موقف عمر وترشيحه، فأيقن أنّ في الأمر مكيدةً دبرت لإقصائه عن الخلافة وحرف مسير الدعوة الإسلامية، وما أن خرج الإمام ((عليه السلام)) من عمر حتى تلقّاه عمّه العباس فبادره قائلاً:
يا عمّ، لقد عُدِلَتْ عنّا، فقال العباس: من أعلمك بذلك، فقال عليّ ((عليه السلام)): قُرن بي عثمان، وقال عمر: كونوا مع الأكثر، فإن رضي رجلان رجلاً ورجلان رجلاً فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون، فيوليها عبد الرحمن عثمان أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني(1).
وصدق تفرّس الإمام ((عليه السلام)) فقد آلت الخلافة إلى عثمان بتواطؤ عبد الرحمن، فقد روي أنّ سعداً وهب حقّه في الشورى لابن عمّه عبد الرحمن، ومال طلحة لعثمان فوهب له حقّه، ولم يبق إلاّ الزبير فتنازل عن حقّه لصالح الإمام ((عليه السلام))، وهنا عرض عبد الرحمن أن يختار الإمام أو عثمان فقال عمار: إن أردت ألاّ يختلف المسلمون فبايع عليّاً، فردّ عليه ابن أبي سرح: إن أردت ألاّ تختلف قريش فبايع عثمان،. فتأكّد التوجّه غير السليم للخلافة وبدت أعراض الانحراف واضحةً جليةً تؤجّجها نار العصبية.
فعرض عبد الرحمن بيعته بشرط السير على كتاب الله وسنّة نبيّه ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وسيرة الشيخين، فرفض الإمام سيرة الشيخين وقبلها عثمان فتمّت له البيعة، فقال عليّ ((عليه السلام)) لعبد الرحمن:
«حبوته حبو دهزه، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون»(2).
(1) تاريخ الطبري : 5 / 226.
(2) المصدر السابق : 5 / 230.