بعضهم بعضاً، فبدا أنّهم لم يروا أنّ واحداً منهم يدعمه نصّ شرعيّ أو يختص بميزة ترفع من رصيده مقابل غيره فتؤهّله للخلافة.
فقال أبو بكر: هذا عمر وأبو عبيدة بايِعوا أيّهما شئتم(1)، وقال عمر: يا أبا عبيدة ابسط يدك اُبايعك، فأنت أمين هذه الاُمة(2)، فقال أبو بكر: يا عمر ابسط يدك نبايع لك، فقال عمر: أنت أفضل منّي، قال أبو بكر: أنت أقوى منّي، قال عمر: قوّتي لك مع فضلك ابسط يدك اُبايعك(3) فلمّا بسط يده ليبايعاه سبقهما بشير بن سعد فبايعه، فناداه الحبّاب بن المنذر: يا بشير، عَقَّتك عقاق أنفِستَ على ابن عمّك الإمارة؟
ولمّا رأت الأوس ما صنع بشير وما تطلب الخزرج من تأمير سعد قال بعضهم لبعض وفيهم اُسيد بن خضير وكان نقيباً: والله لئن وليتها الخزرج مرّة لازالت عليكم بذلك الفضيلة أبداً، فقوموا فبايعوا أبا بكر، فانكسر على سعد والخزرج ما أجمعوا عليه، وأقبل الناس يبايعون أبا بكر(4)، وقالت بعض الأنصار: لانبايع إلاّ عليّاً(5).
وروي: أنّ قبيلة «أسلم» جاءت بجماعتها حتى تضايقت بهم سكك المدينة وطرقها فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول: ما هو إلاّ أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر(6).
ولمّا تمّت البيعة لأبي بكر في السقيفة أقبل هو والجماعة التي دعمت
(1) الإمامة والسياسة: 1 / 15، وتأريخ الطبري: 4 / 41، والكامل في التأريخ: 2 / 325.
(2) الطبقات الكبرى: 3 / 181.
(3) تأريخ الخلفاء للسيوطي: 70.
(4) الكامل في التأريخ: 2 / 330.
(5) تأريخ الطبري: 4 / 21.
(6) تأريخ الطبري: 4 / 41، والكامل في التأريخ: 2 / 331.