[341]
16 عم : عن أبي هريرة في حديث طويل أن رسول الله صلى الله عليه وآله آخى بين أصحابه
وبين الانصار والمهاجرين ، فبدأ بعلي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بيده وقال : ( هذا أخي )
وفي خبر آخر ( أنت أخي في الدنيا والآخرة ( 1 ) ) .
17 كشف : من مناقب الخوارزمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله آخى بين المسلمين ثم
قال : يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير انه لانبي بعدي ، أما
علمت يا علي أن أول من يدعى به يوم القيامة يدعى بي ، [ قال : ] فأقوم عن يمين العرش في
ظله فاكسى حلة خضراء من حلل الجنة ، ألا وإني اخبرك يا علي أن امتي أول الامم
يحاسبون يوم القيامة ، ثم أنت أول من يدعى لقرابتك مني ومنزلتك عندي ، ويدفع
إليك لوائي وهو لواء الحمد ، فتسير به بين السماطين ( 2 ) ، آدم وجميع الخلق يستظلون
بظل لوائي يوم القيامة ، وطوله مسيرة ألف سنة ، سنانه ياقوتة حمراء ، قضيبه فضة بيضاء ،
زجه ( 3 ) درة خضراء ، وله ثلاث ذوائب من نور : ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب والثالثة
وسط الدنيا ، مكتوب عليه ثلاثة أسطر الاول ( بسم الله الرحمن الرحيم ) والثاني ( الحمد
لله رب العالمين ) والثالث ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) طول كل سطر مسيرة ألف سنة ،
وتسير بلوائي والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في
ظل العرش ، ثم تكسى حلة خضراء من الجنة ، ثم ينادي مناد من تحت العرش : ( نعم
الاب أبوك إبراهيم ونعم الاخ أخوك علي ) أبشر يا علي أنك تكسى لاذا كسيت وتدعى
إذا دعيت وتحيى إذا حييت .
ومن كتاب المناقب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هذا علي بن أبي طالب
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 341 سطر 19 الى ص 349 سطر 18
لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي .
وقال : يا ام سلمة اشهدي واسمعي ( 4 ) هذا علي أميرالمؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي
___________________________________________________________
( 1 ) اعلام الورى : 187 .
( 2 ) السماط : الشئ المصطف .
سماط القوم : صفهم .
( 3 ) الزج : الحديدة التى في أسفل الرمح ، ويقابله السنان .
( 4 ) في المصدر : اسمعى واشهدى .
[342]
وبابي الذي اوتى منه ، أخي في الدنيا وخدني في الآخرة ومعي في السنام الاعلى ( 1 )
ومن مسند أحمد بن حنبل عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وآله آخى بين
أصحابه ( 2 ) فبقي رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوبكر وعمر وعلي ، فآخى بين أبي بكر وعمر وقال
لعلي عليه السلام : أنت أخي .
وبالاسناد عن عمر بن عبدالله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله آخى بين الناس و
ترك عليا حتى بقي آخرهم لا يرى له أخا ، فقال : يا رسول الله آخيت بين الناس وتركتني ؟
قال : ولمن تراني تركتك ؟ إنما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذاكرك أحد
فقل : أنا عبدالله وأخو رسول الله ، لا يدعيها بعدك إلا كذاب ( 3 ) .
يف : رواه أحمد في مسنده من أكثر من ستة طرق فمنها عن عمر بن عبدالله عن أبيه
عن جده وذكر مثل ما مر إلى قوله : إلا كذاب ( 4 ) .
18 كشف : وبالاسناد عن زيد بن أبي أوفى ( 5 ) قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله
فذكر قصة مؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : قال علي : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري
حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبى و
الكرامة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق ما اخترتك إلا لنفسي ، فأنت مني بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووزيري ووارثي ، قال : قال وما
أرث منك يا رسول الله ؟ قال : ماورث الانبياء قبلك ( 6 ) : كتاب الله وسنة نبيهم ، وأنت
معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة ، وأنت أخي ورفيقي ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله
( إخوانا على سرر متقابلين ( 7 ) ) المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض .
___________________________________________________________
( 1 ) كشف الغمة : 86 .
( 2 ) في المصدر : بين الصحابة .
( 3 ) كشف الغمة : 96 .
( 4 ) الطرائف .
17 .
( 5 ) أورد ترجمته مع حديث المواخاة في اسد الغابة 2 : 221 .
وفي ( ك ) ( عن زيد بن ادمى )
وهو سهو وفي ( ت ) زيد بن آدم .
( 6 ) في المصدر : ماورث الانبياء قبلى وسياتى في ص 346 .
( 7 ) سورة الحجر : 47 .
[343]
وبالاسناد عن عكرمة عن ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله :
إن الله عزوجل يقول : ( أفإن مات أو قتل ( 1 ) ) لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت ،
والله إني لاخوه ووليه وابن عمه ووارثه ، ومن أحق به مني ؟
وبالاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : طلبني رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدني في حائط
نائما ، فضربني برجله وقال : قم والله لارضينك ، أنت أخي وأبوولدي ، تقاتل على سنتي
من مات على عهدي فهو في كنز [ كنف ] الله ، ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه ، ومن
مات يحبك بعد موتك يختم الله له بالامن والايمان ما طلعت شمس أو غربت ، وعن جابر
مثله وفي آخره : علي أخي وصاحب لوائي .
وعن علي عليه السلام بالاسناد قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بني عبدالمطلب فيهم رهط يأكل
الجذعة ( 2 ) ويشرب الفرق ، قال : فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا قال :
وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ، ثم دعا بغمر ( 3 ) فشربوا حتى رووا وبقي الشراب
كأنه لم يشرب منه ولم يمس ، فقال : يا بني عبدالمطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى
الناس عامة ، وقدرأيتم من هذه الآية مارأيتم ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و
صاحبي ؟ قال : فلم يقم إليه أحد ، فلما كان في الثالثة ضرب بيده على يدي .
ومن مناقب الفقيه أبي الحسن ابن المغازلي عن أنس قال : لما كان يوم المباهلة آخى
النبي صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والانصار وعلي واقف يراه ويعرف مكانه ، ولم يواخ بينه و
بين أحد ، فانصرف علي باكي العين ، فافتقده النبي صلى الله عليه وآله فقال : ما فعل أبوالحسن ؟ قالوا
انصرف باكي العين يا رسول الله ، قال : يا بلال اذهب فائتني به ، فمضى بلال إلى علي عليه السلام
وقد دخل منزله باكي العين ، فقالت فاطمة عليها السلام : ما يبكيك لا أبكى الله عينيك ؟ قال :
يا فاطمة آخى النبي صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والانصار وأنا واقف يراني ويعرف مكاني ولم
يواخ بيني وبين أحد ، قالت عليها السلام : لا يحزنك الله لعله إنما ذخرك ( 4 ) لنفسه ، فقال بلال
___________________________________________________________
( 1 ) سورة آل عمران : 144 .
( 2 ) في المصدر : كلهم يأكل الجذعه ، والفرق بضم الفاء اناء يكتال به .
( 3 ) الغمر كصرد : قدح صغير .
( 4 ) في المصدر : إنما ادخرك .
[344]
يا علي أجب النبي ، فأتى علي النبي فقال النبي : ما يبكيك يا أبا الحسن ؟ فقال واخيت
بين المهاجرين والانصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تواخ بينى و
بين أحد ، قال : إنما ذخرتك لنفسي ، ألا يسرك أن تكون أخانبيك ؟ قال : بلى يا رسول الله
أني لي بدلك ؟ فأخذ بيده فأرقاه المنبر فقال : ( اللهم هذا مني ( 1 ) وأنا منه ، ألا إنه
مني بمنزلة هارون من موسى ، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) قال : فانصرف علي
قرير العين فأتبعه عمر بن الخطاب فقال : بخ بخ يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل
مسلم ( 2 ) .
فض : عن أبى الحسين بن المظفر العطار يرفعه إلى حميد الطويل إلى أنس بن
مالك مثله ، وفي آخره : ثم نزل وقد سر علي بن أبي طالب عليه السلام فجعل الناس يبايعونه
وعمر بن الخطاب يقول : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن
ومؤمنة ، زوجة من يعاديك طالقة طالقة طالقة ( 3 ) .
19 كشف : ابن المغازلي عن زيد بن أرقم قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال : إني مواخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة ، ثم قال لعلي عليه السلام : أنت أخى و
رفيقي ، ثم تلاهذه الآية ( إخوانا على سرر متقابلين ( 4 ) ) الاخلاء في الله ينظر بعضهم
إلى بعض .
وعن الدارقطني يرفعه إلى ابن عمر قال : قال رسول الله لعلي عليه السلام : أنت أخي
في الدنيا والآخرة .
وبالاسناد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خير إخواني علي .
وبالاسناد عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام يوم المواخاة : أنت أخي
في الدنيا والآخرة
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : اللهم ان هذا .
( 2 ) كشف الغمة : 96 و 97 .
( 3 ) الروضة : 11 و 12 .
( 4 ) سورة الحجر : 47 .
[345]
وبالاسناد عن حذيفة بن اليمان قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين والانصار :
كان يواخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : هذا أخي
قال حذيفة : فرسول الله صلى الله عليه وآله سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين ، الذي
ليس له شبيه ولا نظير وعلي أخوه ،
( شعر )
يميل العدو والصديق وإنما ( 1 ) * يعادي الفتى أمثاله ويصادق
وبالاسناد عن أبي الحمراء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لما اسري بي إلى
السماء رأيت على ساق العرش الايمن : أنا وحدي لاإله غيري ، غرست جنة عدن بيدي ،
محمد صفوتي ، أيدته بعلي .
ومن الجمع بين الصحاح ( 2 ) لرزين العبدري في باب مناقب أميرالمؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام وبالاسناد المتقدم من سنن أبي داود وصحيح الترمذي عن ابن عمر
قال : لما آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه جاءه علي عليه السلام تدمع عيناه ، فقال : يا رسول
الله آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد ، قال : فسمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : أنت
أخي في الدنيا والآخرة ( 3 ) .
أقول : روى في جامع الاصول من الترمذي عن ابن عمر مثله ( 4 ) .
20 كشف : من كتاب كفاية الطالب عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش : نعم الاب أبوك إبراهيم
خليل الرحمان ونعم الاخ أخوك علي بن أبي طالب ( 5 ) .
21 فر : عن محمد بن إبراهيم بن زكريا معنعنا عن عبدالله بن أبي أوفى قال :
خرج النبي صلى الله عليه وآله ونحن في مسجد المدينة فقام [ و ] حمد الله تعالى وأثنى عليه فقال : إني محدثكم
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : ينيل العدو والصديق وإنما .
( 2 ) في المصدر : بين الصحاح الست .
( 3 ) كشف الغمة : 97 .
( 4 ) تيسير الوصول 3 : 237 .
( 5 ) كشف الغمة : 113 .
[346]
حديثا فاحفظوه وعوه ، وليحدث ، من بعدكم ، إن الله اصطفى لرسالته من خلقه ، وذلك
قول الله تعالى : ( الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ( 1 ) ) أسكنهم الجنة ، وإني
مصطفي منكم من أحب أن أصطفيه ، واواخي بينكم كما آخى الله بين الملائكة ، فذكر
كلاما فيه طول فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : لقد انقطع ظهري وذهب روحي عندما
صنعت بأصحابك .
فإن كان من سخطة بك علي فلك العتبى ( 2 ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي
بعثني بالحق ما أنت مني إلا بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي ، وما أخرتك
إلا لنفسي ، فأنا رسول الله وأنت أخي ووارثي ، قال : وما الذي أرث منك يا رسول الله ؟
قال : ما ورثت الانبياء من قبلي ، قال : وما ورثت الانبياء من قبلك ؟ قال : كتاب ربهم و
سنة نبيهم ، أنت معي يا علي في قصري في الجنة مع فاطمة بنتي ، هي زوجتك في الدنيا
والآخرة وأنت رفيقي ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله ( إخوانا على سرر متقابلين ) ( 3 ) المتحابون
في الله ينظر بعضهم إلى بعض ( 4 ) .
22 يف : ابن المغازلي بأسانيده إلى حذيفة بن اليمان قال : آخى رسول الله صلى
الله عليه وآله بين المهاجرين ، فكان يواخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي
طالب عليه السلام فقال : ( هذا أخي ) قال حذيفة : فرسول الله صلى الله عليه وآله سيد المرسلين وإمام المتقين
ورسول رب العالمين الذي ليس له شبه ولا نظير ، وعلي أخوه ( 5 ) .
بيان : أخبار هذا الباب متفرقة في سائر الابواب ، وروى ابن بطريق في العمدة
ما مر من الاخبار من مسند أحمد بن حنبل بستة أسانيد عن سعيد بن المسيب وعن عمر
بن عبدالله عن أبيه عن جده ، وعن زيد بن أبي أوفى ، وعن ابن عباس ، وعن أميرالمؤمنين
عليه السلام برواية أبي المغيرة وربيعة بن ناجد ، ومن مناقب ابن المغازلي بثمانية أسانيد عن
أنس وزيد بن أرقم وابن عباس وابن عمر بروايتين وحذيفة بن اليمان وأبي الحمراء ، و
___________________________________________________________
( 1 ) سورة الحج .
75 .
( 2 ) في المصدر : فلك العتبى والكرامة .
( 3 ) سورة الحجر : 47 .
( 4 ) تفسير فرات : 82 :
( 5 ) الطرائف : 28 .
وفيه : الذى ليس له شبيه ولا نظير .
[347]
من صحيح الترمذي وسنن أبي داود عن ابن عمر ( 1 ) .
وروى في الطرائف بأكثر تلك الاسانيد ( 2 ) .
وروى ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة من مناقب ضياء الدين الخوارزمي
عن ابن عباس قال : لما آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه من المهاجرين والانصار آخى
بين أبي بكر وعمر ، وآخى بين عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف ، وآخى بين طلحة
والزبير ، وآخى بين أبي ذر الغفاري والمقداد ، ولم يواخ بين علي بن ابي طالب عليه السلام
وبين أحد منهم ، فخرج علي مغضبا حتى أتى جدولا من الارض وتوسد ذراعه ونام فيه
تسفي الريح عليه ، فطلبه النبي صلى الله عليه وآله فوجده على تلك الصفة ، فركزه برجله وقال له :
قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب ، أغضبت حين آخيت بين المهاجرين والانصار ولم
اواخ بينك وبين أحد منهم ؟ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي ؟ ألا من أحبك فقد حف بالامن والايمان ومن أبغضك أماته الله ميتة
جاهلية ( 3 ) .
___________________________________________________________
( 1 ) العمدة : 83 88 .
( 2 ) الطرائف : 17 و 18 و 36 .
( 3 ) الفصول المهمة : 20 و 21 .
[348]
1 ج : جعفر بن محمد الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : كنت أنا ورسول
الله صلى الله عليه وآله في المسجد بعد أن صلى الفجر ثم نهض ونهضت معه ، وكان إذا أراد أن يتجه
إلى موضع أعلمني بذلك ، فكان إذا أبطأ في الموضع صرت إليه لاعرف خبره ، لانه لا يتقار ( 1 )
قلبي على فراقه ساعة ( 2 ) فقال لي : أنا متجه إلى بيت عائشة فمضى ومضيت إلى بيت فاطمة عليها السلام ،
فلم أزل مع الحسن والحسين وهي وأنا مسروران بهما ، ثم إني نهضت وصرت إلى باب
عائشة فطرقت الباب فقالت لي عائشة : من هذا ؟ فقلت لها : أنا علي ، فقالت إن النبي صلى الله عليه وآله
راقد ، فانصرفت ثم قلت : النبي راقد وعائشة في الدار ؟ فرجعت وطرقت الباب ، فقالت لي
عائشة : من هذا ؟ فقلت : أنا علي ، فقالت : إن النبي على حاجة ، فانثنيت ( 3 ) مستحييا
من دقي الباب ، ووجدت في صدري ما لا أستطيع عليه صبرا ، فرجعت مسرعا فدققت الباب
دقا عنيفا ( 4 ) ، فقالت لي عائشة : من هذا ؟ فقالت : أنا علي ، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول
لها : يا عائشة افتحي [ له ] الباب ، ففتحت فدخلت ، فقال لي .
اقعد يا أبا الحسن ، احدثك
بما أنا فيه أوتحدثني بإبطائك عني ؟ فقلت : يا رسول الله [ حدثني ] فإن حديثك أحسن
فقال : يا أبا الحسن كنت في أمر كتمته من ألم الجوع ، فلما دخلت بيت عائشة وأطلت
القعود ليس عندها شئ تأتي به مددت يدي وسألت الله القريب المجيب ، فهبط علي حبيبي
جبرئيل عليه السلام ومعه هذا الطير ووضع أصبعه على طائربين يديه فقال : إن الله عزوجل
___________________________________________________________
( 1 ) تقار في المكان : سكن وثبت .
وفي المصدر : لا يتصابر .
( 2 ) في المصدر : ساعة واحدة .
( 3 )
( 2 ) أى انصرفت .
( 4 ) أى شديدا .
[349]
أوحى إلي أن آخذ هذا الطير وهو أطيب طعام في الجنة ، فأتيتك به ( 1 ) يا محمد ، فحمدت
الله كثيرا ، وعرج جبرئيل ، فرفعت يدي إلى السماء فقلت : اللهم يسر عبدا يحبك و
يحبني يأكل معي هذا الطائر ( 2 ) ، فمكثت مليا فلم أر أحدا يطرق الباب ، فرفعت يدي
ثم قلت اللهم يسر عبدا يحبك ويحبني وتحبه واحبه يأكل معي هذا الطائر ( 3 ) ،
فسمعت طرقك للباب وارتفاع صوتك ، فقلت لعائشة : أدخلي عليا ، فدخلت ، فلم أزل
حامدا لله حتى بلغت إلي إذ كنت تحب الله وتحبني ويحبك الله واحبك ، فكل
يا علي .
فلما أكلت أنا والنبي الطائر قال لي : يا علي حدثني ، فقلت يا رسول الله : لم
أزل منذ فارقتك أنا وفاطمة والحسن والحسين مسرورين جميعا ، ثم نهضت اريدك فجئت
فطرقت الباب ، فقالت لي عائشة : من هذا ؟ فقلت لها : أنا علي ، فقالت : إن النبي صلى الله عليه وآله
راقد ، فانصرفت فلما صرت ( 4 ) إلى الطريق الذي سلكته رجعت فقلت : النبي راقد و
عائشة في الدار ؟ لا يكون هذا ! ؟ فجئت فطرقت الباب ، فقالت لي : من هذا ؟ فقلت أنا علي
فقالت : إن النبي على حاجة ، فانصرفت مستحييا ، فلما انتهيت إلى الموضع الذي رجعت
منه أول مرة وجدت في قلبي ما لم أستطع ( 5 ) عليه صبرا وقلت : النبي على حاجة وعائشة
في الدار ؟ فرجعت فدققت الباب الدق الذي سمعته يا رسول الله ، فسمعتك يا رسول الله أنت
تقول لها : أدخلي عليا ، فقال النبي صلى الله عليه وآله أبيت إلا أن يكون ( 6 ) الامر هكذا يا حميراء
ما حملك على هذا ؟ فقالت : يا رسول الله اشتهيت أن يكون أبي يأكل من الطير ( 7 ) !
فقال لها : ما هو بأول ضغن بينك وبين علي ، وقد وقفت على ما في قلبك لعلي ، إنك
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 349 سطر 19 الى ص 357 سطر 18
لتقاتلينه ! فقالت : يا رسول الله وتكون النساء يقاتلن الرجال ؟ فقال لها : يا عائشة إنك
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : فآتيك به .
( 2 و 3 ) في المصدر : يأكل معى من هذا الطائر .
( 4 ) في المصدر : فلما أن صرت ،
( 5 ) في المصدر : مالا أستطيع .
( 6 ) في المصدر : أبي الله إلا أن يكون اه .
( 7 ) في المصدر : من هذا الطير .
[350]
لتقاتلين عليا ، ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من أصحابي ( 1 ) فيحملونك عليه وليكونن
في قتالك له أمر تتحدث به الاولون والآخرون ، وعلامة ذلك أنك تركبين الشيطان
ثم تبتلين قبل أن تبلغي إلى الموضع الذي يقصد بك إليه ، فتنبح عليك كلاب الحوأب ،
فتسألين الرجوع فيشهد عندك قسامة ( 2 ) أربعين رجلا ما هي كلاب الحوأب ، فتصيرين ( 3 )
إلى بلد أهله أنصارك هو أبعد بلاد على الارض إلى السماء ( 4 ) وأقربها إلى الماء ولترجعين
وأنت صاغرة غير بالغة [ إلى ] ما تريدين ، ويكون هذا الذي يردك مع من يثق به من
أصحابه ، إنه لك خير منك له ، ولينذرنك ما يكون ( 5 ) الفراق بيني وبينك في الآخرة
وكل من فرق علي بيني وبينه بعد وفاتي ففراقه جائز ، فقالت : يا رسول الله ليتني مت
قبل أن يكون ما تعدني ! فقال لها : هيهات هيهات والذي نفسي بيده ليكونن ما قلت حتى
كأني أراه ، ثم قال لي : قم يا علي فقد وجبت صلاة الظهر ، حتى آمر بلالا بالاذان ،
فأذن بلال وأقام الصلاة وصلى وصليت معه ولم نزل في المسجد ( 6 ) .
2 ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن أحمد بن الحسن .
عن يوسف بن عدي
عن حماد بن المختار ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله
طائر فوضع بين يده ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي عليه السلام
فدق الباب فقلت : من ذا ؟ فقال : أنا علي فقلت : إن النبي صلى الله عليه وآله على حاجة ، حتى فعل
ذلك ثلاثا ، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما حبسك ؟ قال
قد جئت ثلاث مرات ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما حملك على ذلك ؟ قال : قلت : كنت احب
أن يكون رجلا من قومي ( 7 ) .
___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : : نفر من أهل بيتى واصحابى .
( 2 ) القسامة بفتح القاف الجماعة يحلفون على الشئ ويأخذونه .
( 3 ) في المصدر : فتنصرفين .
( 4 ) في المصدر : من السماء .
( 5 ) في المصدر : بما يكون .
( 6 ) الاحتجاج : 104 و 105 .
( 7 ) أمالى الشيخ : 159 .