(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام


الإمام عليّ ((عليه السلام)) ومهمّة جمع القرآن :

حين بلغ الإمام عليّ ((عليه السلام)) أقصى مدى النصح والتوعية على أن لا ينحرف مسار الخلافة، وبَذَلَ مجهوده الصادق الحريص على سلامة العقيدة الإسلامية والمجتمع الإسلامي، فلم يلق إلاّ التقاعس عن نصرة الحقّ، والإصرار على المضيّ في طريق إشباع النهم على السلطة، وتآمراً على تنحيته عن حقّه في الخلافة، كلّ هذا لم يُغيّر ما بنفسه المؤمنة الصابرة من التفاني في خدمة الدين والجّد في إصلاح الاُمّة والعمل بكلّ ما يصونهما من الانحراف، فركّز همّه على تثبيت دعائم الدين الحنيف وإرساء قواعد الرسالة المقدسة، فأقبل على القرآن يجمع آياته وسوره كما أنزله الله على رسوله، ويشرح للاُمّة غوامض الآيات وأسرارها.
وإذا تجاهل المسلمون أحاديث الوصاية والخلافة بحقّ عليّ ((عليه السلام)) لمصالح سياسية وأغراض شخصية طغت على حركاتهم وسكناتهم فليس بوسعهم أن يتجاهلوا قول النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) فيه ((عليه السلام)): «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»(1). ولا أن ينكروا صلته الوثيقة بالرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) التي يسّرت له ((عليه السلام)) أن يأخذ منه ما لم يتيسر لأحد سواه، فالتف الناس حوله إذ وجدوه مشعلاً من أنوار محمّد يضيء لهم طريق الهداية وسبيل النجاح في الحياة الدنيا والفوز في الآخرة، ولم يكن لهم بديل عن الرجوع إليه فيما


(1) مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 114، وتأريخ دمشق لابن عساكر: 2 / 467 ترجمة الإمام عليّ ((عليه السلام))، والمناقب لابن المغازلي: 81 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة