«فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، أبِداراً زعمتم خوف الفتنة؟ ألا في الفتنة سقطوا، وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين.
أما لعمر الله، لقد لقحت فنظرة ريثما تحلب، ثمّ احتلبوها طلاع القعب دماً عبيطاً، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غبّ ما أسّس الأولون، ثمّ طيبوا عن أنفسكم نفساً، وابشروا بسيف صارم وهرج شامل واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيداً وجمعكم حصيداً، فيا حسرة عليكم»(1).
ومن جانب آخر نجحت الزهراء في خطواتها لاسترداد حقّها، فقد أعطت لمسيرة تصحيح الانحراف قوةً قاهرةً وطاقةً على الاستمرار في النضال، وذلك في محاورتها مع أبي بكر وعمر عند زيارتهما لها بصورة خاصة، إذ قالت لهما: أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) تعرفانه وتفعلان به؟ فقالا: نعم، فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا من رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) يقول: «رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة فقد أحبّني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني»(2)، قالا: نعم، سمعناه من رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، قالت: «فإنّي اُشهِد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لأشكونّكما عنده»(3).
(1) ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16 / 234، خطبة الزهراء في مسجد الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)).
(2) صحّت عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) عبائر متعددة بهذا المعنى. صحيح البخاري: 5 / 83 باب 43، صحيح مسلم: 4 / 1902، مستدرك الحاكم: 3 / 168.
(3) صحيح مسلم: 2 / 72، ومسند الإمام أحمد: 1 / 6.