[291]
في مضجعه أنتظر مجئ القوم إلي ، حتى دخلوا علي ، فلمااستوى بي وبهم البيت نهضت
إليهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الناس ،
فلما أصبح عليه السلام امتنع ببأسه وله عشرون سنة ، وأقام بمكة وحده مراغما
لاهلها ( 1 ) حتى أدى إلى كل ذي حق حقه .
محمد الواقدي وأبوالفرج النجدي وأبوالحسن البكري وإسحاق الطبراني أن
عليا عليه السلام لما عزم على الهجرة قال له العباس : إن محمدا ما خرج إلا خفياوقد طلبته
قريش أشد طلب ، وأنت تخرج جهارا في أثاث ( 2 ) وهوادج ومال ورجال ونساء تقطع بهم
السباسب ( 3 ) والشعاب من بين قبائل قريش ، ما أرى لك أن تمضي إلا في خفارة خزاعة ( 4 ) ،
فقال علي عليه السلام :
إن المنية شربة مورودة * لا تجزعن وشد للترحيل
إن ابن آمنة النبي محمدا * رجل صدوق قال عن جبريل
أرخ الزمام ولا تخف من عائق * فالله يرديهم عن التنكيل
إني بربي واثق وبأحمد * وسبيله متلاحق بسبيلي
قالوا : فكمن مهلع غلام حنظلة بن أبي سفيان في طريقه بالليل ، فلما رآه سل
سيفه ونهض إليه ، فصاح علي صيحة خر على وجهه ، وجلله بسيفه ، فلما أصبح توجه
نحو المدينة ، فلما شارف ضجنان ( 5 ) أدركه الطلب بثمانية فوارس ، وقالوا : يا غدر ظننت
أنك تاج بالنسوة ، القصة .
وكان الله تعالى قد فرض على الصحابة الهجرة وعلى علي عليه السلام المبيت ثم الهجرة ،
إنه تعالى ( 6 ) قد كان امتحنه بمثل ما امتحن به إبراهيم بإسماعيل وعبدالمطلب بعبدالله
___________________________________________________________
( 1 ) اى مغاضبا لاهلها .
( 2 ) في المصدر و ( د ) في اناث .
( 3 ) السبب : المفازة .
الارض البعيدة المستوية .
( 4 ) خفره : أجاره وحماه وامنه .
( 5 ) ضجنان بالتحريك جبل بتهامة .
وقيل : جبل على بريد من مكة .
( 6 ) في المصدر و ( د ) و ( ت ) ثم انه تعالى .
[292]
ثم إن التفدية كانت دأبه في الشعب ، فإن كان بات أبوبكر في الغار ثلاث ليال فإن
عليا عليه السلام بات على فراش النبي صلى الله عليه وآله في الشعب ثلاث سنين ، وفي رواية : أربع سنين .
العكبري في فضائل الصحابة والفنجكردي ( 1 ) في سلوة الشيعة أن عليا عليه السلام
قال :
وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر
محمد لما خاف أن يمكروا به * فوقاه ربي ذو الجلال من المكر
وبت اراعيهم وما يلبثونني ( 2 ) * وقد صبرت نفسي على القتل والاسر
وبات رسول الله في الغار آمنا * وذلك في حفظ الاله وفي ستر
أردت به نظر الاله تبتلا ( 3 ) * وأضمرته حتى اوسد في قبري
وكلما كانت المحنة أغلظ كان الاجر أعظم وأدل على شدة الاخلاص وقوة البصرة
والفارس يمكنه الكر والفر والروغان ( 4 ) والجولان والراجل قد ارتبط روحه وأوثق
نفسه وبدنه ( 5 ) محتسبا صابرا على مكروه الجراح وفراق المحبوب ، فكيف النائم على الفراش
بين الثياب والرياش ( 6 ) ؟ .
أقول : أوردنا أكثر أخبار هذا الباب في باب أنه نزل فيه عليه السلام ( ومن الناس
من يشري ) وفي باب الهجرة .
وقال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح قول أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : ( فلا
تبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الايمان والهجرة ( 7 ) ) فإن قيل : كيف
___________________________________________________________
( 1 ) هو الشيخ ابوالحسن على بن أحمد النيسابورى الاديب الفاضل ، جمع أشعار اميرالمؤمنين
عليه السلام ، توفى سنة 512 .
( 2 ) في المصدر : وما يلبثون بى .
وما يثبتون بى خ ل .
( 3 ) كذا في النسخ ، وفي المصدر : أردت به نصر الاله تبتلا .
( 4 ) راغ الرجل عن الطريق : حاد عنه وذهب هكذا وهكذا مكرا وخديعة .
( 5 ) في المصدر ( والحج بدنه ) أى ألجأه .
( 6 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 277 282 .
( 7 ) لعله اراد عليه السلام الهجرة من ذويه إلى ملازمة النبى صلى الله عليه وآله او أنه اول من
هاجر من المدينة إلى رسول الله ( ب ) .
[293]
قال : إنه سبق إلى الهجرة ومعلوم أن جماعة من المسلمين هاجروا قبله منهم عثمان بن
مظعون وغيره ، وقدهاجروا في صحبة النبي صلى الله عليه وآله ( 1 ) وتخلف علي عليه السلام فبات على
فراش رسول الله ومكث أياما يرد الودائع التي كانت عنده ثم هاجر بعد ذلك ؟ والجواب
أنه لم يقل ( وسبقت كل الناس ) وإنما قال ( وسبقت ) فقط ، ولا يدل ذلك على سبقه
للناس كافة ، ولا شبهة أنه سبق معظم المهاجرين إلى الهجرة ، ولم يهاجر قبله أحد إلا
نفر يسير جدا ، وأيضا فقد قلنا : إنه علل أفضليته وتحريم البراءة منه مع الاكراه
بمجموع امور ، منها ولادته على الفطرة ، ومنها سبقه إلى الايمان ، ومنها سبقه إلى الهجرة
وهذه الامور الثلاثة لم تجتمع لاحد غيره ، فكان بمجموعها متميزا عن كل أحد من
الناس ، وأيضا فإن اللام في الهجرة يجوز أن لا تكون للمعهود السابق بل تكون للجنس ،
وأميرالمؤمنين عليه السلام سبق أبابكر وغيره إلى الهجرة التي قبل هجرة المدينة ، فإن النبي
صلى الله عليه وآله هاجر من مكة مرارا يطوف على أحياء العرب ، وينتقل من أرض قوم
إلى غيرها ، وكان علي معه دون غيره ، أما هجرته إلى بني شيبان فما اختلف أحد من أهل
السيرة ان عليا كان معه وأبوبكر ، وأنهم غابوا عن مكة ثلاثا عشر يوما ، وعادوا إليها
لما لم يجدوا عند بني شيبان ما أرادوه من النصرة ، وروى المدائني في كتاب الامثال عن
المفضل الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرج عن مكة يعرض نفسه على قبائل العرب
خرج إلى ربيعة ومعه علي وأبوبكر ، فأما هجرته إلى الطائف فكان معه علي عليه السلام وزيد
ابن حارثة في رواية أبي الحسن المدائني ولم يكن معهم أبوبكر ، وأما رواية محمد بن إسحاق
فإنه قال : كان معه زيد بن حارثة وحده ، وغاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بني عامر بن صعصعة ( 2 )
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 293 سطر 19 الى ص 301 سطر 18
وإخوانهم من قيس وغيلان وإنه لم يكن معه إلا علي وحده ، وذلك عقيب وفاة أبي طالب
اوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله : اخرج منها فقد مات ناصرك ، فخرج إلى بني عامر بن صعصعة
ومعه علي وحده ، فعرض نفسه عليهم وسألهم النصرة وتلا عليهم القرآن فلم يجيبوه ، فعاد
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : وقد هاجر أبوبكر قبله لانه هاجر في صحبة النبى صلى الله عليه وآله .
( 2 ) في المصدر : وغاب رسول الله عن مكة في هذه الهجرة أربعين يوما ودخل اليها في جوار
مطعم بن عدى ، وأما هجرته إلى بنى عامر بن صعصعة اه .
[294]
عليه السلام إلى مكة ، وكانت مدة غيبته في هذه الهجرة عشرة أيام ، وهي أول هجرة
* هاجرها صلى الله عليه وآله بنفسه ، فأما أول هجرة هاجرها أصحابه ولم يهاجر بنفسه فهجرة الحبشة
هاجر فيها كثير من أصحابه إلى بلاد الحبشة ، منهم في البحر ( 1 ) جعفر بن أبي طالب ،
فغابوا عنه سنين ، ثم قدم عليه منهم من سلم وطالت مدته ( 2 ) ، وكان قدوم جعفر عليه عام
فتح خيبر ، فقال صلى الله عليه وآله : ما أدري بأيهما أنا أسر بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ( 3 ) ؟ .
1 قب : كان أبوطالب وفاطمة بنت أسد ربيا النبي صلى الله عليه وآله وربى النبي وخديجة
لعلي صلوات الله عليهم ، وسمعت مذاكرة أنه لما ولد علي عليه السلام لم يفتح عينيه ثلاثة
أيام ، فجاء النبي صلى الله عليه وآله ففتح عينيه ، ونظر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : خصني بالنظر و
خصصته بالعلم .
تاريخي الطبري والبلاذري وتفسير الثعلبي والواحدي وشرف النبي وأربعين الخوارزمي
ودرجات محفوظ البستي ومغازي محمد بن إسحاق ومعرفة أبي يوسف النسوي أنه قال مجاهد :
كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب عليه السلام أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبوطالب
ذا عيال كثيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لحمزة والعباس : إن أبا طالب كثير العيال ، وقد
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : إلى بلاد الحبشة في البحر ، منهم اه .
( 2 ) في المصدر : وطالت أيامه .
( 3 ) شرح النهج 1 : 492 و 498 .
وفيه : بأبيهما أسرا بقوم جعفر أم بفتح خيبر ؟ .
[295]
أصاب الناس ما ترون من هذه الازمة ، فانطلق بنا ( 1 ) نخفف من عياله ، فدخلوا عليه
وطلبوه بذلك ، فقال : إذا تركتم لي عقيلا فافعلوا ما شئتم ، فبقي عقيل عنده إلى أن مات
أبوطالب ، ثم بقي وحده ( 2 ) إلى أن اخذ يوم بدر ، وأخذ حمزة جعفرا فلم يزل معه في
الجاهلية والاسلام إلى أن قتل حمزة وأخذ العباس طالبا وكان معه إلى يوم بدر ثم فقد
فلم يعرف له خبر ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وهو ابن ست سنين كسنه يوم أخذه
أبوطالب ، فربته خديجة والمصطفى إلى أن جاء الاسلام ، وتربيتهما أحسن من تربية
أبي طالب وفاطمة بنت أسد ، فكان مع النبي صلى الله عليه وآله إلى أن مضى ، وبقي علي بعده .
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وآله قال : اخترت من اختار الله لي عليكم عليا .
وذكر أبوالقاسم في أخبار أبي رافع من ثلاثة طرق أن النبي صلى الله عليه وآله حين تزوج
خديجة قال لعمه أبي طالب : إني احب أن تدفع إلي بعض ولدك يعينني على أمري
ويكفيني ، وأشكر لك بلاءك عندي ، فقال أبوطالب : خذ أيهم شئت ، فأخذ عليا عليه السلام .
فمن استقى عروقه من منبع النبوة ورضعت شجرته ثدي الرسالة وتهدلت أغصانه ( 3 ) عن
نبعة الامامة ونشأ في دار الوحي وربي في بيت التنزيل ولم يفارق النبي صلى الله عليه وآله في حال حياته
إلى حال وفاته لا يقاس بسائر الناس ، وإذا كان عليه السلام في أكرم ارومة ( 4 ) وأطيب مغرس ،
والعرق الصالح ينمي والشهاب الثاقب يسري وتعليم الرسول ناجع ( 5 ) ، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وآله
ليتولى تأديبه ويتضمن حضانته وحسن تربيته إلا على ضربين : إما على التفرس فيه أو
بالوحي من الله تعالى ، فإن كان بالتفرس فلا تخطأ فراسته ولا يخيب ظنه ، وإن كان
___________________________________________________________
( 1 ) كذا في النسخ والمصدر ، والظاهر ( فانطلقابى ) ويمكن أن يقال : ان حمزة كان موافقا
للنبى في هذا الامر ابتداء وانما قال النبى صلى الله عليه وآله للعباس ( فانطلق بنا ) وحرضه
على هذا الامر .
( 2 ) في المصدر : ثم بقى في وحدة .
( 3 )
تهدلت أغصان الشجرة : تدلت .
( 4 ) الارومة : أصل الشجرة .
( 5 ) نجع الطعام في الانسان : هنا آكله واستمرأه وصلح عليه .
[296]
بالوحي فلا منزلة أعلى ولا حال أدل على الفضيلة والامامة منه ( 1 ) .
2 قب لقد عمي من قال : إن قوله تعالى : ( وأنفسنا وأنفسكم ( 2 ) ) أراد به
نفسه ، لان من المحال أن يدعو الانسان نفسه ، فالمراد به من يجري مجرى ( أنفسنا )
ولو لم يرد عليا وقد حمله معه نفسه لكان للكفار أن يقولوا : حملت من لم نشترط ( 3 ) وخالفت
شرطك ، و إنما يكون للكلام معنى أن يريد به مجرى ( أنفسنا ) وأما شبهة الواحدي
في الوسيط أن أحمد بن حنبل قال : أراد بالانفس ابن العم والعرب تخبر من بني العم
بأنه نفس ابن عمه وقال الله تعالى : ( ولا تلمزوا أنفسكم ( 4 ) ) أراد إخوانكم من المؤمنين
ضعيفة ، لانه لا يحمل على المجاز إلا لضرورة ، وإن سلمنا ذلك فإنه كان للنبي صلى الله عليه وآله
بنو الاعمام فما اختار منهم عليا إلا لخصوصية فيه ( 5 ) دون غيره ، وقد كان أصحاب العباء
نفس ( 6 ) واحدة ، وقد تبين بكلمات اخر .
قال ابن سيرين : قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أنت مني وأما منك
فضائل السمعاني وتاريخ الخطيب وفردوس الديلمي عن البراء وابن عباس .
واللفظ لابن
عباس علي مني مثل رأسي من بدني .
وقوله : أنت مني كروحي من جسدي وقوله : أنت
مني كالضوء من الضوء .
وقوله : أنت زري ( 7 ) من قميصي وسئل النبي صلى الله عليه وآله عن بعض
أصحابه ، فذكر فيه ، فقال له قائل : فعلي ؟ فقال صلى الله عليه وآله : إنما سألتني عن الناس ولم تسألني
عن نفسي .
وفيه حديث يريده وحديث براء وحديث جبرئيل ( وأنا منكما ) ) .
البخاري قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : أنت مني وأنا منك .
فردوس الديلمي عن عمران بن الحصين قال النبي صلى الله عليه وآله : علي مني وأنا منه
___________________________________________________________
( 1 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 363 و 364 .
( 2 ) سورة آل عمران : 61 .
( 3 ) في المصدر : من لم تشترط .
( 4 ) سورة الحجرات : 11 .
( 5 ) في المصدر : فما اختار منهم الا عليا لخصوصية فيه .
( 6 ) كذا في النسخ والمصدر .
( 7 ) الزر : مابه قوام الشئ .
[297]
وهو ولي كل مؤمن بعدي .
وقد روى نحوه عن ابن ميمون عن ابن عباس .
عبدالله بن شداد أن النبي صلى الله عليه وآله قال لوفد : لتقيمن الصلاة وتؤتن الزكاة أو
لابعثن عليكم رجلا كنفسي .
أبان رسول الله صلى الله عليه وآله ولايته وأنه ولي الامة من بعده .
كتاب الحدائق بالاسناد عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يشهر عليا
في موطن أو مشهد علا على راحلته ( 1 ) وأمر الناس أن يتخفضوا دونه وفي شرف المصطفى
أنه كان للنبي صلى الله عليه وآله عمامة يعتم بها يقال لها السحاب ، وكان يلبسها ، فكساها بعد علي
بن أبي طالب عليه السلام فكان ربما أطلع علي فيها فيقال : أتاكم علي في السحاب .
الباقر عليه السلام : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو راكب وخرج علي وهو يمشي ،
فقال النبي صلى الله عليه وآله : إما أن تركب وإما [ أن ] تنصرف ، ثم ذكر مناقبه .
أبورافع إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا جلس ثم أراد أن يقوم لا يأخذ بيده غير علي ،
وإن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا يعرفون ذلك له ، فلا يأخذ يد رسول الله صلى الله عليه وآله غيره .
الجماني في حديثه : كان النبي صلى الله عليه وآله إذا جلس اتكأ على علي .
سر الادب عن أبي منصور الثعالبي أنه عوذ عليا حين ركب وصفين ثيابه في
سرجه ( 2 ) .
بيان : قال الجزري في النهاية : فيه ( أنه عوذ عليا حين ركب وصفين ثيابه في
سرجه ) أي جمعها فيه ( 2 ) .
3 قب : وروي أنه سافر ومعه علي عليه السلام وعائشه ، فكان النبي صلى الله عليه وآله ينام بينهما
في لحاف .
حلية الاولياء ومسند أبي يعلى عبدالرحمان بن أبي ليلى عن علي عليه السلام قال : أتانا
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وضع رجله بيني وبين فاطمة .
أنساب الاشراف قال رجل لابن عمر : حدثني عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال :
___________________________________________________________
( 1 ) الظاهر علاه على راحلته اى أصعده .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 388 و 389 .
( 3 ) النهاية 2 : 268 .
[298]
تريد أن تعلم ما كانت منزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله فانظر إلى بيته من بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله
البخاري وأبوبكر بن مردويه قال ابن عمر : هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وآله .
خصائص النطنزي قال ابن عمر : سأل رجل عمر بن الطخاب عن علي عليه السلام فقال :
هذا منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا منزل علي بن أبي طالب عليه السلام بهذا المنزل فيه صاحبه .
وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا عطس قال علي عليه السلام : رفع الله ذكرك يا رسول الله ، فقال
النبي صلى الله عليه وآله : أعلى الله كعبك ( 1 ) يا علي .
وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا غضب لم يجترئ أحد أن يكلمه غير علي ، وأتاه يوما
فوجده نائما فما أيقظه .
لا شك أن النبي صلى الله عليه وآله كان أكبر سنا وأكثر جاها من علي ، فلما كان يحترمه
هذا الاحترام إما أنه كان من الله تعالى أو من قبل نفسه ، وعلى الحالين جميعا أظهر للناس
درجته عند الله تعالى ومنزلته عند رسول الله .
ومن تحننه ما جاء في أمالي الطوسي عن ابن مسعود قال : رأيت رسول الله وكفه
في كف علي وهو يقبلها ، فقلت : ما منزلة علي منك ؟ قال : منزلتي من الله .
وحدثني أبوالعلاء الهمداني بإسناده إلى عائشة قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله
التزم عليا عليه السلام وقبله ويقول : بأبي الوحيد الشهيد .
بأبي الوحيد الشهيد ، وقد ذكره
أبويعلى الموصلي في المسند عن ابن مينا عن أبيه عن عائشة .
أبوبصير في حديثه عن الصادق عليه السلام أنه أخذ يمسح العرق عن وجه علي ويمسح
به وجهه .
أبوالعلاء العطار بإسناده إلى عبد خير عن علي عليه السلام قال : اهدي إلى النبي
صلى الله عليه وآله قنوموز ( 2 ) ، فجعل يقشر الموزة ويجعلها في فمي ، فقال له قائل : إنك
تحب عليا ؟ قال : أوما علمت أن عليا مني وأنا منه .
تاريخ الطيب : فقد رسول الله صلى الله عليه وآله وقت انصرافه من بدر ، فادت الرفاق بعضهم
___________________________________________________________
( 1 ) الكعب : الشرف والمجد .
( 2 ) القنو : العذق ، وهو من النخل والموز كالعنقود من العنب .
[299]
بعضا : أقيكم رسول الله ؟ حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام فقالوا : يا رسول الله
فقدناك ، فقال : إن أبا الحسن وجد مغصا ( 1 ) في بطنه فتخلفت معه عليه .
وروي أنه جرح رأسه عمرو بن عبدود يوم الخندق ، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فشده ونفث فيه فبرئ ، وقال : أين أكون إذا خضب هذه من هذه ؟ .
وكان علي عليه السلام ينام مع النبي صلى الله عليه وآله في سفره ، فأسهرته الحمى ليلة أخذته ،
فسهر النبي صلى الله عليه وآله لسهر علي ، فبات ليلته بينه وبين مصلاه ، يصلي ثم يأتيه فيسأله وينظر
إليه حتى أصبح بأصحابه الغداة ، فقال : اللهم اشف عليا وعافه فإنه أسهرني الليلة مما
به .
وفي رواية : قم يا علي فقد برئت .
وقال : ما سألت ربي شيئا إلا أعطانيه ، وما سألت
شيئا إلا سألته لك .
أبوالزبير عن أنس قال : كنت أمشي خلف حمار رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يكلم الحمار
والحمار يكلمه وهو يريد الغابة والغيضة ( 2 ) ، فلما دنا منهما قال : اللهم أرني إياه
اللهم أرني إياه ، وقال في الرابعة : اللهم أرني وجهه ، فإذا علي قد خرج من بين النخل
فانكب على النبي صلى الله عليه وآله وانكب رسول الله يقبله الخبر .
وكان النبي صلى الله عليه وآله يقول إذا لم يلق عليا : أين حبيب الله وحبيب رسوله ؟ .
فضائل أحمد : جابر الانصاري كنا مع النبي صلى الله عليه وآله عند امرأة من الانصار ،
فصنعت له طعاما ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : يدخل عليكم رجل من أهل الجنة ، فرأيت النبي
صلى الله عليه وآله يدخل رأسه تحت الوادي ويقول : اللهم إن شئت فحوله عليا ، فدخل
علي فهنأه .
جامع الترمذي وإبانة العكبري ومسند أحمد وفضائله وكتاب ابن مردويه عن
ام عطية وأبي هريرة وعبدالرحمان بن أبي ليلى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله بعث عليا في سرية
قال : فرأيته رافعا يديه يقول : اللهم لا تمتني حتى تريني عليا ( 3 ) .
___________________________________________________________
( 1 ) المغص : وجمع وتقطيع في الامعاء .
( 2 ) الغابة والغيضة : الاجمة ومجتمع الشجر في مغيض الماء .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 389 391 .
[300]
[ كنز الكراجكى : عن أسد بن إبراهيم السلمي ، عن عمر بن علي العتكي ،
عن الحسن بن أحمد البالسي ، عن أبي عاصم النيلي ، عن ابن الجراح ، عن جابر بن صبيح .
عن ام شرجيل ، عن ام عطية مثله ( 1 ) ] .
4 الاربعين عن الخطيب إن النبي صلى الله عليه وآله قال يوم الخندق : اللهم إنك أخذت مني
عبيدة بن الحارث يوم بدر ، وحمزة بن عبدالمطلب يوم احد ، وهذا علي فلا تدعني فردا
وأنت خير الوارثين .
ومن إفشائه الاسرار عليه ما روى شيرويه في الفردوس قال ابن عباس : قال النبي
صلى الله عليه وآله : صاحب سري علي بن أبي طالب عليه السلام .
الترمذي في الجامع وأبويعلى في المسند وأبوبكر بن مردويه في الامالي والخطيب
في الاربعين والسمعاني في الفضائل مسنداإلى جابر قال : ناجى النبي صلى الله عليه وآله يوم الطائف
عليا فأطال نجواه ، فقال أحد الرجلين للآخر : لقد أطال نجواه مع ابن عمه ! وفي رواية
الترمذي فقال الناس : لقد أطال نجواه ! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله ، وفي رواية غيره أن رجلا
قال : أتناجيه دوننا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما انتجيته ولكن الله انتجاه .
ثم قال الترمذي :
أي أمر ربي أنتجي معه .
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله في خطبة الوداع : سموني
أذنا وزعموا أنه لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه وقبوله مني ، حتى أنزل الله تعالى
( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هم اذن ( 2 ) ) .
ودخل أميرالمؤمنين عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس عند يمينه ، فتناجى عند ذلك
اثنان ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : لا يتناجى اثنان دون الثالث ، فإن ذلك يؤذي المؤمن فنزل
( إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول ( 3 ) ) الآية ، وقوله تعالى :
( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ( 4 ) ) .
___________________________________________________________
( 1 ) كنز الكراجى : 136 .
( 2 ) سوره التوبة : 61 .
( 3 ) سورة المجادلة : 9 .
( 4 ) سورة المجادلة : 10 .