[231]

به فرأى الناس يقصدون نحوه ، فخشي أن يعجلوا عليه ولم يسمعوا ( 1 ) منه ، فوثب عن صدره وخلاه ، وطرح السيف من يده ، ومضى شبيب هاربا حتى دخل منزله ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره ، فقال له : ما هذا لعلك قتلت أميرالمؤمنين ؟ فأراد أن يقول لا ، قال : نعم ! فمضى ابن عمه واشتمل على سيفه ، ثم دخل عليه فضربه به حتى قتله ، وأما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة كانت في يده ، ثم صرعه وأخذ السيف من يده ، وجاء به إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ، وأفلت الثالث وانسل ( 2 ) بين الناس .
فلما دخل ( 3 ) ابن ملجم على أمير المؤمنين عليه السلام نظر إليه ثم قال : النفس بالنفس ، فإن أنامت فاقتلوه كما قتلني ، وإن أنا عشت رأيت فيه رأيي ، فقال ابن ملجم : والله لقد ابتعته بألف وسممته بألف ، فإن خانني فأبعده الله ، قال : و نادته ام كلثوم : يا عدوالله قتلت أميرالمؤمنين ؟ قال : إنما قتلت أباك ، قالت : يا عدوالله إني لارجو أن لا يكون عليه بأس ، قال لها : فأراك إنما تبكين علي إذا ؟ لقد والله ضربته ضربة لو قسمت على أهل الارض ( 4 ) لاهلكتهم ، فاخرج من بين يديه عليه السلام وإن الناس ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع ، وهم يقولون : يا عدوالله ما فعلت ( 5 ) ؟ أهلكت امة محمد صلى الله عليه واله وقلت خير الناس ، وإنه لصامت لم ينطق ، فذهب به إلى الحبس ، وجاء الناس إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقالوا له : يا أميرالمؤمنين مرنا بأمرك في عدوالله ، والله لقد أهلك الامة وأفسد الملة ، فقال لهم أميرالمؤمنين عليه السلام : إن عشت رأيت فيه رأيي ، وإن أهلكت فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي ، اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار .
*

_________________________________________________________
ص 231 ) ( 1 ) في المصدر : ولا يسمعوا .
( 2 ) انسل من الزحام : انطلق في استخفاء .
( 3 ) في المصدر : ادخل .
( 4 ) " : بين اهل الارض .
( 5 ) " : ما ذا فعلت .
*

[232]

قال فلما قضى أميرالمؤمنين عليه السلام نحبه وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن عليه السلام وأمر أن يؤتى بابن ملجم ، فجئ به ، فلما وقف بين يديه قال له : يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين وأعظمت الفساد في الدين ، ثم أمر فضربت عنقه ، واستوهبت ام الهيثم بنت الاسود النخعية جثته منه لتتولى إحراقها ، فوهبها لها فأحرقتها بالنار .
وفي أمر قطام وقتل أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ( 1 ) .
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجمي ( 2 ) ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المسمم ولا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم وأما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم في العقد على قتل معاوية وعمرو بن العاص فإن أحدهما ضرب معاوية وهو راكع ، فوقعت ضربته في إليته ونجا منها واخذ وقتل من وقته ، وأما الآخر فإنه وافى عمروا في تلك الليلة وقد وجد علة فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة العامري ، فضربه بسيفه وهو يظن أنه عمرو ، فاخذ واتي به عمرو فقتله ، ومات خارجة في اليوم الثاني ( 3 ) .
كشف : من مناقب الخوارزمي مرفوعا إلى إسماعيل بن راشد مثله ( 4 ) .
بيان : قال الجزري : لامك هبل أي ثكل ، ومنه حديث علي عليه السلام " هبلتهم الهبول " أي ثكلتهم الثكول ، وهي بفتح الهاء من النساء التي لا يبقى لها ولد ، انتهى ( 5 ) .
والاد بالكسر : العجب والامر الفظيع والداهية والمنكر .
أقول : قال ابن أبي الحديد : قال أبوالفرج : قال أبومخنف : قال أبوزهير العبسي : فأما صاحب معاوية فإنه قصده ، فلما وقعت عينه عليه ضربه ، فوقعت *

_________________________________________________________
ص 232 ) ( 1 ) في المصدر : يقول الشاعر .
( 2 ) " : من غنى ومعدم .
( 3 ) الارشاد للمفيد : 8 - 11 .
( 4 ) كشف الغمة : 128 و 129 .
( 5 ) النهاية 4 : 227 .
*

[233]

ضربته على إليته ، فجاء الطبيب إليه فنظر إلى الضربة ، فقال : إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة ، وإما أن أسقيك دواء فتبرأ و ينقطع نسلك ، فقال : أما النار فلا اطيقها ! وأما النسل ففي يزيد وعبدالله ما يقر عيني ! وحسبي بهما ، فسقاه الدواء فعوفي ( 1 ) ولم يولد له بعد ذلك ، وقال البرك ابن عبدالله : إن لك عندي بشارة ، قال : وماهي ؟ فأخبره خبر صاحبه وقال : إن عليا قتل في هذه الليلة ، فاحتبسني عندك ، فإن قتل فأنت ولي ما تراه في أمري وإن لم يقتل أعطيتك العهود والمواثيق أن أمضي ( 2 ) فأقتله ثم أعود إليك فأضع يدي في يدك حتى تحكم في بما ترى ، فحبسه عنده ، فلما أتى الخبر أن عليا قتل في تلك الليلة خلى سبيله .
هذه رواية إسماعيل بن راشد ، وقال غيره .
بل قتله من وقته .
وأما صاحب عمرو بن العاص فانه وافاه في تلك الليلة ، وقد وجد علة ، فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حنيفة ( 3 ) ، فخرج للصلاة ، فشد عمرو بن بكر فضربه بالسيف فأثبته ، فاخذ الرجل فاتي به عمرو بن العاص فقتله ، ودخل من غد إلى خارجة وهو يجود بنفسه فقال : أما والله يا أبا عبدالله ما أراد غيرك ، قال عمرو : ولكن الله أزاد خارجة ( 4 ) ! وقال : قال أبوالفرج : حدثني محمد بن الحسين بإسناد ذكره أن الاشعث بن قيس لعنه الله دخل على علي عليه السلام فكلمه ، فأغلظ علي له ، فعرض الاشعث أنه سيفتك به ، فقال له علي عليه السلام : أبالموت تخوفني أو تهددني ؟ فوالله ما ابالي وقعت على الموت أو وقع الموت علي .
*

_________________________________________________________
ص 233 ) ( 1 ) في المصدر بعد ذلك : وعالج جرحه حتى التأم اه .
( 2 ) " : أن امضى اليه اه .
( 3 ) " : خارجة بن حذافة احد بنى عامر بن لؤى .
( 4 ) شرح النهج 2 : 65 .
*

[234]

قال : وقال أبوالفرج الاصفهاني : روى أبومخنف عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على علي عليه السلام وقد أتاه عائدا لما ضربه ابن ملجم ، فلم يكن عليه إذن فقال صعصعة للآذن : قل له : يرحمك الله يا أميرالمؤمنين حيا وميتا ، فلقد كان الله في صدرك عظيما ، ولقد كنت بذات الله عليما ، فأبلغه الآذن إليه ( 1 ) فقال : قل له : وأنت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤنة كثير المعونة ، قال أبوالفرج : ثم جمع له أطباء الكوفة ، فلم يكن منهم أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السلولي وكان ومطببا صاحب الكرسي يعالج الجراحات ، وكان من الاربعين غلاما الذين كان ابن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم ، فلما نظر أثير إلى جرح أميرالمؤمنين عليه السلام دعا برية شاة حارة ، فاستخرج منها عرقا ثم نفخه ( 2 ) ثم استخرجه وإذا عليه بياض الدماغ فقال : يا أميرالمؤمنين اعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى ام رأسك ( 3 ) .
42 - شا : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجاله قال : قيل : للحسين بن بن علي عليهما السلام : أين دفنتم أميرالمؤمنين عليه السلام ؟ فقال : خرجنا به ليلا على مسجد الاشعث حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغريين فدفناه هناك ( 4 ) .
43 - يج : روي أن عليا عليه السلام دخل الحمام ، فسمع صوت الحسن والحسين عليهما السلام فخرج إليهما فقال : ما لكما ؟ فقالا : اتبعك هذا الفاجر ابن ملجم فظننا أنه يغتالك ، فقاك لهما : دعاه لا بأس ( 5 ) .
44 - قب : أبوبكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري قال : أوصى علي عليه السلام عند موته للحسن والحسين عليهما السلام وقال لهما : إن أنامت فانكما ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنة وثلاثة أكفان من استبرق الجنة ، فغسلوني و *

_________________________________________________________
ص 234 ) ( 1 ) في المصدر : فأبلغه الاذن مقالته .
( 2 ) " : وأدخله في الجرح ثم نفخه .
( 3 ) شرح النهج : 67 و 68 .
( 4 ) الارشاد للمفيد : 12 .
( 5 ) لم نجده في المصدر المطبوع .
*

[235]

حنطوني بالحنوط وكفنوني ، قال الحسن عليه السلام : فوجدنا عند رأسه طبقا من الذهب عليه خمس شمامات ( 1 ) من كافور الجنة وسدرا من سدر الجنة ، فلما فرغوا من غسله وتكفينه أتى البعير فحملوه على البعير بوصية منه .
وكان قال : فسيأتي البعير إلى قبري فيقيم ( 2 ) عنده ، فأتى البعير حتى وقف على شفير القبر ، فوالله ما علم أحد من حفره ، فالحد فيه بعد ماصلى عليه ، وأظلت الناس غمامة بيضاء وطيور بيض ، فلما دفن ذهبت الغمامة والطيور .
وعن منصور بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن جده زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده الحسين بن علي عليهم السلام في خبر طويل يذكر فيه : اوصيكما وصية فلا تظهرا على أمري أحدا ، فأمرهما أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحا وأن يكفناه فيما يجدان ، فإذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح ، وإذا وجدا السرير يشال ( 3 ) مقدمه يشيلان مؤخره ، وأن يصلي الحسن مرة والحسين مرة صلاة إمام ، ففعلا كما رسم فوجدا اللوح وعليه مكتوب : " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما ذخره نوح النبي صلى الله عليه لعلي بن أبي طالب عليه السلام " وأصابا الكفن في دهليز الدار موضوعا فيه حنوط قد أضاء نوره النهار .
وروي أنه قال : الحسين عليه السلام وقت الغسل : أما ترى إلى خفة أميرالمؤمنين ؟ فقال الحسن عليه السلام : يا أبا عبدالله إن معنا قوما يعينوننا .
فلما قضينا صلاة العشاء الآخرة إذا قد شيل مقدم السرير ، ولم يزل ( 4 ) نتبعه إلى أن وردنا إلى الغري ، فأتينا إلى قبر على ما وصف ( 5 ) أميرالمؤمنين عليه السلام و نحن نسمع خفق أجنحة كثيرة وضجة وجلبة ، فوضعنا السرير وصلينا على أمير - *

_________________________________________________________
ص 235 ) ( 1 ) الشمام : كل ما يشم من الروائح الطيبة .
( 2 ) في المصدر : فيقف .
( 3 ) شال الشئ : ارتفع .
( 4 ) في المصدر : ولم نزل .
( 5 ) في ( ك ) : على ما وصفنا .
*

[236]

المؤمنين عليه السلام كما وصف لنا ، ونزلنا قبره فأضجعناه في لحده ، ونضدنا عليه اللبن .
وفي الخبر عن الصادق عليه السلام : فأخذا اللبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللبن ، فاذا ليس في القبر شئ ، فاذا هاتف يهتف : أميرالمؤمنين عليه السلام كان عبدا صالحا ، فألحقه الله بنبيه ، وكذلك يفعل بالاوصياء بعد الانبياء ، حتى لو أن نبيا مات بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لالحق النبي بالوصي ( 1 ) وفي خبر عن ام كلثوم بنت علي عليه السلام : فانشق القبر عن ضريح ، فاذا هو بساجة مكتوب عليها بالسريانية : " بسم الله الرحمن الرحيم هذا قبر حفره نوح لعلي بن أبي طالب وصي محمد صلى الله عليه واله قبل الطوفان بسبع مائة سنة " فانشق القبر فلا ندري .
( 2 ) وسأل ابن مسكان الصادق عليه السلام عن القائم المائل في طريق الغري ، فقال : نعم إنهم لما جاؤا بسرير أميرالمؤمنين عليه السلام انحنى أسفا وحزنا على أمير - المؤمنين عليه السلام .
وقال الغزالي : ذهب الناس إلى أن عليا عليه السلام دفن على النجف وأنهم حملوه على الناقة ، فسارت حتى انتهت إلى موضع قبره ، فبركت فجهدوا أن تنهض فلم تنهض فدفنوه فيه ( 3 ) .
45 - قب : تفسير وكيع والسدي والسفيان وأبي صالح أن عبدالله بن عمر قرأ قوله تعالى : " أولم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها " ( 4 ) يوم قتل أمير المؤمنين عليه السلام وقال : لقد كنت يا أميرالمؤمنين الطرف الاكبر في العلم ، اليوم نقص علم الاسلام ومضى ركن الايمان .
الزعفراني ، عن المزني ، عن الشافعي ، عن مالك ، عن سمي ، عن أبي - *

_________________________________________________________
ص 236 ) ( 1 ) في المصدر : لا لحق الوصى بالنبى .
( 2 ) كذا في النسخ والمصدر .
( 3 ) مناقب آل ابى طالب 1 : 482 و 483 .
( 4 ) سورة الرعد : 41 .
*

[237]

صالح قال : لما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام قال ابن عباس : هذا اليوم ( 1 ) نقص الفقه والعلم من أرض المدينة ، ثم قال : إن نقصان الارض نقصان علمائها وخيار أهلها ، إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فيسألوا فيفتوا بغير علم ، فيضلوا وأضلوا .
سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا " وقد كان قبر علي بن أبي طالب عليه السلام مع نوح في السفينة ، فلما خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة ، فسأل نوح ربه المغفرة لعلي وفاطمة عليهما السلام قوله : " وللمؤمنين والمؤمنات " ثم قال : " ولا تزد الظالمين " يعني الظلمة لاهل بيت محمد صلى الله عليه واله " إلا تبارا ( 2 ) " .
وروي أنه نزل فيه : " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ( 3 ) " .
أبوبكر بن مردويه في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام وأبوبكر الشيرازي في نزول القرآن أنه قال سعيد بن المسيب : كان علي يقرأ " إذا انبعث أشقاها ( 4 ) " قال : فوالذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذا - وأشار بيده إلى لحيته ورأسه - وروى الثعلبي والواحدي بإسنادهما عن عمار وعن عثمان بن صهيب وعن الضحاك ، وروى ابن مردويه بإسناده عن جابر بن سمرة وعن صهيب وعن عمار وعن ابن عدي وعن الضحاك والخطيب في التاريخ عن جابر بن سمرة ، وروى الطبري والموصلي عن عمار ، وروى أحمد بن حنبل عن الضحاك أنه قال النبي صلى الله عليه واله : يا علي أشقى الاولين عاقر الناقة وأشقى الآخرين قاتلك - وفي رواية : من يخضب هذه من هذا - وكان عبدالرحمن بن ملجم عداده من مراد قال ابن عباس : كان من ولد قدار عاقر ناقة صالح ، وقصتهما *

_________________________________________________________
ص 237 ) ( 1 ) في المصدر : هذا يوم .
( 2 ) سورة نوح : 28 .
( 3 ) سورة الشعراء : 227 .
( 4 ) سورة الشمس : 12 .
*

[238]

واحدة ، لان قدار عشق امرأة يقال لها رباب ، كما عشق ابن ملجم لقطام .
سمع ابن ملجم وهو يقول : لاضربن عليا بسيفي هذا ، فذهبوا به إليه ، فقال : ما اسمك ؟ قال : عبدالرحمن بن ملجم ، قال : نشدتك بالله عن شئ تخبرني ، قال : نعم ، قال : هل مر عليك شيخ يتوكؤ على عصاه وأنت في الباب فمشقك ( 1 ) بعصاه ثم قال : بؤسا لك أشقى من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : هل كان الصبيان يسمونك ابن راعية الكلاب وأنت تلعب معهم ؟ قال : نعم ، قال : هل أخبرتك امك أنها حملت بك وهى طامث ، قال : نعم ، قال : فبايع فبايع ، ثم قال : خلوا سبيله .
الحسن البصري أنه عليه السلام سهر في تلك الليلة ولم يخرج لصلاة الليل على عادته فقالت ام كلثوم : ما هذا السهر ؟ قال : إني مقتول لو قد أصبحت ، فقالت : مر جعدة فليصل بالناس ، قال : نعم مروا جعدة ليصل ، ثم مر وقال : لا مفر من الاجل ، و خرج قائلا : خلوا سبيل الجاهد المجاهد * في الله ذي الكتب وذي المجاهد ( 2 ) في الله لا يعبد غير الواحد * ويوقظ الناس إلى المساجد وروي أنه عليه السلام سهر في تلك الليلة فأكثر الخروج والنظر إلى السماء وهو يقول : والله ما كذبت ، وإنها الليلة التي وعدت بها ، ثم يعاود مضجعه ، فلما طلع الفجر أتاه ابن النباح ( 3 ) ونادى : الصلاة ، فقام فاستقبله الاوز فصحن في وجهه ، فقال : دعوهن فإنهن صوائح تتبعها نوائح ، وتعلقت حديدة على الباب في مئزره فشد إزاره وهو يقول : اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لا قيك
-بحار الانوار مجلد: 38 من ص 238 سطر 19 الى ص 246 سطر 18 ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك *

_________________________________________________________
ص 238 ) ( 1 ) أى ضربك .
( 2 ) في المصدر : وذى المشاهد .
( 3 ) " : ابن التياح .
*

[239]

فقد أعرف أقواما وإن كانوا صعاليك مساريع إلى الخير وللشر مناديك ( 1 ) أبومخنف الازدي وابن راشد والرفاعي والثقفي جميعا أنه اجتمع نفر من الخوارج بمكة فقالوا : إنا شرينا أنفسنا لله - وساق الحديث نحوا مما مر إلى قوله - واستعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة ، وأعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص بخط فيه مائة ألف درهم ، فجعله مهرها ، فأطعمت لهما اللوز ينج والجوز يبق ، وسقتهما الخمر العكبري ، فنام شبيب وتمتع ابن ملجم معها ، ثم قامت فأيقظتهما ، وعصبت صدورهم ( 2 ) بحرير ، وتقلدوا أسيافهم ، وكمنوا له مقابل السدة .
وقال محمد بن عبدالله الازدي : أقبل أميرالمؤمنين عليه السلام ينادي : الصلاة الصلاة فإذا هو مضروب ، وسمعت قائلا يقول : الحكم لله يا علي لا لك ولا لاصحابك ، و سمعت عليا عليه السلام يقول : فزت ورب الكعبة ، ثم قال عليه السلام : لا يفوتنكم الرجل ثم ساق القصة إلى قوله - : وإن هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي ، فسئل عن معناه فقال : اقتلوه ثم حرقوه بالنار .
فقال ابن ملجم : لقد ابتعته بألف وسممته بألف ، فإن خانني فأبعده الله ، ولقد ضربته لو قسمت بين أهل الارض لاهلكتهم .
وفي محاسن الجوابات عن الدينوري أنه قال : سألت الله أن يقتل به شر خلقه فقال علي عليه السلام : قد أجاب الله دعوتك ، يا حسن إذا مت فاقتله بسيفه ، وروي أنه عليه السلام قال : أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره ، فإن أصح فأنا ولي دمي ، إن شئت أعفو وإن شئت استقدت ( 3 ) وإن هلكت فاقتلوه ، ثم أوصى فقال : يا بني عبدالمطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون : قتل أميرالمؤمنين ، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي ، ونهى عن المثلة .
وروى أبوعثمان المازني أنه قال عليه السلام : *

_________________________________________________________
ص 239 ) ( 1 ) في المصدر و ( خ ) : متاريك .
( 2 ) " : صدورهما .
( 3 ) " : استنفذت .
*

[240]

تلكم قريش تمناني لتقتلني * فلا وربك ما فازوا وما ظفروا فإن بقيت فرهن ذمتي لهم * بذات ودقين لا يعفو لها أثر وإن هلكت فإني سوف اوترهم * ذل الممات فقد خانوا وقد غدروا وأمر الحسن عليه السلام أن يصلي الغداة بالناس ، وروي أنه دفع في ظهره جعدة فصلى بالناس الغداة .
الاصبغ في خبر أن عليا عليه السلام قال : لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون ، ولاقبض في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم .
الحسن بن علي عليه السلام في خبر : ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا ( 1 ) .
توضيح : قال الجزري في قوله عليه السلام : " بذات ودقين " أي حرب شديد ، وهو من الودق ، والوداق : الحرص على طلب الفحل ، لان الحرب توصف باللقاح ، و قيل : من الودق : المطر ، يقال للحرب الشديدة ذات ودقين تشبيها بسحاب ذات مطرتين شديدتين ( 2 ) .
( أقول : في الديوان أنه عليه السلام قال حين خرج إلى المسجد : خلوا سبيل المؤمن المجاهد * في الله لا يعبد غير الواحد ويوقظ الناس إلى المساجد ( 3 ) وفيه أنه عليه السلام قال بعد قوله : " إذا حل بواديكا " : فإن الدرع والبيضة * يوم الروع يكفيكا كما أضحكك الدهر * كذاك الدهر يبكيكا إلى قوله : مساريع إلى النجدة * للغي متاريكا ( 4 ) ) *

_________________________________________________________
ص 240 ) ( 1 ) مناقب آل ابى طالب 2 : 78 - 82 .
( 2 ) النهاية 4 : 202 .
( 3 ) الديوان : 48 .
( 4 ) " : 90 .
*