[191]

عليه السلام " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " .
وروى في كتاب منقبة المطهرين عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجاجا ، حتى إذا كنا بالجحفة بغدير خم صلى الظهر ثم قام خطيبا فينا فقال : أيها الناس هل تسمعون ؟ إني رسول الله إليكم إني اوشك أن ادعى وإني مسؤول وإنكم مسؤولون ، إني مسؤول : هل بلغتكم ؟ وأنتم مسؤولون : هل بلغتم ؟ فماذا أنتم قائلون ؟ قال : يا رسول الله بلغت وجهدت ، قال : اللهم اشهدو أنا من الشاهدين ، ألا هل تسمعون ؟ إني رسول الله إليكم وإني مخلف فيكم الثقلين ، فانظروا كيف تخلفون فيهما ، قال : قلنا : يا رسول الله وما الثقلان ؟ قال : الثقل الاكبر كتاب الله سبب بيدي الله وسبب بأيديكم ، فتمسكوا به لن تهلكوا أو تضلوا ، والآخر عترتي وإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
قال أبونعيم : رواه عن أبي الطفيل من التابعين حبيب بن أبي ثابت وسلمة بن كهيل ، ومن الاعلام حكيم بن جبير ووهب الهناني ، ورواه عن زيد بن أرقم بن حيان وعلي بن ربيعة ويحيى بن جعدة وأبوالضحى ابن امرأة زيد بن أرقم ، ورواه غير من الصحابة علي بن أبي طالب وعبدالله بن عمر والبراء بن عازب وجابر بن عبدالله وحذيفة بن اسيد وأبو سعيد الخدري ( 1 ) .
75 - يف : وروى الخوارزمي في مناقبه عن عبدالملك بن علي الهمداني ، عن محمد بن الحسين البزاز ، عن محمد بن محمد بن عبدالعزيز ( 2 ) ، عن هلال بن جعفر ، عن محمد بن عمر الحافظ ، عن علي بن موسى الخزاز ، عن الحسن بن علي الهاشمي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن أبي مريم ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن عبدالرحمان بن أبي ليلى قال : قال أبي : دفع النبي صلى الله عليه وآله الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ففتح الله تعالى عليه ، ووقفه يوم غدير ( 3 ) فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة ، وقال له : أنت مني وأنا منك ، وقال له : تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وقال له : أنت مني

___________________________________________________________
( 1 ) مخطوط .
( 2 ) في مناقب الخوارزمى : عن محمد بن عبدالعزيز ، عن هلال بن محمد بن جعفر .
( 3 ) : ففتح الله تعالى على يده ، وأوقفه يوم غدير خم .

[192]

بمنزلة هارون من موسى ، أنا لمن سالمت ( 1 ) وحرب لمن حاربت ، وقال له : أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم ( 2 ) بعدي ، وقال : أنت العروة الوثقى ( 3 ) ، وقال له : أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة وولي كل مؤمنة بعدي ، وقال : أنت الذي أنزل الله فيه ( 4 ) " وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ( 5 ) " وقال له : أنت الآخذ بسنتي والذاب عن ملتي ، وقال له ، أنا أول من تنشق عنه الارض وأنت معي ، وقال له : أنا عند الحوض وأنت معي ، والحديث طويل إلى أن قال له : أنا أول من يدخل الجنة وأنت معي ، وبعدي الحسن ( 6 ) والحسين وفاطمة - عليهم السلام - وقال له : إن الله قد أوحى إلي بأن أقوم بفضلك ، فقمت به في الناس وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه ، وقال له : اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي ، اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون .
ثم بكى صلوات الله عليه ، فقيل : مم بكاؤك يا رسول الله ؟ قال : أخبرني جبرئيل أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ، ويقاتلونه ويقتلون ولده ، ويظلمونهم بعده ، وأخبرني جبرئيل أن ذلك يزول ( 7 ) إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الامة على محبتهم ، وكان الشانئ ( 8 ) لهم قليلا والكاره لهم ذليلا ، وكثر المادح لهم ، وذلك حين تغير البلاد وضعف العباد واليأس من الفرج ، فعند ذلك يظهر القائم فيهم ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اسمه كاسمي وهو من ولد ابنتي فاطمة ، يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم ، ويتبعهم الناس : راغب إليهم وخائف لهم ( 9 ) ؟ قال : وسكن البكاء عن النبي صلى الله عليه وآله فقال : معاشر المؤمنين أبشروا بالفرج فإن وعد الله لا يخلف وقضاءه لا يرد وهو الحكيم الخبير ، وإن فتح الله

___________________________________________________________
( 1 ) في مناقب الخوارزمى : وقال له : أنا سلم من سالمت .
( 2 ) : ما يشتبه عليهم .
وفيه تقديم وتأخير بين هذه الجملة وتاليها .
( 3 ) : انت العروة الوثقى التى لا انفصام لها .
( 4 ) : وقال له انت الذى انزل الله فيك اه .
( 5 ) سورة التوبة : 3 .
( 6 ) في المناقب : وانت معى تدخلها والحسن اه .
( 7 ) في المناقب : وأخبرنى جبرئيل عن الله عزوجل أن ذلك الظلم يزول اه .
( 8 ) شنأ الرجل : أبغضه مع عدواة وسوء خلق .
( 9 ) كذا في النسخ ، والظاهر : راغبا إليهم وخائفا لهم .

[193]

قريب ، اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللهم اكلاهم ( 1 ) وراعهم وكن لهم وانصرهم ، وأعزهم ولا تذلهم ، واخلفني فيهم إنك على ما تشاء قدير ( 2 ) .
76 - فر : أبوالقاسم العلوي معنعنا عن عمار بن ياسر قال : كنت عند أبي ذر الغفاري في مجلس ابن عباس رضي الله عنه وعليه فسطاط وهو يحدث الناس ، إذ قام أبوذر حتى ضرب بيده إلى عمود الفسطاط ( 3 ) ، ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لا يعرفني فقد أنبأته باسمي ، أنا جندب بن جنادة أبوذر الغفاري ، سألتكم بحق الله وحق رسوله أسمعتم من رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول : ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا الهجة ( 4 ) أصدق من أبي ذر ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أفتعلمون أيها الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمعنا يوم غدير خم ألف وثلاثمائة رجل وجمعنا يوم سمرات ( 5 ) خمس مائة رجل كل ذلك يقول : الله من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، فقام رجل وقال : بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، فلما سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان اتكأ على مغيرة ابن شعبة وقام وهو يقول : لا نقر لعلي بولاية ولا نصدق محمدا في مقالة ، فأنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله " فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى * أولى لك فأولى " تهددا من الله تعالى وانتهارا ؟ فقالوا : اللهم نعم ( 6 ) .
77 - فر : إسحاق بن محمد بن القاسم بن صالح بن خالد الهاشمي معنعنا عن حذيفة بن اليمان [ قال : ] قال : كنت والله جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نزل بنا غدير خم وقد غص المجلس ( 7 ) بالمهاجرين والانصار ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله على قدميه وقال : أيها الناس إن الله أمرني بأمر فقال : " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك

___________________________________________________________
( 1 ) كلا الله فلانا : حرسه وحفظه .
( 2 ) لم نجده في الطرائف المطبوع ، لكنه موجود في مناقب الخوارزمى : 35 و 36 .
( 3 ) في المصدر : على عمود الفسطاط .
( 4 ) : على ذى لهجة .
( 5 ) جمع السمرة : شجر .
والمراد منه بيعة الشجرة .
( 6 ) تفسير فرات : 195 .
والايات في سورة القيامة : 31 - 34 .
( 7 ) غص المكان بهم : امتلا وضاق عليهم .

[194]

وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " فقلت لصاحبي جبرئيل : يا خليلي إن قريشا قالوا لي كذا وكذا ، فإن الخبر من ربي ( 1 ) ، فقال : " والله يعصمك من الناس " ثم نادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأقامه عن يمينه ثم قال : أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم ؟ قالوا : اللهم بلى ، قال : أيها الناس من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، فقال رجل من عرض المسجد ، يا رسول الله ما تأويل هذا ؟ فقال : من كنت نبيه فهذا علي أميره ، وقال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، فقال حذيفة : فوالله لقد رأيت معاوية حتى قام فتمطى ( 2 ) فخرج مغضبا ، واضعا يمينه على عبدالله بن قيس الاشعري ويساره على مغيرة بن شعبة ثم قام يمشي متمطيا وهو يقول : لا نصدق محمد على مقالته ولا نقر لعلي بولايته ، فأنزل الله على أثر كلامه " فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى * أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى " فهم به رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرده ويقتله ، ثم قال جبرئيل ( 3 ) : " لا تحرك به لسانك لتعجل به " فسكت النبي صلى الله عليه وآله ( 4 ) .
بيان : قال البيضاوي : يتمطى أي يتبختر افتخارا بذلك ، من المط ، لان المتبختر يمد خطاه ( 5 ) ، فيكون أصله يتمطط ، أو من المطا وهو الظهر فإنه يلويه " أولى لك فأولى " من الولي ( 6 ) ، وأصله : أولاك الله ما تكرهه واللام مزيدة كما في " ردف لكم ( 7 ) " أو أولى لك الهلاك ، وقيل : أفعل من الويل بعد القلب كأدنى من دون ( 8 ) أو فعلى من آل يؤول بمعنى عقباك النار ( 9 ) " ثم أولى لك فأولى " أي يتكرر ذلك عليه مرة بعد

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فأتى الخبر من ربى .
( 2 ) : حتى قام يتمطى .
( 3 ) : ان يرده فيقتله فقال جبرئيل .
( 4 ) تفسير فرات : 195 و 196 .
( 5 ) جمع الخطوة : ما بين القدمين عند المشى .
( 6 ) في المصدر : " اولى لك فأولى " ويل لك ، من الوى اه .
( 7 ) سورة النمل : 72 .
( 8 ) في المصدر : من أدون .
( 9 ) : عقابك النار .

[195]

اخرى ( 1 ) .
78 - أقول : في كتاب سليم بن قيس الهلالي أن أبان بن أبي عياش روى عن سليم قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس بغدير خم فأمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم ، وكان ذلك يوم الخميس ، ثم دعا الناس إليه وأخذ بضبع علي بن أبي طالب فرفعها حتى نظرت إلى بياض إبط رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، قال أبوسعيد : فلم ينزل حتى نزلت هذه الآية : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وبولاية في علي عليه السلام من بعدي ، فقال حسان بن ثابت : يا رسول الله أتأذن لي ( 2 ) لاقول في علي عليه السلام أبياتا ؟ فقال صلى الله عليه وآله : قل على بركة الله ، فقال حسان : يا مشيخة قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله صلى الله عليه وآله : ألم تعلموا أن النبي محمدا * لدى دوح خم حين قام مناديا وقد جاءه جبريل من عند ربه * بأنك معصوم فلا تك وانيا ( 3 ) وبلغهم ما أنزل الله ربهم * وإن أنت لم تفعل وحاذرت باغيا عليك فما بلغتهم عن إلههم * رسالته إن كنت تخشى الاعاديا فقام به إذ ذاك رافع كفه * بيمنى يديه معلن الصوت عاليا فقال لهم : من كنت مولاه منكم * وكان لقولي حافظا ليس ناسيا فمولاه من بعدي علي وإنني * به لكم دون البرية راضيا فيارب من والى عليا فواله * وكن للذي عادى عليا معاديا ويارب فانصر ناصريه لنصرهم * إمام الهدى كالبدر يجلو الدياجيا ( 4 )

___________________________________________________________
( 1 ) تفسير البيضاوى 2 : 246 .
( 2 ) في المصدر و ( م ) ائذن لى .
( 3 ) ونى الرجل : فتر وضعف .
( 4 ) الدياجى : الظلمات .

[196]

ويا رب فاخذل خاذليه وكن لهم * إذا وقفوا يوم الحساب مكافيا ( 1 ) 79 - مد : ابن المغالي عن محمد بن أحمد بن عثمان يرفعه إلى حبة العرني وعبد خير وعمرو ذي مر قالوا : سمعنا علي بن أبي طالب عليه السلام ينشد الناس في الرحبة بذكر يوم الغدير ( 2 ) ، فقام اثنا عشر رجلا من أهل بدر منهم زيد بن أرقم فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .
وروى أيضا عن محمد بن الحسين بن عبدالرحمان الاصفهاني يرفعه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .
وروى عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن محمد العدل ، عن الحارثي ( 3 ) ، عن الصوفي ، عن إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي ، عن شاذان ، عن عمران بن مسلم ، عن سويد بن أبي صالح ، عن أبيه عن أبي هريرة ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه .
وروى أيضا عن محمد بن أحمد بن عثمان ، يرفعه عن الاعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، عنه صلى الله عليه وآله مثله .
وروى أيضا عن علي بن عمرو بن شوذب ، عن أبيه عن محمد بن الحسين الزعفراني ، عن أحمد بن يحيى بن عبدالحميد ، عن إسرائيل ، عن الحكم بن أبي سليمان ، عن زيد بن أرقم ، نشد علي الناس في المسجد فقال : أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وكنت أنا ( 4 ) فيمن كتم ! فذهب بصري .
وروى عن أحمد بن محمد بن طاوان ، عن الحسين بن محمد العلوي يرفعه إلى الاعمش ، عن سعيد بن عبيدة ، عن ابن بريدة ( 5 ) ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من كنت

___________________________________________________________
( 1 ) كتاب سليم بن قيس : 152 .
( 2 ) في المصدر : يذكر يوم الغدير .
( 3 ) : عن الحوارى .
( 4 ) : فكنت أنا .
( 5 ) : عن سعد بن عبيدة ، عن ابى بريدة .

[197]

وليه فعلي وليه ( 1 ) .
أقول : روى من طريق ابن المغازلي عن زيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري وبريدة الاسلمي وابن أبي أوفى وابن عباس مثل ما مر في رواية السيد بن طاوس وغيره ، وروى أيضا ما رواه السيد وغيره من مسند أحمد بن حنبل والثعلبي وغيرهما مرسلا بأسانيدها تركناها حذرا من التكرار .
80 - أقول : وروى أيضا في المستدرك من كتاب حلية الاولياء لابي نعيم بإسناده إلى عميرة بن سعد قال : شهدت عليا عليه السلام على المنبر ناشد أصحاب رسول الله وفيهم أبوسعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك وهم حول المنبر وعلي عليه السلام على المنبر وحول المنبر اثنا عشر هو منهم ، فقال علي عليه السلام : أنشدكم بالله هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ قالوا : اللهم نعم ، وقعد رجل هو أنس بن مالك فقال : ما منعك أن تقوم ؟ قال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت ! فقال : اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببلاء ، قال : فما مات حتى رأيت بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة ، قال أبونعيم : ورواه أيضا ابن عائشة عن إسماعيل [ مثله ] .
قال : ورواه أيضا الاجلح وهانئ بن أيوب عن طلحة بن مصرف ( 2 ) .
81 - ومن كتاب الانساب لاحمد بن يحيى بن جابر البلاذري في الجزء الاول في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال علي عليه السلام على المنبر : أنشدت الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه إلا قام فشهد ، وتحت المنبر أنس بن مالك والبراء بن عازب وجرير بن عبدالله البجلي ، فأعادها فلم يجبه أحد ! فقال : اللهم من كتم هذه الشهادة وهو يعرفها فلا تخرجها من الدنيا حتى تجعل به آية
-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 197 سطر 19 الى ص 205 سطر 18 يعرف بها ، قال : فبرص أنس وعمي البراء ورجع جريرا أعرابيا بعد هجرته ، فأتى الشراة فمات في بيت امه ( 3 ) .
82 - وذكر السمعاني في كتاب فضائل الصحابة بإسناده عن زيد بن أرقم أن رجلا

___________________________________________________________
( 1 ) العمدة : 53 و 54 .
( 2 ) مخطوط .
( 3 ) مخطوط .
والشراة جبل شامخ مرتفع من دون عسفان ، تأويه القرود لبنى ليث ، عن يسار عسفان ، وبه عقبة تذهب إلى ناحية الحجاز لمن سلك عسفان ( مراصد الاطلاع 2 : 788 ) .

[198]

أتاه يسأله عن عثمان وعلي عليه السلام فقال : أما عثمان فيرجئ أمره إلى الله ، وأما علي عليه السلام فإنا قد أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزاة حنين فنزلنا الغدير غدير خم ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله فأخذ بيد علي حتى أشخصها ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه .
83 - وبإسناده عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع حتى إذا كنا بغدير خم نودي فينا أن الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله تحت شجرتين ، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فإن هذا مولى من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .
قال : فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
84 - وبإسناده عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وآله قال : من كنت مولاه فعلي مولاه .
85 - وبإسناده عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لعمر : إن تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من صحابة رسول الله ، قال : لانه مولاي ، انتهى ( 1 ) .
أقول : وروى ابن الاثير في جامع الاصول من صحيح الترمذي عن زيد بن أرقم أو أبي سريحة ( 2 ) - الشك من شعبة - أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ( 3 ) .
وروى البغوي في المصابيح والبيضاوي عن أحمد والترمذي بإسنادهما عن زيد ابن أرقم مثله .
ورويا عن أحمد بإسناده عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وآله لما نزل بغدير خم أخذ بيد علي عليه السلام فقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى ، فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له :

___________________________________________________________
( 1 ) مخطوط .
( 2 ) تقديم ترجمته قبيل هذا .
( 3 ) أورده في التيسير عن زيد بن أرقم 3 : 237 .

[199]

هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة .
أقول : وقال ابن حجر العسقلاني في المجلد السادس من كتاب فتح الباري في شرح باب فضائل أمير المؤمنين من صحيح البخاري : وأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فقد أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان انتهى ( 1 ) .
وقال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبدالله قال : لما بلغ عليا عليه السلام أن الناس يتهمونه فيما يذكره من تقديم النبي صلى الله عليه وآله وتفضيله على الناس قال : أنشد الله من بقي ممن لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسمع مقالته ( 2 ) في يوم غدير خم إلا قام فشهد بما سمع ، فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا : سمعناه يقول ( 3 ) ذلك اليوم وهو رافع بيدي علي : من كنت مولاه فهذا مولاه ( 4 ) ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه ( 5 ) .
وقال في موضع آخر : روى سفيان الثوري عن عبدالرحمان بن القاسم ، عن عمر بن عبدالغفار أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس إليه ، ( 6 ) فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه فقال : يا أبا هريرة أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن أبي طالب : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ؟ قال : اللهم نعم ، قال : فأشهد بالله أن قد واليت عدوه وعاديت وليه ! ثم قام عنه ( 7 ) .
وقال في موضع آخر : ذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدة من الصحابة

___________________________________________________________
( 1 ) فتح البارى 7 : 61 .
( 2 ) في المصدر : وسمع مقاله .
( 3 ) : وستة ممن على شماله من الصحابة ايضا فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول اه .
( 4 ) في المصدر : فهذا على مولاه .
( 5 ) شرح النهج لابن ابى الحديد 1 : 254 .
( 6 ) في المصدر : ويجلس الناس إليه .
( 7 ) شرح النهج لابن ابن الحديد 1 : 469 .

[200]

والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن علي عليه السلام قائلين فيه السوء ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة ، فمنهم أنس بن مالك ناشد علي الناس في رحبة القصر - أو قال : رحبة الجامع - ( 1 ) بالكوفة : أيكم سمع رسول الله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها ، وأنس بن مالك لم يقم ( 2 ) ! فقال له : يا أنس ما يمنعك أن تقوم فتشهد فلقد حضرتها ؟ فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت فقال : اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة ، قال طلحة بن عمير : فوالله لقد رأيت الوضح ( 3 ) به بعد ذلك أبيض بين عينيه .
وروى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : آليت ( 4 ) أن لا أكتم حديثا سئلت عنه في علي عليه السلام بعد يوم الرحبة ، ذاك رأس المتقين يوم القيامة ، سمعته والله من نبيكم .
وروى أبوإسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن أن عليا عليه السلام نشد الناس : مع سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فشهد له قوم وأمسك زيد بن أرقم فلم يشهد ، وكان يعلمها ، فدعا عليه علي عليه السلام بذهاب البصر فعمي ، فكان يحدث الناس بالحديث بعد ما كف بصره ( 5 ) .
وقال في موضع آخر : قال عليه السلام يوم الشورى : أفيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فهذا مولاه غيري ؟ قالوا : لا ( 6 ) .
وقال : في موضع آخر : المشهور أن عليا عليه السلام ناشد الناس في الرحبة بالكوفة فقال : أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي : وهو منصرف من حجة الوداع : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، فقام رجال فشهدوا بذلك ،

___________________________________________________________
( 1 ) الرحبة - بالفتح - هو الموضع المتسع بين افنية البيوت .
( 2 ) في المصدر : وانس بن مالك في القوم ولم يقم .
( 3 ) الوضح : البرص .
( 4 ) في المصدر : انى آليت .
( 5 ) شرح النهج لابن ابى الحديد 1 : 472 .
( 6 ) : 2 .
96 .