[ 81 ]
وروي عن علي عليه السلام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن الله تبارك وتعالى
خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد .
وعن حذيفة بن اليمان قال : دخلت عائشة على النبي صلى الله عليه وآله وهو يقبل فاطمة
صلوات الله عليها ، فقالت ( 1 ) : يا رسول الله أتقبلها وهي ذات بعل ؟ فقال لها : أما والله
لو علمت ودي لها إذا لازددت لها ودا ( 2 ) ، وأنه لما عرج بي إلى السماء فصرت إلى السماء
الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل ، ثم قال لي : ادن ، فقلت : أدنو وأنت بحضرتي ؟
فقال لي : نعم إن الله فضل أنبياءه المرسيلن على ملائكته المقربين ، وفضلك أنت خاصة ،
فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة ، فلما صليت وصرت إلى السماء السادسة إذا أنا
بملك من نور على سرير من نور ، عن يمينه صف من الملائكة وعن يساره صف من
الملائكة ، فسلمت فرد علي السلام وهو متكئ ، فأوحى الله عزوجل إليه : أيها
الملك سلم عليك حبيبى وخيرتي من خلقي فرددت السلام عليه وأنت متكئ ؟ وعزتي
وجلالي لتقومن ولتسلمن عليه ولا تقعد ( 3 ) إلى يوم القيامة ، فوثب الملك ( 4 ) وهو
يعانقني ويقول : ما أكرمك على رب العالمين يا محمد ! فلما صرت إلى الحجب نوديت
" آمن الرسول بما انزل إليه " فالهمت فقلت : " والمؤمنون كل آمن بالله وكتبه
ورسله " ثم أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي وأدخلني الجنة ( 5 ) وأنا مسرور ، فإذا
أنا بشجرة من نور مكللة بالنور ، وفي أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم
القيامة ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بقصر من لؤلؤة بيضاء لا صدع فيها ولا وصل ( 6 ) ، فقلت :
حبيبي ( 7 ) لمن هذا القصر ؟ قال : لابنك الحسن ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح
لم أر تفاحا أعظم منه ، فأخذت تفاحة ففلقتها ، فإذا أنا بحوراء كأن أجفانها مقاديم أجنحة
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فقالت له .
( 2 ) : لازددت لها حبا .
( 3 ) : ولا تقعدن .
( 4 ) وثب : نهض وقام .
( 5 ) في المصدر : فأدخلنى الجنة .
( 6 ) الصدع : الشق .
والوصل بضم الواو وكسرها : كل عضو على حدة .
( 7 ) في المصدر : حبيبى جبرئيل .
[ 82 ]
النسور ، ( 1 ) فقلت لها : لمن أنت ؟ فبكت ثم قالت : أنا لابنك المقتول ظلما الحسين بن
علي ، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد الزلال وأحلى من العسل ،
فأكلت رطبة منها وأنا أشتهيها ، فتحولت الرطبة نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الارض
واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية ، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة
شممت رائحة ابنتي فاطمة - صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها - ، ومنه عن ابن عباس
مثله ، وفيه زيادة يتعلق بفضل أمير المؤمنين عليه السلام ، وفيه : فقلت : لمن هذه الشجرة ؟ فقال :
لاخيك علي بن أبي طالب ، وهذان الملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة ،
وليس فيه ذكر الحسن والحسين عليهما السلام .
وفيه : فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت .
وفيه
قبل هذا : فصليت بأهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني ، فإذا أنا بإبراهيم في روضة
من رياض الجنة ، قد اكتنفه جماعة من الملائكة .
وفيه : فنوديت في السادسة : يا محمد نعم
الاب أبوك إبراهيم ونعم الاخ أخوك علي ( 2 ) .
فر : محمد بن زيد الثقفي ، عن أبي نصر بن أبي مسعود ( 3 ) الاصفهاني ، عن جعفر
بن أحمد ، عن الحسن بن إسماعيل ، عن علي بن محمد الكوفي ، عن موسى بن عبدالله
الموصلي ، عن أبي فزارة ، عن حذيفة مثله ( 4 ) .
50 - بشا : يحيى بن محمد الجواني ، عن الحسن بن علي الداعي ، عن جعفر بن
محمد الحسيني ، عن محمد بن عبدالله الحافظ ، عن أحمد بن محمد التميمي ، عن المنذر بن محمد
اللخمي ، عن أبيه ، عن عمه ، عن أبيه ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن
أرقم قال : إني لعند النبي صلى الله عليه وآله أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال رسول
الله : أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم ( 5 ) .
51 - كنز : من كتاب مصباح الانوار لشيخ الطائفة بإسناده عن أنس بن مالك
___________________________________________________________
( 1 ) جمع النسر بتثليث النون والفتح أشهر وأفصح طائر من أشد الطيور وارفعها طيرانا
وأقوانا جناحا .
( 2 ) كشف الغمة : 137 و 138 .
( 3 ) محمود خ ل .
( 4 ) تفسير فرات : 10 .
( 5 ) بشارة المصطفى : 143 .
[ 83 ]
قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الايام صلاة الفجر ثم أقبل علينا بوجهه الكريم
فقلت له : يا رسول الله إن رأيت أن تفسر لنا قوله تعالى : " فاولئك مع الذين أنعم الله
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ( 1 ) " فقال صلى الله عليه وآله :
أما النبيون فأنا وأما الصديقون فأخي علي ، وأما الشهداء فعمي حمزة ، وأما الصالحون
فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين قال : وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة ( 2 )
واحدة ؟ قال : وما ذاك يا عم ؟ قال : لانك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين
دوننا ، قال : فتبسم النبي وقال : أما قولك يا عم : ألسنا من نبعة واحدة فصدقت ، ولكن
يا عم إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم عليه السلام حين
لاسماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار .
فقال العباس وكيف كان بدؤ خلقكم يا رسول الله ؟ فقال : يا عم لما أراد الله أن
يخلقنا تكم بكلمة خلق منها نورا ، ثم تكلم بكلمة اخرى فخلق منها روحا ، ثم مزج
النور بالروح ، فخلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فكنا نسبحه
حين لا تسبيح ونقدسه حين لا تقديس فلما أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة فتق نوري
فخلق منه العرش ، فالعرش ، فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش ،
ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة ، فالملائكة من نور من أخي علي ونور علي
من نور الله وعلي أفضل من الملائكة ، ثم فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات
والارض ، فالسماوات والارض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله تعالى
وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والارض ، ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس
والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور ولدي الحسن من نور الله والحسن أفضل
من الشمس والقمر ، ثم فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنة والحور العين ، فالجنة
والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي الحسين من نور الله فولدي الحسين أفضل
من الجنة والحور العين .
___________________________________________________________
( 1 ) سورة النساء : 69 .
( 2 ) النبعة : الاصل .
[ 84 ]
ثم أمر الله الظلمات أن تمر على سحائب النظر ( 1 ) ، فأظلمت السماوات على
الملائكة ، فضجت الملائكة بالتقديس والتسبيح وقالت : إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا
وعرفتنا هذه الاشباح لم نر بأسا ، فبحق هذه الاشباح إلا ما كشف عنا هذه الظلمة ،
فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش ، فأزهرت السماوات
والارض ، ثم أشرقت بنورها ، فلاجل ذلك سميت الزهراء ، فقالت الملائكة : إلهنا
وسيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي قد أشرقت به السماوات والارض ؟ فأوحى الله إليها :
هذا نور اخترعته من نور جلالي لامتي فاطمة ابنة حبيبي وزوجة وليي وأخي نبيي
وأبوحججي على عبادي في بلادي ، اشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم
وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة ، قال : فلما سمع العباس
من رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وثب وقبل بين عيني علي وقال : والله يا علي أنت الحجة
البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر ( 2 ) .
52 - بشا : بالاسناد إلى الصدوق عن الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر
بن سلمة ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن إبراهيم بن موسى ابن اخت الواقدي ، عن أبي
قتادة الحراني ، عن عبدالرحمان بن العلاء الحضرمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن
عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان جالسا يوما ( 3 ) وعنده علي وفاطمة والحسن
والحسين عليهم السلام فقال : اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي
فأحب ( 4 ) من يحبهم ، وأبغض من يبغضهم ، ووال من والاهم ، وعاد من عاداهم ، وأعن
من أعانهم ، واجعلهم مطهرين من كل رجس ، معصومين من كل ذنب ، وأيدهم بروح
القدس منك .
ثم قال : يا علي أنت إمام امتي وخليفتي عليها بعدي ، وأنت قائد المؤمنين إلى
الجنة ، وكأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور ، عن
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في النسخ ، وفى البرهان : أن تمر بسحائب الظلم .
( 2 ) مخطوط ، وأورده في البرهان 1 : 392 و 393 .
( 3 ) في المصدر : ذات يوم .
( 4 ) : فأحبب .
[ 85 ]
يمينها سبعون ألف ملك وعن شمالها سبعون ألف ملك ، وبين يديها سبعون ألف ملك ،
وخلفها سبعون ألف ملك ، تقود مؤمنات امتي إلى الجنة ، فأيما امرأة صلت في اليوم
والليلة خمسة صلوات وصامت شهر رمضان وحجت بيت الله الحرام وزكت مالها وأطاعت
زوجها ووالت عليا بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة ، وإنها سيدة ( 1 ) نساء
العالمين فقيل : يا رسول الله هي ( 2 ) سيدة نساء عالهما ؟ فقال : ذاك لمريم بنت عمران ،
فأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين ، وإنها لتقوم في
محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين ، وينادونها بما نادت به
الملائكة ( 3 ) مريم فيقولون : يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين .
ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال : يا علي إن فاطمة بضعة مني ونور عيني ( 4 )
وثمرة فؤادي ، يسؤوني ما ساءها ويسرني ما سرها إنها أول من تحلقني ( 5 ) من أهل
بيتي فأحسن إليها بعدي ، وأما الحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي وهما سيدا
شباب أهل الجنة ، فليكونا عليك كسمعك وبصرك ، ثم رفع يديه إلى السماء فقال :
اللهم إني اشهدك أني محب لمن أحبهم ، مبغض لمن أبغضهم ، سلم لمن سالمهم ، وحرب
-بحار الانوار مجلد: 33 من ص 85 سطر 14 الى ص 93 سطر 14
لمن حاربهم ، وعدو لمن عاداهم ، وولي لمن والاهم ( 6 ) .
53 - كنز : روى الحافظ أبونعيم عن رجاله عن أبي هريرة قال : قال علي بن
أبي طالب عليه السلام : يا رسول الله أيما أحب إليك أنا أم فاطمة ؟ قال صلى الله عليه وآله : فاطمة أحب
إلي منك وأنت أعز علي منها ، فكأني بك وأنت على حوضي تذود ( 7 ) عنه الناس ،
وإن عليه أباريق عدد نجوم السماء ، وأنت والحسن والحسين وحمزة وجعفر في الجنة
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : لسيدة .
( 2 ) : أهى .
( 3 ) : الملائكة المقربون .
( 4 ) : وهى نور عينى .
( 5 ) : وإنها اول لحوق يلحقنى ا ه .
( 6 ) بشارة المصطفى : 218 و 219 .
( 7 ) ذاده : دفعه وطرده .
[ 86 ]
إخوانا على سرر متقابلين ، وأنت معي وشيعتك ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية
" ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين " ( 1 ) .
54 - اقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي : عن أبان بن أبي عياش
عنه قال : حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام وسلما وأبوذر والمقداد ، وحدثني ابو
الجحاف ( 2 ) داود بن أبي عوف العوفي يروي عن أبي سعيد الخدري قال : دخل رسول
الله صلى الله عليه وآله على ابنته فاطمة عليها السلام وهي توقد تحت قدر لها تطبخ طعاما لاهلها ، وعلي
عليه السلام في ناحية البيت نائم والحسن والحسين عليهما السلام نائمان إلى جنبه ، فقعد رسول الله
صلى الله عليه وآله مع ابنته يحدثها - وفي رواية اخرى مع فاطمة يحدثها - وهي توقد تحت
قدرها ليس لها خادم ، فإذا استيقظ الحسن عليه السلام فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا أبت
اسقني - وفي رواية اخرى يا جداه اسقني - فأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قام إلى نعجة ( 3 )
كانت له فاحتلبها بيده ، ثم جاء به ( 4 ) وعلى اللبن رغوة ( 5 ) ليناوله الحسن فاستيقظ
الحسين عليه السلام فقال : يا أبت اسقني ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا بني أخوك وهو أكبر منك
قد استسقاني ( 6 ) ، فقال الحسين عليه السلام : اسقني قبله ، فجعل رسول الله يلين له ويطلب
إليه ( 7 ) أن يدع أخاه يشرب ، والحسين يأبى ، فقالت فاطمة عليها السلام : يا أبت كأن
الحسن أحبهما إليك ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ما هو بأحبهما إلي وإنهما عندي لسواء ، غير أن
الحسن استسقاني أول مرة ، وإني وإياك وإياهما وهذا الراقد في الجنة لفي
منزل واحد ودرجة واحدة ، قال : وعلي عليه السلام نائم لا يدري بشئ من ذلك .
قال : ومر بهما رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وهما يلعبان ، فأخذهما رسول الله
صلى الله عليه وآله فاحتملهما ووضع كل واحد منها على عاتقه ، فاستقبله رجل قال : وفي رواية
___________________________________________________________
( 1 ) الكنز مخطوط ، وأورده في البرهان 2 : 348 .
والاية في سورة الحجر : 47 .
( 2 ) بتقديم المعجمة على المهملة .
( 3 ) في المصدر : إلى لقحة .
وهى بكسر اللام وفتحها الناقة الحلوب الغزيرة اللبن .
( 4 ) : ثم جاء بالعلبة .
وهى بضم العين إناء ضخم من جلد أو خشب .
( 5 ) الرغوة من اللبن : ما عليه من الزبد .
( 6 ) في المصدر : وقد استسقاني .
( 7 ) : فجعل رسول الله يرغبه ( يقبله خ ل ) ويلين له ويطلب له .
[ 87 ]
اخرى فوضع أحدهما على منكبه الايمن والآخر على منكبه الايسر ثم أقبل بهما
فاستقبله أبوبكر ، فقال : لنعم الراحلة أنت ، وفي رواية اخرى : نعم المركب ركبتما يا
غلامين ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ونعم الراكبان هما ، إن هذين الغلامين ريحانتاي
من الدنيا ، قال : فلما أتى بهما منزل فاطمة أقبلا يصطرعان ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول : إيه يا حسن ( 1 ) ، فقالت فاطمة عليها السلام : يا رسول الله أتقول : إيه ياحسن وهو أكبر
منه ؟ فقال : هذا جبرئيل عليه السلام يقول : إيه يا حسين ( 2 ) ، فصرع الحسين الحسن .
قال : ونظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليهما يوما وقد أقبلا فقال : هذا والله سيدا شباب
أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما ، إن أخير الناس عندي وأحبهم إلي وأكرمهم علي
أبوكما ثم امكما ، وليس عند الله أحد أفضل مني ، وأخي ووزيري وخليفتي في امتي
وولي كل مؤمن بعدي علي بن أبي طالب ، ألا أنه خليلي ووزيري وصفيي وخليفتي
من بعدي ، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي ، فإذا هلك فابني الحسن من بعده ، فإذا
هلك فابني الحسين من بعده ، ثم الائمة من عقب الحسين - وفي رواية اخرى : ثم
الائمة التسعة من عقب الحسين - الهداة المهتدون .
هم مع الحق والحق معهم ،
لا يفارقونه ولا يفارقهم إلى يوم القيامة ، وهم زر الارض ( 3 ) الذين تسكن إليهم الارض ،
وهم حبل الله المتين ، وهم عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها ، وهم حجج الله في أرضه
وشهداؤه على خلقه ( 4 ) ومعادن حكمته ، وهم بمنزلة سفينة نوح من ركبها نجا ومن
تركها غرق ، وهم بمنزلة باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه
كان كافرا ، فرض الله في الكتاب طاعتهم وأمر فيه بولايتهم ، من أطاعهم أطاع الله ومن
عصاهم عصى الله .
قال : وكان الحسين عليه السلام يجئ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ساجد ، فيتخطا
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : هى يا حسن .
وكذا فيما يأتي .
( 2 ) : هى يا حسين .
( 3 ) في النهايه ( 2 : 124 ) : في حديث ابى ذر يصف عليا " وانه لعالم الارض وزوجها الذى
تسكن إليه " أى قوامها ، وأصله من زر القلب وهو عظيم صغير يكون قوام القلب به .
( 4 ) في المصدر بعد ذلك : وخزنة علمه .
[ 88 ]
الصفوف ( 1 ) حتى يأتي النبي فيركب ظهره ، فيقوم رسول الله صلى الله عليه وآله وقد وضع يده
على ظهر الحسين ويده الاخرى على ركبته حتى يفرغ من صلاته ، وكان الحسين يأتيه
وهو على المنبر يخطب ، فيصعد إليه فيركب على عاتق النبي صلى الله عليه وآله ويدلي رجليه على
صدره حتى يرى بريق خلخاله ورسول الله صلى الله عليه وآله يخطب ، فيمسكه كذلك حتى يفرغ
من خطبته ( 2 ) .
[ بيان : قال في النهاية : " إيه " كلمة يراد بها الاستزادة وهي مبنية على الكسر ،
فإذا وصلت نونت فقلت : إيه حدثنا ، وإذا قلت : إيها - بالنصب - فإنما تأمره بالسكوت ،
وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضى بالشئ .
( 3 ) ]
55 - لى : حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق
ومحمد بن أحمد السناني وعبدالله بن محمد الصائغ رضي الله عنهم ، قالوا : حدثنا أبوالعباس
أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا أبومحمد بكر بن عبدالله بن حبيب ،
قال : حدثني علي بن محمد ، قال : حدثنا الفضل بن عباس ، قال : حدثنا عبدالقدوس
الوراق ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن الاعمش ، وحدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد
المكتب ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب ،
قال : حدثني عبدالله بن يحيى محمد بن باطويه ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن الاعمش ،
وأخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي فيما كتب إلينا من إصبهان ، قال : حدثنا
أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري سنة ست وثمانين ومائتين ، قال : حدثنا الوليد بن
الفضل العنزي ، قال : حدثنا مندل بن علي العنزي ، عن الامش ، وحدثنا محمد بن
إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : حدثني أبوسعيد الحسن بن علي العدوي ، قال :
حدثنا علي بن عيسى الكوفي ، قال : حدثنا جرير بن عبدالحميد ، عن الاعمش ، وزاد
بعضهم على بعض في اللفظ وقال بعضهم مالم يقل بعض ، وسياق الحديث لمندل بن علي
___________________________________________________________
( 1 ) تخطاه : تجاوزه وسبقه .
( 2 ) كتاب سليم بن قيس الكوفى : 97 - 100 .
( 3 ) النهاية : 54 و 55 .
[ 89 ]
العنزي عن الاعمش قال : بعث إلي أبوجعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب ، قال :
فقمت متفكرا فيما بيني وبين نفسي وقلت : ما بعث إلى أمير المؤمنين في هذه الساعة
إلا ليسألني عن فضائل علي عليه السلام ولعلي إن أخبرته قتلني ، قال : فكتبت وصيتي
ولبست كفني ودخلت [ فيه ] عليه ( 1 ) ، فقال : ادن ، فدنوت وعنده عمرو بن عبيد ، فلما
رأيته طابت نفسي شيئا .
ثم قال : ادن ، فدنوت حتى كادت تمس ركبتي ركبته ، قال :
فوجد مني رائحة الحنوط فقال : والله لتصدقني أو لاصلبنك ، قلت : ما حاجتك يا
أمير المؤمنين ؟ قال : ما شأنك متحنطا ؟ قلت ، أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب ،
فقلت : عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إلي في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي
عليه السلام ، فلعلي إن أخبرته قتلني ، فكتبت وصيتي ولبست كفني ، قال : وكان متكئا
فاستوى قاعدا فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، سألتك بالله يا سليمان كم حديثا ترويه
في فضائل علي عليه السلام ؟ قال : فقلت : يسيرا يا أمير المؤمنين ، قال : كم ؟ قلت عشرة آلاف
حديث وما زاد ، فقال : يا سليمان والله لاحدثنك بحديث في فضائل علي عليه السلام تنسى
كل حديث سمعته ، قال : قلت : حدثني يا أمير المؤمنين ، قال : نعم كنت هاربا من بني
امية وكنت أتردد في البلدان فأتقرب إلى الناس بفضائل علي عليه السلام ، وكانوا يطعموني
ويزودوني حتى وردت بلاد الشام ، وإني لفي كساء خلق ما علي غيره ، فسمعت
الاقامة وأنا جائع فدخلت المسجد لاصلي وفي نفسي أن اكلم الناس في عشاء يعشوني ،
فلما سلم الامام دخل المسجد صبيان ، فالتفت الامام إليهما وقال : مرحبا بكما ومرحبا
بمن بمن اسمكما على اسمهما ، فكان إلى جنبي شاب فقلت : يا شاب ما الصبيان من الشيخ ؟
قال : هو جدهما ، وليس بالمدينة أحد يحب عليا غير هذا الشيخ ، فلذلك سمى أحدهما
الحسن والآخر الحسين ، فقمت فرحا فقلت للشيخ .
هل كل في حديث اقر به عينك ؟
فقال : إن أقررت عيني أقررت عينك .
قال : فقلت : حدثني والدي عن أبيه عن جده قال : كنا قعودا عند رسول الله
صلى الله عليه وآله إذ جاءت فاطمة عليها السلام تبكي ، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله : ما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت :
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ودخلت عليه .
[ 90 ]
يا أبت خرج الحسن والحسين فما أدري أين باتا ، فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله : يا فاطمة
لا تبكين فالله الذي خلقهما هو ألطف بهما منك ، ورفع النبي يده إلى السماء فقال :
اللهم إن كانا أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما ، فنزل جبرئيل من السماء فقال :
يا محمد إن الله يقرؤك السلام وهو يقول : لا تحزن ولا تغتم لهما فإنهما فاضلان في الدنيا
فاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما ( 1 ) ، هما نائمان في حظيرة بني النجار ، وقد وكل
الله بهما ملكا ، قال : فقام النبي صلى الله عليه وآله فرحا ومعه أصحابه حتى أتوا حظيرة بني النجار ،
فإذا هم بالحسن معانق للحسين ( 2 ) ، وإذا الملك الموكل بهما قد افترش أحد جناحيه
تحتهما وغطاهما بالآخر ، قال : فمكث النبي صلى الله عليه وآله يقبلهما حتى انتبها ، فلما
استيقظا حمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحمل جبرئيل الحسين ، فخرج من الحظيرة وهو يقول
والله لاشرفنكما كما شرفكم الله عزوجل .
فقال له أبوبكر : ناولني أحد الصبيين اخفف عنك ، فقال : يابا بكر نعم الحاملان
ونعم الراكبان ( 3 ) وأبوهما أفضل منهما ، فخرج ( 4 ) حتى أتى باب المسجد فقال : يا
بلال هلم علي بالناس ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وآله في المدينة فاجتمع الناس عند
رسول الله في المسجد ، فقام على قدميه فقال : يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس
جدا وجدة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الحسن والحسين فإن جدهما محمد وجدتهما
خديجة بنت خويلد ، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس أبا واما ؟ قالوا بلى
يا رسول الله ، قال : الحسن والحسين فإن أباهما ( 5 ) يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله وامهما فاطمة بنت رسول الله ، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس عما
وعمة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : الحسن والحسين فإن عمهما جعفر بن أبي طالب
الطيار في الجنة مع الملائكة وعمتهما ام هانى بنت أبي طالب ، يامعشر الناس ألا
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( م ) : وأبوهما أفضل منهما .
( 2 ) : : معانقا للحسين .
( 3 ) المحمولان خ ل .
( 4 ) في المصدر : فخرج منها .
( 5 ) : فان أباهما على اه .