موقفه يزفّونه إلى مسجد زفاف العروس(1) والنبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لازال ملقىً على فراش الموت، وعمر يهرول بين يديه وقد نبر حتى أزبد شدقاه وجماعته تحوطه وهم متّزرون بالأُزر الصنعانية، لا يمرّون بأحد إلاّ خبطوه وقدّموه، فمدّوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى(2).
لقد كانت حجّة الحزب القرشي في السقيفة ضد الأنصار مبنيّة على أمرين:
1 ـ إنّ المهاجرين أوّل الناس إسلاماً.
2 ـ إنّهم أقرب الناس إلى رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وأمسّهم به رحماً.
وقد أدان هؤلاء القادة أنفسهم بهذه الحجّة، وذلك لأنّ الخلافة إذا كانت بالسبق إلى الإسلام والقرابة القريبة من رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ـ كما يدّعون ـ فهي لعليّ ((عليه السلام)) وحده، لأنّه أوّل الناس إسلاماً وإيماناً وتصديقاً بالدعوة الإسلامية، وأخوه بمقتضى المؤاخاة التي عقدها النبيّ بينه وبين عليّ يوم آخى بين المهاجرين في مكة، وبينهم وبين الأنصار في المدينة، وابن عمّه نسباً وأقرب الناس الى نفسه وقلبه بلا شكّ في ذلك.
تحليل اجتماع السقيفة :
سارع الأنصار الى سقيفة بني ساعدة، وعقدوا لهم إجتماعاً سرّياً أحاطوه بكثير من الكتمان والتحفّظ، وأحضروا معهم شيخ الخزرج سعد بن عبادة الذي كان مريضاً، فقال لبعض بنيه: إنّه لا يستطيع أن يسمع المجتمعون صوته لمرضه، وأمره أن يتلقّى منه قوله ويردّده على مسامع الناس، فكان سعد
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 5 / 8.
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 74.