(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

تخلّق بأخلاقه واتّسم بصفاته، وفقه عنه الدين وتفقّه ما نزل به الروح الأمين، فكان من أفقه أصحابه وأقضاهم وأحفظهم وأدعاهم وأدقّهم في الفتيا وأقربهم الى الصواب، حتى قال فيه عمر: لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن.
فكان العالم المجرّب الحكيم والناقد الخبير، وكان لطيف الحسّ، تقيّ الجوهر، وضّاء النفس، سليم الذوق، مستقيم الرأي، حسن الطريقة، سريع البديهة، حاضر الخاطر، عارفاً بمهمّات الاُمور(1).

و «اشتهر عليّ بن أبي طالب بتقواه التي كانت علّة الكثير من تصرّفاته مع نفسه وذويه والناس... وفيما ترى العبادة لدى المعظم رجع أصداء الضعف في نفوسهم أحياناً، ومعنىً من معاني التهرّب من مواجة الحياة والأحياء أحياناً اُخرى، وهوساً موروثاً ثمّ مدعوماً بهوس جديد مصدره تقديس الناس والمجتمع لكلّ موروث في أكثر الأحيان... تراها تشتهر عند الإمام أخْذاً من كلّ قوّة ووصلاً لأطراف الحلقة الخلقية التي تشتدّ وتمتدّ حتى تجمع الأرض والسماء، ومعنىً من معاني الجهاد في سبيل ما يربط الأحياء بكلّ خير، وهي على كلّ حال شيء من روح التمرّد على الفساد يريد محاربته من كلّ صوب، ثمّ على النفاق وروح الاستغلال والاقتتال من أجل المنافع الخاصّة.. وعلى المذلّة والفقر والمسكنة والضعف، ثمّ على سائر الصفات التي تميّز بها عصره المضطرب القلق».
«إنّ من تبصّر في عبادة الإمام تبيّن له أنّ عليّاً متمرّد في عبادته وتقواه، كما هو متمرّد في اُسلوبه في السياسة والحكم، ففي عبادته افتتان الشاعر يقف


(1) أهل البيت، توفيق أبو علم : ص198 عن شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل ابراهيم.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة