ووقع السيف على رأسه المبارك فقدّ منه فهتف الإمام ((عليه السلام)): «فزت وربّ الكعبة»(1).
ولمّا علت الضجة في المسجد أقبل الناس مسرعين فوجدوا الإمام ((عليه السلام)) طريحاً في محرابه، فحملوه الى داره وهو معصّب الرأس والناس يضجّون بالبكاء والعويل، واُلقي القبض على المجرم ابن ملجم، وأوصى الإمام ((عليه السلام)) ولده الحسن وبنيه وأهل بيته أن يحسنوا بأسيرهم وقال: «النفس بالنفس، فإن أنا مُتّ فاقتلوه كما قتلني، وإن أنا عشت رأيت فيه رأيي»(2).
وصيّة الإمام ((عليه السلام)) :
ومضى سمّ السيف بأثره في جسد الإمام ((عليه السلام)) فأيقن برحيله الى الرفيق الأعلى، عهد عهده الى أهل بيته واُمّته، وكان أول ما عهد بالإمامة الى ولده الإمام الحسن ((عليه السلام)) لمواصلة المسيرة ورعاية شؤون الرسالة الإسلامية والاُمّة وأشهد على ذلك الحسين ((عليه السلام)) ومحمّداً وعدداً من الصحابة المخلصين، ثمّ دفع إليه الكتب التي فيها العلم الذي توارثه عن رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وسلاحه، وقال له: «يا بني، أمرني رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) أن اُوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليّ رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))... ثمَّ قال: يا بني، أنت وليّ الدم فإن عفوت فلك وإن قُتلت فضربة مكان ضربة»(3).
كما أوصى الإمام ((عليه السلام)) ولديه الحسن والحسين ((عليهما السلام)) وجميع أهل البيت بوصايا عامّة فقال:
(1) تأريخ دمشق: 3 / 303 ترجمة الإمام عليّ ((عليه السلام))، والامامة والسياسة: 180.
(2) شرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 118، ومقاتل الطالبيين: ص22، وبحار الأنوار: 42 / 231.
(3) اُصول الكافي للكليني: 1 / 297.