من ذكرناه ثبت أنها فيهم خاصة ، لفساد
خلو الامة كلها من تأويلها ، وعدم أن يكون القصد إلى أحد منهم بها .
على أن الدليل قائم على أنها فيمن ذكرناه ، لان الامر ورد باتباعهم على
الاطلاق ، وذلك يوجب عصمتهم وبراءة ساحتهم والامان من زللهم ، بدلالة إطلاق الامر
باتباعهم ، والعصمة توجب النص على صاحبها بلا ارتياب ، وإذا اتفق مخالفونا على نفي
العصمة والنص على من ادعوا ( 1 ) له تأويل هذه الآية فقد ثبت أنها في الائمة عليهم السلام
لوجود النقل للنص ( 2 ) عليهم ، وإلا خرج الحق عن امة محمد صلى الله عليه وآله وذلك فاسد .
مع أن القرآن دليل ( 3 ) على ما ذكرناه ، وهو أن الله سبحانه قال : ( ليس البر
أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة
والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل و
السائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين
في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون ( 4 ) ) فجمع
الله تبارك وتعالى هذه الخصال كلها ثم شهد لمن كملت فيه بالصدق والتقى على الاطلاق ،
فكان مفهوم معنى الآيتين الاولى وهذه الثانية أن اتبعو الصادقين الذين باجتماع هذه
الخصال التى عددنا ها فيهم استحقوا بالاطلاق اسم ( الصادقين ) ، ولم نجد أحدا من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله اجتمعت فيه هذه الخصال إلا أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
فوجب أنه الذي عناه الله سبحانه بالآية وأمر فيها باتباعه ، والكون معه فيما يقتضيه
الدين ، وذلك أنه ذكر الايمان به جل اسمه واليوم الآخر والملائكة والكتاب و
النبين ، وكان أميرالمؤمنين عليه السلام أول الناس إيمانا به وبما وصف ( 5 ) بالاخبار المتواترة
_________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : عمن ادعوا .
( 2 ) في المصدر : بالنص .
( 3 ) في المصدر : مع أن في القرآن دليلا .
( 4 ) البقرة : 177 .
( 5 ) اى اليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين .