العون ويوضّح الأمر، كي يتوصّل إلى إخماد نار الفتنة وحصرها في أضيق نطاق، فأرسل الى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، فأبى أبو موسى الأشعري الاستجابة للإمام ومارس دور المثبّط عن مناصرةالإمام ((عليه السلام)) في موقفه، ثمّ أرسل عبد الله بن عباس ولم يتمكّن من إقناع أبي موسى بالانصياع والكفّ عن تثبيط الناس عن نصرة الإمام، فأرسل ((عليه السلام)) ولده الحسن وعمار بن ياسر ثمّ تبعهم مالك الأشتر فعزلوا أبا موسى، وتحرّكت الكوفة بكلّ ثقلها تنصر أمير المؤمنين ((عليه السلام))، فلحقت به في «ذي قار».
وفي هذا الأثناء لم يتوقّف الامام ((عليه السلام)) في مراسلة طلحة والزبير وإيفاد الرسل إليهم، عسى أن يعودوا لرشدهم ويدركوا خطورة فتنتهم فيجنّبوا الاُمّة المصائب والبلايا وسفك الدماء، فأوفد الى عائشة زيد بن صوحان وعبد الله بن عباس وغيرهما، فحاوروهم بالحجّة والدليل والعقل حتى أنّ عائشة قالت لابن عباس: لا طاقة لي بحجج عليّ، فقال ابن عباس: لا طاقة لك بحجج المخلوق فكيف طاقتك بحجج الخالق(1).
لم يداخل الشكّ والتردّد قوات الإمام ((عليه السلام)) فهي على بيّنة من أمرها، جلية حجّتها، الحقّ هدفها، وقد أطنب الإمام ((عليه السلام)) في توضيح كلّ ملابسات الأمر، فلم يبق للناكثين من حجّة إلاّ التمادي والإصرار على الباطل، وتوالت الأخبار على أمير المؤمنين بعبث الناكثين في البصرة وسفكهم لدماء المسلمين، والتحق بالإمام ((عليه السلام)) عثمان بن حنيف واليه على البصرة وعلامات التعدّي والإهانة ظاهرة عليه، فتألّم ((عليه السلام)) لما يؤول إليه الأمر، وكظم
(1) بحار الانوار: 32 / 122، والإمامة والسياسة: 90.