(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

حين هم الذين أجبروه على قبول التحكيم، ولم يواجهوا أنفسهم بمواقفهم المنحرفة، فسعوا الى تعليق أخطائهم وتحميل أوزارها الى طرف آخر غيرهم ولم يكن إلاّ الإمام عليّ ((عليه السلام))(1).
2 ـ استغلالهم الحرية الفكرية التي فتحها الإمام ((عليه السلام)) لكي تمارس الاُمّة وعيها الرسالي، فقد روي أنّهم كانوا يعترضون على الإمام حتى أثناء خطبته بدعوى لا حكم إلاّ لله، وما كان الإمام يجيبهم إلاّ بـ «كلمة حقّ يراد بها باطل». وقال الامام ((عليه السلام)) لهم: «لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلّوا فيها، ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم في أيدينا، ولا نبدؤكم للحرب حتى تبدؤونا»(2) فتحوّلت حركتهم من حالة فردية الى حالة جماعية.


ردّ الامام ((عليه السلام)) على قرار الحكمين :

ولمّا بلغ خبر التحكيم إلى الإمام ((عليه السلام)) تألّم كثيراً، وخطب في الناس يحثّهم ويدلّهم على إصلاح الخطأ الذي تورّطوا فيه وذكّرهم بنصحه لهم، فقال ((عليه السلام)): «إنّ مخالفة الناصح الشفيق المجرّب تورث الحسرة وتعقب الندامة، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، ونخلت لكم مخزون رأي لو كان يطاع لقصير أمر فأبيتم عليَّ إباء المخالفين الجفاة المنابذين العصاة حتى ارتاب الناصح بنصحه وضَنَّ الزند بقدحه، فكنت وإيّاكم كما قال أخو هوازن:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى***فلم تستبينوا النصح إلاّ ضحى الغد
ألا إنّ هذين الرجلين ـ أبا موسى الأشعري وابن العاص ـ اللّذين


(1) تأريخ الطبري: 5 / 686، 700.
(2) مستدرك وسائل الشيعة: 2 / 254، والكامل في التأريخ: 3 / 334، وتأريخ الطبري: 5 / 687.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة