(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

مجاراة الحياة، ومن ثَمّ يتحوّل الشكّ الى حالة مرضية تجعل الاُمة تتقاعس عن التفاعل مع الرسالة أو الدفاع عنها في معترك الصراعات وخضمّ الأزمات، ومن هنا نجد تصدّي النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لكلّ قضية غامضة أو مجهولة تبدو هنا أو هناك في حياة الاُمة حيث يعطي الموقف الواضح للرسالة منها، كما ترى ذلك جليّاً في سيرة الإمام عليّ ((عليه السلام)) من بعده خلال حكم الخلفاء الثلاثة حين كان يظهر للناس عجزهم وقصورهم العلمي والعملي، إذ فسح ((عليه السلام)) المجال إلى أقصاه للبحث والسؤال عندما تسلّم زمام الحكم.
وحين أدركت الفئة الحاكمة أنّها ليست المؤهّلة للحكم وأنّها قاصرة علمياً اتّخذت عدّة إجراءات لمعالجة هذه المثالب فيها:
1 ـ منع نشر أحاديث رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لما فيها من التوجيه العلمي والبعث نحو الوعي والفاعلية في الحياة، إضافةً إلى أنّ أحاديث الرسول تعلن بوضوح أنّ أهل البيت هم المعنيّون بالخلافة وشؤون الرسالة دون من عداهم، ومن هنا نعلم السرّ في رفع شعار «حسبنا كتاب الله» الذي تحدّى قائله به رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) في مرضه عندما أراد أن يدوّن كتاباً لن تضلّ الاُمة من بعده.
ويبدو أنّ ظاهرة تحديد أو منع نشر أحاديث النبيّ بدأت قبل هذا التأريخ، وذلك عندما منعت قريش عبد الله بن عمرو بن العاص من كتابة الأحاديث(1)، كما قامت السلطة الحاكمة بحرق الكتب التي تضمّنت نصوصاً من أحاديث الرسول(2).


(1) سنن الدارمي: 1 / 125، وسنن أبي داود: 2 / 262، ومسند أحمد: 2 / 162 وتذكرة الحفّاظ: 1 / 2.
(2) طبقات ابن سعد: 5 / 140 طـ . بيروت.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة