(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

2 ـ إنّ ظاهرة النهي عن السؤال ممّا لا يُعلم من معاني الآيات القرآنية تعني تجريد الاُمّة من سلاح البحث والتحقيق والتعلّم للقرآن نفسه بعد عزل السنّة عن القرآن، والاهتمام بظواهر القرآن من دون فسح المجال للتدبّر والتفقّه في آياته وأحكامه حتى أوصى عمر عمّاله قائلاً: «جرّدوا القرآن وأقلوا الرواية عن محمّد وأنا شريككم». بل إنّه عاقب كلّ من يسأل عن تفسير آيات القرآن(1).
3 ـ فتح باب الاجتهاد في مقابل النصّ، فقد اجتهد أبو بكر في جملة من الأحكام من دون أن يستند الى نصّ قرآني أو حديث عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))، ومن ضمن ذلك مصادرة تركة النبيّ ومنع أهل البيت من حقّهم في الخمس، واحراقه الفجاءة السلمي(2) وفتواه في مسألة الكلالة(3) وفتواه في إرث الجدّة(4)، كما اجتهد عمر بن الخطّاب في التمييز في العطاء خلافاً لسنّة رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))(5) واجتهد في منع متعتي الحجّ والنساء وغيرها ممّا تجده في كتاب (النصّ والاجتهاد)(6)، وقد اجتهد عثمان بن عفّان في إسقاط القود عن عبيد الله بن عمر(7) وتأوّل في جملة من الأحكام الصريحة خلافاً لما قرّره رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) حتى ثار عليه المسلمون كما عرفت.
كلّ هذه الاُمور وغيرها أثارت للدعوة الإسلامية وللاُمة الكثير من


(1) تاريخ ابن كثير: 8 / 107، وسنن الدارمي: 1 / 54، وتفسير الطبري: 3 / 38 والإتقان للسيوطي: 1 / 115.
(2) تأريخ الطبري: 4 / 84 .
(3) سنن الدارمي: 2 / 365، والسنن الكبرى للبيهقي: 6 / 223.
(4) سنن الدارمي: 2 / 359، واُسد الغابة: 3 / 299.
(5) فتوح البلدان: ص55، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 136.
(6) كنز العمال: 8 / 293، وزاد المعاد لابن القيم: 2 / 205.
(7) راجع منهاج السنّة لابن تيمية: 3 / 193، وهناك اجتهادات كثيرة للخلفاء تذكرها كتب التأريخ.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة