[351]
3 شف : أحمد بن مردويه ، عن محمد بن القاسم بن أحمد ، عن أحمد بن محمد بن سليمان
عن محمد بن علي بن خلف ، عن محمد بن القاسم الكوفي ، عن إسماعيل بن زيادالبزاز ، عن
أبي إدريس ، عن رافع ( 1 ) مولى عائشة قال : كنت غلاما أخدمها ، فكنت إذا كان رسول
الله صلى الله عليه وآله عندها أكون قريبا اعاظيها ( 2 ) ، قال : فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله عندها ذات يوم إذ
جاء جاء فدق الباب ، قال : فخرجت إليه فإذا جارية معها إناء مغطى ، قال : فرجعت
إلى عائشة فأخبرتها ، قالت أدخلها ، فدخلت فوضعته بين يدي عائشة ، فوضعته عائشة بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يأكل ، وخرجت الجارية ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليت أمير
المؤمنين وسيد المسلمين وإمام المتقين عندي يأكل معي ، فجاء جاء فدق الباب ، فخرجت
إليه فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام قال : فرجعت فقلت : هذا علي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله
أدخله ، فلما دخل قال النبي صلى الله عليه وآله : مرحبا وأهلا لقد تمنيتك مرتين حتى لو أبطأت
علي لسألت الله عزوجل أن يأتي بك اجلس فكل معي ( 3 ) .
بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن القاسم الفارسي
عن عبدالله بن أبي حامد ، عن زيد بن محمد بن جعفر ، عن محمد بن جعفر العباب ، عن الحسن
بن سليمان ، عن محمد بن كثير ، عن إسماعيل البزاز مثله وزاد في آخره : ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : قاتل الله من قاتلك وعادى من عاداك مرتين أو ثلاثا ( 4 ) .
4 قب : روى حديث الطير جماعة منهم الترمذي في جامعه وأبونعيم في حلية الاولياء
والبلاذري في تاريخه ، والخركوشي في شرف المصطفى ، والسمعاني في فضائل الصحابة ،
والطبري في الولاية ، وابن البيع في الصحيح ، وأبويعلى في المسند ، وأحمد في الفضائل ،
والنطنزي في الاختصاص ( 5 ) ، وقد رواه محمد بن إسحاق ومحمد بن يحيى الازدي وسعيد
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : عن أبى رافع .
( 2 ) عاطى الرجل : خدمه .
( 3 ) اليقين : 13 و 14 .
( 4 ) بشارة المصطفى : 203 و 204 .
( 5 ) كذا في جميع النسخ والمصدر ، والظاهر ( في الخصائص ) فان الاختصاص من مؤلفات
الشيخ المفيد قدس سره .
[352]
والمازني وابن شاهين والسدي وأبوبكر البيهقي ومالك و إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة
وعبدالملك بن عمير ومسعر بن كدام وداود بن علي بن عبدالله بن عباس وأبوحاتم الرازي
بأسانيدهم عن أنس وابن عباس وام أيمن ، ورواه ابن بطة في الابانة من طريقين ، والخطيب
وأبوبكر في تاريخ بغداد من سبعة طرق ، وقد صنف أحمد بن محمد بن سعيد كتاب الطير ،
وقال القاضي أحمد : قد صح عندي حديث الطير ( 2 ) ، وقال أبوعبدالله البصري : إن طريقة
أبي عبدالله الجبائي في تصحيح الاخبار يقتضي القول بصحة هذا الخبر لايراده يوم الشورى
فلم ينكر ، قال الشيخ : قد استدل به أميرالمؤمنين عليه السلام على فضله في قصة شورى بمحضر
من أهلها ، فما كان فيهم إلا من عرفه وأقر به ، والعلم بذلك كالعلم بالشورى نفسها ، فصار
متواترا ، وليس في الامة على اختلافها من دفع هذا الخبر .
وحدثني أبوالعزيز كادش
العكبري عن أبي طالب الحربي العشاري عن ابن شاهين الواعظ في كتابه ( ما قرب
سنده ) قال : حدثني نصر بن أبي القاسم الفرائضي ، قال : محمد بن عيسى الجوهري ( 3 ) ،
قال : قال نعيم بن سالم بن قنبر ، قال : قال أنس بن مالك ، الخبر ، وقد أخرجه علي بن
إبراهيم في كتاب قرب الاسناد ، وقد رواه خمسة وثلاثون رجلا من الصحابة عن أنس وعشرة
عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقد صح أن الله تعالى والنبي يحبانه ، وما صح ذلك لغيره ، فيجب الاقتداء
به ، ومن عزى ( 4 ) خبر الطائر إليه قصر الامامة عليه ، ومجمع الحديث أن أنسا تعصب
بعصابة فسئل عنها فقال : هذه دعوة علي ، قيل : وكيف ذلك ؟ قال : اهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
طائر مشوي فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فجاء علي عليه السلام
فقلت له : رسول الله صلى الله عليه وآله عنك مشغول وأحببت أن يكون رجلا من قومي فدعا رسول
الله صلى الله عليه وآله ثانيا فجاء علي عليه السلام فقلت : رسول الله عنك مشغول ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله ثالثا
فجاء علي عليه السلام فقلت : رسول الله صلى الله عليه وآله عنك مشغول ، فرفع علي صوته وقال : وما يشغل
رسول الله صلى الله عليه وآله عني ؟ وسمعه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا أنس من هذا ؟ قلت : علي
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : بعد ذلك : ومالى لفظه .
( 2 ) في المصدر : قال : قال محمد بن عيسى الجوهري .
( 3 ) أى نسب .
[353]
ابن أبي طالب عليه السلام قال : ائذن له ، فلما دخل قال له : يا علي إني قد دعوت الله ثلاث
مرات أن يأتيني بأحب خلقه إليه وإلي أن يأكل معي هذا الطير ولو لم تجئني في
الثالثة لدعوت الله باسمك أن يأتيني بك ، فقال : يا رسول الله إني قد جئت ثلاث مرات
كل ذلك يردني أنس ويقول : رسول الله عنك مشغول ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله :
ما حملك على هذا ؟ قلت : أحببت أن يكون رجلا من قومي ! فرفع علي يده إلى السماء
فقال اللهم ارم أنسا بوضح لا يستره من الناس وفي رواية : لا تواريه العمامة ( 1 ) ثم
كشف العمامة عن رأسه فقال : هذه دعوة علي هذه دعوة علي ( 2 ) .
لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن أبي هدبة ( 3 ) قال : رأيت أنس بن مالك معصوبا
بعصابة ، فسألته عنها فقال : هي دعوة علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت له : وكيف كان ذلك ( 4 ) ؟
وساق الحديث مثل ما مر ، وفي بعض النسخ : فلما كان يوم الدار استشهدني ( 5 ) علي
عليه السلام فكتمته فقلت : إني انسيته ، فرفع ( 6 ) علي يده إلى آخر الخبر ( 7 ) .
5 قب : إنه عليه السلام كان أحب الخلق إلى الله وإلى رسوله لوجوه : منها قوله
صلى الله عليه وآله : ( اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الطائر )
ومنها قوله صلى الله عليه وآله : ( لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )
ومنها ( ادعو إلي خليلي ) فدعوا لفلان وفلان ( 8 ) فأعرض .
فإذا ثبت أن عليا عليه السلام
كان أحب الخلق إلى الله وإلى رسوله فلا يجوز لغيره أن يتقدم عليه ، وقد قال الله تعالى :
___________________________________________________________
( 1 ) المستفاد من روايات الباب أن دعاءه عليه السلام على أنس كان يوم الشورى حين استشهده
فكتمه ، وكأن في الرواية سقطا .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 435 و 436 وذكرت الجملة الاخيرة فيه مرة واحدة .
( 3 ) بالباء الموحدة كما في اسد الغابة .
( 4 ) في المصدر : وكيف يكون ذلك ؟ .
( 5 ) في المصدر : يستشهدنى .
( 6 ) في المصدر : انى نسيته : قال : رفع اه .
( 7 ) امالى الصدوق : 389 .
( 8 ) في المصدر : ندعوا فلان بن فلان .
[354]
( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( 1 ) .
إبانة ابن بطة وفضائل أحمد في خبر عن عكرمة عن ابن عباس قال : ولقد عاتب الله
أصحاب محمد صلى الله عليه وآله في غير آي من القرآن وما ذكر عليا إلا بخير ، وذلك نحو قوله :
( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ( 2 ) ) وقوله تعالى : ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم ( 3 ) )
الآية ، وقوله تعالى في آية المناجاة : ( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ( 4 ) ) .
البخاري : توفي النبي صلى الله عليه وآله وهو عنه راض يعني عن علي عليه السلام وقد ذكرنا
أنه أولى الناس لقوله تعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ( 5 ) )
لانه قد صح أنه لم يفر قط من زحف ، وما ثبت ذلك لغيره ( 6 ) .
6 كشف : من مناقب الخوارزمي عن أنس قال : كان عند النبي صلى الله عليه وآله طير فقال
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء ( 7 ) علي عليه السلام فأكل معه .
ومنه عن ابن عباس قال : اتي النبي صلى الله عليه وآله بطائر فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك
إليك ، فجاءه علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : اللهم واله .
قال : أخرج أبوعيسى الترمذي
هذا الحديث في جامعه وذكره النسائي في حديثه ( 8 ) .
7 بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن القاسم
الفارسي ، عن عبدالله بن أبي حامد ، عن محمد بن إبراهيم بن أحمد ، عن أحمد بن مدرك ، عن
إبراهيم بن سعد ، عن حسين بن محمد ، عن سليمان بن قرط ، عن محمد بن شعيب ، عن داود
بن علي بن عبدالله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله اتي بطير فقال :
___________________________________________________________
( 1 ) سورة آل عمران : 31 .
( 2 ) ( 2 ) سورة آل عمران : 123 .
( 3 ) سورة التوبة : 25 .
( 4 ) سورة المجادلة : 13 .
( 5 ) سورة الفتح : 18 .
( 6 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 550 و 551 .
( 7 ) في المصدر : فجاءه .
( 8 ) كشف الغمة : 43 ، وفيه تقديم وتأخير بين الحديثين ، وقوله : ( قال أخرج أبوعيسى
الترمذى اه ) قد ذكره بعد الحديث الاول .
[355]
( اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ) فجاء علي عليه السلام فقال : ( اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه ( 1 ) ) .
8 يف : أحمد بن حنبل في مسنده يرفعه إلى سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله أن
امرأة من الانصار أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طيرين بين رغيفين ، فقدمت إليه الطيرين ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك ، فجاء علي عليه السلام
فرفع صوته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من هذا ؟ قلت : علي ، قال : افتح له ، ففتحت له
فأكل مع النبي صلى الله عليه وآله حتى فنيا .
ومما يدل على أن هذا المعنى قد تكرر من النبي صلى الله عليه وآله في عدة أطيار وعدة
مجالس ما رووه من غير هذاالطريق في الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثالث في
باب مناقب أميرالمؤمنين علي عليه السلام من صحيح أبي داود ( 2 ) وهو كتاب السنن بإسناد
متصل عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وآله طائر قد طبخ له ، فقال : اللهم ائتني
بأحب خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي عليه السلام فأكل معه منه .
ورواه الشافعي ابن المغازلي في كتابه من نحو أكثر من ثلاثين طريقا ، فمنها ما
يدل على أن ذلك قد وقع من النبي صلى الله عليه وآله في طائر آخر ، قال : بإسناده عن الزبير بن عدي ( 3 )
عن أنس قال : اهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله طير مشوي فلما وضع بين يديه قال : اللهم
ائتني بأحب خلقك إليك حتى يأكل معي من هذا الطير ( 4 ) ، قال : فقلت في نفسي : اللهم
اجعله رجلا من الانصار ، قال : فجاء علي عليه السلام فقرع الباب قرعا خفيفا ، فقلت : من
هذا ؟ فقال : علي ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وآله على حاجة ، فانصرف ، قال : فرجعت إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول الثانية : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا
الطير ، فقلت في نفسي ( 5 ) : اللهم اجعله رجلا من الانصار ، قال : فجاء علي عليه السلام فقرع
___________________________________________________________
( 1 ) بشارة المصطفى : 202 .
( 2 ) في المصدر : ومن صحيح أبى داود .
( 3 ) في المصدر : إلى الزبير بن عدى .
( 4 ) من هذا الطائر .
( 5 ) في المصدر : قال : فقلت في نفسى .
[356]
الباب فقلت : ألم اخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وآله على حاجة ؟ فانصرف ، فرجعت إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وهو يقول الثالثة : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا
الطير ، قال : فجاء علي عليه السلام فضرب الباب ضربا شديدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : افتح افتح
افتح ، قال : فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم وإلي اللهم وإلي اللهم وإلي ( 1 )
قال : فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وآله فأكل معه من الطير .
وفي بعض روايات ابن المغازلي أن
النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : ما أبطأك ؟ قال : هذه ثالثة ويردني أنس ، قال النبي
صلى الله عليه وآله : يا أنس ما حملك على ما صنعت ؟ قال : رجوت أن يكون رجلا من
الانصار ! فقال لي : يا أنس أو في الانصار خير من علي ؟ أو في الانصار أفضل من
علي ؟ ( 2 ) .
9 مد : من مناقب ابن المغازلي عن أحمد بن محمد بن عبدالوهاب السمسار ، عن
أحمد بن علي الحنوطي ، عن إسماعيل بن محمد الطبيب ( 3 ) ، عن أحمد بن عبد بن المفضل ( 4 )
الواسطي ، عن محمد بن أحمد بن سهل النحوي ، عن علي بن الحسن الطحان ، عن محمد بن عثمان
المعدل ، عن أسلم بن سهل البزاز ، عن وهب بن بقية الواسطي ، عن إسحاق بن يوسف
الازرق ، عن عبدالملك بن أبي سليمان ، عن أنس بن مالك قال : دخلت على محمد بن الحجاج
فقال : يا أبا حمزة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا ليس بينك وبينه فيه أحد ، فقلت :
تحدثوا فإن الحديث شجون ( 5 ) بجر بعضه بعضا ، فذكر أنس حديثا عن علي بن
أبي طالب عليه السلام فقال له محمد بن الحجاج : عن أبي تراب تحدثنا ( 6 ) ؟ دعنا من أبي تراب !
فغضب أنس وقال : لعلي تقول هذا ( 7 ) ؟ أما والله إذ قلت هذا فلا حدثنك بحديث فيه
___________________________________________________________
( 1 ) أى اللهم وأحب خلقك إلى .
( 2 ) الطرائف : 18 .
( 3 ) في المصدر : عن اسماعيل بن محمد بن الطيب .
( 4 ) في المصدر : عن أحمد بن عبدالله بن الفضل ،
( 5 ) الشجن : الغصن الملتف المشتبك ، ويقولون ( الحديث ذو شجون ) أى فنون متشبعة
تأخذ منه في طرف فلا تلبث حتى تكون في آخر ويعرض لك ما لم تكن تقصده .
( 6 ) في المصدر : أعن أبى تراب تحدثنا ؟
( 7 ) في المصدر : ألعلى تقول هذا ؟
[357]
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله : اهديت له صلى الله عليه وآله يعاقيب فأكل منها ، وفضلت فضلة وشئ
من خبز ، فلما أصبح أتيته به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ائتني ( 2 ) بأحب خلقك إليك
يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء رجل فضرب الباب ، فرجوت أن يكون من الانصار ،
فإذا أنا بعلي عليه السلام فقلت : أليس إنما جئت الساعة فرجعت ( 3 ) ؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء رجل فضرب الباب
فإذا به علي عليه السلام فسمعه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : اللهم وإلي اللهم وإلي .
قال أسلم ( 4 ) : روى هذا الحديث عن أنس بن مالك ، يوسف بن إبراهيم الواسطي و
إسماعيل بن سليمان ( 5 ) الازرق وإسماعيل السدي ( 6 ) وإسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة
ويمامة ( 7 ) بن عبدالله بن أنس وسعيد بن زربى ، قال ابن سمعان : سعيد بن زرمى إنما حدث
به عن أنس وقد روى جماعة عن أنس منهم سعيد بن المسيب وعبدالملك بن عمير ومسلم الملائي
وسليمان بن الحجاج الطائفي وابن أبي الرجاء الكوفي وإسماعيل بن عبدالله بن جعفر
ونعيم بن سالم وغيرهم ( 8 ) .
أقول : روى ابن بطريق هذا الخبر بعبارات قريبة المضامين من مسند أحمد بسند ،
ومن مناقب ابن المغازلي بأربعة وعشرين سندا ، ومن سنن أبي داود بسندين ( 9 ) .
وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب الفصول عند اعتراض السائل بأن
هذا الخبر من أخبار الآحاد لانه إنما رواه أنس بن مالك وحده فأجاب بأن الامة
___________________________________________________________
( 1 ) جمع اليعقوب : ذكر الحجل ، والياء زائدة .
والحجل : طائر في حجم الحمام أحمر المنقار
والرجلين ، وهو يعيش في الصرود العالية : يستطاب لحمه
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 357 سطر 19 الى ص 363 سطر 11
( 2 ) في المصدر : اللهم ائتنى .
( 3 ) كذا في ( ك ) ، وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : أليس انما جئت الساعة ؟ فرجع .
ولا يخفى أن المستفاد من الكلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام قد جاء مرة قبل ذلك ورده أنس .
( 4 ) في المصدر : قال ابن المغازلى : قال أسلم اه .
( 5 ) في المصدر : أبى سليمان .
( 6 ) في المصدر : الاسدى .
( 7 ) في المصدر : تمامة .
( 8 ) العمدة : 126 و 127 .
( 9 ) راجع العمدة : 125 132 .
[358]
بأجمعها قد تلقته بالقبول ، ولم يروا أن أحدا رده على أنس ولا أنكر صحته عند روايته
فصار الاجماع عليه هو الحجة في صوابه ( 1 ) ، مع أن التواتر قد ورد بأن أميرالمؤمنين
عليه السلام احتج به في مناقبه يوم الدار ، فقال ، أنشدكم الله ( 2 ) هل فيكم أحد قال له رسول الله
صلى الله عليه وآله : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاء أحد غيري ؟
قالوا : اللهم لا ، قال : اللهم اشهد ، فاعترف الجميع بصحته ، ولم يكن أميرالمؤمنين
عليه السلام ليحتج بباطل ( 3 ) لا سيما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله ( 4 ) إلى
أعلى الرتب التي هي الامامة والخلافة للرسول صلى الله عليه وآله وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه
في الشورى يريدون الامردونه ، مع قوله النبي صلى الله عليه وآله علي مع الحق والحق مع علي
يدور حيثما دار ( 5 ) .
وروى العلامة من كتاب المناقب لابن مردويه بإسناده إلى أبي ذر رضي الله عنه قال
دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا : من أحب أصحابك إليك وإن كان أمر كنا معه ،
وإن كان نائبة كنا دونه ( 6 ) ، قال : هذا علي أقدمكم سلما وإسلاما ، انتهى ( 7 ) .
وروى ابن الاثير في جامع الاصول من صحيح الترمذي عن أنس قال : كان عند
رسول الله صلى الله عليه وآله طير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء
علي عليه السلام فأكل معه .
وقال رزين : قال أبوعيسى في هذا الحديث قصة وفي آخرها : أن
أنسا قال لعلي عليه السلام : استغفر لي ولك عندي بشارة ، ففعل فأخبره بقول رسول الله صلى الله عليه وآله ( 8 ) .
تنقيح : اعلم أن تلك الاخبار مع تواترها واتفاق الفريقين على صحتها تدل على
كونه صلوات الله عليه أفضل الخلق وأحق بالخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، أما دلالتها على
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر بعد ذلك : ولم يخل ببرهانه كونه من أخبار الاحاد كما شرحناه .
( 2 ) في المصدر : أنشدكم بالله .
( 3 ) في المصدر : بالذى يحتج بباطل .
( 4 ) في المصدر و ( د ) : والتوسل بفضائله .
( 5 ) الفصول المختارة 1 : 60 و 61 .
( 6 ) في المصدر : وان كانت نائبة كنا من دونه .
( 7 ) كشف الحق : 101 و 102 .
( 8 ) مخطوط .
[359]
كونه أفضل فلان حب الله تعالى ليس إلا كثرة الثواب والتوفيق والهداية المترتبة على
كثرة الطاعة والاتصاف بالصفات الحسنة كما برهن في محله أنه تعالى منزه عن الانفعالات
والتغيرات ، وإنما اتصافه بالحب والبغض وأمثالهما باعتبار الغايات ، وقد مر تحقيق
ذلك في كتاب التوحيد ، وأنه ليس إثابته ، تعالى وإكرامه بدون فضيلة وخصلة كريمة
وأعمال حسنة توجب ذلك ، لحكم العقل بقبح تفضيل الناقص على الكامل والعاصي على
المطيع والجاهل على العالم والفائق في الكمالات على القاصر فيها ، وقد قال تعالى : ( قل
إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( 1 ) ) فظهر أن حبه تعالى إنما يترتب على
متابعة الرسول صلى الله عليه وآله فثبت أنه صلوات الله عليه أفضل من جميع الخلق ، وإنما خص
الرسول بالاجماع وبقرينة أنه كان هو القائل لذلك ، فالظاهر أن مراده : أحب سائر
الخلق إليه تعالى .
وأما كونه أحق بالخلافة فلان من كان أفضل من جميع الصحابة بل من سائر
الانبياء والاوصياء لا يجوز العقل تقدم غيره عليه ، لا سيما تقدم من لا يثبت له فضيلة
واحدة إلا بروايات المعاندين التي تظهر عليها أما رات الوضع والافتراء واختيار رضى
سلاطين الجور على طاعة رب الارض والسماء .
وقد نوقش في دلالة الخبر على أفضليته صلوات الله عليه بوجهين : الاول أنه
يحتمل أن يكون أراد صلى الله عليه وآله أحب خلق الله إليه في أكل هذا الطير لا أحب الخلق إليه
مطلقا ! والجواب عنه وإن كان لوهنه وركاكته لا يحتاج إلى الجواب وقائله لا يستحق
الخطاب هو أن قوله صلى الله عليه وآله : ( يأكل ) جواب للامر ، ولا يفهم أحد له أدنى انس بكلام
العرب منه سوى هذا المعنى ، فلو خصص الحب بذلك ( 2 ) لكان تخصيصا من غير قرينة
تدل عليه ، وبرهان يدعو إليه ، ولو جعل ( يأكل ) قيدا للحب فمع بعده محتاج إلى تقدير
( في أن يأكل ) وهو خلاف الاصل لا يصار إليه إلا بدليل ، على أن في بعض الروايات
ليس ( يأكل ) اصلا ، وفي بعضها ( حتى يأكل ) وهما لا يحتملان ذلك .
___________________________________________________________
( 1 ) سورة آل عمران : 31 .
( 2 ) أى بأكل الطائر .
[360]
وأجاب الشيخ المفيد عن ذلك بوجه آخر ، وهو أنه لو كان الكلام يحتمل ذلك
لما كان فيه فضل ، فلم يكن أنس يرده مرتين ليكون ذلك الفضل للانصار ، ولما قرره الرسول
صلى الله عليه وآله على ذلك ، وأيضا لو كان محتملا لذلك لم يكن أميرالمؤمنين عليه السلام يحتج بذلك
يوم الدار ، ولا قبل الحاضرون ذلك منه ، ولقالوا : إن ذلك لا يدل على فضيلة توجب
الامامة والخلافة ( 1 ) .
الثاني أنه يحتمل أن يكون في ذلك الوقت أحب الخلق وأفضلهم ، فلم لا يجوز
أن يصير بعض الصحابة بعد ذلك أفضل منه ؟ والجواب أن ذلك أيضا خلاف عموم اللفظ وإطلاقه
فإن الظاهر من اللفظ أحب جميع الخلق في جميع الاحوال والازمنة ، ولو كان مراده
غير ذلك لقيده بشئ منها ، ولم يدل دليل من خارج الكلام على التخصيص .
وأجاب الشيخ بوجهين أيضا : الاول أن هذا خرق للاجماع المركب ، لان الامة
بأسرها بين قولين : إما تفضيله في جميع الاحوال والاوقات أو تفضيل غيره عليه كذلك ،
فماذكرت قول لم يقل به أحد .
والثاني أن احتجاجه صلوات الله عليه بعد الرسول صلى الله عليه وآله
بذلك وتسليم القوم له ذلك مما يدفع هذا الاحتمال ( 2 ) .
___________________________________________________________
( 1 ) الفصول المختارة 1 : 63 و 64 .
وما ذكره المصنف منقول بالمعنى .
( 2 ) الفصول المختارة 1 : 62 و 64 .
وما ذكره المصنف منقول بالمعنى .
[361]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، ولعنة
الله على أعدائهم أجمعين .
وبعد : فإن الله المنان قد وفقنا لتصحيح هذا الجزء وهو الجزء الرابع من
أجزاء المجلد التاسع من الاصل ، والجزء الثامن والثلاثون حسب تجزءتنا من كتاب
بحار الانوار وتخريج أحاديثه ومقابلتها على ما بأيدينا من المصادر ، وبذلنا في ذلك غاية
جهدنا على ما يراه المطالع البصير ، وقد راجعنا في تصحيح الكتاب وتحقيقه و مقابلته نسخا
مطبوعة ومخطوطة إليك تفصيلها :
1 النسخة المطبوعة بطهران في سنة 1307 بأمر الواصل إلى رحمة الله وغفرانه
الحاج محمد حسن الشهير ب ( كمبانى ) ورمزنا إلى هذه النسخة ب ( ك ) وهى تزيد على جميع
النسخ التى عندنا كما أشار إليه العلامة الفقيد الحاج الميرزا محمد القمى المتصدي لتصحيحها
في خاتمة الكتاب ، فجعلنا الزيادات التى وقفنا عليها بين معقوفين هكذا [ .
.
] وربما
أشرنا إليها ذيل الصفحات .
2 النسخة المطبوعة بتبريز في سنة 1297 بأمر الفقيد السعيد الحاج إبراهيم
التبريزي ورمزنا إليها ب ( ت ) .
3 نسخة كاملة مخطوطة بخط النسخ الجيد على قطع كبير تاريخ كتابتها 1280
ورمزنا إليها ب ( م )
4 نسخة مخطوطة اخرى بخط النسخ أيضا على قطع كبير ، وقد سقط منها من أواسط
الباب 99 : ( باب زهده عليه السلام وتقواه ) ورمزنا إليها ب ( ح ) .
[362]
5 نسخة مخطوطة اخرى بخط النسخ أيضا على قطع متوسط وهذه الاخيرة
أصحهها وأتقنها ، وفي هامش صحيفة منها خط المؤلف قدس سره وتصريحه بسماعه إياها
في سنة 1109 ولكنها أيضا ناقصة من أواسط الباب 97 : ( باب ما علمه الرسول صلى الله عليه وآله
عند وفاته ) ورمزنا إليها ب ( د ) .
وهذه النسخ الثلاث المخطوطة لمكتبة العالم البارع الاستاذ السيد جلال الدين
الارموي الشهير بالمحدث لازال موفقا لمرضاة الله .
وقد اعتمدنا في تخريج أحاديث الكتاب وما نقله المصنف في بياناته أو ما علقناه
وذيلناه في فهم غرائب ألفاظه ومشكلاته على كتب أوعزنا إليها في المجلد السابع والثلاثين
لا نطيل الكلام بذكرها هنا فمن أرادها فليراجع هناك
فنسأل الله التوفيق لانجاز هذا المشروع ، ونرجو من فضله أن يجعله ذخرا لنا ليوم
تشخص فيه الابصار .
جمادى الثانية 1380 .
يحيى العابدى الزنجانى * السيد كاظم الموسوى المياموى
[363]
بسمه تعالى وله الحمد
إلى هنا انتهى الجزء الثامن والثلاثون من كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة
النفيسة وهو الجزء الرابع من المجلد التاسع في تاريخ أميرالمؤمنين صلوات الله عليه حسب
تجزءة المصنف أعلى الله مقامه يحوى زهاء أربعمائة حديث في أربعة عشر بابا غير ما حوي
من المباحث العلمية والكلامية .
ولقد بذلنا الجهد عند طبعا في التصحيح مقابلة وبالغنا في التحقيق مطالعة فخرج
بعون الله ومشيته نقيا من الاغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه البصر وحسر عنه النظر .
اللهم مابنا من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فأتمم علينا نعمتك وآتنا ما وعدتنا
على رسلك إنك لا تخلف الميعاد .
محمد الباقر البهبودى