جامعه، وبعضهم أخطأ في اسم جامعه وادّعى أنّه من وضعه، وبعضهم تنازل عن هذه الدعوى فقال: إنّه قد أدخل فيه ما ليس من كلام عليّ ((عليه السلام))...»(1).
ومن هنا تصدّى أصحاب الفنّ للردّ على هذه المزاعم فألّف السيد عبد الزهراء الحسيني (رحمه الله) مصادر نهج البلاغة وأسانيده، للتدليل على أنّ خطبه وكلماته كلّها ذات مصادر معروفة وإسناد يمكن الاعتماد عليها.
وتصدّى ابن أبي الحديد المعتزلي أيضاً للردّ على هذه الشبهة قائلاً: «وكثير من أرباب الهوى يقولون: إنّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة وربّما عزوا بعضه الى الشريف الرضيّ.. وهؤلاء أعمت العصبيّة أعينهم فضلّوا عن النهج الواضح...».
ثمّ قال: «إنّا نعلم بالتواتر صحّة إسناد بعضه الى أمير المؤمنين ((عليه السلام))، وقد نقل المحدّثون ـ كلّهم أو جُلّهم ـ والمؤرّخون كثيراً منهم وليسوا من الشيعة ليُنسبوا الى غرض في ذلك». ثمّ أجاب عن دعوى أنّ بعضه من كلام الرضيّ قائلاً: «إنّ من قد أنس بالكلام والخطابة.. وصار له ذوق في هذا الباب لابدّ أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين الفصيح والأفصح، وبين الأصيل والمولّد.. وأنت إذا تأمّلت نهج البلاغة وجدته كلّه ماءً واحداً ونفساً واحداً واُسلوباً واحداً... وكالقرآن العزيز أوّله كوسطه وأوسطه كآخره، وكلّ سورة منه وكلّ آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفنّ والطريق والنظم لباقي الآيات والسور»(2).
وقال السيد محسن الأمين مبيّناً جذور هذه الشبهة: إنّ الباعث لهؤلاء على إنكار نهج البلاغة إنّما هو اشتماله على ما يعدّونه قدحاً في الصحابة
(1) في رحاب أئمة أهل البيت للسيد محمد الأمين: 2 / 275.
(2) مقدمة شرح نهج البلاغة: 1 / 8 ـ 9.