اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، واتّبع كلّ واحد منهما هواه بغير هدىً من الله، فحكما بغير حجّة بيّنة ولا سنّة ماضية، واختلفا في حكمهما وكلاهما لم يرشد، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين، استعدوا وتأهبّوا للمسير إلى الشام، وأصبحوا في معسكركم إن شاء الله(1).
وكتب الإمام الى عبد الله بن عباس أن يعبّئ أهل البصرة للالتحاق بالإمام ((عليه السلام)) لقتال معاوية، فالتحقت جموع البصرة بالكوفة، ولكن عبث الخوارج الذين تجمّعوا من البصرة والكوفة متّجهين نحو النهروان وفسادهم في الأرض أقلق أصحاب الإمام ((عليه السلام)) من تركهم خلفهم لو توجّهوا إلى الشام فطلبوا من الإمام أن يقضي على الخوارج أولاً(2).
وكان من عبث الخوارج أنّهم قبضوا على عبد الله بن خباب وزوجته فقتلوه، وبقروا بطن امرأته، وألقوا ما فيها من دون مبرّر، وكذلك قتلوا الحارث ابن مرّة العبدي رسول الإمام ((عليه السلام)) إليهم(3).
المواجهة مع الخوارج :
تجمّعت قوات المارقين عن الدين قرب النهروان بعد أن التحقت بهم مجاميع من البصرة وغيرها، وحاول الإمام ((عليه السلام)) مراراً أن يتخلّوا عن فكرتهم وتمرّدهم وسعيهم للحرب، ولم يجد فيهم إلاّ الفساد والجهل والإصرار، فعبّأ جيشه ونصحهم بأخلاق الإسلام في كيفية التعامل في مثل هذه الظروف كما
(1) تأريخ الطبري: 5 / 692.
(2) تأريخ الطبري: 5 / 693، والبداية والنهاية: 7 / 286.
(3) الفصول المهمة لابن الصبّاغ: 108، وتأريخ الطبري: 5 / 696، والبداية والنهاية: 7 / 286.