(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

يتكلّم ويستمع اليه ابنه، ويرفع صوته بعد ذلك، قال سعد مخاطباً الحاضرين:
إنّ لكم سابقةً إلى الدين وفضيلةً في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، إنّ رسول الله لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان، فما آمن من قومه إلاّ قليل، حتى أراد بكم خير الفضيلة، وساق إليكم الكرامة، وخصّكم بدينه، فكنتم أشد النّاس على من تخلّف عنه، وأثقلهم على عدوّه من غيركم، ثمّ توفّاه الله وهو عنكم راض ... فشدّوا أيديكم بهذا الأمر فإنّكم أحقّ الناس وأولاهم.
لكنّ المتتّبع للأحداث يلمح أنّ اجتماع الأنصار لم يكن في بداية أمره للأستئثار بتراث النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) واغتصاب الخلافة من أهلها الشرعيّين، وذلك من خلال ملاحظة ما يلي:
1 ـ عدم حضور خيار الأنصار وهم البدريّون في الإجتماع، مثلاً: أبو أيوب الأنصاري، حذيفة بن اليمان، البراء بن عازب، عبادة بن الصامت، وعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة كانا خارج الإجتماع وصادفا أبا بكر وعمر وأبا عبيدة في الطريق وقالا لهم: ارجعوا واقضوا أمركم بينكم، وفي رواية اُخرى: ارجعوا فإنّه لن يكون ما تريدون.
2 ـ إنّ الأنصار كانت تعلم جيداً النصوص النبويّة وتحفظها، ومنها إنّ الأئمة من قريش، وعرفوا جيّداً الأحكام الواردة في شأن العترة الطاهرة وشهدوا تنصيب عليّ ((عليه السلام)) في غدير خم، وأوصاهم النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بعليّ وأهل بيته ((عليهم السلام)) لذا نجدهم عندما أدركوا أنّه ليس له دور رئيسي في الحكم قالوا: لا نبايع إلاّ عليّاً(1).


(1) تأريخ الطبري: 4 / 21.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة