[331]

فما اختار لنفسه أحدا غيري ، ولقد قال لي : ( أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ) ولقد أخرج الناس وتركني ، ولقد قال لي : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ( 1 ) ) .
3 ومن الكتاب المذكور عن عبدالله بن لهيعة ، عن جرير بن عبدالله ، عن أبي الرحم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في مرضه : ادعوا لي أخي عليا ، فدعي له علي ، فستره بثوبه وأكب عليه ، فلما خرج من عنده قيل له : ما قال لك ؟ قال : علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب ( 2 ) .
أقول : قال السيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب الشافي : النصر من النبي صلى الله عليه وآله على ضربين : منه ما يدل بلفظه وصريحه على الامامة .
ومنه ما يدل فعلا كان أو قولا عليها بضرب من الترتيب والترسل ( 3 ) ، وقد بينا أن كل أمر وقع منه صلى الله عليه وآله من قول أو فعل يدل على تميز أميرالمؤمنين عليه السلام من الجماعة ، واختصاصه من الرتب ( 4 ) والمنازل السامية بما ليس لهم ، فهو دال على النص بالامامة من حيث كان دالا على عظم منزلته وقوة فضله ، والامامة هي أعلى منازل الدين بعد النبوة ، فمن كان أفضل في الدين وأعظم قدرا وأثبت صدقا ( 5 ) في منازله فهو أولى بها ، وكان من دل على ذلك من حاله قد دل على إمامته ، ويبين ذلك أن بعض الملوك لو تابع بين أقوال وأفعال طول عمره وولايته بما يدل في بعض أصحابه على فضل شديد واختصاص وكيد وقرب منه في المودة والنصرة ( 6 ) لكان ذلك عند ذوي العادات بهذه الافعال مرشحا له لاعلى المنازل بعده ( 7 ) ، وكالدال على استحقاقه لافضل الرتب ، وربما كانت دلالة هذه الافعال أقوى من دلالة الاقوال لان الاقوال يدخلها المجاز الذي لا يدخل هذه الافعال وقد دللنا على أن الامام لابد

___________________________________________________________
( 1 و 2 ) مخطوط .
( 3 ) في المصدر : والتنزيل .
( 4 ) في المصدر : من الرتب العالية .
( 5 ) في المصدر : وأعظم قدرا فيه واثبت قدما .
( 6 ) في المصدر : في المودة والنصرة والمخالصة .
( 7 ) في المصدر : مرشحا له لهؤلاء لا على المنازل بعده .

[332]

أن يكون الافضل ، وأنه لا يجوز أن يكون مفضولا ، والمواخاة من جملة تلك الافعال التي تدل على غاية الفضل والاختصاص .
ثم قال بعدرد اعتراضات اوردت على ذلك : والذي يدل على أن هذه المواخاة كانت تقتضي تفضيلا وتعظيما وأنها لم تكن على سبيل المعونة والمواساة فظاهر الخبر ( 1 ) عن أميرالمؤمنين عليه السلام في غير مقام بقوله مفتخرا متبجحا ( 2 ) ( أنا عبدالله وأخو رسوله لا يقوله بعدي إلا كذاب مفتر ) فلو لا أن في الاخوة تفضيلا عظيما لم يفتخر بها ، ولا أمسك معاندوه عن أنه لا مفخر فيها ، ويشهد أيضا بأن هذه المواخاة ذريعة ( 3 ) قوية إلى الامامة وسبب وكيد لاستحقاقها أنه يوم الشورى لما عدد فضائله ومناقبه وذرائعه إلى استحقاق الامامة قال في جملة ذلك : ( أفيكم من آخى ( 4 ) رسول الله بينه وبين نفسه غيري ؟ ) ) ويشهد أيضا باقتضاء المواخاة الفضيلة الباهرة والمزية الظاهرة ما رواه عيسى بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سألت ربي فيك خمسا فمنعي واحدة وأعطاني أربعا : سألته أن يجمع عليك امتي فأبى ، وأعطاني فيك أني أول من تنشق عنه الارض يوم القيامة وأنت معي ، ومعي لواء الحمد وأنت تحمله بين يدي تسوق به الاولين والآخرين ، وأعطاني أنك أخي في الدنيا والآخرة وأن بيتك مقابل بيتي في الجنة ، وأعطاني أنك أولى بالمؤمنين من بعدي .
وروى حفص بن عمر بن ميمون قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام أن عليا عليه السلام قال على المنبر بالكوفة : أيها الناى إنه كانت لي من رسول الله عشر خصال هن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس : قال لي : يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت أقرب الخلق مني يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار ، ومنزلك في الجنة يواجه منزلي كما يتواجه منازل الاخوان

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر : تظاهر الخبر .
( 2 ) تبجح : افتخر وتعظم وباهى .
( 3 ) الذريعة : الوسيلة .
( 4 ) في المصدر : أفيكم أحد آخى .

[333]

في الله وأنت الوارث مني ، وأنت الوصي مني في عداتي وأمري وفي كل غيبة يعني بذلك حفظه في أزواجه .
وروى كثير بن إسماعيل عن جميع بن عمير التميمي ( 1 ) قال : أتيت ابن عمر فسألته عن علي عليه السلام فقال : هذا منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا منزله ( 2 ) ، وإن شئت حدثتك ، قلت : نعم ، قال آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين حتى بقي علي وحده ، فقال : يا رسول الله آخيت بين المهاجرين فمن أخي ؟ قال : أما ترضى أن تكون أخي في الدنيا والآخرة ؟ قال : بلى ( 3 ) .
وكل هذا الذي أوردناه وإن كان قليلا من كثير صريح في دلالة المواخاة على الفضل وبطلان قول من خالف في ذلك ، انتهي كلامه ( 4 ) .
[ 4 ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن بشر ، عن إسحاق بن عبدالله بن الحارث ، عن أبيه ، عن عبدالله بن العباس قال : لما نزلت ( إنما المؤمنون إخوة ( 5 ) ) آخي رسول الله صلى الله عليه وآله بين المسلمين ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبدالرحمان ، وبين فلان وفلان ، حتى آخى بين أصحابه أجمعهم على قدر منازلهم ، ثم قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أنت أخي وأنا أخوك ( 6 ) .
5 ما : جماعة : عن أبي المفضل ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن بشر ، عن منصورالاسدي عن عمرو بن شمر ، عن إبراهيم بن عبدالاعلى ، عن سعد بن حذيفة بن اليمان ، عن أبيه قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين الانصار والمهاجرين اخوة الدين ، فكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : هذا أخي ، قال حذيفة : فرسول الله سيد المسلمين وإمام المتقين ( 7 ) ، ليس له في الانام شبه ولا نظير ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام
-بحار الانوار مجلد: 34 من ص 333 سطر 19 الى ص 341 سطر 18 أخوه ( 8 ) ] .

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( د ) : عن جميع بن عمير التيمى .
( 2 ) في المصدر : وهذا منزل على .
( 3 ) في المصدر بعد ذلك : قال : فأنت أخى في الدنيا والاخرة .
( 4 ) الشافى : 169 .
وفيه : وبطلان قول من ظن خلاف ذلك .
( 5 ) سورة الحجرات : 10 .
( 6 و 8 ) أمالى ابن الشيخ : 23 .
( 7 ) في المصدر : فرسول الله سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذى ليس له اه .

[334]

6 لى : سليمان بن أحمد اللخمي ، عن الحضرمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن ثابت ابن حماد ، عن موسى بن صهيب ، عن عبادة بن نسئ ، عن عبدالله بن أبي أوفى قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه وترك عليا عليه السلام فقال له : آخيت بين أصحابك وتركتني ؟ فقال : والذي نفسي بيده ما أخرتك إلا لنفسي ، أنت أخي ووصيي ووارثي ، قال : ما أرث منك يا رسول الله ؟ قال : ما أورث النبيون قبلي ، أورثوا كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وأنت وابناك معي في قصري في الجنة ( 1 ) .
يف : أحمد بن حنبل عن زيد بن أبي أوفى من طريقين مثله ( 2 ) .
7 فس : لما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وآخى بين المهاجرين والانصار آخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبدالرحمان بن عوف ، وبين طلحة والزبير ، وبين سلمان وأبي ذر ، وبين المقداد وعمار ، وترك أميرالمؤمنين عليه السلام فاغتم من ذلك غما شديدا وقال : يا رسول الله بأبي أنت وامي لم تؤاخ بيني وبين أحد ، فقال : والله يا علي ما حبستك إلا لنفسي ، أما ترضى أن تكون أخي وأنا أخوك ؟ وأنت وصيي ووزيري وخليفتي في امتي تقضي ديني وتنجز عداتي وتتولى غسلي ولا يليه غيرك ؟ وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ فاستبشر أميرالمؤمنين عليه السلام بذلك ( 3 ) .
8 ن : بإسناد التميمي عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي عليه السلام : أنا عبدالله وأخورسوله لا يقولها بعدي إلا كذاب ( 4 ) .
9 ما : المفيد ، عن المراغي ، عن عبدالله بن مسلم ، عن سعيد بن عبدالرحمان ، عن إسماعيل بن صبيح ، عن صباح المزني ، عن حكيم بن جبير ، عن عقبة الهجري ، عن عمه قال : سمعت عليا عليه السلام على المنبر وهو يقول : لاقولن اليوم قولا لم يقله أحد قبلي ولا يقوله أحد بعدي إلا كاذب أنا عبدالله وأخو رسول الله ونكحت سيدة نساء الامة ( 5 ) .

___________________________________________________________
( 1 ) أمالى الصدوق : 208 و 209 .
( 2 ) الطرائف : 17 .
( 3 ) لم نجده في المصدر المطبوع ( 4 ) عيون الاخبار : 223 .
( 5 ) أمالى الشيخ .
52 .

[335]

10 قب : صارا أخوين من ثلاثة أوجه : أولها لقوله عليه السلام : فما زال ينقله من الآباء الاخاير ، الخبر ، والثاني أن فاطمة بنت أسد ربته حتى قال : ( هذه امي ) وكان عند أبى طالب من أعز أولاده ، رباه في صغره وحماه في كبره ، ونصره باللسان والمال والسيف والاولاد والهجرة ، والاب أبوان أب ولادة وأب إفادة ، ثم إن العم والد ، قوله تعالى حكاية يعقوب : ( ما تعبدون من بعدي ( 1 ) ) الآية ، وإسماعيل كان عمه ، وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم : ( وإذ قال إبراهيم لابيه آزر ( 2 ) ) قال الزجاج : أجمع النسابة أن اسم أبي إبراهيم تارخ ، والثالث آخاه في عدة مواضع : يوم بيعة العشيرة حين لم يبايعه أحد بايعه علي على أن يكون له أخا في الدارين ، وقال في مواضع كثيرة منها يوم خيبر ( أنت أخي ووصيي ) وفي يوم المواخاة ما ظهر عند الخاص والعام صحته وقد رواه ابن بطة من ستة طرق ، وروي أنه كان النبي صلى الله عليه وآله بالنخيلة وحوله سبعمائة وأربعون رجلا ، فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : إن الله تعالى آخى بين الملائكة : بيني وبين ميكائيل ، وبين إسرافيل وبين عزرائيل ، وبين دردائيل وبين راحيل : فآخى النبي صلى الله عليه وآله بين أصحابه .
وروى خطيب خوارزم في كتابه بالاسناد عن ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وآله : أول من اتخذ علي بن أبي طالب عليه السلام أخا إسرافيل ثم جبرائيل ، الخبر .
تاريخ البلاذري والسلامي وغيرهما عن ابن عباس وغيره : لما نزل قوله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) ( 3 ) آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين الاشكال والامثال فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبدالرحمان ، وبين سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ، وبين طلحة والزبير ، وبين أبي عبيدة وسعد بن معاذ ، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب الانصاري ، وبين أبي ذر وابن مسعود ، وبين سلمان وحذيفة ، وبين حمزة وزيد بن حارثة ، وبين أبي الدرداء

___________________________________________________________
( 1 ) سورة البقرة : 133 وتمام الاية ( قالوا نعبد الهك واله آبائك ابراهيم واسماعيل و اسحاق ) فاطلق لفظ الاب على اسماعيل بالنسبة إلى يعقوب عليهما السلام مع انه كان عمه لا أباه ، لان يعقوب من ولد اسحاق .
( 2 ) سورة الانعام : 74 .
( 3 ) سورة الحجرات : 10 .

[336]

وبلال ، وبين جعفر الطيار ومعاذ بن جبل ، وبين المقداد وعمار ، وبين عائشه و حفصة ، وبين زينب بنت جحش وميمونة ، وبين ام سلمة وصفية ، حتى آخى بين أصحابه بأجمعهم على قدر منازلهم ، ثم قال : ( أنت أخي وأنا أخوك يا علي ) .
محمد بن إسحاق قال : آخى النبي صلى الله عليه وآله بين أصحابه من المهاجرين و الانصار أخوين أخوين ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام وقال : هذا أخي .
تاريخ البلاذري قال علي عليه السلام يا رسول الله اخيت بين أصحابك وتركتني ، فقال : أنت أخي أما ترضى أن تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وتدخل الجنة إذا دخلت ؟ قال : بلى يا رسول الله .
الترمذي والسمعاني والنطنزي أنه قال ابن عمر ، وزيد بن أبي أوفى : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه ، فجاء علي تدمع عيناه ، فقال : يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أنت أخي في الدنيا والآخرة ( 1 ) .
يفر : في الجمع بين الصحاح الستة من صحيح أبي داود وصحيح الترمذي عن ابن عمر مثله ورواه .
ابن المغازلي من خمس طرق ( 2 ) .
11 قب : في فضائل أحمد : إنما تركتك لنفسي أنت أخي وأنا أخوك .
وفيه برواية زيد بن أبي أوفي : والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، الخبر .
الاربعين عن الخوارزمي قال أبورافع : إن رسول الله صلى الله عليه وآله التفت إلى علي عليه السلام فقال : أنت أخي في الدنيا والآخرة ووزيري ووارثي .
اعتقاد أهل السنة : روى مخدوج بن زيد الذهلي أن النبي صلى الله عليه وآله لما آخى بين المسلمين أخذ بيد علي فوضعها على صدره وقال : يا علي أنت مني وأنا منك بمنزلة هارون من موسى الخبر .

___________________________________________________________
( 1 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 366 و 367 .
( 2 ) الطرائف : 17 .

[337]

شيخ السنة القاضي أبوعمرو بإسناده عن شرجيل في خبرأن علياعليه السلام قال : فأنا يا رسول الله من أخي ؟ قال : والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي في الدنيا والآخرة .
وفي فضائل العشرة عن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش : يا محمد نعم الاب أبوك إبراهيم ونعم الاخ أخوك علي بن أبي طالب .
فضائل السمعاني : روى أبوالصلت الاهوازي بإسناده عن طاوس عن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله رأى عليا فقال : هذا أخي وصاحبي ، ومن باهى الله به ملائكته ، ومن يدخل الجنة بسلام .
فردوس الديلمي عن حذيفة قال النبي صلى الله عليه وآله : علي أخي وابن عمي .
المناقب عن أبي إسحاق العدل قال أبويحيي : ما جلس علي على المنبر إلا قال : أنا عبدالله وأخو رسول الله لا يقولها بعدي إلا كذاب الصادق عليه السلام : ولما آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين الصحابة وترك عليا فقال له في ذلك ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : إنما أخرتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ، فبكى علي عند ذلك وقال : أقيك بنفسي أيها المصطفى الذي * هدانا به الرحمان من عمه الجهل وأفديك حوبائي وما قدر مهجتي ؟ * لمن أنتمي منه إلى الفرع والاصل ومن ضمني مذ كنت طفلا ويافعا * وأنعشني بالبر والعل والنهل ومن جده جدي ومن عمه عمي * ومن أهله امي ومن بنته أهلي ومن حين آخى بين من كان حاضرا * دعاني وآخاني وبين من فضلي لك الفضل إني ما حييت لشاكر * لاتمام ما أوليت يا خاتم الرسل ( 1 ) بيان : الحوباء بالفتح والمد : روح القلب ، وقيل : هي النفس .
والانتماء : الانتساب .
والمراد بالفرع الحسنان وأولادهما ، أوالا عم ليشمل سائر الكمالات والفضائل ويفع الغلام : راهق العشرين .
وفي الديوان المنسوب إليه ( وأنعشني بالعل منه وبالنهل )

___________________________________________________________
( 1 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 367 و 268 .

[338]

ونعشه وأنعشه : رفعه .
والعل الشربة الثانية والشرب بعد الشرب تباعا ، والنهل : أول الشرب ، وهذا كناية عن غاية الاهتمام بتربيته عليه السلام في جميع الامور وعلى جميع الاحوال وفي الديوان ( ومن عمه أبي * ومن نجله نجلي ومن بنته أهلي ) وفيه ( لاحسان ما أوليت ) .
[ أقول : ورواه الكراجكي في كنز الفوائد عن القاضي أسد بن إبراهيم السلمي ، عن عمرو بن علي العتكي ، عن محمد بن أحمد المصيصي ، عن الحسن بن علي العلوي ، عن الحسن بن حمزة النوفلي ، عن سليمان بن جعفر الهاشمي ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه ، فقلت يا رسول الله آخيت بين أصحابك وتركتني فردا لا أخ لي ، فقال : إنما اخترتك ( 1 ) لفنسي ، أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، فقمت وأنا أبكي من الجدل والسرور ، فأنشأت أقول : ( أقيك بنفسي ) إلى آخر الابيات ( 2 ) ] .
12 قب : الفنجكردي في سلوة الشيعة : جابر بن عبدالله الانصاري قال : سمعت عليا عليه السلام ينشد ورسول الله صلى الله عليه وآله يسمع : أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي * معه ربيت وسبطاه هما ولدي جدي وجد رسول الله منفرد * وفاطم زوجتي لا قول ذي فند والحمد لله شكرا لا شريك له * البر بالعبد والباقي بلا أمد قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : صدقت ( 3 ) .
بيان : الفند بالتحريك : الكذب وبعد ذلك في الديوان .
صدقته وجميع الناس في ظلم * من الضلالة والاشراك والنكد فالحمد لله فردا لا شريك له * .
.
13 قب : محمد بن إسحاق : فبقى الناس ما شاء الله يتوارثون في المدينة بعقد الاخوة

___________________________________________________________
( 1 ) في المصدر و ( د ) : إنما أخرتك .
( 2 ) كنزالكراجكى : 281 و 282 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 268 .

[339]

دون اولي الارحام ، وأنزل الله فيهم ( إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ ( 1 ) ) وبقي ميراث من لم يهاجر من المؤمنين بمكة على القرابة حتى أنزل الله ( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فاولئك منكم واولو الارحام بعضهم أولى ببعض ( 2 ) ) فصار الميراث لاهل الارحام ( 3 ) تفسير القطان وتفسير وكيع ، عن سفيان ، عن الاعمش ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس أن الناس كانوا يتوارثون بالاخوة ، فلما نزل قوله تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ( 4 ) ) وهم الذين آخى بينهم النبي صلى الله عليه وآله ثم قال النبي صلى الله عليه وآله : ( من مات منكم وعليه دين فإلي قضاؤه ، ومن مات وترك ما لا فلورثته ) فنسخ هذا الاول ، فصارت المواريث للقرابات ، الادنى فالادنى ، ثم قال : ( إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) ( 5 ) الوصية من ثلث مال اليتيم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله عند نزولها : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : ألا من كنت مولاه فهذا ولي الله علي بن أبي طالب مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، الدعاء ، ألا من ترك دينا أوضيعة فإلي ، ومن ترك مالا فلورثته .
تفسير جابر بن يزيد عن الامام الصادق عليه السلام قال في هذه الآية : فكانت لعلي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله الولاية في الدين والولاية في الرحم ، فهو وارثه كما قال : أنت أخي في الدنيا والآخرة وأنت وارثي .
السمعاني في الفضائل عن بريدة قال النبي صلى الله عليه وآله : لكل نبي وصي ووارث وإن عليا وصي ووارثي وقالوا : وأما العباس فلم يرث لقوله تعالى : ( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ ( 6 ) ) وبالاتفاق أنه لم يهاجر العباس .

___________________________________________________________
( 1 ) سورة الانفال : 72 .
( 2 ) سورة الانفال : 75 .
( 3 ) في المصدر : لا ولى الارحام .
( 4 و 5 ) سورة الاحزاب : 6 .

[340]

ابن بطة في الابانة أنه قيل لقثم بن العباس : بأي شئ ورث علي النبي صلى الله عليه وآله دون العباس ؟ قال : لانه كان أشدنا به لصوقا وأسرعنا به لحوقا .
لم يكونا أخوين من النسب تحقيقا ، وإنما قال ذلك فيه إبانة لمنزلته وفضله وإمامته على سائر المسلمين لئلا يتقدمه أحد منهم ، ولا يتأمر عليه بعد ما آخى بينهم أجمعين : الاشكال وجعله شكلا لنفسه ، والعرب تقول للشئ أنه أخو الشئ إذا أشبهه أو قاربه أو وافق معناه ، ومنه قوله تعالى : ( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ( 1 ) ) وكانا جبرئيل وميكائيل ، وكذا قوله تعالى : ( يا اخت هارون ( 2 ) ) فلما كان علي وصي رسول الله في امته كان أقرب الناس شبها في المنزلة به ، والاخوة لا توجب ذلك لانه قد يكون المؤمن أخا للكافر والمنافق ، فثبتت إمامته ( 3 ) .
14 قب : أخبرنا أبوطالب أحمد بن محمد بن غشمة العدل بإسناده عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي : أنت أخي وصاحبي .
أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبة البصرة : ( أنا عبدالله وأخو رسول الله وأنا الصديق الاكبر والفاروق الاعظم لا يقوله غيري إلا كذاب ) فهو عبدالله على معنى الافتخار كما قال : ( كفى لي فخرا أن أكون لك عبدا ( 4 ) ) .
[ 15 كتاب البيان لابن شهر آشوب : لما نزل قوله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ( 5 ) ) آخى النبي صلى الله عليه وآله بين الصحابة وقال لعلي عليه السلام : ( أنت أخي وأنا أخوك ) ذكره الترمذي وأحمد ومحمد بن إسحاق والبلاذري والسمعانى ووكيع والافليس ( 6 ) وابن الصخر والقطان والسلامي وشيرويه في مناقب الطبري والاربعين للخوارزمي ( 7 ) ] .

___________________________________________________________
( 1 ) سورة ص : 23 .
( 2 ) سورة مريم : 28 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 368 370 .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب 1 : 580 و 581 .
( 5 ) سورة الحجرات : 10 .
( 6 ) في ( د ) والاقليسى والظاهر ( والاقليشى ) قال في القاموس ( 2 : 285 ) : اقليش بلد بالاندلس ، منه أحمد معد بن عيسى .
( 7 ) مخطوط .