بحركتها هذه إمّا أن تحقّق انتقاضاً إجماعياً على خلافة السقيفة، وإمّا أن لا تخرج عن دائرة الجدال والنزاع ولا تجر إلى فتنة وانشقاق.
فقامت الزهراء ((عليها السلام)) أوّلاً بإرسال رسول يطالب أبا بكر في مسألة الميراث ويطالب بحقوقها، ثمّ مواجهتها بنفسها لأبي بكر في اجتماع خاص كان يضمّ عدداً من الصحابة، وشدّدت في طلبها بحقوقها من الخمس وفدك وغيرهما.
والخطوة الثالثة خطابها في المسجد النبويّ، وقد خرجت ومعها العديد من نساء المهاجرين والأنصار يحطن بها، وأوضحت في خطابها الذي سمعه جمهور المهاجرين والأنصار عظمة الإمام عليّ ((عليه السلام)) ومؤهّلاته الشخصية ودوره في إقامة الدين وإشادة صرح الحكومة الإسلامية، قالت: «فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمّد ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بعد اللّتيا والّتي، وبعد أن مُني ببُهَم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن للشيطان وفغرت فاغرة من المشركين، قذف أخاه(1) في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بسيفه، مكدوداً في ذات الله، مجتهداً في سبيل الله، قريباً من رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، سيد أولياء الله، مشمّراً ناصحاً مجدّاً كادحاً، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون»(2).
ثمّ اتّهمت السلطة الحاكمة بالتآمر والانحراف عن الدعوة الإسلامية وقدحهم نار الفتنة، وأنذرتهم بسوء عاقبة هذا الانحراف «تتربّصون بنا الدوائر وتتوكّفون الأخبار...» ثم قالت:
(1) تقصد عليّاً وهو أخ النبيّ حينما آخى بين المهاجرين والأنصار حيث قال له: «أنت أخي في الدنيا والآخرة».
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16 / 250.