[101]
وأطعنهم صدر الكمي برمحه * وأكساهم للهام عضبا مهندا ( 1 )
سوى أخويك السيدين كلاهما * إماما الورى والداعيان إلى الهدى
أبى الله أن يعطي عدوك مقعدا * من الارض أو في اللوح مرقى ومصعدا ( 2 )
وقال في موضع آخر : روى عمرو بن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : خطب
عبدالله بن زبير فنال من علي عليه السلام فبلغ ذلك محمد بن الحنفية ، فجاء إليه وهو
يخطب ، فوضع له كرسي ، فقطع عليه خطبته وقال : يا معشر العرب شاهت الوجوه
أينتقص علي وأنتم حضور ؟ إن عليا كان يدالله على أعدائه ، وصاعقة من أمرالله ( 3 )
أرسله على الكافرين به والجاهدين لحقه ، فقتلهم بكفرهم ، فشنؤه وأبغضوه و
ضمروا ( 4 ) له السيف والحسد وابن عمه عليه السلام حي بعد لم يمت ، فلما نقله الله إلى
جواره وأحب له ما عنده أظهرت له رجال أحقادها ، وشفت أضغانها ، فمنهم من
ابتزه حقه ، ومنهم من أسمر به ( 5 ) ليقتله ، ومنهم من شتمه وقذفه بالاباطيل ،
فإن يكن لذريته وناصري دعوته دولة ينشر عظامهم ويحفر على أجسادهم والابدان ( 6 )
يومئذ بالية بعد أن يقتل الاحياء منهم ويذل رقابهم ، ويكون الله عز اسمه قد عذبهم
-بحار الانوار مجلد: 38 من ص 101 سطر 14 الى ص 109 سطر 14
بأيدينا ، وأخزاهم ونصرنا عليهم ، وشفى صدورنا منهم ، إنه والله ما يشتم عليا
إلا كافر يسر شتم رسول الله صلى الله عليه واله ويخاف أن يبوح به ، فيلقى شتم علي عنه ( 7 ) أما
إنه قد يخطب المنية ( 8 ) منكم من امتد عمره وسمع قول رسول الله صلى الله عليه واله فيه : " لا
*
_________________________________________________________
ص 101 ) ( 1 ) الكمى - بالفتح فالكسر - : الشجاع أو لابس السلاح .
العضب : السيف القاطع .
والمهند
السيف المطبوع من حديد الهند .
( 2 ) شرح النهج 1 : 118 - 120 .
( ك ل م ) .
وفيه : أو في اللوح .
( 3 ) في المصدر : من امره .
( 4 ) " : وأضمروا .
( 5 ) ابتز منه الشئ : استلبه قهرا .
سمر : لم ينم وتحدث ليلا .
( 6 ) في المصدر : والابدان منهم اه .
( 7 ) " : فيكنى بشتم على عنه .
( 8 ) " : قد تخطت المنية .
*
[102]
يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .
فعاد ابن الزبير إلى خطبته وقال : عذرت بني الفواطم يتكلمون فما بال ابن
ام حنفية ؟ فقال محمد : يا ابن ام فتيلة ( 1 ) ومالي لا أتكلم وهل فاتني من الفواطم
إلا واحدة ؟ ولم يفتني فخرها ، لانها ام أخوي ، أنا ابن فاطمة بنت عمران بن
عائذ بن مخزوم جدة رسول الله صلى الله عليه واله وأنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم كافلة رسول
الله والقائمة مقام امه ، أما والله لولا خديجة بنت خويلد ما تركت في أسد ( 2 ) بن
عبدالعزى عظما إلا هشمته ، ثم قام فانصرف ( 3 ) .
وقال ابن أبي الحديد في موضع آخر : قال أبوالعباس المبرد : قد جاءت
الرواية أن أميرالمؤمنين عليا عليه السلام لما ولد لعبدالله بن العباس مولود ففقده ( 4 )
وقت صلاة الظهر فقال : ما بال ابن العباس لم يحضر ؟ قالوا : ولد له ولد ذكر يا
أميرالمؤمنين ، قال : فامضوا بنا إليه ، فأتاه فقال له : شكرت الواهب وبورك لك
في الموهوب ، ما سميته ؟ فقال : يا أميرالمؤمنين أو يجوز لي أن اسميه حتى تسميه ؟
فقال : أخرجه إلي ، وأخرجه فأخذه فحنكه ودعا له ، ثم رده إليه وقال : خذ
إليك أبا الاملاك قد سميته عليا وكنيته أبا الحسن ، قال : فلما قدم معاوية
خليفة قال لعبدالله بن العباس : لا أجمع لك بين الاسم والكنية ، قد كنيته أبا محمد
فجرت عليه .
قلت : سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد فقلت له : من أي
طريق عرف بنو امية أن الامر سينتقل عنهم وإنه سيليه بنو هاشم وأول من يلي
منهم يكون اسمه عبدالله ؟ ولم منعوهم عن مناكحة بني الحارث بن كعب لعلمهم
*
_________________________________________________________
ص 102 ) ( 1 ) في المصدر : يا ابن ام رومان .
( 2 ) " : في بنى اسد .
( 3 ) شرح النهج 1 : 466 و 477 .
( 4 ) في المصدر : فقده .
*
[103]
أن أول من يلي الامر من بني هاشم يكون ( 1 ) امه حارثية ؟ وبأي طريق عرف
بنو هاشم أن الامر سيصير إليهم ويملكه عبيد أولادهم حتى عرفوا ( أولادهم ) صاحب
الامر منهم كما قد جاء في هذا الخبر ؟ فقال : أصل هذا كله محمد بن الحنفية ، ثم
ابنه عبدالله المكنى أبا هاشم ، قلت له : أفكان محمدبن الحنفية مخصوصا من أميرالمؤمنين
بعلم يستأثر به على أخويه حسن وحسين عليهما السلام ؟ قال : لا ولكنهما كتما وأذاع .
ثم قال : قد صحت الرواية عندنا عن أسلافنا وعن غيرهم من أرباب الحديث أن
عليا عليه السلام لما قبض أنى محمد ابنه أخويه حسنا وحسينا فقال لهما : أعطياني ميراثي
من أبي ، فقالا له : قد علمت أن أباك لم يترك صفراء ولا بيضاء ، فقال : قد علمت
ذلك وليس ميراث المال أطلب ، إنما أطلب ميراث العلم ، أبوجعفر : ( 2 ) فروى
أبان بن عثمان عمن روى له ذلك عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : فدفعا إليه صحيفة لو
أطلعاه على أكثر منها لهلك ، فيها ذكر دولة بني العباس .
قال أبوجعفر : وقد روى أبوالحسن علي بن محمد النوفلي قال : حدثني عيسى
بن علي بن عبدالله بن العباس قال : لما أردنا الهرب من مروان بن محمد لما قبض
على إبراهيم الامام جعلنا نسخة الصحيفة التي دفعها أبوهاشم بن محمد بن الحنفية
إلى محمد بن علي بن عبدالله بن العباس - وهي التي كان آباؤنا يسمونها صحيفة الدولة -
في صندوق من نحاس صغير ، ثم دفناه تحت زيتونات بالشراة ( 3 ) لم يكن بالشراة
من الزيتون غيرهن ، فلما افضي السلطان إلينا وملكنا الامر أرسلنا إلى ذلك
الموضع ، فبحث وحفر فلم يوجد شئ ، فأمرنا بحفر جريب من الارض في ذلك
الموضع ، حتى بلغ الحفر الماء ولم نجد شيئا .
*
_________________________________________________________
ص 103 ) ( 1 ) في المصدر : تكون .
( 2 ) كذا في النسخ .
والصحيح كما في المصدر : قال ابوجعفر .
( 3 ) الشراة صقع بالشام بين دمشق ومدينة الرسول صلى الله عليه وآله ، من بعض نواحيه
القرية المعروفة بالحميمة التى كان يسكنها ولد على بن عبدالله بن عباس في ايام بنى مروان .
*
[104]
قال أبوجعفر : وقد كان محمد بن الحنفية صرح بالامر لعبدالله بن العباس
وعرفه تفصيله ، ولم يكن أميرالمؤمنين عليه السلام فد فصل لعبدالله بن العباس الامر
وإنما أخبره به مجملا ، كقوله في هذا الخبر " خذ إليك أبا الاملاك " ونحو ذلك
مما كان يعرض له به ، ولكن الذي كشف القناع وأبرز المستور هو محمد بن الحنفية
وكذلك أيضا ما وصل إلى بني امية من علم هذا الامر فإنه وصل من جهة محمد بن
الحنفية ، وأطلعهم على السر الذي علمه ، ولكن لم يكشف لهم كشفه لبني العباس
كان أكمل ( 1 ) .
قال أبوجعفر : فأما أبوهاشم فإنه قد كان أفضى بالامر إلى محمد بن علي بن
عبدالله بن العباس وأطلعه عليه وأوضحه له ، فلما حضرته الوفاه عقيب انصرافه
من عند الوليد بن عبدالملك مر بالشراة وهو مريض ومحمد بن علي بها ، فدفع إليه
كتبه وجعله وصيه ، وأمر الشيعة بالاختلاف إليه ، قال أبوجعفر : وحضر وفاة
أبي هاشم ثلاثة نفر من بني هاشم : محمد بن علي هذا ، ومعاوية بن عبدالله بن جعفر
بن أبي طالب ، وعبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب ، فلما مات
خرج محمد بن علي ومعاوية بن عبدالله بن جعفر من عنده وكل واحد منهما يدعي
وصايته ، فأما عبدالله بن الحارث فلم يقل شيئا .
قال أبوجعفر : وصدق محمد بن علي ، إليه أوصى أبوهاشم ، وإليه دفع كتاب
الدولة ، وكذب معاوية بن عبدالله بن جعفر ، لكنه قرأ الكتاب فوجد لهم فيه
ذكرا يسيرا فادعى الوصية بذلك ، فمات وخرج ابنه عبدالله بن معاوية يدعي وصاية
أبيه إليه ، ويدعي لابيه وصاية أبي هاشم ، ويظهر الانكار على بني امية ، وكان
له في ذلك شيعة يقولون بإمامته سرا حتى قتل ، انتهى ( 2 ) .
*
_________________________________________________________
ص 104 ) ( 1 ) كذا في النسخ .
وفى العبارة سقط .
والصحيح كما في المصدر : فان كشفه الامر لبنى
العباس كان اكمل .
( 2 ) شرح النهج 2 : 308 - 310 .
*
[105]
أقول : روى في جامع الاصول من صحيح الترمذي عن محمد بن الحنفية عن
أبيه عليهما السلام قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك ولدا سمية باسمك واكنيه
بكنيتك ؟ قال : نعم .
وقال ابن أبي الحديد : أسماء بنت عميس هي اخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه واله ( 1 )
وكانت من المهاجرات إلى أرض الحبشة ، وهي إذ ض ذاك تحت جعفر بن أبي طالب ،
فولدت له هناك محمد بن جعفر وعبدالله وعونا ، ثم هاجرت معه إلى المدينة ، فلما
قتل جعفر تزوجها أبوبكر ، فولدت له محمد بن أبي بكر ، ثم مات عنها فتزوجها
علي بن أبي طالب عليه السلام فولدت له يحيى بن علي ، لا خلاف في ذلك .
وقال ابن عبدالبر في الاستيعاب : ذكر ابن الكلبي أن عون بن علي امه
أسماء بنت عميس ، ولم يقل ذلك أحد غيره ، وقد روي أن أسماء كانت تحت حمزة بن
عبدالمطلب ، فولدت له بنتا تسمى أمة الله ، وقيل : أمامة ( 2 ) .
أقول : روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن ابن عباس قال : لما كنا في حرب
صفين دعا علي عليه السلام ابنه محمد بن الحنفية وقال له : يا بني شد على عسكر معاوية
فحمل على الميمنة حتى كشفهم ، ثم رجع إلى أبيه مجروحا فقال : يا أبتاه العطش
العطش ، فسقاه جرعة من الماء ثم صب الباقي بين درعه وجلده ، فوالله لقد رأيت
علق الدم يخرج من حلق درعه ، فأمهله ساعة ثم قال له : يا بني شد على الميسرة ،
فحمل على ميسرة عسكر معاوية فكشفهم ، ثم رجع وبه جراحات وهو يقول : الماء
الماء يا أباه ، فسقاه جرعة من الماء وصب باقيه بين درعه وجلده ، ثم قال : يا بني شد
على القلب ، فحمل عليهم وقتل منهم فرسانا ، ثم رجع إلى أبيه وهو يبكي ، وقد
أثقلته الجراح ، فقام إليه أبوه وقبل ما بين عينيه ( 3 ) وقال له : فداك أبوك فقد
_________________________________________________________
ص 105 ) ( 1 ) في المصدر بعد ذلك : واخت لبابة ام الفضل وعبدالله زوج العباس بن عبدالمطلب .
( 2 ) شرح النهج 4 : 74 .
( 3 ) في ( م ) و ( خ ) : مما بين عينيه .
*
[106]
سررتني والله يا بني بجهادك هذا بين يدي ، فما يبكيك أفرحا أم جزعا ؟ فقال : يا
أبت كيف لا أبكي وقد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني الله ، وهاأنا مجروح
كما ترى ، وكلما رجعت إليك لتمهلني عن الحرب ساعة ما أمهلتني ، وهذان أخواي
الحسن والحسين ما تأمرهما بشئ من الحرب ، فقام إليه أميرالمؤمنين وقبل وجهه
وقال له : يا بني أنت ابني وهذان ابنا رسول الله صلى الله عليه واله أفلا أصونهما عن القتل ؟ فقال :
بلى يا أبتاه جعلني الله فداك وفداهما من كل سوء .
32 - ب : محمد بن الحسن ، عن علي بن الاسباط ، عن الحسن بن شجرة ، عن عنبسة العابد قال : إن فاطمة بنت علي مد لها في العمر حتى رآها أبوعبدالله
عليه السلام ( 1 ) .
33 - يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن بشير ، عن
الحسين بن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : قال أبي عليه السلام : إن محمد بن
الحنفية ( 2 ) كان رجلا رابط الجأش ( 3 ) - وأشار بيده - وكان يطوف بالبيت فاستقبله
الحجاج ، فقال : قد همت أن أضرب الذي فيه عيناك ، قال له محمد : كلا إن الله
تبارك اسمه في خلقه في كل يوم ثلاثمائة لحظة أو لمحة ، فلعل إحداهن تكفك
عني ( 4 ) .
34 - كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم
وحماد ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في تزويج ام كلثوم : فقال : إن ذلك
فرج غصبناه ( 5 ) .
بيان : هذه الاخبار لا ينافي ما مر من قصة الجنية ، لانها قصة مخفية
*
_________________________________________________________
ص 106 ) ( 1 ) قرب الاسناد : 76 .
( 2 ) في المصدر : ان محمد بن على ابن الحنفية .
( 3 ) الجأش : القلب والصدر .
يقال " رابط الجأش " أى شجاع .
( 4 ) التوحيد : 117 .
( 5 ) فروع الكافى ( الجزء الخامس من الطبعة الحديثة ) : 346 .
*
[107]
أطلعوا عليها خواصهم ، ولم يكن يتم به الاحتجاج على المخالفين ، بل ربما كانوا
يحترزون عن إظهار أمثال تلك الامور لاكثر الشيعة أيضا ، لئلا تقبله عقولهم ولئلا
يغلو فيهم ، فالمعنى : غصبناه ظاهرا وبزعم الناس إن صحت تلك القصة .
وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية : إن الخبر
الوارد بتزويج أميرالمؤمنين عليه السلام ابنته من عمر لم يثبت ، وطريقته من الزبير بن بكار
ولم يكن موثوقا به في النقل ، وكان متهما فيما يذكره من بغضه لاميرالمؤمنين
عليه السلام وغير مأمون ، والحديث نفسه مختلف ، فتارة يروى أن أميرالمؤمنين تولى العقد
له على ابنته ، وتارة يروى عن العباس أنه تولى ذلك عنه ، وتارة يروى أنه لم يقع
العقد إلا بعد وعيد عن عمر وتهديد لبني هاشم ، وتارة يروى أنه كان عن اختيار و
إيثار ، ثم بعض الرواة يذكر أن عمر أولدها ولدا سماه زيدا ، وبعضهم يقول : إن
لزيد بن عمر عقبا ، ومنهم من يقول : إنه قتل ولا عقب له ، ومنهم من يقول : إنه
وامه قتلا ، ومنهم من يقول : إن امه بقيت بعده ، ومنهم من يقول : إن عمر أمهر
ام كلثوم أربعين ألف درهم ، ومنهم من يقول : مهرها أربعة آلاف درهم ، ومنهم من
يقول : كان مهرها خمسمائة درهم ، وهذا الاختلاف مما يبطل الحديث .
ثم إنه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدمين
على أميرالمؤمنين عليه السلام أحدهما أن النكاح إنما هو على ظاهر الاسلام الذي هو
الشهادتان والصلاة إلى الكعبة والاقرار بجملة الشريعة ، وإن كان الافضل مناكحة
من يعتقد الايمان ، ويكره مناكحة من ضم إلى ظاهر الاسلام ضلالا يخرجه عن
الايمان ، إلا أن الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الاسلام
زالت الكراهة من ذلك ، وأميرالمؤمنين عليه السلام كان مضطرا إلى مناكحة الرجل ، لانه
تهدده وتواعده ، فلم يأمنه على نفسه وشيعته ، فأجابه إلى ذلك ضرورة ، كما أن الضرورة يشرع إظهار كلمة الكفر ، وليس ذلك بأعجب من قول لوط : " هؤلاء
بناتي هن أطهرلكم ( 1 ) " فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفار ضلال قد أذن الله
*
_________________________________________________________
ص 107 ) ( 1 ) سورة هود : 78 .
*
[108]
تعالى في هلاكهم ، وقد زوج رسول الله صلى الله عليه واله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان
الاصنام ، أحدهما عتبة بن أبي لهب والآخر أبوالعاص بن الربيع ، فلما بعث
صلى الله عليه واله فرق بينهما وبين ابنتيه ( 1 ) .
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الشافي : فأما الحنفية فلم يكن
سبية على الحقيقة ولم يستبحها عليه السلام بالسبي لانها بالاسلام قد صارت حرة مالكة
أمرها ، فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها النكاح ( 2 ) وفي أصحابنا من يذهب
إلى أن الظالمين متى غلبوا على الدار وقهروا ولم يتمكن المؤمن من الخروج من
أحكامهم جاز له أن يطأ سبيهم ، ويجري أحكامهم مع الغلبة والقهر مجرى أحكام
المحقين فيما يرجع إلى المحكوم عليه وإن كان فيما يرجع إلى الحاكم معاقبا آثما
وأما تزويجه بنته فلم يكن ذلك عن اختيار ، ثم ذكر رحمه الله الاخبار السابقة
الدالة على الاضطرار ، ثم قال : على أنه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يجوزه
عليه السلام لانه كان على ظاهر الاسلام والتمسك بشرائعه وإظهار الاسلام ، وهذا حكم
يرجع إلى الشرع فيه ، وليس مما يخاطره ( 3 ) العقول ، وقد كان يجوز أيضا أن يبيحنا
أن ننكح اليهود والنصارى ، كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ننكح فيهم ، وهذا
إذا كان في العقول سائغا فالمرجع في تحليله وتحريمه إلى الشريعة ، وفعل أميرالمؤمنين
عليه السلام حجة عندنا في الشرع ، فلنا أن نجعل ما فعله أصلا في جواز مناكحة من ذكروه
وليس لهم أن يلزموا على ذلك مناكحة اليهود والنصارى وعباد الاوثان ، لانهم إن
سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز ( 4 ) وإن سألوا عنه في الشرع فالاجماع يحظره
_________________________________________________________
ص 108 ) ( 1 ) رسائل الشيخ المفيد : 61 - 63 .
( 2 ) في المصدر بعد ذلك : فمن اين انه استباحها بالسبى دون عقد النكاح .
( 3 ) " : يحظره .
( 4 ) " : فهو جار .
*
[109]
ويمنع منه ، انتهى كلامه رفع الله مقامه ( 1 ) .
أقول : بعد إنكار عمر النص الجلي وظهور نصبه وعداوته لاهل البيت عليهم السلام
يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة ولا تقية ، إلا أن يقال بجواز مناكحة
كل مرتد عن الاسلام ، ولم يقل به أحد من أصحابنا ، ولعل الفاضلين إنما ذكرا
ذلك استظهارا على الخصم ، وكذا إنكار المفيد رحمه الله أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم ، وإلا فبعد ورود ما مر من الاخبار إنكار ذلك
عجيب .
وقد روي الكليني ، عن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن
عبدالله بن سنان ، ومعاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن عليا لما توفي
عمر أتى ام كلثوم فانطلق بها إلى بيته .
وروى نحو ذلك عن محمد بن يحيى وغيره
عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن هشام
ابن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام ( 2 ) .
والاصل في الجواب هو
أن ذلك وقع على سبيل التقية والاضطرار ولا استبعاد في ذلك ، فإن كثيرا من
المحرمات تنقلب عند الضرورة وتصير من الواجبات ، على أنه ثبت بالاخبار
الصحيحة أن أميرالمؤمنين وسائر الائمة عليهم السلام كانوا قد أخبرهم النبي صلى الله عليه واله بما يجري عليهم من الظلم وبما يجب عليهم فعله عند ذلك ، فقد أباح الله تعالى له خصوص
-بحار الانوار مجلد: 38 من ص 109 سطر 15 الى ص 117 سطر 15
ذلك بنص الرسول صلى الله عليه واله وهذا مما يسكن استبعاد الاوهام ، والله يعلم حقائق أحكامه
وحججه عليهم السلام .
أقول : قد أثبتنا في غزوة الخوارج بعض أحوال محمد بن الحنفية ، وكذا في
باب معجزات علي بن الحسين عليهما السلام منازعته له ظاهرا في الامامة ، وفي أبواب
أحوال الحسين عليه السلام وما جرى بعد شهادته .
ثم اعلم أنه سأل السيد مهنا بن سنان
عن العلامة الحلي قدس الله روحهما فيما كتب إليه من المسائل : ما يقول سيدنا في
*
_________________________________________________________
ص 109 ) ( 1 ) الشافى : 215 و 216 .
( 2 ) راجع فروع الكافى ( الجزء السادس من الطبعة الحديثة ) : 115 و 116 .
*
[110]
محمد بن الحنفية ؟ هل كان يقول بإمامة زين العابدين عليه السلام ؟ وكيف تخلف عن الحسين
عليه السلام ؟ وكذلك عبدالله بن جعفر ، فأجاب العلامة رحمه الله : قد ثبت في أصل الامامة
أن أركان الايمان التوحيد والعدل والنبوة والامامة ، والسيد محمد بن الحنفية و
عبدالله بن جعفر وأمثالهم أجل قدرا وأعظم شأنا من اعتقادهم خلاف الحق ، و
خروجهم عن الايمان الذي يحصل به اكتساب الثواب الدائم والخلاص من العقاب
وأما تخلفه عن نصرة الحسين عليه السلام فقد نقل أنه كان مريضا ، ويحتمل في غيره عدم
العلم بما وقع على مولانا الحسين عليه السلام من القتل وغيره ، وبنوا على ما وصل من كتب
الغدرة إليه وتوهموا نصرتهم له .
1 - ل : الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن إبراهيم بن محمد بن يوسف
عن علي بن الحسن ، عن إبراهيم بن رستم ، عن أبي حمزة السكوني ، عن جابر
الجعفي ، عن عبدالرحمن بن ثابت ( 1 ) قال : كان النبي صلى الله عليه واله يقول لعقيل : إني
لاحبك يا عقيل حبين : حبا لك وحبا لحب أبي طالب لك ( 2 ) .
2 - د : ذكر ابن عبدالبر في كتاب الاستيعاب أن مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام
كان أصغر ولد أبي طالب عليه السلام كان أصغر من جعفر بعشر سنين ، وجعفر أصغر من
عقيل بعشر سنين ، وعقيل أصغر من طالب بعشر سنين ( 3 ) .
*
_________________________________________________________
ص 110 ) ( 1 ) في المصدر و ( م ) و ( خ ) : سابط .
( 2 ) الخصال 1 : 38 .
( 3 ) مخطوط .
وتوجد في الاستيعاب 3 : 26 و 27 .
*