(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

فردّ عليه ابن عباس: أيميط أمير المؤمنين عنّي غضبه؟ فأمّنه عمر قائلاً: قل ما تشاء.
فقال ابن عباس: أمّا قولك: أنّ قريشاً كرهت... فإنّ الله تعالى قال لقوم: (ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم)(1) وأمّا قولك: إنّا كنّا نجحف... فلو جحفنا بالخلافة جحفنا بالقرابة، ولكنّا قوم أخلاقنا من خلق رسول الله  ((صلى الله عليه وآله وسلم)) الذي قال ربّه فيه: (وإنّك لعلى خلق عظيم)(2) وقال له: (واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين)(3) وأمّا قولك: إنّ قريشاً اختارت... فإنّ الله تعالى يقول: (وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة)(4)، وقد علمت يا أمير المؤمنين إنّ الله اختار من خلقه من اختار، فلو نظرت قريش حيث نظر الله لوفقت وأصابت.
فتفكّر عمر هُنيئة ثمّ قال (وقد آذاه من ابن عباس هذا الحديث الصريح): على رسلك يا ابن عباس، أبت قلوبكم يا بني هاشم إلاّ غشاً في أمر قريش لا يزول، وحقداً عليها لا يحول.
قال ابن عباس: مهلاً يا أمير المؤمنين، لا تنسب قلوب بني هاشم إلى الغّش، فهي من قلب رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) الذي طهّره وزكّاه، وأنّهم لأهل البيت الذين قال لهم الله: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)(5).
ثمّ قال ابن عباس: وأمّا الحقد فكيف لا يحقد من غُصب شيئه ويراه في


(1) محمد: 47 / 9.
(2) القلم: 68 / 4.
(3) الشعراء: 26 / 215.
(4) القصص: 28 / 68.
(5) الأحزاب: 33 / 33.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة